كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فيلم يعقوبيان.. ضحية الدعاية المفرطة

منى الغازي 

عن فيلم

عمارة يعقوبيان

   
 
 
 
 

حين بناها الخواجة يعقوبيان كانت أفخم عمارات القاهرة سكنها العظماء وعلية القوم من الأجانب وباشوات ذلك الزمان، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فيفر اليهود والأجانب وتقوم الثورة وتسقط شقق العمارة تدريجيا وينهار مستوى العمارة ويأتى الانفتاح ويتسلمها الغوغاء.

بهذا المعنى تقريبا يفتتح فيلم عمارة يعقوبيان فى تعليق يتوسط التترات أداه النجم يحيى الفخرانى، وهو معنى لا يوجد له صدى فى الرواية الأصلية ولكنه يحمل وجهة نظر صناع الفيلم فى تاريخ مصر الحديث، ولكن دعنا من ذلك الآن ولنقف فقط أمام ما نشاهده على الشاشة وبطرح السيناريو أمامنا نجد أن الفيلم بشكل عام يتكون من خمسة خطوط درامية أو بمعنى أدق خمس حواديت يلتقى ثلاثة منها، ويعيش خطان آخران فى انفصال كل على حدة وباستعراضها نجد أمامنا خط الحاج محمد عزام ذلك المتسلق الذى بدأ حياته بمسح الأحذية وانتهى بعضوية مجلس الشعب وصداقة رجال الحكم ورغم قوة الفكر والمعنى فى ذلك الخط إلا أن بناء شخصية الحاج عزام وابنه وعلاقته بزوجته الثانية وصولا إلى علاقته ب كمال الفولى رجل الحكومة جاء بشكل تليفزيونى سيطر عليه الحوار والأداء البطيء والإيقاع الميت بل وجاء تنفيذ هذا الخط إخراجيا قريبا من الإخراج التليفزيونى دون أى لمحات درامية قوية وهذا رغم وجود الكثير من المتناقضات داخل ذلك الخط الدرامى ولكن معالجتها جاءت سطحية ومعالجة بشكل مكرر رغم أنها كان من الممكن أن تكون أكثر جديه وقوة ولم يفلح معها وجود نجم بحجم وقوة وخبرة الفنان نور الشريف، كذلك كانت سمية الخشاب وتامر عبد المنعم، أما الحسنة الوحيدة فى ذلك الجزء فكانت فى الأداء المميز للنجم خالد صالح الذى كانت قوة كلماته الواضحة ونبرة صوته تعطى أبعادا وإسقاطات ذات دلالة على سطوته وسطوة من يتبعهم.

الخط الثانى المستقل هو ابسط وأكثر خطوط الفيلم تماسكا وهو حكاية الصحفى حاتم رشيد الذى يعانى من المثلية الجنسية ويعرف بذلك كل من حوله ولكن لحساسية منصبه لا يقدر احد على مواجهته ويتعرض الفيلم لعلاقة حاتم مع شاب صعيدى مجند كعسكرى بالأمن المركزى متتبعا المراحل بدءاً من الالتقاط والتعرف عليه وإقناعه بالدخول فى العلاقة وفشل العلاقة بوفاة ابن الصعيدى انتهاء بوفاة حاتم على يد احد الأشخاص فى علاقة تالية بعد انتهاء الأولى وقد ساعد بشكل قوى على تماسك هذا الخط الأداء المتميز للشخصيتين الرئيسيتين فيه وهما خالد الصاوى وباسم سمره اللذان يظن كل من يراهما فى عمل انهما قد وصل إلى سقف أدائهما ولكن يبدو أن سقف موهبة الصاوى وسمرة لم يتضح بعد حتى الآن، ورغم ذلك فهناك ثغرة وحيدة فى بناء هذا الخط وهى التعارض الشديد بين حالة الحب والهيام القوى من حاتم رشيد تجاه عبده والذى يتضح بشكل قوى فى مشهد اكتشاف حاتم لهجر عبده له وذلك التأثر الشديد الذى وصل فيه خالد الصاوى إلى قمة الأداء فى الشخصية لنجده فى انتقال مفاجئ يسير فى الشارع يبحث عن بديل وهو أمر يسقط تماما كل ما طرحه السيناريو عن فكرة المشاعر فى العلاقة المثلية ويجردها ويحولها إلى شهوة حسية فقط.

