خالد محمود يكتب:
السينما العربية تشتبك مع قضايا الواقع على شاشة البحر
الأحمر
تمر السينما العربية بمتغيرات كبيرة من حيث الفكر والنهج
والأسلوب الفنى والقصص المطروحة، وهو ما تعكسه شاشة مهرجان البحر الأحمر
السينمائى فى دورته الثالثة عبر مجموعة من الأفلام الحديثة التى يتجاوز
الكثير منها حاجز التقليدية والصورة المألوفة والتى يحاول صناعها الاشتباك
مع قضايا الواقع، وأيضا تطوف بين أحداث تاريخية ووضع تصوراتها للمستقبل.
من هذه الأفلام ثلاثية مغربية هى فيلم “عصابات” للمخرج كمال
الأزرق، في هذه الكوميديا السوداء، يحاول مجرمان صغيران اب وابنه يعملان
لصالح المافيا المحلية في الدار البيضاء، يواجهان ليلة طويلة عندما يحدث
خطأ في عملية الاختطاف، ويحاولان فعل الشّيء الصّحيح عندما يجدان نفسيهما
مع جثّة بين أيديهما، فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم بمسابقة نظرة ما
بمهرجا كان السينمائى.
ويذكر أن المخرج المغربي خريج مدرسة السينما الشهيرة لا
فيميس في باريس.
”
أنيماليا” للمخرجة المغربية صوفيا العلوي، والذى يعرض ضمن " اختيارات
عالمية" مع اقترابها من نهاية حملها، وجدت “إيتو” و حمواها حياتهما مقلوبة
رأسًا على عقب، بسبب حدث خارق للطّبيعة.
والفيلم الوثائقى “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير، وفيه
تستعين مخرجة أفلام مغربية شابة بعائلتها وأصدقائها للمساعدة في حل ألغاز
طفولتها المزعجة، فتبدأ في بناء نموذج للمنزل والحيّ اللّذين نشأت فيهما في
الدّار البيضاء لتكتشف أسرار لم تحكى بعد و تواجه بها عائلتها، وفى الأجواء
أيضا قصة اكتشاف العلاقة والرابط بين أحداث احتجاجات الخبز في عام 1981
والحياة المعاصرة في المغرب، وفاز الفيلم بجائزة أفضل إخراج فى نظرة ما
بمهرجان كان.
ومن لبنان يأتى فيلم “الثالث” للمخرج كريم قاسم، وفيه
تدورالأحداث بقريةٍ تقع خارجَ العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يستقبل
ميكانيكي زوّاراً كُثر يأتونه لإصلاح سياراتهم، لكنه يدرك سريعاً أن عمله
لا يقتصر على إصلاح سيارات زوّاره بل يشمل أيضاً إصلاح حالهم، لتشكل
الشخصية رمزا كبيرا لانعكاس الواقع.
ومن العروض الخاصة يأتى الفيلم السعودى الإماراتى "إلى
ابني" للمخرج ظافر العابدين، فى ثانى تجاربه بعد فيلم " غدوة"، وهذه المرة
تشهد عائلة تغييرات لم تتوقعها فى مجربات الحياة ستؤثر عليها إلى الأبد،
وذلك عقب عودة أحد أبنائها بعد غياب دام 12 عامًا.
وضمن الروائع العربية، يعرض مهرجان البحر الأحمر، نرى فيلم
المخرجة التونيسية كوثر بن هنيّة “بنات ألفة” الذى عرض بالمسابقة الرسمية
لمهرجان كان، الفيلم مستوحى من قصة حقيقية لسيدة اسمها ألفة لديها أربع
بنات وكيف ترى المخرجة والمؤلفة حياة هذه السيدة سينمائيا بطريقة تجمع بين
الوثائقي والدراما كأنه فيلم وثائقي عن الفيلم نفسه.
والفيلم الأردنى "إن شاء الله ولد" للمخرج أمجد رشيد وبطولة
منى حوا وهيثم عمري ويمنى مروان وسلوى نقارة ومحمد جيزاوي وإسلام العوضي
وسيلينا ربابعة.
