ملفات خاصة

 
 
 

من يستحق التحية في جدل فيلم “ريش”؟

بقلم حسام الخولي

عن فيلم «ريش»..

لـ «عمر الزهيري»

   
 
 
 
 
 
 

شئ جانبي يمكن الانطلاق منه والاعتماد عليه كمرجع استفهامي لما أريد قوله ذكره الباحث باسم حنا في كتابه “ألبير قصيري والسخرية: التهميش إجابة على الحداثة”. حينما راهن على عملية تحويل الهامش إلى صورة خيالية في أدب ألبير  الذي يطرح سؤالًا واحدًا في أشكال محتلفة. كيف يتصور لذاته مكانًا في الحداثة؟ كيف يحدد موقع الفرد في عالم هو فريسة للتقدم المادي؟ ما نمط الفرد الذي يمكنه إعلان هذا التحدي؟ إذا كان هذا الفرد، فقير، مهمّش، لا يملك الاختيار

كنت أجلس في المقعد الخلفي مباشرة للكرسي الذي كان يجلس عليه عدد من النجوم. من بينهم الممثل المصري شريف منير استعدادًا لمشاهدة فيلم ريش الحائز على الذي حصد الجائزة الكبرى وجائزة الفيبرسي (الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين) لأفضل فيلم في مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان. وهي أول جائزة يحصل عليها فيلم مصري طويل في تاريخ المهرجان، يعرضه مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة.

كانت معادلة حصول الفيلم على جائزة كتلك من أرفع مهرجانات العالم تقديرًا في صالح الفيلم تمامًا دون النظر من الأساس إلى قصته أو سياقه أو مفهومه، كأن يشاهدك أهلك على شاشة التلفزيون. ستقابل بالمديح بعدها أيًا كان حديثك الجاهل أو المتعلم؛ ظهورك على التلفزيون مبهر في ذاته دون سياق وكذلك الحصول على جائزة دولية لم تراها مصر قبل ذلك.  

الملاحظة الأولى التي كانت في ذهني باعتباري أذهب يوميًا لمشاهدة فيلم السهرة في “البلازا” قبل “ريش” هي أنه الفيلم الوحيد الذي كان كامل العدد، ما يعني وجود قرابه الـ 1500 متفرج أو أقل قليلًا، وقف الخلق ينظرون ما الشيء الذي استطاع أن يلفت نظر “الناس في بلاد برا” بكل مشاعرهم؛ استنكار وشوق ولهفة وترقب. وغالبًا لم يقرأ عدد ليس قليل منهم حتى ملخص الفيلم التوضيحي البسيط المكون من سطر واحد قبل أن يستثمروا وقتهم فيه، ستظهر نتيجة ذلك بعد قليل

بدأت النهنهات مع مرور الربع ساعة الأولى، ولم تكد تنتهي حتى انسحب عدد من كبار الفنانين المصريين احتجاجًا على ما يمثله الفيلم من “إساءة لمصر”، لينسحب النجوم يسرا وشريف منير وأشرف عبد الباقي وأحمد رزق والمخرج عمر عبد العزيز وغيرهم إلى جانب عدد من الجمهور

بعد ذلك، سأستمع إلى شريف منير يقول عن الفيلم أن “صورة الفيلم لم تعجبه، حيث يعيش أبطال الفيلم واقعًا قاسيًا يمثّل عذاباً غير طبيعي، وشكل مؤذٍ يزيد عن الحد المقبول” متجاهلا مبادرات “حياة كريمة” و”تكافل وكرامة” وغيرها من المبادرات التي تحارب الفقر والعشوائيات، وتكفل حياة كريمة للمواطنين في مصر، في ظل “جمهورية جديدة”.