الخط الثالث وهو ما يمكن أن نسميه الفيلم الرئيسى الموجود داخل الفيلم فهو حكاية مستقلة تتكون فى داخلها من ثلاثة خطوط رئيسية بفروعها فنجد خط ذكى الدسوقى وخط بثينة السيد وخط طه الشاذلى، وثلاثتهم مرتبطون بعلاقة واحدة فزكى ثرى ويحب النساء وبثينه جميلة وتعانى الفقر وحبيبها طه يعانى إجهاض الحلم، فينفصل طه عن بثينة وتلتقى بثينه مع زكى ويصبح الثلاثى هم الخطوط الممثلة للبناء الرئيسى للفيلم، وبفحص التفاصيل نجد أن الشخصية الأكثر تماسكا فى ذلك الجزء ان لم يكن فى العمل بأكمله هى شخصية زكى الدسوقى التى قدمها النجم عادل إمام ببراعة شديدة وأداء مميز رغم تماس الشخصية مع العديد من الشخصيات التى قدمها عادل فى السنوات الماضية فكان العاشق والمحطم وصاحب الزمن الضائع وفارساً فى عصر انتهت منه الفروسية ومعلقا ومؤرخا وناقدا ومتفرجا وكالعادة أجاد وحيد حامد فى وضع الحوارات لعادل إمام فى ثقة وقوة وحرية لا تسمح للكثيرين غيرة.

ننتقل إلى بثينة السيد وهى نموذج يشبه آلاف الفتيات فى مصر ممن يعانين الفقر ولا يطمعن سوى فى حياه إنسانية ليس أكثر وبشكل عجيب تفوقت هند صبرى التونسية فى أداء الشخصية بشكل يصعب على اى فتاة مصرية أن تصل إليه فكانت فى دور بثينة مصرية أكثر من المصريات.

ثم طه الشاذلى وهو الشخصية ذات الخلل الأعظم داخل العمل ككل فنجده لا يحمل اى شكل من أشكال التفاعل مع أحداث حياته، يضيع حلمه فى الالتحاق بكلية الشرطة دون اى رد فعل وينفصل عن حبه الوحيد أو الحقيقى على حد تعبيره دون اى رد فعل وينتهك ويهتك عرضه دون أى رد فعل حقيقى، وتأتى النهاية فى كبرى مفاجآت طه حين يتعرف على الضابط الذى عذبة وانتهك عرضه من صوت الولاعة وهو استخدام ضعيف جدا دراميا، فمن المؤكد أن هناك مئات بل آلاف الضباط يستخدمون ذلك النوع من الولاعات، وقد جاء اختيار الشاب محمد عادل إمام لأداء الدور اختياراً غير مناسب بالمرة وهذا ليس اعتراضاً على موهبة محمد لا سمح الله ولكن من المؤكد والواضح على الشاشة أن الملابس التى حاولوا إظهارها فقيرة لم تخف الرفاهية الواضحة على محمد والتى تبدو واضحة من أطراف شعره حتى حذائه الكوتشى ذى الماركة العالمية كما يتضح فشله وفشل مروان حامد فى توجيهه فى مشهد مظاهرة الجامعة وفشلهم فى إيجاد النغمة المناسبة لأداء الهتافات.

على هامش تلك الخطوط نبرز شخصيات مؤثرة فنجد دولت إسعاد يونس فى أداء رائع وخبرة وشخصية قوية فى البناء والأداء، ثم فانوس وأخاه احمد راتب و احمد بدير اللذين يشتركان معا فى تمثيل شخصية واحدة ولا ادرى لماذا لم يتم دمجها والغريب أننا نبدأ مع فانوس الذى يعمل منذ سنوات مع ركى ونسير معه وبظهور أخيه يبدأ فى الاختفاء وبدخول بثينة حياة زكى يختفى فانوس دون مبرر، وهناك كريستين يسرا وهى شخصية لن نتحدث عنها لأنها بلا اى داع دراميا على الإطلاق ويمكن إدراك ذلك بمحاولة حذفها ووضع اى شيء مكانها.

