تعتبر الدراما التلفزيونية السورية واحدة من التجارب الفنية الرائدة
عربياً، حيث استطاعت خلال فترة زمنية قصيرة، أن تحقق حضوراً عربياً، جعل
منها دراما مطلوبة لدى العائلات في كل أنحاء العالم العربي، وعرفت بأبطالها
في كل مكان قصدته.
وإذا كان البعض يرى في هذه النقلة، التي أنجزتها الدراما السورية مطلع
تسعينات القرن الماضي شكلاً من أشكال الارتجال، فإن حركة الارتجال هذه
أفرزت العديد من الأسماء المهمة في الوسط والفني العربي ، وأفرزت مواهب في
التمثيل والكتابة الدرامية والتصوير والإنتاج والإخراج.
وانطلاقاً مما تقدم، يمكن الدخول في تفاصيل هذا التطور اللافت في
الدراما السورية، وثمة العديد من الأسماء التي شكلت ظاهرة فنية لافتة في
العالم العربي، لا سيما وأن الموجة الجديدة في الدراما السورية، إذا جاز
لنا أن نقول ذلك أسوة بالموجة الجديدة في السينما الفرنسية، انطلقت في هذه
المهنة بناء على اجتهادات شخصية بالدرجة الأولى ، وهناك فنانون كثر أدركوا
سلفا حجم موهبتهم في التمثيل، فقرروا أن يخوضوا مجالاً فنياً جديداً هو
مجال الإخراج بهدف الوصول الى فضاءات، يتم فيها تكريس مواهبهم فيها..
ونجح أصحاب هذا التوجه مثل سيف الدين سبيعي وحاتم علي ومحمد شيخ نجيب،
وبطريقة مختلفة رامي حنا ووائل رمضان في إيصال وجهات نظرهم، وتبني مشاريع
فنية كبيرة، جعلت منهم أصحاب لمسات معبرة في الوسط الفني السوري والعربي،
ومثالا يحتذى، وربما لا نغالي إن قلنا أن على كاهل هؤلاء، انطلقت الدراما
التلفزيونية في مناخات جديدة، محققة انتصارات فنية جديدة .
ولا يمكن الحديث عن دراما سورية جديدة، صنعها المخرجون الشباب بمعزل
عن جيل المخرجين الذي سبقهم، وهذه نقطة تحسب لصالحهم لا ضدهم، فقد شكل
المخرجون الشباب، امتداداً دون انقطاع للجيل السابق من المخرجين الأساتذة،
ولاسيما هيثم حقي وهشام شربتجي، وتالياً المخرج حاتم علي، وبالتالي فإن
تجارب المخرجين الشباب الجدد، لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت نتيجة تشابكها
مع تجارب المخرجين الأساتذة.
وقلما شهدنا تجربة إخراجية شابة بعيداً عن الموضوعات المعاصرة،
ونستطيع القول إن بواكير تجارب المخرجين الشباب، تميزت عموماً بجرأة طرحها
والتصاقها بالناس، عبر ما حملته من أفكار عديدة منها ما تجاوزت خطوطاً
حمراء في الدراما التلفزيونية، بتناولها قضايا الفساد الاجتماعي والمادي
مثلاً، فحاربت المخرجة رشا شربتجي في مسلسلها الأول (قانون ولكن) الفساد
الإداري والأخلاقي و الثقافي من خلال شخصية مدير عام لمؤسسة حكومية كبرى
يتظاهر بالشرف والأخلاق، فهو يحترم القانون فقط لخوفه الشديد منه .
وأخرج الليث حجو مسلسل (بقعة ضوء) المعروف بجرأته، حيث قام المخرج
سامر برقاوي بالكشف عن سلوك وتجاوزات عائلة المسؤول العربي في مسلسله
(الوزير وسعادة حرمه)، بينما قدم كل من المخرجين المثنى صبح في (مشاريع
صغيرة)، والمخرج زهير قنوع في (وشاء الهوى)، وسيف سبيعي في (فسحة سماوية)،
و فراس دهني في (فجر آخر)، و رشا شربتجي في (أشواك ناعمة) قضايا الشباب
وهمومهم.
البيان الإماراتية في
23/02/2009 |