"أشكال"
فيلم طويل يحرر قصصا تونسية من محليتها
نظرة على الحياة بعد ثورة يناير تمنح مخرج الفيلم العديد من
الجوائز.
في أول فيلم روائي له، استطاع المخرج يوسف الشابي أن يحمل
أحداثا وقصصا تونسية إلى جمهور السينما في عدد من المهرجانات الدولية
المهمة، وينقل له صورة عن واقع شديد المحلية لكنه لا يتحرك بمعزل عن العالم
والتغيرات الكبرى الحاصلة فيه، لذلك كان فيلمه قادرا على افتكاك العديد من
الجوائز.
مراكش (المغرب)
- عاد
المخرج التونسي يوسف الشابي من فرنسا إلى موطنه لينجز أفلاما تنطلق من
مواضيع محلية لكنها تتحرر منها لتعبر عن الواقع الاجتماعي التونسي وتسرد
جزءا من ملامحه وأحداثه وتطوراتها لجمهور السينما في كل مكان.
ويعتبر “أشكال”، الذي عرض السبت، في إطار المسابقة الرسمية
للدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أول فيلم طويل للمخرج
التونسي الشاب يوسف الشابي، وهو عمل سينمائي يمزج ببراعة بين القصة
البوليسية والخيال.
"أشكال"
حصد ثلاث جوائز، في حفل اختتام مهرجان مونبلييه للسينما المتوسّطية في
دورته الرابعة والأربعين
ويعد فيلم “أشكال”، ثاني فيلم يعرض ضمن قائمة الأربعة عشر
فيلما طويلا، التي تتنافس في هذه النسخة من المهرجان للفوز بـ”النجمة
الذهبية” المرموقة، واستفاد الفيلم من دعم منصة “ورشات الأطلس”، البرنامج
المخصص للإنتاج السينمائي الذي يهدف إلى دعم جيل جديد من المخرجين من
أفريقيا والشرق الأوسط، عملا مشوقا مذهلا، يمزج بين عناصر التحقيق البوليسي
والخيال.
ويسلط الفيلم، الذي تبلغ مدته اثنتين وتسعين دقيقة، الضوء
على الشرطية فاطمة التي لعبت دورها فاطمة أوصيفي، وبطل (محمد حسين قريع)،
اللذين يكتشفان جثة متفحمة في موقع بناء غير مكتمل في أحد مباني “حدائق
قرطاج”، أحد أحياء تونس، الذي أنشأه النظام السابق، نظام الرئيس زين
العابدين بن علي وتم إيقاف بنائه بعنف في بداية ثورة يناير 2011.
وبينما تستأنف الأشغال في مواقع البناء تدريجيا، بدأت فاطمة
وبطل البحث في هذه الحالة الغامضة، لكن هذه الحادثة لا تبدو وحيدة حيث حدثت
حالة مماثلة قبل أن يتمكنا من كشف ملابسات الحالة الأولى.
ويأخذ التحقيق منعطفا مثيرا ويبدأ البحث عن مرتكب الجريمة،
حتى لو بدا أنه يعقد مهمة ضابطي الشرطة.
ويعود الفيلم بالمشاهد إلى ما قبل بداية ثورة يناير ليستعرض
جزءا من الأحداث ثم يأخذه في رحلة بحث طويلة عن الحقيقة، مصورا له أوجها من
تونس التي قد يعرفها أبناؤها جيدا لكن يجهلها الآخرون.
ويبدو المخرج في هذا الفيلم كمن يقدم مسحا تاريخيا لجملة من
الأحداث الواقعة في مكان وزمان تونسي، وهي أحداث يسائل من خلالها واقع ما
بعد ثورة يناير التي لم تنته منذ انطلاقها، ولم تحمل التونسيين نحو مستقبل
أفضل، بل ظلت في حالة إعادة لا متناهية وغريبة سياسيا واجتماعيا، تعكس حالة
من الاحتراق تعيشها الذات خلال سيرها في طريق مفتوح ومرهق من التساؤلات
التي لا إجابة عليها.
وفي حين أن الفيلم انخرط في فضاء تونسي ضيّق إلا أن تركيزه
على الواقع وتقديمه على أنه تأريخ سينمائي جعله يأخذ بعدا كونيا خصوصا من
خلال ربط الأحداث في تونس بما يجري في العالم.