لا جدال أن المخرج الشاب مروان حامد فى تقديمه لعمارة يعقوبيان يضع نفسه بقوة داخل قائمة المخرجين الكبار فى جيله وذلك رغم سقوطه فى بعض مناطق الفيلم منها الإفراط الشديد فى اللقطات التسجيلية لشوارع وسط البلد واللقطات التأسيسية التى تسبق اغلب المشاهد فندخل كل مرة إلى العمارة عبر مشهد تسجيلى لها من الخارج وتسبق المشاهد الخارجية لقطات تسجيلية للشوارع وجاء أكثرها وضوحا فى اللقطات التأسيسية لمشهد مظاهرة الجامعة وفيها فكرة هى الهدوء الذى يسبق العاصفة ولكن للأسف لم يكن هناك هدوء ولا عاصفة، وكان أكثر تميزا فى مشاهد الحركة مثل مشاهد التدريب ومشهد المعركة النارية فى النهاية، أما مشهد المظاهرة فينسب الفضل فى خروجه على هذه الصورة إلى المونتير البارع خالد مرعى الذى صنع من حركة الكاميرا المهتزة ومن لقطات لا تتعدى الزوايا الخمس مشهدا مليئاً بالحركة والإيقاع كما يبرز فى الفيلم بشكل قوى مدير التصوير سامح سليم مظهرا براعته بشكل خاص فى المشاهد الخارجية فى شوارع وسط البلد سواء النهارية أو الليلية.

فى النهاية فان عمارة يعقوبيان فيلم توفرت له جميع العناصر ليكون الأفضل، ولكنه للأسف لم يكن على قدر ما قدم له من دعاية أعتقد أنها أتت بنتيجة عكسية.

العربي المصرية في

02.07.2006

 
 

رؤية قاسية لأنها حقيقية

مصر كلها محشورة بين الفقر والاستبداد فى عمارة يعقوبيان

سعيد شعيب 

مصر قاسية أوى على أهلها، محدش يقدر يتحمل ظلمها هذه الجملة التى قالتها الفنانة هند صبرى فى فيلم عمارة يعقوبيان أظن أنها مفتاح لهذا العالم الذى يقترب من الوحشية، إنه عالم مصنوع من الفقر والاستبداد دمر العمارة واهلها.. دمر هذا الوطن، وجعل ناسه يعيشون حياتهم كالأموات، حياة خالية من الحياة.

فالشخصيات فى هذا العمل الكبير كلها تفتقد الأمان، الحلم، ربما باستثناء الوزير خالد صالح فهو يدير آلة ضخمة لحسابه، يعتصر البلد لحسابه وحساب آخرين لم يظهروا على الشاشة، ولكننا نتلمسهم فى كل زاوية من زوايا مصر المحروسة. وحتى شخصية الحاج محمد عزام -أداها الفنان نور الشريف- التى تبدو وكأنها تملك مصيرها بقوة المال، وتعيش زمانها بالضبط لا غيره، تنكسر أمام سطوة من هم أكبر، سطوة من يحكمون لعبة جهنمية، فينكسر هو الآخر رغم أنه أحب نفسه كثيراً وهو يؤكد لابنه تامر عبد المنعم أنه قوى.

هذه البانوراما الضخمة التى كتبها السيناريست الكبير وحيد حامد عن رواية بديعة للأديب الكبير علاء الأسوانى تمثل مقطعا عرضيا من مصر.. مصر الآن وإن كنت أتمنى ألا تستمر هكذا طويلاً.

