كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

يوسف شاهين يسعي إلي الإعجاب المطلق بلا شروط

الإسكندرية ــ نيويورك‏..‏ يصفق لنفسه فـي كـان‏!‏

‏ كان ـ محمد رضا

إسكندرية نيويورك

   
 
 
 
 

الحقيقة المرة هي أن لا أحد منا نحن السينمائيين العرب‏-‏ كل العرب‏-‏ ابتكر ما لم يسبقه إليه أحد‏.‏ وبل لا أحد من مخرجينا أضاف علي فن السينما ما لم يسبقه إليه أحد‏,‏ نعم يوسف شاهين‏,‏ صلاح أبو سيف‏,‏ توفيق صالح‏,‏ كمال الشيخ‏,‏ محمد ملص‏,‏ محمد خان‏,‏ إيليا سليمان‏,‏ خيري بشارة‏,‏ الناصر خمير وقلة أخري‏,‏ مخرجون مبدعون وجادون ومهتمون برقي السينما‏,‏ لكن ليس منهم‏,‏ وهذه هي المأساة‏,‏ من سار في درب لم يسبقه إليه أحد‏,‏ بل دائما ما نراه خطا في طريق سبقه إليه إما أندريه تاركوفسكي وإما ألفرد هيتشكوك وإما فيتوريو دي سيكا أو روبرتو روسيلليني‏,‏ لكن في عالم عربي يسعي من فيه إلي كسب الإعجاب المطلق بلا شروط وبلا استثناءات‏,‏ فإن معظم المذكورين لن يقبل أقل من كلمة رائد أو مبدع أو رائع‏,‏ ولن يقبل النقد أو أن يعامل علي أساس أن نقده محتمل‏,‏ الطامة الأخري هم النقاد الذين حفروا أخاديد مائية حول حصون بعض المخرجين‏,‏ استفادوا من بيعهم للمخرجين كلاما معسولا ونصبوا أنفسهم حراسا لهم‏,‏ بذلك أضروا هؤلاء المخرجين وفقدوا ثقة القاريء بهم‏.‏

ليس هناك من مثل أوضح من المثال الواقع مع كل فيلم جديد يطلقه يوسف شاهين‏,‏ بلا ريب‏,‏ يوسف شاهين رائد في إطار السينما العربية ومؤثر في العديد من أبناء الجيل الحالي في مصر‏,‏ وأكثر من ذلك حقق بعض أهم الأفلام التي خرجت عربيا‏,‏ لكن الحقيقة الأخري هي أنه منذ المصير وهو يعلو ويهبط في الفيلم الواحد أكثر من مرة‏,‏ ويعلو ويهبط بين الفيلم والآخر‏,‏ المؤسف للغاية هو أن فيلمه الجديد الإسكندرية‏-‏ نيويورك أسوأ ما حققه‏,‏ هو أيضا‏,‏ وللمفارقة المثيرة للغرابة‏,‏ أكثر أفلامه الحديثة كان بحاجة لأن يكون عملا كبيرا وناجحا‏,‏ ليس لأنه يتبع سلسلة قصيرة من أفلام تضع اسم الإسكندرية‏(‏ محل ولادة المخرج‏)‏ في العنوان‏(‏ الإسكندرية ليه؟ والإسكندرية كمان وكمان‏)‏ وليس فقط لأنه فيلم ذاتي‏,‏ بل أساسا لأنه قد يكون آخر ما يخرجه يوسف شاهين‏,‏ أمد الله في عمره‏,‏ وليس الفيلم الذي كان في حاجة لأن يكون كبيرا ورائعا وناجحا‏,‏ بل نحن الذين كنا بحاجة لأن يأتي فيلمه الجديد هذا كبيرا ورائعا وناجحا‏,‏ عندما لا يحدث ذلك فإن الناقد‏-‏ إذا ما كان جادا ومخلصا لعمله‏-‏ يواجه مسئولية موقفه‏,‏ وإذا لم يكن جادا ومخلصا فإن طرق الهرب سهلة‏:‏ مقال مادح يغمض العين عن العيوب الكبيرة لقاء قضاء مصلحة متبادلة‏,‏ أو الهجوم وصولا الي تلك المصلحة‏.‏

لكن فيلم يوسف شاهين الإسكندرية‏-‏ نيويورك عمل من الصعب الدفاع عنه‏,‏ إنه من تلك التي تهتز بمجرد نقرها‏,‏ فما البال بقراءتها وتحليلها؟

والبداية من العنوان‏:‏ ففي الإسكندرية‏-‏ نيويورك لا وجود للإسكندرية ولا وجود لنيويورك‏.‏ هناك ذكر لهما لكن المدينتين لا تلعبان دورا ولا تعكسان أي شخصية ولا تتركان أي أثر‏,‏ علي عكس الإسكندرية ليه؟ الأحداث هنا لا تقع في الإسكندرية ولا تعكس شيئا من ذكريات المخرج عن المدينة‏,‏ فقط ذكر في حوار لا يرقي الي مستوي العاطفة الصادقة‏.‏
قبل أكثر من‏50‏ سنة بقليل ترك يوسف شاهين الإسكندرية إلي نيويورك قاصدا معهد باسادينا في ولاية كاليفورنيا‏,‏ من نيويورك‏,‏ الواقعة في أقصي الشرق الأمريكي‏,‏ سافر مجددا إلي لوس أنجيليس الواقعة في أقصي الغرب الأمريكي حيث تقع الأحداث هناك‏,‏ ما علاقة نيويورك بالموضوع؟

إنه قصة المخرج يحيي‏(‏ محمود حميدة‏-‏ أفضل من في الفيلم والباقي عادي‏)‏ الذي يعود الي أمريكا في قصة متداخلة بين ثلاث حقب‏:‏ هناك حقبة تقع قبل‏50‏ سنة‏,‏ عندما كان يحيي شابا‏(‏ يلعبه أحمد يحيي‏)‏ وحقبة تقع قبل‏25‏ سنة‏,‏ عندما كان يحيي متوسط العمر‏(‏ حميدة بشعر أسود‏),‏ وحقبة آنية‏(‏ حميدة بشعر أبيض‏)‏ ويوسف شاهين يعمد إلي تركيب وتداخل الحقب الثلاث علي نحو متواصل ليوفر لنا قصته شابا يافعا وصل إلي باسادينا وانخرط في معهدها الفني وتعرف هناك علي فتاة أحبته وأحبها‏(‏ يسرا اللوزي‏)‏ وخلال فترة من الأحداث ارتفع نجم يحيي وعرف بأنه مجنون سينما وتمثيل وإخراج‏,‏ وقبل حصوله علي شهادة التخرج يعلن رغبته في قطع دراسته والعودة إلي مصر مثيرا أعصاب الجميع من حوله وكلهم وقع في حب موهبته وشخصيته‏,‏ لكن منحة أرسلت إلي مصري آخر اسمه يحيي تصله بالخطأ‏,‏ فيدفعها ويكمل دراسته ويحصل علي الدبلوم‏.‏

الحقبة الثانية عودته بعد‏25‏ سنة باحثا عن صديقته جنجر‏(‏ الآن يسرا‏)‏ التي كانت بعد غيبته لخمس وعشرين سنة لا تزال تتذكره وتحن إليه‏,‏ وحاولت التمثيل وأخفقت وتحولت إلي امرأة ليل‏.‏ يمارس معها ليلة حب ويعود‏.‏ تحبل بالشاب ألكسندر‏(‏ أحمد يحيي أيضا‏)‏ وتخفي عنه الحقيقة‏,‏ إلي أن تبدأ الحقبة الثالثة ويعود المخرج يحيي مجددا ليلتقي بجنجر‏(‏ يسرا أيضا‏)‏ ويتعرف للمرة الأولي علي ابنهما الذي ضايقه للغاية أن والده المزعوم هذا عربي إلي أن تجلس أمه معه وتحكي له الحكاية التي لخصناها هنا في عدة فلاشباكات‏.‏  

