شويكار في عيون الفنانين: نصف قرن من خفة الروح والجدارة
القاهرة/ مروة عبد الفضيل
بملامحها الجميلة وخفة ظلها استطاعت الفنانة المصرية شويكار خطف
قلوب محبيها في مصر والعالم العربي كله، منذ لمع نجمها في أعمال مسرحية
برفقة الفنان فؤاد
المهندس الذي
تحفظ أول الأمر على مشاركة وجه جديد في عمل كوميدي، لا لشيء سوى أنها ذات
مواصفات شكلية، وطريقة في لفظ الحروف ذات أنوثة طاغية، تجعلها غير مرشحة
لتكون ممثلة كوميدية، وفق بعض المقاييس الشائعة.
لكن شريط الذكريات الشخصية التي استرجعها فنانون في
تصريحاتهم لـ"العربي الجديد"، أو لمن تابع مسارها الفني على مدار خمسة
عقود، فإن الفنانة شويكار التي رحلت أمس سلكت طريقها في عالم الفن المرئي
والمسموع، وحفرت اسمها بالاعتماد على جدارتها، لا مواصفاتها الشكلية.
وقالت الفنانة نبيلة
عبيد لـ"العربي
الجديد" إنها قدمت مع شويكار عدداً كبيراً من الأفلام، مثل "كشف المستور"
و"شلة المحتالين" وغيرهما من الأعمال التي كانت سبباً في قربهما من بعضهما
البعض.
وأضافت عبيد أن الراحلة كانت بئر أسرار للكثيرين من
الفنانين ومصدر ثقة، "وكانت تحب الفن بشكل كبير، وراضية تماماً عن كل عمل
قدمته، حتى أثناء ظهورها ضيفة شرف في بعض الأعمال، لكن لم تكن في نهاية
سنواتها تتمنى أن تعود للفن، لأنها على حد قولها شبعت تمثيل وكانت تكتفي
فقط بالمشاهدة".
وقالت الفنانة غادة
عبد الرازق التي
شاركتها آخر أعمالها في فيلم "كلمني شكراً"، إن شويكار كانت أُماً لكل من
في الاستوديو أثناء تصوير العمل، وكانت تُدلي بنصائحها للجميع، ولم تكن
متعالية أبداً أو مغرورة، بل كانت بها رغم كبر عمرها طفولة جميلة وشقاوة
وحب وإقبال للحياة، ودائمة الضحك رغم ظروفها الصحية.
وأشارت عبد الرزاق إلى أنها واحدة من عشاق شويكار من قبل أن
تعمل معها، فهي على حد تعبيرها رمز للأنوثة والجمال، والرقة، والدلع
والإغراء، وقلما يتوافر ذلك مع ممثلة بإمكانياتها وموهبتها.
وأعربت الفنانة ميرفت أمين عن حزنها الشديد لوفاة شويكار،
قائلة إنها أصبحت تفقد صديقاتها المقربات بشكل متتال، ووصفتها بأنها من
أقرب صديقاتها، مضيفة "لا أتخيل أنني لن أسمع صوتها مرة أخرى... ألا يكفي
الدنيا أنها أخذت منها رجاء الجداوي؟".
وأشادت أمين بمواقف شويكار معها، ومن ذلك أنها رغم ظروفها
الصحية الصعبة وعدم قدرتها على الحركة بشكل طبيعي، إلا أنها قامت بالحضور
إلى عزاء والدتها، "رغم أنني لم أكن لأغضب لو لم تحضر، لكن شويكار إنسانة
صاحبة واجب".
أما عن وجهة النظر النقدية في شويكار، فقال الناقد طارق
الشناوي إن الجمهور ــ رغم ابتعادها عن الشاشة منذ سنوات ــ لم ينسها
أبداً، بل رآها وسيظل يراها واحدة من أهم نجمات السينما العربية بشكل عام.
وأضاف أن "شويكار أسهمت في تغيير مفهوم الكوميديا التي كانت تعتمد إلى حد
كبير على الممثلات غير الجميلات، مثل ماري منيب وزينات صدقي، فاختارت منطقة
لم تقترب منها أي من الفنانات ممن هن في مثل جمالها الطبيعي، لذا كانت
مميزة بشكل كبير".
وأنهى الشناوي قائلاً إن الفنانة الراحلة رغم تألقها الفني
في الكثير من الأعمال، إلا أن أفلامها مع زوجها الأسبق فؤاد المهندس كانت
"علامة فارقة في مشوارها وسبباً كبيراً في تعلق الجمهور بهذه الثنائية التي
قلما وجدت بهذا الشكل".
وكانت الناقدة ناهد صلاح التي أعدت كتاباً عنوانه "سيدتي
الجميلة"، أثناء تكريم شويكار في "المهرجان القومي للسينما"، قد قالت بعد
مقابلة مع شويكار إنها كانت منتظرة أن تقابل الفنانة الجميلة التي فيها من
خفة الظل والدلع الكثير، وفوجئت أنها أمام فنانة من العيار الثقيل، ووصفتها
في كتابها بأنها "امرأة عقل" لذكائها الشديد وذهنها الحاضر واشتباكها مع كل
ما يحصل حولها في العالم.
وأضافت أنها فوجئت بأنها قارئة جيدة جداً، مطلعة على
كلاسيكيات الأدب المصري والفرنسي، نظراً لدراستها في المدارس الفرنسية
وتخصصها في الأدب الفرنسي في الجامعة.
وأوضحت ناهد صلاح أن شويكار قدمت نماذج مختلفة للمرأة
المصرية في أفلام "سعد اليتيم" و"الكرنك" و"أرزاق يا دنيا" و"دائرة
الانتقام"، واستطاعت أن تعبّر فعلاً عن المرأة بكل أطيافها وفئاتها. |