الفقر هو العنوان الأكبر الذى لا يمكن أن تفلت منه الشخصيات بقدراتها وكفاحها، فطه الشاذلي محمد عادل إمام الشاب المجتهد يرفضونه فى كلية الشرطة لأنه ابن بواب وتدريجياً ينتقل إلى عالم من يحترمونه وتدريجياً يتحول إلى إرهابى ينتقم من الذين اغتصبوه.

وبثينة التى تعمل للصرف على أشقائها وتضطر لتقديم قليلاً من التنازلات الأخلاقية حتى تعيش، فالمجتمع لا يحترمها، ولذلك بكت بكاءً حاراً وهى تغسل ملابسها بعد لقاء جنسى سطحى مع صاحب محل الملابس الذى تعمل فيه.. ولذلك أحبت زكى الدسوقى عادل إمام فقط لأنه احترمها وعاملها كانسانة.

وشخصية احمد بدير وأخيه احمد راتب نموذج آخر لما يمكن أن يفعله الفقر، فليس أمامهما سوى ممارسة الأعمال القذرة غير الأخلاقية حتى يتمكنا من الحياة والصعود الطبقى، مثل نور الشريف الذى كان ماسح أحذية واصبح مليونيرا وعضوا بمجلس الشعب، ففرص الترقى فى كل أركان مجتمعنا لا تعتمد على أى مهارات حقيقية وليس أمام البشر سوى الحياة الخالية من الحياة أو ممارسة الحيل غير الأخلاقية.

ليس هذا فقط هو ما فى العمارة -مصر- فقد مات فيها التسامح الذى يعيش على ذكراه زكى الدسوقى، الزمن الذى كانت فيه مصر ناهضة بجد، ومتسامحة تعيش فيها كل الأفكار والديانات والجنسيات بلا مشاكل، تعيش متجاورة بشكل طبيعى، ولا أظن أن علاء الأسوانى أو وحيد حامد يريدان أن يعيدانا إلى هذا الماضى ولكنهما يدفعاننا دفعاً إلى التمسك بقيم نبيلة، قيم التسامح، وهى التى ضاعت فى فوضى الفقر والاستبداد ومن هنا يبدو عادل إمام غريبا، فهو ابن الباشوات لا يعانى الفقر، ولكنه يعيش فى مجتمع خشن فقد روحه، أخته دولت إسعاد يونس تخطط للاستيلاء على الشقة الكبيرة فى وسط البلد.. وهذا ما يجعله يقرر رغم كل هذه الهزائم أن يبدأ حياته فى الخامسة والستين ويتزوج بثينة الفتاة الجميلة، فربما يستطيعان الحياة.

الفيلم كبير وفيه رسائل كثيرة، ومليء بالشخصيات والأحداث، وهذا هو مكمن الضعف فيه، والقوة أيضاً، بمعنى أن الفيلم مثل الرواية أراد صاحباه أن يقدما مقطعاً لوصف مصر الآن، بانوراما تجتهد فى أن تقول كل شيء دفعة واحدة، وهنا من الطبيعى أن نجد بعض العيوب منها الإغراق فى تفاصيل يمكن الاستغناء عنها وشخصيات يمكن حذفها، ورغم ميلى الشديد لأن يملك السيناريست الكبير وحيد هذه الجسارة، وهو ما كان سيجعل عناصر الفيلم الدرامية أكثر التحاما.. بدلا من أن تبدو كجزر منعزلة، ولكنى مع ذلك أشعر أن هذا العمل كان سيفقد الكثير من زخم اللوحة المشحونة التى أراد رسمها للبلد. وربما يكون سبب هذا الضعف أن وحيد أراد الالتزام تماما بتفاصيل الرواية، بل وبالرسائل التى تحملها.. واتصور أن هذا ما قيد السيناريست فى أن يعتبر الرواية مادة خاما عليه إعادة تشكيلها.. وأظنه لو فعل ذلك لتلافى هذه العيوب.