لحظة صريحة 

إذن هذه هي الحكاية‏.‏ كم هي صادقة؟ كم نسبة الخيال فيها؟ كم نسبة الحقيقة؟هناك لحظة صريحة نادرة في فيلم الإسكندرية ليه؟ عندما يصل يحيي‏(‏ وأداه حينها محسن محي الدين‏)‏ إلي لندن لإجراء فحوصات‏,‏ في أول ليلة له يشعر بالوحدة‏,‏ يتصل بالسائق الذي كان أعطاه بطاقته الخاصة ونظرة سريعة أكثر خصوصية‏,‏ هنا ليس سرا أن يوسف شاهين كشف جانبا من شخصيته الجنسية‏,‏ ولا تفرق كثيرا كم كان شجاعا‏,‏ بل تفرق أكثر كم كان مذواقا ورقيقا في عرض ذلك الجانب‏.‏

هنا‏,‏ وإذا ما صدقنا ما نراه‏,‏ فإن يحيي لم يكن سويا فقط‏,‏ بل محط إعجاب النساء‏,‏ جنجر وقعت في حبه كما وقع هو في حبها ولم يكن صعبا عليه أن يمارس الحب مع مدبرة بيت الطلبة التي زارته كل يوم قبل أن تطردها جنجر‏,‏ إذا صدقنا ما نراه‏,‏ فإن هذا جانبا جديدا لم نكن نعرفه والمشكلة هي أنه معروض علي نحو فيه نزعة نرجسية وخال من الرقة مع درجة عالية من الادعاء بحيث أنك لا تستطيع أن تصدق ما يدور‏,‏ تحس دائما أن العاطفة الخالصة مفقودة فيه‏.‏

ويحيي‏-‏ شاهين لم يكن فحلا في الحب فقط‏,‏ بل أيضا بالإنكليزية‏.‏ تقف المدرسة التي وقعت أيضا في حبه إنما في حب شخصيته وموهبته‏,‏ لتقول في اجتماع عاصف لمجلس إدارة المعهد‏:‏ يعرف إنكليزي أكثر مني ومنكم‏.‏

ويحيي‏-‏ شاهين لم يكن فحلا في الحب والإنكليزية فقط بل في الدراسة أيضا‏.‏ في نهاية فترة دراسته نال دبلوما لم ينله أحد‏,‏ والعبارة مكررة ثلاث مرات‏,‏ في تاريخ المعهد‏:‏ درجة تميز في كل الحقول للمرة الأولي في تاريخ المعهد‏.‏

المؤسف هنا هو إذا ما كان شاهين‏,‏ والفيلم يدعي إنه سيرة ذاتية‏,‏ فحلا في الدراسة إلي هذا الحد‏,‏ كيف حدث أنه صنع فيلما رديئا إلي هذا الحد؟ 

حقب عاطفية 

ما سبق وحده كفيل بشد الفيلم إلي الأسفل‏.‏ ما سيلي يشده الي القاع‏.‏ الفارق هو أن ما سبق وروده يتمحور حول رغبة سينمائي تخليد نفسه إذ يكتشف عدم رضاه‏,‏ كما يعترف في الفيلم‏,‏ بما حققه إلي الآن من شهرة‏,‏ الأمريكيون لم يعترفوا به إلي اليوم‏,‏ يقول‏,‏ وهذا الفيلم مصنوع لكي يصل إليهم لعلهم ينتبهون إليه ويمنحونه الاعتراف الذي يعتقد إنه يستحقه‏.‏

إنه أمر مختلف أن يعترف العالم بقدرتك وأمر مختلف جدا أن تسعي لانتزاع اعترافه‏,‏ وكيفية تطبيق مبدأ سأمنحهم فيلما فيه عن نفسي ما يشد الاهتمام بي ويجعلني محط تقديرهم هو الطريق إلي القاع‏.‏ ويبدأ بأن كل الشخصيات تتكلم بلا أدني مشكلة اللهجة المصرية‏,‏ باستثناء يحيي‏,‏ فإن كل الشخصيات الأخري أمريكية ــ أمريكية بالجغرافيا فقط‏,‏ لكنها تتحدث بالعربية‏,‏ هذا ربما‏-‏ وربما فقط‏-‏ مقبول ومعقول إذا ما كان الفيلم موجها إلي جمهور عربي‏,‏ لكنه من حيث المبدأ والجوهر والهدف‏,‏ موجه إلي جمهور غربي‏,‏ وإلي جمهور أمريكي حسب رغبة المخرج الوصول إلي هناك‏,‏ كيف إذن يرضي بأن يكون وصوله كرتونيا إلي هذا الحد؟

وإذ يدخل المخرج ويخرج من بين الحقبات متوزعا بين حالات مبنية علي العاطفة وحدها‏,‏ فإن خطابه السياسي معدوم القيمة ذلك لأنه خطاب نظري فقط وليس خطابا فعليا‏,‏ في مطلع الفيلم حوار حول موقف أمريكا من فلسطين وتشجيعها إسرائيل علي ما تقوم به وتردد المخرج في قبول دعوة الأمريكيين لعرض نخبة من أفلامه هناك‏,‏ حين يتغلب علي تردده من زاوية أنها فرصة لمخاطبة الأمريكيين يقدم مشهدا كاريكاتوريا لمؤتمر صحافي يشرح فيه موقفه السياسي ويرد فيه علي صحافي أراد السخرية منه وقلب السخرية عليه‏.‏

رائع‏,‏ كم استفدنا؟ وليرفع كل أمريكي غير رأيه بيوسف شاهين أو بفلسطين أو بأي شيء عربي يده‏,‏ ما لي لا أري أحدا؟

وكل شيء في الفيلم يسير لأن كاتبه ومخرجه أراده عنوانا لنفسه‏.‏ ليس ضروريا أنه يتنافي والتاريخ الشخصي والعام‏,‏ وليس ضروريا إنه لا يؤدي الي نتيجة فنية أو سياسية‏,‏ المهم هو أن يؤكد شاهين لنفسه وللمشاهدين أنه موجود ويستحق ما حققه من نجاح وشهرة‏.‏ شاهين يقولها في أكثر من مكان ويعيد مشاهد من باب الحديد ويركب مشاهد لاستلامه جائزة اليوبيل الفضي من مهرجان كان من باب هذا التأكيد‏.‏ ويستدرج‏,‏ ويا ليت كان في الحفلة التي حضرها نقاد أجانب‏,‏ المشاهدين للضحك والسخرية خصوصا عندما يهوي الموضوع بالمخرج فيصبح عاطفيا بحتا حول تمزق فتي بين حبه لأمريكا وحبه لمصر‏,‏ بين حبه لأمه وحبه لجنجر‏,‏ ثم بين حبه وحب زوجته‏(‏ نيللي‏)‏ لابنه ألكسندر‏.‏ وتنهمر الدموع كلما كان ذلك مناسبا‏,‏ هل كنت أشاهد فيلما ليوسف شاهين أم لحسن الإمام؟

من أخرج ماذا؟

لعله فيلم درامي‏.‏ بالتأكيد ليس كوميديا ولو أن الجمهور كان يجابه المحطات الهشة بالضحك‏.‏ لكنه ليس دراميا صافيا‏,‏ الأزمات مصطنعة والشخصيات ليست أعمق من لوح زجاجي سميك‏,‏ ثم أن هناك نزعة شاهين للرقص والغناء ولديه فرصة مثالية فأحمد يحيي راقص باليه‏,‏ دعه يرقص ويغني ويفرح شبابه علي الشاشة‏,‏ ودع المشاهد يتبرم متسائلا ما دخل هذه الأغاني والرقصات في القصة؟

السينما الميوزيكال لا تطبق عادة قوانين واقعية صارمة بين المشاهد‏,‏ لكنها في الأفلام الجيدة مربوطة جيدا إلي تلك المشاهد الدرامية الممثلة‏,‏ قد يتوقف الفيلم عن الحياة لخمس دقائق يرقص فيها أبطال الفيلم ويغنون‏,‏ لكن مشهد الأغنية والرقصة في الفيلم الجيد مربوط بما سبقه وبما سيليه‏.‏ عند شاهين هنا لا بأس إذا ما كان المشهد الراقص محشورا‏,‏ خذ مثلا مشهد خروج يحيي الشاب من أول زيارة له للأستديو‏,‏ يجد عند باب ستديو كولومبيا بائعة همبرغر علي عربة‏,‏ يرقص ويمثل لها مشهدا من كارمن وتنتقل الكاميرا من الرقص في الشارع إلي الرقص في الاستديو مع فرقة استعراض كاملة وعازفين وديكورات وفصل كامل من الحركات والغناء تبعا للمسرحية المعروفة‏,‏ ثم ننتقل مجددا إلي يحيي وقد انتهي من رقصه وغنائه وهو لا يزال أمام العربة علي قارعة الطريق‏,‏ لقد رقص للبائعة لكي يحصل علي همبرغر مجانا ولم تعطه‏.‏ ما علاقة ذلك كله بـ كارمن؟‏.‏ هل يستطيع يوسف شاهين أن يقول لي ما العلاقة؟

