كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الخليج في مهرجان كان السينمائي الدولي (6)

لارس فون تراير أصبح أستاذاً وكروننبيرغ مهرجاً

مخرجا الزوابع يجدان طريقا الى الشاشة

كان - محمد رضا

مهرجان كان السينمائي الدولي الثامن والخمسون

   
 
 
 
 

الناقدة الامريكية التي جلست الى جانب هذا الناقد مصادفة خلال عرض فيلم ميشيل هاناكي أمس الأول بكت حين انتحر ماجد. أردت أن أربّت على ظهرها لكني لم أكن أعرفها، وبكاؤها أعلمني أن الرسالة التي في فيلم هاناكي “مخبوء” وصلت وأن هذا الفيلم البارع والذكي والمهووس بالتأملات في حال أبطاله هو الفائز الأكبر الى الآن.

 

نقاد آخرون، كما تشير الاحصاءات، يشاركون هذا الرأي. الفيلم هو الأول جمعاً للسعف النقدية في احصاء “الخليج” واحصاء مجلة “سكرين انترناشنال” واحصاء “لو فيلم فرنسيز”. هل يحتمل أن يكتسح الفيلم الجائزة الأولى لهذه الدورة عنوة عن كل منافسيه؟ طبعاً.

لكن مهلاً .. مهلاً.. ماذا عن أعمال أسماء كبيرة أخرى مثل ديفيد كروننبيرج ولارس فون تراير اللذين تواليا مباشرة بعد فيلم هاناكي؟ كل من هذين المخرجين، الكندي والدنماركي، اسم معروف وصاحب سلسلة من الانتصارات النقدية والجوائز والكثير من الدعاية المسبقة تمهّد لعروضهما على شاشات هذه الدورة. أكثر من ذلك، كروننبيرج يطرح موضوع العنف، وهو موضوع الساعة حول العالم. لارس فون تراير يطرح موضوع العنصرية في امريكا: وصمة العار التي لا تريد أن تزول. لابد أن واحداً منهما سيستطيع منافسة فيلم “مخبوء” ان لم يتجاوزه.

هذه كانت التوقعات العامة. التوقعات الخاصة هي التالي: كلاهما مخرج زوابع في فناجين. سمعتهما أكبر من حقيقتهما وصيتهما الفني مبالغ فيه. طبعاً هذا لا يعني ان أحدهما قد يخرج بالسعفة الذهبية ليلة الجمعة  السبت المقبل. تعلّمنا أن لبعض لجان التحكيم اتجاهات في التفكير تدعو للأسف.

 “تاريخ العنف”

البعض يعتقد فعلاً أن ديفيد كروننبيرغ، المخرج الكندي الذي يعود الى “كان” هذه السنة بفيلمه “تاريخ العنف”، كان يقصد السخرية من المادة التي بين يديه. وهو اذا ما أدرك أن هذا هو الاعتقاد السائد قد يوافق على أساس  أن هذا الاعتقاد هو الذي يحبب بعض النقاد الغربيين بالفيلم. لكن الحقيقة أن كروننبيرغ لا يمزح او يمازح. انه بالفعل انطلق في هذا الفيلم لتقديم عمل يعتبره جاداً حول شخص كان طلّق ماضيه العنيف لكن ماضيه يزوره من جديد ويفضح الشخصية التي كان يسعى لابقائها طي الكتمان. أي ضحك في الصالة، وقد كان منه كثير، هو نتيجة الموقف غير الواصل على النحو المرغوب فيه. حين يمثل ويليام هيرت وتضحك أنت تؤلمه لأنه كان يعتقد انه يؤدي قمّة الدراما ليكتشف، اذا ما حضر العرض معك، بأن اخفاق المخرج في معالجة الفيلم على نحو جيد تسبب في اعتقاد الناس أن الجميع انما يهرّج.

في بلدة صغيرة في الريف الامريكي يعيش توم (فيغو مورتنسون) وزوجته (ماريا بيلو) ويملكان مطعماً صغيراً. لكن الفصل الأول من المشاهد يبدأ بعيداً عنهما: رجلان قاتلان يخرجان من مكتب ما بعدما قتلا صاحب المكتب وسكرتيره. حين يعود أحدهما الى المكتب يكتشف وجود طفلة. يقتلها أيضاً. هذان الرجلان سيصلان الى البلدة الصغيرة وسيدخلان ذلك المطعم بهدف السطو عليه. توم سيرمي القهوة الساخنة على وجه أحدهما ويخطف مسدسه ويطلق النار على الثاني. وحين يغرز الأول سكينا في قدم توم يطلق عليه النار أيضا ويرديه وينقذ حياته وحياة موظفيه وبعض زبائنه.... ويصبح بطلاً. المحطات التلفزيونية تبث صوره والصحف المحلية تنشرها والجميع يتحدث عن بطولته الخارقة. أعيش في امريكا وأعلم أن المحطات والصحف المحلية لا تنتشر خارج أقاليمها لكن ذلك لم يمنع أشقياء من المافيا التي تعيش في فيلادلفيا، على بعد ست عشرة ساعة بالسيارة من التقاط الخبر والوصول الى البلدة يقودها المجرم ذو السوابق فوغارتي (اد هاريس). هذا يريد الانتقام من توم لأنه في الحقيقة ليس جووي كيوزاك وكان عضواً في المافيا قبل أن يختفي محاولاً شق طريقه من جديد. لكن فوغارتي لن يغفر له قلع عينه وتشويه وجهه. توم ينفي انه جووي لكن حين تبادر العصابة الى العنف، يضرب أحد أفرادها ويطلق النار على آخرين منها في قدرة قتالية تجعل زوجته تشك. ابن توم/ جووي يقتل فوغارتي بطلقة من الخلف.

في يومين قتل توم/جووي أربعة. أصيب في قدمه وتعافى قبل بزوغ شمس اليوم التالي، ثم  وفي خلال معركته الثانية  أصيب في كتفه لكن ذلك لن يحول ضد استخدام كامل لياقته البدنية في الموقعة الثالثة... هذه المرة مع شقيقه (ويليام هيرت) وأفراد عصابته.

تضحك في الفيلم لأن المستوى الذي يصبو اليه الفيلم هو غير المستوى الذي ينجزه. لأن القصة واهية والأحداث مفبركة والعلاقات وسلوكيات أصحابها غير مقنعة. أحد كتب السيناريو من دون أن يعيد قراءته. لكن الأهم هو أن القصة تبدو مأخوذة عن نصف دزينة من أفلام الوسترن القديمة التي كانت أكثر اقناعاً عندما تحدّثت عن رجل طلّق ماضيه العنيف ورغب في حياة جديدة لكن الماضي يطارده. جرب أن تستأجر فيلم جون واين “الملاك والرجل الشرير”. انه أفضل صنعاً من هذا الفيلم المزوّر.

حين تعالت الضحكات الساخرة صاح مشاهد: “أيها النقاد هذا الفيلم السيئ لا يستدعي الضحك”. حسناً ما قال.

 “ماندرلاي”

فيلم ديفيد كروننبيرغ من السهل الغاؤه من الحسبان. وغالباً ما سينتهي “تاريخ العنف” الى لا تاريخ على الاطلاق. الأخطر هو ذلك الفيلم الذي يطرح نفسه فنياً وهناك كثيرون يعتقدون انه طرح فني.. ألم يعتبره المخرج كذلك؟

“ماندرلاي” هو فيلم الدنماركي لارس فون تراير الثاني في ثلاثية يريدها تعليقاً على المجتمع الامريكي. في الجزء الأول “دوغفيل” تعرّض الى الأخلاقيات التي وصفها بأنها مادية وخاوية من الحقيقة. مبادئ يسهل الانقلاب عليها في أول فرصة ومصالح مستترة تقف وراء كل شيء بما في ذلك أفعال الخير.

هذا الجزء الثاني (الثالث في المستقبل) يتحدث عن العنصرية والرق والعبودية وازدواجية المفاهيم في المجتمع الامريكي.

أولاً لا يمكن الدفاع عن امريكا كبلد خال من كل ما ورد وصفه ولو أن التعميم لا يصح مطلقاً في هذا الصدد. ثانياً، فون تراير حر في النظر الى امريكا عبر وجهة النظر التي يريد. هذا شأنه، لكن ما ليس حرّاً به هو صنع فيلم كاذب ليصف عبره وجهة نظره. “ماندراي” هو ذلك الفيلم.

تعود الأحداث بنا الى العام 1933 وغريس (دالاس هوارد التي شوهدت في “القرية”) تصل ووالدها (ويليم دافو) رئيس احدى عصابات الوسط الامريكي (كلهم ببذلات عُرفت عن عصابات الشرق الامريكي وليس عصابات الغرب المتوسط) الى مزرعة في الجنوب الامريكي تملكها امرأة لديها قبيلة من السود ما زالت تعاملهم كرقيق. هذا الأمر يثير غريس فتطلب من والدها الانتظار كي تحقق في الموضوع. لماذا؟ ما خلفيتها الانسانية التي تجعلها تكترث؟ لا نعرف ولا يعتقد المخرج أن هذا مهم لكنه مهم لأن باقي الفيلم من هذه النقطة وصاعداً يدور كله حول شغف هذه المرأة بتحقيق العدالة والمساواة بين البيض والسود. وما يحدث لها فيما بعد من تبعات لمثل هذا الموقف.

الفيلم مقسّم الى ثماني فصول. كل فصل يمر كما لو كان دهراً (مدة الفيلم ساعتان وثلث الساعة) ويصاحب كل ذلك تعليق (بصوت الانجليزي جون هيرد). واستخدام التعليق يأخذ من الصورة. يفرّغ العمل من الوجهة الأصعب وهي الوجهة الفنية في التعبير. لكن “ماندراي” لا يملك تلك الوجهة أساساً.