والحقيقة أن هذا العمل اكتملت له عناصر النجاح.. فريق التمثيل كان يتبارى فى أن يقدم أجمل ما لديه.. مثلاً نور الشريف الذى لم يكن يمثل بصوته فقط، ولكن حتى بعينيه ومشيته الواثقة دون غرور، وعادل إمام الذى رأيته يمثل أكثر بكثير من أفلامه الأخيرة، مثل المشهد الذى يلقى بنفسه على السرير وعلى وجهه ملامح غضب أسطورى والمشهد الذى يفك فيه شعر بثينة.

وعلى نفس الوتيرة احمد راتب واسعاد يونس - لا اعرف لماذا توقفت عن التمثيل- واحمد بدير وطلعت زكريا ويوسف داود وأحمد صلاح السعدنى، كانت مباراة ممتعة فى التمثيل، لكن محمد إمام كان فاتراً إلى حد ما، بمعنى أنه يؤدى بنفس الانفعال تقريبا فى كل المواقف، ربما وقع تحت سطوة شخصيته الحقيقية أكثر بكثير من الشخصية التى يؤديها، ولا اعرف إذا كانت هذه قلة خبرة أم قلة موهبة.. الإجابة ستكشفها الأيام.

والفيلم كانت فيه مفاجآت فنية كبيرة، أولها الفنان خالد الصاوى الذى خرج أخيرا من عباءة الشرير الضيقة إلى رحابة البشر، ليقدم دور عمره دون ابتذال وبحساسية فائقة، وقدرة مذهلة على أن يبث روح الشخصية فى كل التفاصيل.. لقد فرحت من اجل خالد لأن موهبته الكبيرة أخيرا ظهرت فى السينما.

المفاجأة الأخرى كانت فى المونتاج الذى قدمه الفنان خالد برعى، فلم يكن فقط مجرد ترتيب زمنى للفيلم، ولكن أعطاه معنى، مثل الانتقال من غضب عادل إمام إلى وضوء طه الشاذلى، إلى وقوف بثينة على سطوح العمارة فى طراوة الصباح.. ومثل مشاهد المظاهرات أو التدريب العسكرى للجماعات الإرهابية، كما أن المونتير لم يلتزم مثلا فى مشاهد عرس طه بالتتابع الزمنى التقليدى، ولكنه مزج مشهد الزفاف مع مشهد الممارسة الجنسية.

أما الموسيقى التى قدمها المبدع خالد حماد فقد كان عيبها الوحيد أنها تعلو قليلا على حوار الشخصيات، ولكنها منحت الصورة أبعادا عميقة، بل لأنها كانت تتحدث بمشاعر الشخصيات، مثل المشهد الذى كان نور الشريف ينظر إلى الفتاة من خلف زجاج مكتبه أو مشهد اقتحام أمن الدولة لبيت طه، إيقاع غاضب وحزين وسريع ومتوتر.

تصوير سامح سليم حوّل كادرات الفيلم إلى لوحات، ليس فقط باستخدام زوايا مبتكرة بالكاميرا، ولكن أيضاً بالضوء والظل، مثل نظرات طه ووجهه نصف المظلم للساكن وزوجته اللذين يتعاليان عليه وهو يمسح السلم.. أو الكادر البديع من أعلى للضابط وطه متجاورين، فمن القاتل ومن المقتول؟

ملابس ناهد نصر الله كانت مذهلة، ليس فقط بتعبيرها عن الشخصيات، ولكنها تضيف إليها، وتتطور مع تطور الشخصية، مثل ملابس بثينة، أو ملابس ملاك أحمد بدير وأخيه أحمد راتب.

المفاجأة الأكبر فى هذا العمل الهامّ هى المخرج مروان حامد الذى سيطر بفنية شديدة على كل عناصر الفيلم وقدم عملا بديعا ولم يكن فقط مجرد منفذا للحوار.. ولكن هناك إصرارا على أن تشكل هذه العناصر أفقا رحبا لبشر من لحم ودم، فمنح كلمات الحوار على لسان الممثلين طعما ولونا ورائحة.. رائحة مصر القاسية التى نحبها، ومش قادرين نتحمل ظلمها كما قالت بطلة الفيلم.