الفيلم في مقدمته يذكر أن المخرج المنفذ هو خالد يوسف‏,‏ وسأقولها مرة واحدة وأخيرة‏:‏ لا يوجد شيء اسمه مخرج منفذ‏.‏ إما أن هناك مخرجا‏,‏ وإما ليس هناك فيلم‏,‏ المخرج هو المنفذ الوحيد والفيلم إما أن يكون ليوسف شاهين أو لخالد يوسف‏,‏ وليس لخالد يوسف ويوسف شاهين معا‏,‏ علي هوان هذا الفيلم ليس لدي مانعا أن أصدق أن خالد يوسف هو المخرج‏,‏ لكن بصمات يوسف شاهين عليه في كل مكان بحيث يصعب اعتبار أن خالد مسئول عن هوانه‏.‏

في السابق‏,‏ حين نقدت بعض أعمال شاهين السابقة‏,‏ هوجمت علي ما قلته‏,‏ وحين أعجبني سكوت حنصور لم يكترث أحد لأن يجادل الرأي‏,‏ لكن المرء لا يكتب لكي يعجب أو لا يعحب‏.‏ فقط ليتمني أن يقرأ المخرجون المادة بعقولهم وليس بقلوبهم‏*

الأهرام العربي في

29.05.2004

 
 

ماجدة خير الله تسأل:

فيلم يوسف شاهين.. هل يغير «ملامح الموسم السينمائي»

إسكندرية ـ نيويورك.. عودة الأستاذ للعب مع الصغار  

رغم أن ملامح الموسم السينمائي الصيفي لم تكتمل بعد إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تؤكد أن رياح التغيير قادمة لا محالة!! وإني أري رؤوساً قد أينعت وحان قطافها.. فبعد خمس سنوات كاملة سيطرت فيها أفلام الهيافة والسطحية علي الساحة.. بدأت مرحلة السقوط المدوي تظهر في الموسم الماضي إلا أن البعض لم يستوعب الدرس وظن أن المسألة مجرد سوء حظ، أو تخطيط من جهات غير معلومة تتآمر علي نجاحه وأعتقد أن هذا العام، سوف يكون بالنسبة لبعض النجوم هو عام الحسم. الذي لن يكون بعده أي احتمالات للرأفة أو الرحمة!!

ومن أهم الملامح التي تؤكد أن سينما موسم 2004 تختلف عما سبقها، هو بداية عرض فيلم بحب السيما للمخرج أسامة فوزي.. هذا الفيلم الذي تعثر لأكثر من ثلاث سنوات قيل وقتها إن سبب تعثره يرجع لأسباب اقتصادية، ومشاكل خاصة بالشركة العربية منتجة الفيلم وقيل أيضا إنها أسباب رقابية حالت دون عرض الفيلم طوال السنوات الماضية وسواء كان هذا السبب أو ذاك فقد انتهي الموقف لصالح فيلم بحب السيما وبدأ عرضه جماهيرياً بعد موسم الامتحانات وهو أحد الأفلام الجادة التي قد تحدث تغييراً جوهرياً في علاقة الجمور بالسينما المصرية حتي لو لم يحقق طفرة اقتصادية ورواجاً كبيراً إلا أنه ربما يلفت النظرلأن هناك نوعيات مختلفة من الأفلام تستحق التأمل والمتابعة.

أما الملمح الثاني الذي سوف يدعم فكرة الخروج من عنق الزجاجة، فهو فيلم المخرج يوسف شاهين «إسكندرية ـ نيويورك» الذي سوف يعرض في نهاية الموسم «أغسطس ـ سبتمبر» وميزة الفيلم الأولي هي اسم مخرجه وتاريخه الطويل مع السينما «أكثر من خمسين عاماً». فعندما ينزل الساحة مخرج في حجم يوسف شاهين.. فيجب أن يقف الصغار ليتأملوا نتيجة ما صنعوه في السينما المصرية قد نكون في زمن لا يعترف فيه الاقزام بقيمة تجارب من سبقوهم ويتطاول العيال علي جيل الكبار، عن جهل وسوء تربية ولكن علي رأي المثل اللي مالوش كبير يشتري له كبير وقد يكون جيل المخرجين الكبار قد انهزم أمام طوفان المخرجين الصغار «في الموهبة والسن والحس الاجتماعي والوعي السياسي» ولكن الحقيقة المؤكدة أن جيل المخرجين الكبار لم يقاوم هذا التيار وانسحب فرادي وجماعات ولجأ إما للدراما التليفزيونية أو للمنزل!! ليجتر ذكريات الماضي الجميل ولم يبق علي الساحة إلا يوسف شاهين، هذا العجوز المشاغب الذي لم يستسلم يوماً لليأس أو للهزيمة ولا يزال قادراً علي صنع سينما مختلفة تطرح قضايا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع السياسي والاجتماعي ولا تخلو من عناصر جذب وفرصة لتحقيق حلم المخرج نفسه الذي استمر يلاحقه طوال الخمسين عاماً!! وسواء نجح يوسف شاهين في طرح أفكاره ورؤياه الخاصة علي جمهور السينما المصري والعربي أم ظلت تلك الأفكار سجينة عالمه الخاص فالواقع يؤكد أن يوسف شاهين لا يزال قادراً علي أثارة تيارات من الجدل من خلال أفلامه في «إسكندرية ـ نيويورك» يتجسد حلم يوسف شاهين في تقديم الفيلم الاستعراضي الغنائي.. ولكن بمنطق الألفية الثالثة دون أن يبعد بحلمه عن حقيقة ما يدور علي الساحة العالمية من أحداث علاقتنا بالقوة الأعظم وانهيار الحلم الأمريكي.

أما الحلم الأكبر ليوسف شاهين فهو العثور علي ممثل شاب يجسد حياته إنه حلم تخليد الذات الذي بدأه في إسكندرية ليه!! مع الممثل المعتزل «محسن محي الدين» الذي أدي دور يوسف شاهين في مرحلة الشباب في أكثر من فيلم ثم قرر التمرد علي صانعه والانزواء التام، والبعد عن الأضواء!! مما أحدث شرخاً في نفس يوسف شاهين.. جعله يلف حول نفسه ويكاد يفقد توازنه!! وأعلن عن أزمته في فيلم إسكندرية كمان وكمان واضطر للاستعانة بالممثل الشاب عمرو عبدالجليل، آملاً أن يكون بديلاً لمحسن محي الدين.. ولكن عمرو لم يكن يملك الموهبة التي يملكها محسن فانتهي سريعاً من حياة الأستاذ.. الذي سعي جاهداً للبحث عن بديل يحقق من خلاله حلم حياته في تخليد ذاته علي الشاشة فكان أن عثر علي خالد النبوي ثم هاني سلامة وأخيراً راقص الباليه أحمد يحيي الذي لعب دور يوسف شاهين في أحدث أفلامه «إسكندرية ـ نيويورك» تلك الحالة، يعرفها كثير من المبدعين وهي البحث عمن يحقق الحلم الضائع، ويكون بمثابة الذات بالنسبة للمبدع!! في عالم الموسيقي كان عبدالحليم حافظ هو طوق النجاة لكل من محمد الموجي، بليغ حمدي، كمال الطويل.. كل منهم كان يحلم أن يكون مطرباً.. ولكن بعد عدة تجارب فاشلة.. ظهر صوت عبدالحليم.. ليجسد أحلام الثلاثة في أن تحقق موسيقاهم الانتشار والخلود!! ورغم أن يوسف شاهين نجح في أول أدواره السينمائية في فيلم «باب الحديد» إلا أنه أدرك قبل غيره، أنه دور استثنائي في فيلم استثنائي. وأن موهبته كممثل لن تسعفه في تحقيق الحلم الذي يداعبه ويلح عليه وهو أن يقدم ملامح حياته في أفلام سينمائية ومع فيلم «إسكندرية ـ نيويورك» يكاد يوسف شاهين يصل إلي نهاية المرحلة.. ويتحدث عن سنوات صباه وحلمه في دراسة السينما في أمريكا وعلاقته بالمجتمع الأمريكي قبل وبعد أحداث سبتمبر إلي أن حقق قدراً كبيراً من النجاح جعل المجتمع العالمي يلتفت إلي أهميته كمخرج سينمائي من العالم العربي.

