ودَّع الوسط الفنى أيقونة من نجمات الزمن الجميل، لطالما
تنقلت بخفة ودلع بين الشخصيات المختلفة، الكوميدية والتراجيدية والدرامية،
ولتكشف عن وجوه مميزة ومعجونة بالأنوثة والموهبة. «شويكار» رحلت عن 82
عامًا، لكنها ستظل نجمة وملكة للكوميديا والاستعراض والدراما، نموذجًا
يهواه الجميع. تحولت دفتها تمامًا بتدخل المخرج فطين عبدالوهاب حين بدأت
مشوارها فى التمثيل، لكنها حين التقت بالفنان فؤاد المهندس، فى مسرحية
«السكرتير الفنى»، والذى رفض فى بداية الأمر مشاركتها له البطولة لعدم
اقتناعه بقدرتها على إضحاك الجمهور، نجحت فى تحديه على المستويين الفنى
والعاطفى، فصفق لها الجمهور، ووقع المهندس فى غرامها وطلب يدها للزواج،
خلال عرض مسرحيتهما «سيدتى الجميلة»، قائلًا لها: «تتجوزينى يا بسكوتة؟»،
ليشكلا معًا، وطوال 20 عامًا، أهم وأحَبَّ دويتو عرفه المسرح والسينما
وبمفردها، حلقت «شويكار» بعيدًا عن «المهندس» فى أعمال
منفردة اكتسبت فيها ثقلًا ونجومية أكثر، ومع تقدمها فى العمر لم تَغِب
الجميلة عن المشهد وظلت حاضرة بفنها وآرائها وموهبتها.
«شىء
لا يصدقه عكل» فى
آخر تصريحاتها: «المسرح أنا» وأتمنى أن ينهض بأيدى من يحبونه
فى آخر حوار إذاعى للفنانة الراحلة شويكار فى برنامج «مسحراتى
منقراتى» عبر إذاعة البرنامج العام بث فى رمضان الماضى، تحدثت الفنانة
شويكار إلى مقدم البرنامج الإعلامى أحمد القصبى وطالبت كتاب الكوميديا
الجدد بتقديم كوميديا الموقف التى تعتمد على الكتابة الجيدة لا الإفيهات،
وقالت: «إصحى يا نايم وانتبهوا إلى ما تقدمه الأجيال الجديدة ليس فقط فى
الأعمال الكوميدية ولكن بشكل عام حيث أصبحت الشتائم والألفاظ الخارجة هى
التى يعلمونها للأطفال..
وأتمنى إننا نرجع نقدم أعمالا تربى أجيالا وتجعلهم يحبون من
حولهم ويحترمونهم ولا يتفوهون بألفاظ خارجة كما نرى حاليا». وتابعت: «أتمنى
أن نرى أعمالا متنوعة درامية كوميدية، وأن يكون هناك رقابة كى لا نرى ما
يبث من أعمال تحرض على قتل الإخوة وضرب الأبناء لأمهاتهم.. أو مخاطبة
الكبار بطريقة غير لائقة». وعن المسرح الذى كان نقطة انطلاقها، قالت:
«المسرح أنا.. وأتمنى أن ينهض بأيدى من يحبونه ويتعاملون معه بالتزام»،
وتساءلت: «هل النجوم الشباب ممكن يعملوا زينا ويسيبوا السينما والتليفزيون
والإذاعة؟ كنا بنقعد سنين فى عمل واحد.. هل يقدروا يعملوا كده».