مثل “دوغفيل” الفيلم بلا مواقع. هل تذكر عندما كنت صغيراً تمثل ومن هم في عمرك أدوارا مختلفة. أنت ربما راعي بقر وذلك هندي وتلك زوجته والاخر طبيب يعاود المريضة. هل تذكر كيف أن كل عالم هذه التمثيليات القصيرة كان خياليا مكشوفاً. كيف كنت ترسم في ذهنك او بالطبشور ما يمكن أن يكون بيتك وبيت جارك؟ ثم هل تذكر أنك اذا ركبت حصاناً قلّدت صوت الحصان، واذا ما أطلقت رصاصة صفّرت ثم اذا ما أغلقت الباب مثّلت صوت الباب وهو يطبق؟

هذا ما يفعله لارس فون تراير الى اليوم. فعلها في “دوغفيل” ويعاودها هنا: ليست هناك أبواب ومقابض لها لكنك سترى الممثلين يقبضون على الهواء. يفتحون بابا غير موجود ويغلقونه وراءهم.

الحقيقة المرة هي التالية: لو أن سينمائيا افريقياً او عربياً او لاتينياً غير معروف استخدم هذا الأسلوب لما وصل فيلمه الى شاشة المسابقة.

 “حقيقة”

هذا ما يفعله لارس فون تراير الى اليوم. فعلها في “دوغفيل” ويعاودها هنا: ليست هناك أبواب ومقابض لها لكنك سترى الممثلين يقبضون على الهواء. يفتحون بابا غير موجود ويغلقونه وراءهم.  الحقيقة المرة هي التالية: لو أن سينمائيا إفريقياً او عربياً او لاتينياً غير معروف استخدم هذا الأسلوب لما وصل فيلمه الى شاشة المسابقة.

يوميات

تكريم “المحارب” لوكاس

* جورج لوكاس كان في “اللوج” يوم أمس الأول عندما صدحت مكبرات الصوت بموسيقا فيلمه واحتشد الناس لتحيته وقلّده المهرجان وسام الشرف الرفيع السالم من الأذى. رجل على هيئة المحارب ذي الرداء المعدني خرج الى الناس ليحييها كذلك جيش من الممثلين الذين يشبهون جيوش الفيلم المدرعة. وفحيح كذلك الذي كان يصدر من بعض شخصيات الفيلم الشريرة سُمع عبر المكبّرات عندما توقفت الموسيقا ... ثم الفيلم بحجمه ومعاركه وضجيجه. أيضا الى جوار لوكاس كل من سامويل ل. جاكسون وهايدن كرستنسن وايان مكديارمد ونتالي بورتمان.

* في المؤتمر الصحافي تحدّث جورج لوكاس عن الرسالة السياسية في الفيلم: “لأن هذا الفيلم قصة سابقة لقصة الجزء الأول قبل 28 سنة، فان الفترة الزمنية التي تقع فيها الأحداث هي الفترة التي ذهبت فيها امريكا الى الحرب في فييتنام. انها فترة نيكسون. والرسالة لا تنحصر في تلك الفترة بل في الزمن الحالي لأننا في حرب جديدة. اعتقد أن الرسالة في صميمها هي: كيف يمكن للديمقراطية أن تنقلب الى  دكتاتورية”.

* سلمى حايك كانت ضيفة شرف الى جانب أنها عضوة لجنة التحكيم. خلال العرض العالمي الأول لفيلم “معركة السماء” لمواطنها المكسيكي كارلوس ريغاداس ظهرت حايك جنباً الى جنب المخرج وممثلي الفيلم أنابولا مشكاديز وماركوس هرننديز وذلك بغية دعم معنوي. البعض تساءل ما اذا كان ذلك مقبولاً كونها بذلك تعكس موقفها وهي ما زالت تمارس دورها كمحلّفة.

* هناك أصوات كثيرة تخرج من مشاهدي الأفلام في “كان”. ليس فقط في حفلات المشاهدين العاديين بل من حفلات النقاد والمثقفين. هناك رجل سخيف دائما يصرخ مع بداية العرض “راوول” فيضحك له البعض. وهناك الضحك في غير محله الذي كثيرا ما يصدر من أشخاص لديهم رغبة استباق الغير الى تأكيد الذات، ثم -ومع نهاية كل الفيلم- هناك اما التصفيق واما الصفير واما التصفيق والصفير معاً بين جمهورين واحد مؤيد للفيلم والآخر ضده.

الخليج الإماراتية في

16.05.2005

 
 

«ضارب» كوباياشي يقتنص البسمة في أسوأ حالاتها

كان ـ مسعود أمرالله آل علي

لا يصنع ماساهيرو كوباياشي فيلماً سهلاً على الصعيد الدرامي في فيلمه «ضارب» الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان كان، فهو فيلم استثنائي وأصيل، وغارق في العلاقات الإنسانية المتشابكة، والطاعنة في قسوتها. تعود «يوكو» إلى اليابان بعد ستة أشهر من أسرها في العراق، غير أن هذه العودة أكثر من مجرّد مأزق أو محنة.

ففي دول أخرى يتم الاحتفاء بأسراهم، إلا في اليابان؛ فإن المجتمع بأكمله يقف ضدها بعد السمعة العالمية التي تلّقتها، والتي أحرجت الحكومة.«يوكو» تسجّل موقفاً صامتاً مما يُحاك حولها؛ فبداية الفيلم تصدم المُشاهد باللاإنسانية التي يتمتع بها مجموعة من المراهقين، الذين يقطعون طريق «يوكو»، ويرمون وجبة العشاء من بين كفيها، فتبكي بحرقة.

ليس بسبب ما فعله هؤلاء ولكن لأنها جائعة، وحُرمت من وجبتها المفضلة.هذا المشهد التأسيسي يخبئ مضمونه إلى النهاية، حيث تبقى صامدة وواثقة مما فعلته في العراق، على الرغم من «الضربات» والإهانات التي تتلقاها يومياً، في بيتها، حيث المكالمات الهاتفية المهينة من أناس مجهولين، وفي الشارع كما حدث مع المراهقين، وسواهم.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل تطرد من يحملها، وصديقها يقرر الارتباط بأخرى. وحتى من صديقاتها اللاتي أدرن ظهرهن، وأخيراً صاحب المطعم الذي قرّر حرمانها من الحساء!لا تملك «يوكو» الآن سوى غرفتها الصغيرة جداً، ودراجتها الهوائية، والبحر، ووالدها وزوجته. أصبحت معزولة عن المحيط، والناس، والبلد والمجتمع.

فتشعر بأنها مستعدة لتقبل هذه الحياة شرط أن يكف الآخرون عن التحرّش بها.وبعقلانية مجنونة تقرر العودة إلى العراق، إلى المكان الوحيد الذي تجد أن تعبيرات وجوه أناسها دافئة، وغير معبّأة بالغضب، إلى المكان الذي تستطيع التعبير فيه عن نفسها بحرية، وإلى المكان الذي تشعر فيه بأنها مرغوبة، ويحتاجها الناس.

في الحوار الأخير بينها وبين زوجة الأب، تبوح «يوكو» عن عذابها الداخلي، وتقاطيع وجهها ترتجف من الخوف، والحنين، والحزن. تستفرغ ألمها، وتاريخ فشلها العريق: رسوب في المدرسة، خذلان من المجتمع، حبيب مفقود، فصل من العمل، عدم تقدير من الأصدقاء، وعدم احترام لمواهبها، وأخيراً إهانات أزلية.

تكشف كل ذلك، لكن أمل العودة إلى العراق يطفح من نظراتها الساهمة فهناك قامت بعملٍ إنساني، تطوعت بإرادتها لأجل رسم البسمة على وجوه الأطفال، ومساعدة المنكوبين، والعجزة والمصابين، وإيواء اللاجئين، هناك هم بحاجة إليها، ويُشعرونها بضرورتها في الوجود، والأهم بإنسانيتها.

أثناء ابتياعها لحلوى يابانية لأطفال العراق في عودتها الثانية، تسمح «يوكو» لابتسامة سريّة أن تلعب على ثغرها.وُفّق المخرج كوباياشي إلى حدٍّ بعيد في استخدام كاميرا محمولة أغلب لحظات الفيلم ـ لإضفاء جو من التوتّر ـ التي تعيشها «يوكو»، وبقية الشخصيات، وهو مقتبس في أجزاء كثيرة من واقعة حقيقية حدثت في اليابان، وذلك بعد الإفراج عن الأسرى اليابانيين الثلاثة في 2004.

حيث قرّر اثنان العودة إلى العراق، أحدهما لمواصلة تقديم الخدمات الإنسانية، والآخر لتكملة مشواره المهني في التصوير الفوتوغرافي ما أفسح المجال للحكومة ولصحف اليسار بصب جام غضبها وانتقاداتها عليهما. أخرج كوباياشي سابقاً: «ساعة الإغلاق ـ 1996»، «فيلم مهرَّب ـ 1998»، «فيلم نوار ـ 2000»، «رجل يمشي على الثلج ـ 2001»، «قصة مذهلة ـ 2003»، و«فليك ـ 2004».

في حوار مع المخرج منشور في الكتيب التعريفي للفيلم، نقتبس التالي:

·         يوحي لنا الفيلم انطباعاً بأن الأقوال أهم من الأفعال في اليابان، هل توافق؟ 

ـ ينتشر المفهوم المشوّه للـ «الفردية الغربية» على نطاق واسع في اليابان. لذا، في حادثة أسرى العراق، أُجبرت عائلات الضحايا على تحمّل المسؤولية كاملة؛ فاليابان مجتمع قرية، وإن خرج القروي عن الزحام؛ فإن بقية القرويين ينتقدونه بحدّة.

·         أي جزء من فيلمك عكس الواقع؟

ـ الجزء الوحيد الواقعي في الفيلم هو حقيقة أن المرأة اليابانية التي عملت متطوعة في العراق تم اختطافها وأسرها. عند إطلاق سراحها عادت إلى اليابان وأهينت من قبل اليابانيين الآخرين. أما بقية الأحداث فهي خيالية.

