المخرجان المصريان ندى رياض وأيمن الأمير لـ «فرانس24»
:
الجوائز مهمة لكن صنع أفلام تعبر عن واقعنا أهم
كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»
عرض الفيلم المصري "رفعت عيني إلى السماء" في النسخة 63 من
"أسبوع النقاد" بمهرجان كان السينمائي. وهو عمل مشترك للمخرجين المصريين
ندى رياض وأيمن الأمير، اللذين سبق أن وقعا معاً الفيلم القصير "الفخ"
وشاركا به في هذا الملتقى السينمائي الدولي في 2019. ويشتغل المخرجان منذ
سنوات جنباً إلى جنب، ولربما هي تجربة تكون فريدة في العالم العربي، حيث
تنعدم مغامرات سينمائية من هذا النوع ، والتي تذكرنا بمسار المخرجين
البلجيكيين الشقيقين جان بيار ولوك داردين.
يمكن القول إن "رفعت عيني إلى السماء" فيلم بامتداد عربي،
يجد فيه أي مشاهد ينتمي إلى المنطقة ذاتها، لأن معضلاتها وإشكالاتها
متشابهة عموماً مهما اختلفت الجغرافية، تؤطرها عناوين الفقر والأمية
والتطرف والحيف بحق المرأة.. وهي ثيمات نجدها بشكل أو بآخر في عمل رياض
والأمير بطريقة سينمائية مشوقة، تحملنا للسفر مع يوميات غنية بالمشاعر
لفرقة مسرحية من ست فتيات.
للغوص أكثر في هذا العمل وتجربة المخرجين، أجرت فرانس24
معهما مقابلة على هامش فعاليات مهرجان كان.
**
كيف كان شعوركما عند قبول عملكما للمشاركة في مهرجان كان؟
أيمن: كنا سعداء للغاية أنه أعطيت لنا فرصة عرض الفيلم في
مهرجان كان، ليس فقط أمام الجمهور المصري، بل جمهور إعلامي من مختلف الدول.
**
لماذا فيلم "رفعت عيني إلى السماء"؟ كيف جاءت فكرة إنجازه؟
ندى: في 2019 كنا نشتغل مع مؤسسة نسوية مصرية تدعم النساء
اللواتي يشتغلن في الفنون بالمناطق النائية. ورأينا عرضا لفرقتهن المسرحية
في قرية حيث كانت لهن طاقة في الأداء تشجع الجمهور حولهن على التفاعل معهن.
وكان بالنسبة لنا أمر مبهر. وبعد ذلك بقينا على تواصل معهن، ودعونا لعرض
فيلمنا السابق في قريتهن. وفعلا تم ذلك. وكانت لهن أسئلة كثيرة حول السينما
وكيفية ممارستها، وطلبن منا إن كنا نريد إنجاز فيلم حولهن. وشعرنا نحن أيضا
بهذه الرغبة، وكأننا وقعنا في غرامهن.
**
قد يفهم من الفيلم أنكما أردتما إثارة موضوع الوصاية
الذكورية على المرأة، واخترتما هذه القصة، لكن، حسب ندى، طلب إنجازه كان من
هذه الفرقة؟
أيمن: فكرة الفيلم جاءت من المجموعة نفسها ومن المشاكل التي
تواجهها كفرقة وأفراد أيضا، والتي تعالجها في أعمالها كالزواج المبكر،
العنف الأسري، أهمية التعليم بالنسبة للبنات...ومواضيعها التي نحن مؤمنون
بها عموما، هي التي طرحت نفسها في الفيلم والتي حاولنا أن نعبر عنها، لأنه
لا توجد مشاكل شخصية فقط لدى أفراد هذه المجموعة، أعتقد كذلك أنها مسألة
تمس أسئلة حول العادات والتقاليد القديمة جدا، فكرة الفن وأهميته ودوره في
التغيير وغير ذلك، أسئلة كنا مهتمين بطرحها.
**
هذه الشراكة بينكما في إنجاز أعمال سينمائية، يمكن القول
إنها مثيرة، لأنه نادرا ما نجد أفلاما عربية موقعة باسمين. لماذا هذا
الاختيار للعمل معا جنبا لجنب؟
ندى: أولا نحن متزوجان..(تبتسم)
**
هذا لا يفرض توقيع عمل باسمين.. مريم التوزاني ونبيل عيوش
متزوجان لكن لا يوقعان أعمالهما بالمثنى
ندى: أعتقد أن السينما هي أيضا طريقة للتواصل بيننا نحن
الاثنين. لدينا شغف بالسينما معا. حتى أحاديثنا تكون خاصة حول السينما.
والفيلم الذي ننجزه نحن الاثنين سيكون مختلف عما يمكن أن ينجزه كل منا
بمفرده.
