في مفاجأة سارة وطبقا لتقليد عريق بالقاهرة بدأه الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله وسار عليه المبرمجين للقاهرة من بعده، سيعرض فيلمين للمخرج الروسي الكبير ألكسندر سوكوروف رئيس لجنة التحكيم الدولية لمهرجان القاهرة، السفينة الروسية 2002 والشمس 2005، ألكسندر سوكوروف مخرج معاصر روسي، لم يحب أساتذته في معهد VGIK الشهير أعماله ووصفوها بأنها "غريبة، رسمية، ومهذبة" ولكنها ليست "موهوبة" أو "واعدة".. كان تاركوفسكي وقد أصبح صديقًا له لاحقًا أول من لاحظ هدية سوكوروف وأخبره أنه سيحظى بمهنة رائعة شريطة أن يجد أسلوبه الخاص وأن يظل صادقًا معه، وبدعم من تاركوفسكي، وجد سوكوروف عملاً في لينفيلم - ثاني أكبر استوديو أفلام في روسيا. رؤساء الاستوديو رأوا فيه موقفًا مناهضًا للحكومة فحجبوا الفيلم. اعتبره النقاد مؤلفًا ناشئا برؤية خاصة. استمر في إنتاج أفلام شخصية للغاية وفنية حازت على إشادة عشاق الفن أولاً في روسيا ثم في جميع أنحاء العالم. غالبًا ما تكون أفلامه بلا حبكة مع التركيز على الجماليات والانطباعية، وتتميز بأسلوبها الفلسفي في التعامل مع التاريخ والطبيعة..

السفينة الروسية ـ 2002

فيلمه السفينة الروسية هو فيلم تجريبي يبلغ طوله 96 مليون دقيقة، يتكون الفيلم من لقطة واحدة غير منقطعة تدوم طوال الفيلم، حيث تنساب الكاميرا عبر هرميتاج، مستودع الفن والتاريخ الروسي في سانت بطرسبرج. المصور السينمائي تيلمان باتنر، باستخدام تقنية ستيديكام والتكنولوجيا الرقمية عالية الدقة، حرك المخرج حوالي 2000 ممثل في عمل محكم، هناك ابهار تقني مع المحافظة على الإيقاع المستمر في لقطة الفيلم الواحدة يصل الى ذروته مع مشهد الرقص، احترت في معنى ما يقصده، هل يحن إلى هذه الفترة، هل يسخر منهم، رجال ونساء متأنقات. الناقد الأمريكي روجر ايبرت كتب عن هذا المشهد أنه كان يفكر في فظائع ستالين أثناء المشاهدة، ولكنني كنت أفكر في جيش الخدم الذين ساعدوا رجال ونساء الأرستقراطية في عصر ما قبل الثورة البلشفية ليتباروا في أزيائهم ويتفننوا في رقصاتهم، جيش خدم يظهر منهم في المشهد من يعدون المائدة بأدوات طعام من الذهب الخالص والأطباق الصينية الفاخرة. نعم هناك تحية للموسيقيين الروس وللغة التي نطق بها الألماني دون سابق معرفة وهو يتجول في متحف مستعرضا 200 عام من التاريخ محمل بالعزة والفخار. السفينة الروسية أو فلك نوح كما يمكن أن يقرأ الفيلم يبدأ بعد شاشة مظلمة وعبارة "أفتح عيني ولا أرى شيئًا"، تفتح عين الكاميرا على الأرميتاج ونلتقي بالماركيز (سيرجي دريدن)، وهو نبيل فرنسي سيتجول في الفن والتاريخ كما نتبع له. الصوت الذي سمعناه، والذي ينتمي إلى سوكوروف الذي لم يسبق له مثيل، أصبح بمثابة إحباط للماركيز، الذي يواصل التعليق المستمر. ما نراه هو الاكتساح الكبير للتاريخ الروسي في السنوات التي سبقت الثورة، ولمحة عن الأوقات العصيبة التي تلت ذلك.

السفينة الروسية فكرة عبقرية فيها تجول أرستقراطي فرنسي من القرن التاسع عشر في متحف هيرميتاج والتقائه بشخصيات تاريخية من آخر 200 عام، يكسر الإيهام وكأنه الراوي يحادث المصور المخرج ويشهده على جوانب من التاريخ وهو وسط الحدث بديكوراته وشخصياته. الراوي يقول، هل يعقل أنهم لايرونني ، ويقول المتجول، ما هذه اللغة الروسية التي أتحدث بها ولم أتحدث بها قبلا ، يخاطب الراوي وقد يكون حامل الكاميرا ودليلنا لطريق الفيلم، "هذه بلدك ولكنني لست من هذا الزمن، هذا الرجل بطرس الكبير الذي حكم على ابنه بالموت ولكنه يعلم الناس الحياة، وقدم نظاما في غاية البساطة والبدائية ، أين يذهبون، يرد الراوي كانوا  يتعلمون كيفية الاستمتاع بالحياة لهذا يذهبون إلى الحفلات، انت لا تقترب من الممثلين، هم الآن على خشبة مسرح، بروفة كبيرة تحضرها كاترين العظيمة،  ومن هؤلاء الموسيقيون، إنهم أوربيون، كلا إنهم موسيقيون روس." هكذا اذن تفاخر قومي بالروس في قرنين ماضيين، وملخص اختاره الكاتب والمخرج وقوفا عند أحداث معينة، وتداخل لأزمنة بعضها سابق على المتجول وبعضها لاحق عليه، معاصر مع جنود بحرية وصبي معجب بلوحات العظام الراحلين. طريقة عبقرية لحكي التاريخ بلقطة واحدة عملاقة.

سيعرض المهرجان بالإضافة الى "السفينة الروسية" الشمس 2005 الجزء الثالث من رباعي القوة للمخرج ألكسندر سوكوروف.

الشمس ـ 2005

يركز الجزء الثالث في رباعي القوة لألكسندر سوكوروف، بعد مولوك (1999) وتوروس (2001)، على الإمبراطور الياباني هيروهيتو وهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية عندما واجهه أخيرًا الجنرال دوغلاس ماك آرثر الذي عرض عليه قبول هزيمة دبلوماسية لصالحه. نجاة. مخرج: ألكسندر سوكوروف الكتاب: يوري أرابوف، جيريمي نوبل النجوم: إيسي أوغاتا، روبرت داوسون، كاوري موموي.

رشح الشمس (2005) لجائزة الدب الذهبي في برلين ألكسندر سوكوروف بمهرجان برلين السينمائي الدولي 2005، فائز بجائزة أفضل 10 فيلم لأفضل فيلم ألكسندر سوكوروف من كراسات كتيبات السينما 2006 فاز ألكسندر سوكوروف بالجائزة الكبرى - أفضل فيلم من مهرجان جولدن ابريكوت يريفان السينمائي الدولي 2005. أما جوائز نيكا 2006 فاز يوري أرابوف بجائزة أفضل سيناريو، كما فاز الفيلم بجائزة النقابة الروسية لنقاد السينما 2005 في كل فروعه تقريبا.

سينماتك في ـ  29 نوفمبر 2020