مكتبة سينماتك

 
 

               

 

 
 

جديد الكتاب

 
 
 

لبنى

بقلم:

هبة محمد علي

إصدار دار سما

القاهرة 2021

 

 

لبنى

هبة محمد علي

 
 
 
 
 

عن الكتاب

     
     
 

لبنى

بقلم: محمود عبدالشكور

 

اعتبرت دوما أن دخول لبنى عبد العزيز الى مجال السينما مرتبط بتغير حقيقي في صورة المرأة المصرية، وكانت لبنى بالتحديد النموذج الجديد المناسب لهذا التغيير، وخاصة أنها ولدت فنيا مع فيلمين شهيين مأخوذين عن قصتين لإحسان عبد القدوس هما "الوسادة الخالية"، و"أنا حرة"، كما كانت لبنى نفسها نموذجا للفتاة المصرية الجديدة، بثقافتها، وبعملها المبكر في الإذاعة، وبدراستها للدراما والتمثيل في جامعة كاليورنيا، بل إنها كانت تحمل درجة الماجستير عندما دخلت الى عالم السينما.

وليس هناك ما يؤكد هذه الصورة مثل هذا الكتاب الشيق الذي كتبته الصحفية النشيطة هبة محمد علي تحت عنوان :" لبنى .. قصة امرأة حرة"، وصدر عن دار مور، ومن توزيع دار سما.

إنه كتاب ذكريات تتحدث فيه لبنى عبد العزيز الى هبة عن كل تفاصيل الرحلة الفنية والشخصية، فنكتشف تقاطعا كبيرا بين المسيرتين، ويرسم الكتاب بورتريها لشخصية قوية وواعية ومثقفة، لا تحب أن تبيع عقلها لأحد كما تقول لبنى، وهي فعلا امرأة حرة في اختياراتها، ولكنها أيضا مسؤولة وواثقة من نفسها، ولذلك لم يكن إحسان مبالغا عندما قال لها عن فيلم "أنا حرة": "إنها قصتي وقصتك".

لبنى، ابنة جاردن سيتي، هي الكبرى لستة أشقاء أنجبهم والدها حامد عبد العزيز، الصحفي المعروف في الأهرام، والذي كان صديقا لعدد معتبر من أهل الفن والثقافة، وكانت هديته لها دائما بعض الكتب، والأهم من ذلك أنه عودها على أن تختار، وأن تتحمل مسؤولية اختيارها، وفي كل مرحلة من حياة لبنى عبد العزيز كانت هناك اختيارات حرة، سواء عندما صممت أن تدرس في الجامعة الأمريكية، أو عندما أصبحت مذيعة في البرنامج الأوربي وهي في سن صغيرة جدا، أو عندما سافرت الى أمريكا بمفردها لدراسة الدراما الروسية، او عندما عملت في السينما لمدة عشر سنوات، قدمت خلالها 18 فيلما، يضاف اليهم فيلم "جدو حبيبي"، الذي صورته مع محمود ياسين بعد استقرارها في مصر، وكانت، كما هو معروف، قد عاشت مع زوجها الطبيب اسماعيل برادة 30 عاما في الولايات المتحدة.

في كل مرحلة حكايات طريفة، وصعوبات كبيرة، ومع ذلك حققت لبنى النجاح، وعندما غادرت مصر عام 1967 كانت تتصور أنها ستغادر لشهور، ثم تعود لعملها، ولذلك وقعت عقدا لثلاثة أفلام منها فيلم "الخيط الرفيع"، الذي لعبت بطولته فاتن حمامة فيما بعد، وفيلم بعنوان "بنت العالمة"، الذي تغير اسمه بعد ذلك الى "خللي بالك من زوزو"، وقامت ببطولته سعاد حسني .

تبدو لي ذكريات لبنى كما سجلتها هبة عنوانا على جيل جديد من النساء، كانت الظروف الإجتماعية في الخمسينيات والسيتينيات تساعد على ظهور هذه النماذج وإنضاجها، لأن الطبقة الوسطى كانت في ذروة إزدهارها الثقافي والمعرفي، ورغم أن خال لبنى صفعها وهي صغيرة، لأنها عبرت عن رغبتها في أن تكون ممثلة، إلا أن والدها الصحفي ساندها، كما وافق على أن تسافر في منحة فولبرايت للدراسة، وما تحكيه لبنى في الكتاب عن علاقتها بكتاب ومثقفين مثل إحسان عبد القدوس وكامل الشناوي وكمال الملاخ وصلاح أبو سيف ويوسف السباعي، يرسم ملامح مناخ ساعد على تبلور شخصيتها، وعلى ترجمة هذا الميلاد لجيل لبنى، سواء في مجال التمثيل، أو في مجالات أخرى متعددة.

