أثار النصّ الإيروتيكي القصير " لِيلا قالت هذا" . الذي نشرته قبل أسابيع
في موقع كيكا الكثير من التساؤلات والتعليقات، وعلى الأخص حول ما إذا كان
كتابة إبداعية أصيلة او حكاية من تأليفي. وقد ساهم الناشر صموئيل شمعون عن
حسن نية ومحبة بحصول مثل هذا الالتباس "اللذيذ" . كما ان كتابتي "المناورة"
ساهمت في خلق اعتقاد بين العديد من القرّاء كما لو أنها نصّ أصيل. وان
الاشارة الى فلم او أبطال واقعيين او ممثلين، ما هي إلا زيادة في الخداع
والتمويه "الأدبي" ليس إلا.
لقد وردتني رسائل وملاحظات من العراق وسوريا وأمريكا والأردن. بعضها من
أناس غير مهتمين بالأدب كثيراً، بعضها من أصدقاء يعرفوني بشكل جيد، بعضها
يلومني على هذا "الأسلوب" في الكتابة، بعضها اتهمني بنسيان محنة العراق
والانشغال بأمور أخرى. لكني آثرتُ ان تهدأ "الإثارة" كي أوضح بعض الأمور.
ان النصّ في نهايته يشير بوضوح الى صانع أفلام لبناني متميّز خلف هذا الفلم
هو زياد الدويري، صاحب الفلم الرائع "بيروت الغربية" . والذي عمل كفني في
التصوير والإضاءة وغيرها من الأعمال لسنوات في هوليوود صحبة المخرج/الكاتب
كوينتين تارانتينو في أفلام "كلاب المستودع" و"من الغسق الى الفجر"، وغيرها
من الأفلام صحبة المخرج روبرت رودريغز – وهو من أصل مكسيكي ايضاً. إلا ان
الإيروتيكا المركّزة يبدو أنها تشلّ العقل أحياناً او تعيق بعض الوظائف
المعرفية. أعتذر عن هذه الاختلالات "اللذيذة" والممتعة!
لقد شاهدت " لِيلا قالت هذا. " قبل أشهر عديدة على شبكة "الشو تايم"
التلفزيونية، وتأثرت به الى حدّ الصدمة على مختلف المستويات خصوصا ان
المخرج عربي، والأبطال معظمهم من العرب، وأغاني أليسا تصدح في الفلم .
والفلم يطرح التناقضات الشرقية/الغربية على المستوى الجنسي بشكل استفزازي .
والأحداث في ضاحية فرنسية حيث يعيش المهاجرون العرب والأفارقة والآسيويين
والفقراء او المهمّشين من الفرنسيين . لينتهي كل شيء نهاية غير متوقعة،
قاسية ومؤلمة، رومانسية بعض الشيء، لكنها انسانية جداً.
فوراً بدأت الكتابة عن الفلم . تذكرت كلمات وحوارات ليلا "القاتلة" . ثم
تذكرت المواقف . وأخيراً الشخصيات والأبطال. وعندما تشكّل النصّ بصورته
النهائية . فاجأني أولاً . أشعرني بالخجل! إذ لم يكن نقداً سينمائيا
بالطريقة المتعارف عليها، كما لم يكن قصة او حكاية . أعترف انها كتابة
انطباعية او انفعالية.
وعندما قررتُ أن أنشره في أواسط تموز . اشتعلت الحرب الاسرائيلية على لبنان
بسبب أسر حزب الله للجنديين الاسرائليين . وعرضته أولاً على الصديق ماهر
شرف الدين في لبنان، الذي أبلغني انه استمتع بالنصّ "الفرجي" الجميل . لكن
الأوضاع في لبنان كانت خطرة على ماهر، وعلى معظم أصدقائنا في لبنان وسوريا.
وبعد ان انتهت الحرب في لبنان . وبعد ان جئت الى عمّان . أرسلت المقال الى
كيكا . وقرأه العشرات و"استمتعوا" به .. ونسوا ان وراءه فلماً رائعاً يجدر
بهم أن يشاهدوه بأسرع قت . وربما كانت كتابتي مسؤولة الى حدّ ما عن هذا.
وللحق، فان كتابتي تشير الى إفلاس الناقد، إذ ليس لديه أحياناً ما يقوله
فعلاً حول فلم رائع . والى تفوّق المشاهد المنفتح الذهن، فكتبت ما كتبت
كمشاهد او مريدْ . وربما تجاهلت مسؤوليتي كـ "ناقد".
اليوم، أريد أن أعيد الاعتبار كلياً الى المخرج المبدع زياد الدويري، الى
فلمه الرائع " لِيلا قالت هذا"، الى أبطال الفلم الشباب من العرب
والفرنسيين الذين جسدوا الحكاية بشكل مذهل. لقد أثار الفلم الجدل وجذب
الانتباه في مهرجاني تورنتو وسَنْ دانس في أمريكا الشمالية قبل عامين، وفي
مهرجانات أخرى. وفي هذه المناسبة، أدعو كلّ من قرأ المقال وأعجبه – او حتى
كرهه – الى مشاهدة الفلم بأية طريقة. وسوف يُذهلْ!
*ناقد عراقي مقيم عمان:
leoman572001@yahoo.com
خاص كيكا
موقع "كيكا"
في 4 نوفمبر 2006