كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ارث مصطفى العقاد

سلوى اللوباني

عن رحيل أمير الأحلام

مصطفى العقاد

   
 
 
 
 

سلوى اللوباني من القاهرة: المخرج العالمي "مصطفى العقاد" رحمه الله كان احد ضحايا تفجيرات مدينة عمان في الأردن، كان يعتبر العقاد ان الاعلام اهم وأقوى من الأسلحة والدبابات لذلك استخدم كل خبراته وافكاره الى جانب تقنيات العصر الحديثة ليترك لنا ارثاً عظيماً نتقاسمه جميعاً كعرب، ارثاً ممتداً لا يعرف مكان ولا زمان فلا تنتهي قيمته المعنوية بل تتزايد مع مرور الوقت، ارثاً متجسداً بفيلمين من اهم ما قدمته السينما العربية في مجال الافلام الدينية والتاريخية وهما الرسالة وعمر المختار، احتوت على قدرات فنية عالية، وأدوار تمثيلية متقنة، كانت افلامه سابقة لعصره آنذاك في السبعينات والثمانينات، فنقش العقاد جسراً من الحوار الحضاري والثقافي بين الشرق والغرب.

من حلب الى نيويورك:

في صغره كان يلعب ورفاق الحي بالمنظار لمشاهدة صور أفلام الهنود الحمر، أحب السينما وهو في العاشرة من عمره، كان يتابع افلام محمد كريم وكمال الشيخ وصلاح ابو سيف والفرد هيتشكوك وهو اول مخرج حفظ اسمه، وفي الكلية شجعه استاذه "دوغلاس هيل" ليدرس السينما وأرشده اين يدرسها، وفي حكاية قصها العقاد مع مجلة سيدتي عام 2000 " لم أعرف شيئاً عن استاذي منذ غادرت الى امريكا عام 54، وبعد 30 عاما اتصل به شخص عجوز يقيم في دار للعجزة بولاية مينيسوتا قائلاً "دمعت عيني من التأثر عندما شاهدت اسمك على الشاشة"، فعرف العقاد انه استاذه القديم فارسل له تذكرة سفر واستضافه في لوس انجلوس لمدة اسبوعين، والده لم يمانع ان يدرس السينما ولكن بشرط ان يكمل الثانوية العامة، بالاضافة الى عدم مقدرته على نفقات دراسته في الخارج، فعمل العقاد لمدة سنة في البنك البريطاني في حلب ليجمع ثمن تذكرة السينما، كان السفر من بيروت الى نيويورك على متن طائرة، ومن نيويورك الى هوليوود بالباص لمدة 3 ايام ونصف، فرح به والديه كثيراً عند نجاح فيلميه الرسالة وعمر المختار، والجدير بالكر انه دعاهم في احدى المرات خلال تصوير فيلم عمر المختار في ليبيا.

تحديات فيلم الرسالة:

• عندما اخرج الفيلم عام 1976 كان يبلغ من العمر واحد واربعون عاما، اي بعد 18 عاما من وجوده في امريكا.

• اضخم عمل اسلامي وقد اسلم على اثره العديد من الغرب في تلك الايام، يروي قصة ظهور الاسلام وتعاليمه السمحة، واراد من خلاله ان يقدم الصورة الصحيحة عن الاسلام للغرب، وهو اول فيلم عن الاسلام موجه للمشاهد الغربي.

• بلغت تكلفة الفيلم 17 مليون دولار وحقق ارباحاً عشرة اضعاف تكلفته من النسخة الانجليزية.

• بين عام 64-75 أي لمدة 10 سنوات والعقاد يبحث عن ممول وموافقة على الانتاج متنقلاً بين البلاد العربية الى ان وجد الدعم من القائد الليبي معمر القذافي.

• كان للفيلم نسختين واحدة باللغة العربية وقام بتمثيلها الفنان عبد الله غيث بدور حمزة بن عبد المطلب عم الرسول عليه الصلة والسلام، الى جانب القديرة منى واصف بدور هند زوجة ابي سفيان، والفنان أحمد مرعي بدور عمار بن ياسر، والنسخة الانجليزية قام بدور حمزة الممثل العالمي انتوني كوين الى جانب ايرين باباس.

• وزع العقاد نسخ من القرآن الكريم مترجمة على الممثلين الاجانب ليكونوا على اطلاع بما يتحدثون عنه بما يخص النسخة الانجليزية من الفيلم.

• استغرق اعداد سيناريو الفيلم عاماً كاملاً من مجموعة من الكتاب والمفكرين والعلماء وهم توفيق الحكيم، يوسف ادريس، د.احمد شلبي، عبد الحميد جودة السحار، د.البيصار ود. عبد المنعم النمر من الأزهر، بالاضافة الى الامريكي "هاري كيجاف" الذي امضى عاماً كاملاً في فندق النيل هلتون في مصر لكتابة السيناريو مع هذه المجموعة.

• بدأ التصوير في المغرب وتوقف بعد 3 شهور ومن ثم انتقل الى ليبيا، كان يتم تصوير المشاهد بالتوازي للنسختين العربية والانجليزية، صورت مشاهد الصحراء في المغرب وليبيا بمعاونة القوات المسلحة الليبية.

• استطاع العقاد ان يقدم الفيلم بقصته دون ان يظهر الرسول عليه الصلاة والسلام، او حتى تمثيل صوته.

• لا يزال يعرض الفيلم بعد مرور 30 عاما على انتاجه في المناسبات الدينية في الدول العربية.

• وزارة الدفاع الامريكية اشترت اكثر من الف نسخة من الفيلم لعرضها على جنودها قبل الذهاب الى افغانستان.

• الملك حسين رحمه الله أول من اهتم بعرض فيلم الرسالة في الاردن بعد ان رفضت العديد من الدول العربية عرضه، ومنحه الملك الراحل وسام الكوكب الاردني من الدرجة الاولى.

• فيلم الرسالة ممنوع عرضه في مصر وسوريا لغاية يومنا هذا، وقد اقام العقاد دعوى قضائية منذ 18 عاما بهذا الخصوص ولا تزال القضية في المحاكم.

• حصل سيناريو الفيلم على موافقة الازهر، وقد شاهده الشيخ محمد متولي الشعراوي واعجب به، كما شارك في التحقق من الفيلم وقصته العديد من المشايخ مثل الشيخ البيصار، بالاضافة الى موافقة من المجلس الشيعي اللبناني على السيناريو ايضاً.