·         كان أداء الممثلة «فوساكو أورابي» رائعاً، كيف اخترتها للدور؟

ـ لقد مثلت «أورابي» في عدّة أفلام سابقة، أجد أن لديها قوّة داخلية فريدة، كنتُ أطمح دائماً لخلق شخصية تناسبها، وعندما توّفرت الفرصة، بدأت أفكّر في هذا المشروع.

·         هل تعتقد أن الحركة التي تحملها النساء الشابات تمثّل الجيل الياباني الجديد؟ وهل هي أكثر انفتاحاً تجاه النظرة الدولية للعالم؟

ـ لا أعرف ان كان إمكاني تسميته جيلاً «جديداً»، لكن المزيد من شباب اليوم بدؤوا يتركون اليابان للدراسة في الخارج، أو العمل التطوّعي، أو الترحال لاستكشاف العالم. لا يزال الرقم ضئيلاً على أية حال، ومعظمهم يأتي من عائلات ثرية. لذا؛ فإن ترك اليابان للتطوّع خارج البلد ـ مثلما حدث مع الشخصية الرئيسة في الفيلم ـ ليس مقبولاً تماماً في مجتمعنا.

·         كيف ستكون ردّة فعلك إن وجدت ابنتك نفسها في ذات الوضعية؟

ـ هذا سؤال صعب. لا أعتقد أنني سأصل إلى حد الانتحار، مثل شخصية الأب في الفيلم، لكنني سأصل إلى درجة مقاربة. سأكون مجبراً على مواجهة الهجوم والألم، ولا أعرف ان ستكون لدي طاقة الردع. أعتقد أنني سأسأل نفسي: «لماذا يحدث ذلك لابنتي البريئة؟ ولماذا علينا تحمّل اللوم؟».

·     درج الأوروبيون على ملاحظة أن السينما اليابانية غارقة في الجمال والخيال، بينما فيلمك ـ بالمقارنة ـ واقعي جداً، ما هي مرجعياتك السينمائية؟

ـ لا ميول لدي في تحقيق أفلام تسجيلية، لكنني أعشق الأفلام الروائية المقتبسة من أخرى تسجيلية، مثل: «مذكرات امرأة حامل»، و«رسوم الفضة» إخراج آغنيس فاردا، وفيلما تروفو «400 ضربة» و«الطفل المتوحش». أعشق عملية صنع فيلم عالمي من مواد تسجيلية وتحويلها إلى روائية.

·         ماذا تتوقّع أن تكون ردّة فعل فيلمك في اليابان، هل أنت قلق من الردود السلبية؟

ـ «ضرب» الأسرى يعتبر من المواضيع المحرمة في اليابان، لا يود الناس نقاش المشكلة. في حالة واحدة نادرة، نُشرت مقالة في صحيفة «أساهي» حول «ناهوكو تاكاتو» (الأسيرة الحقيقية)، وكانت مقالة صغيرة جداً. لذا لا يمكنني التخمين حتى بردّة فعل اليابانيين تجاه الفيلم. على أية حال، أعرف أن صحافية قد أدمعت عيناها عندما شاهدت الفيلم.

بطاقة:

الفيلم: «ضارب» Bashing

السنة: 2005

المدّة: 82 دقيقة

سيناريو وإخراج: ماساهيرو كوباياشي

تصوير: كويشي سيتوث

موسيقا: هيروشي هاياشي

تمثيل: فوساكو أرابي (يوكو)، ريوزو تاناكا (الأب)، تاكايوكي كاتو (الزوجة).

البيان الإماراتية في

16.05.2005

 
 

بداية عراقية لمسابقة"كان"

المغرب .. في افتتاح كل سينمات العالم

رسالة مهرجان كان من سمير فريد

شهد مهرجان كان افتتاح دار عرض جديدة باسم "كل سينمات العالم". وفيها يقدم المهرجان لأول مرة 7 أيام للتعريف ب 7 سينمات قومية من آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية. ويترك للمركز القومي للسينما في كل بلد من البلدان المختارة وضع البرنامج. وقد خصص اليوم الأول للسينما في المغرب.

اختار المركز القومي للسينما برئاسة الناقد وكاتب السيناريو والسينمائي العالمي الكبير نور الدين صايل ثلاثة أفلام روائية طويلة "باريس" اخراج محمد عبدالرحمن نازي انتاج 1990. ومن انتاج 2004 "الذاكرة المعتقلة" اخراج جيلالي فرحاتي. و"الطفل النائم" اخراج ياسمين قصاري الذي عرض في مهرجان فينسيا العام الماضي. .

كما اختار المركز 7 أفلام قصيرة من اخراج عزيز سالمي ولاشين زينون وليلي تريكي ورشيد بوتونيس ومحمد علي مجذوب وهشام فلاح ومحمد شريف تريبك اللذين اشتركا في اخراج فيلم واحد و"درهمان" اخراج ليلي مراكشي التي يعرض لها في مهرجان كان هذا العام فيلمها الأول الطويل "ماروك" وهو الفيلم العربي الوحيد في كل برامج المهرجان.

دليل الأفلام المغربية

وبهذه المناسبة أصدر المركز السينمائي المغربي "وهذا هو اسمه الرسمي" تعريفا بأفلام البرامج بالفرنسية والانجليزية تضمن اشارة الي أهم الأفلام الأجنبية التي صورت في المغرب. وعناوين الاستوديوهات الثلاث ذات المستوي الدولي التي اقيمت في مدينة "ورزازات" الصحراوية. والاستوديو الحديث الرابع في مدينة الدار البيضاء "كازابلانكا". كما أصدر المركز دليلا شاملا بالعربية والانجليزية والفرنسية عن الأفلام المغربية الروائية الطويلة منذ 1958 الي 2004. وتم توزيع البرنامج والدليل علي نطاق واسع.

قدم صايل للدليل بالنص التالي "منذ بضع سنوات والأفلام المتوجة هنا وهناك تثير الانتباه الي السينما المغربية. فالانتاج يتطور بايقاع جعله حاضرا داخل وخارج المغرب. وقد تحقق ذلك بفضل رغبة السينمائيين في التعبير ونضج المهمة وفعالية صندوق دعم الانتاج السينمائي المغربي"

ومساء السبت عشية افتتاح "كان سينمات العالم" بالسينما في المغرب أقام المركز السينمائي حفل عشاء لألف ضيف من ضيوف المهرجان علي شاطيء ماجستيك. وبالطبع كان الطعام مغربيا بواسطة طهاه حضروا خصيصا. وكذلك الموسيقي بواسطة فرقة شعبية.

بداية عراقية

بدأت المسابقة بفيلم الافتتاح الفرنسي "اللاموس" اخراج دومينيك مول. وهو فيلم جريمة يتأثر بوضوح بعالم هيتشكوك مثل الفيلمين السابقين لمخرجه "حميمية" 1994. و"هاري هنا للمساعدة" 2000 الذي عرض في مسابقة كان ذلك العام والمعتاد ان يكون فيلم الافتتاح خارج المسابقة إلا إذا تجاوزت ال20 فيلما للمحافظة علي آلية البرنامج المستقرة منذ عقود.

أما أول أيام المسابقة فكان يوما عراقيا بعرض الفيلم الياباني "ضربات" اخراج ماراهيرو كوباياكش. والفيلم الفرنسي العراقي "نقطة الصفر" اخراج هينر سالم فالفيلم الأول عن فتاة يابانية كانت رهينة في الشرق الأوسط "من دون ذكر كلمة العراق" وحياتها في اليابان بعد أن تم الافراج عنها. والفيلم الثاني يبدأ في باريس مع بداية الحرب الدولية بقيادة أمريكا في العراق. ليعود بطله الكردي الي ماضيه في كردستان العراق عام 1988 اثناء الحرب العراقية الايرانية. وينتهي في باريس مع سقوط نظام صدام حسين يوم 9 أبريل 2003 وكلا الفيلمين من أهم أفلام المسابقة. ولن يكون من الغريب ان يفوزا معا بجائزة لجنة التحكيم مثلا أو أن يفوز بهذه الجائزة فيلم هينر سالم. فهذا هو أول فيلم روائي في العالم عن أحداث العراق. وقد فاز مخرجه بالجائزة الأولي في مسابقة "ضد التيار" في مهرجان فينسيا 2003 عن فيلمه السابق "فودكا ليمون" وكان الثالث بين أفلامه الطويلة.

افتتاح اكروبات

وكان حفل افتتاح المهرجان قد شهد تقديم نجمة الافتتاح الممثلة البلجيكية سيسيل دي فرانس التي أهدت الحفل الي الفنيين وراء الكاميرا الذين "يرجع اليهم الفضل في وصول صناعة السينما الي ما وصلت اليه". ثم تقديم لجنة التحكيم برئاسة المخرج البوسني الذي يعيش في صربيا أميركوستوريتشا الذي قال: "انني اليوم السيد سينما"

وبعد عرض اكروبات قصيرة جدا لا يتجاوز دقائق معدودة لنجمة "سيرك الشمس" أعلنت الممثلة الهندية أشواريا راي والمخرج الأمريكي الكسندر بايني رئيس لجنة تحكيم جائزة برنامج "نظرة خاصة" افتتاح الدورة ال 58 لأكبر مهرجانات السينما الدولية.

وكما لو كانت ادارة المهرجان باختيار كوستوريتشا عن تجاهل لجنة التحكيم العام الماضي لفيلمه "الحياة معجزة" وكذلك تجاهل لجنة تحكيم دورة 2002 لتحفة الكسندر بايني "عن شميد" وبطله جاك نيكلسون.