يمثل رأي شريف منير عدد لا يمكن التقليل منه على الإطلاق. بعد خروجي من الفيلم استمعت إلى عدد من التعليقات التي يقول أن أغلبها أن الفيلم أصابهم بالاكتئاب

في مقابل موقف النجوم و”وطنيتهم” سيقف نجوم ونقاد مذهولين أمام فيلم شديد الذكاء والنباهة والتفرد. وتأييد “وطني” سابق كانت احتفلت خلاله وزارة الثقافة المصرية ذاتها بصناع الفيلم بعد فوزه في مهرجان كان. وأشخاص قرأت على مواقع التواصل وقوفهم بجانب الفيلم “العظيم” دون مشاهدته. بمنطق سياسي تمامًا معارض لموقف مؤيدي الدولة، لا علاقة حقيقية للسينما التي تعرضها ريش من عدمها، فماذا يعني كل ذلك للفيلم؟ 

في النهاية كل هذا النقد والاتهامات بسوء السمعة بدأت مع بداية السينما في مصر. عندما تقرأ ستجد أول رواية بالمعنى الحديث للرواية التي كتبها محمد حسين هيكل رواية “زينب” التي أخرجها للسينما محمد كريم، رواية تدور في ريف مصر وقتها، كتب محمد كريم في مذكراته، أنه هو ذاته من قراره نفسه قرر عمل ستديو مصنوع للتصوير بعيدًا عن الفقراء الذين يحكي عنهم، “أردت صناعة عالم عن القرية التي في خيالي” ليست كما شاهدتها” لأنه كان يراها “أقبح” من تصويرها، الأمر ليس جديد

لماذا كل هذا الجدل؟ ما الذي يجعله استثنائيا؟ 

من بين حوالي 4000 فيلم مصري بين الروائي والتسجيلي الطويل والقصير لم يحالف الحظ أحدهم لحصد تلك الجائزة من “كان”، يصنع التاريخ وحده لجيل سينمائي جديد يمثله المخرج عمر الزهير الذي يقدم أول الأفلام الروائية الطويلة له، بالشراكه في تأليفه مع السيناريست، أحمد عامر، وهو من إنتاج الفرنسيين جولييت لوبوتر وبيير مناهيم، بالمشاركة مع “فيلم كلينك” والمنتج محمد حفظي والمنتجة شاهيناز العقاد

شيء مثير للانتباه كان يحكيه في حوار جانبي مخرج الفيلم عمر الزهيري. يقول كلاما معناه أن عرض الواقع بكل قسوته في فيلم سينما شيء فج، كل فن يحتاج إلى خلق، إلى خيال، أحتاج إلى أن يتلقى المشاهد أكبر قدر ممكن من المشاعر، لم تعتد السينما المصرية على صناعة أو مشاهدة هذه القصص بتلك الطريقة العجائبية، ستجد محاولات قليلة من “رأفت الميهي والكاتب ماهر عواد لكنها ليست بتلك المجازقة والجرأة والتجرد

لا يوجد أسماء، دون سياق مكاني أو زماني محدد يجعل ارتباطه بمصر أو غيرها سمه مميزة، بطلة جامدة الملامح، نشاهد الفيلم بعيونها، فتاة غير مدركة لأي شيء، تشعر بالأشياء فقط، ربة منزل تعيش حياة قاسية مع زوجها المتسلط المسحوق في حياته لجني لقيمات يقتات عليها مع أسرته. تضطر الزوجة لمواجهة العالم وحدها تمامًا في لحظة خيالية يتحول فيها زوجها على يد ساحر إلى دجاجة، تنتطق الزوجة إلى إنقاذ زوجها.

هذا ليس سياق ميلودرامي، هو كوميديا عبثية لم نستخدمها، زوج تظهر عليه القوة البدنية، والقدم المحفور عليها قسوة العمل المستمر، صوت رخيم يصرخ في منزله أغلب الوقت، يتحول إلى دجاجة، وما يقرب من عشرة أغاني قديمة موظفة عكسيًا مع إيقاع الصورة المعروضة، تخلق عبث تُحتمل خفته، ما هذا؟ هل تصدق أن هذه قصة فيلم مصري؟

ريش” هي صفات الأبطال ليس اسم الفيلم فقط، “ريش” هي تسمية عبثية مضحكة يمكن السخرية منها قبل حتى مشاهدة الفيلم، أبطال فيلم جميعهم دون استثناء أشبه بالصفة التي يحملها الريش: هش للغاية وخفيف ويمكن التنازل عنه بسهولة داخل حياة قد لا تصدّق قسوتها وحدتها وما يمكن أن تخلقه في من يشاهدها من اكتئاب وغضب واشمئزاز من مجرد التفكير في وجودها من عدمه