العربي المصرية في

02.07.2006

 
 

محاولة للفهم

عمارة يعقوبيان: نحو سينما لا تشارك في تغييب وعي المصريين

بقلم: رياض سيف النصر 

لو أن تأثير فيلم "عمارة يعقوبيان" اقتصر علي إثارة الجدل الدائر في التليفزيون والصحافة والبيوت.. حول القضايا التي يطرحها.. لكان ذلك دليل نجاح.

ولو أن الإقبال الشديد علي مشاهدته كشف عدم مصداقية الذين يدعون أن المشاهدين لا يتحركون من بيوتهم إلا لمشاهدة الأفلام التافهة التي أصابتنا بالتخلف العقلي. لاستوجب ذلك شكر الذين قدموا "عمارة يعقوبيان".

لا يهم إذا كان البعض يتفق مع الاطروحات التي قدمها الفيلم.. أو يختلف. بل أن الاختلاف يعتبر دليل صحة وحيوية.

نجح وحيد حامد أن يحافظ علي مضمون الرواية الرائعة ذائعة الصيت لعلاء الأسواني.. وشاركت كتيبة الممثلين والفنيين في تقديم عمل جاد يساهم في إعادة الاحترام للسينما المصرية.

"عمارة يعقوبيان" فيلم يعالج الواقع المصري وفق رؤية صناعه.. وعلينا أن نحترم هذه الرؤية.. سواء اختلفنا معها.. أو اتفقنا.

وإذا كان البعض عبر عن اعتراضه علي الفيلم لأنه يقدم رؤية قاتمة للواقع.. فهذا حقه.. وإن كان لا يخفي علي أحد من الذين شاهدوا الفيلم أن تلك الرؤية تطرح في إطار الرغبة في التغيير إلي واقع أفضل.

ويستحق علي أبوشادي الذي اجاز الفيلم.. كل التحية والتقدير.. لأنه لم يجعل من نفسه وصيا علي المبدعين.. وأكد أن الرقابة ليست خصما لهم.. وتحمل في سبيل ذلك ضغوطا غير مسبوقة في مختلف سنوات عمله علي رأس جهاز الرقابة.

وبالرغم من أن الرقابة ليست مسئولة عن منع فيلم "شفرة دافنشي" لأنه لم يعرض عليها إلا انني كنت أتمني ألا يمنع فيلم من العرض في مصر.. وإن يقاطعه المصريون.. بدلا من اتخاذ إجراء إداري بمنعه.

لقد أنفردنا في "الأسبوعي" بأول مقال نقدي في العالم عن الفيلم بعد أن شاهده الزميل سمير فريد في العرض الخاص.. وأشار إلي أنه حظي بدعاية أكبر مما يستحق. كما فند الأسس الواهية التي يستند إليها معدو "شفرة دافنشي".

واعتقد أن عددا من النقاد كان سينضم إلي ناقدنا الكبير في التصدي للأفكار التي يروج لها الفيلم.. ويكشف الأهداف الخفية التي يسعي إليها. كما يعري الفيلم من أي قيمة فنية.

ولن أضيف جديدا إذا قلت إن المنع لم يعد الوسيلة الناجحة للحد من انتشار الأفلام.. أو الكتب بل أنه أسرع وسيلة لزيادة التوزيع والانتشار في عالم يقال عنه إنه أصبح قرية واحدة.. وفي ظل انتشار مئات القنوات الفضائية التي تعبر عن توجهات مختلفة.. وتستثمر قرارات المصادرة للكتب والأفلام لتحقيق الأرباح عن طريق الترويج للمواد المصادرة.. والتي تجد إقبالا واسعا من الجماهير للتعرف علي محتوياتها.

ولا يخامرني شك في أنه لو سمحت الحكومات بتداول تلك الأفلام والكتب.. لما وجدت الرواج الواسع.

لقد شاهدت بعض رجال في برامج تليفزيونية مختلفة. يحبذون قرارات المنع والمصادرة.. خوفا علي المؤمنين من التراجع عن إيمانهم.

