وماتت بهية، التي قدمت للسينما والدراما شخصيات متنوعة
ومميزة، لم تكترث للكم الذي تقدمه بل للكيف الذي تريده أن يصل للجمهور،
كانت محسنة توفيق التي رحلت عن عالمنا منذ ساعات قليلة، شخصية فنية فريدة
ومؤثرة في السينما المصرية وفي المصريين من خلال أدوارها، بحسب الكثير من
النقاد.
محسنة توفيق هي فنانة مصرية، ولدت في نهاية الثلاثينيات من
القرن الماضي، درست بكلية الزراعة، ولكنها اتجهت للفن، فقدمت شخصيات درامية
وسينمائية متنوعة، فشاركت في أعمال مثل ليالي الحلمية بداية من الجزء
الثالث و الشوارع الخلفية والوسية وأم كلثوم.
برزت قوتها التمثيلية بالأخص من خلال الأفلام التي شاركت
فيها من إخراج يوسف شاهين، في وداع يابونابارت و اسكندرية ليه و العصفور.
"بهية"
هي شخصية قدمتها محسنة توفيق في فيلم العصفور، وكانت أيقونة للنضال والثورة
ضد الفساد بتعبيرها عن رفض الواقع بجملتها في نهاية الفيلم " لا .. لا
هنحارب"، وكما كانت محسنة توفيق أيقونة نضال في فيلم سينمائي كانت لها
مشاركة سياسية مواقف خلال العقود التي عاصرتها.
-
قبل وفاتها
لم يعرض آخر أعمال الراحلة محسنة توفيق، وهو العمل الذي حمل
اسم "أهل اسكندرية"، وتم انتاجه عام 2016، ولكنه واجه اعتراضات عدة حتى تم
الاستقرار على منع عرضه، وهو من تأليف بلال فضل ومن بطولة هشام سليم وعمرو
واكد، وكانت أسباب منع المسلسل مرتبطة بأسباب سياسية كما صرح أصحاب العمل.
وقالت توفيق في أحد حوراتها الصحفية عام 2018 تعليقاً على
منع مسلسلها: "أنا مؤمنة بأن الفنان الحقيقي لا بد أن يلتحم مع الشعب، وأن
تكون له مواقف معبرة عن مبادئه، ولم أحسبها يوما بحسبة المكسب أو الخسارة،
بل كان كل ما يهمني هو أن أكون حقيقية وغير مزيفة، وربما كان هذه أحد أسباب
حب الجمهور"، موضحة أن وجودها أحد أسباب منع المسلسل.
-
ثورة 25 يناير
وعن ثورة يناير 2011 التي شاركت فيها قالت في الحوار نفسه:"
25 يناير كانت ثورة حقيقية، ثار فيها الشعب المصري على الظلم وطالب
بالعدالة، والدليل على ذلك هو الملايين التي خرجت للشوارع لتعبر عن رغبتها
في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية، ونحن في زمن الشعوب ولسنا في زمن
القادة، وطال الوقت أم قصر سيملي الشعب إرادته وأنا أثق أن الثورة ستستكمل
مسارها وتحقق أهدافها".
-
في عهد السادات
كانت محسنة توفيق من أوائل المنضمين لحزب التجمع حين تم
تأسيسه عام 1976، مع مجموعة من الفنانين المنضمين للحزب مثل يوسف شاهين
وعبد العزيز مخيون و سيد حجاب وجميل راتب.
وعارضت "محسنة" سياسة السادات، وأعلنت رفضها لزيارته للقدس
المحتلة واتفاقية كامب ديفيد، وقالت في تصريح لها بأحد الحوارات الصحفية
عام 2017 أنها أصيبت بانهيار حينما سمعت خبر الزيارة وشرعت في "اللطم على
وجهها" وأن صوت المذيع الذي أعلن الخبر لا يزال يتردد في أذنها.
-
جمال عبد الناصر
تعرضت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للاعتقال ضمن
الاعتقالات التي طالت مجموعة من الكاتبات والفنانات، بلغ عددهم 21، وكان من
بينهم الكاتبة فتحية العسال وصافيناز كاظم و الدكتورة كريمة الحفناوي، رغم
تعبيرها المستمر في لقاءتها عن حبها لناصر، وتأكيدها في ذات الوقت على عدم
رضاها عن أداءه وسياساته.
-
موقفها من الاحتلال الاسرائيلي
زارت محسنة توفيق لبنان عام 1982، في أثناء الاجتياح
الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية بيروت، ورفضت في عهد الرئيس مبارك السفر
برفقة نجله جمال و70 شخصية من الفنانين لزيارة بيروت عام 2006، خلال
الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، وانتقدتهم بشدة في تصريحات لها بجريدة
الأخبار الفلسطينية عام 2006، وعبرت عن دعمها للمقاومة اللبنانينة وأنها
ستسافر لتساندهم، قائلة :" لن آتي إلى بيروت لزيارة الرؤساء. سأنزل إلى
الشارع وأقول للناس إياكم ومعاهدة السلام مع إسرائيل، التجربة جلبت الخراب
على مصر، الشعب يعيش مأساة حقيقية مذ أصبحت إسرائيل صديقتنا: انحدار في
المستوى الثقافي، هبوط في المستوى المعيشي، تلويث النيل، وفساد في أروقة
المؤسسات الحكومية، على شعب لبنان أن يعرف أن الصهاينة هم أعداء نهضة أي
بلد عربي". |