كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

تظاهرة «نصف شهر المخرجين»

أفلام أكثر إخلاصاً للإنسانية والسينما الفنية

كان ـ مسعود أمرالله آل علي

مهرجان كان السينمائي الدولي الثامن والخمسون

   
 
 
 
 

في 14 يونيو 1968، أسّست مجموعة من السينمائيين، من بينهم: جاك ريفيت، روبير بريسون، كلود بيري، وجاك روزير «نقابة المخرجين الفرنسيين» في السنة التالية، أسسوا تظاهرة «نصف شهر المخرجين»على هامش مهرجان كان السينمائي. كانت مهمة النقابة تتلخّص في «الدفاع عن الجانب الفني، الأخلاق، المهنية والحرية الاقتصادية للإبداع السينمائي» تضم النقابة اليوم أكثر من 250 مخرجاً، وتشارك في نشاطات مختلفة، وفي معاهد سينمائية دولية.

يشغل باسكال توماس منصب رئيس النقابة اليوم، أما زميله أوليفر بيريه؛ فيشغل منصب المدير الفني للنقابة، والذي تقع على عاتقه مسؤولية ـ مع لجنة اختيار مؤلّفة من خمسة مخرجين ـ اختيار الأفلام، يقول بيريه: «نهدف إلى ترويج أفلام غير متوقعة، وتأتي من مناطق جغرافية متنوعة، سواء أكان الفيلم لمخرج مخضرم، أو لمخرج مبتدئ..

            الأفلام المختارة هي لفنّيتها وجودتها العالية، ولجرأتها، وجماليتها، وآنيتها، وأصالتها. تثبت التظاهرة -عن طريق عرض أفلام تسجيلية، وبرامج أفلام قصيرة، وتحريك، وتجريب ـ بأنها منتدى ترحب بكافة أشكال صناعة الفيلم، أفلام مختلفة عن الأخرى بسبب طرازها، مواضيعها، جنسيتها، وآلية إنتاجها، غير أنها تتقاسم كلها ـ ومن دون قيود ـ متطلبات نقدّرها جميعاً: فكرة الصورة السينمائية»

«كن معي» فيلم الافتتاح.

ستفتتح تظاهرة «نصف شهر المخرجين» بالفيلم السنغافوري «كن معي» للمخرج إيريك كو، وهو نسيج من قصص محاكة حول تيمات: الحب، الأمل، والقدر. تعيش شخصيات الفيلم حيوات متفرقة، لكنها تجتمع في رغبة واحدة: أن تعيش مع من تُحب. جميع أبطال الفيلم مفترضين، ما عدا واحدة: الصماء والعمياء «تيريسا شن» التي تُلهم قصة الفيلم.

يُعتبر المخرج إيريك كو من أهم المخرجين السنغافوريين الذين وضعوا اسم البلد على الخريطة السينمائية الدولية، فبعد عمله كمنتج منفّذ لبعض الأفلام الناجحة، أخرج أوّل أفلامه الطويلة عام 1995 «الرجل مي بوك»، وحاز على الكثير من الجوائز. أما فيلمه «12 طابقاً» فقد تم عرضه في تظاهرة «نظرة ما» في كان 1997.

أفلام «نصف شهر المخرجين»

أليس (البرتغال)، إخراج: ماركو مارتنز: تختفي «أليس» بطريقة غامضة من روضة أطفال. يحاول الأب «ماريو» البحث عن ابنته بمفرده، وبطريقة مُجهِدة، ولكي لا يفوِّت أية فرصة ممكنة لالتقاط وجه ابنته، يقوم بانتظام استعراض أشرطة الفيديو المسجلة بواسطة كاميرات المراقبة المزروعة حول المدينة. هناك الآلاف من وجوه الأطفال المسجلة، والمطبوعة على ورق، والمكبّرة ملصقة الآن على حائط منزل الأب، على أمل أن يبزغ وجه «أليس».

بدأ ماركو مارتنز الإخراج عام 1997، وأسّس شركة إنتاج في عام 1999، أخرج عدّة أفلام قصيرة، ويعتبر «أليس» أوّل فيلم طويل، وهو مرشّح لجائزة «الكاميرا الذهبية».الغابة المطمورة (اليابان)، إخراج: كوهي أوغوري: تقع الأحداث في بلدة صغيرة قرب الجبال، حيث البطلة «ماشي» طالبة ثانوية تتلمس طريقها في الحياة.

في يومٍ ما، تختلق هي ووالدها حكاية، ويقرّران المواصلة كنوعٍ من التتابع، وحكاية تلو الأخرى، تبتكر الفتاة قصة حلمية تنتشر كـ «تاريخ مستقبلي» بين شخصيات الفيلم خفية. من جهة أخرى؛ تبدو الأشياء لشباب البلدة مختلفة تماماً؛ فقصصهم مستلهمة من واقعهم المعاش، ومن ماضيهم.

تتقدَّم القصتان جنباً إلى جنب بشكل لا تتقدّم واحدة عن الأخرى، وفي كل قصة، تبدأ الأشياء المتماثلة بالظهور. في يومٍ ما، تسبّب عاصفة ماطرة في انهيار أرضية حديقة، وتكشف عن غابة مطمورة منذ قرون مضت بسبب بركان ثائر. شيئاً فشيئاً، تبدأ مملكة الأحلام المتفرقة، والقصص، والماضي، والمستقبل بالاندماج لتخلق عالماً خيالياً.

منذ فيلمه الأوّل «نهر طيني» عام 1981، استطاع المخرج كوهي أوغوري لفت الأنظار محلياً ودولياً، حيث رُشح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. في عام 1990، فاز فيلمه «وخزة الموت» بالجائزة الكبرى، وجائزة «فيبرسكي» من مهرجان كان. في 1996، حطّم فيلمه «الرجل النائم» شباك التذاكر للأفلام الفنية. يعود أوغوري بهذا الفيلم بعد تسع سنوات من الانتظار.

كاشيه، كاشيه (فرنسا)، إخراج: إيف كامون: حكاية مزارع صودرت أرضه فيختبئ في قاع بئر، ومن خلالها يراقب القاطنون الجدد في منزله محاولاً الفهم، وكذلك المشاركة في حياة العائلة التي أُقصي منها. هو بالنسبة إليهم شبح، ما يدعو إلى اللبس وأيضاً الكوميديا..

وُلد المخرج إيف كامون في عام 1964، ويعتبر «كاشيه، كاشيه» ثاني فيلم طويل له.

قبضة باكية (كوريا الجنوبية)، إخراج: ريو سيونع-وان: «تاي-شيك» ملاكم حائز على بطولة الملاكمة للهواة لمرّة واحدة، يكسب عيشه الآن عن طريق وقوفه في الشارع داعياً المارّة استخدامه كحقيبة ملاكمة مقابل النقود. كل ما لديه هو زوجة تطالبه بالطلاق، وابن يُعتبر الإضاءة الوحيدة في حياته.

مديون، وليس لديه ما يخسره، يقرّر الملاكم السابق الحصول على لقب البطولة للملاكمين الهواة. وُلد المخرج في عام 1973، وعُرف في الوسط السينمائي بفيلمه الأوّل «مُت بقسوة» عام 2000، ثم حقّق «لا دماء، لا دموع» في عام 2002، وكان فيلمه الثالث بعنوان «أرهان» عام 2004.

حمامات باردة (فرنسا)، إخراج: أنتوني كوردير: ينقلنا الفيلم إلى المرحلة الحرجة في حياة ثلاثة مراهقين في السابعة عشر من عمرهم: كيف يمكنك التعامل مع أم تقطع الكهرباء عن المنزل لمدّة أسبوعين؟ هل يمكنك لوم الأب لمعاقرته الخمرة؟ كيف تخسر 20 كيلوغراماً من وزنك خلال ستة أسابيع؟ هل هناك أناس يتمنون وقوع الكوراث حقاً؟ كيف يمكنك عصر أنبوب معجون أسنان فارغ؟ «حمّامات باردة» هو كوميديا سوداء حول السعادة.

درس المخرج أنتوتي كوردير المونتاج، وحاز فيلمه التسجيلي القصير على جائزة التحكيم الخاصة في مهرجان كليرمون-فيران عام 2000.فاكتوتوم (مُستخدِم) (النرويج/أميركا/ألمانيا)، إخراج: بنت هامر: «هنري شيناسكي» مُستخدَم يدوي يعمل في مصانع ومستودعات ليؤمن حياة الخمر، ومراهنة سباق السيارات، وملاحقة النساء، والأهم: كتابة قصص لا يهتم بها أي ناشر.

عُرضت أفلام بنت هامر في أكثر من ثلاثين دولة، وحازت على جوائز كثيرة في مهرجانات دولية، منها جائزة «فيبرسكي» عن فيلم «قصص المطبخ» من مهرجان كان 2003. أفلامه الأخرى: «بيض» 1995، «ماء سهل» 1998.الجوزاء (الأرجنتين/فرنسا)، إخراج: ألبرتينا كاري: هل هناك أسرار عائلية من الأفضل عدم معرفتها؟

هذا ما ستكتشفه عائلة «غاديز» عندما يعود الأخ من إسبانيا في محاولة لفك الغموض، هل سيدمِّر العائلة بإفشائه للسّر؟ وُلدت المخرجة ألبرتينا في بيونس آيرس عام 1973، ودرست السينما، ثم عملت كمديرة تصوير في أفلام المخرجة ماريا لويزا بيمبرغ والمخرج مارتن رتمان. أخرجت عّدة أفلام منها: «أريد العودة إلى الوطن» 2000، والفيلم التسجيلي «الشقراوات» الذي حاز على جوائز عديدة.

زنبقة (هولندا)، إخراج: نانوك ليوبولد: «آنا» امرأة في الثلاثين، راوية متخصّصة في كتابة تقارير حول مشاريع في الدول المتقدّمة. أثناء إحدى زياراتها خارج البلد، تُقدم زميلتها على الانتحار، تجدها «آنا» وتُصدم بقوّة. لا أحد يعرف لماذا انتحرت المرأة، تُدرك «آنا» -ولأوّل مرة- أن بإمكان المرء أن يكون مجهولاً حتى لأولئك المقربين إليك. تبدأ في مراقبة عائلتها، وزوجها، وطفلها متسائلة ماذا تعني لهم؟

درست نانوك في مركز الفنون البصرية في روتردام، ثم في أكاديمية هولندا للسينما والتلفزيون في أمستردام. «زنبقة» هو فيلمها الروائي الثاني.كين (أميركا)، إخراج: لودج كيريغان: تفقد طفلة في السادسة من عمرها في نيويورك. بعد ستة أشهر لا تزال الطفلة مفقودة، يتعرّف الأب «ويليام كين» على امرأة وطفلتها الصغيرة، يخفي قصته عنهما محاولاً بدء صفحة جديدة معهما.

لودج كيريغان (41 عاماً) أحد أهم المخرجين المستقلين في أميركا، أخرج فيلمين طويلين عُرضا في مهرجان كان: «حليق» عام 1994، و«كلير دولان» 1998.الشارب (فرنسا)، إخراج: إيمانويل كارير: في يومٍ ما تعتقد أنه بمجرّد حلاقة شاربك الذي ظلّ معك لمدّة عشر سنوات ستجعل زوجتك وأصدقاؤك يبتسمون.

لن يُلاحظ أحد، والأسوأ، أنهم يتعمّدون عدم الملاحظة حتى تذبل ابتسامتك أنت أيضاً. تصرّ على أنه كان لديك شارب، لكنهم ينكرون ذلك. هل جننت؟وُلد المخرج إيمانويل في عام 1951، وهو كاتب فرنسي معروف، وصحافي. كتب عدّة سيناريوهات وسيرة حياة فيليب كي ديك، وروايات، منها «الشارب»، أخرج مسبقاً فيلماً تسجيلياً، ويعتبر هذا الفيلم أوّل تجربة روائية طويلة.

