منافسة مشتعلة بين أربعة أفلام بمهرجان كان
رانيا الزاهد
يسدل مهرجان كان السينمائي الدولي، اليوم، الستار على واحدة
من أهم وأكثر الدورات إثارة وهي الدورة الـ72، حيث شهدت منافسة قوية بين
العديد من الأعمال الفنية المتميزة في جميع أقسام المهرجان، ومشاركة كبار
النجوم في العالم ويتم إعلان الجوائز في تمام السابعة مساء بالمسرح الكبير
بقصر المهرجانات لتتويج أهم الأعمال بالسعفة الذهبية.
طوال مدة المهرجان لم يمر يوما مرور الكرام أو دون حدث هام
بداية من عروض الأفلام التي انتظرها الجمهور بالآلاف خارج صر المهرجانات
باحثين عن دعوات، أو الذين يقفون منذ الصباح الباكر أمام السجادة الحمراء
لمشاهدة نجمهم المفضل، أو الفرصة الكبيرة التي يقدمها المهرجان من خلال عقد
ندوات مع كبار النجوم مثل آلان ديلون وسيلفستر ستالون.
«أزمة
آلان ديلون»..
أثار تكريم النجم العالمي آلان ديلون الجدل بعد أن شنت
الصحف المحلية حملة تطالب بإلغاء تكريمه مع منظمات حقوق المرأة لتورطه في
حوادث عنف منزلي ضد زوجته، بالإضافة لوصفه بزير نساء ومعادي لحقوق المثليين
جنسيا، حيث أعلن رفضه لتبني المثليين للأطفال. ولكن إدارة المهرجان أعلنت
تمسكها بتكريم ديلون فهو فنان له تاريخ طويل ومشوار فني لا يمكن تجاهله،
ووجهات نظره لا يمكنها محو هذا التاريخ.
وخلال تكريمه، قال ديلون:"سبق أن اعتذرت لإدارة المهرجان
ورفضت أن أكرم قبل سنوات، لان مسيرتي السينمائية لم تكن لتعرف بهذا الشكل و
الشهرة لولا عملي مع مخرجين كبار، فهم أولى بهذا التكريم ، عادت إدارة
المهرجان هذا العام و فاتحتني بموضوع التكريم مرة أخرى، فقلت لهم نفس
الكلام، الشيء المحزن هذه المرة أن مدير المهرجان قال لي أنا احترم موقفك
تجاه المخرجين، لكن لا يوجد احد منهم الآن على قيد الحياة، فمن هنا جاءت
موافقتي وقبولي التكريم و أود أن أهدي هذه السعفة التكريمية لكل المخرجين
الذين صنعوا مني آلان ديلون".
«أفلام
المسابقة الرسمية»
المخرج كوانتين تارانتينو جمع في فيلمه "ذات مرة في
هوليوود" توليفة من النجوم العالميين أبرزهم براد بيت، وليوناردو دي
كابريو، ومارجو روبي، وإميل هيرش، آل باتشينو، ليخلق مزيج لا يقاوم من سحر
الأداء الرائع لكل نجم في دوره. الفيلم بكل تفاصيله يأخذنا لرحلة نوستالجيا
في العصر الذهبي في هوليود، حيث يقدم نموذج لكل الشخصيات المتعلقة بصناعة
السينما وتضم عددًا من أسماء شهيرة ظهرت على الشاشة الفضية في ذلك الوقت
بداية من النجم التلفزيوني الذي يقدمه ليونارديو ديكابريو ومهنة الدوبلير
التي يقدمها براد بيت والعديد من الشخصيات الثرية التي جسدت مراحل الصعود
والهبوط في حياة النجوم من خلال ربطها بمحور أساسي وهو سلسلة جرائم القتل
التي نفتها "عائلة ماديسون" في هوليوود في ذلك الوقت وأسفرت عن مقتل النجمة
شارون تيت، ولكن معالجة الفيلم للقصة مختلفة عن الواقع بالإضافة للخط
الكوميدي الذي أضافه تارانتينو للفيلم وهو ما جعل مدته الزمنية المبالغ
فيها تمر على المشاهدين بسلام، حيث وصلت مدة عرضه ساعتين و 40 دقيقة.
فيلم
"حياة خفية" لترنس ماليك أيضًا يعتبر من الأفلام الطويلة في المسابقة حيث
اقترب للثلاث ساعات، ولكن ما هون على الجمهور هذه المدة هو التصوير الرائع
للفيلم. فبعد ثمانية أعوام من فيلمه "شجرة الحياة"، المتوج بالسعفة الذهبية
في مهرجان كان عام 2011، يعود ماليك بـ"حياة خفية" هذا العام، للمنافسة على
السعفة الذهبية في مهرجان كان حيث قضى الأعوام السابقة باحثا عن العمل الذي
يعيده بقوه وقد كان. الفيلم يقدم رؤية ماليك للإنسانية وللحياة والإيمان
بالمبدأ، حتى لو تطلب ذلك السير عكس التيار. تدور قصته عن مزارع يرفض الحرب
والانضمام لصفوف هتلر عد أن شاهد الضحايا من النساء والأطفال، وانتهت
الرحلة بإعدامه بعد اتهامه بالخيانة العظمى.