جماليات فهرنهايت

وحسب تقاليد مهرجان كان العريقة عقدت لجنة التحكيم مؤتمرا صحفيا ظهر يوم الافتتاح قبل ساعات من الحفل حيث قال كوستوريتشا "سوف نركز علي الجماليات. ويمكن ايضا مراعاة الاخلاقيات وأمور أخري. ولكن المهم أن يأتي الفيلم من القلب"

كان كوستوريتشا يطمح ليكون أول من يفوز بالسعفة الذهبية ثلاث مرات. وهو جدير بذلك. عندما عرض "الحياة معجزة" العام الماضي. ولكن فاز "فهرنهايت 911". وحول فوز هذا الفيلم قال ساخرا "أعتقد ان قرار العام الماضي كان جماليا متطرفا لأن الرجل موضوع الفيلم "جورج بوش الابن" لا علاقة له بالجمال.. قرار "911" وبالتناقض كان جماليا خالصا"

وردا علي سؤال إذا ماكان سيحاول اقناع اعضاء اللجنة بوجهة نظره قال: بالنسبة لي الديمقراطية أمر صعب للغاية.. وعند تقديم اعضاء اللجنة حظيت الكاتبة الأمريكية توني موريسون الفائزة بجائزة نوبل للأدب بأطول تصفيق.

تقبل المهرجان

وفي الندوة "لقاء المهرجان" التي عقدت مع أعضاء لجنة التحكيم عشية يوم الافتتاح كان الحوار حول مستقبل المهرجان. وقد انتهي الحوار الي ضرورة المزيد من الربط بين الأفلام المختارة والسوق. واقتراح ان تعرض الأفلام في مدن أخري في فرنسا غير مدينة كان. وأشاد البيان الصادر عن الندوة بالدور الذي تقوم به مؤسسة "سيني فاوندا شن" في المهرجان وخاصة مشروعي الجديد "اتيليه المهرجان" الذي يروج ل 18 سيناريو من مختلف أنحاء العالم بهدف أن يتم انتاجها.

الجمهورية المصرية في

17.05.2005

 
 

العنف سمة افلام كان 58

الانسانية لم تتقدم خطوة، من عند "الكيلومتر صفر" بربرية

من صلاح هاشم.موفد ايلاف الي"كان"

مازالت السمة الاساسية في معظم الافلام المشاركة في مسابقة "كان" الثامن والخمسين، مثل فيلم "كيلومتر صفر" للعراقي الكردي هينر سليم، وفيلم "الايام الاخيرة" للامريكي جوس فان سانت و"انتخاب" للصيني جوني تو من هونج كونج، ومعظم الافلام التي شاهدناها في المسابقة وخارجها ولحد الآن، وبعد مرور6 ايام علي بداية المهرجان، هي العنف الكاسح الطاغي، الهادر مثل شلال، وهو يجرف امامه كل شيء، ويهدد حضارة البشر في الصميم. هذا العنف الذي يترصدنا خلف الابواب، وفي كل لحظة، كي يباغتنا، فلانعرف كيف نواجهه، أونتعامل معه، نمنعه أو نصده. عنف الحرب، وعنف الاسرة، وعنف المدينة، وكذلك العنف الاسود، والاكثر كأبة وسووداوية، ذلك العنف الدموي الوحشي( الذاتي )الاخطر، العنف الكائن داخلنا، ويحب ان يسيطر ويسود، وكأنه قدرنا ولعنتنا، وهو ايضاصليبنا الذي يجب ان نحمله معنا في كل مكان، ونحن نجوب طرقات هذا العالم وحروبه ومدنه ومهرجاناته،فتقشعر له اجسادنا. اللعنة..

كما يبدوان العالم، كما خيل الينا، ونحن نتابع ونشاهد ونتأمل ونفكر في افلام المهرجان التي شاهدناها ولحد الآن، لم يتقدم خطوة واحدة، من عند الكيلومتر صفربربرية، علي سكة الحضارة والنضارة، والسلام والسكينة والامن لبني البشر، ومازال محلك سر، وهو لم يتحرك من عند نقطة التوحش والتخلف والتعصب والهمجية تلك ومنذ زمن، وعلي الرغم من ضحايا العنف والحروب بالملايين في الحروب الماضية والحالية، فيا ايتها الفضائل التي يفاخر بها الانسان- كما يصرخ الروائي اليوناني نيكوس كازانتزاكيس في روايته " المسيح يصلب من جديد " ونحن نصرخ معه – ايتها الفضائل التي يفاخر بها البشر، ساعدينا.. والقهر والقمع الذي كان يمارس ضد الاكراد، والاكراد بصفة خاصة، حيث يحكي الفيلم، الذي لم يعجبنا، ولا نظن ان مستواه الفني الضعيف كان يؤهله للمشاركة في المسابقة الرسمية، وكان يمكن، علي افضل تقدير، ان يعرض في تظاهرة " نظرة خاصة " علي هامش المسابفة، او احدي التظاهرات الموازية، يحكي عن شاب كردي يدعي " أكو" كان يريد اثناء الحرب العراقية الايرانية عام 1988 ان يرحل بعيدا عن وطنه، ويسافر مع زوجته " سلمي " وطفله الي اي مكان أخر، غير هذا العراق، الذي يطلب فيه من الكردي ان ماظهر، كما في المشاهد الاولي من الفيلم، ان يرقص، قبل ان يضرب بالحذاء أوالرصاص او يسحل أو يهان، كما حدث مع صديقه " حسن "، ولم نكن نعرف ان الاكراد اشتهروا بالرقص، وان يهبط سلم برج حجري بظهره، ثم يطلب منه ان يصعد السلم من جديد، مثل البطل "سيزيف" في الاسطورة اليونانية، وعليه ان يرضي بواقع الغربة والقهر والذل في الوطن وان يخرس..

ولايجد بطل الفيلم الكردي " أكو" حين يرفض ان ينخرط في صفوف المفاومة الكردية تحت الارض، وبعد فشله في تدبير محاولة هروبه مع زوجته وطفله خارد البلاد، وبخاصة ان زوجته لاتريد ان تترك والدها العجوز يموت وحده ولايجد من يدفنه، وكانت دوما ترفض فكرة السفر قبل موته، لايجد أكو مايفعله سوي الالتحاق بالجيش العراقي، فيرحّل الي الجبهة العراقية الايرانية، ويكون مع افرانه الاكراد أول من يلقي بهم في فك الحرب، التي تحصدهم قنابلها ورعبها في خنادقهم تحت الارض، ومن اجمل مشاهد الفيلم مشهد " أكو " الذي راح، بعدما عرف من زميل له، كردي ايضا، تم تسريحه، انه لوفقد طرفا في الحرب، فانه يعود بسلام الي ارض الوطن، راح يلوح بسافه حارج الخندق، علي أمل ان تصاب برصاصة ويتم بترها ايضاوبالتالي يتم تسريحه واعادته الي أهله، غير ان هينر سليم، الذي حاول عبر هذه الاوديسة الكردية تصوير الاهوال التي عاشها الشعب الكردي اثناء حكم الجزار صدام حسين، ويذكرناالفيلم بضحاياا لنظام الديكتاتوري ومذابحه التي راح ضحيتهااكثر من مائتي الف كردي من ضمنهم 5 ألاف كردي ضحايا قصف مدينة "حلبجة" بالغازات الكيماوية والنابالم وغيرهم، يبالغ كثيرافي رسم صورة تكاد من شدة ميلودراميتها و كاريكاتوريتها،ان تذهب بفيلمهو وتجنح به الي هوة العاطفية والافتعالية التي يمجها الفن السينمائي الذي يعتمد علي الاقتصاد والتكثيف والتلميح وينبذ التصريحات والمبالغات العاطفية الزائفة، والتكرار الممل، ولعل من اقسي المشاهد التي كشفت عن سذاجة مخرجنا، المشهد الذي يمسك فيه أكو بالعلم العراقي بعد هروب السائق العربي، وكان الاثنان في طريقهما الي تسليم جثة أحد الشهداء الي أهله، وكانت الجثة مغطاة بذلك العلم، ويروح أكو يفش غله وغضبه بعد اهوال الطريف ومشاحناته مع السائق العربي في العلم و يمسح به الارض ثم يخرج من الكادر ويعود مرة ثانية الي العلم، فيأخذه ويمسح به الارض، ويطوف به أرضية الكادر، ثم يعود ويكرر ذات الشيء، حتي انك تقرف من هذا الهينر سليم، فالمسألة تعدت هنا اخراج فيلم ما، وتحولت الي سب وقذف وشتيمة، لاعلاقة لها البتة بالسينما الفن التي تقربنا اكثر من انسانيتنا، وتعلمنا السلوك الحضاري الراقي السليم، بل انها يقينا تصبح كما في هذا المشهد، الذي كسر ايقاع الفيلم، تصبح بمثابة اعتداء علي حضارة العرب وثقافاتهم، وتعكس كراهية مخرجنا الشديدة العنيفة للجنس العربي، وتحوله الي "هتلر" كردي، بوعي او من دون وعي، بسبب تلك الكراهية التي تعمي عينيه، وتجعله ينسي او يتناسي، ان العراقيين، من العرب وغير العرب، من الاكراد والشيعة والسنة وكل ملة، بل وكل من وقف ضد نظام صدام حسين، تعرضوا لذات الفمع، والقتل والحبس والتعذيب، وكادت تضيع منهم هويتهم..وذاكرتهم..وانسانيتهم..

ثم ان هذا التطرف والمغالاة الشديدة في تصوير العرب، وكراهيتهم الاسطورية للاكراد من خلال السائق، اخذت تتراكم رويدامن خلال مشاهد الفيلم المنحازة والمغرقة في نمطيتها، و أخذت تتعاظم، حتي انها قتلت في النهاية الفيلم،وهبطت يايقاعه، وقضت علي اي تأثير نفسي أوفني جيد يمكن أن يتركه في نفوسنا، مثل ذلك التصوير الرائع المبهر في بعض المشاهد، ونكاد نقول اغلبها، ولعله التصوير، الفوتوغرافيا، اهم سمة مميزة في ذلك الفيلم، " الكيلومتر صفر "بتكوينات الصورة، و الكادرات، من خلال تركيز التصوير في الفيلم علي الابواب والنوافذ التي نري من خلالها شخصيات واحداث ومواقف الفيلمو وتكون بمثابة غذاء للعيون..

