فيلم "كباتن الزعتري" يفجر صرخة اللاجئين السوريين
عرض ضمن مهرجان الجونة السينمائي وصوّر مخرج العمل 700 في
مخيم الزعتري
نجلاء
أبو النجا
تواصل الدورة الخامسة من مهرجان
الجونة السينمائي فعالياتها
بطرح عدد من الأفلام، إذ عُرض "كباتن الزعتري" الذي شاركت فيه مفوضية الأمم
المتحدة لشؤون اللاجئين، تحت شعار "سينما من أجل الإنسانية"، لتسليط الضوء
على اللاجئين عبر الفن وأعمال مختلفة.
أسباب الدعم
وأوضحت المفوضية في بيان لها أن الفيلم مدعوم من المفوضية
وهو وثائقي مصري، يُعرض ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة للمخرج
المصري علي العربي، الذي شارك سابقاً في منصة الجونة السينمائية التابعة
للمهرجان.
واختار موقع مجلة "فرايتي" المتخصصة في عالم السينما فيلم
"كباتن الزعتري" في المركز الثاني ضمن قائمة لأفضل 15 فيلماً عرضت ضمن
فعاليات مهرجان صندانس.
تدور قصة وأحداث الفيلم حول محمود وفوزي، اللذين يعيشان في
مخيم الزعتري للاجئين في الأردن منذ خمسة أعوام وهما شابان سوريان فرّا من
القصف في مدينة درعا جنوب سوريا عام 2013 إلى مخيم الزعتري في الأردن. وعلى
الرغم من معاناتهما وظروفهما الصعبة، يجمعهما حب كرة القدم، ويحلمان
بالاحتراف، فيحصل الشابان على الفرصة الحقيقية عندما تأتي بعثة إلى المخيم
لاختيار لاعبين لبطولة دولية.
عُرض العمل للمرة الأولى، ضمن المسابقة الدولية لمهرجان
صندانس السنوي في الولايات المتحدة، التي أقيمت هذا العام بين 28 يناير
(كانون الثاني) والثالث من فبراير (شباط) الماضيين.
تصوير ستة أعوام
ويقول العربي في حديث خاص إلى "اندبندنت عربية" إنه على
مدار ستة أعوام "تتبعت خطوات شابين سوريين فرّا من القصف في مدينة درعا
جنوب سوريا إلى مخيم الزعتري، وأبرز ما جذبني إلى الموضوع هو أنهما يتمردان
على الواقع الأليم ويحلمان بأن يصبحا نجمين في عالم كرة القدم".
ويضيف "لا أنكر أن الموضوع كان في الماضي بالنسبة لي مجرد
إحصاءات وأرقام حتى تعاملت مع لاجئين ونازحين ومهاجرين ومصابين. تغيرت وجهة
نظري، بخاصة عام 2013، وقررت أن اتجاهي وزاوية اهتمامي ستكون بالتعرّف إلى
تفاصيل حياة اللاجئين في الأماكن التي لجأوا إليها، وأتاحت لي جامعة الدول
العربية زيارة 19 مخيماً من بينها مخيم الزعتري".
ويواصل المخرج
المصري "وجدت
الحياة في المخيم صعبة جداً والظروف مؤلمة والمجتمع فيه منغلق ومحافظ...
ولفت نظري محمود وفوزي وأحببتهما وتوحدت مع أحلامهما ومع الوقت اقتربت
منهما وأسست علاقة صداقة مع الشابين والمكان والإدارة، وأردت تقديم الحلم
والأمل الذي يخلق من رحم المعاناة".
ويوضح العربي "صورت تقريباً لمدة عام في المخيم للحصول على
مادة للفيلم وعرضت منها عشر دقائق على المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين في
الأردن التي وافقت على دعم العمل وأعطته مساحة أكبر للحركة. أنا سعيد جداً
بعرض الفيلم في مصر بعد عرضه في الكثير من المحافل والمهرجانات الدولية.
يهمني أن يرى الجمهور المصري والعربي زاوية جديدة من الناحية الإنسانية، من
وجهة نظري بخاصة أن الفيلم يدور حول قصة حقيقية وأن الممثلين هم الأبطال
الحقيقيون. كما أن أبرز هدف للفيلم تقديمه لحياة اللاجئين على أنهم جزء من
العالم. فهم مثل غيرهم من الناس لديهم آمال وأحلام".
