كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مخبأ هانكي يرشح السينما الفرنسية للفوز بالسعفة وأحسن ممثلة

الملك فاروق يظهر في المهرجان.. باسم "تامر"

رسالة مهرجان كان من سمير فريد

مهرجان كان السينمائي الدولي الثامن والخمسون

   
 
 
 
 

بعد عرض نصف أفلام مسابقة مهرجان كان الذي يعلن جوائزه السبت القادم يبدو أمل السينما الفرنسية كبيراً في فوز "مخبأ" إخراج النمساوي مايكل هانكي بالسعفة الذهبية هذا العام. ولأول مرة منذ 18 عاماً.

الفيلم المشترك بين فرنسا والنمسا وألمانيا وإيطاليا يعبر عن التعاون الأوروبي من ناحية. وعن يقظة الضمير الغربي تجاه ما يسمي العالم الثالث من ناحية أخري. وعلي نحو درامي قوي. وبأسلوب يجمع بين الطابع الشخصي لمؤلفه وبين التوجه إلي قطاع من جمهور السينما السائدة في نفس الوقت. وقد حصل علي أعلي التقديرات في استفتاءات النقاد في نشرات المهرجان اليومية.

وإلي جانب جدارة الفيلم بالفوز بالسعفة الذهبية كبري جوائز السينما في العالم. بالنسبة لأفلام النصف الأول من المهرجان بالطبع. فالأرجح أن يفوز بطله نجم السينما الفرنسية دانييل أوتوي بجائزة أحسن ممثل أيضا. وهو يشترك في تمثيل الفيلم مع النجمة الفرنسية العالمية جولييت بينوش. وهي من أعظم ممثلات العالم منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي. ولكنها في "مخبأ" ليست في أفضل أحوالها. ولعل هذا يرجع إلي طبيعة الدور المحدودة.

من روائع النصف الأول من المسابقة أيضا الفيلم الأمريكي "أيام أخيرة" إخراج جوس فان سانت الذي سبق وأن فاز بالسعفة الذهبية عن فيلمه السابق "فيل" عام 2003 والفيلم الأمريكي "تاريخ للعنف" إخراج الكندي دافيد كروننبرج والذي يستحق الفوز بالجائزة الكبري التي تلي السعفة الذهبية مباشرة أو جائزة أحسن إخراج أما الفيلم الفرنسي الكردي العراقي "نقطة الصفر" إخراج هينر سالم فجدير بجائزة لجنة التحكيم.

من أفلام النصف الأول الهامة الإيطالي "طالما انك ولدت" إخراج ماركو توليو جوردان. وإن كان ليس من أفلام الجوائز. ويشترك مع فيلم كروننبرج ومثل فيلم هانكي في التعبير عن يقظة الضمير الغربي تجاه العالم الثالث. وإن اختلف أسلوب كل من الأفلام الثلاثة اختلافاً تاماً. أما أكثر أفلام منتصف كان 2005 إثارة للجدل فهو الفيلم المكسيكي "معركة في السماء" إخراج كارلوس ريجاديس الذي يتضمن مشاهد جنسية لم يسبق أن عرضت علي شاشات مهرجان كان منذ دورته الأولي. أي من 58 سنة. ويمزج الفيلم بين الجنس والسياسة علي نحو مبتكر. وهناك اهتمام خاص بالسينما المكسيكية هذا العام. فهناك فيلم في المسابقة وبرنامج تاريخي في إطار "كلاسيكيات كان". ويوم من الأيام السبعة المخصصة لسبع دول في قاعة "كل سينما العالم".

"كلاسيكيات كان" أيضا يحتفل بمئوية المخرج البريطاني مايكل باول. وبمرور 15 سنة علي إنشاء مؤسسة سكورسيزي لحماية التراث السينمائي.

صندوق التنمية الثقافية

افتتح المكتب السنوي للإعلام عن السينما المصرية في سوق الفيلم الدولي في مكانه المعتاد منذ سنوات طويلة. حيث توزع وثائق مهرجانات السينما الدولية في القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية. وكما هي العادة أصدر الصندوق مجموعة كتب أنيقة تعرف بالمهرجان القومي في عشر سنوات. ومواقع التصوير في مصر. وأجندة ليوميات المهرجان وأدار المكتب بكفاءة وفد الصندوق "محمد جمال وآدم مكيوي".

ولأول مرة أقيمت خيمة لبنانية في القرية الدولية علي شاطيء قصر المهرجانات بواسطة "مؤسسة السينما اللبنانية" وهي مؤسسة غير تجارية انشأت عام 2003 لترويج ودعم السينما في لبنان وقد اقيمت الخيمة أو "البافليون" بدعم من وزارة السياحة اللبنانية والسفارة الفرنسية في بيروت وعدة شركات لبنانية.

نشرات المهرجان

تصدر في مهرجان كان. مثل كل سنة. عشر نشرات يومية توزع مجانا علي ضيوف المهرجان الذين بلغ عددهم 15 ألف سينمائي وصحفي. ويصل عدد صفحات هذه النشرات الي 500 صفحة في ذروة المهرجان.

نشرة المهرجان ونشرة السوق و8 نشرات تصدرها أكبر صحف ومجلات السينما الدولية "فارايتي" و "هوليوود ريبورتر" و "سكرين انترناشيونال" و "بيزنس أوف فيلم". واكبر المجلات الفرنسية "فيلم فرانسيه" و "زوربان" و "مترو" و "تكنسيان دو فيلم".

مهرجان دبي

المهرجان الدولي الوحيد الذي يقام في العالم العربي ويعلن في "فارايتي" و"هوليود ريبورتر" و "سكرين انترناشيونال" هو مهرجان دبي الذي أعلن عن دورته الثانية من 11 الي 17 ديسمبر القادم في اعلانات متميزة استخدم فيها المصمم فكرة الايدي المحفورة للنجوم في هوليود ليذكر اسماء نجوم الدورة الاولي مثل مورجان فريحان واورلاندو بلوم وليلي علوي وحسين فهمي ويحيي الفخراني وداود عبدالسيد وديبا ميهتا وغيرهم.

وقد تضمن الاعلان ان الدورة الاولي شهدت عرض 67 فيلماً من 27 دولة وشاهدها من جمهور دبي 18 الف متفرج. وان المهرجان يستمر في أداء دورة كجسر للتواصل بين الثقافات والتفاهم بين الشعوب.

وإلي جانب اعلانات مهرجان دبي الكثيرة التي لفتت الانظار بعددها وجمالها. نشر مرتين اعلان 22 فيلماً مصريا من انتاج شركة جديدة باسم "تخيل" بعنوان "فاروق الاول والاخير" سيناريو وحيد حامد وتمثيل تامر عبدالمنعم في دور الملك فاروق وانتاج يوسف الديب وجاء في الاعلان كلمة الملك فاروق الشهيرة التي قالها عام 1948 خلال سنوات لن يكون هناك غير ملك انجلترا وملوك الكوتشينه وان تصوير الفيلم يبدأ في سبتمبر.

جائزة نورمان ماكلارن

أعلن المجلس القومي للفيلم في كندا عن تقديم جائزة باسم فنان السينما نورمان ماكلارن للفيلم الفائز بالسعفة الذهبية في مسابقة الافلام القصيرة اعتبارا من الدورة الحالية لمهرجان كان. وذلك بمناسبة مرور 50 عاماً علي فوز ماكلارن بسعفة الافلام القصيرة عام .1955

الجائزة عبارة عن مكافأة مالية قيمتها 3 آلاف يورو وامكانية توزيع الفيلم بواسطة المجلس أو الاشتراك في انتاج الفيلم التالي للمخرج وقد اعلن المجلس ان خطة ترميم افلام ماكلارن تنتهي في العام القادم. وبهذه المناسبة ستعرض مختارات من اعمال الفنان في مهرجان كان .2006

يعتبر نورمان ماكلارن من أهم فناني التحريك في تاريخ السينما ومن كبار المجددين التجريبيين.

الجمهورية المصرية في

18.05.2005

 
 

كان تحت الأمطار وأفلام عنف

أمطار كان لم تعق المشي على البساط الأحمر

أميركا واليابان وإيران تتعرى في "كان"

أحمد نجيم من كان

شهدت ميدنة "كان" ليلة أمس الثلاثاء تساقطات مطرية مهمة، واستمر تهاطل الأمطار طيلة ليلة الثلاثاء الأربعاء، غير أن هذه التساقطات  لم تعكر الجو الاحتفالي الكبير التي تشهده المدينة منذ انطلاق الدورة 58 من مهرجان كان يوم 11 مايو المنصرم، إذ احتفظت الإدارة بكافة الطقوس الاحتفالية الكبيرة، وأهمها   المشي على البساط الأحمر والتقاط صور النجوم أمام المسرح لكبير لوميير بقصر المهرجان.  حالت الأمطار الخفيفة نسبيا، دون تجمهر عشاق النجوم أمام مدخل المسرح لكبير. ليلة أمس الثلاثاء لم تختلف كثيرا عن ليالي كان الساهرة، إن نظمت السهرات الخاصة في فضاءات مغطاة على الشاطئ، ربما تأثير الأمطار كان مقتصرا على متتبعي أفلام "سينما الشاطئ"، إذ حالت الأمطار دون تنظيم عرض ليلة الثلاثاء الأربعاء.    كانت هذه التساقطات مناسبة بكثير من سياح المهرجان لإظهار مظلاتهم المختلفة. وحاول بعض اللصوص المحترفين استغلال هذه الأجواء المطرية والاحتفالية في المدينة  للسطو على مجهورات الأغنياء والنجوم، وأعلنت الجريدة الجهوية "نيس ماتان" في عددها ليوم الأربعاء أن الدرك الفرنسي ألقى القبض على عصابة متخصصة في سرقة مجوهرات الاغنياء وبحوزتها 20 كيلوغرام من المجوهرات الذهبية، ما ثمانية كيلوغراات في "مدينة المهرجان"، أفادت الصحيفة أن العصابة التي ألقي  عليها القبض كانت توظف الأطفال والنساء للاطلاع على الفيلات المستهدفة، واعترف أحد أفراد لعصابة، حس المصدر نفسه، أنه كان يقوم بثلاثة عمليات سطو سرقة في اليوم الواحد، وأن تلك السرقات نقلت إلى يوغسلافيا السابقة غبر إيطاليا. 