أوديت (البرتغال)، إخراج: خاو بيدرو رودريغيز: تعمل «أوديت» في متجر في «لشبونة»، تحلم بطفل من صديقها «ألبرتو» الذي يعمل حارساً ليلياً في نفس المتجر. عندما تخطره بحلمها، يهرب «ألبرتو» تاركاً إياها وحيدة، بينما يظل هاجس الحلم مسيطراً عليها!

وُلد رودريغز في «لشبونة» عام 1966، تخرّج من معهد «لشبونة» السينمائي وعمل مساعداً للإخراج والمونتاج في أفلام طويلة وقصيرة. حصل فيلمه الروائي الأوّل «أو فانتاسما» على جوائز كثيرة.ضربة الرئيس الأخيرة (كوريا الجنوبية)، إخراج: إيم سانغ-سو: تُقام حفلة خاصة في سيول 1979 لرئيس الجمهورية ومعاونيه الثلاثة: حارسه الشخصي، وسكرتيرته الخاصة، ورئيس المخابرات الكورية، الذين يسعون جميعهاً لحظوة الرئيس.

تُدعى مطربة بوب صاعدة، وفتاة شابة للترفيه عن الحضور، وفي أثناء ذلك، يحضّر رئيس المخابرات عملية لاغتيال الرئيس، يُغادر الغرفة لبضع دقائق ليعطي التعليمات الأخيرة لعملائه.وُلد المخرج إيم في سيؤول عام 1962، تخرّج من جامعة «يونسي» تخصّص علم الاجتماع. في 1989 درس السينما في أكاديمية كوريا السينمائية، أخرج ثلاثة أفلام: «ليلة خروج الفتيات» 1998، «دموع» 2001، و«زوجة المحامي الطيبة» 2003.

غرفة (أميركا)، إخراج: كايل هنري: تعمل «جوليا» في ملهى ليلي في هيوستون، تكساس، تُصارع حياتها اليومية لأجل تربية طفلتها، إضافة إلى صداع عنيف ومزمن. تتصاعد الرؤى المزعجة داخل عقلها المضطرب: عادة مستودع كهفي بحجم غرفة، فتذهب في غيبوبة. بعد سلسلة خيارات يائسة، تسلب «جوليا» صاحب عملها، وتهجر عائلتها، لتنتهي في شوارع نيويورك.

أخرج كايل هنري فيلمين تسجيليين: «الكاوبوي الأميركي» و«مؤسسة جامعية»، وعدّة أفلام قصيرة. كما عمل مونتيراً في فيلم «مانيتو» الحائز على جائزة في مهرجان سندانس عام 2002.سبعة رجال مخفيين (ليتوانيا/فرنسا/الأرجنتين)، إخراج: شاروناس بارتاس: تقع الأحداث في جنوب الاتحاد السوفييتي السابق في «كرايميا»، الشخصيات منبوذة، حقدهم على المجتمع يجعلهم يرغبون في إلغاء القانون وأنفسهم على حدٍّ سواء.

يصبح صدامهم حتمياً مع العالم الذي لا يستطيعون تغييره، ولا إعادة بنائه حسب متطلباتهم.وُلد شاروناس في ليتوانيا عام 1964، درس في معهد موسكو السينمائي، أخرج فيلمين تسجيليين، حاز فيلمه الروائي الأوّل «ثلاثة أيام» على شهادة تقدير من «فيبرسكي» في مهرجان برلين السينمائي عام 1991.

أخوات الزوج (المملكة المتجدة)، إخراج: كيم لونغينوتو، وفلورانس آيسي: يُلاحق الفيلم حياة امرأتين: مستشارة الولاية، ورئيسة القضاء في حياتهما العملية اليومية.درست كيم التصوير والإخراج في معهد الفيلم الوطني، أخرجت الكثير من الأفلام التسجيلية في عدّة دول، منها: اليابان، إيران وكينيا. بينما درست فلورانس الإنتاج والإخراج في معهد الفيلم والتلفزيون الوطني. أخرجت مؤخراً فيلماً قصيراً بعنوان «أمي: إيسانجي».

تبليسي-تبليسي (جيورجيا)، إخراج: ليفان زكريشفيلي: مخرج شاب ليست لديه وسيلة لتحقيق فيلم، فيقرّر المشي في مدينة تبليسي التي تحوّلت إلى سوق كبيرة؛ حيث البروفيسور يعمل بقالاً ولديه تجارة خاصة، والتاجر في البرلمان، والمدينة مليئة باللاجئين والشحاذين، بينما المخرج يكتب سيناريو لن يتحقّق إطلاقاً.

وُلد ليفان في تبليسي عام 1953، درس الجيولوجيا في جامعة تبليسي. في عام 1985، تخرج من معهد في موسكو حيث درس كتابة السيناريو والإخراج. عُرض فيلمه الأوّل «هم» في «تظاهرة نصف شهر المخرجين» عام 1992.ترافو.. (فرنسا)، إخراج: برجيت روان: «شانتال» محامية مطلقة لم تخسر قضية قط، ربما تكون جافة نوعاً ما في عملها.

لكنها وديعة في حياتها الخاصة. تعيش مع طفلين جميلين، حياتها العاطفية مهدورة، ليس لديها الوقت، غير أن الجسد لديه مطالبه، فتضعه تحت تصرف زبون!تعمل بريجيت ممثلة ومخرجة، أخرجت فيلمها الروائي الأوّل «غفوة» عام 1990، وفيلمين آخرين.

من هو كاموس على أية حال؟ (اليابان)، إخراج: ميتسو ياناغيماشي: خمسة أيام قبل البدء في تصوير أوّل فيلم من قِبل مجموعة طلاب جامعيين، لكن الأيام المقبلة ستثبت أنها مليئة بالرومانسية، والتعقيدات، وربما الفزع أيضاً.وُلد ميتسو في «إيباراكي»، اليابان عام 1945. درس القانون وحلم بالإخراج، حتى عمل مساعداً للإخراج في عام 1970، ثم أسّس شركته الخاصة عام 1974.

عُرض فيلمه «مهرجان النار» في كان 1986. يسجل فيلمه الجديد عودته للإخراج بعد عشر سنوات من التوقّف.وولف كريك (أستراليا)، إخراج: غريغ مكلين: ثلاثة جوالين شباب يخططون لرحلة إلى منطقة نائية في أستراليا، يذهبون لاستكشاف حديقة «وولف كريك كارتر» الوطنية، حيث اصطدم نيزك عمره عشرات آلاف السنين بالأرض. في تلك الليلة تتعطّل سيارتهم.

وعندما يقدّم لهم أحد السكان المساعدة، يعتقدون أن مشاكلهم قد انتهت، غير أن الكابوس مازال في بدايته. درس غريغ الرسم قبل التحوّل إلى الإخراج. حقّق ثلاثة أفلام قصيرة، من بينها «آي سي كيو» الحائز على جوائز كثيرة. «وولف كريك» أوّل فيلم طويل له.

«جزيرة حديدية».. فيلم الختام

ستُختتم عروض تظاهرة «نصف شهر المخرجين» بفيلمٍ إيراني من إخراج محمد رسولوف ويدور حول بعض الفقراء في الساحل الجنوبي من إيران لا مأوى لهم، وبالتالي يقطنون في سفينة قديمة ومهجورة في البحر. يحاول زعيمهم القبطان «نعمت» إقناع مالك السفينة والسلطات الرسمية عدم استرجاع السفينة. من جهة أخرى؛ يقوم ببيع القطع الحديدية من السفينة واحدة تلو الأخرى.. هل تغرق السفينة قريباً؟

وُلد المخرج محمد رسولوف في «شيراز» عام 1973، وتخرّج من جامعة شيراز تخصّص علم الاجتماع، كما درس المونتاج في جامعة «سورة» في طهران. أخرج ستة أفلام قصيرة، وعمل مساعداً للإخراج. عُرض فيلمه الروائي الطويل الأوّل «الحمرة» في عدّة مهرجانات دولية.

البيان الإماراتية في

13.05.2005

 
 

لأول مرة مهرجان كان..يساعد علي إنتاج الأفلام

رسالة مهرجان كان من سمير فريد

لا تكف إدارة مهرجان كان التفكير طوال العام من أجل التطوير والتجديد والابتكار. ولذلك ليس من الصدفة استمرار المهرجان علي قمة مهرجانات السينما الدولية في العالم هذا العام. وبعد أن أصبحت لجان التحكيم الرسمية أربع لجان تضم 30 سينمائياً من مخرجين ونقاد وكتاب وممثلين وممثلات ومن مختلف المهن السينمائية قررت إدارة المهرجان إقامة ندوة عشية يوم الافتتاح بعنوان "لقاء المهرجان" مع المحكمين الثلاثين. وكان موضوعها في هذه الدورة ال 58 عن مستقبل مهرجانات السينما.

لأول مرة أيضا قررت إدارة المهرجان المساعدة في إنتاج مشروعات الأفلام المتميزة. وليس فقط الاكتفاء بعرضها. وذلك عن طريق "أتيليه المهرجان" بالتعاون مع مؤسسة "سينما فاونداشن" وموقع "بيت المهرجان" علي الإنترنت تم الإعلان عن الاتيليه وتم اختيار 18 مشروعا "سيناريو" من مختلف المؤلفين من كل الدول منها المشروع الجديد للفلسطيني توفيق أبووائل وأرسل "كتاب المشروعات" إلي مئات من شركات السينما. ووجهت الدعوة إلي ال 18 مؤلفاً لحضور المهرجان وعرض مشروعاتهم في لقاءات خاصة. ومع نهاية المهرجان الذي افتتح 11 مايو ويختتم 22 مايو يتم الإعلان عن المشروعات التي اتفق علي انتاجها. وبالطبع ستكون لها فرصة العرض في برامج المهرجان المختلفة.

سينمات مختلفة

لأول مرة أيضا. وفي قاعة عرض جديدة تسمي "سينما العالم" يتم كل سنة التعريف ب 7 سينمات مجهولة نسبيا عن طريق تخصيص يوم كامل لكل منها. ومنها السينما المغربية هذا العام.

عروض الأطفال

ولأول مرة ثالثا. وفي قاعة العرض الكبري لوميير. يقام برنامج من عدة أفلام بعنوان "عروض الأطفال" يحضره أكثر من ألفي طفل "من 8 إلي 21 سنة" من أطفال مدينة كان. وينظم البرنامج بالتعاون مع وزارة التعليم القومي في فرنسا ويونيسيف الدولية.

وزراء ثقافة أوروبا

برامج كان الخاصة الموازية لبرامجه من الأفلام تؤكد دور المهرجان الثقافي. وفيما يلي برامج دورة 2005 حسب تواريخها:

* 10 مايو

"لقاء المهرجان"

* 11 مايو

افتتاح معرض ريفوار

افتتاح معرض جيمس دين بمناسبة 50 سنة علي وفاته

* 12 مايو

افتتاح "اتيليه المهرجان"

"درس التمثيل" تقدمه كاترين دينين بيفيه وهو محاضرة عن خبرتها يعقبها حوار مفتوح

* 13 مايو

عروض الأطفال

* 14 مايو

افتتاح قاعة "سينما العالم" يوم المغرب

"لقاء السينما والموسيقي"

* 15 مايو

"درس السينما" يقدمه فنان السينما السنغالي عثمان سمبين وهو تقليد عريق من تقاليد المهرجان يلقي فيه أحد كبار مخرجي العالم محاضرة يعقبها حوار. ويحضره طلبة معاهد السينما في فرنسا. وسبق أن ألقي درس السينما من العرب الفنان الكبير يوسف شاهين.

* 17 مايو

"يوم أوروبا" وفيه يجتمع وزراء الثقافة في كل دول أوروبا ويعقدون مؤتمرا صحفيا مشتركا. وبدأ هذا التقليد منذ سنوات.