سيدتى الجميلة
1938 -2020
فى 24 من نوفمبر عام 1938 ولدت شويكار إبراهيم طوب صقال،
لأب تركى وأم شركسية، وكان والدها من أعيان الشرقية، وبدأت ميولها الفنية
تظهر وهى فى الرابعة من عمرها، وكانت ليلى مراد فى هذا الوقت نجمتها
المفضلة، وألحقها والدها بالمدارس الفرنسية حيث كان مولعاً بالشعر ونهماً
للقراءة، بينما كانت والدتها تجيد العزف على البيانو؛ مما أثر فى حياتها،
والتى تميّزت بجمالها الأخاذ فقرر والدها أن يزوجها شاباً ثرياً «المهندس
حسن نافع» وهى فى عمر السادسة عشرة،
وبعد عام من الزواج أنجبت ابنتها «منة الله» وبعدها أُصيب
زوجها بمرض خطير، ووقتها قررت أن تستكمل دراستها الثانوية، وتوفى زوجها،
حيث أصبحت أرملة وأماً لطفلتها الوحيدة وهى فى عمر الثامنة عشرة، وبعدها
بعامين اختارها نادى سبورتنج وتوّجت بلقب الأم المثالية وهى فى العشرين من
عمرها، حيث كانت تعمل وتدرّس وتربى ابنتها، وقررت أن تبحث عن عمل وكان
المخرج حسن رضا مقرّباً من أسرتها فرشحها للعمل بفرقة «أنصار التمثيل»، حيث
شاركت فى أكثر من مسرحية وقررت أن تتلقى دورس التمثيل على يد عبد الوارث
عسر ومحمد توفيق، لتقدّم أول فيلم لها عام 1960 «حبى الوحيد» أمام عمر
الشريف ونادية لطفى وكمال الشناوى.
5 سنوات
غيابًا.. «الاعتزال» كلمة صعبة على الفنان
خلال السنوات الخمس الأخيرة، ابتعدت «شويكار» عن العمل،
لكنها كانت ترفض كلمة «اعتزال»، وقالت وقتها، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»:
«الاعتزال كلمة صعبة على أى فنان، ولا أحب أن أقولها»، لذلك حين عرض عليها
السيناريست أيمن بهجت قمر المشاركة فى فيلم «آخر ديك فى مصر» مع محمد
رمضان، اعتذرت، وأبلغته: «ابتعدت عن التمثيل»، ورَدَّ عليها «قمر»: «لكنكِ
لم تعلنى ذلك»، فقالت له: «رغم حبى للفن، لكن أرفض موقف بعض الفنانين الذين
يرددون: سنستمر فى العمل الفنى حتى نموت على خشبة المسرح، وأنا شخصيًا أفضل
أن أقضى وقتًا كافيًا مع أسرتى لأننى أحبهم أكثر من التمثيل، وهذه هى
المعادلة الصحيحة والقرار السليم».
وحرصت «شويكار» على أن تتابع المسلسلات والأفلام الجديدة،
وأعربت عن سعادتها بعودة الفنانة روجينا بقوة لأنها تنبأت لها بمستقبل جيد
منذ أن قدمت مسلسل «كناريا وشركاه» عام 2003 وبخطوات غادة عادل ومنى زكى
ونيللى كريم وريهام عبدالغفور على الشاشتين الكبيرة والصغيرة وأنها تساندهن
بقلبها. وطالبت «شويكار» جهات الإنتاج المصرية بمساندة ودعم الفنانين
المصريين لأنهم يمتلكون الموهبة، وقالت: «هذا الدعم مهم جدًا، فليس من
الطبيعى أن يجلس فنان فى حجم رياض الخولى فى منزله وأن يعلن توفيق
عبدالحميد اعتزاله، فى الوقت الذى نفتح فيه الساحة والمجال أمام فنانين من
دول أخرى لتجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر!»، وتساءلت: «أين
المخرجون الكبار فى حجم مجدى أبوعميرة ومحمد فاضل من الدراما المصرية؟!».
وأشادت بدور الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، وقالت: «(زكى) شخصية
طموحة يساعد الممثلين والفنانين»، مطالبة بضرورة وقف الأجور الخيالية
للنجوم، محذرة من هذا الخطر، وأوضحت أن «زكى» حاول تنظيم هذه المسألة، وكان
أول مَن حارب فكرة احتلال الممثلات العربيات للشاشة المصرية، وكانت النتيجة
جلوس العديد من الفنانات دون عمل.