صراع الطبقة التي يمثلها عدد من الساخطين على الفيلم في مقابل الصرخة التي يمثلها الفيلم للفقراء والمهمشين ربما لا تخص جوهره، لا يبحث عمر الزهيري على عرض قضية الفقر المصري في المحافل الدولية، أذكى قليلًا من أن يقف في موقف الدفاع الذي يسلكه طوال الوقت أصدقاءنا الطيبون الساذجون الذين يغضبهم كلام شريف منير أو غيره دون أن يقفون لمناقشته

فيلم ريش حدث استثنائي يعلم أهميته كل مهتم بالسينما، مذهل، يحكي عن كل شيء دون التورط في شيء بعينه، المرأة التي تكتشف قوتها وحدها في مواجهة العالم دون زوجها المسيطر، أو الزوج المسحوق أمام آلة العمل التي لا تنتهي، أو العبثية التي يعيشها الإنسان عمومًا، إنسان الفيلم غير المحسوب على مكان أو زمان بعينه أو ربما أشياء أخرى.   

بعد العرض كنت أقف مع أحد الأشخاص الذين استلموا سيناريو الفيلم قبل تنفيذه، كان يقول أن ملخص الفيلم الذي قرأه وقتها هو الشيء ذاته الذي رآه على الشاشة ولا يفهم لماذا الحديث عن المؤمرات أو الفقر أو غيره، “الهدف من القصة هو حدوتة المرأة المقهورة أمام زوجها ولا تتخيل مواجهة العالم ثم تضطر لمواجهته دون رغبتها”. 

من يستحق الإشادة في أزمة “ريش”؟

بعد كل ذلك، بالطبع سيأخذ كل عمل فني أصيل تأويلات اجتماعية وسياسية تتجاوزه، سيغضب البعض من إظهار الفقر في ذاته، وكذلك سيغضب البعض من إخفاءه مهما حاول المخرج الهروب من الأمر، بالتالي بعد سرد موجز عن سياقه الفني ومبررات الاحتفاء به فنيًا ربما من الأفضل مط الحديث لما هو أبعد من ذلك، لمن يستحق الإشادة فعلًا؟

لماذا تصنع أفلام عن الفقراء والمهمشين؟ لماذا تحصد هذه الأفلام جوائز؟ لأنها سينما مستقلة، لم تجد أساسًا من يستثمر فيها أمواله، شيء شديد البديهية أن تأت حكايتها من هامشية صناعها أنفسهم، لم نجد ثمة مؤامرة في القصة، بديهي تمامًا، لن نتوقع صناعة فيلم مستقل يحارب صناعه يوميًا لخوض صراعه يحكي عن صعوبة وصول أبناء التجمع في مصر أثناء وصولهم إلى وسط المدينة والعودة منها، تحصد الجوائز ربما لأنها أكثر صدقًا ومغامرة وجرأة، لأنها في قلبها كل ما يحتاج الفن إليه ليصبح أصيل

إذا كان الفرد فقير لا يملك الاختيار، بالطبع ستصبح نظرته تجاه ذاته تمامًا مثل نظرة الآخرين له، في داخلها ما يدعو للخجل والغضب والاشمئزاز، وهي أشياء لا يحتملها الكثير

 تحية واجبة وأخيرة كُتب هذا المقال لأجلها، خارج كل السياقات الاجتماعية والسياسية والفنية التي دار حولها صراع فيلم “ريش”، لن تكون للمخرج المذهل عمر الزهيري أو شريكه الكاتب أحمد عامر، لكنها بالأخص إلى شركات الإنتاج الثمانية التي استثمرت فيه، صدقته قبل الجميع

تحية شكر إلى المنتجة المصرية شاهيناز العقاد والمنتج المصري محمد حفظي اللذان استثمرا في خيال مخرج شاب لم يكن يملك فرصة، في عمله الأول المغامر، المتوقع مهاجمته. وربما عدم فهمه كفاية، واحتمال الدخول في صراعات كان يمكن تجنبها كعربون محبة لمجهولين يكرهوا الجدال والحراك الذي يخلقه “ريش” يتطاير بين الطبقات في مصر، حراك يجدد الدم والفكر نحو كل شيء، ومناقشات هي الهدف الأسمى وراء كل فن حقيقي، في بلد يملك آلاف مثل عمر الزهيري، لديهم فنهم وأسلوبهم المتفرد في انتظار منتجون مثلهم

 