وكما حدث في العام الماضي تعلن جوائز المهرجان ويعرض فيلم الختام يوم 21 مايو. وفي يوم 22 آخر أيام المهرجان يعاد عرض كل أفلام المسابقة في قاعات قصر المهرجانات المختلفة لجمهور كان. ولمن فاته أي فيلم من الضيوف. وفي حفل السواريه يعرض الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية ويكون في استقبال فريق الفيلم عند مدخل القاعة كل أعضاء لجنة التحكيم.

الجمهورية المصرية في

13.05.2005

 
 

مهرجان «كان» ينطلق والترقب بدأ يفرض نفسه:

أميركا فون تراير ضد أميركا فان سانت...

وفي «مدينة الخطيئة» حسناء في خطر

كان - إبراهيم العريس

اليوم هو ثاني يوم فعلي في دورة هذا العام لمهرجان «كان» السينمائي. وعلى رغم كثرة التوقعات وغناها، فإن احداً لا يمكنه ان يزعم منذ الآن انه يعرف غث المهرجان من سمينه. نجوم «كان» من المخرجين الكبار، الذين سبق ان سميناهم «مخضرمي الحداثة» كلهم هنا. حاضرون بنفسهم وبأفلامهم. في الطرقات يترصدهم المعجبون وجامعو التواقيع أكثر مما يترصدون نجوم التمثيل الكبار. في «كان» يتساوى دافيد كروننبرغ مع توم كروز، ودومنيك مول مع صوفي مارسو. فالعيد يتسع للجميع.

ولئن كان امير كوستوريتسا سيختفي نظرياً منذ اليوم، لضرورات مهمته رئيساً للجنة التحكيم. فإن نجماً آخر طويل الشعر، طفولي الملامح عاشق لموسيقى الروك، سيحل مكانه في «النجومية المطلقة» على رغم ان هذا النجم، مات انتحاراً قبل اكثر من عقد ونصف العقد. هذا النجم هو كورت كوبين، مغني ورئيس فريق «نرفانا» الذي كان انتحاره في حينه احدث صدمة تكاد توازي صدمة موت جيمس دين قبله بأكثر من ثلاثة عقود من السنين تقريباً (ت1955). غير ان كوبين لا يظهر في كان بملامحه التي يعرفها معجبوه، وكانت الفنانة اللبنانية ندى عقل ابدعت في التعبير عنها في لوحات عدة رسمتها مستوحية موت صاحب شعار «مُتّ شاباً...» اطلقت شهرتها العالمية. كورت هذه المرة يظهر تحت ملامح الممثل مايك بيت، الذي سيكون لمهرجان هذا العام، ما كانه ممثل دور غيفارا في العام الفائت: في فيلم والتر ساليس عن رحلة الزعيم الثوري في ارجاء اميركا الجنوبية.

ثلاثية ضد ثلاثية

مايكل بيت، اذاً، يلعب دور كورت كوبين، في فيلم حققه غاس فان سانت، الذي فاز بالسعفة الذهب من المهرجان ذاته قبل عامين عن رائعته «الفيل»، الفيلم الذي روى فيه، من وجهة نظر فائقة البراعة والتجديد في اللغة السينمائية، حكاية الصبيين اللذين قتلا، في ثانوية اميركية عدداً من رفاقهما والاساتذة. اذاً، هنا، مرة اخرى ينهل فان سانت من الواقع، ولكن دائماً بأسلوبه السينمائي الخاص، الذي ينهش جلد متفرجيه وعواطفهم قائلاً الحقيقة بصوت صارخ. والحقيقة هذه المرة هي تلك المتعلقة بمغني النرفانا – حتى وان كان لا يُسمى هنا لأسباب قانونية – ما يجعل الفيلم مستوحى من حياة كوبين. اما زمن الفيلم فهو الايام الاخيرة من حياة المغني، حين عاش في بيت معزول وسط الغابات وراح يحضر لموته البطيء. غير ان ما لا بد من ملاحظته هنا، هو ان غاس فان سانت، بقدر ما استوحى في فيلمه حكاية كورت كوبين، يبدو ايضاً على تماس مع حكاية موت اخرى، هي حكاية موت الممثل الشاب ريفر فونيكس قبل فترة من موت كوبين. ونعرف ان فان سانت كان قد ادار فونيكس في واحد من اهم افلام هذا الاخير الذي كان بعد في عشرينات عمره، حين مات متأثراً بإدمانه المخدرات، والفيلم هو «ايداهو الخاصة بي». اذاً، وحي مزدوج ذاك الذي يقدمه لنا المخرج في هذا الفيلم، الذي لا يبنى اصلاً على فكرة تقديم سيرة ذاتية لشخص ما، بل على شكل تأمل في الموت. ما يعني، بحسب بعض النقاد ان فان سانت يستكمل في هذا العمل ثلاثية عن الشباب والموت، كان «الفيل» اولها، و»جيري» الذي عرض قبل شهور، تجارياً، متحدثاً عن اختفاء شابين، ثانيها، قبل ان يأتي «الايام الاخيرة» هذا.

أميركا... من جديد

ويقينا انه اذا كان كثر يتطلعون بشوق لمشاهدة «الايام الاخيرة»، فإن، ثمة شخصاً على الاقل يتطلع الى هذا الفيلم بشيء من الترقب الوجل. وليس فقط لأنه هو ايضاً مخرج يخوض المناسبة الرسمية في «كان»... وليس فقط لأنه هو ايضاً صاحب فيلم ينتمي الى ثلاثية سينمائية، باتت شهيرة حتى من قبل ان تكتمل. بل لأنه وقع قبل عامين ضحية فوز غاس فان سانت بالسعفة الذهب. هذا المخرج هو لارس فون تراير، الذي كانت الانظار «الكانية» قبل عامين متجهة نحوه تماماً، متوقعة فوز فيلمه «دوغفيل» بالسعفة. لكن لجنة التحكيم يومها فضلت عليه «الفيل» مرجحة كفة غاس فان سانت. فهل يثأر فون تراير من فان سانت هذه المرة؟ سؤال مشروع، طالما ان المبدع الدنماركي يعود الى «كان» بالجزء الثاني من ثلاثيته التي توخى من خلالها «فضح العقلية الاميركية» بأساليب فنية غاية في الابتكار. او هذا ما لاحظناه على الاقل في اول اجزاء الثلاثية «دوغفيل» حيث اختلط المسرح بالسينما وأميركا الثلاثينات بالحداثة، والاخلاق بالعنف... ما اتاح لنيكول كيدمان ان تلعب احلى ادوار عمرها. يومها كان مقدراً ان تعيد نيكول الكرة مع فون تراير، لتتولى بطولة جزأي الثلاثية الآخرين. لكن بطء المخرج وانشغال نيكول بعقود اخرى، جعلها تتراجع. وكان ذلك التراجع من نصيب الحسناء برايس دالاس هوارد، التي كانت ابدعت في دور العمياء، في فيلم شيامالان «القرية». هنا تستعيد في الفيلم الجديد «ماندرلاي» الدور نفسه الذي كانت نيكول لعبته في «دوغفيل»، دور غريس، فيما يلعب ويليام دافو دور الاب الذي كان ابدعه جيمس كان في «دوغفيل». اما الموضوع فهو رحلة تقوم بها غريس وأبوها، عبر الجنوب الاميركي في سنوات الثلاثين نفسها. ولما كان هذا الجنوب، في ذلك الحين، موطن التمييز العنصري ضد السود، لنا ان نتصور كم ان لارس فون تراير يجد لذته في هذا الفيلم متفنناً في التنديد بالتمييز العنصري الاميركي ضد هؤلاء السود، بعدما كان في «دوغفيل» امعن في شجب كراهية الاميركيين للغريب، لكن السود ليسوا وحدهم الضحايا هنا، بل ايضاً هناك البائسون من ضحايا الشح الاقتصادي في مدينة ماندرلاي، مسرح الاحداث، وهي مدينة تخيلها لارس فون تراير، تماماً مثلما كان تخيل دوغفيل في الفيلم الذي حمله اسمها: مسرح حياة وحقد كبير مستوحى في آن معاً من عوالم بريخت ومن عوالم ثورنتون وايلدر.

طبعاً لن نقول هنا اكثر من هذا عن فيلم من المؤكد اننا سنعود الى الحديث عنه اكثر وأكثر... ويبدو منذ الآن ان كثراً يتطلعون الى ان يحقق مخرجه من خلاله «فتحاً» كانياً جديداً، هو الذي سبق لأفلام ثلاثة له ان فازت ببعض اهم جوائز كان: «اوروبا» الذي فاز العام 1991، بجائزة النقاد الخاصة (شراكة مع فيلم «خارج الحياة» للبناني الراحل مارون بغدادي)، و»تحطيم الامواج» (الذي فاز بالجائزة الكبرى في العام 1996)، ثم «راقص في الظلام» (صاحب السعفة الذهب للعام 2000). فهل يفعلها فون تراير هذه المرة ايضاً... ويحقق انتصاراً رابعاً وثأراً من «الفيل»؟

امرأة حسناء وحديثة

طبعاً الاسئلة لا تزال مبكرة... والتوقعات غير مشروعة. ومع هذا، لا شك في ان فيلماً آخر سيقول لنا كثر خلال الساعات والايام التالية، ما اذا كان حقق توقعاتهم له، حتى وان كان الجمهور الاميركي شاهده، قبل «كان»، وحتى وان كان قد شغل صحافة السينما، وغيرها من الصحف خلال الاسابيع السابقة (بما في ذلك مقال نشر عنه على هذه الصفحات بالذات قبل فترة). والفيلم هو، طبعاً، «مدينة الخطيئة» للمخرج روبرتو رودريغز (حققه مشاركة مع فرانك ميلر) وهو من بطولة بينيسيو ديل تورو وجيسيكا آلبا اضافة الى بروس ويليس. ومنذ الآن يمكن القول ان رودريغز المكافح في السينما منذ سنوات طويلة، دخل فعلاً عبر هذا الفيلم عالم الكبار: ليس فقط بفضل موضوع الفيلم، بل ايضاً بفضل لغته السينمائية وتشكيله المدهش، حتى وان كان اصل الفيلم كـ«شرائط مصورة» قد اسهم اسهاماً كبيراً في فرض هذا الشكل.

موضوع الفيلم بسيط: يدور من حول مدينة غامضة يهيمن عليها العنف والشر والليل الاسود الداكن انها مدينة سيئة مملوءة بالخطيئة. وفي هذه المدينة امرأة حسناء تكاد المدينة ان تبتلعها. ولما كان ثمة ثلاثة رجال يعتبر كل واحد منهم هذه المرأة، امرأة حياته وأحلامه، لن يتردد كل منهم، بالتضارب في ما بينهم، وبالتحالف ايضاً، عن المخاطرة بحياتهم لانقاذها.

الهدف خيِّر بالطبع... غير ان الفيلم كله سوداوي كئيب. ولعل روعته تكمن ها هنا، في قدرته على التعبير عن هذا كله في الاجواء، في التصوير الاسود والابيض في بقع الالوان المرمية هنا وهناك، في المواقف الصعبة، جسدياً ونفسياً. فيلم استثنائي ابدع فيه رودريغز، حتى وان كان البعض اعتبر ان مخيلة صاحب الشرائط المصورة، التي بُني الفيلم عليها، أي فرانك ميلر، هو صاحب الفضل الاول في ابداع اجوائه. ومن هنا واضح انه اذا فاز رودريغز بجائزة ما، سيكون فرانك ميلر الى جانبه دائماً.

غير ان هذا كله يظل من قبيل التخمين. واذا كنا هنا قد اكتفينا بالحديث عن هذه الافلام فقط، فما هذا إلا لأنها تشغل بال الحضور، منذ الآن ويطاولها ترقب لا يضاهيه ترقب أي فيلم آخر، حتى وان كان ثمة ترقب لكل فيلم تقريباً.

