المخرج العراقي
الكردي هينر سليم:
«الكيلو متر صفر» دعوة للتفاؤل ولو كانت البداية صفراً
البيان الإماراتية من "كان"
يأتي اختيار فيلم «الكيلومتر صفر» للمخرج العراقي الكردي هينر سليم
للمسابقة الرسمية لمهرجان كان، بمثابة إنجاز كبير يُسجل في رصيد هذا المخرج
الشاب، وأيضاً السينما العراقية، التي تشارك للمرة الأولى في تاريخها في
أهم مهرجان سينمائي عالمي.
وهينر سليم من مواليد كردستان العراق عام 1964، وحين بلغ السابعة عشرة من
عمره هاجر إلى إيطاليا، عن طريق سوريا هرباً من ممارسات النظام العراقي
السابق، ليستقر منذ قرابة العشرة أعوام في العاصمة الفرنسية.
بدأ ممارسة السينما من دون دراسة، الا عبر مجموعة من التجارب والمشاهدات
التي اختزنها في ذاكرته، واقتبس منها الكثير سواء في فيلمه «الكيلومتر صفر»
أو أعماله السابقة.
كان التاسع من ابريل 2003 أسعد أيام المخرج هينر سليم، فقد شهد ذلك اليوم
إنهاء حكم الطاغية العراقي الذي عانى منه ومن بطشه. وسليم المقيم في باريس،
يصوّر فيلم «فودكا الليمون» الذي نال عنه جائزة مهرجان فينسيا السينمائي في
عام 2003 ـ عندما كان العالم يشهد انتهاء أسطورة صدام حسين.
ـ ووقتها قفزت إلى ذهنه فكرة فيلمه الجديد «الكيلومتر صفر» الذي يصوّر فيه
جزءاً من المعاناة الشخصية التي مرّ بها الشعب الكردي أثناء الحرب العراقية
ـ الإيرانية. ويُعد من أهم الأفلام التي أنتجت حول تلك الفترة، وتدور
أحداثه حول مأساة أسرة مكوّنة من زوج وزوجته ووالدها المقعد.
قام ببطولة الفيلم الممثل ناظمي كيرك والممثلة بلسم بيلجين التي ينتمي
زوجها إلى جيش صدام حسين ويظل يحلم باليوم الذي يستطيع فيه الهرب من جحيم
الحرب العراقية ـ الإيرانية، ولكن زوجته ترفض مغادرة البلاد بسبب مرض
والدها. وتأتي الفرصة التي طالما ظل أكو، وهو اسم البطل، ينتظرها عندما
يتلقى أوامر بمرافقة جثمان أحد الجنود في طريق إعادته إلى عائلته.
ولكن لسوء حظه يتبيّن أن السائق الذي يصاحبه لإعادة الجثة هو من العرب
الكارهين للأكراد. ويحاول «أكو» طوال الرحلة إقناع السائق بشكل أو بآخر
للاتجاه إلى المنطقة الكردية حتى تتسنى له العودة إلى وطنه.
وفي مقابلة صحافية أجريت معه على هامش مهرجان كان، تحدث المخرج الكردي عن
فيلمه الجديد. وفيما يلي نص الحوار:
·
كيف توصلت إلى فكرة الفيلم؟
ـ الفكرة تكوّنت لديّ في اليوم الذي شهد سقوط النظام في بغداد. وحينها كنت
أصوِّر فيلم «فودكا الليمون» في أرمينيا. فتملّكتني الرغبة في أن أعود مرة
أخرى إلى أهلي في كردستان. وفعلاً فعلت وبدأت في إعلام من حولي بأفكاري عن
تصوير الفيلم، ولم أنتظر الحصول على أي تمويل من أي جهة، ولم تكن لدي فكرة
عن المدة التي ستستغرقها عملية التصوير، وانتهت بي الحال إلى المكوث هناك
قرابة الأربعة أشهر.
·
كيف تصف شعورك لدى عودتك مرة
أخرى إلى وطنك بعد غياب 20 عاماً؟
ـ لقد صرخت من الفرحة عندما رأيت الأكراد أحراراً. ولكنهم كانوا قد عانوا
بشكل كبير جعلهم غير قادرين على تقدير مدى هشاشة الوضع الذي كانوا عليه
وخطره.