يحكي الفيلم قصة نوال التي يتوفى زوجها فجأة ليتحتم عليها
أن تنقذ ابنتها ومنزلها من مجتمع تنقلب فيه الموازين إن كان لديها طفل ذكر
وليس أنثى، الماضي، تلقى الفيلم إشادات نقدية على الصعيدين العالمي
والإقليمي إذ كتب ويات فرانتز عبر موقع
Josh at the Movies "يبرع
إن شاء الله ولد في تجنب الميلودراما والتصوير المنطقي لحالة نورا الذهنية
المحاصرة"، فيما كتب فونيكس كلاودين مشيدًا بجاذبية الفيلم عبر موقع
GVN "رحلة
تحبس الأنفاس لمدة 113 دقيقة ولا تهدأ حتى في مشهدها الأخير.
وهناك الفيلم المصرى السعودى "هجان "للمخرج أبو بكر شوقي،
وفيه يخوض فارس جمال يدعى مطر برفقة حيوانه المفضل مغامرة شيقة حين يهربان
معًا عبر الصحراء سعيًا للبقاء على قيد الحياة ويبحث عن الانتقام من أجل
أسرته، حيث يواجه صراعًا عميقًا من أجل الحرية والهدف والحقيقة على طول
الطريق.
المخرج السعودى علي الكلثمي مندوب يقدم على شاشة البحر
الأحمر فيلمه الطويل الأول "مندوب الليل" ، الذى يلقى نظرة على عالم ذو
الدخل المحدود عبر قصة السائق فهد الثلاثيني الأعزب يعمل في تطبيق لتوصيل
الطلبات في مدينة الرياض، وفي محاولة يائسة منه لكسب المزيد من المال
لتغطية نفقات والده الطبّية، يتورّط في مغامرات غير المشروعة لتحقيق ذلك.
في مندوب الليل أراد المخرج أن يعكس جزءا من الحياة
والحوارات اليومية في مدينة الرياض دون تعقيد أو فلسفة، بحسب شهادة مخرجة.
ويقدم المخرج الجزائرى كريم بن صالح فيلمه "ما فوق الضريح"،
وفيه يكتشف طالب جزائريّ شابّ في فرنسا ذاته الحقيقيّة عندما يحصل على
وظيفة في دار جنائز.
وهناك فيلم "أنف وثلاث عيون" للمخرج أمير رمسيس، وهو مقتبس
من رواية تحمل الاسم نفسه للأديب الرّاحل "إحسان عبد القدّوس"، يبحث الفيلم
في حياة رجل محاصر بين ثلاث نساء.
"هاشم"
جرّاح تجميل بارز في أواخر الأربعينات من عمره، يستشير "علياء" الطّبيبة
النّفسيّة لمساعدته في شرح انجذابه إلى امرأة تصغره بكثير، تدعى "روبى"،
والّتي تدير حسابه على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، تتساءل "علياء" إن كانت
"روبى" تشبه والدة "هاشم"، وتطلب منه أن يبدأ في كتابة مذكّرات عن علاقاته
السّابقة، يشكّك "هاشم" بطلب "علياء"، ولكن عندما يصادف شغفًا سابقًا عند
خروجه من عيادتها، تبدأ الأمور في الاتّضاح. يقدّم "ظافر العابدين" أداءً
مقنعًا في فيلم يواصل تقليد السّينما المصريّة في تكريم الأدب العربيّ.
في قلب الرياض، حيث يتصادم اليأس والفرص، يقدم مندوب قصة
فهد الجدعاني، وهو رجل هش عقليًا يسابق الزمن لإنقاذ والده المريض، بينما
ينهار عالمه تحت وطأة العبء المالي واللامبالاة المجتمعية، تأخذ حياة فهد
منعطفًا غير متوقع عندما يضطر إلى تغطية نفقاته باعتباره مندوب توصيل
متواضع، ومع ذلك، فإن لقاءً بالصدفة يكشف عن الجانب المظلم للمدينة -
المدينة المزدهرة بالمعاملات غير القانونية والأنشطة غير المشروعة.
بعد دفعه إلى أروقة المدينة سريعة النمو، يواجه فهد عرضًا
خطيرًا يعد بحل جميع مشاكله المالية، ومع ذلك، فإن هذه الفرصة المغرية تأتي
بتكلفة باهظة - إذ يجب عليه المخاطرة بكل شيء عزيز عليه، بما في ذلك مبادئه
وعقله الهش الذي يتمسك به. |