7
أفلام سعودية تفتح مدى جديدا في مهرجان "مالمو"
بين الفانتازيا وقلب الصحراء والمشكلات الاجتماعية تنوعت
جرعتها الفنية لتستقطب الجمهورين السويدي والعربي
نجلاء أبو النجا
شكلت مشاركة السعودية في الدورة الـ14 من مهرجان "مالمو"
السينمائي بصمة بارزة في مشوار السينما الصاعدة
بقوة الصاروخ، وربما تعد المشاركة السعودية في المسابقات المختلفة بأفلام
طويلة وقصيرة ومتنوعة الموضوعات والأفكار أبرز المشاركات خلال الدورة التي
ما زالت فعالياتها مستمرة في المدن السويدية المتنوعة، وبخاصة مالمو.
عرضت ضمن المسابقة الرسمية للأفلام ثلاثة أفلام سعودية هي
"مندوب الليل" و"سليق" و"ترياق". كما نظمت على هامش المهرجان جولة لعرض
أربعة أفلام سعودية في خمس مدن مختلفة في السويد، وهي أفلام "هجان" و"حوجن"
و"أمس بعد بكرة" و"مندوب الليل".
"مندوب الليل"
عرض فيلم "مندوب الليل" ضمن القائمة الرسمية للمهرجان،
وكذلك ضمن الجولة الخاصة بعرض الأفلام السعودية في خمس مدن مختلفة في
السويد. والفيلم يتمتع بجرأة في الطرح ويجمع بين الدراما والتشويق، وتدور
أحداثه حول فهد القضعاني الذي يعمل في مهنة توصيل الطلبات، وهو شاب يعاني
فقدان العاطفة وتدفعه الظروف للتخلي عن مبادئه. وكان العرض العالمي الأول
للفيلم السعودي "مندوب الليل" في مهرجان "تورنتو" السينمائي الدولي في
الدورة الـ48 من المهرجان التي أقيمت خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2023، وحصل
الفيلم على جائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان "تورينو"
السينمائي الدولي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وحصل مخرج الفيلم علي الكلثمي على جائزة أفضل مخرج قادم في
مهرجان "هو شي منه" السينمائي الدولي لعام 2024، الذي أقيمت فعالياته في
فيتنام أخيراً.
وضمن المسابقة الرسمية عرض فيلم الرسوم المتحركة القصير
"سليق" للمخرجة أفنان باويان، ويروي مغامرة امرأة مسنة تدعى هاجر، وهي تشعر
بالوحدة وتجبر على التواصل مع جيرانها أثناء طبخها للسليق، إحدى أشهر
الأكلات السعودية.
عرض أيضاً الفيلم الثالث بالمسابقة الرسمية ممثلاً
السعودية، وهو الفيلم القصير "ترياق" للمخرج حسن سعيد، وتدور أحداثه حول
علي، الشاب الذي يحب الموسيقى الشعبية ويهدي مطربه المفضل آخر تسجيل له بعد
أن فقد المغني صوته، وقد فاز الفيلم من قبل بجائزة أفضل فيلم قصير وأفضل
تصوير سينمائي في مهرجان أفلام السعودية لعام 2023، كما كان ضمن الاختيارات
الرسمية للأفلام القصيرة في برنامج "سينما السعودية الجديدة" في مهرجان
البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023.
"أمس بعد بكرة"
في فئة "روائع عربية" عرضت ثلاثة أفلام بنجاح كبير في
الدورة الـ14 من مهرجان "مالمو"، وكان من أبرزها فيلم الخيال العلمي "أمس
بعد بكرة" للمخرج عبدالغني الصائغ، وقد أثار الإعجاب بوصفه فيلماً عربياً
تطرق بحرفية كبيرة إلى منطقة الخيال العلمي وتطوراتها. وتدور أحداثه حول
شقيقين يجدان باباً قديماً يعيدهما بالزمن إلى الماضي ليجدا نفسيهما عالقين
في الماضي، ويجب عليهما إيجاد طريقة للعودة إلى زمنهما ووالدتهما. وكان
العرض العالمي الأول للفيلم ضمن فئة "روائع عربية" خلال الدورة الثالثة
لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023.
ومن الأفلام السعودية المهمة التي حظيت بإقبال كبير جداً من
الجمهور السويدي والعربي، وعرضت ضمن فئة "روائع عربية" بالمهرجان فيلم
"هجان"، ويتناول العلاقة الوجدانية التي تربط بين الإبل وملاكها، ويمثل
رحلة تعكس تاريخ الإبل ودورها في حياة سكان شبه الجزيرة العربية.
وكان العرض العالمي الأول لفيلم "هجان" في مهرجان "تورنتو"،
وعرض في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023 ضمن
قسم "روائع عربية"، وحاز إعجاباً كبيراً باعتباره نقلة في صناعة السينما
السعودية.