في «إسكندرية ـ نيويورك» يجمع يوسف شاهين بين عدة أجيال سينمائية محمود حميده ويسرا ولبلبة مع جيل من الممثلين الشبان أحمد يحيي، نيللي كريم، يسرا اللوزي وأحداث الفيلم تشهد توازنا منطقيا بين النجوم الكبار والشباب أما مركز الثقل في الأحداث فهو الوجه الجديد «أحمد يحيي» الذي أدي مرحلة الصبا للمخرج الكبير وسنوات دراسته في أمريكا بالإضافة إلي دور الابن الأمريكي «إسكندر» الذي يكتشف المخرج وجوده في آخر رحلاته لأمريكا.. وكأنه اكتشاف جديد للمجتمع الأمريكي ذاته القائم علي العنصرية ورفض الآخر!! قد يحدث عرض فيلم «إسكندرية ـ نيويورك» حالة من الجدل بين النقاد وجمهور السينما.. ولكنه جدل تصنعه الأعمال الجادة التي لا تمر علي الحياة مرور الكرام!!

جريدة القاهرة في

15.05.2004

 
 

هاملت فيلمه المقبل

يوسف شاهين لا يرضى عن أحلامه بديلاً

القاهرة ـ ناهد صلاح

حين عاد يوسف شاهين من «كان» همس لمريديه وللمقربين منه ان صباح احلامه ينادي خطاه لكي تستمر على الدرب وتبدأ يوما جديدا، فـ «شهوة» الحلم عند شاهين لاتخفت ابدا، بل تشتعل مع كل نجاح وتستفزه ليصنع نجاحا اكبر.هو لايفتش عن اغنيات الراحة والاستسهال ولايفهمها، ويفضل دائما السير في الممرات الشائكة وأانه يقلع الصخر وانياب الظلام كما لو كان يعد نفسه بأن افضل الاحلام هي التي لم تزل تسكنه، لذا فهو يعاند حتى لايقول يوما للذين تشبثوا به «اني خذلتكم».

شاهين عاد الى القاهرة بعد ان عرض فيلمه الجديد «اسكندرية ـ نيويورك» على هامش المهرجان الفرنسي الشهير دون ان ينكر سعادته بمشاركته في هذه الدورة بالذات التي وجهت لطمة قوية للسياسة الاميركية بعرضها العديد من الافلام التي تناهض هذه السياسة الاستعمارية الظالمة، ومنحها جائزتها الذهبية لفيلم مايكل مور«فهرنهايت 9/11».

ويوسف شاهين تربطه بـ «كان» صداقة قوية بدات منذ زمن بعيد حينما حمل فيلمه «ابن النيل» بطولة الراحل شكري سرحان وفاتن حمامة الى «كان» الذي كان في بدايته وكذلك كان شاهين واستطاع ان يلفت الانتباه اليه وبعدها صار اكثر مخرج عربي عرضت له افلام بهذا المهرجان سواء كانت في مسابقته الرسمية او في برامجه الاخرى، ومن افلامه التي شاركت في «كان» : صراع في الوادي، وداعا بونابرت، اليوم السادس، حدوتة مصرية، اسكندرية كمان وكمان، القاهرة منورة بأهلها.

والمصير الذي عرض في الدورة الخمسين بالعام 1997، تلك الدورة التي احتفت بشاهين ومنحته جائزة تكريم خاصة عن مجمل اعماله تقديرا لمشواره الفني، حينذاك تطلعت اليه الأعين العربية بشغف عندما صعد السلالم الحمراء المؤديةالى قاعة لوميير حيث تم عرض فيلمه «المصير»، وعندما فاز بالجائزة كانت الجماهير العربية اكثر سعادة منه وهي الجماهير التي استقبلته في مطار القاهرة في احتفالية شعبية رائعة فور عودته من فرنسا يحمل جائزته ويشير بعلامة النصر.

ثم يمسح دموعه ويتلفت حوله في خجل مثل طفل صغير منحنيا بتواضع للجميع، شاهين يقول عن تلك اللحظة الراسخة في وجدانه «ساعتها لم اسمع ضجيج التصفيق وانما امتلأت اذناي باصوات قديمة لاحباء من زمن بعيد وتذكرت عبدالناصر عندما قال «الراجل اللي عمل فيلم الارض لازم يكون وطني جدا».

موهبة فردية

يوسف شاهين « 78 عاما، منها اكثر من نصف قرن للسينما هي التي صنعت هذا الاسم الكبير في عالم السينما المعاصرة مصريا وعربيا وعالميا، وكان حصادها اكثر من30 فيلما روائيا وتسجيليا ورصيدا ضخما من النجاح على المستوى العالمي، ورحلة يوسف شاهين بدأت عام 1950 حينما عاد من اميركا شابا ممتلئا بحب السينما حيث كان يدرس السينما هناك، وبدا حياته في سن الرابعة والعشرين بافلام » بابا امين وابن النيل والمهرج الكبير سيدة القطار ونساء بلا رجال.

ورغم ان هذه الاعمال بدت مختلفة في لغتها السينمائية عن السائد حينذاك الا ان شاهين كان يراها تقليدية، وبعد اربع سنوات وتحديدا في العام 1954 حاول ان يخرج عن هذا الاطار فقدم «صراع في الوادي» بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف، وظل شاهين يفتش عن احلامه ويصنع افلاما لم يقتنع بها كثيرا حتى قدم فيلما صار من رموز السينما العربية .

وهو «باب الحديد» الذي قام شاهين بالتمثيل فيه، كما بدا وعيه السياسي يتبلور اكثر في «جميلة بوحريد» و « الناصر صلاح الدين»الذي قدمه في العام 1963 واعلنه مخرجا متميزا، وعقب نكسة 1967 مثله مثل الجميع اهتز كيان يوسف شاهين وقرر العودة الى مصر بعد ان كان قد اقام في لبنان، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته الفنية بفيلم «الارض» الذي يمثل نقطة التحول في سينما شاهين.

كما يقول النقاد، وقام بتدشين المرحلة الجديدة عام 1971 بافلام «الاختيار والعصفور وعودة الابن الضال» والافلام الثلاثة كانت بحثا سينمائيا في تقصي اسباب الهزيمة والاحلام المجهضة، بعد ذلك بدات مرحلة الافلام الذاتية الني بدت وكأن شاهين يصفي حساباته مع نفسه فقدم ثلاثيته الشهيرة «اسكندرية ليه وحدوتة مصرية واسكندرية كمان وكمان»، وتوالت افلامه حتى وصلت الى «المهاجر والمصير والاخر» حيث حاول تقديم رسالة تسامح في ذات الوقت يفضح ويدين التعصب والتطرف.

والمثير ان شاهين عندما يأخذه الحنين الى بداياته الاولي يتذكر عبد الناصر ولما يسئل عن السر يقول بلا تردد: لان عبد الناصر كان يحب السينما، هو كان ممثلا وهو صغير يمارس التصوير، عبد الناصر كان يحترم السينما جدا ولذلك برزت افلام مثل «رد قلبي» و«الناصر صلاح الدين»، وقد منحني اول نيشان في حياتي وكان عمري 34 سنة، ناصر اعطاني الامل، ولو كان على قيد الحياة لكان تفكيري مثل الان، لان الانسان يتطور، هو نفسه بدأ صغيرا وتعلم تدريجيا السياسة والاقتصاد وكان امينا من داخله ويحب البلد، كان هو الوطني الحقيقي مليون في المئة.

