في لقاء قديم للفنان
الراحل نور الشريف كان يتحدث عن الأخطاء التي وقع بها في بداية مشواره، حكى
كيف أنه استهتر في البداية بعد صعود اسهمه سينمائيا خاصة في تلك المرحلة
التي سافر فيها إلى لبنان ليعود إلى مصر فيجد بأن محمود ياسين هو النجم
الأعلى اجراً والأهم على الساحة فتعلم درسا وقتها بأن عليه الاهتمام
والتركيز فكانت بمثابة بداية جديدة له.
لم اتعجب من تصريح
نور (رحمه الله) فعلى الرغم من المنافسة القوية لنجوم السبعينات مثل نور
الشريف وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز فيما بعد ، إلا أن محمود ياسين الذي
بدأ مشواره في نهاية الستينات استطاع أن يكون هو فتى الشاشة الأول وصاحب
الأعلى اجر لسنوات طويلة.
فالبداية كانت من
خلال أدوار صغيرة مع الفنانة شادية في "شئ من الخوف" و"نحن لا نزرع الشوك"
ليحصل بعدها على البطولة أمام فاتن حمامة في "الخيط الرفيع" ومع نادية لطفي
في "الزائرة" وسعاد حسني "أين عقلي"، فهو نجم تلك المرحلة سينمائيا حتى وإن
لم يكن الأوسم شكلا بالمعايير النمطية مقارنة مع نجوم هذا الجيل ،فمحمود
ياسين هو الذي فتح بوابة النجاح والنجومية لهذا الجيل بعد النجوم الكبار
مثل عماد حمدي وكمال الشناوي وعمر الشريف وأحمد رمزي وغيرهم مع اختلاف
الأجيال منذ بداية السينما ،فاستطاع أن يسحب بساط النجومية ويصبح "فتى
الشاشة الأول"،.. ولم لا فكلمة السر في نجومية محمود ياسين هى البساطة
والذكاء الفني ايضا فكونه نجم مسرحي مهم قدم أعمال مسرحية مثل "سليمان
الحلبي" و"الزير سالم" و"ليلى والمجنون" لم يؤثر على أداءه أمام شاشة
السينما بل تميز بالبساطة والتلقائية واستطاع أن يعبر عن شخصيات مختلفة
ومتنوعة فهو الجان الحبيب في افلام مثل "اذكريني" و"افواه وارانب" وهو طه
حسين عميد الأدب العربي الكفيف في "قاهر الظلام " ، وهو أيضا الأخرس في
"الاخرس "، والزبال الفقير الذي يقع في حب فتاة متعلمة في "انتبهوا أيها
السادة" ولا يمكن نسيان جملته الشهيرة "هى دي مصر يا عبلة" في فيلم "الصعود
إلى الهاوية" والذي لعب فيه شخصية المقدم خالد سليمان الذي يتولى مهمة
القبض على جاسوسة مصرية ، كما ارتبط اسم محمود ياسين ايضا بأفلام حرب
أكتوبر 1973 فقدم "الوفاء العظيم" و"الرصاصة لا تزال في جيبي".
في الثمانينات ظل
محمود ياسين محافظا على حضوره ووهجه السينمائي وظل حريصا ايضا على التنوع
من خلال اختيار شخصيات مختلفة فهو سيد العربجي في "العربجي" ويقع في فخ
الرشوة في "المرتشي" وواحد من حرافيش نجيب محفوظ أو سليمان الناجي في
"الحرافيش" وفي نفس المرحلة بدأ في أن ينتقل للدراما محافظا على نفس حالة
النجاح فاهتم بطرح قضايا تهم الجمهور على الشاشة الصغيرة فقدم مسلسل "غدا
تتفتح الزهور" و"أخو البنات" و"اللقاء الثاني" وهو ما حافظ على تواجد محمود
ياسين في المراحل التالية من مشواره سواء في التسعينات وحتى مع الألفية
الجديدة ، وتقديمه لشخصية الجد حامد الغرباوي في "الغرباوي" محتضنا الأجيال
الجديدة وقتها مثل داليا مصطفى وأحمد زاهر، وأيضا مسلسل "سوق العصر"، وجوده
في فيلم "الجزيرة" في 2007 مع المخرج شريف عرفة وبطولة أحمد السقا أضاف
لقيمة الفيلم، وشارك أيضا مع آسر ياسين وروبي بعدها في فيلم "الوعد" وكان
آخر ظهور سينمائي له عام 2012 في فيلم "جدو حبيبي" داعما للفنانة بشرى في
أولى بطولاتها المطلقة، ومؤكدا على تفانيه في حبه للفن.
في 2015 سنحت لي
الفرصة لأحضر تكريم محمود ياسين ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي
وان أرى دموع الفرحة في عينيه، سعيدا بأن ما قدمه خلال مشوار فني ممتد
محفورا في ذاكرة كل محبي السينما ،وحتى بعد وفاته قبل أيام فالفخر
بانجازاته في السينما والمسرح والدراما هو محور الحديث عن فتى الشاشة الأول
محمود ياسين والذي يستحق كل المحبة على عطاءه وعلى حبه الحقيقي لتلك المهنة
الصعبة "التمثيل" فأعطاها من قلبه وروحه دون ان يخجل يوما مما قدمه فحافظ
على احترامه للمهنة وحاز على احترام جمهوره ومحبتهم ..رحم الله الأستاذ
محمود ياسين. |