الصحافة أول المستفيدين من توقيعات النجوم

تتحول نهاية الندوات الصحافية اليومية المنظمة مع مخرج وممثلي الأفلام المشارة في المسابقة الرسمية، إلى ما يشبه حفلا لجم توقيعات النجوم، إذ يتجمهر الصحافيون على الفريق المشارك في الندوة ويضطر النجوم إلى الامتثال إلى رغبات الصحافيين، وعلل صحافي من البرازيل رغبته في جمع أكبر عدد من التوقيعات إلى عشقه للنجوم السينمائيين ورغبته في تخليد ذكرى كان "حضور هذا الحدث السينمائي مناسبة لن تتكرر لصحافي قادم من البرازيل، لذا أستغل هذه الفرصة لجمع توقيعات النجوم، ربما لن أعود إلى المهرجان في دوراته المقبلة وأفضل أن أحتفظ بهذه الذكرى" يحرص هذا الصحافي على المجيء يوميا قبل الندوة الصحافية بأكثر من نصف ساعة "هناك ندوات صحافية تعرف حضور عدد كبير من الصحافيين، وتغلق الأبواب على نسبة منهم، لذا أفضل أن أكون من الأوائل لولوج قاعة الندوات ثم للجلوس في المقاعد الأمامية"، هذا الصحافي واحد من عشرات الصحافيين الذين يجمعون توقيعات النجوم للذكرى.

إيران وأميركا واليابان تتعرى في كان

قدم مساء الثلاثاء الماضي العرض الأول لفيلم فرانك ميلر وروبر رودريكيس "سان سيتي" المستمد من قصة مصورة تحمل الاسم نفسه للكاتب الأميركي فرانك ميلر، يصور الفيلم عالم الجريمة بكل أشكالها في مدينة "سان سيتي"،   أربعة شخصيات تصارع في هذه المدينة المظلمة، فهارتيكان، بروس ويليس، يقسم بحماية الطفلة "نانسي"، جيسيكا ألبا"، و"ماف"، ميكي روك"، مهمش قاسي يقرر الانتقام من مقتل حبه "كولبي"، أما "دايت" الذي يجسد دوره كليف أوين، فيسعى لحماية مومسات المدينة من جاكي بوي، بينيسيو ديل تورو. الفيلم له سمات مشتركة مع فيلم كوين تارانتينو "كيل بيل"، مشاهد قاسية لشخصيات قوية وعنيفة تعيش في مدينة شديدة الظلمة، يجمع الفيلم بين أفلام التنشيط والأفلام العادية، شخصيات وكأنها رسمت تقوم بأعمال عنف، كثير منها يرعب المشاهد. وخلال العرض الأولى غادر بعض الصحافيين القاعة بسبب العنف الذي غطى على مشاهد الفيلم. فيلم "سين سيتي" قد ينال جائزة الإخراج في الدورة الحالية لمهرجان كان، كما أنه أحد الأفلام المرشحة للسعفة الذهبية، إبداع سينمائي يكشف عن تعطش الإنسان إلى الإجرام.

تعرية الواقع المجتمعي كان حاضرا في الفيلم الياباني "إيلي إيلي لينا شاباستاني" للمخرج أوياما شينجي، يغوص الفيلم المشارك في مسابقة "نظرة ما" في اليابان 201، حيث ارتفاع نسبة الانتحار، هذه الظاهرة لن تجد لها علاجا غير الموسيقى التي تستمد إيقاعاتها من أصوات الطبيعة، يتسم الفيلم بالبطء حد الملل، ويغوص في الشخصيات الإنسانية بطريقة شاعرية. طول مشاهد الفيلم تخلق للبعض نوعا من الملل.

وخلال أمس الثلاثء قدم المخرج الإيراني، في المسابقة نفسها، فيلم "ليلة" للمخرج نيكي كريمي، في هذا الفيلم يكشف الليل، من خلال بطلة الفيلم، عن التحولات التي تشهدها إيران، تخرج فتاة شابة من العمل لتفرض عليها أمها مغادرة البيت لأنها ستستقبل صديقها، تقضي ليلها بين شوارع مدينة طهران، تلتقي ثلاثة رجال يعبرون عن ثلاثة عقليات، الأول من الضواحي يغريها كي يقضي معها ليلة، ويتخذ من الدين مبررا لفعلته، أما الثاني فدكتور قضى سنوات في أميركا يعيش رفقة أمه، يكشف عن الوجه التقدمي في هذا البلد، ثم الثالث عاشق متفتح اكتشف خيانة زوجته مع صديقه فقتلها وحملها معه في سيارته. "ليلة" فيلم إيراني ترك انطباعا جيدا في "كان". المخرجون الثلاثة من أميركا وإيران واليابان عروا واقع بلادهم في "كان" أمس الثلاثاء، وقدموا أعمال سينمائية نالت استحسان النقاد.

أفارقة يطالبون باسترجاع تراثهم السينمائي من فرنسا

بينما أثار مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل نقطة أخرى متعلقة  بالذاكرة المغربية خصوصا والإفريقية على وجه العموم "تراثنا منذ السنوات  الأخيرة في القرن ما قبل الماضي وإلى حدود استقلال المغرب في العام 1956 موجود في فرنسا، آنذاك كنا نمنع كمغاربة استعمال الكاميرا للتصوير، كان ت صورنا حكرا على فرنسا" لذا دعا إلى التفكير في محاولة استرجاع هذا التراث، وتساءل "هل نحن مجبرون على احترام القوانين في موضوع غاية في الأهمية متعلق بذاكرتنا" في إشارة إلى حقوق تأليف شركات إنتاج فرنسية ك"باتي" على الأفلام المصورة في المغرب خلال الحقبة الاستعمارية.

دعا مسؤول من منظمة اليونسكو إلى الحفاظ على أفلام المنتجة في الدول الجنوبية، وقال في ندوة "حماية أفلام سينما الجنوب" على هامش مهرجان كان 2005" "هذا موضوع يحظى بأهمية خاصة عندنا، ويجب أن نبحث عن الحلول لإيجاد الدعم الكافي لأرشفة التراث السينمائي بالتقنيات الرقمية"، ولم يطرح إجراءات عملية بل اكتفى بالقول "نحن في حاجة إلى تضامن دولي، وإلى اهتمام حكومات الدول المعنية بهذا الموضوع الهام".

واحتج مخرجون وسينمائيون أفارقة على ارتفاع أثمنة أرشفة التراث السينمائي الإفريقي في لمعهد الفرنسي المتخصص المعروف ب"لينا"، فثمن الدقيقة الواحدة للأرشفة الرقمية في هذا المعهد يتراوح بين 500 و800 أورو". وانقسم المشاركون على هذا الموضوع، فممثلو وزارة الفرنكفونية الفرنسية و"لينا"  واليونسكو تطرقوا لموضوع الأرشفة الرقمية لتراثهم، بينما أثار سينمائيو الجنوب، خاصة الأفارقة موضوع الذاكرة الجماعية الإفريقية المتواجدة في أوربا مطالبين  باسترجاعها ثم بالدخول في شراكة مع مؤسسات فرنسية.

الصايل : مهرجانات عالمية تريد تخصيص يوم للسينما المغربية

قال نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي ورئيس الوفد  المغربي إلى مهرجان "كان"2005 أن المشاركة المغربية بعشرة أفلام في "سينما  العالم" خلفت استحسانا كبيرا من قبل المشاركين في المهرجان، وأوضح في تصريح خاص أن "هناك مهرجانات سينمائية كبيرة الكبندقية وسان سباستيان وتورنتو بكندا ونيويورك عبرت عن رغبتها في إعادة تجربة "كان"، بتخصيص يوم للسينما المغربية.

وعبر عن سعادته بالمشاركة المغربية، إذ تمكن الوفد السينمائي من خلق علاقات مع المنتجين والسينمائيين العالميين، وأضاف "هذا يساعد على ترويج السينما المغربية عالميا، كما يدفع السينمائيون المغاربة من الاحتكاك بالسينما العالمية. وبخصوص إمكانية إنشاء رواق مغربي في "سوق المهرجان" عبر الصايل عن تحفظه الرواق لا ينفع السينما دائما، فهو مكلف جدا، ثم إننا نشارك برواق إذا كان لنا  ما نقدمه من إنتاجات سينمائية إلى المشاركين، فيجب أن ننتج أفلاما كثيرة وبصفة منتظمة.

وكان الحضور المغربي قويا في الدورة 58 من المهرجان، إذ شارك بثلاثة أفلام طويلة لكل من عبد الرحمن التازي "باديس" وجيلالي فرحاتي "ذاكرة معتقلة" وياسمين قصاري "الراكد" بالإضافة إلى سبعة أفلام قصيرة في القسم المحدث هذه الدورة في كان "سينما الجنوب"، ويتعرف الصحافة الخميس المقبل على فيلم ليلى المراكشي "ماروك" المشارك في المسابقة الثانية من حيث الأهمية "نظرة ما".

الإخوة داردن أوفياء لنهجهم للسينما الواقعية والأميركي جارموش يقدم تحفة سينمائية

سار المخرجين البلجيكيين جون بيير ولوك داردن في فيلمهما الجديد "الطفل" المشارك في المسابقة الرسمية ل"كان"، على نهجهما السينمائي الذين تعرف عليهما الجمهور في أفلام "بروميس" و"روزيتا".    فاختارا موضوعا اجتماعيا يهتم بالمهمشين في بلجيكا. يتطرق الفيلم لقصة الشاب برونو، 20 سنة وصديقته سونيا الذين يرزقان بطفل صغير "جيمي"، يعيش برونو على السرقة بتعاون مع طفلين صغيرين، ورغم وضعيته المادية والاجتماعية يحاول إن يتعايش مع هذا الوضع، غير أنه سينهار ليقرر"بيع" مولوده لمن يتبناه ويدفع، هذا التصرف الطائش سينعكس على علاقته بصديقته أم "جيمي"، تسترد مولودها وتقطع علاقتها ببرونو. علاقة هذه الشخصية تظل موزعة بين النهب والسرقة للعيش، ولما ألقت الشرطة القبض على طفل من أحد معاونيه، سيتقدم  إلى الشرطة، بعد محاولة يائسة للقاء سونيا. الأجواء نفسها التي عرف بها المخرجا، حتى طريقة التصوير المعتمدة على اللقطات المكبرة التي وظفها المخرجان في "روزيتا" أعيد توظيفها في "الطفل".

بل إن بطلة الفيلم ديبورا فرنسوا، التي جسدت "سونيا"، لم يسبق لها أن وقفت أمام الكاميرا، شأن الفتاة التي جسدت "روزيتا" في آخر أفلام الإخوة داردن لتنال السعفة الذهبية لأحسن دور نسائي في العام 1999. لم يوظفا المخرجان الموسيقى، بل اكتفيا بموسيقى الفضاء والأشياء.