وهذه أضعف الحجج التي تبرر قرار المنع.. خاصة أن أي دين لن يكون بحاجة إلي الذين ينتسبون إليه.. لو تراجعوا عن إيمانهم بمجرد مشاهدة فيلم.. أو قراءة كتاب. لأن هؤلاء يعتبرون عبئا علي الدين.. أي دين.. يفضل التخفف منه.

بالإضافة إلي أن تدخل رجال الدين لمنع أو اجازة الأعمال الأدبية والفنية.. لم يعد مقبولا. وإلا فاننا سنغلق الأبواب أمام الابداع.. والمبدعين.

لقد ناشد بابا الفاتيكان المؤمنين بمقاطعة فيلم "شفرة دافنشي" وكشفت الكنيسة الاخطاء التي تضمنها. ولكنها لم تطالب بمصادرته.. بل أن عرضه في كل الدول الأوروبية فتح باب النقاش الواسع حول ما تضمنه من أفكار ومن المؤكد أن النتيجة حسمت لصالح المتدينين.

وإذا كانت السينما الأوروبية قد أعدت أفلاما عديدة حول السيد المسيح.. لاقت رواجا غير مسبوق. إلا أن هناك اعتراضات عديدة علي تقديم فيلم سينمائي مصري يكشف الأكاذيب التي تروج في السينما العالمية.. ويستند السيناريو الذي أعده "فايز غالي" إلي الإنجيل ويأمل أن يحظي بتأييد الكنيسة. للرد علي ادعاءات "شفرة دافنشي" وغيره من الأفلام التي لا تعبر عن رؤية أصحابها بعيدا عن صحيح الدين المسيحي.

فالمصادرة لم تعد تجد قبولا لدي الجماهير التي تتسع مساحة رفضها للذين يحاولون فرض الوصاية عليها. سواء كانت هذه الوصاية من سلطة مدنية.. أو دينية.

الجمهورية المصرية في

03.07.2006

 
 

ضوء

أفلام للكبار فقط

عدنان مدانات  

تشير المعلومات المرتبطة بعرض الفيلم المصري “عمارة يعقوبيان” جماهيرياً إلى أنه من المخطط له أن يعرض في ثمانين من صالات السينما العامة في مصر، وفي عدد من الدول الأوروبية، وسيكون عرض الفيلم في مصر تحديداً مصحوباً بإعلان يلصق في مداخل الصالات، يشير إلى أن الفيلم: “للكبار فقط”.

عبارة “أفلام للكبار” ذات مدلول تحذيري، وتشير إلى قصر مشاهدة الفيلم على المشاهدين الكبار وحدهم. ومن حيث المبدأ، فإن تصنيف الأفلام وفق أعمار المشاهدين أمر يتعلق بالمفاهيم والممارسات الرقابية. ويفترض في مثل هذه العبارة، من حيث المبدأ، أن تكون من ضمن نظام متبع محدد للتصنيف يأخذ بعين الاعتبار العلاقة ما بين محتويات الأفلام ومستويات الأعمار بعامة. يوجد مثل هذه النظام في الدول ذات الصناعات السينمائية المتطورة في العالم، التي تدل على درجات هذا التصنيف الخاصة بكل فيلم برموز حروفية تطبع في مقدمة الأفلام، غير أن مثل هذا النظام لا يتوفر في صناعة السينما العربية ولا في شروط عرض الأفلام في صالات السينما العربية ومنها صالات السينما في مصر، وهو لا يتوفر فيما يتعلق بالأفلام المصرية كما في الأفلام الأجنبية التي يوجد في مقدمتها تحذير من هذا النوع. وبهذا يمكن القول إن دمج عبارة “للكبار فقط” ضمن سيرورة عرض فيلم “عمارة يعقوبيان” في صالات السينما التجارية ممارسة استثنائية.