ولاشك ان هذا الفيلم الذي ينتهي بمقولة " ان ماضي الاكراد حزين جدا، وحاضرهم مأسوي، ومستقبلهم مجهول " كما تردد سلمي زوجة أكو في نهاية الفيلم، ثم يصرخ الاثنان، بمجرد سماعهما في باريس من خلال المذياع بخبر دخول القوات الامريكية بغداد وسقوط النظام، يصرخان ان تحيا الحرية، هذا الفيلم " الحساس "، كما وصفته و صفقت له مجلة " فارايتي " الامريكية، بدا لنا كريها ومقرفا وعبثيا، وفي معسكر التخلف والتطرف والامريكان، وكنا نأمل ان يكون هذا الاشتراك العراقي الاول في مسابقة المهرجان الرسمية مناسبة لنرفع رأسنا نحن العرب في المهرجان، ونفتخر بمواهبنا السينمائية العربية لكنه، بدلا من ذلك، شتمنا، و خذلنا..

موقع "إيلاف" في

17.05.2005

 
 

«ماندرلاي» للارس فون تراير في مهرجان "كان":

اميركا... انعتاق الزنوج... وديموقراطية العراق!

كان - إبراهيم العريس

من بين الصور التي يختتم بها لارس فون تراير مشاهد فيلمه الجديد «ماندرلاي» الذي قدم أمس في عرضه الأول ضمن اطار المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، هناك صورتان تمرّان، كشيئين طفيليين، وسط تتابع صور ينتمي معظمها الى التاريخ الأميركي القديم نسبياً، أي خلال أواسط القرن العشرين. هذه الصور تتحدث عن اساءة معاملة السود في الولايات المتحدة، كاستمرار لموضوع الفيلم. أما الصورتان فواحدة تمثل جورج دبليو بوش، والثانية جنديين أميركيين أسودين يبدو كأنهما يشاركان في حرب شرق أوسطية: حرب العراق مثلاً.

صورتا بوش والجنديان الأسودان تضعاننا، نحن متفرجي الفيلم ،في قلب زمننا الراهن، ما يتناقض، ظاهرياً، مع زمن أحداث الفيلم التي تقع في ثلاثينات القرن الفائت... ويتلو ذلك مباشرة زمن فيلم «دوغفيل» عمل فون تراير السابق. والسبب بسيط: الفيلمان يشكلان جزأين أولين من ثلاثية يستكملها المخرج الدنماركي المشاكس عاماً بعد عام، ويريد منها أن تعبر عن رأيه في أميركا وتاريخها. ومن هنا سماها «يو إس آي».

في الجزء الأول دخل في صلب العقلية الأميركية وكراهية الغريب. وفي الجزء الثاني (ماندرلاي) أطل على القضية الزنجية ليرينا ان العبودية ظلت قائمة في هذا البلد، بعد ثلاثة أرباع القرن من الحرب الأهلية ومن أبراهام لنكولن، وربما لا تزال قائمة الى الآن. فما الذي أتى بجورج دبليو بوش وحرب العراق الى الفيلم؟

الديموقراطية التي وعد بها جورج دبليو بوش العراقيين، هي في العمق موضوع هذا الفيلم، فالإسقاط سهل ويتم من تلقائه، حيث ان المماهاة بين غريس، بطلة الفيلم التي تأتي الى الزنوج في مدينة ماندرلاي بالحرية والديموقراطية فتفسد عليهم حياتهم، وبين جورج بوش الذي يقول انه يحمل الشيء نفسه الى العراقيين، مماهاة صارخة واضحة. وهذا ما يضع «ماندرلاي» في قلب الاحداث، ويجعل منه، أيضاً، فيلماً عن العراق وعن الديموقراطية وعن العبودية.

لكنه فيلم يدنو من موضوعه في شكل موارب، ذلك ان لارس فون تراير، وعلى عكس ما يمكن أن يستنتج من هذا الكلام، لا يزال مصراً على انه إنما يخوض معركة طويلة الأجل ضد أميركا. لذا، إذا كان يماثل هنا بين غريس وبوش الابن مصوراً «نياتهما» الطيبة و«صدقهما» في فعل الخير للشعوب التي يحلان بين ظهرانيها، فإنه لا يفعل هذا إلا على سبيل الإدانة. وحسبنا ان نسمع عجوز الزنوج الحكيم وهو يقول لغريس إذ كشف لها كل ما فعلته: «نحن العبيد هنا نتناول عشاءنا كل يوم في السابعة، فهل يمكنك أن تقولي لي متى يتناول الأحرار عشاءهم؟». طبعاً لا يعني هذا الكلام أن لارس فون تراير يقف مع العبودية ضد الحرية، ومع الظلم ضد الديموقراطية، لكنه يفتح آفاق سجال عريض حول هذه المواضيع الشائكة، ويرينا كم انه غائص هو نفسه في الراهن وكم يريد لسينماه أن تغوص فيه.

الحياة اللبنانية في

17.05.2005

 
 

«أيام أخيرة» يصدم جمهور النيرفانا وليس من إبهار في «كان» حتى اللحظة

كان ـ مسعود أمرالله آل علي 

يدور فيلم المخرج غاس فان سانت الجديد «أيام أخيرة»، حول انتحار المطرب كورت كوبين. وهو يقدمه بتصرف حر، ومن دون التقيد بالضرورة بالواقعة الفعلية لعملية انتحاره، إضافة إلى الحيل ذاتها، والتي اعتدنا عليها في أكثر أفلامه، فيمرر في سردية فيلمه، أسلوبه، الخاص، الذي يرى البعض فيه فجاجة ومملاً غير ضروريين.

فالبناء الدرامي متداخل ومتشابك وملتوي، إضافة إلى القطع الحاد في الزمن بين الماضي والحاضر، وتركيب الصورة المقلوبة زمنياً في إطار مستقبلي. أو حتى استخدام الشريط الصوتي المضطرب من منمنمات لا تمدّ الصورة بإحساسها الفوري، بل بمعطياتها اللاحقة، وكسر حاجز الممثل الهوليوودي البطل. مما يجعل من كل ذلك ومن فان سانت مغايراً في أسلوب طرحه البصري.

على هذا يمعن في الانتحار كنتيجة عادية وحتمية، أكثر مما يغوص في الأسباب والمعطيات، وهو طرح لنهاية ذاتية لمطرب ألهمت موسيقاه وأسطورته جيلاً بأكمله، وسوف يُصدَم جمهور «نيرفانا» بعدم استخدام فان سانت لأيّ من أغانيه.

خلفية الفيلم تزدحم بمؤثّرات لا تمتّ إلى الأجواء بصلة: أجراس كنائسية بعيدة، وقريبة جداً، وصوت ازدحام سيارات، ودلق مياه، هذه المؤثرات الغريبة تشي إلى قراءات أخرى وحقائق مدسوسة في عمق الفيلم، تُبعدنا تماماً عن الصفة الظاهرية والواضحة كفيلم «روك أند رول»، أو حول مطربٍ موسيقي.

بصرياً، يتقاسم فيلم فان سانت الجديد مع فيلم «فيل» اللقطات الطويلة المصوّرة بكاميرا «ستيدي» أو ثابتة، ومن وجهة نظر محايدة، بحيث تجري الأحداث المتقاطعة مع المشهد نفسه خارج الكادر، وعندما يحين وقت عرضها في الفيلم في زمنها الفعلي، فإنها تكمّل ما سبق أن قطعه أو أخفى معالمه عن المشاهد، وحينها تتحوّل اللقطة المحايدة إلى لقطة وجهة نظر شخصية ما، أو من زاوية مغايرة.

كما في «فيل» الحائز على سعفة ذهبية المقتبس عن مجزرة مدرسة «كولومباين»؛ «أيام أخيرة» مقتبس عن مجزرة روحية وانتحار مطرب. لكن يبقى «فيل» أكثر أصالة وقرب إلى المشاهد نظراً لحجم الفاجعة، وإن اختلفت معطيات الفيلمين.

أتوم أغويان.. خارج المنافسة

يأتي فيلم الكندي أتوم أغويان أقل فنية من فيلم «أيام أخيرة»، وأكثر تجارية وقرباً إلى الجمهور؛ فبعد «أرارات» الذي عُرض في كان 2002، يجيء هذا الفيلم مخيباً آمال عشاقه. الفيلم بعنوان «أينما تختبئ الحقيقة» (المسابقة الرسمية)، المقتبس عن رواية روبرت هولمز بنفس العنوان. يتبع الفيلم حكاية ثنائي استعراضي كوميدي يؤدي دورهما كيفن بيكون وكولين فيرث اللذين جسّدا ببراعة دوري «لاني موريس» و«فينس كولينز».

مشكلة الشريط ليست في تحقيق أجواء فخمة ومنطقية تُحاكي فترة الخمسينات حين وقعت أحداثه. المشكلة في مبالغة أتوم في استعراض المهارات الإخراجية، والتعامل مع الحكاية بأكملها، وكأنها سينما خالصة في فيلم لا يتطّلب كل ذلك لأنه خسر التواصل العاطفي مع الجمهور حينما أدخله في متاهات متتالية ليصل في النهاية إلى حدثٍ عادي ومتوقع، بأسلوب أغاثا كريستي في كتاباتها الملغّزة، في حين أن الحلول غير المتوقعة هي المنتصرة في النهاية.

حبكة الفيلم معقدة على عدّة مستويات: التعليق الصوتي من قِبل أشخاص كثيرين، مخطوطات سرّية مقروءة، أكثر من فلاش باك، ومن شخصيات متعدّدة، تقاطعات في سرد الروايات من الذاكرة.. وهذه كلها تُغلِق المفاتيح أكثر مما تبوح.