فيلم طفيلي للمخرج الكوري بونج جون هو قلب الموازين في آخر
لحظة، بعد أن أصبح منافس قوي للأفلام السابقة، حيث تفاعل معه الجمهور من
خلال التصفيق ، ليس فقط في نهاية العرض، ولكن أيضًا في منتصف عرض الفيلم
مرتين. الفيلم كوميديا سوداء حول الوضع الاجتماعي والطموح والأمور المادية
، ووحدة الأسرة، من خلال سيناريو سرد أكثر من رائع للأحداث.
ولكن لا يزال فيلم بيدرو ألمودوفار يتربع على عرش قائمة
الأفلام المرشحة للفوز بسعفة ذهبية، فبجانب تقديمه لفيلم أشبه لوحة فنية من
خلال اللعب بالألوان والجدران المزخرف والديكور الداخلي الموسيقى الرائعة
المصاحبة للحوار الرشيق، يعتبر أداء النجم انطونيو بانديراس الأقوى والأعظم
في الفيلم، فقد قدم شخصية مختلفة تماما عن ما عرفه الجمهور به، فطالما كان
الفتى الشقي والبطل الذي لا يهزم، ولكن اليوم قدم شخصية مخرج في الـ60 من
عمره وطوال الفيلم لا يسعك سوى التعجب، من أين لك كل هذه الموهبة، كيف
استطاع المودوفار أن يخرج من بانديراس هذه التعبيرات والأداء الذي جعله
المرشح الأقوى لجائزة أفضل ممثل.
يلعب أنطونيو بانديراس دور سلفادور مالو ، مخرج سينمائي
شهير وناجح في الستينيات من عمره ويعيش في مدريد، ويعاني سلفادور من قائمة
من الأوجاع والآلام والأمراض مثل مشاكل في الجهاز الهضمي ، والصداع النصفي
، والقلق ، وأسوأ من كل ذلك ، آلام الظهر. لديه الكثير من المال ، لكنه لم
يصنع فيلماً منذ عقود، ولكن مقابله مع صديق قديم تغير مجرى الأحداث.
«صداع
في رأس فرنسا»
"البؤساء"
للمخرج لادج لي و"أحمد الصغير" للأخوين داردين من الأفلام التي عبرت عن
واقع المجتمع الفرنسي المشتعل هذه الفترة، الأول قدم نموذج للمهاجرين من
الأفارقة والعرب ورصد عن كثب واقع حياتهم اليومية من خلال تعامل 3 ضباط مع
حادثة سرقة لطفل من ذوي البشرة السمراء، وكانت معالجة المخرج سرده للأحداث
منطقية ومترابطة، على عكس فيلم "احمد الصغير"، فقد تعامل المخرجين مع أبعاد
شخصية المراهق، الذي يخضع لعملية غسيل مخ من أمام المسجد المتطرف ويدفعه
لقتل معلمته، بسطحية وعدم وعي كافي والمام بمدى تقبل هذه العقلية للنصح، لك
جاءت النهاية غير موفقة. على رغم تباين مستوى الفلمين إلا أن ما جمع بينهما
هو ملامسة القصة لواقع فرنسا الآن وإلقاء اللوم على المهاجرين بشكل عام
والمسلمين بشكل خاص، في كل ما تشهده فرنسا حاليا من أوضاع غير مستقرة.
«المثلية
الجنسية»
كالعادة، يتجه بعض المخرجين للقصص المناصرة لحقوق مثليي
الجنس، باعتبارها حديث الساعة كما أنها كارت مضمون لنجاح الفيلم أو أثارته
للجدل على اقل تقدير، فيلم "لوحة لامرأة على نار" للمخرجة سيلين سياما و
"ماتيس و ماكسيم" للمخرج خافيير دولان، كلاهما يتحدث عن المثلية الجنسية
الأول لامرأتين في العصور الوسطى والآخر لصديقين منذ الطفولة ينتهي بهما
الأمر في علاقة حب، ولكن الفارق بين العملين بغض النظر عن القصة، هو
المعايير الفنية التي التزمت بها سلينا فخرج فيلم جيد الصنع من حيث الديكور
والسيناريو والموسيقى وترابط الأحداث بالإضافة لأداء البطلات، ولكن للاف
فيلم دولان جاء ممل وإيقاعه بطئ وأحداثه متوقعه. |