شخصيتها، رغم بعض الخجل، جعلتها ترد على عباس العقاد بمقال منشور، عندما قلل من شأن المرأة في أحد مقالاته، وموهبتها جعلتها تقدم ركن الأطفال في البرنامج الأوربي، وتمثل وتغني في وقت مبكر، وحتى عندما أصبحت مذيعة كانت تجري لقاءات مع أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأجرت حوارا خاصا مع محمد نجيب، وعلى خشبة مسرح الجامعة الأمريكية مثلت لتشيكوف، وكتبت في مجلة الجامعة، وفي فترة دراستها بأمريكا، كانت ترسل رسائل لنشرها في "الأهرام".

في مرحلة التمثيل، كانت لها قرارات حرة كثيرة، اشهرها بالطبع قرار زواجها من المنتج رمسيس نجيب، الذي اكتشفها رغم فارق السن الكبير بينهما، وقد أحبته وأحبها، وأفسدت غيرته حياتهما، كما تروي في الكتاب دعمها، وهي زوجة لرمسيس، لمواهب حقيقية مثل نادية لطفي وعبد الله غيث، بل إن موافقتها على بطولة فيلم "أدهم الشرقاوي"، كانت سببا في منح غيث فرصته الكبرى، وكان رمسيس رافضا لأن غيث وجه جديد لن يبيع في التوزيع، وموافقة لبنى بنجوميتها حققت التوازن المطلوب.

لم تمر حياتها مع ذلك بدون عثرات سواء خاصة أو فنية، فلم يكن سهلا على فتاة مدللة أن تعتمد على نفسها في الطبخ ومهام المنزل في سنواتها الأولى مع زوجها في ولاية مينيسوتا، ولم يكن سهلا أن تتحمل وفاة أمها، أو أحد أشقائها في حادث، ولم تكن أيضا فكرة الغربة الكاملة ممتعة، ولكنها تحملت واستمرت، وأنجبت بنتين تعيشان مع أولادهما في أمريكا، بينما عادت لبنى لتبقى في مصر، لاتتوقف عن تقديم برنامجها الشهير "العمة لولو" في البرنامج الأوربي، ولا تتوقف عن كتابة مقالها الأسبوعي في جريدة "الأهرام ويكلي".

يتضمن الكتاب موضوعات تتحدث عنها لبنى لأول مرة مثل علاقتها غير المريحة مع فاتن حمامة، وعلاقتها مع سعاد حسني، وكواليس أفلام لبنى الشهيرة، وصراعات عبد الحليم حافظ مع فريد الأطرش، وفيلمها الذي اشتركت فيه مع النجم الإيطالي فيتوريو جاسمان، ورأيها في المخرجين الذين عملت معهم، ومشروع فيلم لم يتم مع يوسف شاهين، كما أنها تتحدث عن علاقتها بالرئيس عبد الناصر، والرئيس السادات، والسيدة جيهان السادات، بالإضافة بالطبع الى رأيها في النجوم الذين عملت معهم، وكلها آراء تكشف عن شخصية ذكية وصريحة، كما تنفي طوال الوقت ما تردد عن تعاليها وغرورها.

أما صورها التي نشرتها هبة ففيها الكثير من اللقطات النادرة، وهي ليست فقط صور شخصية للأسرة والبنات والحفيدات، ولأمها أمينة، ولوالدها حامد، ولكنها أيضا صور لعصر بأكمله بكل نجومه، وهناك صور مؤثرة لأنها تترجم تغير الزمن، مثل صورها الحديثة مع حسن يوسف وعمر الشريف وسمير صبري، والأخير هو صديقها الأقرب، ولا جديد يمكن إضافته عن جدعنة هذا الفنان، ومواقفه العظيمة مع أصدقائه، وخصوصا مع لبنى عبد العزيز.

كتاب ممتع يقرأ في جلسة واحدة، حكت لبنى عن مشوارها، فكأنها حكت قصة السينما والحياة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ويالها من ذكريات حرة، عن امرأة حرة، لم تسلم عقلها لأحد، وكانت تتعلم وتتثقف وتعمل بدون كلل، وبدون حتى أن تنتظر مكافأة، فكأن عملها وتحققها الشخصي هو مكافأتها الحقيقية، وفي كل الظروف والأحوال.

 

 
     
  * نقلاً عن صفحة الناقد على الفيس بوك، بتاريخ 11.03.2021  
     
 

سينماتك في

11.03.2021

 
     
     
     
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004