·
ما هي الصعوبات التي واجهتها
هناك؟
ـ أصعب مشكلة كانت هي العثور على كاميرا والتعامل مع «النيجاتيف»، فلم تكن
هناك كاميرا واحدة تعمل في البلد بأكمله. ومن المهم في هذا الصدد الإشارة
إلى أن العراق لم ينتج سوى خمسة أفلام فقط خلال تاريخه. وكان تصوير الفيلم
يتطلب قدراً كبيراً من السرعة والارتجالية في العمل، لأن أحداً لم يكن
متأكداً مما ستؤول إليه الأمور في نهاية كل يوم.
·
وكيف استطعت أن تلبي متطلبات
العمل الصعبة؟
ـ لأن العمل يدور في الشوارع، فكان لزاماً علينا أن نصوِّر في أكثر من
مكان. وقد ساعدتنا السلطات التركية كثيراً في هذا الصدد. وكانت هناك مشكلة
متمثلة في أن أحداث الفيلم كانت تدور في فترة الثمانينات، مما يعني أن هناك
أشياء كثيرة قد اختفت ولم يعد لها أي وجود. وعندما وصلت إلى كردستان في وقت
التصوير لم يكن هناك أي وجود للزي العسكري لجنود صدام.
ولم يكن هناك حتى وجود لأي صورة لصدام نفسه. وكان يتعيَّن علينا الالتزام
بالحقيقة في عرضنا لمشاهد الحياة في تلك الفترة. فنحن لم ننس على سبيل
المثال بيان الخطأ الإملائي الذي كان موجوداً في عبارة «الله أكبر» التي
كتبها صدام بدمه على أحد الأعلام. ووقتها لم يتجرأ أحد على إخباره بهذا
الخطأ الإملائي.
·
بالنسبة لشخص مثلك، أرغم على مغادرة وطنه، ألم يكن مؤلماً أن تعمل وحولك
تلك الصور الكثيرة لصدام حسين وهي تهيمن على المكان؟
ـ كان الأمر يبدو وكأن صدام يعيش معنا كل لحظات الفيلم، إن صدام كان إحدى
الشخصيات الرئيسية في الفيلم، فصوره كانت بمثابة الهاجس الذي يطارد شخصيات
الشريط في كل مكان سواء من خلال الصور، أو الأحاديث المتلفزة أو الخطابات
الإذاعية، والأهم من ذلك كله وجود هذا التمثال الضخم، الذي يبدو وكأنه
يتابع شخصية أكو أثناء رحلته الطويلة.
·
من أين أتيت بهذا التمثال؟
ـ لقد تم تصنيعه خصيصاً من أجل الفيلم، وحدث في البداية أن رفض كل النحاتين
الأكراد، الذين أعرفهم صنع التمثال، ثم نجحت في إقناع أحد النحاتين العرب
بصنع التمثال، ولأسباب أمنية اضطررنا إلى نحت التمثال داخل كردستان.
حيث أخذ النحات في صنعه داخل فناء أحد المباني، ولكن عندما بدأت الأبعاد
الحقيقية للتمثال تظهر كان رد السلطات فورياً، حيث تمت مصادرته، ووضع
النحات في السجن، واستغرق الأمر مني طويلاً حتى استطعت إطلاق سراح الرجل!
·
من أين جئت بقصة الفيلم؟
ـ الفيلم مأحوذ عن قصة أخي الذي هرب من الجيش العراقي، ومن هذا المنطلق
بنيت الفكرة على قصة حياة جندي حانق على الخدمة العسكرية، وأثناء التصوير
كنت أعمل على تطوير أحداث الفيلم.
·
إلى ماذا أردت أن تشير في عملك؟
ـ الفيلم يشير إلى حقيقة الوضع في العراق الذي لايزال كما هو منذ 80 عاماً،
فطوال تلك السنوات، لم تتقدم البلاد خطوة واحدة، قد يكون هذا مدعاة للتشاؤم
ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون الأمر دعوة للتفاؤل، إذا كان المرء يرى
ذلك، فلو كانت نقطة البداية صفراً، فإنه ليس أمامك إلا أن تتحرك إلى
الأمام!
####
عيون «البيان» في المهرجان
وصل عدد الأفلام التي شاهدتها لجنة اختيار الأفلام بمهرجان «كان» السينمائي
الدولي إلى 1540 فيلماً من 97 دولة. عقد المهرجان صلحاً مع الاستوديوهات
الكبيرة في أميركا التي خاصمت المهرجان لسنوات طويلة.