• لم يعرض الفيلم في معظم الدول العربية في ذلك الوقت بسبب اعتراض الأزهر عليه، بالرغم من موافقته على السيناريو، فاعترضوا لاحقاً على ظهور شخصية "حمزة بن عبد المطلب" عم الرسول عليه الصلاة والسلام وهو احد العشر المبشرين بالجنة فلا يجوز اظهارهم على الشاشة.

عمر المختار:

• قام العقاد باخراج الفيلم عام 1980 باللغة الانجليزية وقدم في دور العرض العربية مدبلجاً.

• الفيلم هو قصة ثائر عربي ليبي قاد حرب التحرير في ليبيا ضد الاستعمار الايطالي، اختار العقاد شخصية عمر المختار لانه مهم للعالم العربي فهي قصة كفاح لرجل في السبعين من عمره في وجه الاستعمار.

• بلغت تكاليف انتاج الفيلم 50 مليون دولار امريكي.

• يعد اضخم انتاج عربي يتناول قضية شعب ضد الاستعمار.

• بعد عرض الفيلم اصبح عمر المختار حديث العالم العربي فقد اصبح صورة متحركة امام المشاهدين وليست جامدة كما هي في صفحات كتب التاريخ.

• يعتبر العقاد ان اجمل مشاهد الفيلم هي التي اختتم بها الفيلم وهو عند اعدام عمر المختار فانطلقت الزغاريد.

• كان انتوني كوين مقنعاً جداً بتمثيله، فانطبعت صورته في أذهان المشاهدين على انها صورة عمر المختار الحقيقية.

مصطفى العقاد نجح في تجسيد الذات العربية الحقيقية وتسليط الضوء على جانب مضئ من تاريخنا من خلال أفلامه فقال..... "عرف الغرب من نحن بصورة جيدة". 

salwalubani@hotmail.com

موقع "إيلاف" في

15.11.2005

 
 

الإرهاب يقتل مصطفي العقاد

أشرف بيدس

هل هي مصادفة أن تكون نهاية المخرج العالمي مصطفي العقاد (1935 2005) الذي حاول تقريب وجهة نظر الإسلام للغرب علي يد من يدعون الإسلام؟ هل كان في مخيلة المخرج تفاصيل هذا المشهد الدراماتيكي بكل ما فيه من قسوة ؟ أم أن الحياة لديها من المشاهد ما لم نكن نتخيله؟

لاشك أن رحيل العقاد وغيره من الآمنين الذين لا ذنب لهم بهذه الصورة المفزعة سيكون له الأثر السلبي في اتساع تلك الفجوة التي حاولت أفلامه أن تضيق من خناقها00 وكأنهم يقولون له في المشهد الأخير من حياته، لن تجد أعمالك.. والحديث عن المخرج مصطفي العقاد لا يقلل بأي حال من الأحوال تلك الأرواح البريئة التي طالتها يد الإرهاب، وإنما لأن العقاد لديه جماهير غفيرة في الخارج والداخل، يجعل الأمر ذات خصوصية، ولأنه واحد ممن كنا نتباهي بهم في الغرب، أصبح رحيله بمثابة الصدمة الكبيرة والتي تحتاج لوقت ليس بالقليل لنسيانها.

مات العقاد متأثرا بجراحه التي أصيب بها في هجمات عمان الأخيرة، لينتهي المشهد الأخير من حياة أهم مخرج عربي حمل علي عاتقه هموم أمته، وناضل بأفلامه وأعماله ليصحح من تلك الآراء العنصرية التي كانت يطال الإسلام بها.

ورغم أن أعمال العقاد قليلة، إلا أنها كانت كبيرة الأثر والشهرة ، فيلم "الرسالة" الذي انتجه عام (1976) الذي شارك فيه معظم نجوم العرب أحمد مرعي ومني واصف وأسعد فضة والحبيب الطيب، الذي يعتبر أهم فيلم عن الاسلام أنتج حتي الآن وشارك في بطولة نسخته الإنجليزية أنطوني كوين الذي جسد شخصية حمزة عم الرسول، بينما قام بتجسيدها في النسخة العربية الممثل عبد الله غيث،. كما أخرج العقاد فيلم "عمر المختار أسد الصحراء" (1980) الذي قاد ثورة مسلحة ضد الاستعمار الإيطالي في ليبيا واعدم العام 1932 من بطولة الممثل أنطوني كوين وإيرين باباس. وفي العام 1978 بدأ إنتاج سلسلة أفلام الرعب "هالوين" (ثمانية أفلام) التي حققت نجاحا كبيرا، وشهدت له بأن منتج بارع قادر علي قراءة أذواق الجماهير.

ولد العقاد في مدينة حلب السورية في عام1934، وفي الثامنة عشرة من عمره قرر أن يدرس الإخراج، ولم يجد والده غير الرضوخ لرغبته، ورغم أن والده كان فقيرا، لكنه استطاع تدبير 200 دولار هي كل مدخراته، ومصحف. ولم ينف العقاد أن اسمه العربي كان عائقا أمام تقدمه، لكن روح المقاتل التي كان يتحلي بها والتحدي الذي جعله يقطع كل هذه الأميال بحثا عن حلمه جعلاه يتواصل مع طموحاته، ولم يكن الطريق سهلا أمامه، فهوليود في ذلك الوقت تعج باليهود المسيطرين علي صناعة السينما ومازالوا، لكنه استطاع أن يفرض حرفيته وأخلاقياته علي العاملين معه في هوليوود، متخلصا من أي أعباء قد تعوق طريقه الذي رسمه لنفسه وسط هذه الأهوال والتحديات0 كان العقاد نموذجا متفتحا ومستنير هاجم الفهم الديني الضيق، وأكد للذين حاولوا تكفيره بناء علي فكرة علاقته بالسينما أن مخترع التصوير كان مسلما وهو الحسن بن الهيثم. وأكد أن الاحترام الذي حققه في مجال صناعة السينما يعود لتمكنه من حرفته ولغته وأدواته السينمائية، مما جعل معظم استديوهات الإنتاج السينمائي تتسابق للتعاون معه، بما في ذلك يونيفرسال التي تعاونت معه علي انتاج أفلام هالوين .

كان يري أن رمز صلاح الدين مناسبا لوضعنا الحالي، وكان يريد إخراج فيلم عنه لتثبيت عروبة فلسطين، ومات وهو يبحث عن تمويل لهذا المشروع الكبير، وتحدث عن مشروع فيلم يروي قصة ملك في انجلترا طلب من الخليفة المسلم في الاندلس جعل مملكته مملكة مسلمة، وتحدث عن فيلم عن صبيحة الأندلسية .