وأعرب يوسف الشابي، الذي كان مرفوقا بالممثلة فاطمة أوصيفي
والممثل رامي حرابي، وكذلك المنتج فارس لعجيمي، في حديثه قبل عرض فيلمه في
مراكش، عن سعادته الكبيرة بالمشاركة في مهرجان مراكش السينمائي، هذا الحدث
السينمائي الكبير وبرؤية فيلمه في قائمة الأفلام الطويلة التي تم اختيارها
للمشاركة في المسابقة الرسمية للدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم
بمراكش.
وأضاف أنه شارك في “ورشات الأطلس” في سنة 2019 واستفاد من
تأطير ودعم هذه المنصة، مؤكدا أن فيلمه الطويل يستكشف قضايا سياسية
واجتماعية وكذلك موضوعات من خياله السينمائي.
من جهتها، أشارت أوصيفي إلى أن عمل هذا المخرج الشاب يفسح
المجال لمحبي الأفلام لاكتشاف تونس المعاصرة من زاوية مختلفة، مع الكثير من
الخيال والإبداع.
يذكر أن يوسف الشابي، الذي ولد في تونس سنة 1984، أخرج
فيلمين قصيرين هما “نحو الشمال” سنة 2010 و”الأعماق” سنة 2012، اللذان تم
اختيارهما في العديد من المهرجانات الدولية. وفي سنة 2012، شارك في إخراج
الفيلم الوثائقي “بابيلون” الحائز على جائزة لجنة التحكيم من مهرجان
مارسيليا للفيلم الوثائقي وتم تقديمه في متحف الفن الحديث في نيويورك.
ويعرف المخرج بفنّه الشامل، وهو الذي جمع بين الإخراج
والكتابة والموسيقى والإنتاج، وبعد إتمام دراسته في فرنسا عمل مساعد مخرج
في أشرطة سينمائية عديدة.
كما عمل مساعد مخرج في فيلمين طويلين هما: “الدواحة” لرجاء
لعماري و”ثلاثون” لفاضل الجزيري.
الفيلم يفسح المجال لمحبي الأفلام لاكتشاف تونس المعاصرة من
زاوية مختلفة، مع الكثير من الخيال والإبداع
وحصد فيلمه “أشكال” آخر أكتوبر الماضي ثلاث جوائز، في حفل
اختتام مهرجان مونبلييه للسينما المتوسّطية في دورته الرابعة والأربعين،
وهي: الجائزة الكبرى وجائزة النقاد وجائزة أفضل موسيقى.
وسبق أن نال الفيلم إعجاب منتجي السينما وإشادة النقاد، في
عرضه العالمي الأول ضمن “قسم نصف شهر المخرجين”، خلال الدورة الخامسة
والسبعين لمهرجان كان السينمائي في شهر ماي الماضي.
وبالإضافة إلى فيلم “أشكال”، هناك 13 فيلما طويلا تتنافس
على “النجمة الذهبية” في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش
في دورته التاسعة عشرة.
يذكر أنه التزاما بالتوجه الذي اختاره مهرجان مراكش
السينمائي، تشارك في المسابقة الرسمية أفلام طويلة تعد الأولى أو الثانية
لمخرجيها، بحيث تستهدف الكشف عن مواهب جديدة في السينما العالمية والترويج
لها. ويتنافس في مسابقة هذه الدورة 14 فيلما من ضمنها عشرة أفلام هي الأولى
لمخرجيها، وستة منها من إبداع مخرجات سينمائيات.
وتتمثل الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، إلى جانب
“أشكال”، في كل من “الثلج والدب” للتركية سيلسين إيرغون، و”الروح الحية”
لكريستيل ألفيس ميرا (البرتغال)، و”أستراخان” لدافيد دوبيسيفيل (فرنسا)،
و”سيرة ذاتية” لمقبول مبارك (إندونيسيا)، و”أزرق القفطان” لمريم التوزاني
(المغرب)، و”أغنية بعيدة” لكلاريسا كامبولينا (البرازيل). كما يتعلق الأمر
بأفلام “بترول” لألينا لودكينا (أستراليا)، و”حذاء أحمر” لكارلوس كايزر
إيشلمان (المكسيك)، و”رايسبوي ينام” لأنتوني شيم (كندا)، و”أمينة” لأحمد
عبدالله (السويد)، و”حكاية من شمرون” لعماد الإبراهيم دهكردي (إيران)،
و”طعم التفاح أحمر” لإيهاب طربيه (سوريا)، و”برق” لكارمن جاكيي (سويسرا). |