مهما يكن، انطلق «كان» بـدءاً من مساء اول من امس رسميـاً، وانطلق امس في شكل عملي. وها هي السينما تعـيـش من جديد لحظاتها الاكثر صخباً... ليثبت مرة اخرى انها – ومهما كان الامر – فن العـالم كله وفن العـواطف كلها بامتياز.

«السيد الرئيس» أمير كوستوريتسا نجم «كان»

حتى الحوار الذي اعتادت بعض مجلات السينما الفرنسية، نشره قبل بدء فاعليات مهرجان «كان»، بعد ان تجريه مع رئيس لجنة التحكيم، تحت سمع مسؤولي المهرجان وأمام بصرهم، غاب هذه المرة. وهكذا، بدلاً من ان يكون «الحوار مع السيد الرئيس» مادة اساسية في عدد «كان» لمجلات مثل «ستديو» و»بروميار» اكتفت هذه المجلات برسم صورة قلمية (رئيس لجنة التحكيم لهذا العام امير كوستوريتسا.

وامير منذ وصوله الى «كان» ليقوم بمهماته السامية الى جانب زملائه السينمائيين من اعضاء اللجنة جون وود، سلمى حايك، نانديتاداس، انياس فاردا، طوني موريسون، فاتح آكين، بنوا جاكو وخافيار بارديم)، فضل الا يثرثر كثيراً، ولا حتى عن احوال الطقس وهو على اية حال معروف بايثاره الصمت على الكلام. فقط نعرف انه يتكلم كثيراً حين يستفز في شأن سياسي يتعلق بوطنه (الذي هو الوحيد الذي لا يزال حتى اليوم يتحدث عنه تحت اسم يوغوسلافيا، مع انه بوسني في الاصل!). مهما يكن فإن كوستوريتسا، لا يتحدث كثيراً عن السياسة حتى، في هذه الايام. السينما هي الشيء الوحيد الذي يشغله – وموسيقى الروك، حيث نعرف انه «عضو» في فرقة موسيقية اسمها «سموكنغ» يجول معها عازفاً حين لا يكون منشغلاً بتحقيق فيلم من افلامه -.

مهما يكن فإن كوستوريتسا الى جانب كونه من ضاربي الارقام القياسية في «كان» (فاز مرتين بالسعفة الذهبية – عن «بابا في رحلة عمل» و»اندرغراوند» ومرة بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن «زمن الغجر») يعتبر واحداً من قلة من مخرجين اعتادوا عرض معظم افلامهم في «كان» اولاً. وهو قدم في العام الفائت آخر افلامه حتى الآن «الحياة معجزة» في المسابقة الرسمية من دون ان يفوز بجائزة.

ظهر امير كوستوريتسا، على ساحة الفن السينمائي، باكراً، وكان في العشرينات من عمره، هو المولود قبل خمسين عاماً في سراييفو. غير ان اول بروز عالمي له كان في «كان» في العام 1985، حين ادهش فيلمه «بابا في رحلة عمل» اهل السينما بجرأته السياسية والفنية في آن معاً. وهو منذ ذلك الحين لا يتوقف عن اثارة دهشة الجمهور العريض واعجابه، بنبض افلامه الديناميكي، المزاوج اصلاً بين نزعة بلقانية، وتأثرات غجرية، مكرس معظم افلامه اما لحياة الغجر الطريفة والممتعة (في «زمن الغجر» كما في «قط أبيض قط اسود») وإما للحياة السياسية في بلده القائم دائماً على بركان (كان هو من افضل المعبرين عنه، اما احتجاجاً في «بابا في رحلة عمل» على القمع في عهد تيتو، وإما سخرية بحنان، كما في «الحياة معجزة» و«اندرغراوند» اللذين يتناولان تفكك يوغوسلافيا بلغة سينمائية رائعة).

اما «الاخفاق» الوحيد، فنياً على الاقل في حياة كوستوريتسا المهنية، فلا يزال في فيلمه «الاميركي» الوحيد «حلم آريزونا» الذي، على غير عادته، جمع له ثلاثة من اكبر نجوم اميركا: جيري لويس، وفاي دانواي وجوني ديب، ليؤكد – من دون ان يرغب ذلك – ان سينماه، ليست مصنوعة من اجل النجوم، بل هي التي تصنع نجومها، وفي مقدمهم «السيد رئيس لجنة التحكيم» لهذا العام نفسه.

الحياة اللبنانية في

13.05.2005

 
 

فيلم بريطاني عن اللقاء بين التطرف الإسلامي وفكر المحافظين الجدد...

سيد قطب وليو شتراوس في «سلطة الكوابيس»: المعركة نفسها!

كان - إبراهيم العريس

الفيلم الذي صبر عدد من المتفرجين بعد ظهر امس اكثر من ساعتين ونصف الساعة وهم يشاهدونه في إحدى صالات مقر المهرجان السينمائي في مدينة كان الفرنسية، كان فيلم رعب حقيقي، لكنه لم يتسم بأي قدر من الغرائبية، وإن كانت واقعيته لن تؤهله لتحقيق النجاح الذي حققه فيلم رعب واقعي آخر في العام الماضي، ونعني به «فهرنهايت 11/9» لمايكل مور، الذي فاز بالسعفة الذهبية في المهرجان، وفاز بمئات الملايين من الدولارات، ارباحاً... لكنه أخفق يومها في تحقيق الهدف الرئيسي لمخرجه: إسقاط جورج دبليو، في الانتخابات الرئاسية الأميركية!

نذكر «فهرنهايت 11/9» ، لأن الفيلم الذي عرض امس في عنوان «سلطة الكوابيس» يمت إليه بأكثر من صلة. وهو مرعب مثله ووثائقي مثله ايضاً، ويحاول ان يتحرى التاريخ الراهن، مروراً ببعض الماضي، مستخدماً الشاشة، في نهاية الأمر، مكان خطاب سياسي.

غير ان «سلطة الكوابيس» اعمق كثيراً من «فهرنهايت 11/9» وأذكى... لذا فإن الرعب فيه اكبر وقوة الإقناع اكبر، والديماغوجية اقل، وبالتالي فإن حظه بالنجاح الكبير اقلّ. والدليل ان الفيلم مر قبل شهور على شاشة الـ«بي بي سي» البريطانية، وظل رد الفعل عليه محصوراً الى حد ما.

اليوم، انطلاقاً من «كان»، فرصته نحو العالمية اكبر. لكن فرص فوزه بالجوائز اقل لأنه يشارك من خارج المسابقة الرسمية. ولكن، بمسابقة او من دونها، ففيلم «سلطة الكوابيس» يقلق وهو يفسر ويجعل الدم البارد يسري في عروق مشاهديه. لأنه، بكل بساطة، وعلى مدى عرضه الطويل، حاول ان يقول ما كان يبدو بديهياً بالنسبة الى قلة من المراقبين: سيد قطب وليو شتراوس، معركتهما واحدة. وإذا كنا نحن العرب نعرف من هو سيد قطب، احد مجددي فكر جماعة «الاخوان المسلمين» باتجاه التكفير، الذي اعدمه الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر خوفاً من فكره المتطرف وحسه التآمري فإننا لا نعرف الكثير عن ليو شتراوس. لكننا نعرف تلامذته وحوارييه، وهم يحملون اليوم اسماء لامعة: دونالد رامسفيلد، بول وولفوفيتز... حتى ويليام كريستول. ونعرف ان هؤلاء من أعلام المحافظين الجدد.

ومخرج الفيلم آدم كورتس وجد لزاماً عليه، لكي يحدد الموقع الفكري لهؤلاء المحافظين، ان يعود الى أستاذهم شتراوس، استاذ الفلسفة في جامعة شيكاغو بداية الخمسينات من القرن الفائت، أي الفترة نفسها التي كان فيها قطب يتلقى تعليمه الجامعي في الولايات المتحدة. اذاً، هل التقى قطب شتراوس؟ ليس بالضرورة. لكن الاثنين وصلا، في نظرتهما الى المجتمع الى الاستنتاج نفسه: ان المجتمع الحديث فاسد يجب تطهيره. إنه يعطي الأولوية للرغبات الفردية على حساب طهرانية الجماعة. ولذا اقتُضي إحداث تغيير عميق فيه يستند الى ايديولوجية طهرانية تكفيرية، وجدها الأول في التطرف الإسلامي ووجدها الثاني في مزيج من التطرف اليهودي - المسيحي.

ما نشهده اليوم، يقول الفيلم، هو نوع من «التحالف» الضمني بين المشروعين، وقد انتقلا من حيز النظرية (لدى شتراوس وقطب) الى الحيز العملي (لدى بن لادن والظواهري، ورامسفيلد ورفاقه). ومن هنا حتى يقترح الفيلم تحالفاً واقعياً، خطوة لم يقطعها، لكنه اوقفنا عند بابها، ملقياً عشرات الأسئلة، راصداً شتى انواع المصادفات، متحرياً حياة صاحبي الأفكار التكفيرية/ الطهرانية، واصلاً الى افغانستان و11 ايلول (سبتمبر) وحرب العراق... وكل التاريخ الذي نعرفه الآن. تاركاً لمتفرجيه ان يستنتجوا ما يوحي إليهم به: نظرية مؤامرة شاملة على صعيد كوني تصبح معها «القاعدة"، مثلاً، اختراعاً اميركياً «محافظاً جديداً» خالصاً.

كل هذا يصعب تصديقه بحذافيره، لكنه يشكل محاولة لقراءة احداث فيلم سنعود إليه في شكل موسع مرات ومرات بالطبع.

الحياة اللبنانية في

14.05.2005

 
 

الخليج في مهرجان كان السينمائي الدولي (3)

أرض الأفلام المتحررة من قبضة هوليوود

كان - محمّد رضا

لانتخاب مجموعته من أفلام المسابقة وأفلام التظاهرات الجانبية استعرض مدير المهرجان وفريقه 1500 فيلم. غني عن القول إن معظمها فشل في الوصول الى النخبة المعروضة حالياً، وبعضها توزع إما خارج المسابقة او في تظاهرات جانبية، لكن معظمها رد الى أصحابه مع رسالة تقول في مطلعها “شكرا. استعرضت لجنة اختيار مهرجان “كان” السينمائي هذا الفيلم ووجدته غير صالح للعرض في إطار مسابقة الدورة الثامنة والخمسين”. طبعاً المفترض أن تكون الأفلام المعروضة هنا هي الأفضل، لكن في كل مرة ألاحظ فيها أن الفيلم المعروض في المسابقة مسبوق بمقدمة تشي بأنه مباع الى شركة توزيع فرنسية، حتى ولو كان ألمانيا او كورياً، أتذكر ما تم كشفه، ونقلته الى قراء “الخليج” قبل عامين، من أن نحو 85 في المائة من الأفلام التي تندرج في المسابقة مباعة الى شركة توزيع او يدخل فيها تمويل فرنسي بنسب مختلفة.

لكن القضية التي فجّرتها مجلة “فاراياتي” الأمريكية كشفت عن “أجندة” خاصة بها. كانت المجلة تعبّر عن استياء هوليوود من الطريقة التي يتم بها تصريف الأعمال في مهرجان “كان” فيتم حجب الأفلام التي تريد هوليوود إرسالها لكي تعرض وتفوز وتفضل عليها الأفلام الأمريكية المتحررة من قبضة هوليوود. كانت أيضاً تثير هذه المسألة في طيّات حركات مد وجذب بين “كان” و”هوليوود” طغت على العلاقة بين القطبين الكبيرين.