الحدث السينمائي ليومه الثلاثاء كان العرض الخاص بالصحافة لفيلم "ورود ممزقة" للمخرج الأميركي جيم جارموش    نال الفيلم تصفيقات الصحافة أثناء عرضه في القاعة الرئيسية لقصر المهرجان قبل أن ينال مدحهم في كتاباتهم، يحكي الفيلم قصة كهل أعزب يعيش لوحده يدعى "دون" جسده باقتدار كبير بيل موري، يتوصل برسالة مجهولة تخبره أن أب لشاب يبلغ 19 سنة، ليبدأ "دون" بحثا بمساعدة جاره "وينستون"، جيفري رايت، تسافر "دون" إلى ولايات مختلفة يلتقي صديقاته الأربع عله يهتدي إلى صاحبة الرسالة والأم، جسدت شارون ستون وفرانس كونري وجيسيكا لانج وتيلدا وينستون، دور النساء الأربع.

اجتمعت كل عناصر النجاح ل"ورود ممزقة"، ممثل بارع بيل موري، جسد بقوة وعمق كبيرين الشخصية وأعطى للفيلم عمقه وتجاوب الجمهور معه، ثم مشاركة النجمات ستون ولانج وكونري ووينستون، كانت مكملة للوحة الفنية التي رسمها جيم جارموش. من نقاط قوة الفيلم الحوار، إذ كتب بفنية كبيرة.

يغوص الفيلم في الشخصية الإنسانية بفنية كبيرة. هذا الفيلم عينة من التحف السينمائية التي تعتمد على إمكانيات محدودة لتقدم للمشاهدين إبداعا سينمائيا لن تمحيه السنون، وزادته نهايته الغامضة سحرا آخر.

موقع "إيلاف" في

18.05.2005

 
 

مفاجآت مهرجان كان السينمائي

فيلم عراقي يطالب باستقلال الأكراد

وفيلم تسجيلي عن نمو ظاهرة الإرهاب في العالم

 كان ـ أحـمد عاطف 

من بين أفلام مهرجان كان السينمائي‏,‏ كانت العراق ومصر حاضرتين بقوة من خلال ثلاثة أفلام مهمة جذبت انظار الجميع

جاء الفيلم الياباني تحرش ليتحدث عن الاضطهاد الذي تعرضت له فتاة يابانية شابة كان قد تم أخذها رهينة بواسطة جماعات العنف العراقية‏,‏ وعند عودتها لبلادها يعاملها الجميع بقسوة شديدة بل ويصل الامر الي طردها من العمل‏..‏ فتقرر ان تعود لعملها الانساني في مساعدة الاطفال العراقيين‏..‏ ورغم ان كلمة العراق لم تذكر ولو مرة واحدة‏..‏ لكن شبحها موجود طوال الوقت‏..‏ ومخرج الفيلم اعترف بأن فيلمه مأخوذ عن قصص حقيقية ليابانيين قرروا العودة للعراق بعد تدخل الحكومة بأكملها لتحريرهم‏..‏ والفيلم يقصد قسوة المجتمع الياباني ويحلل اسباب انعدام الرحمة به اليوم‏.‏

اما الفيلم الاهم عن العراق‏.‏ فهو‏(‏ الكيلو متر صفر‏)‏ للمخرج هاينر سالم وهو يعد منشورا دعائيا مباشرا ورديئا ينادي باستقلال الأكراد وبدون معالجة فنية متميزة والفيلم يتحدث عن شاب كردي يتم ارساله بدون ارادته للالتحاق بالجيش العراقي اثناء الحرب مع ايران عام‏1988..‏ ويظل المخرج طوال الفيلم يكرر كم يكره العراقيون الاكراد‏..‏ يقدم معلومات جافة كأنها خطبة عن ضرب الاكراد بالاسلحة الكيميائية والتي نتح عنها قتل‏182‏ الف كردي وبالطبع كلها معلومات حقيقية عن المآسي التي تعرض لها الاكراد وقت حكم صدام‏..‏ وتتكرر جملة علي لسان البطل هي نحن ماضينا حزين حاضرنا تراجيدي وليس لنا مستقبل‏..‏ ويتبني المخرج ضرورة تدخل القوي الغربية لإنقاذ الاكراد‏.‏ وعندما يسمع البطل في الاذاعة ان بغداد سقطت يصرخ هو وزوجته تحررنا تحررنا‏..‏ ونظرية التحرير هي التي يتبناها المخرج حيث يري ضرورة ان تكون للأكراد دولة مستقلة والمخرج كتب علي تيترات فيلمه انه انتاج كردي ـ فرنسي مشترك وكأن الاكراد استقلوا بدولتهم بالفعل‏..‏ والمضحك ان تلك الأكاذيب تعرض في مهرجان كان في الوقت الذي يترأس فيه العراق بأكمله رجل كردي‏!!‏

علي طرف النقيض من تشويه الحقائق‏,‏ عرض الفيلم التسجيلي قوة الكوابيس اخراج الانجليزي آدم كيرتس في القسم الرسمي خارج المسابقة وكان مفاجأة بكل المقاييس‏..‏ ففي ثلاث ساعات كاملة قدم الفيلم تحليلا كاملا لنمو ظاهرة الارهاب في العالم والاسباب التي ادت لتطوره ومن خلال لقطات ارشيفية نادرة وحوارات خاصة ومعلومات تذاع لأول مرة‏..‏ اكد الفيلم ان فكر سيد قطب احد قادة الاخوان المسلمين بمصر‏,‏ وفكر ليفي شتراوس‏,‏ الفيلسوف والاب الروحي لجماعة المحافظين الجدد في امريكا‏,‏ هما معا السبب في الكابوس الذي يحتل العالم الآن‏..‏ ويقوم بتحليل ذلك في الفيلم‏.‏

يقول الفيلم ان رجال السياسة قد اكتشفوا بعد الحرب العالمية الثانية ان الشعوب لم تعد تؤمن بعد بالايديولوجيات التي تعد بأحلام كبري وبمستقبل افضل لذلك وجد هؤلاء السياسيون ان افضل طريقة للسيطرة علي الجماهير هي إثارة الخوف والكوابيس‏,‏ يبدأ الفيلم عام‏1949‏ بسيد قطب الذي كان مدرسا بالتربية والتعليم حيث يتم ارساله الي ولاية كولورادو الامريكية في منحة‏,‏ ويكتشف هناك ان وراء الازدهار الامريكي الظاهر إنغماسه في الغرائز والطموحات المادية مما قضي علي اي قيمة اخلاقية‏,‏ ويعود د‏.‏ سيد قطب الي مصر مبلورا منهجه الذي يعتمد علي الاستعلاء علي الواقع وضرورة ألا تصبح مصر صورة من امريكا‏..‏ والسبيل الي ذلك هو الدولة الاسلامية شكلا وموضوعا‏..‏ ثم يذهب الفيلم الي امريكا حيث يرصد ظهور افكار الاستاذ بجامعة شيكاغو والفيلسوف ليفي شتراوس الذي يري ان ازدياد الاتجاه الليبرالي يهدم كل القيم الاخلاقية تحت مسمي الحرية وانتشرت اراؤه التي تدعو الي ضرورة انقاذ روح الامريكيين من الفساد‏.‏ وكان من تلامذته بول وولفيويتز مهندس الحرب علي العراق‏..‏ وفرانسيس فوكو ياما اللذان اسسا معا جماعة المحافظين الجدد التي انضم إليها تشيني ورامسفيلد‏.‏

ويتعرض الفيلم لكل تفاصيل تطور الفكر الارهابي في الشرق والغرب بوثائق نادرة ومعلومات مهمة‏.‏

الأهرام اليومي في

18.05.2005

 
 

«البيان» شهدت المناسبة

حفل في «كان» لمهرجان دبي السينمائي

كان ـ مسعود أمر الله آل علي

تحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس دائرة الطيران في دبي، الرئيس الأعلى لطيران الإمارات الرئيس الفخري لمهرجان دبي السينمائي الدولي، أُقيم أول من أمس في كان حفل استقبال على شرف المهرجان في فندق «كارلتون بيتش»، للإعلان عن الدورة الثانية من مهرجان دبي السينمائي الذي سيُقام في الفترة ما بين 11 إلى 17 ديسمبر 2005.

ترأس وفد الإمارات عبدالحميد جمعة الرئيس التنفيذي لمدينة دبي للإعلام، ونيل ستيفنسون، مدير المهرجان بالإضافة إلى المجموعة المنظّمة للحفل، التي أتت خصيصاً من دبي. وحضر الحفل جمعُ غفير من الوسط السينمائي العربي والدولي، منهم الممثل الشهير مورغان فريمان، وأنان سينغ، وبيتر بارج، وماجدة واصف، وفيليب جلادو، ومان موهان شتي، وغيرهم من صنّاع السينما.

بدا الحفل بسيطاً ومنظّماً، واستهل بعرض شريط فيديو قصير على شاشات تم توزيعها في جميع أنحاء الصالة، حول أجمل لحظات الدورة الأولى، ومقابلات مع الضيوف، ولقطات لمدينة دبي. ثم ألقى مدير المهرجان نيل ستيفنسون كلمة رحّب فيها بالحضور، وأكّد أن أهداف المهرجان تتمثل في «جعل مهرجان دبي محطة للسينما العربية.

ومد الجسور الثقافية بين الدول، وتقديم خدمة إثراء الثقافة لمجتمع دبي». واختتم الحفل بسحب على تذكرتين لزيارة دبي على طيران الإمارات، قدمهما عبدالحميد جمعة، ومورغان فريمان الذي علّق قائلاً «من لم يُسافر على طيران الإمارات، كأنه لم يُسافر أبداً في حياته».

تنسيق دبي

يُذكر أن موعد المهرجان تقرّر بعد عدّة جلسات نقاش مع منظمي مهرجانات عربية أخرى، هي: القاهرة،. مراكش، ودمشق، كانت آخرها في القاهرة، وقد مثّل مهرجان دبي عبد الحميد جمعة، بينما مثّل شريف الشوباشي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وتمخّضت النقاشات عن تثبيت موعد لإقامة المهرجانات الأربعة درءاً للتصادم .

كما حدث في العام الفائت: من 11 إلى 19 نوفمبر 2005، مهرجان مراكش السينمائي الدولي، من 20 إلى 27 نوفمبر 2005، مهرجان دمشق السينمائي الدولي، من 29 نوفمبر إلى 9 ديسمبر، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.وأكد عبد الحميد جمعة أن مدينة دبي للإعلام تطمح لمزيد من التعاون والفاعلية بين المهرجانات العربية.

حتى يصل صوت السينما العربية إلى صناعة الفيلم عالمياً، وقال: «نحن نشارك في المساهمة في إنجاح مهرجانات السينما في الوطن العربي لأن أحد أهدافنا هو زيادة التعاون والتكامل في المجالات الثقافية العربية».

من جانبه، قال نيل ستيفنسون، مدير مهرجان دبي أن تفاصيل وبرنامج المهرجان المقبل ستعلن في الشهور المقبلة، لكن أوضح أن أحد أولوياته في العمل كان في زيادة عدد البرامج العربية، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته الأفلام العربية في الدورة الماضية، وكذلك التركيز على النشاطات التعليمية أثناء المهرجان المقبل، ومحاولة مساعدة صانعي الأفلام الإماراتيين.