ولكن انشغاله الكبير كان بصلاح الدين الذي رأي أن تقديمه الآن وفي الظرف الحالي يعمل علي الموازنة بين فظائع الصليبيين، وحروب بوش ضد الإرهاب، ولكن ظل التمويل هو العائق الوحيد لاتمام الفيلم، ولم يعبأ بالضغوط التي مورست عليه . كما كان يحلم بتقديم فيلم يحكي فيه عن تدمير مدينة جروزني . وقبل وفاته تحدث العقاد عن فكرة إخراج فيلم عن أسامة بن لادن، وقال إن هناك اختلافاً في تعريف من يكون بن لادن.

كان يري العقاد أن التواصل مع الجماهير هو أهم آليات النهوض بصناعة السينما، لأنها في النهاية هي التي تجلب الأموال القادرة علي صناعة الأفلام.

إن العقاد الذي تفتح وعيه السينمائي علي أفلام صلاح أبو سيف وكمال الشيخ، كان يعرف جيدا أنه ابن حضارة عريقة وعظيمة، لم تبهره أضواء هوليوود أو اغراءاتها وظل حتي آخر لحظة في عمره يحلم بتقديم عمل يؤرخ أمجاد هذه الأمة العظيمة، ولم ينفصل عن واقعه وعروبته وظل حتي آخر لحظة في حياته موصولا بالبسطاء من أمته.

كان العقاد يردد دوما بأن الرصاصة لا تقتل عدوا، وأن التسليح بالثقافة والوعي والعلم أهم كثيرا من الأسلحة والدبابات، وكان أحد أحلامه أن يصنع العرب لهم قناة إعلامية داخل أمريكا يستطيعون من خلالها تعريف العالم بهم، كما يفعل اليهود. رحم الله مصطفي العقاد مخرجا كبيرا عظيما، اغتالته يد البطش والإرهاب، لكن أعماله ستظل راسخة في وجدان جماهيره الغفيرة في كل أنحاء العالم.

####

ديناميت الزرقاوي ينسف الإبداع

«الأهالي» 

خلّفت التفجيرات الإجرامية التي وقعت في العاصمة الأردنية عمان، مؤخرا، نحو ستين قتيلا ومائتي مصاب، وكان من بين الضحايا المخرج السوري العالمي مصطفي العقاد وابنته.

الغريب في الواقعة أنه لم يكن بين الضحايا من الإسرائيليين سوي إسرائيلي واحد، مع أن البيان الذي أصدره أبومصعب الزرقاوي أعلن أن المقصود هم أعداء الله وحلفاء أعداء الله!.

المؤلم أن أحدا من أعداء الله لم يمت، تقريبا، إنما معظم الذين ماتوا، أو أصيبوا، هم أحباب الله، وعلي رأس هؤلاء المخرج السوري الكبير مصطفي العقاد «مخرج فذ من طبقة يوسف شاهين».

دعك الآن من السؤال الأصلي: من ذا يملك أن يحدد أحباب الله وأعداءه؟ ومن ذا منح الزرقاوي حق تصنيف الناس والكون إلي: خبيث وطيب؟.

ومصطفي العقاد واحد من أبرز أحباب الله، لأنه أخرج فيلمين عظيمين باقيين في تاريخ السينما العربية والعالمية، هما: «عمر المختار»، و«الرسالة».

الأول حول نضال القائد الوطني الليبي «والمسلم أيضا» عمر المختار، ضد الاحتلال الإيطالي لبلاده، أما الثاني فحول نشأة رسالة الإسلام إلي العرب والعالم.

المضحك في ذلك كله، أن فيلم «الرسالة» قد عرض في معظم بلاد العالم، إلا في مصر ومعظم الدول العربية.

لقد منع الأزهر عرضه في مصر - ومازال - لأسباب واهية، مثل معظم الأسباب الواهية التي يمنع بها الأزهر الأعمال الأدبية والفكرية والفنية.

هكذا فإن الزرقاوي والأزهر حليفان، كلاهما قتل مصطفي العقاد، الأول «الزرقاوي» قتله جسديا، بتفجيرات عمان، والثاني «الأزهر» قتله معنويا بمنع فيلمه «الرسالة» من العرض في مصر.

ومصرع الرجل بذلك هو مصرع مزدوج: جسدي ومعنوي.

أيها الأزهر الشريف: ارفع يدك عن «الرسالة»، ولا تتحالف مع الزرقاوي، فتتخلي عن الصفة التي تحب أن تلصق نفسك بها: صفة الوسطية والاعتدال والعقل.

في تحالف كهذا، ألا يحق لشخص منا أن يستخلص النتيجة التالية: إن فتاوي الأزهر المانعة، هي المهاد النظري لديناميت الزرقاوي!.           

الأهالي المصرية في

16.11.2005

 
 

أفكار لمسرحيات وأغان جديدة تدين الإرهاب:

الكتاب والفنانون الأردنيون والعرب يواصلون إدانة تفجيرات عمان وقتل المخرج العقاد

يحيي القيسي

عمان ـ القدس العربي بعد مرور نحو أسبوع علي التفجيرات الثلاثة التي طالت بعض فنادق عمان، وأودت بحياة عشرات الأبرياء وجرح المئات، بدت ردود فعل الكتاب والفنانين الأردنيين والعرب قوية وعالية متضامنة مع المكلومين، ورافضة لكل أشكال الإرهاب قولا وعملا، وقد نشطت الصحافة اليومية في نقل آراء المثقفين فيما جري وكيف يمكن أن لا يتكرر، وهي صدمة لم تبرز بعض نتائجها علي الصعيد الثقافي بعد إذ جعلت الكثيرين مذهولين لشدتها، وهذه هي أو مرة يشهد فيها الأردن هجوما انتحاريا بما يسمي القنابل البشرية ، أما الصدمة الأخري التي جاءت أيضا فهي وفاة المخرج السوري مصطفي العقاد صاحب فيلمي الرسالة وعمر المختار متأثرا بجراحه، وقد قام وزير الثقافة الأردني د. أمين محمود بمرافقة الجثمان وتشييعه إلي حلب إضافة إلي وفود أخري من المثقفين، ومن المنتظر أن تعلن أمانة عمان الكبري عن تسمية إحدي الشوارع أو الساحات باسمه، إضافة إلي إقامة العديد من الفعاليات من قبل أطراف عديدة، وقد بدا الفنانون أسرع من زملائهم الكتاب في التعبير عن سخطهم وحزنهم من خلال بعض الأعمال التي قدمت بشكل مستعجل خلال الأيام الثلاثة الأولي للحدث، فقد أنجز المطرب عمر العبدلات أغنية جماعية بعنوان يا بلدنا من كلمات ماجد زريقات وأداء كل من المطربات الشابات زين عوض، ديانا كرزون، وغادة عباسي، بمشاركة العبدلات أيضا وعدد من الممثلين، وقد بثها التلفزيون الأردني مباشرة صباح الجمعة، كما أنجز الموسيقي الأردني طارق الناصر ثلاث أغنيات مع فرقته رم، وبثها من منطقة الدوار الثالث حيث تقع الفنادق التي شهدت التفجيرات العشوائية، وكانت انطلقت مسيرة شارك فيها الآلاف من المواطنين وعدد من المثقفين مساء الأحد فيما ارتفع صوت الآذان وأجراس الكنائس وجاءت كلمات الأغنيات تعبر عن الحزن والفجيعة التي عصفــــت بالنفـــوس فيما تتعهد بأن تزول هذه الأحزان وتعود عمان عروسا بيضاء يكللها الفرح، ومن جهته اطلق اتحاد الكتاب الأردنيين مسيرة لأعضائه الكتاب ومؤازريهم فيما قدمت مجموعة من القراءات الشعـــرية المنــــددة بالعمل، وبعـــــض القصائد الانفعالية المباشرة قد كتبت علي عجل للمناســبة، أما فرقة المسرح الحي التي يشرف عليها المخرج المسرحي حكيم حرب فقد اختارت ساحة فندق الراديسون ساس من أجل أن تقدم عملا تعبيريا مرتجلا علي وقع الأغنيات الوطنية، وقد شارك فيه كل من الممثلين والممثلات: جمال مرعي، نضال جاموس، محمد الوالي، سوزان البنوت، مني أحمد، تيسير البريجي وغيرهم، وقد شهد العرض مشاركة عدد من أفراد الجمهور الحاضرين.

كما ألغت بعض المراكز الثقافية الأجنبية نشاطاتها أو أجلتها تضامنا مع دم الضحايا، ولا سيما المركز الثقافي الفرنسي والمركز الثقافي الاسباني ـ ثرفانتس، وأجل إقامة حفل توقيع ديوان محمود درويش الجديد كزهر اللوز أو أبعد الذي كان مقررا أن يقام السبت الماضي في مسرح البلد وسط عمان.

الفنانون التشكيليون من جهتهم ينوون عمل جدراية الغضب تخليدا للضحايا، وأعمال أخري، فيما طالبت بعض الجهات وزارة الثقافة لإقامة نصب تذكاري، وتبرع أحد المواطنين بمبلغ خمسة آلاف دينار من جيبه الخاص لهذا الغرض، أما برقيات (الاستنكار والشجب والتنديد) وهذه المصطلحات تبدو متلاصقة ومستهلكة بشكل جلي فقد أرسلت من أغلب الجهات الثقافية مثل رابطة الكتاب ونقابة الفنانين، ورابطة التشكيليين، واتحاد كتاب الإنترنت العرب، أما ردود الفعل التي رصدت من قبل الأقسام الثقافية للصحافة الأردنية اليومية للكتاب والمثقفين الأردنيين والعرب فقد كانت كبيرة، وأنقل هنا بعضها:

الأديب إبراهيم العجلوني: هذه التفجيرات هي انعكاس لوعي مأزوم وثقافة متخلفة، وهي نتيجة فيما أعتقد لضعف التنوير الإسلامي في هذه المرحلة، ولتقاعس المثقفين والكتاب الإسلاميين عن أداء دورهم الحقيقي في بيان أصول الإسلام وأحكامه، والذي جري حرابة وبغي لجسم الفقه الإسلامي، والشباب المغرر الذين قاموا بهذه الجريمة هم صرعي الجهل وأدوات الكيد المرسوم للأمة .

الشاعر إبراهيم نصرالله: ما حدث هو شيء مرعب حقا، كان يمكن أن يكون أي واحد منا وأي طفل من أطفالنا ضحيته، لذلك أقول بأن الذين قاموا به لا يختلفون أبدا عن قوات احتلال همجية يدعون أنهم ضدها، فها هم يقتلون الأبرياء مثلما يفعل أعداؤنا بنا، ويقطعون أوصال أطفالنا ويقتلون أولئك الذين لم يتجمعوا إلا ليغنوا في أعراسنا، وأتذكر الآن تلك الغارة الامريكية علي أحد الأعراس العام الماضي في العراق، وكيف حولت العرس ومن فيه إلي أشلاء. إنهم يفعلون الشيء نفسه وبالبشاعة نفسها .

الروائي هاشم غرايبة: هي تفجيرات عمياء تستهدف أول ما تستهدف معنويات الأردنيين، فإذا حافظنا علي معنوياتنا عالية فسنجعل من هذه الحادثة مجرد حادثة عابرة لا تتكرر، وبالإمكان الاستفادة منها كمطعوم يوحدنا أمام الخطر الإرهابي الأعمي، وما جري هز مشاعر الناس بقوة ونبههم إلي ضرورة اليقظة .

القاص يوسف ضمرة العملية مرفوضة بالتأكيد، ولكن أري أن لا نتوقف فقط عند الإدانة والشجب والاستنكار، بل علينا أن ندرس هذه الظاهرة، ونحاول الوصول إلي المبررات الحقيقية التي تقف وراءها، وعلينا أن نتذكر في هذا السياق المشروع الامريكي الصهيوني الذي يعد لهذه المنطقة منذ سنوات طويلة، وما قاله الرئيس الامريكي قبل فترة يؤكد ذلك، حين قال أن الامريكيين نجحوا في نقل معركة الإرهاب من الولايات المتحدة إلي الشرق الأوسط، وهذا يدل علي أن هذا المشروع الامريكي الصهيوني يوفر مناخا ملائما لمثل هذه الأحداث والتوترات في المنطقة الأمر الذي يستدعي في النهاية تدخلا أمريكيا مباشرا أو غير مباشر .

القاص نايف النوايسة: إذا أردنا أن نسجل ذلك نصرا لمقاومة ما أو منظمة لها أهدافها ورؤاها أو شعب مظلوم، فليس ميدانه قتل الأبرياء وهم يحتفلون بمنتهي المحبة والمودة في فندق أسس لراحة الإنسان والتماس الطمأنينة فيه، فمن كانت لديه قضية فعليه أن يفتش عن عدوه، وما أكثر الأعداء، ولكن السلاح الموجه إليهم هو بكل أسف لا يطال إلا الأبرياء، وفي رأيي أن ما حدث في عمان المحبة هو إجرام لا يختلف عليه إثنان .