يوسف شاهين لايجرفه الحنين الى الماضي جزافا ولكنه يدرك جيدا مايفعله ويمتلك نظرته الاستشرافية الخاصة بالمستقبل، فهو ينتمي الى ظاهرة المواهب الفردية النادرة في حياتنا مثل ام كلثوم ونجيب محفوظ وعبد الحليم حافظ، فبالاضافة الى مجهوداته في اطار الفريق والمؤسسة القائمة يبرز مجهوده الفردي متجاوزا حالة السينما.

ومحققا نتائج ترتبط بشكل اساسي بفكره وموهبته وتحركاته الفردية الخاصة، وقد هوجم على كل المستويات كانسان وكمخرج وكمنتج وكاتب سيناريو وصاحب مدرسة خاصة في الفن السينمائي، ولم يكن يوسف شاهين ليهاجم لو لم يكن له انجازه المفارق والمتجاوز والمشتبك والناقد للقضايا الساخنة في قلب المجتمع المصري.

وهنا يتفق معنا الناقد والاعلامي اللبناني «وليد شميط» فيقول في كتابه «يوسف شاهين.. حياة للسينما» مصر عند يوسف شاهين هي القضية، هي المبتدأ والخبر، هي المحور والجوهر والاساس. مصر الام والارض والنيل والشباب. مصر بهية وعلي ويحيى. مصر الكريمة الخيرة والصابرة. مصر الطيبة والمقهورة والرافضة.

وناس مصر هي تلك الجماهير التي تخرج الى الشارع في «عودة الابن الضال» وتصرخ: «الشارع لنا»، وتلك التي تحتل الشارع وتردد مع بهية «العصفور»: ««حانحارب.. حانحارب»، رافضة الهزيمة، وهم اولئك العمال والمهندسون الذين بنوا السد العالى في «الناس والنيل».

وانسان مصر هو ابو سويلم الفلاح الطيب في«الارض» الذي يتمسك بارضه ويقاوم الباشا الاقطاعي باظافره، وهو احمد المهندس الزراعي بطل «صراع في الوادي»، ورجب البحار الاسكندراني في «صراع في المينا»،وهو قناوي المحروم والمكبوت في «باب الحديد»، ويوسف الصحافي الذي يحاول ان يفضح السلطة الفاسدة في «العصفور»،وبهية الرائعة التي جعلت من مصر ام الدنيا في العصفور»، وعلى الذي يعود مهزوما بعد سنوات النضال في «عودة الابن الضال.

وعلى ايضا الذي يواجه في «الوداع بونابرت» محاولة القمع الداخلي والهيمنة الخارجية ويصرخ في وجه جنود الاحتلال : «مصر حاتبقي غالية علينا» «وادم الذي يعي ويقاوم، وحنان الصحفية الشجاعة في «الاخر»، وانسان مصر هو ذلك الصبي الذي يعبر كل افلام شاهين وكأنه طيف براءة او امل المستقبل او نقيض بشاعة الواقع. مصر هذه يحبها شاهين، فهو منها يفرح لانتصاراتها وانجازاتها ويتفاعل مع حركتها وطموحاتها واتجاهاتها المتقدمة ويتألم لآلام انسانها وعذاباته ومعاناته ويدافع عن ناسها ويتضامن معهم ويفضح مستغليهم وجلاديهم.

هاملت حلمه القديم

في فيلمه الجديد«اسكندرية ـ نيويورك»يراجع شاهين علاقته الشخصية بأميركا التي تعلم فيها واحبها وعاش فيها اجمل قصة حب، انه يعالج قضية الصدام بين حبه لاميركا وغضبه مما يعتبره تأييد ثابت لاسرائيل على حساب العرب، ويقول شاهين: اشعر بغضب شديد ليس من الشعب الاميركي بل من النظام الاميركي، اردت في فيلمي ان اعبر عن هذا التمزق داخلي، فانا من ناحية معجب باميركا وعشت الحلم الاميركي، ومن ناحية اخري يكفي ان اشاهد التليفزيون لكي اري المذابح في فلسطين والعراق.

وتدور احداث الفيلم حول مخرج سينمائي مصري شهير يسافر نيويورك في اطار احتفالية خاصة به وهناك يسترجع ذكرياته خاصة بعد ان يكتشف ان له ابن شاب من علاقة حب عاشها اثناء دراسته ولم يعرف بوجوده لانه اضطر للرجوع الى مصر ففضلت امه الا تخبره، لكن الابن يرفض فكرة رجوع الاب العائد من عالم اكثر تخلفا في نظره، فيجد الاب نفسه في معركة يحاول فيها كسب ابنه وتحويله من الرفض الى محاولة الفهم من خلال مشاهدته لاعمال ابيه، كل ذلك على خلفية من السياسة الاميركية الاستفزازية والعدائية للعرب.

وبالرغم من ان شاهين مازال مشحونا بهذا الفيلم الا انه بدأ يستجيب لحلمه القديم في تقديم فيلم عن «هاملت» ذلك الامير الدانماركي المتمرد.. المعذب.. الباحث عن ذاته وسط صراعات العائلة من اجل السلطة. شاهين اشار الى ان هاملت هو فيلمه القادم والمقربون منه اكدو انه ينوي ذلك فعلا.

يوسف شاهين ليس الناصر صلاح الدين فقط اوصراع في الوادي اوالارض اوالعصفور اوعودة الابن الضال اوحدوتة مصرية اوالمصير اوالاخر،ولكنه فيلسوف ومؤرخ معاصر يحاول ان يقرأ مستقبل مصر ويضع يده على اسباب مشاكلها ومفاتيح الخروج من ازماتها ولايعيبه ان ذلك يتم من منظور ذاتي يذوب فيه الخاص والعام وتتلاشي الحدود الفاصلة بين مصير الانسان الفرد ومصير المجتمع ككل.

البيان الإماراتية في

17.06.2004

 
 

بطل إسكندرية نيويورك لا يخشى لعنة جو

القاهرة- إيمان إبراهيم

لم يكن الشاب أحمد يحيى يتخيل أن العالم أوسع من خشبة مسرح الأوبرا التي يقف عليها كل ليلة كراقص باليه ليقدم باليه ''زوربا'' الشهير، لكن لقاءً خاطفا مع المخرج الكبير يوسف شاهين غير نظرته للعالم، فقد استدعاه ''جو'' إلى مكتبه، وتحدث معه طويلا قبل أن يمسك سهم كيوبيد ويوجهه نحو قلبه فيشطره إلى نصفين: نصف للباليه عشقه القديم، ونصف للتمثيل الذي استولى على أحلامه في المستقبل· أحمد يحيى فنان مثقف يدرك حدود لعبة الفن الكبرى، ويدرك العلاقة بين التمثيل والرقص، والأهم أنه يدرك أن لديه الكثير الذي يستطيع أن يقدمه نافيا ما يردده البعض عن ''لعنة جو'' التي تحرق الممثلين الشباب الذين يبدأون أبطالا في أفلامه، كما حدث مع سيف عبد الرحمن، ومحسن محيي الدين، وعمرو عبد الجليل، وأخيرا أحمد وفيق· 

·         كيف تم اختيارك لفيلم يوسف شاهين الجديد ''اسكندرية نيويورك''؟

بعد أن شاهدني يوسف شاهين في باليه ''زوربا '' طلب أن يجلس معي في مكتبه وكنت مشغولا بالعروض فطلبت منه أن انتهي من عروضي وأنا تحت أمره، وفور أن انتهيت ذهبت لمكتبه وجلسنا لمدة ساعة ونصف·

·         هكذا عرض عليك الدور؟

طوال الجلسة لم يتكلم عن الفيلم ولا الدور·

·         إذن فيم كان الحوار؟

كان معجبا بباليه ''زوربا'' وسألني عن مخرج العرض وكانت المناقشة كلها عن الباليه وكيف تعلمت وعلى يد من تعلمت وكيف يصل مصري لهذا المستوى في فن الباليه· بعدها طلبني مرة أخرى وتحدثنا أيضا عن الباليه وبعد ستة شهور جاءني الأوبرا وشاهدني في العديد من العروض، ثم عرض عليّ بطولة الفيلم رغم أن السيناريو لم تكن فكرته متبلورة في ذهنه وبعد أن انتهى من السيناريو طلب مني أن أتعلم الإنجليزية بشكل جيد وقبل أن أنتهي من التدريب عليها صرف ''جو'' النظر عن أن يكون الدور بالإنجليزية·