الحلم والحقيقة

في لقاءٍ خاص مع «البيان» عقب الحفل، حدّد عبدالحميد جمعة، المدير التنفيذي لمدينة دبي للإعلام ملامح الدورة المقبلة، وظروف المهرجان وطموحاته، وكذلك خلفيات الدورة السابقة.

·         كيف تقيّمون تجربة مهرجان دبي في دورته الماضية؟

ـ أي مهرجان هو عبارة عن رحلة طويلة وشائكة محفوفة بالصعوبات، ويحتاج إلى سعة صدر، ونقد صحي للذات. في المهرجان الأوّل لم نكن نعرف كيف، وأين، وإلى أين سنصل؟ كان مثل الحلم. وعندما فتحت مدينة دبي قلبها للمهرجان واحتضنته، أصبح البيت الداخلي مؤثثاً ومؤسساً منذ الخطوة الأولى، وعندما دعمت حكومة دبي مشكورة المهرجان، ورعته مؤسسات ضخمة.

وشارك فيه مبدعون ومبرمجون وشباب وجمهور ناضج ومتعطش للسينما الفنية.. أصبح الحلم حقيقة.لا تخلو أية تجربة أولى من أخطاء أو ارتباكات الولادة الأولى، كالطفل تماماً الذي يخطئ أولاً، ثم يتعلم من خطئه، ويكبر. وبدورنا نحاول تدارك المشاكل، وتجاوزها، وتطوير المهرجان.

هناك ثلاثة محاور أساسية نعتبرها من صلب أهدافنا، أولاً: إعطاء مساحة كبيرة للفيلم والمبدع العربي، سواء أكان داخل الوطن العربي أم خارجه، خاصة أولئك الذين لا يجدون فرصة لعرض أفلامهم في مهرجانات دولية كبيرة، وأولئك الذين يصنعون فيلماً مغايراً ومستقلاً، نحن ندعوهم إلى دبي برحابة صدر غير مغفلين دور المهرجانات العربية الأخرى التي سبقتنا ولديها خبرة طويلة.

غير أن دورنا مختلف لأننا مدينة مختلفة، من حق المهرجانات العربية أن تحتفي بمبدعي دولها لأنها تصنع سينما، ومن حقنا أن نحتفي بكل جنسيات العالم لأننا لا نصنع سينما، لذلك نحن نحتفي بالفكر والفيلم العربي ونقدمه إلى المجتمع الدولي، ونحتفي بالفكر والفيلم الغربي، ونقدمه إلى العالم العربي.

ثانياً: مد الجسور بين الشرق والغرب، ولا أعتقد أن هناك أفضل من مدينة لدبي لتبني هذا التواصل لأن لدينا البنية الاقتصادية والمجتمعية والجغرافية التي تؤهلنا للعب هذا الدور.

ثالثاً: إفساح المجال أمام الجمهور الإماراتي والخليجي والعربي لمشاهدة أفلام لا يُمكن مشاهدتها في الصالات التجارية. ودورنا هنا خلق الجو المناسب الذي نستطيع من خلاله طرح وجهة نظر الغرب تجاه الشرق والعكس، لنتقارب ونتحاور ونفهم. لذا، نحن نعطي الفرصة للجمهور لمشاهدة مثل هذه الأفلام.

·         ماذا تستفيد دبي اقتصادياً من المهرجان؟

ـ المهرجان ليس برجاً أو مبنيً لجني الأرباح الخيالية، بل هو جزء من فكرة تحريك الاقتصاد العام للمدينة. الاقتصاد بمعنى أن يُقوّي المهرجان نفسه ثقافياً ليستفيد مادياً على المدى البعيد، ودبي هي المكان الأمثل لتحقيق مثل هذا التوازن ما بين الثقافة والاقتصاد؛ فعلى سبيل المثال، ساهم الرعاة في دعم المهرجان لأن لديهم أسبابهم، منها ردّ الجميل لهذه المدينة التي أعطت الكثير.

وأيضاً لتسويق وتمرير مشاريعهم الخاصة، وتحريك الثقافة البصرية في الوقت نفسه. بلغ دخلنا من شباك التذاكر أكثر من 300 ألف درهم، على الرغم من رمزية سعر التذكرة، وهو مؤشّر واضح على أن الاقتصاد بإمكانه أن يقوم على الثقافة والعكس صحيح جداً. كان بإمكاننا أن نصنع مهرجاناً هوليوودياً بحتاً، وربما نتلقى المزيد من الأضواء والنجومية، لكن كنا سنخسر صنّاع السينما الذين ينظرون إلى المهرجان باحترام الآن.

·     ألا تعتقد أن مهرجان دبي يكرّس للصورة النمطية عن الخليجيين المبذّرين والمسرفين، عندما يتم المبالغة في تقديم التسهيلات والخدمات الفندقية الباذخة وتذاكر درجة أولى؟

ـ لماذا لا تكون هناك نظرة وصورة أخرى؟ دبي هي مركز خدمات، والعالم كذلك وجزء من مهمة المهرجان هو إحداث التوازن ما بين الراحة الشخصية في الإقامة والمعيشة، وبين مشاهدة الفيلم الجيد. لا يمكن السكن في فندق فخم وبالمقابل مشاهدة فيلم رديء، والعكس. ثم لا يجب أن لا ننسى الكرم العربي، نحن شعب مضياف، ونحب أن نكرّم ضيوفنا بحدود وعقلانية ودون بذخ.

·     تردّد بين الحضور العربي في الدورة الماضية عن تناقض المهرجان في تبني شعار الجسور الثقافية عندما حصل فصل بين الحضور العربي والغربي؟

ـ ماذا تعني كلمة تواصل: (من، إلى) أي من الطريقين، هم أقاموا في فندق واحد، وعليهم أن يتعرّفوا ويتحاوروا مع بعضهم، لكن أن يتجمع الغرب لوحدهم والعرب كذلك في شكل مجموعات مغلقة؛ فهو يلغي مفهوم التواصل أصلاً، ربما كان يغيب وجود نشرة يومية باللغتين العربية والإنجليزية تمدهم بمواعيد وأماكن الحفلات والنشاطات المصاحبة، لكننا سنعمل على ذلك في الدورة المقبلة.

·         ما الغرض من إنشاء مدينة دبي للإستوديوهات؟ وهل سيستفيد صنّاع الفيلم الإماراتي من خدماتها؟

ـ أنشئت لسببين: الأوّل لأن استراتيجية مدينة دبي تنصب على استقطاب الأعمال التجارية بمختلف قطاعاتها إلى دبي، ومنها الإعلام والسينما. والثاني استجابة لرغبة ملحة من قبل المنتجين للتصوير في دبي بحكم انفتاح المدينة، ووجود البنى التحتية الأساسية، وتوفر التسهيلات وأماكن التصوير.

هناك 120 قناة تلفزيونية تبث من مدينة دبي للإعلام، ولاحظنا أن 20% فقط من المواد البرامجية تُنتج خارج دبي؛ فكان السؤال: لماذا لا يتم إنشاء مكان واحد يتم فيه الإنتاج والبث معاً؟ ونقلّل على المنتج التكلفة الخارجية أيضاً. لذا، ارتأت حكومة دبي أن تستثمر في هذا القطاع.

بالنسبة لاستفادة الإماراتيين من المدينة؛ أعتقد أنه بعد البذرة الجميلة التي زرعها المجمع الثقافي في أبوظبي، وتبني سعادة محمد أحمد السويدي، الأمين العام للمجمع الثقافي تنظيم مسابقة أفلام من الإمارات لأربع سنوات متتالية، وبوجود دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وأيام الشارقة المسرحية التي تحظى بدعم متواصل ولا محدود من سمو الشيخ سلطان صقر القاسمي حاكم الشارقة، بوجود هذين الصرحين الثقافيين العظيمين.

بدأت الحركة السينمائية في الإمارات تخطو إلى الأمام. هناك ما يربو على 300 فيلم إماراتي قصير، وهناك أكثر من 70 مخرجاً إماراتياً، وهؤلاء سوف يستفيدون بلا شك من وجود مدينة دبي للإستوديوهات، سواء من المكان المجهّز، أو الإمكانيات التقنية، أو الاستشارات من قبل محترفين، أو فرص الإنتاج المشترك.

·     ماذا عن إنتاج الأفلام، أو صندوق لدعم الفيلم الإماراتي؟ أنتم تدركون جيداً أن المستثمر أو التاجر يبحث عن مردود مادي، والدوائر أو القطاعات الحكومية لا تدعم السينما، أين يذهب المبدع الإماراتي في هذه الوضعية؟

ـ المستثمر يفكّر بالكسب المادي وهذا حقه، وربما تكون فكرة إنتاج أفلام سينمائية جديدة عليه، وأعتقد أن المبدع الإماراتي يجب أن يجد البيت أو المؤسسة التي تحتضنه، وهو أمر يتطلّب القليل من الصبر لأن الأمور لا تأتي اعتباطياً، وأطالب الشباب بالتريث والتحلي بالأمل، لأنني مؤمن تماماً بأن الفرج آتٍ قريباً، ولدي شعور بأن الوقت قد حان لولادة فيلم إماراتي طويل.

·         لماذا لا تلتقطون القفاز بإنشاء صندوق الدعم؟

ـ نحن نفكر حالياً بشيء من هذا القبيل، ويجب أن تكون خطواتنا مدروسة وعملية لتحقيق أقصى فائدة ممكنة، وأؤمن أن الحكومة ستقدم الدعم المطلوب بسخاء، ولكن مع قليلٍ من الصبر.

·         ما الجديد الذي ستقدمونه للشباب الإماراتيين في الدورة المقبلة من مهرجان دبي؟

ـ كنّا نحضّر لمفاجأة، لكنك تحاصرني الآن في زاوية ضيقة، لذا سأعلنها لأوّل مرّة، سوف نخصّص قسماً مستقلاً للأفلام الإماراتية تكون بمثابة نافذة يطل منها الشباب الإماراتي المبدع على العالم.

مهرجان دبي.. كلاكيت ثاني مرّة

من جهته، يركز نيل ستيفنسون، مدير المهرجان على الجوانب التقنية والتفصيلية لمهرجان دبي، ويتطرّق إلى أولويات المهرجان واستراتيجياته:

·         ماذا يخبئ مهرجان دبي في دورته الثانية؟

ـ في البدء، أود أن أؤكّد أن مهرجان دبي حقّق نجاحاً باهراً في دورته الأولى، سواء أكان بين المتخصصين أو النقاد والإعلاميين، أو بين الجمهور. لا أعتقد أن ثورة أو تغيير جذري سيحدث في المهرجان، كنّا في السنة الأولى قد أسّسنا بناءً متيناً، وحدّدنا أهدافنا بدقّة بعد دراسة وافية استغرقت أكثر من سنة. ما سيحدث فعلياً هو تطوير للمهرجان، وخاصة على صعيد برمجة الأفلام.