أسلوب ارتجالي
ويوضح العربي أنه لم يكتب سيناريو للفيلم وأن التصوير تم
بأسلوب ارتجالي وعلى مدار ستة أعوام من التصوير كان القدر يقود تدفق
الأحداث ودفة الأمور، وصُوّر ما يعادل 700 ساعة ومنها تم انتقاء 75 دقيقة
فقط، كثّفنا فيها الأحداث، "وكان علينا أن نختصر، حتى نحضّر مادة فيلمية
مناسبة وشيّقة وسريعة وأحداثاً مترابطة واضطررنا في المقابل إلى التنازل عن
أمور كثيرة قمنا بتوثيقها على الرغم من أهميتها".
ويشير العربي إلى أن الفيلم استُقبل بحفاوة كبيرة جداً في
مهرجانات دولية عدة ولم يكن يتوقع هذا التفاعل الذي قوبل به العمل وأبطاله
وقضيته. يذكر أن المخرج علي العربي، عمل كمصور ومخرج في مناطق نزاعات وحروب
في عدد من البلدان والمناطق مثل العراق وليبيا وكردستان.
لقاء بالصدفة
وعن لقاء المخرج ببطلَي الفيلم، قال البطل الأول محمود في
تصريحات سابقة على هامش مهرجان صندانس بالولايات المتحدة، أنه وزميله لم
يتمكنا من حضور مهرجان الجونة، موضحاً أنه التقى وصديقه بطل الفيلم الآخر
فوزي رضوان، علي العربي بعد وصولهما إلى مخيم الزعتري، هاربين من درعا،
"أثناء تصويره مواد إخبارية داخل المخيم".
وتحدث محمود إلى العربي شارحاً له وضع اللاجئين وأن لديهم
أحلاماً كبيرة يسعون إلى تحقيقها... ووعدهما العربي بتوصيل رسالتهما. وبعد
ستة أعوام كاملة من التصوير، شاهد العالم حلم شابين من داخل مخيم يمر بظروف
شديدة الصعوبة.
أما بطل الفيلم الثاني، فوزي فهو شاب لم يكمل عامه الـ24
واضطر إلى الهرب منذ ستة أعوام من مدينة درعا ولم يستكمل دراسته بسبب القصف
المستمر.
قبل الحرب، كان ينتمي فوزي إلى عائلة مستقرة ووالده كان
محباً لكرة القدم وهو وإخوته ورثوا هذا الحب، وكانوا يمارسون تلك الرياضة
في نادي "الشعلة" في درعا. وبعد تبدّل الظروف، أصبحت كرة القدم هي الأمر
الوحيد الذي ينسيه أحزانه ومعاناته ومأساة اللجوء بعد حضن الوطن بحسب
تصريحاته السابقة.
يطمح فوزي أن يمنح الفيلم فرصة لسكان المخيم ليشعر بهم
العالم ويشاهدون معاناتهم، كما يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم أو مدرباً
مشهوراً، بخاصة أنه والشباب الآخرين في المخيم يمتلكون مواهب في مجالات عدة
ويبحثون فقط عن فرصة.
ويُعدّ مخيم
الزعتري أكبر
مخيم للاجئين السوريين في الأردن ويقع في محافظة المفرق شمال عمان قرب
الحدود السورية ويضم آلاف اللاجئين.
العرض في أميركا
من جانب آخر، سيبدأ فيلم "كباتن الزعتري" يوم 19 نوفمبر
(تشرين الثاني) المقبل عرضه التجاري الأول عالمياً في الولايات المتحدة
بولايتي لوس أنجليس ونيويورك.
وسيكون متاحاً للجمهور الأميركي، ليكون الفيلم العربي الأول
الذي يحقق ذلك، طبقاً لمجلة "فرايتي" العالمية المتخصصة في شؤون السينما
العالمية. وعرض العمل سابقاً في مهرجان سياتل السينمائي الدولي في دورته
الـ47، وشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان سان فرانسيسكو بأميركا، ومهرجان
موسكو ومهرجان بكوبنهاغن. |