·         ماذا كان شعورك وأنت تتعامل مع يوسف شاهين؟

أعتقد أنه حقق لي حلما كبيرا لم أتخيل أصلا أن أحلم به رغم أن التمثيل لم يكن حلم من أحلامي إلا أن فرصة العمل مع يوسف شاهين يتمناها أي فنان فكنت سعيد جدا بها· بإختصار بطولة مع يوسف شاهين ستدخلني التاريخ من أوسع أبوابه لأن جملة في فيلم من أفلامه تعتبر فرصة ذهبيه ينتظرها أي فنان لأنه من أبرز مخرجي السينما المصرية·

لعنة شاهين

·         ألا ينتابك الخوف أن تصيبك اللعنة التي تصيب الذين يظهرون في أفلامه ولا نراهم بعد ذلك؟

لا توجد لعنات لمن يعمل مع شاهين واكتشفت ذلك بنفسي·

·         كيف؟

كنت أسأل نفسي قبل العمل مع شاهين أين النجوم الذين يظهرون في أفلامه ثم يختفون بعد ذلك؟ وبعد العمل معه اكتشفت أن شاهين لا ذنب له فيما يحدث، كما أن ليس كل من عمل معه لم يتواجد على الساحه بعدها، فهناك نجوم خرجوا من تحت عباءة شاهين مثل هاني سلامة وخالد النبوي ومن قبلهم الراحل شكري سرحان ومحمود المليجي وعمر الشريف كانوا وسيظلون من أبرز نجوم السينما حتى الآن، أما محسن محيي الدين الذي اعتزل بقرار شخصي لأسباب تخصه، فلم تصبه اللعنه ولا دخل للأستاذ في اعتزاله، كذلك بقية الأسماء الأخرى التي اختفت ليس لشاهين علاقة بذلك، خاصة وإنه دائما ما يكتشف الوجوه الجديدة ويقدمها بشكل جيد واستمرار هذه الوجوه من عدمه يرجع للممثل نفسه والمسألة في النهاية نصيب وعن نفسي لو استكملت المشوار أو لم استكمله يكفيني شرفا إنني عملت مع يوسف شاهين في فيلم ذو قيمة مثل ''إسكندرية نيويورك'' لأنه فيلم مهم سيخلد في تاريخ السينما المصرية·

·         هل عانيت من عصبية شاهين المعروفة؟

بالعكس هو شخصية دمها خفيف جدا ولا تظهر العصبية إلا إذا شعر باستهانة فريق الفيلم في العمل·

·         ماذا تعلمت من شاهين؟

تعلمت السينما والتكنيك والتمثيل·

·         هل تفكر في دراسة التمثيل؟

في رأيي التمثيل موهبة فقط·

·         هل ستترك الرقص وتتفرغ للتمثيل بعد هذه التجربة؟

لن أترك الرقص ومشكلتي في الفترة القادمة التوفيق بينهما لأنني أعشق الباليه، وعشقت التمثيل أيضا بعد تجربتي مع يوسف شاهين·

·         شخصية يوسف شاهين صعبة على أي ممثل·· ألم تخش التصدي لها؟

طبعا شخصية صعبة لكني بعد أن جلست معه واستمعت لوجهة نظره في الحياة وفى السياسة بدأت في بلورة شخصيته·

·         وكيف قدمتها في الفيلم؟

لم أقلده في حركاته ونظراته ولزماته كما يعتقد البعض، ولكنني أخذت عقليته وتعاملت معها كممثل.

·         ألم تخش المقارنة بالممثلين الذين قاموا بتجسيد شخصية يوسف شاهين من قبل؟

لم أفكر في ذلك لكي لا أضع أمامي عقبات، فقط كنت أحاول أركز فيما بين يدي·

مفاتيح

·         وكيف وجدت مفاتيح الشخصية؟

عندما قرأت السيناريو جيدا عرفت كيف سأتعامل مع الشخصية، لأني تربيت في بيت فنان يعشق الفن وله ذوق عالي وقدرة على النقد وهذا جعلني قادرا على الإستيعاب فركزت على الدور مع القراءة وبدأت أتخيل الشخصيتين اللتين قدمتهما في الفيلم وهما ''يحيى'' و''اسكندر'' أي الأب والابن معا، وأدركت الفرق بينهما منذ البداية حتى لا تختلط الأمور عندي وعند المشاهد·

·         كيف فعلت ذلك؟

وضعت مع المخرج سمات محددة لكل شخصية، فمثلا ''يحيى'' الذي يدرس في أميركا ويتطلع للعالمية هو شاب خجول ورومانسي، وهذا ينعكس على تعامله مع الفتاة الأمريكية التي يقع في حبها، وأتصور أنني نجحت في تجسيد يحيى لأنه شخصية قريبة مني إلى حد ما، لذلك لم يرهقني هدوءه ورومانسية وتمرده، فكلها عوامل مشتركة بيني وبين يحيى وجعلتني أشعر فور قراءتي للسيناريو كأنه قد فُصل على قياسي وعبارات كثيرة كانت تخرج مني فأشعر بأنني نطقت بها من قبل، ليس أمام الكاميرا ولكن في مواقف متشابهة حدثت في حياتي، ولهذا كانت هناك حالة من التوحد التي أفادت الدور· أما ''اسكندر'' فشخصيتة عكس ''يحيى'' تماما، فهو جاحد وطباعه مختلفة ورافض لوالده العربي وأنا كممثل حاولت الفصل بين الشخصيتين بالأداء وطبعا بالمكياج الخارجي كي لا تتشابه الشخصيات وانتظر حكم الجمهور والنقاد·

·         ما الملاحظات التي وجهها لك شاهين؟

كان يقول لي في بعض المشاهد: أنا مش مصدقك في هذا المشهد، ويطلب إعادته، وأظل أعيد حتى اكتشف بالفعل أن المشهد أفضل من الأول، هذه هي الملحوظة الوحيدة·

·         وأصعب مشهد قدمته؟

مشهد ''هاملت'' لأنه كان باللغة العربية الفصحى، وكان مليئا بالبكاء ومشحونا بالانفعالات، وصورته اكثر من مرة·

·         إذا كان توحدك مع يحيى أفادك، فكيف تعاملت مع كراهيتك لاسكندر؟

تعاملت مع الشخصيتين كممثل يجسد دورين مختلفين: الأول يحيى الذي يدرس السينما في أميركا متصورا أنها أرض الحرية المفقودة في بلاده، لكنه يشعر بالصدمة لأنه لم يجد تلك الحرية هناك، وخلال فترة دراسته يتعرف على بنت أميركية وتنشأ بينهما قصة حب وبعد التخرج يعود إلى مصر، ويستكمل دوري بعد ذلك الفنان محمود حميدة، ثم أظهر على الشاشة من جديد في شخصية ''اسكندر'' الذي أنجبه ''يحيى'' من صديقته الأميركية·

·         هل هذا الجزء خيالي، أم امتداد للسيرة الذاتية ليوسف شاهين؟

في رأيي أن الفيلم لا يقدم سيرة ذاتية ليوسف شاهين، لكنه يحاول التعبير بشكل درامي ورمزي عن علاقته بأميركا، فهو يحاول طوال الوقت أن يجد ابنه من الفتاة الأميركية للتعبير عن رغبته في التواصل مع أحلامه القديمة عن أميركا، وشعرت أن شاهين يريد أن يوضح لنا كيف دفعت أميركا الأوضاع في العالم إلى مثل هذه الحالة التي أدت لاحداث 11 سبتمبر·

·         هل كان الدور بحاجة إلى راقص باليه، أم يكفي ممثل محترف؟

اختارني شاهين لوجود رقصات مهمة جدا في الدراما يؤديها البطل، فمن خلال الأحداث مثلا يشاهد يحيى باليه ''كارمن'' فيتخيل أنه يقوم برقصها وتنفيذها في بلاده، لذلك قدمت هذا الباليه ضمن أجواء تقترب من طقوس ألف ليلة وليلة في إطار من الديكورات الإسلامية·