على سبيل المثال، حقّق البرنامج العربي (ليالٍ عربية وأفلام عربية قصيرة) نجاحاً ملحوظاً في الأوساط السينمائية، واستُقبل بحرارة من قِبل النقاد؛ إذن ليس هناك داعٍ لتغيير برنامج ناجح، بينما لم يكن خيار فصل برنامج «بوليوود تلتقي هوليوود» و«أفلام من شبه القارة» سليماً لأنهما يُغطيان منطقة جغرافية واحدة هي الهند وباكستان وبنغلاديش، لذلك سنعالجه في الدورة المقبلة.

الأمر الآخر الناجح هو ثيمة أو شعار المهرجان: «الجسور الثقافية»، وهي ثيمة تُناسب تماماً طبيعة مدينة دبي الكوزموبوليتية، حيث تتعايش بأمان جنسيات مختلفة في منطقة جغرافية واحدة، وهي خاصية تمتاز بها دبي دون مدن عالمية كثيرة لديها مهرجانات سينما عديدة، ولا تمتلك جمهوراً متنوع الأعراق والخلفيات الثقافية أو الاجتماعية وتعدّد الجنسيات المختلفة. لذا، سوف نتمسك بهذه الرسالة النبيلة التي تبعثها دبي إلى العالم.

إذن، لن يكون الجديد كبيراً، ولكن هناك عناصر وبرامج سيتم إضافتها لن نعلنها الآن إلا بعد الشروع الفعلي في البرمجة. يمكنني القول بأننا سوف نوسع من رقعة المناطق الجغرافية التي لم نغطيها في الدورة الأولى، وسوف نخلق مسميات لبرامج جديدة تعكس جنسيات وشرائح مجتمع دبي. وأود هنا أن أكشف -لأوّل مرّة- عن برنامج أكاديمي وتعليمي قرّرت أن أضمه إلى الورشة التطبيقية المصاحبة للمهرجان.

ففي العام الماضي نظّمنا حلقة نقاش أدارها ثلاثة مخرجين مع طلبة الإمارات تناولوا فيها تجربتهم الخاصة مع السينما، كيف بدأوا وإلى أين وصلوا. في الدورة المقبلة، سنعمل على مساعدة المخرجين الإماراتيين الشباب من خلال ورشتين: ستكون الأولى مخصّصة للإنتاج.

وفيها سوف يتعرّف الشباب من الألف إلى الياء على كيفية إنتاج فيلم سينمائي، ومن أين يحصل على الدعم المادي، ومتى؟ أما الثانية؛ فسنخصّصها للتسويق والتوزيع، بحيث يستطيع المخرج الإماراتي إيصال فيلمه إلى أكبر قطاع ممكن من الجمهور، وسندعو الجميع من طلاب وهوّاة ومحترفين إلى هذه الورشات.

·         لماذا لم يتم الإعلان عن برامج المهرجان للآن؟

ـ كنّا في الدورة السابقة قد أعلنا عن برامجنا في شهر مارس، أي قبل سبعة أشهر من المهرجان، والذي تعلّمناه من التجربة أنه ليس ضرورياً أن نعلن قبل وقتٍ طويل حتى لا تضيع بهجة البرمجة مع مرور الزمن، وهذا ما تفعله المهرجانات الأخرى.

·     لماذا لا يُفتح باب تقديم الأفلام إلى المهرجان من قبل المنتجين أو المخرجين؟ لماذا يكون اختيار الأفلام محصوراً بالمبرمجين فقط؟

ـ أعتقد أن القرار كان سليماً جداً بالنسبة لمهرجان جديد، كنّا بحاجة إلى مبرمجين مهمين ومطلّعين على التجارب السينمائية كي يختاروا الأفضل لدبي، وكذلك من الصعوبة بمكان أن يُقنع مهرجاناً جديداً في بلدٍ عربي محاط بأوضاع سياسية حرجة، ومغلوطة بالتأكيد، استقطاب أفلام دولية.

من جهة أخرى؛ نحن لم نُغلق باب التقدّم إلى المهرجان، كان مفتوحاً أيضاً ـ وسيظل ـ والدليل أننا استلمنا المئات من الأشرطة التي تقدّم أصحابها مباشرة. ربما نصل إلى قرار في السنوات المقبلة إلى فتح باب التقديم، كل شيءٍ وارد.

·     أسفرت الاجتماعات المتتالية مع المهرجانات العربية عن التنسيق في مواعيد إقامتها وفق ترتيب معيّن حتى لا تصطدم ببعضها، وهو أمر جيد وصحي. شكلياً تبدو الأمور منسّقة، لكن ضمنياً ألا تجد أنها ستفرز صعوبات أخرى، مثل حركة تنقّل الضيوف من بلد لآخر لمدّة شهر كامل، حركة تنقّل الأفلام نفسها، والأهم أن لا يحظى مهرجان دبي بعروض أولى لأنه يأتي في آخر المطاف؟

ـ أولاً، أعتقد أن الإعلام العربي والدولي أنصفا مهرجان دبي بشكلٍ غير متوقّع، وحسب وصف مجلة «فارايتي» الشهيرة قبل يومين بأنه مهرجان رائد في الوطن العربي. لذا؛ نحن نعتقد ـ وبتواضع- أن سمعة دبي المدينة، والمهرجان قد وجدا صدى ومصداقية في الأوساط السينمائية.

وهو أمر يعطينا كل الثقة في استقطاب العروض الأولى، والدليل ما حدث مع فيلم الافتتاح «الرحلة الكبرى» في الدورة الماضية، فقد فضّل المنتج عرضه في دبي عوضاً عن مراكش، إضافة إلى أننا سنجد دائماً الحلول والبدائل لجعل مهرجان دبي محط أنظار المبدعين العرب. ثانياً، يعتبر مهرجان القاهرة ودمشق ومراكش من المهرجانات العريقة والقديمة، وقد سبقونا في مواعيد إقامة مهرجاناتهم، لذا لا يمكن فعل شيء حيال ذلك.

وكنّا قد درسنا موعد إقامة مهرجان دبي بدقّة، ووجدنا أن ديسمبر هو أفضل الشهور، نظراً للطقس الجميل، والرعاة، وحركة الطيران، ونسبة إشغال الفنادق، وأيضاً لأنه شهر يخلو من المهرجانات الدولية المنافسة.

·         صرّح عبدالحميد جمعة عن تخصيص قسم مستقل للأفلام الإماراتية في الدورة المقبلة، هل لك أن تحدّثنا بشكلٍ مفصّل؟

ـ كنّا في العام الماضي قد عرضنا خمسة أفلام إماراتية، أربعة منها في قسم «أفلام عربية قصيرة»، وواحد في قسم «عملية الجسور الثقافية»، ونظراً للنجاح المثير، ولإلقاء مزيد الأضواء وتقديم الفيلم الإماراتي ومبدعيه إلى العالم، قرّرنا تصميم برنامج مستقلٍ بذاته للإماراتيين بعنوان «أفلام إماراتية صاعدة». قد يبدأ هذا القسم صغيراً في البداية، لكنه سيكبر بالتأكيد مع مرور السنوات.

البيان الإماراتية في

19.05.2005

 
 

جريمة يوكو في العراق

"كان" يعرض لـ"جريمة" يوكو في العراق ويحكي عن عنف الظلم والعبودية والتمييز العنصري

من صلاح هاشم موفد "ايلاف" الي مهرجان "كان"

وتتوالي مظاهر العنف في افلام المهرجان، وتتزايد جرعاتها بمرور الايام والعروض، و كما رأينا في الفيلم الكردي"الكيلومتر صفر" لهينر سليم، الذي حكينا عنه في رسالتنا السابقة، لكنها تأخذ هنا اشكالا متعددة، وتنتقل من صور الحرب العراقية الايرانية في الفيلم المذكور، الي الشارع الياباني في فيلم "باشينج" للياباني كوباياشي ماساهيرو، الذي يحكي عن "يوكو"   الشابة اليابانية التي تعود بعد ان شاركت في الحرب الاميركية علي العراق كدرع انساني مع العديد من المتطوعين من اليابان وأنحاء العالم، وأخذت كأسيرة بعد سقوط النظام، ثم اطلق سراحها، بعد ان دفعت الحكومة اليابانية فدية رسمية، نظير ذلك، واطلقت مع غيرها من الاسري اليابانيين..

تعود يوكو الي وطنها، الي بلاد "الشمس المشرقة"! فاذا بها تقابل بسيل من الاهانات والشتائم والتهديدات عبر الهاتف، وسحابات من غيوم وضباب، وتفصل في المشهد الاول من الفيلم من عملها كعاملة تنظيف في احدي الفنادق، وحين تتوجه الى احد المحلات،عند عودتها على دراجتها الى بيتها حيث تعيش في غرفة صغيرة مع والدها العامل في احدي المصانع وزوجته، كي تشتري طعام لعشائها، اذا بها حين تغادر المحل، تتعرض لاعتداء من بعض الشباب الياباني العاطل، بعد ان ان كانت الصحف اليابانية، شهرت باسيرتنا، وعرفت العالم كله بقصتها، واثارت غضب وكراهية اليابانيين علي فعلتها، والكل يريد ان يفش فيها غله وغضبه وكراهيته، لانها ارتكبت" جريمة" في حق الوطن، بلاد الشمس المشرقة، أو هكذا كان يطلق علي اليابان، عندما كنا صغارا في المدارس، الا انك لن تجد بصيصًا من هذه الشمس المشرقة ابدا في تلك الجزيرة السوداوية الكئيبة في الفيلم، بشوارعها الخاوية واهلها، الذين صاروا اشبه مايكونوا ب" الروبوت " في ذلك العالم الصناعي البغيض الذي يقتل الروح في اليابان..

كانت جريمة يوكو في نظر اليابانيين، انها تجرأت على محاولة التواصل مع شعوب العالم والدنيا، وذهبت الي العراق كمتطوعة ضد حرب بوش، وما كان لها ان تفعل، بسبب مشاركة اليابان في قوات التحالف، وبسبب برودة اليابانيين عموما،هكذا تصرح يوكو في الفيلم، وتحكي عنهم، وعن برودتهم، وعدم اكتراثهم بما مايحدث خارج اطراف وحدود جزيرتهم.. المقدسة..