موقع "مصر 360" في

19.10.2021

 
 
 
 
 

"ريش".. فيلمٌ مصريّ حول حقيقيّة الحياة

نورا ناجي

الجونة (مصر) - خاص بـ "منصة الاستقلال الثقافية":

في عوالم ماركيز، حيث تختلط الواقعية بالغرائبية السحرية، تظهر قرية ماكوندو دائماً مركزاً للأحداث، قرية متخيَّلَة تمثل العالم، يحدث فيها كل شيء دون التقيّد بزمان ومكان، أو حتى بتفسير منطقي لحدث، مثل طيران فتاة وهي تنشر الملاءات البيضاء على السطح، أو صلْب رجل على شجرة، أو أن يأكل النمل طفلاً، ثمة إحساس عدميّ بالحياة، ومن هذا الإحساس يمكن التعبير عن كل شيء بتخفُّف، شاعرية في الموت والفقر والمعاناة، اكتشاف لسحرٍ ما في قلب القسوة، والفن الذي لا يقدم بديلاً لسرد الحياة كما هي، باعتياديتها ومللها واستمراريتها التي ربما لا يلتفت إليها أحد، ليس فناً حقيقياً.

في فيلم ريش للمخرج عمر زهيري الحائز على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان "كان"، وهي أول جائزة يحصل عليها فيلم مصري طويل في تاريخ المهرجان، نستكشف أيضاً مكاناً متخيلاً، لا تعريف له ولا علامة مميزة، لا وجود للزمان أيضاً، ربما تحدث القصة في العصر الحالي، أو في زمن موازٍ، أو ربما ديستوبي بعد انتهاء العالم الذي نعرفه.

لكننا نرى، أيضاً وبذات الوقت، في الفيلم الذي عُرض في مهرجان الجونة السينمائي الخامس، تفاصيل معتادة للفقر، أسرة معدمة في شقة صغيرة لا تحوي إلا القليل، كنبة وتليفزيون وغسالة قديمة وثلاجة محطمة وسرير معدني، ورغم ذلك تضم ثلاثة أطفال أصغرهم لا يزال رضيعاً، في كشف صريح للإصرار على التكاثر رغم ضيق الحال. ضيق معنوي وحقيقي، لا مكان لفرد آخر على الكنبة المثقلة بما فوقها، لا شعور بالعيش أو المتعة، رجل يأمر امرأته بإعداد طعامٍ محددٍ لأيام، بنقود قديمة ممزقة وقليلة، يحتفظ بها وكأنها كنزُهُ المخفي في صندوق معدني صدئ داخل دولاب صغير لا يحوي شيئاً. وامرأة لا تظهر ملامحها بشكل واضح، رأسها محنيٌّ للأبد، لا تنطق سوى بكلمات قليلة، لا تدافع عن نفسها ولا تريد ذلك.

لا شيء سوى العيش في وكر مغلق كحيوانات بشرية، ترشُّهم المدينة كل مساء بمبيد حشري يتسلل من الشباك المفتوح وكأنهم مجرد حوّام، لن يختلف العالم لو تلاشوا فجأةً، كما سيحدث بعد قليلٍ لربّ البيت، الذي يشعر بأهميته لا لشيء سوى قدرته على إطعام هؤلاء المخلوقات بجنيهاته القليلة، يحكي قصصاً لا تصدق حدثت له، أو يَعِد أطفالَهُ بحياة أخرى جميلة لن تتحقّق، أو يجلب للبيت نافورة صغيرة وكُرَة ديسكو ملوّنة لن تزيد حياتهم جمالاً، بل ربما ستضيّق عليهم المكان أكثر.

يختفي الأب بعدما يخضع لساحر دجّال في عيد ميلاد ابنه، يضعه داخل صندوق خشبي مثل أوزوريس، لا يجد فيه بعد قليل سوى دجاجة بيضاء، "فرخة" بلا حول ولا قوة، تحل محلّه في البيت، تنام وتأكل على سريره، ترمق العالم بنظرة جامدة. يختفي ويترك عائلته بلا شيء، امرأة لا تعرف شيئاً عن الحياة سوى ضرورة إطعام الصغار وحفظهم أسفل سقف بيتٍ معرّضة للطرد منه، فتخرج خارج حدود العشُّ إلى عالم قديم: تغطيه غلالة صفراء من الغبار والدخان، يتساوى فيه الإنسان والحيوان بشكل غرائبي، قرد يقفز على سيارة، قطيع من الحمير يقف أمام مصنع، ثور ينكح بقرة داخل رواق مستشفى، كلب يقف في طابور تحصيل الأجر المتأخر.