أول يوم

·         هل تذكر أول يوم تصوير؟

نعم والكل تعجب لأنني لم أخاف من الكاميرا ولم ينتابني الرعب وكأنني أمثل من 50 سنة كما قالوا لي ولا أعرف السبب·

·         وما هي أحلامك؟

أحلامي كراقص باليه أشبعتها والحمد لله، لكن الأمر مختلف بالنسبة للتمثيل، فبداخلي طاقات غير عادية أتمنى تقديم شيء منها في هذا المجال بالرغم من صعوبته·

·         من تحب من الممثلين؟

العبقري أحمد زكى شفاه الله وعافاه وأعشق الفنانة فاتن حمامة صاحبة مدرسة ''التمثيل بالعين'' والتي احب أن انتمي إليها، ومن العالميين آل باتشينو·

·         العمل أمام ممثل جيد يتيح الفرصة اكثر للتوهج··

التجربة تبدأ بأعظم ممثل يشحنك لأداء المشهد وهو شاهين، انه يمثل كيانك كممثل وكإنسان، حين يؤدي المشهد أمامك تلقائيا تجد نفسك مشحونا بالمشاعر والأحاسيس والعواطف التي تمكنك من أداء الدور، يضاف إلى ذلك أن قوة الممثل الذي أمامك تختصر زمنا طويلا ويأخذ بالمشهد للقمة كلانا يضيف للآخر وبالطبع أنا محظوظ بالعمل مع نجوم كبار مثل الفنانة الكبيرة يسرا والرائع محمود حميدة والمتألقة لبلبة والفنانة الجميلة ماجدة الخطيب والفنانة هالة صدقة والفنانة نيللى كريم·

·         ما شعورك وأنت تشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي؟

بالرغم من أنني سافرت العالم كله في مسابقات كراقص باليه لكن الوضع هنا مختلف فهذه المرة يرى الجمهور أحمد في زي مختلف عن الرقص واظهر لهم في ثوب جديد كممثل·

الإتحاد الإماراتية في

27.06.2004

 
 

رفض فيلما عن ناصر لأنه لم يجد ممثلا وآخر عن السادات لأنه يكرهه!

يوسف شاهين: ميل غيبسون اصابني بالقرف في الام السيد المسيح

القاهرة ـ عبد اللطيف خاطر

رفضت عمل فيلم عن جمال عبد الناصر لانني لم اجد الممثل الذي يتميز بكاريزما عبد الناصر ولا حتي نظرة من عينيه ورفضت اخراج فيلم ايام السادات لانني اكرهه وحزنت جدا علي عاطف عبيد رئيس الوزراء لانه باع السينما للجزارين وقدمت فيلمي الاخير اسكندرية نيويورك لخدعة حلم امريكي عشت فيه ومن اجله ليكون غضبي وحزني علي مجتمع قضيت به احلي سنوات عمري لذلك كانت بداية الفيلم ابتسامة ساخرة لتمثال الحرية مني اثناء دخولي الميناء.

بهذه الكلمات بدأ الفنان والمخرج العالمي يوسف شاهين حواره الذي خرجت الكلمات من فمه كالسهام تريد بلوغ الحقيقة بسرعة البرق. يقول يوسف شاهين: فيلمي الحالي هو رابع افلامي التي تحكي سيرتي الذاتية لكنه موجه بالاساس الي تجربتي شديدة الخصوصية مع امريكا التي سافرت اليها وانا ابن 17 عاما لادرس الفن بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها. ذهبت الي امريكا مفتونا بها اراها حلما للحرية والمبادرة الفردية وتعلمت الفن هناك وعشت قصة حب رومانسية مع فاتنة امريكية لكن الحلم الامريكي تحول في عيني الي كابوس مزعج دفعني الي صنع فيلمي الجديد اسكندرية نيويورك .

·         سألنا يوسف شاهين: لماذا غيرت اسم الفيلم من الغضب الي اسكندرية نيويورك ؟

قال: بعد ان انتهي من صنع اي فيلم احاول استلهام طابعه العام وهذا الفيلم ليس ضد الشعب الامريكي فهذا الشعب فيه كثير من اصدقائي وحين وقعت احداث 11 سبتمبر اصابني الفزع علي مصيرهم. في الوقت نفسه حين تشاهد محطات التلفزيون والفضائيات يؤلمك ما يحدث للفلسطينيين بسلاح امريكي فضلا عن الاحتلال الامريكي المباشر للعراق لذلك وقعت في تناقض خطير جدا فمن ناحية احب الامريكيين فانا تعلمت في معهد باسادينا اصول الفن علي يد اساتذة عظام ومن ناحية اخري انا ضد سياسات ادارة بوش المتطرفة فكريا وسياسيا ولذلك اردت من خلال هذا العنوان التفريق بين موقفي من الانسان الامريكي العادي وبين الادارة الامريكية التي تتطابق مواقفها مع مواقف شارون والفئات المتطرفة في اسرائيل.

·         هل تعلقك بأساتذتك هو فقط دافعك لحب الشعب الامريكي؟

لا بالطبع هناك ايضا قصة حب عشتها مع فتاة امريكية فقد سافرت الي هناك وعمري 71 عاما وطبيعي ان اقع في الحب.

·         من هي هذه الفتاة؟

(يضحك) ستعرفها عندما تشاهد الفيلم حكيت ذلك فيه بالتفصيل. كانت لذيذة وزي القمر ولم اصدق نفسي عندما احبتني في شهرين فقط وكنت نحيفا وانفي طويل واذناي كبيرتان لا افهم لماذا احبتني؟!

·         كيف كانت امريكا وحلمها في اواسط الاربعينات حين سافرت اليها؟

احببتها ووقعت في هواها من خلال افلامها والموسيقي الرائعة والاستعراضات الضخمة وحشود الفاتنات في الافلام الامريكية وكان هناك حلم امريكي جميل بالحرية والمبادرة الفردية.

الواقع الآن يقول ما يناقض ذلك وانا وضعت في الفيلم عبارة حول هذا الانقلاب في الحلم الامريكي من الجمال الي القبح انظر الي الفارق بين سحر فريد استير وجيم كيلي وبين سيلفستر ستالوني وبروس ويلس وغيرهما في 60 عاما شهدت امريكا انقلابا عظيما.

·         اسكندرية نيويورك هل هو سرد واقعي لحياتك بين امريكا ومصر؟

لا هو فيلم رومانسي يصور قصة حبي لهذه الفتاة الامريكية لكنه يختلط بالخيال في كثير من مساحاته فقدمت من خلاله رؤيتي لامريكا التي كنت اتمناها لا امريكا الحقيقية.. الرومانسية هنا مختلطة بالسياسة في رؤية تجمع بين الواقع والخيال والقبح والجمال باختصار اقول لامريكا في هذا الفيلم صعب جدا ان احبك مثلما كنت احبك في الماضي. انا اواجه امريكا بعيدا عن الشتائم الساذجة واواجهها بالحب!

·         كيف تري اكتشافك الجديد احمد يحيي؟

شاب خطير بمعني الكلمة فضلا عن انه الراقص الاول في دار الاوبرا المصرية فانه ممثل ضخم الموهبة لدرجة انني افكر ان اقدمه في فيلم عن هاملت خلال معالجة خاصة بي.

·     ادي نور الشريف شخصيتك في حدوته مصرية وفي هذا الفيلم يؤدي محمود حميدة دورك في مرحلة النضج فكيف وجدت الفارق بينهما؟

كل منهما ممثل عظيم لكن حميدة يحب الرقص والموسيقي وهما جزءان قويان جدا من تكويني فوجدت حميدة ملائما للدور اكثر لكن هذا لا ينفي انه ممثل عظيم.

·         هل سيرقص حميدة في هذا الفيلم؟

كانت هناك رقصة لكني تراجعت عن تنفيذها لاسباب فنية لكن هذا لا ينفي ان حميدة كان سيؤديها باقتدار فقد كان راقصا في صباه.

·         وماذا عن دور يسرا في هذا الفيلم؟

الحبيبة الامريكية ويمتد دورها من وقت تعارفنا حين كنا ندرس معا في معهد باسادينا والي الان تعيش في نيويورك فتاة جميلة جدا ولديها مواهب فنية وكنا نتوقع لها مستقبلا كبيرا في هوليوود لكنها عاشت في نيويورك وانتهت موهبتها.