كانت جريمة يوكو المشاركة، والتضامن مع شعب العراق، والتفاعل مع احداث ومشاكل عصرها وزمنها، خارج حدود بلدها، ولذلك استحقت لعنة اليابانيين وسخطهم، وصارت اللعنات تطارد يوكو اينما حلت، وتفسد عليها حياتها في بلاد" الشمس المشرقة"، وليس هناك في هذه البلاد " الانانية " المتخلفة، ليس هناك امام يوكو غير هذا الضباب الذي يغلف المدينة والبحر، ولم تعد الحياة بسبب ذلك العدوان والعنف تطاق، بعد ان طردت من عملها، وصار وجودها في اي مكان يجلب العار والدمار لاصحابه، حتي ان والد يوكو يضطر في مشهد جد مؤثر في الفيلم، يضطر للركوع ولاول مرة بعد خدمة ثلاثين عاما امام مدير المصنع الذي يشتغل به، كي يطلب منه ان يبقيه في عمله، بعدما طلب منه المدير ان يسارع بتقديم استقالته، وكان قبلها تلقي ايضا العديد من الاهانات والشكاوي، ولم يجد مايفعله سوي طرد الاب، بل ان حتي حبيب يوكو، راح يعاتبها ايضا على " جريمتها " بذهابها الى العراق، وعدم اهتمامها في المحل الاول بالشأن الياباني، وقبل ان تترك نفسها نهبا، في مابعد، للهم الانساني، والخدمات الانسانية..

وتزداد جرعات العنف المدني والاجتماعي الذي تواجهه يوكو، حيث يعتدي عليها كما رأينا في الطريق العام وينتحر الاب بعد ان قدم استقالته، ويهجرها خطيبها، وتصبح يوكو مثل كلب اجرب غريب، يكاد العنف الذي يمارس ضده، يحيله الي كائن هلامي بلا هوية من عدم، لا من لحم ودم، وبالطبع نتعاطف في الفيلم كثيرامع يوكو وناسف لحالها،وحال كل الاسرى اليابانيين، ويكون هذا الفيلم الطبيعي البسيط من دون زخارف او محسنات فيلمية بديعية، او مؤثرات خاصة، للابهار واسنعراض العضلات الاخراجية، يكون دلف بموضوعه الى افئدتنا، ومس فيها وترا حساسا، ولذلك نعتبره، على الرغم من بساطته ومباشريته، واعتماده في نسج فصته الخيالية على احداث حقيقية، تتبدي عبر مجموعة من المشاهد المؤثرة التي تكشف عن مأساة يوكو، وتدين جهل وبرودة اليابانيين، وجبنهم وتخلفهم وانانيتهم، وعلى الرغم من استسلام يوكو في نهاية الفيلم لكل تلك الضغوطات الاجتماعية التي تعرضت لها، و بكل مافيها من عنف وبغض وعدوانية، وقرارها بمغادرة وطنها والعودة الى عمان، ومنها الي العراق، عن طريق السفر جوا الى موسكو..

نعتبره من اقوي الافلام السياسية الانسانية التي عرضها المهرجان في دورته 58، حيث يطرح مشكلة الاسري في العراق بشكل غير مباشر، ويصدمنا بمعاملة اليابانيين لاسراهم، في مقابل التعبئة الفرنسية والاوروبية الشاملة للمطالبة باطلاق سراحهم، كما يكشف، من دون مراوغة او تحايل على التنظير، يكشف عن حساسية فنية انسانية عالية، ويهيب بنا من دون وعظ أوأرشاد زاعق، ان نتمرد علي الواقع مثل يوكو، ونخرج علي القطيع، ونرتبط اكثر، ومهما كانت التضحيات، نرتبط بمشاكل عصرنا ومجتمعاتنا الانسانية تحت الشمس، ونقف ضد العدوان علي الشعوب والقمع والظلم..

غير ان هذا العنف الذي بدا لنا السمة الاساسية في افلام المهرجان، اذا به يتكثف اكثر واكثر عبر الافلام الاخري التي شاهدناها ضمن افلام المسابقة الرسمية، واذا به يتفجر بالدم في وجوهنا، ويتوغل اكثر، مثل نصل خنجر حاد في افلام اكثر عنفا ودموية واثارة..

مثلا في فيلم "الخفي" للنمساوي مايكل هانكه بطولة جولييت بينوش ودانيال اوتوي، والذي نعتبره من اقوي الافلام المرشحة للحصول على سعفة المهرجان الذهبية، ضمن عدة افلام اخري، سنحكي لكم عنها في مابعد، يخرج " العربي " مجيد سكينا حادا كان يخفيه خلف ظهره، ثم ينحر نفسه مثل شاة في لقطة من الفيلم، وتصعقنا المفاجأة المباغتة، فنشهق من الرعب. ويناقش الفيلم، ضمن مايناقش، عقدة الذنب التي يستشعرها بعض الفرنسيين تجاه الجزائريين، ويعتبر بمثابة "غسيل ضمير" لهؤلاء، تجاه سكان المستعمرات الفرنسية القديمة، والجرائم، ومن ضمنها التعذيب، التي ارتكبت بحقهم..  وفي فيلم " ليمينج " الفرنسي لدومينيك مول تنتحر شارلوت رامبلينج باطلاق الرصاص علي رأسها ويتلطخ الحائط بالدماء المتناثرة، ثم يظهر عفريت السيدة القتيلة التي تقوم بتمثيل دورها رامبلينج في مابعد في الفيلم ويطالب بالانتقام ! ويبدو هنا مخرجنا الفرنسي متأثرا جدا في فيلمه بملك افلام الرعب الفريد هيتشكوك، ويريدأن يسير علي خطاه، ووفقا لمنهجه..ولن تخرج من هذا الفيلم بأي شييء، رغم جودته اداء واخراجا وتمثيلا، لن تخرج الا بحبكة الفيلم المثيرة ..التي تحبس انفاسنا..فقط، وهذا هو كل شيء في الفيلم الفرنسي الذي عرض في حفل افتتاح المهرجان..!

وفي فيلم " انتخاب " لجوني تو من هونج كونج، الذي يحكي عن انتخاب زعيم من زعماء المافيا الصينية، وغادرنا القاعة بعد ربع ساعة من بداية الفيلم في " كان "واعتبرناه " كارثة " فنية محلية، وما كان لها ان تعرض ابدا في ذلك المهرجان الكبير، يقوم افراد العصابة بوضع شخصين في قفص من خشب، مثل اقفاص الحيوانات المتوحشة، ثم يدفعانهما من فوق قمة تل عال مثل جبل، ويمكنك ان تتخيل ما وقع لهما حين وصلا الي السفح..

وفي حين يعرض فيلم " ماندرلي " للدانماركي لارس فون ترايير   الذي نعتبره من اجمل الافلام التي عرضها المهرجان واكثرها كمالا واكتمالا، ونرشحه للحصول علي سعفة " كان " الذهبية، يعرض لقضية العبودية في امريكا، ويصور العنف الذي مورس ضد الافارقة الذين انتزعوا واختطفوا من افريقيا، ثم شكلوا في مابعد شعب امريكا الاسود، وحياتهم في مزرعة للقطن، ويعتبر ان التمييز العنصري مازال يمارس في امريكا، ويقدم " رؤية " تاريخية وسياسية مثيرة للنقاش والجدل (يعتبر لارس ان وظيفة السينما هي التحريض،بروفوكيشن، وكان شتم بوش في المؤتمر الصحافي وندد بسياساته وقال عنه انه انسان اخرق ومثل فتحة شرج، وكان لارس سمح لنفسه في هذا الفيلم الثاني في " ثلاثية " فيلمية ملحمية عن اميركا، لم يعجبنا فصلها الاول، ونعني به فيلم " دوجفيل " الذي عرض في " كان " من عامين..)..

يعرض فيلم " عندما تولد لاتستطيع الاختباء " للايطالي ماركو توليو، يعرض لقضية المهاجرين في البحر من رومانيا الي ايطاليا وهم من كل لون وشكل وملة، ويحكي عن اوضاعهم وعذاباتهم، والمصير الاسود الذي ينتظرهم: الوقوع ضحايا لعصابات المافيا، والسقوط في عالم الدعارة، واحتراف السرقة والجريمة المنظمة..

ثم ان هذا العنف الذي وجدناه السمة الاساسية لافلام المسابقة، يتحول الي " كابوس " مخيف، في فيلم حقامخيف ، ونعتبره من احسن الافلام التي شاهدناها و حبست انفاسنا، وعبرت عن " الافتتان بالعنف " اكثر من اي فيلم آخر في المسابقة، كما بينت الي اي حد يمكن ان يكون هذاالعنف موضوعا لفيلم تقليدي شائق وملهم ومثير، ونرشحه ايضا للحصول أكيد علي جائزة، ان لم تكن السعفة الذهبية في المهرجان، الا وهو فيلم " تاريخ العنف " للكندي دافيد كروتتبيرغ، الذي اعجبنا به كثيرا..

موقع "إيلاف" في

19.05.2005

 
 

عشاق السينما يبتكرون طرقا لحضور العروض

أحمد نجيم من  كان

"سيدي من فضلك، أتملك دعوة لفيلم كرونبروغ" "رجاء دعوة لفيلم "فيندرس" "أ يمكنكم منحي دعوة لحضور فيلم "لارس فانتريير"، هده الجمل والعبارات المنطوقة باللغة الفرنسية تتكرر بشكل يومي أمام قصر مهرجان "كان" السينمائي، مند حفل اليوم الأول للعروض السينمائية وحتى عرض آخر فيلم. أطفال وشباب وشيوخ ينتشرون أما القصر وفي الأزقة القريبة منه مند الساعة الثامنة صباحا إلى ساعات متأخرة في الليل. وأمام الطلب الكبير على دعوات العروض السينمائية، يلجأ عشاق متابعة الأفلام في قصر المهرجان إلى أساليب مختلفة في بحثهم المضني، إد يعمد بعضهم إلى كتابة دعوة الفيلم الدي يرغب في مشاهدته على ورقة بيضاء ويحملها أمام مدخل قصر المهرجان، غالبية هؤلاء يبرون اختيارهم "هدا المدخل يلجه الصحافيون، وغالبا ما يحصل هؤلاء على دعوات للمهرجان، لدا أتحين الفرص أمام الباب وكثيرا ما أحصل على دعوات" تقول فرنسية شابة،   وهي تحمل طلبها مكتوبا وتستعين أحيانا بجمل قصيرة. كانت الفناة الشابة رفقة صديقتيها، وتمكنت خلال 20 دقيقة من الحصول على دعوة "أنا أملك دعوة، لكننا نحتاج إلى دعوتين كي ندخل جميعا" تضيف الشابة الفرنسية. قبل أن تبرح مكانها وتنال مبتغاها وصل كهل فرنسي في الستينات بكسوته السوداء وقميصه الأبيض وبدأ يسأل أصحاب شارات المهرجان عن الطلب نفسه، تضايقت الفتيات من هده المنافسة وحاولت الابتعاد قليلا، بينما جاءت فرنسية من مدينة "كان" لتؤنس الشيخ "أنا من هده المدينة وعندي دعوة للفيلم في سينما الشاطئ ليلا، لكنني أريد دعوة أخرى لمتابعة فيلم في إحدى قاعات قصر المهرجان" تقول المرأة المسنة.