وتساءلت: «لماذا تُمنح هذه المساحة العريضة من الدراما
المصرية لفنانات عربيات يمتلكن الحد الأدنى فقط من قدرات الممثل، دون روح،
ويستغللن علاقتهن فى كسب أدوار كبيرة، بل يتزوجن من فنانين مصريين
أيضًا؟!»، وقالت: «أشعر بأن هناك مؤامرة على الفن المصرى يتم تنفيذها، بهدف
اختفاء المسلسل المصرى خلال سنوات قليلة».
وأضافت أنها تعتبر فيلمى «على مَن نطلق الرصاص؟» و«غروب
وشروق» للمخرج كمال الشيخ من أفضل أفلام السينما المصرية، وتعتبر أفلام
عاطف الطيب وفطين عبدالوهاب الأهم فى تاريخ الفن المصرى، وأنه من الصعب أن
تجد لهما فيلمًا واحدًا بمستوى غير جيد، عكس مخرجى السينما حاليًا، وإن
كانت تُعجب بأفلام عدد قليل منهم، مثل شريف عرفة ووائل إحسان وخالد يوسف
وطارق العريان وسامح عبدالعزيز.
20 عامًا
مع أستاذ الكوميديا «حب وغِيرة وأشياء أخرى»
20 عامًا،
سطرت علاقة الحب بين الفنانة الراحلة شويكار والفنان فؤاد المهندس، منذ أن
عرض عليها الزواج بعد عملهما معا فى مسرحية «أنا وهو وهى» وسألها «مش
هنتجوز بقى يا شوشو.. تتجوزينى يا بسكوتة؟» فوافقت، وكان «المهندس» وقتها
لديه ابنان من زوجته الأولى، لم تقتصر علاقتهما على الزواج بل كان الزواج
نقطة انطلاقهما ليكونا أفضل ثنائى على الشاشة، ووقفا على المسرح فى «سيدتى
الجميلة» و«السكرتير الفنى»، وتشاركا عشرات البطولات على الشاشة الكبيرة
منها «إجازة غرام» و«شنبو فى المصيدة» و«مطاردة غرامية»، وصولا إلى مشاركة
«شويكار» بصوتها فى مسرحية «سك على بناتك» عام 1980، والتى شهدت كواليسها
الطلاق بينهما
وفى لقاء تليفزيونى لـ«محمد» نجل الفنان الراحل فؤاد
المهندس تحدث عن مفاجأته وشقيقه أحمد، ومنة الله - ابنة شويكار- عندما وقع
الطلاق بعد 20 عاما من الحب والنجاح معا، إلا أن «محمد المهندس» أكد خلال
لقائه فى برنامج «هنا العاصمة»، أن كلا الزوجين رفض الكشف عن أسباب الطلاق،
كما رفضا العودة لاستئناف حياتهما معا، ومع ذلك ظل باب المحبة «مواربا»،
تعد «شويكار» ألذ الأصناف التى كانت تطهيها لـ«فؤاد» وترسلها له، وتسأل عنه
باستمرار، وتتحدث بكل خير كلما وردت سيرته.
وروى محمد فؤاد المهندس، فى لقائه التليفزيونى، أنه حزن
كثيرًا، ولم يعرف أحد سبب انفصالهما حتى الآن، موضحًا أنه حاول أن يُنهى
أباه عن هذا القرار، لكنه تمسك بقراره.
المقربون من «شويكار» و«المهندس» كانوا يلمحون دائما إلى
الغيرة، ليس فقط من «المهندس» ناحية «شويكار» التى تتمتع بجمال أخاذ، ما
جعل حياتهما الزوجية تتوتر ووصل الأمر إلى طريق مسدود، إلى أن وقع الطلاق
بينهما فى عام 1980 حين شاركته فى «سك على بناتك» بصوتها فقط.
واستمرت علاقتهما وتعاونهما فنيا دون قطيعة وشاركت «شويكار»
فى آخر مسرحيات المهندس «روحية اتخطفت» عام 1989، ليصل إجمالى ما قدماه معا
160 عملا فنيا. |