في العام الماضي ظهر كما لو أن العلاقة أصبحت أكثر ودّاً وفي هذا العام يمارس الطرفان ما مارساه في بعض السنوات السابقة خلال تاريخ المهرجان المديد وهو إدراكهما بأن كل منهما بحاجة الى الآخر.

والحقيقة هي ذلك بالفعل.

حتى “كان” أكبر مهرجانات السينما العالمية (الذي يحضره 4000 إعلامي- ناهيك عن الضيوف من أبناء المهنة ذاتها) بحاجة الى هوليوود. وهوليوود التي تصرّفت في أحيان كثيرة كما لو أنها بغنى عن المهرجان الفرنسي تدرك أنها اليوم تحتاج الى “كان” أكثر من أي وقت مضى. المصلحة تقتضي ذلك. لماذا؟

تجد الجواب في “مملكة الجنة”: إيراداته الأمريكية بعد أسبوع من بدء عرضه تبلغ نحو 25 مليون دولار.... إيراداته العالمية عن ذات الأسبوع الأول تتجاوز ال 70 مليون دولار.

الأفلام

Lemming ***

[فرنسي- المسابقة]

المخرج مونيك مول لا يجب أن يكون غريباً على أذن المشاهد العربي. قبل خمس سنوات حقق فيلما بوليسياً جيداً بعنوان “صديق مثل هاري” تم عرضه من خلال نشاطات المراكز الثقافية في عدد من العواصم العربية وعرض تجارياً في بيروت وتناولناه في “الخليج” بإعجاب استحقه. لكن خمس سنوات مرّت على إخراج مول لذلك الفيلم جعلت المرء يتساءل ما إذا كان ذلك الفيلم سيقف منفرداً في قائمة أعمال المخرج كالعمل الأفضل له.

الفيلم الحالي يؤكد أن مول، وهو فرنسي يعترف بحبّه لسينما ألفرد هيتكشوك، يملك موهبة حقيقية توفر له نظرة ممعنة في العلاقات الإنسانية ويستطيع اكتشاف الزاوية التي تقلب ما يبدو -كفكرة- عادياً الى فيلم أعلى من ذلك بقدر ملحوظ. وهذا ما يفعله مع “لمينغ”. لكن “لمينغ” ليس -للأسف- “صديق مثل هاري”. كلاهما يحوي المعالجة الداكنة لتلك الشخصيات، كلاهما يبنى ساعة ونصف الساعة من الأحداث على معطيات مقتصدة، لكن في حين أن التشويق حالف الفيلم السابق من بدايته حتى نهايته، فإن هذا الفيلم يعاني من بداية جيدة تستمر نحو نصف ساعة تؤسس لما نراه تأسيسا جيدا. بعدها يستوي الفيلم على إيقاع فيه قدر من الافتعال بسبب أن الأحداث، المحصورة -غالباً- في منزل واحد، لا توفر الكثير من التنوّع. مول يحبس نفسه بين أربعة جدران وأربع شخصيات وداخل مربع مسرحي ثم يحاول الابتكار وسط ذلك الوضع الصعب. النتائج فيلم بمجمله جيد لكن في تفاصيله يحتمل الكثير من النقاش.

إنه عن ألان وزوجته بنديكت اللذين كانا تركا المدينة المرفّهة الى الجنوب الفرنسي ليعيشا بسعادة وبعيداً عن حياة اللهث التي تعرفها المدن الكبرى. تزوّجا منذ ثلاث سنوات ولم ينجبا بعد لكن هذا الوضع ليس عائقاً. من ناحيتها تعتقد الزوجة أن الوقت المناسب سيأتي. من ناحيته يدرك الزوج أنه في مرحلة إعادة بناء وهو سعيد بالوظيفة المغرية التي يشغلها حالياً في مؤسسة تقنية قررت الاستفادة من تصاميمه التقنية الجديدة. الشركة يرأسها رتشارد بولوك الذي هو بدوره سعيد عن ابتكار ألان الجديد: آلة صغيرة تستقصي العيوب الهندسية التي تعاني منها المنازل عادة من تمديدات ومواسير وما إلى ذلك. الرئيس سعيد جداً بهذا الابتكار وآفاقه التجارية بحيث يدعو نفسه على العشاء في دار ألان (!).

ما يحفز على المتابعة نجاح المخرج في حشد شخصيات ذات أنفس داكنة. كلها ترتدي نظارات سوداء لكن ثلاثاً منها ترتديها في الداخل. والتمثيل جيد من الثلاثة لوران لوكاس، شارلوت غينسبيرغ وأندريه دوسولييه ورئيسي من شارلوت رامبلينغ.

Brice De Nice **

[فرنسي- خارج المسابقة]

“بريس النيسي” هو كوميديا من إخراج فرنسي اسمه جيمس هوث وبطولة جين دوجاردان الذي اقترح على المخرج الفكرة. مثل دوجاردان فإن كل الممثلين ليسوا نجوماً. رغم ذلك خطف الفيلم 30 في المائة من إيرادات العروض الفرنسية حين تم إطلاقه قبل شهر.

الأحداث تقع في مدينة نيس وبطلها هذا الشاب دوجاردان الذي يحب البحر ويحب المدينة ويحب ستراته الصفراء التي طبع عليها اسمه. لكن عدم وجود موجات بحر عالية يستخدمها بريس لرياضة “السيرف” هو ما يقض مضاجعه. لا بأس إذا لم يأت البحر اليك اذهب إليه ولو في مكان آخر. وحين يتم إلقاء القبض على أبيه بتهمة غسل المال يكتشف بريس أنه لا يجيد أي صنعة او مهنة يقتات منها... لم لا -إذاً- مزج الهواية بالعمل والانطلاق لتهيأة أرضية الفيلم لنصف ساعة أخيرة من السباق المائي.

الخليج الإماراتية في

14.05.2005

 
 

الخليج في مهرجان كان السينمائي الدولي (4)

 فضلها "مخبوء" تحفة هانكي

الإنسان العربي.. ضحية ومتهم في 3 أفلام 

كان - محمّد رضا

الى حين خروج فيلم ريدلي سكوت “مملكة السماء” كان من الممكن جداً رفض النظر في احتمال أن تكون السينما العالمية في وارد القاء تحية على الموضوع العربي، أيما كان ذلك الموضوع. في الحقيقة، العكس هو الذي كان محتملاً منذ الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. مزيد من تلك الأفلام التي تستخدم العربي علاقة شمع لغسل الضمير الغربي من كل نقد. الشخصية الأكثر أهلاً للعداوة والاستنكار او السخرية ان لم يكن لشيء فبسبب الخلط الكبير القائم بين الاسلام وبين تطبيقاته لدى المتطرفين والمتعصّبين.

لكن اذا كان “مملكة السماء” مفاجأة سارّة وهو فيلم هوليوودي كبير خرج هذا الشهر عالمياً وينجز ما يستطيع أن ينجزه من ايرادات قبل غزو السينما اللاهية التي يعبّر عنها “ستار وورز” المقبل، فان بعض ما شوهد الى الآن من أفلام في “كان”، لا يناهض التوقعات السابقة فقط، بل يقدّم خامة جيّدة لدراسة الوضع العربي وعلاقته بما يقع في الغرب وتأثيره فيه.

أفضل هذه الأفلام تحفة من المخرج ميشيل هانَكي بعنوان “مخبوء” من بطولة دانيال أوتييل وجولييت بينوش. ككل فيلم جيد يبدأ “مخبوء” بنظرة تأمل من دون نطق او حركة: هناك شارع في حي سكني يؤدي الى آخر وفي صدارة الشارع الآخر بيت جميل وديع. اذ تمر عناوين وأسماء البطاقة الفنية على الشاشة على نحو متوال وسريع تتوقع أن ينتقل المخرج الى لقطة أخرى بمجرد انتهائه من تلك الأسماء. لكنه يبقى ملاحظاً حياة راكدة في الظاهر. بعد ذلك، ندرك أن ما نشاهده هو فيلم فيديو يتابعه مقدم برامج الكتب في احدى المحطات التلفزيونية اسمه جورج (أوتييل) مع زوجته آن (بينوش). البيت الذي في صدر الشارع هو منزلهما، لكنهما لم يصوّرا الفيلم وفي الحقيقة لا يدريان من الذي صوّره ولماذا. أشرطة فيديو أخرى تبدأ في الوصول وقلب ركود الحياة رأساً على عقب. جورج يبدأ بالشعور بأنه مراقب. هناك من يصوّر البيت كما يرسم رسومات تثير الذعر وربما يهدد حياتهما وابنهما الصغير ببير. جورج يعود بذاكرته الى الوراء: والداه كانا تبنيا طفلاً عربياً اسمه ماجد، بينما كان جورج ولداً صغيراً. جورج كره ماجد وشعر بالغيرة منه والخشية من أن عطف والديه قد ينحسر عنه. دبّر لماجد مكائد وخطط حتى أظهره كما لو كان خطراً عليه. العائلة قررت التخلي عن تبني ماجد وأرسلته الى المأوى على الرغم من براءته. الآن، وجورج أصبح في الأربعين او نحوها، يشعر بأن ماجد هو الذي يسعى لهدم حياته انتقاماً منه. هذا الشعور يتحول الى يقين لا يستند على دليل. في مشهد من مشاهد الفيلم الرائعة وهي كثيرة، يتواجه جورج وماجد (يؤديه موريس بنعيشو) والثاني هو الذي يستولي على المشاعر. انه رجل فقير يعيش في شقة حقيرة ويبدي استغراباً مقنعاً من اتهامات جورج. لكن جورج يهدد ولا يتوقف وحين لا يعود ابنه الى البيت ممضياً الليلة بعيدا من دون أن يخبر والديه، يزداد جورج قناعة بأن ماجد هو الذي خطف ابنه فيقصد البوليس الذي يداهم المنزل ويلقي القبض على ماجد وابنه.

جورج لا يملك دليلاً على شيء والبوليس يخلي سراح ماجد وابنه في الوقت الذي يعود فيه الابن الى البيت. على كل ذلك جورج لا يزال مقتنعاً بأن ماجد هو المسؤول عن تصوير تلك الأفلام وارسالها. وحين يتصل به ماجد ينطلق اليه متوقعاً كل شيء باستثناء أن ينتحر ماجد أمامه قائلاً “ليست لي علاقة بتلك الأشرطة... أريدك أن تكون شاهداً على موتي”.. يقول ذلك ويذبح نفسه بلمحة.

لا داعي لكشف النهاية هنا، لكن الفيلم ورسالته يصلان الى المشاهد بثراء بصري وحسي رائع. انه عن العربي الضحية والعربي المتهم. وهناك حوار يكشف عن أن ماجد ابن أب قتله البوليس الفرنسي حين خرج في تظاهرة ضد الاستعمار الفرنسي على الجزائر مع نحو 200 عربي آخر قضوا في نهر السين حين ألقوا. اذ يستلهم المخرج تلك الحادثة (لأول مرة في فيلم روائي) يضيف اليها مشاهد اخبارية نتابع فيها ما يحدث في العراق وما يحدث في فلسطين. والصور الفلسطينية التي يعرضها المخرج عن الوضع هناك منتمية الى اختياراته. لو أنه لم يكن يقصد اظهار تعاطفه من الشعب الفلسطيني لاختار شريطاً اخباريا مختلفاً يقدّمه على شاشة التلفزيون حيث يتابع بطل الفيلم الأنباء.