يحظى سكان المدينة الشاطئية الجميلة بالأولوية في الحصول على دعوات المهرجان "قبل شهر من المهرجان تسجل بلدية كان جميع الراغبين في الدعوات من أبناء المدينة" تحكي الكانية المسنة. هدا الامتياز يستمر حتى أيام المهرجان، إد تمنح البلدية دعوات بعض العروض إلى أبناء المدينة.

ويجد غير "الكانيين" صعوبة كبيرة في العثور على ضالتهم، لدا تقترح بعض الصحف الجهوية الفرنسية حلولا عملية لهده القضية، وتخبرهم عن أماكن بيع الدعوات ب6 يورو وبعض العناوين المهمة.

رغم صعوبة الحصول على التذاكر أو الدعوات لحضور الأفلام لا يفقد عدد كبير من زوار المدينة من مختلف الجنسيات، بملابسهم الأنيقة موظفين اللغتين الفرنسية والإنجليزية، الأمل في العثور على دعوة تقودهم إلى متابعة أفلام المهرجان، وبعض من خانه الحظ يتابع وصول نجوم المهرجان، من زاوية غالبا صعبة. فلكل زائر "كانه" الخاص به.

ليلى المراكشي تصعد الأدراج الزرقاء بالقفطان المغربي

بطلة الفيلم مرجانة العلوي: مشاركتي في "كان" حلم

اختارت ليلى المراكشي، المخرجة المغربية المشاركة في مسابقة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي، السير على الأدراج الزرقاء لتقديم فيلمها "ماروك" مرتدة القفطان المغربي، وأوضحت، في تصريح خاص" أن المهم بالنسبة لها هو حضورها في المهرجان "مشاركتي في مهرجان كبير ك"كان" وتمثيل المغرب في إحدى أهم مسابقاته، يبقى أهم بكثير من التفكير في الفوز بإحدى الجوائز" تقول المراكشي التي كانت محاطة بأمها وأفراد عائلتها، وأضافت "أنا محظوظة جدا وسعيدة للغاية بمشاركتي في المهرجان. رغم حضور العائلة تتأسف المخرجة لإنها تحس بالوحدة في المهرجان "أنا وحيدة في كان، لا أحد معي والمركز السينمائي المغربي لم يساعدني، أنا هنا رفقة طاقم الفيلم وأفراد عائلتي الذين انتقلوا من الدار البيضاء إلى هنا لمساندتي والوقوف بجنبي"

وكان فيلم "ماروك" للمراكشي اختارته إدارة المهرجان للمشاركة في مسابقة "نظرة ما" قبل أيام فقط من انطلاق المهرجان "قبل خمسة أيام من انطلاق المهرجان، قررت الإدارة إضافة عشرة أفلام إلى مسابقة "نظرة ما"، وكان "ماروك" من هذه الأفلام" وأوضحت أنها ظلت مترددة بخصوص مشاركة فيلمها في المهرجان "كنت موزعة بين المشاركة وعدمها، ولم أفقد الأمل لأنني لم أتوصل بجواب من إدارة المهرجان في الموضوع".

تطلب تصوير "ماروك" في مدينة الدار البيضاء السنة المنصرمة ستة أسابيع، ويحكي "يوميات فتاة" تدرس في ثانوية تابعة للبعثة الفرنسية وعن علاقاتها مع أصدقائها وصديقاتها. وتجسد دور البطولة مرجانة العلوي، وهذه أول مشاركة سينمائية لها "أجسد دور غيثة، 18 سنة، تستعد للباكالوريا" وأوضحت مرجانة أنها شاركت في كاستينغ وبعد اختيارها تدربت على الدور ثلاثة أشهر في فرنسا وأسبوعا بالدار البيضاء. واعترفت بوجود صعوبات أثناء تجسيدها لهذا الدور "كان دورا صعبا، فهي أول مرة أقف فيها أمام الكاميرا، وبعد تدريبات مع المخرجة تغلبت على هذه الصعوبات، لقد هيأتني كي أخرج طاقاتي السينمائية"، وتصف مشاركتها في "كان" بالحلم "لم أكن أن هذا الدور سيقدم لي هذه الهدية السينمائية، فأنا فرحة كثيرا، ولم أكن أحلم أن أشارك يوما في مهرجان "كان". واعترفت مرجانة العلوي بالخوف "أنا قلقة ومتوترة من العرض الأولي لهذا اليوم، لكنني في الوقت نفسه سعيدة جدا، قلقها هذا انعكس عن اختيارها لفستان العرض الرسمي للفيلم اليوم الجمعة على الساعة الثانية بعد الظهيرة "لم أحسم في فستان العرض، فأنا مترددة بين فستان أبيض وآخر أزرق" تقول الممثلة الشابة.

فيم فاندرس يخلط الأوراق ترشيحات السعفة الذهبية

أربك المخرج الألماني فيم فاندرس حسابات النقاد والصحافيين بخصوص تخميناتهم للفيلم الفائز بجوائز الدورة 58 لمهرجان "كان"، إذ نال فيلمه "لا تطرق الباب علي" تصفيقات كثيرة وصيحات إعجاب داخل المركز الإعلامي الذي احتضن الندوة الصحافية عقب العرض الصحافي ب"المسرح الكبير لوميير"، بادر المخرج بنظارتيه السميكتين الاستقبال بانحناءة  قبل أن يجلس رفقة كاتب السيناريو وبطل الفيلم سام شابارد والممثلين والمنتج والمؤلف الموسيقي. ربما صفق الصحافيون اعترافا من بعضهم على التسرع الذي عبروه عنه في كتاباتهم بخصوص الفيلم المرشح للسعفة الذهبية لهذا العام. وذهب بعض الصحافيين الأميركيين إلى التأكيد على أن "لا تطرق الباب علي" أهم فيلم للمخرج الألماني، فاجابه فيندرس "أنا سعيد جدا بفيلمي وأعتقد أنه أحسن ما فعلته في حياتي".

تلاحق كاميرا المخرج الممثل هاورد، الذي غادر بلاطو التصوير هربا للبحث عن نفسه، فالتجأ، وهو العجوز، إلى حضن أمه في الغرب الأميركي، تخبر الأم طفلها العجوز بأن له شاب يعيش في بويت بمونتانا، يسترجع في هذا الفضاء العذري ذكرياته مع صديقته السابقة، يصل إلى ابنه المغني الذي يرفض الاعتراف بأبويته، وفي الوقت نفسه تلاحقه ابنته الثانية محاولة التقريب بين الابن المغني والأب الممثل.  شخصيات الفيلم تبدو تائهة، ملجأها حضن الأم أو الصديقة أو الأخت، يعالج الفيلم قضية الأبوة وإن كان المخرج كرر في لقائه مع الصحافة أنه ركز فقط على الشخصيات "لم أهتم بتيمة الفيلم، بل بشخصية هاوورد، حتى إذا عالجنا الموضوع فإنه مهم ويهم المجتمع كله". قدم فيندرس للدورة الحالية من مهرجان "كان" واحدا من أهم الأفلام، وحظوظه للفوز بالسعفة قبل يوم واحد من انتهاء عروض المسابقة الرسمية قائمة.

ليلة أمس الأربعاء قدم المخرج الإسرائيلي أموس غيتاي  فيلمه "منطقة حرة"، المرأة في الفيلم هي الشخصية الرئيسية والمحركة للأحداث، ثلاثة نساء أنا الإسرائيلية وربيكا الأميركية ذات ديانة يهودية وليلى ، الفلسطينية مقيمة في الأردن، تلتقي في منطقة حرة بالأردن، الفيلم يصور الصراع الأبدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين بطريقة مختلفة، فالإسرائيلية أنا تسافر إلى المنطقة الحرة معوضة زوجها لاسترجاع مبلغ مالي مهم، تلتقي ليلى العاملة في المكتب الذي تقصده أنا. فشلت الإسرائيلية في استرجاع المال لتدخل على الحدود الأردنية الإسرائيلية في نقاش عن المال مع ليلى لم ينته حتى مع انتهاء الفيلم، أما الأميركية فهربت تاركة الفلسطينية والإسرائيلية لحال سبيلهما. إنه تجسيد للصراع بين الشعبين واستحالة الحوار بينهما. ركز الفيلم على إنسانية شخصياته عارضا تناقضاتها وجراحها الغائرة وتركيبتها المعقدة على المستوى النفسي، ويبقى فيلم "منطقة حرة" عاديا مقارن بالأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية.

موقع "إيلاف" في

19.05.2005

 
 

الخليج في مهرجان "كان" السينمائي الدولي (8)

كان ـ محمد رضا

“معركة في السماء”، وهو أحد الأعمال المعروضة في المسابقة، وإنتاجه ثلاثي فرنسا وبلجيكا والمكسيك، وهناك وجهان لهذا الفيلم: على صعيد التكنيك هناك سعي مبذول في كل مشهد لاستحواذ الاهتمام. وفي حالات كثيرة فإن هذا السعي يؤدي الى تأكيد ملكية الإبداع لدى المخرج المكسيكي كارلوس ريغاداس. على صعيد الدراما، لا يتمتع الفيلم بالقدرة المتوفرة في الجانب الأول. يبدو كما لو أن المخرج في ثاني عمل له صرف أكثر مما هو مطلوب لإنجاز فيلم لاهث وراء تصميم حركة كاميرا لاهثة وأجواء غريبة، وأقل -بكثير- مما هو مطلوب لتحريك الموضوع من سباته.

ربما ينافس “مخبوء” بعيداً عن المفاجآت

 “زهور مكسورة” يقترب  من السعفة بلا تنازلات

قبل العرض ساد القول إن في الفيلم مشاهد ساخنة جديرة بالمشاهدة. ومع أن مجرد الإعلان عن هذه المشاهد لترغيب النقاد في الفيلم هو ضرب ترويجي خاسر، لأن هؤلاء يشاهدون الأفلام بمثل هذه المشاهد ومن دونها، الا أن المفاجأة كانت أن هذه المشاهد بدورها عوض أن تأتي ساخنة، وربما تنقذ السرد من بعض ملله، تغوص في صقيع.