الشاعر د. عزالدين المناصرة: هي جريمة بشعة لأنها استهدفت المدنيين وبالتالي هي إرهاب معلن، وبطبيعة الحال فهي تساهم في عدم الاستقرار، وأعتقد أنه قد تم تصديرها إلي عمان التي نحب، وأكرر إدانتي لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي لا يقبلها عقل ولا دين، وهنا يمكن أن نستخلص كمثقفين الفرق الواضح بين المقاومة والإرهاب دون التنظير الزائد عن حده .

القاص إلياس فركوح: هو عمل لا يستقيم في سياق أي معيار أخلاقي أو ديني أو وطني بصرف النظر عن انتماء أي واحد منا إلي هنا أو هناك، وأنا لا أعتقد أن عملا كهذا بصرف النظر عن التبريرات التي قد يعلنها فاعلوه يمكن أن يخدم قضايا الإنسان العربي في مواجهته لكل من الإحتلالين الامريكي للعراق، والإسرائيلي لفلسطين.

الباحث د. صلاح جرار: أستنكر بشدة استهداف هذا الوطن العزيز الذي يبدو أنه يتعرض للحسد مما ينعم به من طمأنينة واستقرار، ومما لا شك فيه أن المواقف الوطنية المشرفة لهذا الشعب وقيادته هي التي جعلته عرضة لمثل هذه الهجمات، وهذا ما يدعونا إلي أن نتمسك بمواقفنا الثابتة الرافضة لكل ما تتعرض له المنطقة من عدوان خارجي ينشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

القاصة بسمة النسور : لا كلام يعبر عن حجم الفاجعة، وهناك إحساس بالاعتداء علي الاستقرار والأمان، وإحساس بثقل اليد الغاشمة التي تجرأت علي المس بوداعة عمان المحمية بالمحبة، وأنا مؤمنة بأن الحادث الإجرامي سيزيد من الحرص علي منعتنا واستقرارنا وأمننا، ونشعر اليوم بتضامن الأشقاء والأصدقاء بأننا محصنون ضد الأذي، ولن يصيبنا الجناة بفعلتهم الشنيعة باليأس والإحباط.

الفلسطينيون والأردنيون: مصابنا واحد

ومن جهتهم أصيب الفلسطينيون بمجموعة من الضحايا كانوا قادمين أصلا من فلسطين لحضور الزفاف، أو أن الكثير منهم من أصول فلسطينية من الأردنيين وخصوصا من قرية سيلة الظهر، وقد فتح مركز خليل السكاكيني برام الله قاعاته لتقبل العزاء بالضحايا، ومنهم أحد أعضاء هيئته الإدارية، و صرح المخرج المسرحي جورج إبراهيم مدير مسرح القصبة برام الله بأنه يفكر بتقديم مسرحية تدين الإرهاب وقال أعتقد بأن الفن قادر علي الصمود في وجه جميع النوايا الشريرة، وهذه التفجيرات تدل علي خطورة ما يحدث في المنطقة العربية، ولا بد من تحرك سريع من الجميع للحيلولة دون تكرارها أما الشاعر المتوكل طه رئيس الإتحاد العام للكتــاب الفلسطينيين فقد طالب بمــــؤتمر عاجل يجمع المثقفــــــين والفنانين العرب من المحيط إلي الخــــليج لمناقشة ما حدث نحن في فلسطين والأردن شعب واحد بروح واحدة وجسد مشترك، وما يصيب أهلنا في الأردن يصيب قلب كل فلسطيني هنا، ولذا لا بد من انتفاضة للمثقفين والفنانين في وجه الإرهاب .

الشاعر زكريا محمد قال طريق محاربة امريكا وإسرائيل أبعد ما تكون عن تفجيرات عمان الإرهابية وغيرها من التفحيرات التي تطال المدنيين، و قد بات علي المثقفين حمل راية التغيير سواء علي صعيد الاستقلال من السيطرة الامريكية والإسرائيلية علي المنطق العربي أو علي صعيد مكافحة الإرهاب، ولكن علي المثقفين ألا يفسحوا المجال للمجانين برفع راية التحرير عبر أعمال إجرامية بدعوي محاربة امريكا أو اسرائيل .

أما الشاعر سميح القاسم فقال: لم أشعر بالانتماء إلي مسقط رأسي الأردني مثلما شعرت به حين سمعت عن هذه الجريمة الكافرة، وكنت خلال زيارتي الأخيرة لعمان قد تحدثت في أكثر من مناسبة ولأكثر من جمهور عن ضرورة الالتفاف حول الحالة الأردنية الجديدة المتمثلة بحالة الانفتاح، وفتح الآفاق نحو الحوار الفكري والديني والسياسي مستبشرا بدعوة الملك المثقف عبدالله بن الحسين لمثل هذا الحوار، ولا يعقل ولا يجوز التهاون مع منفذي هذه الجريمة النكراء .

الحوار الأخير للعقاد

قدر العقاد صاحب الفيلمين الشهيرين الرسالة 1976و أسد الصحراء 1981 أن يموت علي أيدي تلك الفئة الضالة التي نشرت الموت في عمان، فقد كان قادما من امريكا أصلا لحضور حفلة زفاف لأحد الأصدقاء في العقبة يوم الجمعة الماضي، وكان ينتظر ابنته القادمة من بيروت في ردهة الفندق، ويبدو أيضا أنه كان يحاور صحفيا من جريدة الوطن السعودية ما نقلت الصحف المحلية، وحينما قدمت ابنته هب لملاقاتها فعاجلها الإنفجار الغادر، وقتلت علي الفور، وأصيب هو من أمرين: هول الصدمة بوفاة ابنته الحبيبة وإصابته بشظايا، وهكذا رحل بعد ذلك.

ومما نقل عن العقاد في حواره الأخير قوله أنا قومي عربي مسلم لا أخشي أن أتحدث في أي أمر من أمور الأمة ....، لو شاهد الشعب الامريكي ما نشاهده نحن العرب علي شاشة الفضائيات من ممارسات ضد العرب والمسلمين سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان لأنقلب علي قيادته وضد اليهود، .... أنا أبكي عندما آتي كل عام إلي العالم العربي لأشحن دينيا وقوميا من جذوري العربية وكم أبكي عندما أعود إلي امريكا وأشاهد المذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني فلا أجد مظاهرة واحدة تسير في الشارع العربي لتعبر عن استيائها جراء هذه الممارسات اللاإنسانية .