ما الإنسان؟ وما الحيوان؟ ما الفرق بينهما سوى تأمل العالم وفهمه وعيشه بحق وليس لمجرد فكرة الاستمرار؟ البشر يعيشون داخل مجتمع لا يفرق شيئاً عن البريّة، لا وجود للحقيقة، ولا فرصة للتعلُّم من الأخطاء

تكرر الزوجة أخطاءها بشكلٍ مثيرٍ للتساؤل، وكأنها لا تعرف شيئاً خارج حدود هذا العالم، تحمل دجاجتها إلى الدجالين على أمل التمكُّن من استعادة زوجٍ لا تشعر نحوه بشيء، لا هي افتقدته عندما اختفى، ولا استنكرت تحوّله غير المنطقيّ إلى حيوان ساكن بلا فائدة. لا تنجح محاولات الدجّالين لكنها لا تتعلم، تكرر نفس الدائرة بسذاجة، وتلجأ أولاً لحلّ السحر قبل العلم.

 

في العالم الذكوري الذي لا مكان فيه لامرأة، لا تتمكّن الزوجة من العمل سوى في خدمة البيوت، فيلا أنيقة وباردة تظهر فجأةً من العدم في هذا المكان التَّعِس، أرضها رخامية باردة بلا روح، تنظّف الزوجة الأرض مثل كلبٍ جاثٍ على قوائمه، تمزّق اللحم وتنظِّفُهُ وتحفَظُه في ثلاجة ضخمة. تسيل الدماء من حولها وتغطّي كل شيء في وحشيةٍ قاسيةٍ لا تلتفت حتى إليها. هي تمزّق نفسها أولاً قبل اللحم الميت، لا فرق كبير بينها وبينه، حتى سرقتها الصغيرة التي تتسبّب في طردها من العمل، لا شيء سوى حلوى تافهة، وكأنها أرادت فقط الخروج من دائرة الطعام الأقرب للعلف الحيواني للحفاظ على الحياة الذي تطعمه لصغارها، ومنحهم فرصة تذوّق شيءٍ غريبٍ، شيكولاتة ملفوفة بورق مذهّب، وجبن في ورق سوليفان ملون، لكنها تفشل حتى في ذلك.

تدفع الأم طفلها للعمل في المصنع، وتذهب لإكمال البحث عن زوجٍ مختفٍ، رحلة إيزيسيّة كابوسيّة تتعرض فيها لكل ما يمكن أن تتعرّض له أنثى في غابة، تنتهي بعثورها على رجلٍ مشرَّدٍ يشبه زوجها، فاقد للعقل والجسد، مغطّى بطبقةٍ طينيةٍ صلبةٍ، جلدُهُ متقرِّحٌ، لا يفرق شيئاً عن دجاجة تنام على سرير، حتى إنها تعالجه في مستشفى بيطري، وتطْعِمُهُ مثلما تطعم الدواجن، وجوده لا شيء، غيابُه لا شيء، الحياة لا شيء، تعتقد أولاً أنه قد يمنع عنها مضايقات الذكور الآخرين، لكنه لا يفعل، تُجْلِسُهُ وسط أطفالهما على الكنبة أمام التليفزيون، تصْفَعُهُ وتتوسّل إليه ليُفيق، وعندما تفشل كل محاولاتها في إعادة تركيب جسده مثل دمية ممزَّقَة، تتمرّد على كل شيء.

يقدّم الفيلم عالماً مغايراً لما نعْرِفُه، الفقر فيه قاسٍ وملموسٌ، في النقود القديمة الممزّقة، وفي التراب الذي يغطي كل شيء، السيارات، ترابيزات البلياردو، موائد الطعام. في الملابس المتَّسِخَة والطين اللزج والبيوت الضيقة المكتظّة، يقدم أيضاً بشراً يرقصون ويلعبون ويأكلون بلا إحساس حقيقي بما حولهم، هذه النظرة الصادقة التي يمكن أن نرى بها الحياة في العالم وليس في مصر فقط، أثارت غضب بعض الفنانين، ثمّة تهمة جاهزة وهي "الإساءة إلى مصر"، وكأن الحياة الزاهية الملوّنة داخل شاشة هي الحقيقية، وكأن الحياة المكتومة الباهتة هي الخيال.