كاميرا أتوم أغويان جميلة كعادتها، وكثيراً ما تغني عن الحوار الزائد، المونتاج سلس، الموسيقا مناسبة، لكن كل ذلك لا يُسعف الفيلم ولا ينقذه سواء في تقبل الجمهور أو في نيل سعفة ذهبية طائشة.

بورصة الترشيحات

بعد اليوم الرابع من العروض، تنصب ترشيحات النقاد - حسب مجلة «سكرين انترناشيونال» في الترتيب التالي: «أيام أخيرة» (أميركا) إخراج: غاس فان سانت في المقدمة، ثم «لاموس» (فرنسا) إخراج: دومينيك مول، في المرتبة الثالثة «أينما تختبيء الحقيقة» (كندا) إخراج: أتوم أغويان، ثم بالتساوي في المرتبة الرابعة: «الكيلومتر صفر» (العراق/فرنسا) إخراج: هونير سليم، «ضارب» (اليابان) إخراج: ماساهيرو كوباياشي.

البيان الإماراتية في

17.05.2005

 
 

الانتحار والقتل سيدا الموقف في «كان»

مايكل هانيكه يخفي سرّه حتى النهاية

كان ـ مسعود أمر الله آل علي

يبدأ فيلم «متوارٍ» من مقدمة قوية، تحمل أبعاداً جمالية عديدة، مركّزة، مكثّفة طويلة، إلى حد الاستعراض، خصوصاً في مشهدية ذلك المنزل في الصباح، الذي يظهر في لقطة بعيدة وسط مفترق طرق، يكاد يخلو من المارة. ثم يبدأ المخرج النمساوي الأصل مايكل هانيكه، بإدراج أسماء طاقم العمل، الذين تأتي أسماؤهم في خط أفقي.

ولا تختفي حتى يجيء اسم المخرج، ويكون بذلك قد عبّأ الشاشة كلها بالأسماء التي تتلاشى كلها دفعة واحدة، واللقطة ثابتة على حالها، وتستمر للحظات أخرى موحية بأنها لقطة محايدة، غير أن الصدمة تأتي من ناحية أخرى، عندما يتم إعادة اللقطة كلها إلى الوراء، ونكتشف أنها مسجلة على شريط فيديو، ويتم مشاهدتها الآن في المنزل ذاته من قِبل زوج (دانييل أتوال)، وزوجته (جولييت بينوش).

بهذا الاختصار الناجح، يكون المخرج هانيكه قد وضعك في منتصف الحكاية في أوّل أربع دقائق من الفيلم، وعندما ينساب الحوار بين الزوجين من خلال أسئلة محيرة، مثل: من صنع الشريط؟ هل هو بداية لسلسلة من الأشرطة المقبلة؟ ما هو الغرض من إرساله؟ ومن مرسله؟ والأهم: لماذا الزوج موجود في الشريط؟ يكون المخرج قد أسر المتفرّج وضمن بقاءه في الصالة للنهاية.

الفيلم بشكلٍ عام يتناول مواضيع مهمة؛ مثل: الثقة، البارانويا، الذنب، التكنولوجيا المقلقة.. والأخيرة بالذات أصبحت تهدّد حياة الإنسان العصرية حتى في بيته الآمن، وهو موضوع سبق أن تناوله هانيكه نفسه في فيلم «شريط بيني» عام 1992، ويعود إليه مرّة أخرى هنا؛ فالزوج «جورج» يعمل مذيعاً تلفزيونياً في برنامج أدبي، ومتزوج من «آن»، ولديهما طفل «بيرو».

تبدو حياتهما ناجحة ومستقرة، إلاً من الدفعات المتتالية من الأشرطة التي أخذت تنهال على البيت، والعمل، ومدرسة الابن، وبدأت تتطوّر تدريجياً إلى رسومات غرافيتية لوجوه آدمية وحيوانية ينزّ الدم من أفواهها، كما بدأت الأماكن المصوّرة في الأشرطة تتبدّل تباعاً إلى أن تصل إلى البيت الذي نشأ فيه «جورج»، وأخذت مكالمات هاتفية مجهولة تنساب إلى المنزل والعمل.

لا تتّخذ الشرطة أي إجراء فعلي حيال ما يحدث، لأنه لا جريمة هناك، ولا أي دليلٍ مادّي دامغ يستدعي المراقبة والتحرّي والبحث، ما يجعل «جورج» أكثر إصراراً على كشف الحقيقة، ليلعب دور المحقّق في الفيلم معتقداً أن كل تحرّكاته تقوده إلى الطريق السليم، وأن هناك ارتباطاً بين ما يحصل الآن وحادثة وقعت له في طفولته.

من جهة ثانية؛ يكشف الفيلم عن طبيعة الشخصيات والعلاقات المدفونة في هذه العائلة المتّحدة حيث جورج يصبح رجلاً موتوراً، وعصابياً، وأكثر أنانية عندما يحتفظ بسرّية أفكاره لنفسه. «آن»، تلاحظ الجانب الآخر من زوجها لأوّل مرة، بينما «بيرو» يشك في حقيقة أمه.

هذه التركيبة التي تفضحها حادثة الأشرطة هي المحور الأساسي في هذا الفيلم، وليس مهماً أبداً الإجابة على التساؤلات التي طُرحت في البداية. ربما يشعر البعض أنه من الضروري جداً كشف ما حصل كلياً، ولكن الأهم هو ما حدث من تغيير في تركيبة الشخصيات، وما سيحدث لاحقاً عندما ينتهي الفيلم!

* تاريخ من العنف

يُلاحظ بعد اليوم الخامس من العروض، وتحديداً في المسابقة الرسمية، عدد الأفلام التي تتناول العنف أو الجريمة، أو الشخصيات الانتحارية بشكلٍ عام. أفلام كان 2005 تتنافس على أفضل فيلم قتل ربما، أو أفضل ممثل عنيف، أو ممثلة منهارة.. مشاهد الدماء المتطايرة من الرؤوس، أو كميات الدم المهدرة على الأرضيات والجدران، والقتل العشوائي، أو الإباحة الفاضحة لمعاني الإنسانية هي سمات أوّلية لأغلب الأفلام حتى الآن.

في «معركة في السماء» (المكسيك) تُقتل بطلة الفيلم في حادثة مجانية، في «متوارٍ» (فرنسا) ينتحر شخص بإطلاق رصاصة في رأسه، في «انتخاب» (هونغ كونغ) عصابتان تبرعان في فنون القتل، حتى يصل الأمر بزعيم إحدى العصابتين إلى قتل منافسه بضربات متواصلة وجامدة بحجر ضخم على رأسه، بحيث ينهار هو قبل أن يموت الآخر.

في «نهارات أخيرة» (أميركا) ينتحر الممثل الرئيسي في نهاية الفيلم. في «الكيلومتر صفر» (العراق ـ فرنسا) لا يحتاج الأمر إلى وصف النظام العراقي وما فعله من ممارسات. في «أينما تختبئ الحقيقة» (كندا) تدور الحكاية أصلاً حول جريمة قتل. في فيلم «ضارب» ينتحر الأب بعد فصله من عمله.

في «تاريخ العنف» (أميركا) تصل الدماء إلى ذروتها حتى أنها أخذت شكلاً كاريكاتورياً أضحكت جمهور الصالة في وقت كانت يجب أن تكون درامية ومأساوية لأقصى درجة.ما الذي تخبّئه بعد أفلام المسابقة التي لم نشاهدها، بالطبع هناك «مدينة الخطيئة» الذي لن يخرج من إطار العنف والقتل؛ وإلا فإنه سيخرج مبكراً من حسبة جوائز لهذه السنة!

* استوديو جديد في باريس

أعلن المنتج التونسي طارق بن عمّار عن توقيع عقد مشترك مع المخرج والمنتج الفرنسي الشهير لوك بيسون لتأسيس شركة تسهيلات وخدمات سينمائية خارج باريس. وبموجب هذا الاتفاق، فإن بن عمّار سوف يضم مجموعة من شركاته المتعدّدة مع المشروع الذي يطوّره لوك بيسون .

وهو «المدينة السينمائية» في محطة كهربائية غير مستخدمة في سانت دينيس شمال باريس، وتشمل هذه الشركات مخبر «إل تي سي»، وشركة «دوبوا» للمؤثرات الخاصة، إضافة إلى شركات الصوت وخدمات ما بعد الإنتاج التي تعد جزءاً من مجموعة «كوينتا» لبن عمار.

الأهداف المعلنة هي منافسة «باينوود» قرب لندن، و«سينيسيتا» روما، وجذب الصناعة الأميركية و«توفير أقل تكلفة ممكنة في الإنتاج» على حسب قول بيسون، والاتفاق مبنٍ على شراكة تجارية، لا يتضمّن أي تبادل منفعي من قِبل أي طرف. وأكّد بيسون أن حجم الاستثمار في المشروع سيصل إلى 150 مليون دولار، وسيفتتح في 2007، ستشمل المدينة السينمائية إستوديوهات صوت وسط حدائق خلابة، ومطاعم خارجية.

المعروف أن بن عمّار يلعب دوراً مهماً في شركة الأخوين واينستين «ميرماكس» حيث يمتلك حقوق توزيع أفلام الشركة في أوروبا، كما يعتبر أحد اللاعبين الأساسين في الصناعة الإعلامية الأوروبية، ولديه صلات وثيقة مع سيلفيو بيرلسكوني، ومدير القناة الأولى الفرنسية باتريك لو لاي، ونشط جداً في إنتاج الأفلام، خاصة مع المنتج الإيطالي الشهير دينو دي لورينتيس، ولديه شبكة توزيع سينمائية في فرنسا.