،وكان الملك عبدالله الثاني قد انتدب وزير الثقافة الأردني د. أمين محمود لتشييع العقاد إلي مثواه الأخير في حلب، وكان مما قاله الوزير أمين من تصريحات عن العقاد ورحليه لقد حمل رسالة أمته القومية بكل أمانة وصدق ووفاء، ودافع عن الإسلام من خلال أعماله الفنية التي عكست رسالة الإسلام السمحة، إسلام الاستنارة الذي يتفق ومنطق رسالة عمان وأضاف إننا فقدنا فارسا من فرسان الثقافة العربية كان يعتز بانتمائه الوطني والقومي وقدم لأمته أنصع صور الإخلاص والتضحية .

وفي أحد أعداد صحيفة الرأي نشرت صورة قلمية جميلة للعقاد، ومما جاء فيها كان العقاد يحلم بفيلم صلاح الديــــن الذي كان ينوي إنتاجه، وحصل علي موافـقــة من الممثل العالمي شين كونري، وهذا بالطبع ضمــان كبير لتحقيق الإيرادات لمن يـــــرغب بالتمويل، ولرفع نسبة المشاهدة من خلال نجم شباك مثله، ولذلك كان يحلم بعمل عدد من الأفــــلام التي تدافع عن العرب والإسلام في وجه السيطرة اليهودية عـــلي الإعلام الامريكي وخصوصا صناعة السيــــنما التي طالما أساءت للــــعرب، ويحمل أحلامه أينما حل باحثا عن التمويل الذي كان سيناله لو رضخ لمطالب بعض الحكام الذين طلبوا إليه أن يقدم أفلاما تمجدهم، وفي عمان التي زارها أكثر من مرة، لم يكن يخبأ أحلامه، وأعلن في مؤتمر صحفي عقده قبل سنتين في مركز الحسين الثقافي أن الأردن مكان مناسب لإنشاء مدينة سينمائية تعد معلما سياحيا في الوقت نفسه، وأنه قام بجولة للإطلاع علي المكان الأردني لنيته إنجاز فيلم صلاح الدين في الأردن، وقضي مصطفي وابنته ريما علي أيدي من كان ينافح ليقنع العالم بأن الإسلام أكبر ممن يدعون أنهم وكلاء الله علي الأرض، ويفرضون رأيهم لا بالحكمة والموعظة الحسنة بل بالحديد والنار والقنابل ...، قضي مصطفي الذي كرس حياته للدفاع عن الإسلام والعروبة، والذي ابتاع الجنود الامريكيون نصف مليون نسخة من فيلمه الرسالة ليفهموا الإسلام علي حقيقته .

أما بعض ردود الفعل من الفنانين العرب والأردنيين فقد قال نقيب الفنانين الأردنيين شاهر الحديد نستنكر هذا العمل الإجرامي الذي قامت به مجموعة من خفافيش الظلام، فالعقاد مبدع عربي كبير تبني القضايا العربية والإسلامية، وسيقوم وفد من النقابة بالذهاب إلي سوريا لتقديم العزاء بفقيد الفن وأشارت الممثلة والمخرجة نضال الأشقر إلي أن موجة الإرهاب لا تقتل الأعداء بل تقضي علي الناس الأبرياء الذين يبحثون عن دقائق معدودة من الفرح في حياتهم المضطربة، فيأتي هؤلاء الإرهابيون ليقتلوا الأبرياء الذين نعرفهم ولا نعرفهم، ويقتلون مخرجا كبيرا من طراز العقاد وابنته التي أتيح لي أن أحضر زفافها.. ، أما الممثل السوري عباس النوري فقد قال موت العقاد يشكل خسارة كبيرة ليس من السهل تعويضها وسيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والفنية العربية وحتي علي المستوي الإنساني الشامل و أنا حزين جدا وأحس برعب حقيقي ونحن بحاجة ماسة الآن لمواجهة حقيقية مع أصحاب الدعوات التكفيرية والمفاهيم العمياء وما يفعلونه من غسيل أدمغة لشباب مغرر بهم ، ومن جهتها قالت الممثلة الأردنية صبا مبارك لا يوجد أي مسوغ أو أي مبرر بكل الشرائع الإنسانية يمكن أن يشرع هكذا أعمال جبانة، وفي نهاية الأمر فإن من يحسب نفسه علي الجهاديين فليذهب لمواجهة الأعداء الحقيقيين المعروفة أماكن تواجدهم تماما، والعقاد الذي اغتيل هو أهم مخرج عربي تحدث عن الإسلام وشخصياته المتنورة ، وفي اتصال هاتفي لجريدة الدستور اليومية مع الممثلة المصرية فردوس عبدالحميد قالت مصدومة أنا لا أفهم ما يجري، وما هذه الوحشية ضد أنفسنا، لم نعرف من هي الجهات التي يمكن أن تنفذ إجراما بهذه البشاعة، لقد اختلط الحابل بالنابل، والجهات الإرهابية تتناسل كل يوم، وليس ما يعلن عنه بالضرورة هو الصحيح .

بقي أن أشير إلي أن الأيام القادمة تستحق أن يتوقف فيها المثقفون العرب، ويتأملون ما حدث هنا أو هناك، من أجل تجنب رد الفعل المباشر، ومن أجل المساهمة الحقيقية في نشر ثقافة مجتمعية جديدة، لا تقوم علي تمجيد الدم، ولا القتل بمبرر أو بدونه، وأن تحاول أن ترقي بالخطاب الثقافي لإيصاله إلي العالم من أجل أن يري أننا أمة تحب الحياة مثل باقي الأمم وتحتفي بها، وتهوي عمارة الأرض كما أمر الله بها، لا تمجيد ثقافة الموت، والهروب من وطأة الحياة وبؤسها باتجاه حلم جميل سرعان ما يتهاوي عند صياح الديك.