لا يُسيء فيلم ريش إلى مصر ولا إلى أيّ مكان آخر، المخرج عمر الزهيري الذي قدَّمَ فيلمه الأول المستوحَى من قصة قصيرة لتشيكوف هي "موت موظّف"، يحمل همّاً حقيقيّاً متأصلاً داخله، هو هَمّ الفنان في كل مكان، ما هي الحياة، وما هو الإنسان، ما هي الحقيقة وما هو الخيال، وما هو الجمال والقبح والمساواة والعدل والظلم؟

على الفنان أن يملك موقفاً صادقاً، ولعلّ هذا هو ما منح الزهيري جائزة النقّاد في مهرجان كان، أنه أوصل رسالته بطريقته دون افتعال ولا تشنُّج، وبواسطة ممثّلين يقفون لأول مرة أمام كاميرا، لا يُجيدون التمثيل تماماً، هم يجسّدون حقيقةً ما كامنة داخلهم جميعاً، ومن هنا تحدث معجزة الفن الحقيقية، إضاءة نقطة معتمة خارج إطار الرؤية التقليدية للعالم، واكتشاف شيءٍ ما ربما لا نتمكّن من تحديده بدقة، لكنه في ذات الوقت، يُفَسِّر الكثير.

 

منصة الإستقلال الثقافية في

19.10.2021

 
 
 
 
 

صناع فيلم "ريش" فى مرمى انتقادات الجمهور:

تجاهلوا الإنجازات ومش عايشين معانا

كتب محمد رضا

مازال فيلم "ريش" فى مرمى انتقادات الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة لما يحمله من تصوير متعمد يسىء إلى المجتمع المصرى ويصدر صورة غير حقيقية من خلال مشاهده التى لا تتفق مع الواقع، ويواصل المغردون توجيه غضبهم تجاه صناع الفيلم عبر التغريدات عبر هاشتاج "فيلم ريش"، والذين يبرزون فى الوقت ذاته واقع حياة المصريين فى العشوائيات بعد تطويرها وإعادة بناء مساكن توفر حياة كريمة للجميع.

وفى هذا الصدد، انتقد حساب باسم أمل، تجاهل صناع فيلم ريش، الإنجازات التى حدثت على أرض الواقع لتطوير العشوائيات وتوفير حياة كريمة آدمية والإصرار على تشويه صورة المجتمع المصرى، وقالت: "2021 هات أى فيلم من اللى كانوا بيتكلموا عن العشوائيات فى مصر واسأل هو المنطقة دى لسه موجودة؟.. واتحداك إذا كان لها وجود، وده لأن الدولة أزالت كل المناطق الخطرة والغير آمنة ونقلتهم لمساكن محترمة وآدمية، لا احنا بقا هنقرر نتجاهل كل ده ونعمل فيلم كده".

كما نشر رمضان محمد، صورة من تطوير العشوائيات، موجهًا انتقاده لصناع الفيلم المثير للجدل، وقال فى تعليقه على الصورة: "مش عايشين معانا"، فيما وجه محمد البستاوى، الشكر للنجوم الذين غادروا عرض الفيلمن وقال: "تحية احترام لكل فنان غادر المهرجان بسبب محاولة الإساءة لمصر عن طريق عرض فيلم لا يناسب واقع التغيير لحياة الناس بحياة كريمة وحياة أفضل ..محدش قال إن مصر مفيهاش فقر.. وقد يكون أمريكا نفسها فيها مشاهد أكثر فقراً فى الواقع".

وشارك محمد جويلى، عبر الهاشتاج، وقال: "كل التحية للفنانين الوطنيين المحترمين شريف منير، وأشرف عبد الباقى، وأحمد رزق، اللى مقدروش يستحملوا إساءة لمصر أو إن فيلم يظهر مصر بصورة غير حقيقية وفيها إساءة لمصر، وبصراحة أى حد شارك فى الفيلم ده هو عدو لمصر".

