عصر نادي السينما
هذا أحد أحب كتبي إلى نفسي، فهو مكتوب من القلب
مباشرة، وهو يجمع بين مزيج من الذكريات والتحليل
والتأريخ، لتجربة من أهم التجارب الثقافية التي لعبت
دورا في تكوين وعي جيل كامل على الأقل من عشاق
السينما، تجربة نادي سينما القاهرة الذي تعلمنا فيه
كيف نشاهد الأفلام وكيف نقرأ عنها ونتذوقها، ثم كيف
نكتب عنها.
كان "نادي السينما" نافذة هامة نطل منها على روائع
السينما في العالم، وتحديدا على تلك "السينما الأخرى"،
سينما برجمان وأنطونيوني وفيلليني وجودار وريفيت
وبازوليني ورينيه وبونويل وروشا وكوزنتسيف ثم
تاركوفسكي، وبولانسكي وفورمان ومونتالدو وروزي وودي
ألين، وغيرهم.
هذا الكتاب بدأ كمجموعة من المقالات، ثم شجعني بعض
الأصدقاء على التوسع في تحليل التجربة وسرد أبعادها
المختلفة في كتاب أصوغ فيه أيضا ملامح تجربتي الخاصة
في النادي. وقد اقتضى الأمر العودة إلى مجلدات نشرة
نادي السينما التي أحتفظ بها في مكتبتي منذ بداية
تأسيس النادي. وقد أعدت رواية تلك الفترة من منظوري
الخاص كما كنت أستقبلها وأستوعبها وأفهمها في ذلك
الوقت، ويضم الكتاب الكثير حول المعارك الفكرية التي
دارت بين النقاد، ويسلط الأضواء على شخصياتهم
وأساليبهم الخاصة في الكتابة، وكيف كانت العلاقة بين
النادي والسلطة في فترة من أكثر الفترات قلقا واضطرابا
قبل وبعد حرب 1973، والعلاقة بين حركة النقد السينمائي
والسينما المصرية، ومن أهم نقاد نشرة النادي، وما حجم
مساهماتهم، وما هي طبيعة الصراعات التي دارت بينهم،
وكيف ظهر الجيل الجديد من النقاد، وما هي الأفلام
والمدارس السينمائية التي كان النادي يعرض نماذج منها،
وكيف كانت تدور المناقشات حولها، وما هي المشاكل التي
تعرض لها النادي خلال سنوات السبعينيات ثم فيما بعد
وأدت إلى توقفه وتصفيته وإغلاقه؟
وكما يلخص الكتاب فترة من حياتي الخاصة ونشاطي الشخصي،
يتوقف كذلك امام أحداث مفصلية في تاريخ مصر وما كان
يحدث فيها في ذلك العصر الذي سميته "عصر نادي
السينما".. فالكتاب بهذا المعنى لا ينفصل عما كان يقع
من متغيرات سياسية واجتماعية ألقت بظلالها بقوة على
الواقع الثقافي في تلك الفترة الانتقالية الصعبة
والثرية.
بعد كتابي "عصر السينما"، في الطريق الآن إلى مكتبات
الهيئة العامة للكتاب في مصر ثم إلى معارض الكتاب في
مصر والعالم العربي، كتاب "عصر نادي السينما" الذي
يكمل الصورة، مع مزيد من التفاصيل والأحداث والشخصيات-
والأهم بالطبع- الأفلام نفسها وما تعلمناه منها.
أمير
العمري
|