الفيلمان الآخران هما “تحامل” و”كيلومتر صفر” الأول فيلم جوهري بالنسبة لأفلام هذا المخرج المولود - سينمائياً- سنة 1996 عندما قدّم أول أعماله “وقت الاغلاق”. انه حول امرأة خطفتها احدى المجموعات المناهضة للوجود الامريكي وللحكومة العراقية الجديدة وهددت بقتلها اذا لم تتخل اليابان عن سياستها المؤيدة للولايات المتحدة في العراق. هذا ما يحملنا الى ادراك أن الفيلم مأخوذ عن واقعة ذات أساس حقيقي. ما هو غير معروف هو اذا ما كانت الأحداث بعد ذلك هي ذاتها التي وقعت لليابانية التي كانت تعمل في نطاق الخدمات الانسانية وخطفت بالفعل. في الفيلم الافراج عنها وعودتها الى بلادها بداية أزمتها الحادة. تنكر الناس لها. شعر المجتمع الياباني أزاءها بالخجل كونه اضطر لأن يتنازل من أجلها. يتم طرد والدها من العمل وتتعرّض للضرب في الشارع وللكثير من الاهانات في العمل والمناطق التي كانت تتواجد فيها، وهي في النهاية تقول حزينة: “أنا يابانية لكني وجدت في العراق بيئة أكثر تفهماً لي”.

أما “كيلومتر صفر” ثاني فيلم للمخرج الكردي هاينر سليم يعرض في المهرجانات الدولية (بعد “فودكا ليمون” قبل عامين) وثالث فيلم له. وجه جديد لكن خطواته متسارعة ولن أقول سريعة. في “فودكا ليمون” كان قدّم صورة هزلية وانسانية في الوقت ذاته حول وضع شخصيات ليس لديها الكثير مما تعيش من أجله سوى خطوط حب واهية. صوّره في أرمينيا عن شخصية أرمنية بعضها يعيش في وهم والآخر في حب متقطع التواصل. في فيلمه الجديد هذا لا يزال هاينر يملك العين المثيرة المفتوحة على الاكتشاف والمعالجة الساخرة والاهتمام بالقصص الصغيرة الساقطة بعيداً عن اهتمامات وكالات الأنباء. هو أيضاً يبحث في الوضع العراقي لكن في العام 1988 بينما كانت الحرب العراقية  الايرانية مشتعلة. أبطاله أكراد من الشمال يعيشون الوضع بمصاعبه وبأحلامه. يحاول بعضهم التقاط براعم الحب بيده وسط حرائق الجبهات ويعيش البعض الآخر في أوهام السعادة التي لا تتحقق. المشكلة الوحيدة تقريباً هنا هي أن المخرج اذ ينتقل الى الأمام في وقت وجيز يعمد الى الاستعارة من مشاهد ألهمته في الفيلم السابق. المثل الأوضح السرير الذي يعيش عليه الرجل العجوز في العراء (لا مكان لديه يذهب اليه) والحصان الأبيض العابر في بعض المشاهد كما لو أنه ورد من فيلم للروسي برادجانوف.

####

الخليج في مهرجان "كان" السينمائي الدولي (5) 

في لقاء خاص مع “سكايووكر” أحد محاربي “ستارز وورز”

هايدن كرستنسن: أترك نفسي ملكا لشخصياتي الدرامية

كان - محمّد رضا

الساعة السابعة والنصف صباحاً والصالة التي ستعرض “ستار وورز: انتقام سث” أصبحت مزدحمة. إنها أكبر صالات جنوب فرنسا، وربما أكبر صالات فرنسا كلها... لكن المقاعد الشاغرة الآن ستغص بالحاضرين قبل نصف ساعة من بدء العرض. المبكرون يصلون تباعاً. هم أكثر ارتياحاً حين القدوم. يأخذون أماكنهم على الهيّن. المتأخرون، أي الواصلون نصف ساعة قبل العرض، يستعجلون الخطى حتى لا يضيع عليهم الكرسي. يفضلون مقاعد معيّنة يأملون في أن بعضها لا يزال شاغراً. المتأخرون جداً تراهم منهكون من الركض في شوارع كان قادمين من شققهم او فنادقهم يبحثون جاهدين عن أي مقعد.... كل هذا كما لو أن “ستار وورز: انتقام سث”  هو فيلم مهرجانات، او كما لو أن مخرجه جورج لوكاس يهمه سينما الفن ويحقق أعماله تبعاً لاهتمامه.

الحقيقة أن “ستار وورز: انتقام سث”، وهو السادس في السلسلة،  فيلم أكشن خيالي- علمي فانتازي فضائي لا علاقة له بمشاكل الأرض التي ترويها الأفلام المتسابقة. والحقيقة أيضاً هي أن جورج لوكاس يعبأ فقط به. أمضى من العام 1979 الى العام الحالي حياته كلها يلاحق “ستار وورز”.

فكّرت بكل هذا وأنا أتابع فيلماً هو أفضل حالا من الجزئين الرابع والخامس (وسأعود الى الفيلم في يوم أحد قريب). لكنه عمل جيد بسبب تقنياته وليس بسبب مستواه الفني والفرق واسع بين الفن والتقنية. وخلال المشاهدة كنت أبحث عما سيجسّده  هايدن كرستنسن، أحد أبطال الأجزاء الثلاثة الأخيرة من هذا المسلسل ومحورها جميعاً ذلك لأن مقابلتي حددت بعد نصف ساعة من انتهاء الفيلم، وأنا لم أكن معجباً به في الجزأين السابقين وما زلت، بعد هذا العرض، أنتظر أن أعرف عنه المزيد فنياً إذا ما استطاع النفاذ الى فيلم “أرضي”.

إنه “سكايووكر” الذي كان احدى الشخصيات الثلاث الرئيسية في الأجزاء الأولى من المسلسل (تلك التي خرجت في الأعوام 1979 و1982 و1984)، وتلك الأجزاء تقع إذا ما تم ترتيب المسلسل زمنياً، بعد الأجزاء الثلاثة اللاحقة وبينها هذا الفيلم، وليس قبلها. الواقع أن سكايووكر هنا هو الخط الممتد بين كل أجزاء المسلسل وإذ تنتهي أحداث هذا الفيلم يتم ربطه وتلك الأحداث بأحداث “ستار وورز” الذي أخرجه لوكاس سنة 1979 غير مدرك آنذاك أنه اكتشف الذهب.

مثل كل اللقاءات يمنحك الملحق الصحافي عشر دقائق لأن طابور النقاد والصحافيين الذين يريدون إجراء حديث مثلك يمتد لخارج المدينة. عليك أن تكون سريعاً وتبرهن عن أنك ملم بحيث لا تأخذ إجابته صفة الشرح غير الضروري فيتقلص عدد الاسئلة الممكنة.

ليل ونهار

·         كيف تجد تطوّر الشخصية التي تؤديها من فيلم الى فيلم؟ هل ساعدك لوكاس في تجسيد الشخصية حسب صورتها في باله؟

- جورج لوكاس شخص خجول الى حد. وأعتقد أن ذلك لا يعيبه لكنه يجعله حذراً حين يريد التدخل في كيفية رسم الممثل الشخصية التي سيلعبها. لا أعني انه لا يتدخل، بل هو يفعل إذا ما وجد أن ما يقوم به الممثل غير الذي في باله هو، لكنه يعطي مجالا كبيراً من الحركة ضمن ذلك المطلوب. وأنا أيضا شخص خجول الى حد وأعتقد أن ذلك ساعدنا على التواصل جيّدا. تطوّر الشخصية يتبع تطوّر الأحداث. كما رأيتها بنفسك ليست منفصلة عن جو كامل من الأحداث والحكايات. لكني أعتقد أنها تمثّل قدراً كبيراً من الحماسة للفيلم بأسره. تجسّد هوسنا جون وباقي العاملين وأنا بإنجاح هذا الجزء الأخير وتقديمه كخاتمة جيدة.

·         هل سيكون فعلاً خاتمة؟

- إسأل جورج لوكاس. أعتقد انه قال ذلك، لكني أفهم من سؤالك أنك تشك في ذلك وربما معك حق. أنا نفسي تراودني شكوك (يضحك).

·         هناك حلقات تلفزيونية قرر صنعها من “ستار وورز” هل ستشترك فيها؟

- لا أعتقد.

·     شاهدتك قبل عام في فيلم صغير، حتى من دون المقارنة مع  حجم هذا الفيلم اسمه “زجاج مهشّم” وحين كنت أشاهدك هذا الصباح، خطر لي أنه لابد أن فيلما يعتمد على التقنيات والمؤثرات يحد من إمكانية صهر الإبداع الدرامي للممثل، ذلك الذي تجده في أفلام من نوع “زجاج مهشّم”. هل تعتقد أن هذا صحيح؟

- أعتقد أن هذا صحيح، لكن فلسفتي في هذا الموضوع تقوم على أنه إذا ما كنت تقدّر العمل الذي ستقوم به فستكون مرتاحاً مهما كان هذا العمل. في “زجاج مهشّم” كنت مرتاحاً وفي سلسلة “ستار وورز” كنت مرتاحاً. لم أتصارع ونفسي حين كنت أمثل الدراما متمنياً العودة الى “ستار وورز”، ولم أكن في خلاف مع نفسي حين كنت أمثل هذا الفيلم.

·         لكن ما أقصده هو معرفة الاختلافات بالنسبة إليك.

- اختلافات؟

·     نعم. الفارق بين تمثيل فيلم مثل “زجاج مهشّم” ليس فيه لقطة دجيتال واحدة، والتمثيل في فيلم كله مؤثرات وخدع ومعالجات دجيتال.

- الفارق هو ذاته بين الليل والنهار وذلك كيفما نظرت الى الفيلمين. “زجاح محطّم” كان فيلما عن العلاقات الإنسانية والحقيقة أن أفضل العلاقات الحميمة برزت خلال تصوير هذا الفيلم. كنا أسرة صغيرة واحدة. “ستار وورز” هو النقيض لكل ذلك. لأنه ليس فيلماً عن العلاقات البشرية، ولو أنه يحوي قصة حب، بل هو فيلم عن مغامرات فضائية مليئة بشتى أصناف الخيال. ومعظم الوقت أنت تمثّل وحدك وخلفك شاشة زرقاء لكي يتم طبعك على المؤثرات فيما بعد.

جوانب داكنة

·     أين مكمن النجومية في اعتباراتك؟ كم من مهنتك حالياً منصب على النجاح الجماهيري الذي ندرك جميعاً أنه سيكون من نصيب هذا الفيلم؟

- سأقول لك شيئا لم أقله بعد: لا أعلم إذا كان الجمهور سيأتي بحجم أكبر من إقباله على الأفلام السابقة، وحتى جورج لوكاس لديه شكوك في هذا المجال. لذلك لا أستطيع أن أفكر بالطريقة التي تقترحها. طبعاً النجاح الجماهيري يهمّني جداً، لكن من منا يعلم ما الذي سيصادفه الفيلم من حظ؟

·         ما الذي يهمك أيضاً الى جانب ذلك؟

- تهمني الأفلام الصغيرة والجدية التي أقوم بها من حين لآخر. فيلمي المقبل عنوانه “ديكاميرون” وأنا سعيد به جداً سعادتي ب “ستار وورز: انتقام سث”. أعتقد أنني ما زلت في مرحلة يهمني النجاح في كلا الجانبين الجماهيري من جانب والفني من جانب آخر.

·     في الجزء الرابع، الذي كان عنوانه “ستار وورز”- الفصل الأول، بدأت شخصيتك كشاب كله سعي لمعرفة طاقاته واستثمارها في سبيل الخير. في هذا الفيلم هو على طريق الشر من بدايته. كيف أتممت هذه المهمة بينك وبين نفسك؟ كيف وجدت الطريقة التي يمكن بها تطوير الشخصية على هذا النحو؟

- مرة أخرى بمعاونة كبيرة من الشخصية كما هي مكتوبة على الورق. وأصارحك كنت أخشى أن لا أستطيع إنجاز النقلة على نحو صحيح. لكن الكتابة من الجودة بحيث معظم مشاكلك محلولة بمجرد قراءة النص وتطبيقه.