**
يعني أن العمل المشترك بينكما يعطي أعمالا متميزة أكثر؟
أيمن: تماماً، إنها مسألة ملهمة أيضا بالنسبة لنا كشخصين.
لكن الفيلم لايزال في بداية العرض. هناك أشياء كثيرة تحصل في كان. ولايزال
الفيلم لم يعرض في المنطقة. لكن أعتقد أننا في لحظة من اللحظات نحتاج
للتوقف قليلا لنستوعب ما يحصل.. (يبستم)
**
هذه الشراكة التي تنطلق من العش الزوجي نحو آفاق سينمائية عالمية...
أيمن: (يقاطع مبتسما)...والله العكس، ابتدأت من الشغل
وانتقلت إلى علاقة زوجية
**
هذه الشراكة تنتظرها مشاريع سينمائية أخرى في المستقبل؟
أيمن: إن شاء الله
ندى: نتمنى ذلك
**
قد يبدو للمشاهد أن الجانب السياسي كان مغيباً في العمل. هل
الأمر كان مقصوداً أم أردتما أن يكون الفيلم اجتماعي بالدرجة الأولى؟
أيمن: الفيلم اجتماعي بالدرجة الأولى، ويطرح قضايا البنات
الست. وأعتقد في كل البلدان لا يمكن أن تفصل الاجتماعي عن السياسي عن
الديني، خصوصا في البلدان التي نعيش فيها.
ندى: نحن الاثنين لسنا من العاصمة (القاهرة). وكان لدينا
حلم أن نصير يوما سينمائيين، وهذه مسألة لم تكن سهلة لأنه كانت هناك ضغوطات
أسرية وغيرها، لأنه عندما تقول إنك تريد أن تصبح ممثلا من خارج العاصمة،
فهي مسألة غريبة بعض الشيء في عيون الآخرين، وصعبة إلى حد ما. وهذا الأمر
الذي مسنا لدى بنات الفرقة المسرحية التي مثلت في الفيلم. وهذا، ما أردنا
أن نحكيه.
**
بالنسبة للجانب الديني في الفيلم. يلاحظ أنكما استحضرتما
ثقله في حياة الشابات. لكن من زاوية قبطية. لماذا هذا الاختيار؟
أيمن: الممثلات من الأقباط. والفيلم يحاول أن يظهر هذا
الطموح والبحث عن الذات لدى هذه الفئة العمرية عموما. فهي رغبة كل منهن في
أعمار مختلفة بصرف النظر عن الديانة، وفي الوقت نفسه يردن البقاء كجزء من
المجتمع الذي يؤثر عليهن، لأن أي اختيار مخالف يعني أنك ستبقى وحيدا. وهذه
الفكرة الرئيسية التي نحاول الحديث عنها ف الفيلم.
**
هل لم يحن الظرف بعد ليتوج عمل عربي بالسعفة الذهبية؟
أيمن: هناك فيلم جزائري..
**
لكنها السعفة "اليتيمة" وإنجاز عربي يعود لعقود...
ندى: يوسف شاهين حصل على سعفة ذهبية؟
**
كانت على مجموع أعماله وتكريما لما قدمه سينمائيا
أيمن: فعلاً الجوائز مهمة، لكن أعتقد أن الأهم أن تصنع
أفلاماً تعبر عن واقعنا، ويكون لها دور في التغيير نحو الأفضل في المستقبل.
فعلا، لدينا سينما كبيرة وقديمة معظمها أفلام تجارية، وهذا ليس بالأمر
المعيب. أعتقد أن الأهم أن يكون فيه دعم وصناعة سينمائية.
**
يعني لا تهم الجوائز؟
أيمن: المهم أننا ننجز أفلاما عن واقعنا. الجوائز تأتي أو
لا تأتي ليس هذه المشكلة. السينما العربية دائماً موجودة وهناك أصوات عربية
جديدة كثيرة وحاضرة في المحافل الدولية والحجم سيزيد في الفترة المقبلة.
ندى: هناك الكثير من المهرجانات السينمائية اليوم في العالم
العربي، كمهرجان البحر الأحمر، الدوحة، الجونة، القاهرة، مراكش...هناك
منصات سينمائية ومهرجانات تساعد في دعم السينما أيضا...
أيمن: كلما كان هناك دعم أكثر كلما تم إنجاز أفلام أكثر.
**
كلمة أخيرة لمحبي السينما العربية؟
أيمن: أتمنى أن يشاهد الجميع "رفعت عيني إلى السماء"، وأن
يلهم هذا العمل الشباب الذين يطمحون لإنجاز أفلام. ويبقى أن الشباب الحالي
تتوفر أمامه إمكانيات أكثر للتعلم والعمل بالشكل الذي يرغب فيه.
ندى: لدي نفس الأمنية، أتمنى أن يعرض الفيلم في جميع الدول
العربية. |