·         في اسكندرية نيويورك ترصد الفترة من الاربعينات الي الان ونظرتك لامريكا خلال تلك الفترة؟

نعم هو اطول افلامي التي تتناول السيرة الذاتيــة ففي اسكــندرية ليه تناولت الاسكندرية في الحرب العالمية الثانية الي ان وصلت بالباخرة الي نيويورك وفي حدوته مصرية تنــاولت مشــواري الفني في مصر من اواخر الاربعينات الي مطلع الثمانينات وفي اسكندرية كمان تناولت ايضا مرحلة الثمانينات اما هذا الفيلــم فيتـنـاول الفترة من الاربعينات وحياتي في امريكا الي يومنا هذا وعبرت فيـه عن الانقـــلاب الامريكي من خلال الجزء الخيالي في الفيلم او شخصية الابن الذي يرفض الاعتــراف بأبيه يلعب دوره محمود حمـيدة او بتعبير ادق لانه عربي وكيــف ان عـلاقة الاب المصــري بابنه الامريكي ليست علاقــة اب بابنه الـذي تربي علي كراهية العرب واعتبارهم ارهابيين.

·         في وقت ايمانك بالحلم الامريكي كنت مغرما بـ ريتا هيوارث هل شاهدتها في امريكا؟

كان المعهد قريبا من الاستوديوهات وكان النجوم يأتون لعمل البروفات في المعهد وممنوع علينا نحن الطلاب ان نحضرها واخيرا تسللنا زي الصراصير لحضور البروفة، وكانت ريتا هيوارث تصور استعراض كارمن وكنت اتمني ان اري الكاميرات الجديدة وكيف تصور الافلام فسألت مساعد المصور فقال لي هذا سر المهنة، وذهب احد الحراس في البلاتوه وهمس له في اذنه فجاءني وقال لي بلهجة آمرة اذهب من حيث اتيت. واضطررت للخروج بعد 3 دقائق كنت خلالها سعيدا وانا اشاهد ريتا هيوارث وهي ترقص فعلا كنت مهووسا بها.

·         وهل سيظهر هذا في فيلم اسكندرية نيويورك ؟

نعم.. وصورت في الفيلم كيف خرجت غاضبا من البلاتوه متجها الي السيدة الارمنية التي كنت اشتري منها ساندويتشات الهوت دوغ اكلته لمدة عامين متتالين في امريكا وقلت لها اني استطيع ان ارقص استعراض كارمن افضل من اي راقص في العالم وراهنتها لو اني رقصتها لها واعجبتها هل توافق ان اكل الهوت دوغ لشهر كامل ببلاش فوافقت السيدة بحذر فرقصتها لها في 9 دقائق وهو ما يؤديه احمد يحيي في الفيلم ببراعة وعلي موسيقي مختلطة بين الحان الراحل كمال الطويل والموسيقار بيزيه واعتقد انه سيكون مشهدا رائعا واحمد يحيي قدمه بشكل ممتاز ولياقة رهيبة!

·         مارأيك في الصفقة الاخيرة، التي احتكرت الشركات نحو الف نيغاتيف للافلام المصرية؟

احتكارات النيغاتيف بدأت منذ عدة سنوات ورفضتها منذ البداية عرض علي 50 مليون جنيه نظير نيغاتيف افلامي فرفضت وكان هذا العرض من الشركة العربية وفضلت مكاسبي القليلة علي الخمسين مليونا وقلت لهم اهلا وسهلا لو اردتم نسخا من افلامي اما النيغاتيف فأرفض بيعه رفضا قاطعا ولا زلت علي موقفي حتي ولو عرضوا علي 100 مليون جنيه نظير هذه النيغتيفات.

ووجهة نظري في هذه القضية ان ننشيء سينماتيك او ارشيفا للسينما المصرية يكون تحت ادارة وملكية الدولة وهذا السينماتيك يضم نسخا من كل افلام السينما المصرية وهذا النظام معمول به في كل العالم مثل فرنسا اما النسخ النيغاتيف ـ الاصل فتظل لمن يملكها يحق له بيعها او التصرف فيها.

·         هل شاهدت فيلم آلام المسيح ؟

نعم ولم يعجبني.

·         لماذا؟

فنيا الفيلم سييء والسيناريو ليس جيدا فنحن نعرف ان المسيح حليم وطاهر ولكي اتعاطف معه لا بد ان تعطيني اشارات لهذه المعاني الجميلة لكن ان يكون الفيلم من اوله الي نهايته ضربا وتعذيبا ودما فهذا ليس من الفن في شيء، انها وصلة تعذيب تجعلني اعتقد ان ميل غيبسون لم يقدم فيلما جيدا من الناحية الفنية، والشعور الوحيد الذي خرجت به من الفيلم هو القرف لدرجة انني كدت انصرف من السينما بعد نصف ساعة فقط.

·         يا استاذ ممكن نتكلم فن وبما انك مشارك لمهرجان كان؟

مهرجانات السينما العالمية هي كمان سياسة اكثر منها فنا ولعبة صعبة وفظيعة جدا يعني لو انا داخل مهرجان مع 20 فيلما مثلا يبقي فيه 20 مخرجا بيكرهني و20 منتجا بيكرهني ويتمنوا فشلي وبعدين تتدخل السياسة في مهرجان كان العام الماضي كانت هناك خلافات بين امريكا وفرنسا حول غزو امريكا للعراق وبالتالي امريكا في اخر لحظة سحبت افلامها من المهرجان ولم يحضر اي من نجومها وكان السبب الاساسي في فشل المهرجان. لجنة التحكيم امريكان ليه السبب ما حدش عارف؟ وحتي رئيس لجنة التحكيم مخرج ترسو الاكشن اما مهرجان الاوسكار اللي بيقولوا عليه عالمي طبعا لا هو عالمي ولا حاجة، ده مسابقة محلية ويا دوب فيلم واحد اجنبي يعني جائزة واحدة فقط للفيلم الاجنبي وعضو لجنة التحكيم المسؤول عن مسابقة الفيلم الاجنبي ليس فقط صهيونيا بل هو اللي اخترع الصهيونية.

ويكمل جو بأسي حقيقي للاسف انا صدقت او خدعت في كذبة الحرية والديمقراطية وقبولهم للاخر ودخلت الاوسكار اكثر من مرة.

·     بعد هذا النضج الفكري وكونك اهم مخرج في مصر والوطن العربي وصاحب واحدة من اكبر شركات الانتاج والتوزيع السينمائي لم تصنع فيلما عن عبد الناصر الذي اعرف انه لولاه ما كان فيلم الناصر صلاح الدين ؟

اولا، اقول لك ليه ما عملتش فيلما عن عبد الناصر وما استجراش ـ لا اجرؤ ـ عمله فين الممثل اللي عنده كاريزما عبد الناصر؟ فين الممثل اللي عنده عيني عبد الناصر؟ مفيش في الدنيا كلها انا اقدر علشان اننا ممثل كويس قوي لكن انا قصير عبد الناصر حاجة تانية خالص.

عندما شاهد عبد الناصر فيلم الناصر صلاح الدين وعجبه كرمني وكرم معايا عددا من المخرجين الكبار علشان مايزعلوش لكن التكريم كان علشاني انا واداني نيشان لما طلعت آخذ النيشــــان من ايد جمال عبد الناصر حسيت قلبي حايقــــف وارتعشت وما قدرتش ابص في عينيه حقيــــــقة خطيرة وزي ما يكــون فيه صواريخ طالعة منها بصيـــت في الارض وخطـفت النيشان من ايده وجريت يبقي ازاي اعمل فيلم بصراحة ما اقدرش.

·         ولماذا لم تخرج ايام السادات ؟

يبتسم ملوحا، ويقول جاني احمد زكي الله يمسيه بالخير ويشفيه وقال لي حاديلك شيك بمليون جنيه حالا وتعمل لي فيلم اسمه ايام السادات قلت ما حبوش وانا ما اعرفش اعمل فيلم من غير ان احبه.

القدس العربي في

12.07.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)