·         هل لديك شخصياً جانباً مظلماً يجعل تمثيل شخصية سكايووكر أسهل قليلاً مما يجب؟

- أعتقد أننا جميعاً لدينا جوانب مظلمة. الا تعتقد؟ بعضنا لديه جوانب قليلة وبعضنا تطغى تلك الجوانب فوق الخيّرة حتى تكاد تطمرها. لكن حين أمثّل لا أفكر بهذا التفسير الذي لا أعرف كيف أصفه... هل هو نفسي او فلسفي او ديني. اترك نفسي ملكا للشخصية التي أقوم بها.

(أنظر الى الملحق الصحافي وقد عاد الى الطاولة إيذاناً بأن الدقائق العشر والتي بلغت اثنتي عشرة،  انتهت لكني أحاول تجاهله وأنا أطرح سؤالي الأخير):

·     شعار “ستار وورز” منذ البداية هو أن “القوّة معك”... هل تشعر أن القوّة معك الآن وقد أتممت تمثيل ثلاثة أجزاء إثنان منها جمعا أكثر من بليون ونصف بليون دولار من الإيرادات؟

- على مستوى شخصي نعم لكن ليس من حيث التوقف عند هذا النجاح والتمتع بالشهرة. أنوي الآن الانشغال كثيراً. أريد أن أعمل في أكثر عدد ممكن من الأفلام وفي أكثر من نوع.  هذه هي القوّة التي أشعر بها. الدفع معي الآن وشكرا ل “ستار وورز”. أريد أن أصرف هذا الوقود في أفلام أخرى.

يوميات

جاكي تشان على ظهر العمارة

جاكي تشان وصل بالأمس ومن أوّل قدومه انشغل بتصوير مقابلات تلفزيونية على ظهر إحدى العمارات الكبيرة. ليس معروفاً إذا ما كانت لديه مشاريع جديدة في آسيا، أما في هوليوود فإنه في مرحلة تريّث كما ذكر في حديث سابق له.

أيضاً في المدينة الزرقاء الممثل والمخرج الصيني ستيفن تشاو الذي عرضت له الصالات الأمريكية “كونغ فو هاسل”. الإقبال المعتدل جداً الذي حصده هذا الأكشن في الولايات المتحدة لم يمنع شركة كولومبيا من أن تعلن هنا أن ستيفن وقّع معها عقداً على بطولة فيلم جديد.

أعلن المخرج أوليفر ستون أن كل ما كتب عنه في الأسابيع القليلة الماضية كذب كامل. وحسب قوله: “لست في وارد تقديم قصّة حياة مرجريت تاتشر”، ولا أعرف شيئا عن مشروع نسبوه إلي بعنوان “الحارس الليلي” ولا فيلم “كونستانتين” (الذي قام كيانو ريفز ببطولته مؤخراً) كان معروضاً علي. ولم أتنكر لأي من أفلامي بما فيها “الاسكندر” الذي حقق، بالمناسبة 170 مليون دولار عالميا وسيُطرح على الفيديو قريبا.

كيفن باكون، أحد أبطال فيلم “الحقيقة تكذب”، الذي عرض خارج المسابقة، يقول لنا حين التقيناه مصادفة: “هذه هي المرة الثالثة التي آتي بها الى هنا، وفي كل مرة أقول لنفسي إنني لن أدهش... لكني أدهش تماماً”. ذكرت له أنني كنت في العشرين من العمر حين جئت الى “كان” لأول مرة سنة 1974 وإني لم أنقطع عاماً الى الآن... هذا أدهشه!

####

23 سنة من عمر الناقد في "كان"

أفلام وذكريات وحكايا من تاريخ المهرجان

كان ـ محمد رضا

حين يعود بطل فيلم “المحادثة” الى منزله وقد اهتزّت قناعاته السابقة، يقلب أثاث شقّته رأساً على عقب بحثاً عن جهاز التنصت الصغير الذي يعتقد أنه مزروع في شقّته بغاية التجسس عليه. حين لا يجده، يجلس الى آلة الساكسفون ويبدأ بالعزف. وحيداً ومهدوماً ومنقلباً على حاله من دون أن يعرف ما سينقلب إليه. هذا المشهد الأخير كان من تلك التي لم تبرح مخيّلة لجنة التحكيم التي رأسها المخرج الفرنسي رنيه كلير وضمّت الناقد البريطاني الراحل ألكسندر ووكر والممثلة مونيكا فيتي والسيناريست جان-لوب دابادي من بين آخرين. وفي نهاية المطاف خرج الفيلم بسعفة كان الذهبية. وصعد المخرج فرنسيس فورد كوبولا (الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره آنذاك) المسرح مبتسماً وسعيداً. إنه إبن السبعينات النضرة والفيلم - الذي توسّط تحفتيه “العراب” و”العراب 2”- كان أول فوز أوروبي له.

كان ذلك سنة 1974 وهذا الناقد وصل المدينة (التي كانت تختلف بعض الشيء عما هي عليه الآن) وهو لا يعلم شيئا من شيء. كان المهرجان الثاني له، ففي العام 1973 حضرت المهرجان العالمي الأول: مهرجان موسكو السينمائي الدولي حيث الدولة هي التي تأخذك من المطار وتوصلك الى المطار وتتجسس عليك كل يوم ما بين يومي الإياب والذهاب. هنا، في كان أيار/ مايو 1974 واجهت جواً مختلفاً. الشعور كان مزيجاً من الإعجاب الدافق وحب فوق العادة للحظة الحاضرة وجهل مطبق بما سأفعله حين وصولي. لم أكن أعلم شيئا عن الحجز المسبق وأمضيت الأيام الثلاثة الأولى أنتقل بين الفنادق، ليلة هنا وليلة هناك حتى حظيت بغرفة ألغى زبونها حضوره في آخر لحظة.

لكن منذ ذلك الحين و”القدم” لم تنقطع عن الحضور. الوجوه تغيّرت من حولي فمعظم من كان يحضر بلا انقطاع غاب او توقف والعديد من الوجوه الجديدة (التي هي قديمة الآن) حلّت مكانها. القصر التقليدي الذي كان لا يبعد سوى بضع درجات عن رصيف الشارع تم هدمه وإنشاء فندق بدلا منه وقصر أكبر وأحدث استقبله الساخرون بالتأسف على القصر القديم قبل أن يتأقلموا معه. المقاهي تغيّرت. حتى بائعة الصحف باعت في العام الماضي “كشكها” في مقابل فندق كارلتون وقررت أنه من بعد 30 سنة من بيع الصحف آن لها أن تستريح في مكان ما وتقرأ ما كانت تبيعه.

كان.. لا يزال كبيراً بل أكبر من السابق. المخرجون هم الذين تغيّروا. كوبولا ما عاد يخرج كثيراً والذين فازوا معه بجوائز رئيسية أخرى كذلك. خذ مثلاً الإنجليزي كن راسل الذي فاز بجائزة أفضل إنجاز تقني عن فيلمه الرائع “مولر” يعيش منسياً في قرية إنجليزية يمضي الوقت بين صنع أفلام صغيرة لا يراها أحد يقوم بتوليفها بنفسه في “كاراج” البيت الذي حوّله الى ستديو، وبين حياة خاصة لا يكترث إليها أحد.

وثلاثة من الفائزين الآخرين ماتوا: الإيطالي بيير باولو بازوليني (فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن “ليالي عربية” والألماني راينر فرنر فاسبيندر (فاز بجائزة إتحاد النقاد الدوليين عن “الخوف يأكل الروح”) والمخرج الفرنسي روبير بريسون (الذي ناصف فاسبيندر الجائزة نفسها عن “لانسيلو دو لاك”).

جاك نيكولسون فاز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم “التفصيلة الأخيرة” لهال أشبي بينما خرجت بالجائزة النسائية الممثلة ماري جوزيه نات عن “آلات الكمان المرقص” لميشيل دراك.

هذه الأفلام كانت بعض أفضل ما تم عرضه في عام تميّز عالمياً بوفرة الإنتاجات الجيدة. الأمريكي روبرت ألتمان قدّم نتاجه لذلك العام، وكان غزير الإنتاج آنذاك، “لصوص مثلنا”، فيلم فاتتني مشاهدته حتى سنوات عديدة لاحقة إذ بينما كان يعرض على شاشة المسابقة كنت أحمل أمتعتي وأبحث عن مكان يستقبلني. لكني شاهدت الفيلم الأمريكي الآخر “شوغرلاند أكسبرس” لستيفن سبيلبرغ وخرجت، مثل كثيرين، بانطباعات متفاوتة. قصة الزواجان اللذان يخطفان إبنهما من حضانة قانونية لعائلة أخرى فيهب بوليس الولاية لمطاردتهما. فيه الكثير من التكلّف والمواقف غير المقنعة لكن الفيلم نال جائزة أفضل سيناريو. أفضل ما شاهدته من الأفلام الأمريكية، الى جانب “المحادثة”، فيلم هال آشبي “التفصيلة الأخيرة”: كوميديا سوداء حول مجنّد من البحرية ارتكب ما دفع القيادة لسجنه. على جاك نيكولسون وأوتيس يونغ يصحبان السجين دنيس كوايد الى السجن، لكن على الطريق يعرفان إنه لا يزال عذرياً ومن خلال محاولة مساعدته على الترفيه عن نفسه يتعرّض الفيلم الى المجتمع والنظام بقدر لا بأس به من النقد هو غائب عن معظم أفلام اليوم.

في بيروت ما قبل الحرب كان المرء يستطيع مشاهدة الكثير من الأفلام الأوروبية، لكن بالطبع ليس كل ما يعرض او ينتج في بلدانها. “كان” كان ولا يزال الشاشة المناسبة لمثل هذه الأعمال الفنية التي من الصعب اليوم، أكثر من أي وقت مضى مشاهدتها في عواصمنا، او حتى عواصم غيرنا.

المخرج الروسي جيورغوي دانييلا قدّم ترجمته لرواية الأمريكي مارك تواين “مغامرات هكلبري فِن” واستقبلت حسناً لكنها خرجت من دون جوائز. لكنه لم يكن أكثر ثورية (والقصة ذاتها ووجهت حين نشرها في مطلع القرن الماضي بموجة عارمة من احتجاجات اليمين الأمريكي كونها تنتقد العنصرية في الجنوب) من فيلم المخرجة اللبنانية هيني سرور التي عرضت على شاشة المسابقة فيلمها “ساعت التحربر دقّت، برا يا إستعمار”... هاهي جندية مجهولة أخرى يلفّها الزمن في طيّاته المتسارعة. ويلف رسالتها ذاتها.

وفي حين قدّم كن راسل نسخته عن حياة الموسيقار “مولر” سعى الفرنسي ألان رينيه لتقديم قصة حياة خيالية بعنوان “ستافيزكي” روسي مخادع يعيش حياته بالطول والعرض لعبه عن تلاؤم شبه طبيعي جان-بول بلموندو. والإيطالية ليليانا كافاني (يجهلها الكثيرون اليوم) قدّمت “ماليريبا” الذي جاء قبل عام من فيلمها الأكثر جدلاً “البواب الليلي”.

الغاية هنا ليست مجرد ذكر عناوين أفلام وأسماء شخصيات لا يذكرها او لا يعرفها أحد، بل إثارة ذلك الرحقيق من النوستالجيا المحقة والإشارة في ذات الوقت الى ما كانت تعنيه السبعينات من ثراء فني ما عاد موجوداً. لا يتساءل المرء عما آلت إليه أسماء الذين ما زالوا أحياء فقط، بل عما آلت إليه سينما كانت تعرق لأجل أن تأتي مختلفة.