ويشار إلى أن قاعة العرض شهدت، الأحد، مغادرة عدد من الفنانين الفيلم بعد مرور أقل من ساعة على عرضه، وهم: شريف منير، أحمد رزق، أشرف عبد الباقى، إضافة إلى المخرج عمر عبد العزيز، وتبين بعد ذلك أن سبب المغادرة هو اعتراضهم على موضوع الفيلم والطريقة التى يُظهر بها المجتمع، وازداد الجدل بعد ذلك حول قضية الفيلم.

 

####

 

أحمد رزق عن فيلم "ريش": وضعنى فى مود سيئ وماحبتوش ومصر كبيرة

عماد صفوت

قال النجم أحمد رزق، لـ"اليوم السابع"، إنه من حق أى فنان أو صانع محتوى أن يقدم ما يراه من وجهة نظره، موضحا أنه انسحب من عرض فيلم "ريش" بسبب أن العمل أدخله فى مود سيئ، ووضعه تحت ضغط وحالة مقبضة.

وأكد رزق، "الجدل الذى حدث عن الفيلم، هو جدل فنى بحت، ليس له علاقة بالسياسة وخلافه، وأن كل ما حدث ليس له أى فكر سياسى، وللأسف إحنا بقينا نحب ننقسم وخلاص، واللى بيقدم فيلم هو بيقدم فن بيحبه، أنا شخصياً قدمت أفلام محبتهاش، ودا شىء عادى، ولذلك مش فيلم اللى يسىء لسمعة مصر، مصر كبيرة أوى".

وفى سياق آخر، يلتقى أحمد رزق، بالفنانة منى زكى في مسلسل جديد من المقرر عرضه فى رمضان المقبل، من تأليف مريم ناعوم، وإخراج كريم الشناوى، وإنتاج ميديا هب، حيث بدأت الشركة التحضيرات المبدئية للمسلسل الذى يعد من الأعمال المهمة في الموسم الرمضانى المقبل .

ويتعاون رزق ومنى زكى في المسلسل الجديد، بعد غياب 19 عامًا، منذ أن قدما سوياً مسلسل وفيلم فى تلك العام، حيث قدما سوياً مسلسل بعنوان "جحا المصرى"، بطولة النجم الكبير يحيى الفخرانى، ولوسى، وحسن حسنى، وسعاد نصر، أحمد راتب، أنعام سالوسة، ونجوم آخرين، وهو من إخراج مجدى أبو عميرة.

 

المصري اليوم في

19.10.2021

 
 
 
 
 

أول رد من مهرجان الجونة عن فيلم «ريش»: اختياره بناء على الجودة الفنية

كتب: محمود الرفاعي

أصدر مهرجان الجونة السينمائي، بيانًا اليوم الثلاثاء، بعد الانتقادات الواسعة التي طالت فيلم "ريش" للمخرج المصري عمر الزهيري، والذي تسبب في انسحاب عدد من النجوم وقت عرضه أبرزهم شريف منير وأحمد رزق وأشرف عبدالباقي، وجاء البيان كالتالي:

قدمت فعاليات مهرجان الجونة السينمائي على مدار أربع سنوات مضت العديد من الأنشطة في مجال تعزيز الفن السينمائي وتنشيط السياحة المصرية، وعقدت دورته الرابعة في ظروف عالمية صعبة، وذلك للتأكيد على مكانة مصر وحرص المهرجان على أبراز قدرة مصر والمصريين على تقديم مهرجانات في مستوى العالمية، ويقام المهرجان بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر وبرعاية وزارة الثقافة ووزارة الصحة و وزارة الداخلية، ما يؤكد انتماء المهرجان لمصر وولاءه لها.

يقدر مهرجان الجونة السينمائي ويعتز بكل صناع السينما في العالم وما يقدمون من إبداعات وتجارب سينمائية متميزة، ويقوم فريق العمل في المهرجان باختيار الأفلام بناء على جودتها الفنية والسينمائية فقط بمعايير المهرجانات السينمائية العالمية.

الجونة السينمائي: فيلم «ريش» متسقا مع معايير اختيار الأفلام

وهذا العام  وفي دورته الخامسة جاء اختيار فيلم «ريش» للمخرج المصري عمر الزهيري، متسقا مع معايير اختيار الأفلام  فيلم «ريش» للمخرج المصري عمر الزهيري، متسقا مع معايير اختيار الأفلام و حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في مهرجان «كان».