على المرء وقد شاهد الفيلم بأسره أن يبحث في السبب الذي من أجله يفتتح المخرج فيلمه بمشهد مثير (وينهيه بمشاهد أخرى). ذلك الافتتاح إذا لم يكن من أجل إحداث صدمة، فإن السبب الدرامي مفرّغ منه، وإذا كان لإحداث الصدمة فإنه المفتاح الخطأ الذي من الممكن لأي فيلم مباشرة قصّته به. حالما تبدأ القصة فعلياً نتعرّف الى الزوج ماركوس (ماركوس هرننديز) وزوجته التي تبقى بلا اسم (برتا لويز) يخطفان طفلاً في القرية التي يعيشان فيها. قرية حالكة منزوية من تلك التي تعيش بؤساً سرمدياً لا أمل وراءه. لكن الطفل يموت في النهار ذاته مما يسبب أزمة كبيرة في حياة الزوج كونه يعرف أم الصبي (روزاليندا روماريس) فهي قريبة من العائلة. لكنه لن يبوح لها بفعلته ولا زوجته.

عوض ذلك سيؤنّبه ضميره طيلة الفيلم وحين يلتقي بزوجة الجنرال الذي يعمل سائقاً عنده يكتشف إنه يعرفها أيضاً والحكاية تتمخّض عن بضعة فصول قصيرة الأمد والتأثير على الرغم من أن الغاية تبدو أفضل من النتيجة، وهي البحث في عمق وجدان هذا الرجل المعذّب ولو أن عذابه يبقى أمراً خاصاً لا يعنينا.

نقاط سود

المخرج جيمس مارش والسيناريست ميلو أديكا كانا صرّحا في منشورات فيلمهما “الملك” أنهما يقدّمان عملاً متأثّراً ب “ليل الصيّاد” و”سايكو” و”المخمل الأزرق”، وهي ثلاثة أفلام كلاسيكية أولها وثالثها يبحث في النفوس الداكنة وثانيها هو فيلم تشويق من المرتبة الأولى أخرجه ألفرد هيتشكوك في أوج شهرته. لكن مشاهدة الفيلم تبعث على التساؤل حول أين وجد المتحدّثان أوجه شبه بين فيلمهما وبين أي من هذه الأفلام. نعم هناك نقاط سود في حياة أحد أبطال الفيلم، لكن أليس هذا هو الحال في معظم الأفلام التي نراها؟

“الملك” الذي يعرض في برنامج “نظرة ما” فيلم نال قدره من الاهتمام كون بطله ألفيس من تجسيد الممثل جايل جارسيا بارنل، ذلك الذي شاهدناه هنا في العام الماضي يؤدي دور تشي جيفارا الشاب في “مفكرة الدراجة”. في “الملك” ليس هناك من غيفارا لكن هناك أجندة خاصة في بال هذا الشاب الذي يهبط بلدة محافظة في الوسط الأمريكي. يتصل براعي الكنيسة المحلية (ويليام هيرت) ويخبره أنه ابنه من علاقة سابقة مدفونة. يقرر الراهب مفاتحة زوجته وولديه بحقيقة ألفيس لكنه يطلب الى ألفيس الاتصال به أولاً لتقديمه الى عائلته. لكن ألفيس لديه خطة أخرى... يلاحق ابنة الراهب (التي هي نصف شقيقته والتي لا تعرف حقيقته) ويغويها فتحبل منه ويتصدى لشقيقها (الذي لا يعرف حقيقته أيضا) ويقتله ثم يدخل البيت ليكمل ما في بنود خطّته من تدمير.

الواضح أن صانعي الفيلم أرادا عملاً عن شيطان في هيئة إنسان يندفع في انتقامه من أبيه الذي أغفله وأنشأ حياة خاصة. لكن الفيلم يخطىء من البداية في توفير أي أرضية تثير التعاطف مع “قضية” بطل الفيلم الفارطة. هذا السيناريو فيه قصّة لكن ليس فيه دافع. والانتقام الذي يحرّك بطله والقصة معاً يصبح إمعاناً في ممارسة قدر كبير من العنف والأسى كما لو أن المشاهد مسؤول عن أي من هذا. المخرج مارش سبق أن حقق فيلماً Burger and the King  (“برجر والملك”) والعنوان لعب على “بيرجر كينج”، سلسلة مطاعم الهمبرجر الشهيرة ويدور، وهو فيلم تسجيلي، عن شهوة المغني الراحل ألفيس برسلي، وكان يُلقّب بالملك، للطعام... هنا العنوان هو “الملك” وبطل الفيلم اسمه ألفيس ربما في بال المخرج أن ذلك كفيل بجلسة تحليل فني للعمل.

نجاح فني

حين قرر المخرج ديفيد كروننبيرغ تحقيق فيلم “تجاري” من دون تنازلات أسلوبية أنجز “تاريخ العنف” الذي يخفق في أن يكون فنا ويخفق في أن يكون تجارة. المخرج جيم يارموش يغيّر بدوره من منوال أفلامه في عمله الجديد “زهور مكسورة”، المعروض في المسابقة، لكن في حين أن النجاح التجاري مشكوك فيه، فإن نجاح الفيلم فنياً واضح من الآن. ليس فقط أنه الفيلم الذي يستحق، من بين كل ما شاهدناه، السعفة الذهبية (لجانب “مخبوء”)، وكل التوقعات تشير من الآن الى ذلك الا إذا حدثت مفاجأة في الأيام المتبقية من المهرجان، بل الفيلم اعتمد منهجاً فنياً عوض آخر.  في معظم أفلام يارموش السابقة كانت الحكاية تتكوّن من اقتصاديات في القصة. الأحداث محدودة ودخول الشخصيات وخروجها من الفيلم سريع والموضوع القائم مفصّل بحوارات طويلة. على ذلك، منح يارموش تلك الأفلام معاملة فنية وأسلوبية خاصة. مع “زهور مكسورة” ينتقل الى خط فني أعرض من دون أي تنازلات. لكن أسلوب عمله هنا يقترح تماثلاً مع أسلوب (وقليل من قصة) ألكسندر باين “حول شميد”. كلاهما فيلم ينطلق فيه البطلان للبحث عن جزء من تاريخهما الشخصي. لكن البحث هنا متعدد الوجوه. بطل الفيلم (بيل موراي) رجل يعيش كآبة الأيام. لا نراه يعمل لكنه يعيش في بيت كبير مرفّه وبينما يتابع بكسل برنامجاً تلفزيونياً ذات صباح تتقدّم منه صديقته وتخبره بأنها ستغادره. يحاول إيقافها لكنه عاجز عن ذلك لأنها تطلب منه الزواج منها. أمر لم يرغب فيه من قبل ولا يريده في المستقبل.

هذا هو الصباح الذي يتسلم فيه رسالة من امرأة مجهولة لا تترك اسمها لكنها تعلمه بأن له ابناً منها عمره الآن تسع عشرة سنة. جاره القريب (مهاجر صومالي ويؤديه جفري رايت) حذق في لعب دور شارلوك هولمز ويأتي بعناوين أربع نساء عرفهن بطل الفيلم في شبابه وهذا ينطلق لزيارتهن لعله يعرف من هي والدة ابنه.

لا أريد إفساد متعة مشاهدة الفيلم لأن رحلة بطل الفيلم الرباعية مثيرة من دون أن تكون أكثر من تتويج لما هو صغير- كبير في حياة صاحبها. الفيلم لا ينزع الى أي مغامرة ولا الى مشاهد حافلة بما ينوء عن بساطته، لكنه يمد صوب المشاهد يداً دافئة. بطله يأسر القلب بخلجاته التي ترتفع بين الأمل والإحباط. إنه يعيش هامشاً ضيقاً جداً بينهما وبيل موراي أفضل من يعبّر عن الكوميديا والدراما مصهورتين في صدر ممثل واحد.

“انتقام”

الواضح أن صانعي الفيلم أرادا عملاً عن شيطان في هيئة إنسان يندفع في انتقامه من أبيه الذي أغفله وأنشأ حياة خاصة. لكن الفيلم يخطىء من البداية في توفير أي أرضية تثير التعاطف مع “قضية” بطل الفيلم.

“أحداث”

في معظم أفلام يارموش السابقة كانت الحكاية تتكوّن من اقتصاديات في القصة. الأحداث محدودة ودخول الشخصيات وخروجها من الفيلم سريع والموضوع القائم مفصّل بحوارات طويلة. على ذلك، منح يارموش تلك الأفلام معاملة فنية وأسلوبية خاصة.

يوميات

رئيس لجنة التحكيم في أزمة

* النكتة السائدة هي أن المخرجين الفرنسيين جان- بيير ولوك داردين اكتشفا الوجه. في فيلمهما السابق “روزيتا”، الذي فاز على نحو غير متوقع بسعفة “كان” في 1999 صوّرا شخصياتهما من الوراء. طيلة الفيلم تقبع الكاميرا وراء ظهر الممثلين وتتابعهم وقلّما تقدّم وجوههم. هذه المرة الكاميرا منصبّة على الوجوه. وفي حين أن الطريقة السابقة أثارت السخط فإن الطريقة الجديدة تثير الضحك او هكذا يخرج النقاد المعروف عنهم بأنهم يروّحون عن أنفسهم بالسخرية.

* قبل عدة أشهر طلبت إلين دي بوا، وهي صاحبة شركة توزيع أفلام مركزها بروكسل من المخرج أمير كوستاريتزا جلب فرقته الموسيقية الى “كان” لكي تعزف في عيد ميلادها. وكوستاريتزا وافق ووعد بأن يعزف بنفسه على رأس فرقته المسمّاة “نو سموكينغ”. المشكلة التي واجهها لاحقاً هي أن المهرجان اتصل به بعد أسابيع وأخبره إنه اختير رئيسا للجنة التحكيم. الأزمة إذاً هي إذا ما كان يحاول التملص من وعده او يبقيه وهو اختار أن يبقيه والحفلة أقيمت هنا و.... اي شيء لخاطر عيد ميلاد إيلين.

* أقام مهرجان دبي السينمائي الدولي حفلته السنوية في إطار مهرجان “كان” الحالي وحضر الحفل، الذي روعي في بساطته وتنظيمه في الوقت ذاته، عدد كبير من الإعلاميين والنقاد العرب والأجانب. وكان من بين الحاضرين أيضا الممثل مورغان فريمان الذي كان أحد ضيوف الدورة الأولى من المهرجان.

* الاشتراك الصيني في المهرجان هذا العام هو “أحلام شنغهاي” شيء من الواقعية المفرط في خلوّها من أي جاذبية. والفيلم عن صدام عقليتين ورغبتين. المخرج وانغ كشاوشوي قال في مؤتمره الصحافي: “علاقتي بالإخراج تسرني. أنا دائما سعيد حين أقف وراء الكاميرا. شعوري حين أخرج هو مثل شعور من يتحدث الى صديق قديم”. وكشف المخرج عن أن أفلامه السابقة لم تشهد أي عروض تجارية الى اليوم وأن اشتراكه في “كان” يفتح المجال أمام مستقبل مختلف.

الخليج الإماراتية في

19.05.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)