* إقصاء ثلاثة مخرجين

أكّد متحدّث رسمي من لجنة الكاميرا الذهبية استبعاد ثلاثة مخرجين من المسابقة التي تمنح جائزتها لأوّل فيلم طويل لمخرجه، بما فيهم تومي لي جونز بفيلمه «المقابر الثلاث لميلكويس إسترادا» المشارك في المسابقة الرسمية، وفيلم جيمس مارش «الملك» في تظاهرة «نظرة ما»، وفيلم كارين ألبو «القدس الصغيرة» في أسبوع النقاد.

وذلك بعد أن تأكّد أن المخرجين الثلاثة أخرجوا أفلاماً سابقة للتلفزيون، وبذلك انتهكوا قانون المسابقة. «كان التحقيق جارياً عندما بدأ المهرجان، بعدها أدركنا أنها لم تكن أفلامهم الأولى»، قال المتحدث. تومي لي جونز أخرج «الأولاد الطيبون القدامى» في 1995، وألبو أخرجت «البراءة» للتلفزيون في 2001، بينما أخرج مارش «رحلة ويسكونسن المميتة» في 1999.

* بورصة الترشيحات

بعد اليوم الخامس من العروض، تنصب ترشيحات النقاد -حسب مجلة «سكرين انترناشيونال» لنيل السعفة الذهبية على النحو التالي: في المركز الأوّل متوارٍ (فرنسا)، إخراج: مايكل هانيكه، يليه فيلم «أيام أخيرة» (أميركا) إخراج غاس فان سانت، ثم «لاموس» (فرنسا) إخراج دومينيك مول، في المرتبة الرابعة بالمناصفة «أينما تختبئ الحقيقة» (كندا) إخراج أتوم أغويان.

و«انتخاب» (هونغ كونغ)، إخراج جوني تو، ثم في الخامسة مناصفة أيضاً «الكيلومتر صفر» (العراق ـ فرنسا) إخراج هونير سليم، «ضارب» (اليابان) إخراج ماساهيرو كوباياشي.

البيان الإماراتية في

18.05.2005

 
 

«زهور ممزقة» تحفة سينمائية في مهرجان كان...

السعفة الذهبيّة لفيلم جيم جارموش؟

كان - إبراهيم العريس

كثر قد يفضلون "ماندرلاي" لفنيته ورسالته... وأيضاً لقدرته على الاستفزاز. وآخرون قد يأسفون لأن وودي ألن فضّل من جديد ان يعرض آخر افلامه "ضربة المباراة" خارج المسابقة الرسمية، ما يجعله خارج التخمين. بالنسبة الى هذين الفيلمين يصرخ الكثر انهما تحفتان، لكن الأمر لا يخلو ممن يساجل في ذلك. للحسم اذاً، ها هي تحفة سينمائية تطل برأسها في اليوم السابع للمهرجان تنال اجماعاً نادراً. تحفة تحمل توقيع جيم جارموش الذي يعتبر، عادة، في طليعة السينمائيين المستقلين الأميركيين. واعتاد عرض افلامه السابقة في "كان" كما اعتاد ان يكون كل فيلم من افلامه تلك، تحفة صغيرة لا تنسى. هذه المرة قدم جارموش تحفة كبيرة، في فيلم شديد البساطة، ظاهرياً على الأقل.

في اختصار، اعطى جارموش دورة "كان" هذا العام فيلم "السعفة الذهبية"، حتى وإن كان علينا دائماً توخي الحذر في تخميناتنا، ذلك ان اذواق أعضاء لجنة التحكيم في نهاية الأمر عصية على الفهم! لذا نعطيه نحن، نقاداً وجمهوراً ومهتمين، سعفتنا الذهبية وننتظر.

في الانتظار نقول ان فيلم جارموش وعنوانه "زهور ممزقة" - يبدو ذا صلة بعنوان احد افلام غريفيث الصامتة - فيلم يدخل الى السينما المعقدة... ومنها الى روح الإنسان المعقد، بأفكار في غاية البساطة... بل ايضاً بحبكة في غاية البساطة: رجل ستيني او خمسيني يدعى دون جونستون - اقرأها دون جوان اذا اردت - يعيش وحيداً شبه متقاعد عن العمل. في اليوم الذي تتركه فيه صديقته ليأسها من اقترانه بها، تصله رسالة غفلة، زهرية اللون، مكتوبة على آلة كاتبة، تخبره فيها كاتبتها ان له ابناً منها هو الآن في طريقه الى البحث عنه: عن ابيه. يقوم بالدور بيل موراي الذي يبدو هنا بتعابير وجهه الصامتة والمحايدة - ظاهرياً - وريثاً شرعياً لباستر كيتون. وبيل موراي يستشير صديقه وجاره، هاوي الأدب البوليسي والكومبيوتر، عن العمل، فيشير عليه هذا، بعد التحريات، بأن يتوجه بنفسه لمعرفة ام الولد من بين صاحباته السابقات وعددهن خمساً، واحدة منهن ماتت في حادث. وهكذا يتحول الفيلم من بحث فتى عن ابيه، الى بحث الأب عن الأم. او لنقل بالأحرى، بحثه عن ماضيه، من خلال نساء هذا الماضي. ونحن نزور معه كلاً من أولئك النساء ونلاحظ ان لكل منهن اسماً له دلالة: دورا المنطفئة، لورا التي تحمل ابنتها اسم لوليتا، كارمن المتواصلة مع الحيوانات، بيني التي لا تقبل حتّى استقباله. عبر رحلة ماضيه يبحث دون جوان عصرنا الحديث هذا، عن ذاته... عن الذكر الأميركي في داخله. ولكن من دون ان يستبد به الفضول على الأقل، لملاقاة ابنه.

هل التقاه في النهاية؟ لا ندري. لأن ليس هذا ما يهم هذا الفيلم المنتمي الى واقعية اميركية جديدة بدأت تسائل ماضي اميركا وحلمها من خلال الناس البسطاء الذين صنعوه وصعقوا به.

في نهاية الفيلم يسأل الابن المفترض دون، عما اذا كان له موقف فلسفي فيكون جوابه "الماضي انتهى، والمستقبل لم يصل بعد. إذاً ليس هناك سوى الحاضر". لقد تحطمت زهور دون جونستون على مذبح رحلة البحث عن ماضيهن. فهل انتهى الماضي هنا... ام اننا، نحن ابناء هذا الماضي، لا نزال نعيشه ونعاني من وطأته؟

الحياة اللبنانية في

18.05.2005

 
 

الخليج في مهرجان "كان" السينمائي الدولي (7)

المهرجان يعيش أوجاع السياسة العالمية

لارس فون تراير يهاجم بوش والعنصرية الامريكية

كان: محمد رضا

هناك ثلاثة إعلانات صحافية عن ثلاثة مشاريع سينمائية مقبلة تثير الاهتمام. الإعلان الأول عن فيلم بعنوان “الصليبيون” من انتاج شركة اسمها “أمريكا فيديو فيلم” (حديثة وصغيرة). والواضح أن الإعلان المرسوم من دون ذكر ممثلين لا يزال في باكورة خطواته. ربما ليس أكثر من فكرة او خاطرة تعلن في إطار المهرجان الفرنسي العالمي فإذا أثارت اهتمام موزعين سينمائيين عالميين تم انتاجها والا فلن ترى النور. لكن اللافت في هذا الإعلان العبارة التي ترد فوق العنوان: “غزوا بفعل الإيمان. انتصروا لأجل الحق”. 

حسناً... نعلم من الآن موقف الفيلم من الإسلام والعرب والقدس والتاريخ. الإعلان الثاني لفيلم بعنوان “هجوم مؤكد” له اسم مخرج بحاجة الى مكبّر لكي تقرأه هو باتريك ديوولف مع صور ممثلين لكن من دون أسمائهم. والعبارة التعريفية حوله تقول: “تبعاً لهجوم إسلامي واسع محدق، ترسل (وهذا هو المضحك) الوكالات الأمنية السرية لقوّة عالمية (!) رجل يعمل في الخفاء ليدخل خلية الإرهابيين ويجمع المعلومات حول الطرق والأهداف وخطط المنظمة المشتبه بها”.

أعتقد أن كاتب هذه العبارة الركيكة شاب في السادسة عشرة من العمر أعطاه والده منتج الفيلم فرصته الأولى للتعبير عن نفسه سينمائياً. لكن هذا لا يهم.

الإعلان الثالث هو لشركة يبدو أنها مصرية اسمها “تخيّل” وهو عنوان مصمم تصميماً جيداً ولافتاً لفيلم إذا ما أنتج عالمياً حاز على فرصة تداول مثيرة. الفيلم اسمه “فاروق الأول.... والأخير”. ليس هناك من أسماء كثيرة حول هذا الفيلم. نعرف أن السيناريو من وحيد حامد وتامر عبد المنعم، ولا يوجد ذلك للمخرج لكنْ هناك عنوان لشركة “تخيّل إنترتاينمنت” ورقم هاتف في القاهرة. هل تم الإعلان من دون حضور وفد عن الشركة المنتجة؟ ربما.

الإعلانات الثلاثة هي من جملة ما تزخر به الصحف اليومية الصادرة في “كان” من إعلانات سينمائية هذه الأيام، لكنها تنفصل -مع أخرى سيصعب حصرها- في أنها تتبع أفلاما لكل منها عين على السياسة. ليس هناك ما يؤكد بعد أن هذه الأفلام سيتم تصويرها، لكن على افتراض أن تمويلها جاهز والضوء الأخضر ممنوح لها، فإن كلاً منها سينصب على موضوع سياسي خاص. أنصع هذه المواضيع هو ذلك المطروح في “فاروق الأول والأخير” كونه، على ما يبدو، سيكون من نوع السيرة الفاتحة لصفحات من تاريخ مصر والعالم. لكن “الصليبيون”، الذي يعود الى تاريخ أسبق، يصطاد في الماء العكر كما لو أنه يريد تصحيح صورة رسمها ريدلي سكوت جيدا في فيلمه الجديد “مملكة الجنة”. الفيلم الآخر “هجوم مؤكد” يريد الاصطياد في ماء الوضع الحالي العكر ولغاية تجارية في مستوى رخص رسالته وموضوعه.