ويؤكد المهرجان أنه لم ولن يعرض أي فيلم بدون الحصول على التصاريح الرسمية تأكيدًا لأنه لا يحمل أية إساءة أو ضغينة في أي من عروضه المختلفة سواء داخل أو خارج المسابقة الرسمية وبرفض أية إساءة للدولة المصرية في أي حال.

الجونة السينمائي يعبر عن اعتزازه بكونه مصري

و يؤكد مهرجان الجونة أنه يدعم السينما العالمية والفن بصفة عامة و أهمية أن يأخذ وضعه ضمن خريطة العالمية للمهرجانات و يفتخر المهرجان أنه مهرجان مصري يقام على أرض مصر التي يكن لها كل الاحترام و التقدير في كل ما ينتمى للمهرجان.

 

الوطن المصرية في

19.10.2021

 
 
 
 
 

مهرجان الجونة السينمائي يصدر بيانا للدفاع عن فيلم «ريش»

فايزة هنداوي

الجونة – «القدس العربي» : بعد الجدل الذي أثار ه عرض فيلم «ريش» في مهرجان الجونة، واتهامه من قبل البعض بالإساءة إلى مصر ، أصدرت إدارة مهرجان الجونة السينمائي بيانا جاء فيه:

قدمت فعاليات مهرجان الجونة السينمائي على مدار أربع سنوات مضت ، العديد من الأنشطة في مجال تعزيز الفن السينمائي وتنشيط السياحة المصرية، وعقدت دورته الرابعة فى ظروف عالمية صعبة وذلك للتأكيد على مكانة مصر وحرص المهرجان على إبراز قدرة مصر والمصريين على تقديم مهرجانات فى مستوى العالمية. ويقام المهرجان بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر وبرعاية وزارة الثقافة ووزارة الصحة ووزارة الداخلية، ما يؤكد انتماء المهرجان لمصر وولاءه لها.

ويقدر مهرجان الجونة السينمائي ويعتز بكل صناع السينما فى العالم وما يقدمون من إبداعات وتجارب سينمائية متميزة. ويقوم فريق العمل فى المهرجان باختيار الأفلام بناء على جودتها الفنية والسينمائية فقط بمعايير المهرجانات السينمائية العالمية.

و هذا العام وفي دورته الخامسة جاء اختيار فيلم «ريش» للمخرج المصري عمر الزهيري، متسقا مع معايير اختيار الأفلام و ذلك بناء على ما حققه من نجاحات في بعض المحافل الدولية سواء حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في أكبر المهرجانات العالمية مهرجان «كان» وهو أول فيلم مصري يحصل على مثل تلك الجائزة المرموقة، كما حصل بالأمس القريب على الجائزة الكبرى لمهرجان «بينجياو» في الصين، كما تم اختياره ليعرض في أيام «قرطاج» السينمائية في دورتها المقبلة كما قامت وزارة الثقافة المصرية بتكريم الفيلم وفريق عمله في فعالية أقيمت قبل بدء مهرجان الجونة السينمائي.

و لذا كان اختياره للعرض فى مهرجان الجونة جزءا من الاهتمام بالشأن المصري في المجالين الفني والثقافي عالميا، خصوصا وأننا على مدار 125 سنة من تاريخ السينما المصرية لم يحصل فيلم مصري على جائزة بهذه الأهمية. و وفقا لآراء العديد من النقاد المصريين والعالميين، فإن الفيلم تدور أحداثه في زمن ومكان غير محددين، وبالتالي لا يمكن تحميل الفيلم أكثر من ما جاء به ويؤكد المهرجان أنه لم ولن يعرض أي فيلم بدون الحصول على التصاريح الرسمية تأكيدأ لأنه لا يحمل أي أساءة أو ضغينة فى أى من عروضه المختلفة سواء داخل أو خارج المسابقة الرسمية.

ويؤكد مهرجان الجونة أنه يدعم السينما العالمية والفن بصفة عامة وأهمية أن يأخذ وضعه ضمن خريطة العالمية للمهرجانات و يفتخر المهرجان أنه مهرجان مصرى يقام على أرض مصر التى يكن لها كل الاحترام والتقدير فى كل ما ينتمى للمهرجان.

 

القدس العربي اللندنية في

19.10.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004