القدس العربي في

16.11.2005

 
 

مصطفى العقاد في فيلم توثيقي

دمشق ـ يم مشهدي 

"أنا غريب جسداً وقريب روحاً، دمشق حاضنة القلب والروح والعين، أأستحق وأنا أنتظر دخول دمشق عبر مساربها الضيّقة أن تفتح لي الأبواب العريضة" تلك هي الكلمات التي بعثها الى المؤسسة العامة للسينما بدمشق بعد تلقيه دعوة لتكريمه عن إنجازاته السينمائية في مهرجان دمشق السينمائي في دورته الرابعة عشر والتي تفصلنا عنها أيام قليلة. لم يستطع العقاد أن يحضر أول تكريم في وطنه، غاب أو غيّب قبل اللقاء بأيام، وظلت المسارب الضيّقة هي العنوان الذي أتى به الى الشام. يقول البعض إن التكريم أتى متأخراً والبعض يقول إن رحيله كان مبكراً، وربما لا فرق في الحالتين فالذي انتظرناه لم يأتِ. الخبر أشاع جواً من الصمت والسكون في أروقة مؤسسة السينما، تلاشى بعضه بعدما قرر إنجاز فيلم سينمائي توثيقي يلامس العقاد الإنسان ورسالته التي أمل الكثير في أن تتابع مسيرتها.

المهرجان سيهدي الدورة لروحه ولذكراه وسيحتفى به من خلال ليلتين سيقدم فيهما فيلميه "الرسالة" و"عمر المختار" ويشير الناقد محمد الأحمد مدير المهرجان الى أنه حاول الاتجاه الى نواحي أخرى للإبقاء على تكريمه ليس فقط من خلال تقديمه أفلامه، بل عبر إنجاز فيلم، ويقول: سنحاول من خلال الفيلم توثيق رحلته الإبداعية وتسليط الضوء على فكره لأن مصطفى العقاد يمثل حالة فريدة، هو الذي هاجر الى الولايات المتحدة الأميركية شاباً وتشرّب الثقافة الأميركية بصنوفها كافة إلا أنه عندما أراد أن يترجم دواخله كان شديد الالتصاق بقضايا أمته وأصر على تقديم رجالات متميّزين من تاريخنا العربي، عادة من يهاجر الى أميركا يعمل ضمن ماكينتها الخاصة، لكن العقاد بقي عربياً الى أقصى الحدود وفي الصميم، الفيلم سيركز على مصطفى العقاد الإنسان، الشهم، الفنان الكبير الخصم النبيل، الذي قدم أجمل صورة للإسلام وقضى نحبه على أيدي مجموعات إرهابية تجعل من الإسلام واجهة لأعمالها الدنيئة وأفعالها المشينة.

الفيلم من إخراج وسيناريو محمد الأحمد، مدير تصوير عبده حمزة، مادة علمية رندة رهونجي، مخرج مساعد أيهم عرسان. وسيعرض الفيلم في أيام المهرجان. والأمل أن يصار الى إنجاز أفلام توثيقية عن أدبائنا ومبدعينا حياتهم، آمالهم، آلامهم، فكرهم والرغبات الكثيرة، لتكوّن شاهدة على عصر نحياه ورسائل للزمن المقبل.

المستقبل اللبنانية في

16.11.2005

 
 

مصطفي العقاد‏.. ‏الارهاب يغتال مخرج الرسالة

كتب‏:‏ علاء سالم 

لم يرحل المخرج الكبير مصطفي العقاد عن عالمنا قبل أن يثبت للعالم أجمع أن الإرهاب ليس له وطن ولا دين‏,‏ بعد أن سقط في العملية الإرهابية التي وقعت بالاردن‏..‏ فقد عاش المخرج الكبير حياته‏(1933‏ ـ‏2005)‏ يحمل عبء تجميل صورة العرب أمام الغرب من خلال أعماله السينمائية‏:‏ الرسالة وعمر المختار‏..‏ وظل يطالب بأن يكون للعرب انتاج سينمائي عالمي يظهر من خلاله الفكر العربي ليواجه اللوبي الصهيوني الذي يسيطر علي هوليوود ومنها يسيطر علي عقول البشر علي مستوي العالم‏,‏ فيشوه صورة العرب والاسلام‏.‏ رحل العقاد بعد ان اغتالته يد الإرهاب‏..‏ ورحلت معه أحلامه السينمائية‏,‏ ولم يمهله القدر ليقدم مشروع صلاح الدين والذي كتبه الأمريكي جون ميل ورشح له الممثل العالمي شون كونري وظل يبحث له عن تمويل‏,‏ وكان لدي العقاد أيضا العديد من المشروعات السينمائية حيث كان يدرس عرض المنتج ممدوح الليثي لتقديم فيلم المطران كابوتشي تأليف محسن زايد وبطولة النجم عمر الشريف‏,‏ وسيناريو آخر بعنوان ثلوج فوق صدور ساخنة تأليف د‏.‏مدكور ثابت‏,‏ أيضا كان ينوي تقديم فيلم روائي عن جمال عبدالناصر‏..‏ وكان قد أنتج واخرج فيلما تسجيليا عالميا عن حياة الزعيم الراحل من خلال شرح وتعليق الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مدته‏4‏ ساعات‏,‏ ولكن رفضت جميع محطات التليفزيون العربية شراءه وعرضه‏..‏ وهو نفس الموقف الذي تعرض له فيلمه الرسالة‏(1976)‏ في معظم المحطات العربية‏..‏وقام ببطولته في نسخته العربية عبدالله غيث ونسخته العالمية انتوني كوين‏,‏ حيث رفضت الرقابة التصريح بعرضه في مصر وسوريا ومعظم الدول العربية وهو الفيلم الذي اشترته وزارة الدفاع الأمريكية لعرضه علي الجنود قبل الحرب علي أفغانستان‏.‏

قدم العقاد أيضا للسينما العربية والعالمية فيلم عمر المختار‏(1981)‏ بطولة أنتوني كوين‏..‏ قدم أيضا مجموعة أفلام سلسلة هالووين التي حققت أعلي الايرادات في السينما الأمريكية‏..‏ والذي تحدث عنها قائلا إنها أفلام تجارية تهدف الي الربح‏,‏ تعاون فيها مع المخرج جون كاربنتر والممثلة حامي لي كيرتس‏.‏

ولد العقاد في حلب بسوريا عام‏1933‏ وهو متزوج من أمريكية وله منها ثلاثة أبناء‏:‏ طارق ومالك وريما والتي لقيت حتفها معه في العملية الإرهابية الأخيرة‏.‏

الأهرام اليومي في

16.11.2005

 
 