انسياباً مع طروحات الفكرة جاء فيلم وورنر فيرنر فاسبيندر “الخوف يأكل الروح” متحدّثاً عن موضوع لا يموت، بل ربما هو حي الآن أكثر مما كان عليه سابقاً. الفيلم دار حول عربي يعيش ويعمل في ألمانيا يتزوّج من امرأة عاملة في الأربعينات من عمرها. إنه زواج مصلحة. هي ليست جميلة وبحاجة الى فحل من نوعيّته يمنحها الى جانب الحب، ولو الحسّي المحض منه، الشعور بأنها مرغوبة، وهو بحاجة لمن يضمّه الى حضنه ويشعره، ولو بقدر من الزيف، بالإنتماء والأمان. لكن النتيجة إن كلاهما يصبح موضع عداوة المحيط العمّالي الإجتماعي من حولهما.

الخليج الإماراتية في

15.05.2005

 
 

السؤال يتكرر: هل هناك حياة بعد الخطف؟...

فيلم ياباني في مهرجان كان يتناول حرب العراق

كان - إبراهيم العريس

في المشهد الأخير لفيلم المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي «خارج الحياة» الذي عرض في مهرجان «كان» السينمائي عام 1991 وفاز مشاركة بجائزة لجنة التحكيم، ثمة صحافي فرنسي كان مخطوفاً في الحرب اللبنانية وأطلق سراحه وعاد الى باريس، لكنه لا يبدو سعيداً في المقهى بين رفاقه... وهذا ما يفسر حركته الاخيرة: يقوم من مكانه الى غرفة الهاتف ويطلب رقماً، لنكتشف انه رقم هاتف في بيروت. ينتقل المشهد الى شقة الخاطفين ولا من يجيب... والفيلم ينتهي من دون ان نعرف ماذا كان سيقول الفرنسي المخطوف لخاطفيه.

فيلم «الرهينة» (ولنطلق عليه هذا الاسم طالما ان عنوانه الياباني لا يعني اكثر من التعامل الشيء للناس مع رهينة اخرى... هي يابانية هذه المرة) يتناول حرباً اخرى، هي حرب العراق. ولعله اول فيلم عالمي كبير عن هذه الحرب، مع انه بالكاد يذكرها او يذكر اسم العراق، ولكن كل شيء واضح، فنحن هنا في اليابان والفتاة «يوكو» التي تعمل خادمة في فندق، كانت، كما سنعرف بسرعة، مخطوفة في العراق، لكنها اطلقت، وسط ظروف لا يوضحها الفيلم، كما انه لا يوضح لماذا اختطفت، وهي العاملة في منظمة انسانية تطوعية. المهم انها عادت الى بلدها، وكان يمكن لعودتها ان تكون مجيدة كعودة صحافي «خارج الحياة». لكن الامور في اليابان تبدو مختلفة: ففي البداية يستعدي مدير الفندق يوكو ويطردها من عملها، لأن لا احد يرغب في التعامل مع مخطوفة سابقة، لماذا؟ ما من جواب، فكل ما نشاهده في الفيلم بعد ذلك سلسلة من المضايقات والتهديدات تتعرض لها يوكو، يصورها مخرج الفيلم الياباني كوباياشي، (سبق ان شارك في «كان» مرات عدة، ويبدو في هذا الفيلم الجديد، في احسن حالاته)، بأسلوب واقعي يخلو من أي تأثير درامي.

بنى كوباياشي فيلمه انطلاقاً من حادث حقيقي. وكذلك انطلاقاً من مجابهة المجتمع الياباني المغلق (بحسب فيلمه) لثلاثة يابانيين كانوا خطفوا في العراق وأطلقوا، مسببين في اثناء ذلك ذلاً كبيراً لوطنهم ذي القيم الغامضة. وليوكو المصير نفسه: الناس في الطريق يمطرونها بالشتائم، خطيبها يتخلى عنها، مدير مصنع والدها يشكو من انفضاض الزبائن عن منتوجات المصنع بسببها... وكل هذا من دون ان نعرف السبب. فقط نتذكر ان الثلاثة الذين خطفوا، في الواقع اضطروا بعد عودتهم الى التعبير عن عميق اعتذارهم لحكومة بلادهم الحليفة في حرب العراق، بسبب ما سببوا لها من اذلال على الصعيد العالمي. هل حال يوكو مماثلة؟

لا ندري. كل ما في الامر ان كوباياشي في هذا الفيلم يقارب حرب العراق على طريقته الخاصة، لكنه يقدم مرافعة حادة ضد مجتمع بلاده وردود افعاله غير المنطقية. غير انه في هذا الفيلم الذي وضع حرب العراق على خريطة مهرجان «كان» (بأفضل مما فعل فيلم «كيلومتر زيرو» لهاينر سليم الذي يعرض باسم العراق ولا يحظى بتعاطف) يطرح السؤال الذي لم يتوقف طرحه منذ بدايات الخطف في حروبنا الشرق اوسطية «اللذيذة": هل هناك حياة حقيقية بعد الخطف؟

في فيلم مارون بغدادي جاء الجواب مبهماً، اما في فيلم كوباياشي فجاء اكثر قسوة: تقرر يوكو، بعد كل ما حدث لها، ان تعود الى الشرق الاوسط.

الحياة اللبنانية في

15.05.2005

 
 

في فيلم «القوس»... سهام العشق لا تخطئ

كان ـ مسعود أمرالله آل علي 

يعود المخرج الكوري كيم كي-دوك إلى أجواء فيلمه «الجزيرة - 2000» ليجمع خيوطاً كان تركها هناك ونسجها هنا في فيلمه الجديد «القوس» الذي عُرض في تظاهرة «نظرة ما». ونشاهد في الفيلم الأجواء الطبيعية، البحر، صيد السمك، فتاة وسيطة، رجل عجوز، سنارة، والكثير من العلاقات المتشابكة بين الشخصيات التي تحضر وتختفي فجأة في الفيلم.

ما يربط هذا الفيلم حقيقة، أو ما يخترق المونتاج، هو السهم النافذ من قوس يحمله الرجل العجوز، ويُطلقه مهدّداً زوار قاربه المتهالك، أو عاشقاً لفتاته ذات السادسة عشر ربيعاً، أو حتى كآلة موسيقية تنتج ألحاناً عذبة يغازل بها فتاته الصغيرة، وفي أحيان أخرى، يتلبّس هو ذاته صفة القوس ويستحضر كل طاقاته العدوانية أو الرومانسية.

والقوس هنا هو رمز استثنائي أراد به المخرج استنطاق التاريخ، ومزجه بشفافية مع قصة الحب العارمة التي يعيشها العجوز مع الفتاة اليافعة التي تعيش معه في القارب لمدّة عشر سنوات لم تخرج فيها ـ ولو لمرّة واحدة ـ من عمق البحر.يأتي صيادو السمك إلى قارب العجوز، وتقوم الفتاة بتلبية متطلبات الصيد، وأحياناً تتعرّض لبعض التحرّشات والمغازلات من قبلهم.

لكن سهم الرجل العجوز دائماً بالمرصاد لحمايتها. لا يتوانى العجوز أيضاً عن قراءة الحظ لمن يطلب من زبائنه. وعندما يفعل، فإن طقوس التنبؤ هذه هي من أجمل اللحظات في الفيلم، حيث تتدّلى الفتاة من القارب على أرجوحة بينما تلامس قدماها الماء بخفّة، ومن خلفها تظهر لوحة لبوذا مرسومة بألوان زاهية على حائط السفينة.

عندها يقوم العجوز بإطلاق سهامه على الفتاة التي تتهاوى مع الريح بينما السهام الحادّة والقاتلة تتخلّلها في ذهابها وإيابها كطلقات رحمة أو موت.العجوز أيضاً، يقوم في كل ليلة بشطب تاريخ اليوم من الأجندة المعلّقة على الحائط في انتظار عيد ميلاد الفتاة السابع عشر سنة.

وهو اليوم الذي يترقبه بشغف الولهان لأنه قد خطّط للزواج منها، وفي كل مرّة يقوم بجلب زبائن للصيد على قاربه، كان يستكمل متطلّبات العروس: ثوب أحمر فاقع، حذاء أحمر برّاق، قلادة وأشياء أخرى. وقبل الخلود إلى النوم في سرير مؤلّف من طابقين، كان العجوز يدلي يده من الأعلى ليحضن كف الفتاة الغارق في النعومة.

وفي الصباح، يستيقظ باكراً ليعد لها الفطور. في يومٍ ما، تأتي مجموعة من الصيادين إلى القارب، فتُؤسر الفتاة بشابٍ وسيم لتشتعل عندها غيرة العجوز. ومنذ اللحظة هذه، تَفسد العلاقة بين العاشق والمعشوقة، وخاصة بعد معاودة الشاب زيارة القارب بعد عدّة أيام، ما يدفع العجوز إلى طرده، ويحتج الشاب على أسلوب تربية الفتاة في عزلة.

واحتكارها على نفسه مهدّداً إياه بخطفها ذات مرّة؛ فيقوم العجوز بربط قارب الفتاة بقارب الصيد.وتنقلب العلاقة الحميمة إلى توتّر وشجار ورفض، وينقلب حال العجوز إلى بؤس وحزن ومكيدة إلى اليوم الذي يَخطف فيه الشاب الفتاة، وبما أن القاربين معقودان بحبل، يقوم العجوز بلف حبل قاربه بعنقه، حتى ما إذا تحرّك قارب الفتاة الهاربة، يختنق هو ويموت.

الانعطافة الأخرى في المشاعر تبدأ في هذه المرحلة، عندما تُدرك الفتاة أن طرف الحبل سوف يُنهي عشر سنوات من الرعاية والعشق والهيام، فتُقرّر الرجوع إلى العجوز.يُصاحب الفيلم موسيقا ناعمة ورومانسية، وخاصة في اللحظات التي يَستخدم فيها العجوز قوسه كآلة موسيقية، ويعتلي أعلى القارب مطّلاً على بحرٍ لامتناهٍ، وشمس باردة بفعل الريح المتسللة عبر الأمواج البعيدة.

بينما قد يعشق البعض أفلام المخرج كيم كي ـ دوك ـ الذي درس الفن في فرنسا ـ وقد يكرهها البعض الآخر، لكن الأكيد أنه مثير للجدل ومنفرد في أعماله التي وصلت للآن 12 فيلماً، فنظرته الشخصية المغايرة، وتناوله مواضيع الحياة العادية يجعلانه مختلفاً عن المخرجين الآخرين.

قد يعتقد البعض أيضاً أنه قاسٍ في اختيار قصص أفلامه، فعوض أن يغوص في الاستعارات والرموز الدافئة والجميلة، نجده ينحصر في الزوايا الرهيبة والخانقة في الوقت الذي يتعرّض للحب والحياة كما لدى الآخرين، وربما يفوقهم دقّة في استنباط الرؤى الجديدة، وملاحقة التفاصيل الدقيقة، وفي مناطق شائكة كتعرية الجانب العنيف من الحياة الذي لا يمكن إنكاره لمجرّد أننا نكرهه.

يقول: «كلنا يحمل رغبات مخفية، أو آمالاً لا يُمكن تحقيقها في هذا الزمن. أردت أن أُري كيف يُمكن للدناءة والنبل والجمال والحزن أن يكونا إن تمّ كشفهما، وكالقوس، أرغب أن أعيش مشدوداً ومتوتراً حتى مماتي». بدأ كيم حياته المهنية كاتباً للسيناريو، وأخرج فيلمه الطويل الأوّل «التمساح» عام 1996، بميزانية ضئيلة جداً.

ومنذ إطلاق الفيلم أثار إعجاب ونقم النقّاد في آن نظراً للقسوة الفائقة لشخصيات أفلامه، وللصورة الصادمة، والرسائل غير المتوقعة. أفلامه الأخرى: «حيوان هائج - 7991»، «نزل قفص الطيور - 8991»، «خيال واقعي - 0002»، «رجل سيئ - 2002»، «حارس الساحل ـ 2002»، «ربيع، صيف، خريف، شتاء.. وربيع ـ 2003»، «فتاة سامرية ـ 2004».

البيان الإماراتية في

15.05.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)