والفيلم السعودي الثالث الذي عرض في "مالمو" هو "حوجن"
للمخرج ياسر الياسري، وهو مقتبس من رواية الفانتازيا الأكثر مبيعاً بالاسم
نفسه للكاتب السعودي إبراهيم عباس، وتدور الأحداث حول جني يعيش في بيت في
جدة ويحاول اكتشاف أصله ووالده المجهول فيلتقي فتاة حقيقية تعيش في المنزل
نفسه، وتنشأ بينهما قصة حب كبيرة يتصارع فيها الاختلاف بين انتماء كل
منهما. وكان العرض العالمي الأول للفيلم في حفل افتتاح عروض الدورة الثالثة
لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2023.
جودة وجدارة
في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية" قال الناقد السعودي
محمد البشير إن "إدراج أفلام مثل (مندوب الليل) ضمن منافسة الأفلام الطويلة
يعد منافسة جيدة، فالوصول إلى هذه المنطقة ضمن أفلام عربية في مهرجان
أوروبي علامة جيدة للأفلام السعودية بعامة، وكذلك كان وصول فيلم (نورة)
لمهرجان (كان) مشاركاً في مسابقة (نظرة ما)، هذا الأمر يعني أن السينما
السعودية شقت طريقاً صعباً ومهماً نحو العالمية في وقت تحافظ فيه على
محليتها، وتحرص على حكي القصص المحلية وتراثها، وكل هذا يعزز مكانة الفيلم
السعودي ويشجع الآخرين على المشاركة بأفلام ذات جودة ليشاهدها العالم كله
ويعرف قصصنا الخاصة". وتابع، "لا يمكن أن نغفل مشاركات الفيلم القصير ومدى
أهميتها، وهي تجعل الفيلم السعودي، سواء كان طويلاً أو قصيراً في محل
المنافسة مع الأفلام العربية وما تقدمه السينما في البلدان الشقيقة من
نتاجات جديرة بالمشاهدة".
وأضاف البشير، "مهرجان (مالمو) وتركيزه على السينما العربية
في منطقة أوروبية أمر لافت للأنظار، بخاصة أن الجاليات العربية بكل
أعراقها، والسويديين أيضاً، يأتون لمشاهدة الأفلام العربية، وهذا يحمل
الجميع مسؤولية كبيرة حتى يكونوا في مصاف السينما العالمية".
وقال الناقد المصري خالد محمود تعليقاً على تأثير وحجم
مشاركة السينما السعودية في مهرجان "مالمو"، "السينما السعودية أصبحت
موجودة بصورة مكثفة وحقيقية، بخاصة في العامين الأخيرين، ومهرجان (مالمو)
مهتم جداً بالشراكة عبر مؤسسات الدعم بين البلدين".
في وقت قياسي
وأشار محمود إلى أن هناك أفلاماً سعودية مميزة جداً في
الدورة الـ14 من مهرجان "مالمو"، وبخاصة فيلم "حوجن" بما يحمله من
فانتازيا، والتجربة مفيدة جداً لكي يعرف الجمهور العربي والسويدي بما وصلت
إليه السينما السعودية من تطور. وواصل، "من الذكاء أن مهرجان (مالمو) اختار
مجموعة أفلام سعودية متنوعة بموضوعات مختلفة مثل (مندوب الليل) و(هجان)
و(حوجن)، وكلها تعرض قصصاً مختلفة تعبر عن المجتمع السعودي من كافة وجهات
النظر، مما يعطي ثقلاً وعمقاً تحرص عليه السينما السعودية بذكاء كبير،
وتضافرت الاختيارات مع التنوع المقصود فظهرت السينما السعودية وكأنها تقدم
أفضل ما لديها، وفي وقت قياسي".
وقال الناقد علي الكشوطي إن "هناك تطوراً كبيراً في صناعة
السينما السعودية واهتماماً واضحاً بدعم المواهب السعودية والأفكار التي
تغوص في حياة المجتمع السعودي. ويشارك في (مالمو) مجموعة متنوعة من الأفلام
القصيرة والطويلة، إضافة إلى مشاركة السعودية كجهة منتجة في إنتاج أفلام
عدة شاركت في (مالمو) أيضاً، وتعد من أهم الأفلام وأمتعها وأكثرها تحقيقاً
للجوائز عبر المهرجانات المختلفة، مثل (إن شالله ولد) و(وداعاً جوليا)،
و(المرهقون)".
وتابع الكشوطي، "تميزت الأفلام التي عرضت في (مالمو) بسرد
قصص سعودية محلية مميزة بطرق مختلفة، منها الواقعية والفانتازيا والخيال
العلمي، ولمس الجميع إقبالاً غير عادي على أفلام مثل (حوجن) و(مندوب الليل)
و(هجان)، ونالت استحسان الجاليات العربية والجمهور السويدي على رغم أنها
تقدم واقعاً محلياً سعودياً، فإن هذا هو ما أوصلها إلى منطقة تميز عالمية". |