صفعة رحيل العقاد

دارين محمود إبراهيم 

لا ينبغي أن يمر خبر وفاة المخرج السوري مصطفى العقاد مرور الكرام.. فهو برأيي يحتاج لعدة محطات توقف وتأمل وحسرة.. حسرة على مواهب كانت أشبه باللآلىء المدفونة في رمال الصحراء، فهذا المخرج العالمي المتميز كان يريد أن يترك بصمته المميزة قبل أن يمضي.. كأنما كان يدرك أنه سيرحل بهذه الطريقة الغريبة، التي لا زلنا عاجزين عن استيعابها، عاجزين عن كشف مبرراتها وأهدافها، فمن المستفيد من قتل أبرياء.. كان منهم المخرج مصطفى العقاد وابنته؟ ربما كان مقتله بمثابة جرس الإنذار لنا، ففي السابق كنا نسمع عن موت المئات منخ خلال تفجيرات عديدة في أماكن مختلفة من العالم العربي، لا بل والغربي، وكنا نحزن.. نتألم.. نتحسر.. نسأل عن المسؤول وعن دوافعه ولا نجد إجابة شافية.. ثم.. ننسى الضحايا.. أما اليوم فالضحية كانت شخصية عالمية شهيرة، تصادف وجودها هناك، ربما لتخبرنا عن حجم المأساة، لتجعلنا نتجاوز مرحلة رد الفعل. ونفكر جدياً في العمل الفعلي القادر على إصلاح هذا الوضع، القادر على حمايتنا من هذه التفجيرات التي قد نكون نحن ضحاياها ذات يوم!

لست أدري ما الذي يمكننا عمله بعيداً عن الحسرة والحزن! ولكنه على الأقل ينبغي لنا أن نتوقف عند العقاد نفسه، الذي أنفق معظم ما يملك على إنتاج الفيلم العالمي “عمر المختار”، كأنما كان يدرك أنه راحل ذات يوم وأن المال يوماً لم ينفعه ولن يبقى له إلا عمل مميز أنجزه ليخلد اسمه بحروف من ذهب، كما أنه رحل ليترك لنا حسرته كإرث إجباري لا بد وأن يصلنا، حسرة رجل مبدع ظل لسنوات يبحث عن ممول لفيلم “صلاح الدين الأيوبي” الذي أراد أن يخرجه ليضيف شيئاً الى الإسلام ليحث الناس اليوم على الجهاد.. ولكن دون جدوى، وهو الذي أنفق جلّ ما لديه لإنتاج الفيلم السابق “عمر المختار” بات عاجزاً عن إنتاج هذا العمل، وها هو اليوم يوارى الثرى، وأشعر بحسرة اليائس العاجز عن الإبداع تسكنه وترحل معه إلى مثواه الأخير!

وفاة العقاد، دون أن يحقق حلمه، جعلتني لأيام غارقة في اليأس والحسرة، جعلتني لأيام حزينة على كل مبدع عربي في مختلف المجالات، عاجز عن تسليط الضوء على إبداعه، عاجز عن تقديمه للآخرين بسبب غياب الدعم المادي وغياب الدعم المعنوي في عالمنا العربي للمواهب والإبداعات. فإلى متى تضيع أموالنا على الكليبات الخليعة وعلى الرسائل المخلة بالآداب؟ إلى متى نعمل على هدم الإبداع في نفوس أبنائنا؟ إلى متى يغيب الدور الفعلي للمدارس والجامعات لتتحول الى مؤسسات تلقينية لا أكثر؟

وفاة العقاد بهذه الصورة هي بمثابة صفعة لنا علّنا ننقذ الإبداع العربي قبل انهياره.

الخليج الإماراتية في

18.11.2005

 
 

لقطات.. لم يصورها مصطفى العقاد ..

شعر: يوسف رزوقة*

لقطة مبكرة:
قبل اصطفاق الباب خلف فراشتين
أقام كاميكاز جنته الآخيرة 
وارتمى في نارها العظمى
وقد أكلته..
حتى لم يعد ليديه سلطان ليحكم
أو مجرد رجفة
ليحسّ ¯ و هو مفخخ ¯
بسعادة امرأة لها حق اللجوء إلى أب ..
ما عاد غبّا من هناك
مدججا بالحلم الاّ كي يموا
بطعنة في القلب
قبل بلوغه السبعين /
قبل بلوغه ريما
- وقد سقطت على مرمى يديه ¯
ولم تقل حتى سلاما للمكان
¯ هذيان مرحلة:
كأن رسالة العقاد, كاميراه, كل جنونه الورديّ..
توطئة لفيلم قادم,
عنوانه: عرس الدم
لقطة جانبية:
لا تسألوا ريما فريما قد قضت
لا تسألوا العقاد
كيف تعقّدت أرواحنا
حتى انتهى تاريخنا الدموي
عقدتنا اليتيمة
- نحن أبناء النظام الفوضوي-

أسطورة العرب انتهت
معها انتهى ¯ من حيث ندري ¯
كل شيء, كل شيء, كل شيء ممكن لنكون 

هل لنكون ..
يلزمنا هنا و الآن, حتما,
مثل هذا الانتحار ?
أو الشعور بأننا نبلاء من فئة الطغاة ..
نموت
حتى لا نرى امرأة تقود قبيلة ?
ونحب لوركا راقصا في عرسه الدموي?.
هل لنكون ..
يلزمنا الصعود إلى الحضيض
بمثل هذا الاشتباك الانتحاري, الدخيل
مع الحياة ?
أو الحياة
بمثل هذا الموت في صحراء لا تفضي
- إذا أفضت غدا ¯
إلا إلى الصحراء ?.
هل لنكون.
يلزمنا التحصن, مرة أخرى, بأندلس الجدود
وكل سكان الخريطة من فلاسفة إلى علماء
- لو يدري الغراب ¯ جدودنا ?
 
لا تسألوا ريما فريما قد قضت
لا تسألوا جرش بن عبد الله
عن حمّى عروس ما احتمت بعريسها
إلا لينفجرا معا
في صرخة مادت لها
في كل عمان الجبال السبعة ..
اسألوها الآن ..
كيف تململت قهرا
مساء الاربعاء, جبال عمّان ..
أسألوها
كيف دبّت رجة في كل شيء قائم
فتهالكت من ثمة امرأة على بيت من الشعر القديم
و من على الكرة, الكؤوس تدحرجت
حتى تشقق, في الطريق إلى الشفاه, فراغها ..
لا تسألوا ريما فريما قد قضت

أما أبوها
- وهو يجلس بين كاميراه و التاريخ ¯
ينتظر انهمارة ضوئها
في ليل لحظته الأخيرة ..
فأسألوه..
* تونس

الرأي الأردنية في

18.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)