مع أمريكا ضد بوش

لكن كل هذا يؤكد أن السينما أصبحت اليوم أكثر ارتباطاً بالسياسة وطروحاتها الحاضرة او التاريخية ويؤلف جانباً موازياً لما حدث يوم أمس الأول (الإثنين) في قاعة المؤتمرات الصحافية عندما تحدّث المخرج الدنماركي لارس فون تراير عن فيلمه الجديد “ماندرلاي”، مثيراً لغطاً كثيراً يذكّر باللغط الذي أثاره حين قدّم فيلمه السابق “دوغفيل” وحين فاز فيلم مايكل مور “فهرنهايت 11/9” في العام الماضي.

أول ما تسلم المخرج الكلمة وراح يتحدّث عن فيلمه بدا واضحاً أن ما اختار الحديث فيه (سعادته بإنجاز فيلم آخر في شاكلة “دوغفيل” وحبوره للعمل مع هذا الفريق من الممثلين) هو ليس ما يريد الصحافيون الحديث فيه. بعد قليل قطع عليه أحد الصحافيين استرساله وسأله: “الا تعتبر الفيلم معادياً لأمريكا؟”.

رد المخرج الذي قدّم هذا الفيلم حول العنصرية الأمريكية من ناحية والحلول الساذجة للبيض حيالها (من دون أن يقدّم حلاً ما بدوره) “دعونا نودّع” عبارة “فيلم معاد لأمريكا”.... لا شيء من هذا القبيل. لا يوجد شيء اسمه فيلم معاد لأمريكا...

وتوقع الجميع كلمة “ولكن” وجاءت:

“لكن المسألة هي أن سياسة الرئيس الأمريكي بوش سياسة خاطئة” وأضاف (املأ مكان النقط بالوصف الذي تعتقد هو المقصود): “لكن مستر بوش هو.....! وهذا الوصف ليس إهانة. أمريكا.... على العالم”.

وحين سأله كندي: ماذا يكون شعورك لو أن أمريكيا حقق فيلماً معيباً بحق التاريخ الدنماركي؟

فرد المخرج “أتطلع قدماً لأرى هذا الفيلم”.

ثلاثة مخرجين يتحدّثون

كما هو متوقع، لم يطرح في جدول النقاش أي موضوع فني. هذا وضع يتكرر هذه الأيام مع الأفلام التي تشتط فنياً لكنها تثير سياسياً فيدور النقاش حولها على هذا النحو وليس على نحو فني صحيح.

على أن ما يلفت النظر هو زيادة الجرعة السياسية التي تتناولها الأفلام هذه الأيام. السياسة موجودة هذه السنة في “تحامل” و”مخبوء” و”الملك” و”ثلاث جنازات لملكواديس استرادا” و”منطقة حرة” و”أحلام شنجهاي” و”معركة السماء” و”حالما تولد لا ملجأ لك” و”كيلومتر صفر” الى جانب “ماندرلاي”. هذا يرفع نسبة الأفلام ذات التطرقات السياسية على نحو او آخر الى نصف ما هو مطروح على شاشة المسابقة. سألت المخرج ميشيل هاناكي (“المخبوء”) عن رأيه في ذلك فقال:

“لا يوجد هناك فيلم لا سياسة فيه حتى ولو كان ترفيهياً محضاً. كلنا نعرف ذلك. من ناحيتي لا أعمد الى تقصّدها ولا أعتقد أن على أي فنان العمل على تقصّدها بذاتها. هي ستعلن عن نفسها بنفسها وبصورة طبيعية. الأفضلية هي للأسلوب السردي الذي ستطرح من خلاله. هذا عليه أن يأتي في المقدّمة”.

حملت السؤال الى أتوم إيغويان هاتفياً. المخرج سبق له أن قدّم قبل عامين “أرارات” عن المذبحة التركية التي أدّت الى نحو مليوني قتيل أرمني. قال: “حين أخرجت ذلك الفيلم كان هذا تدخلاً مباشراً في التاريخ. أردت لفت الأنظار لمأساة منسية. وهذه الرغبة هي وجهة نظر سياسية لكنها لم تؤد الى فيلم سياسي. في الحقيقة لا أعرف ما الفيلم السياسي. بالنسبة اليّ كل فيلم يحمل وجهة نظر سياسية. بعضها أفضل من بعض”.

وفي نهاية حديث قصير مع المخرج الإيطالي ماركو توليو جياردانو (صاحب “حالما تولد لا ملجأ لك”) ردّ على سؤال حول كم من السياسة مهمة في أي فيلم وفي فيلمه على الأخص قائلا:

“هل تستطيع أن تحقق فيلما من دون موقف سياسي ما؟ أنا لا أستطيع. لا يعني ذلك أنني أفهم سياسة ولي اطلاع يفوق اطلاع المسؤولين او السياسيين، لكني أتحرك تبعاً للموضوع الذي أعرضه والذي عادة ما لديه موقف أتفق على اعتباره سياسياً، مثل موضوع المهاجرين العرب والأفارقة والأوروبيين الشرقيين المتزايد الى ايطاليا. لا أعتقد ان المخرج الأوروبي على الأخص يستطيع الابتعاد عن طرح هذه المشاكل المتفاقمة في عالم اليوم. وهو بمجرد الاقتراب منها اقترب من جانبها السياسي”.

 “الأول والأخير”

أنصع هذه المواضيع هو ذلك المطروح في “فاروق الأول والأخير” كونه، على ما يبدو، سيكون من نوع السيرة الفاتحة لصفحات من تاريخ مصر والعالم. لكن “الصليبيون”، الذي يعود الى تاريخ أسبق، يصطاد في الماء العكر.

يوميات

أصعب ما يمكن أن يجده المتردد الى “كان” هو مكان ينام فيه. إذا لم تكن زبوناً دائماً لفندق معيّن منذ سنوات بعيدة، وإذا لم تكن قادراً على دفع إيجارات مرتفعة جداً (أرخص استديو في هذه الفترة من 1300 الى 1400 يورو) فإن الحظ كبير أن تقضي لياليك على الشاطئ او تنتهي الى فندق جبلي بعيد تهبط منه وتصعد إليه في سيارة تاكسي. لكن هناك بعض المحظوظين. الناقد الأمريكي روجر إيبرت هو أحد هؤلاء. إنه منذ عشرين سنة يستأجر الغرفة ذاتها في الفندق ذاته (“سبلنديد”) وهو أقرب الغرف الى المهرجان إذ لا يفصله عن القصر سوى الشارع. والفندق المذكور ليس أغلى الفنادق لكنه ينتمي الى القرن التاسع عشر ول”إيبرت”، الذي لديه برنامج تلفزيوني نقدي معروف، غرفته التي تطل على المرفأ القديم وتتميّز بشرفة كبيرة. وشأن إيبرت هو شأن كل نزلاء هذا الفندق الذي لا يؤجر غرفه الا لذات الأشخاص عاماً بعد عام. مديرته تقول: “الحقيقة إننا لا نعد أحداً... الغرف عندنا ليست برسم الاستئجار الا عندما يموت نازلها”.

بالنسبة للنقاد العرب في “كان” فإن لديهم الآن مراكزهم المعتادة ليس فقط من حيث أماكن الإقامة (معظمهم في أبعد نقطة ممكنة عن القصر لأنها أرخص) بل من حيث عادة الجلوس في الصالتين الرئيسيتين.

النقاد الذين يكتبون لمجلة “سينما” وهم الأساتذة سمير فريد وقصي صالح درويش وإبراهيم العريس يحتلون أقصى اليمين (ليس بعيداً من باب الخروج). النقاد المصريون يجلسون عادة على يمين الصالة لكن في المسافة المتوسطة بين أول صف أمام الشاشة وآخر صف، ما يجعل مهمة مشاهدة الفيلم عويصة إذ إنها تأخذ زاوية حادّة.

نقاد الصحف التي تصدر في لندن والخليج يحتلون الوسط او يمين الوسط مباشرة. كذلك لا أحد منهم يجلس منفرداً الا إذا لم يصطحبه أحد أصلاً، فكل فريق ينتمي الى ثلته وعلى النحو المذكور... هذا باستثناء كاتب هذه الكلمات الذي قد يجلس على يمين الوسط مباشرة لكنه سعيد أكثر إذا لم يجلس أحد لاوراءه ولا الى جانبه ولا أمامه ... وهذا مستحيل.

اللقاءات الصحافية بالنسبة للجميع هاجس كبير، خصوصاً لمن تنتدبهم الصحف لهذه الغاية وحدها. الضيف يحضر لثلاثة أيام (وأحيانا ليومين) فيقوم الملحق الصحافي التابع للفيلم ببرمجة جدول المقابلات له والتي تتم على طريقتين: كل خمسة على طاولة واحدة، او -إذا كان الصحافي نجماً في وطنه او عالمه - مقابلة مباشرة (واحد على واحد كما يسمّونها) إنما محصورة في 10 الى 15 دقيقة كحد أقصى. وليس سهلا الحصول على مقابلات. الى جانب العلاقات الشخصية بين الصحافي والملحق الصحافي على الأول أن يمثّل صحيفة كبيرة. ومع وجود 4000 إعلامي هذا العام فإن الصحافي الذي يفوز بمقابلة ما إنما يعرف قيمة وضعه. والسبب الوحيد الذي أستطيع فيه الفوز بمقابلات حين أسعى يعود الى انتمائي الى جمعية مراسلي هوليوود الأجانب... هذه تفتح الأبواب سريعاً. أحياناً مع ابتسامة صادقة.

الخليج الإماراتية في

18.05.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)