وكانت قد انقطعت عن عرض أفلامها به بسبب النقد اللاذع من النقاد لهذه
الأفلام، والذي يصاحب عادة دخولها مسابقة الأوسكار!، وكان نتيجة هذه
المصالحة أن نجح رئيس المهرجان جيل جاكوب في تقديم (5) أفلام أميركية دفعة
واحدة في المسابقة الرسمية وفيلمين آخرين في القسم الرسمي «خارج المسابقة».
* الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية هو فيلم «كيلومتر زيرو»
أو «الكيلو صفر» وهو إخراج أول للعراق هاينر سالم!
* يهتم مهرجان هذا العام بالأطفال، من خلال قسم جديد أقامه لهم، ويقيم
«يوم الأطفال» في المهرجان، وهو يوم 13 مايو، حيث يخصص قاعة «لوميير»
الكبرى في قصر المهرجان لدعوة ألفي طفل من سن 8 إلى 12 سنة، ليعرض عليهم
أول عرض عالمي لفيلم «كيريكو والحيوانات المتوحشة».
وهو جزء جديد من مغامرات البطل الأفريقي الأسود الصغير، ثم يتوجهوا بعده
إلى حفل على شاطئ الكروازيت يتناولون فيه المرطبات والحلوى يعقبه برنامج
للسيرك الشهير «باو باب»، وتقوم بتنظيم هذه الحفلات وزارة التربية والتعليم
الفرنسية بمشاركة هيئة اليونيسيف.
* «ورشة المهرجان» والتي يقيمها المهرجان لأول مرة في هذه الدورة، حيث
يساعد بها المخرجين الشبان في إنتاج «أفلامهم الأولى»، اختارت 18 مشروعاً
من مشروعات الأفلام التي تقدم بها هؤلاء الشبان فيما قبل، ويقوم بإنتاجها
بالاشتراك مع المركز القومي للسينما في فرنسا وإحدى شركات الإنتاج
الفرنسية.
وعلى رأس هؤلاء الذين وقع عليهم الاختيار توفيق أبو وائل الفلسطيني، ومحمد
صالح هارون من صربيا ومخرجون جدد آخرون من البوسنة والبانيا واسبانيا
وألمانيا والصين والأرجنتين والمكسيك وبيرو وباراجواي وتشاد وكازاخستان
والجابون وفرنسا وبلجيكا وأميركا.
* القسم الجديد «كل سينما العالم» يقام في الصالة الجديدة التي أنشئت
وتحمل هذا الاسم على شاطئ الكروازيت، حيث تتم دعوة إحدى الدول في كل يوم من
أيام المهرجان لتعرض أفلامها على رواد المهرجان، وسوف يفتتح هذا القسم
المغرب، ثم تتوالى العروض في الأيام التالية لكل من جنوب أفريقيا والمكسيك
والنمسا وبيرو وسيريلانكا والفلبين.
* «درس السينما» الذي يقام كل عام حيث يقدم أحد المخرجين الكبار من
أنحاء العالم محاضرة عن السينما، ويقدم هذا المخرج السنغالي الشهير عثمان
سامبين الدرس، وقد حصل في العام الماضي على جائزة عن فيلمه «مولاي» الذي
عرض في قسم «نظرة خاصة» بالمهرجان.
* يخصص هذا العام لأول مرة «درس النجوم» حيث يقوم أحد النجوم أو
النجمات في إلقاء الدرس.. وتلقيه هذا العام كاثرين دي نيف حول تاريخها
السينمائى ولقائها بكبار المخرجين العالميين والفرنسيين وأسلوب كل منهم في
الاخراج.
* من أهم معارض التصوير الفوتوغرافي التي يقيمها المهرجان «معرض النجم
الأميركي العبقري الراحل جيمس دين الذي كان كالشهاب الذي انطفأ بسرعة من 8
فبراير 1931 وحتى 30 سبتمبر 1955 بعد ان قدم 3 أفلام فقط دخل بها التاريخ
من أوسع أبوابه .
وهي «شرق عدن» لايليا كازان سنة 54 و«ثورة بلا سبب» لنيكولاس راي سنة 55،
ثم «العملاق» أمام إليزابيث تايلور سنة 55 أيضاً، كان جيمس دين نموذجاً
للشاب الأميركي الثائر.. وكان بطلاً في سباق السيارات إلى أن انقلبت به
السيارة ومات وبكته الملايين.
|