غير أن هذه العبارة التحذيرية ليست غريبة عن الجمهور المصري، ذلك أن استخدام عبارة “للكبار فقط” تقليد معتمد منذ سنوات طويلة في العروض العامة للأفلام الأجنبية المرافقة لعروض الأفلام المتسابقة والعروض الرسمية الموازية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يتمتع باستثناءات رقابية نوعا ما. ولكن، إذ يقصد من وراء إيراد هذه العبارة التحذير من، أو بالأحرى، الإفصاح عن أن الفيلم يتضمن مشاهد عري أنثوي وممارسات جنسية، فإن النتيجة العملية لإعلان هذه العبارة تؤدي في واقع الحال إلى تدافع جمهور السينما لمشاهدة الفيلمين وخاصة مشاهدة المناظر التي لا يسمح برؤيتها في العروض التي تقدمها صالات السينما على مدار العام أو الأعوام. وفي الواقع يعود الفضل لهذه العبارة في سد العجز في موازنة المهرجان الذي لا تؤمن له أفلام المسابقة الرسمية ما يكفي من العوائد المالية، مع أن هذه العبارة كثيرا ما تكون مخادعة.

وفي العادة لا تستخدم هذه العبارة في المهرجان بالنسبة لعروض أفلام المسابقة في الصالات الرسمية المخصصة عروضها للسينمائيين والصحافيين والضيوف والتي يؤمها بشكل خاص جمهور نخبوي من هواة السينما غير التجارية والصحافيين والنقاد والسينمائيين، بل تستخدم بالنسبة للعروض الموازية الموزعة على صالات العرض التجارية العامة. ومع ذلك فإن قسماً كبيراً من الجمهور النخبوي المتابع لعروض أفلام المهرجان الرسمية لن يشعر بأي حرج ولن يجد غضاضة في التدافع لحضور فيلم “للكبار” سواء كان الفيلم معروضاً داخل أم خارج المسابقة، ذلك أن الهمّ واحدٌ عند الجميع.

ما كان يمكن إنتاج فيلم: “عمارة يعقوبيان” وتصنيفه تحت بند “للكبار فقط” لولا أن الرقابة في مصر باتت تتساهل أكثر فأكثر مع هذا النوع من الأفلام تحديداً، في حين أن هذه الرقابة، كما هو معلوم، لا تزال تتشدد في مجال السياسة.

فيلم” عمارة يعقوبيان” مقتبس عن رواية بنفس العنوان حصدت نجاحاً تسويقياً ونقدياً ضخماً في مصر، وهي تتضمن، إضافة إلى أمور أخرى، الكثير من الوقائع والعلاقات وخصوصاً المثلية، التي لم يكتف بها كاتب السيناريو بل تعامل معها بجرأة تزيد على ما هي عليه في الرواية الأصلية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفيلم سيعرض هذه العلاقات والممارسات بالصوت والصورة الحية، فعلينا أن نقر سلفا بأن هذا سيزيد الفيلم رصيداً على رصيد.

وكان قد سبق التحضير للعروض التجارية للفيلم في مصر عرض رسمي حضره مئات من الشخصيات العامة والرسمية والأجنبية. وقد ذكرت وسائل الإعلام أن العديد من الشخصيات الذين حضروا هذا العرض الخاص أثنوا على “الحرية” غير المسبوقة فيه، بالمقارنة ليس فقط مع السينما المصرية وحدها، بل مع السينما العربية عامة.

هذه “الحرية” غير المسبوقة بالذات، وليس عبارة “للكبار فقط” ستكون شفيعة فيلم “عمارة يعقوبيان” لحصوله، دون غيره من الأفلام العربية، المصرية خاصة، على امتياز العرض الواسع في صالات السينما الأوروبية، إن حصل ذلك فعلا. فأوروبا مهتمة جدا بتشجيع السينمائيين العرب في مجال منحهم حق حرية التعبير، وأوروبا تظهر رغبتها تلك من خلال تمويلها لأفلام بعض السينمائيين العرب، وتشجيعهم على طرح مواضيع قد لا يجرؤون على الخوض فيها فيما لو أنتجوا أفلامهم بتمويل أو دعم وطني، والسينمائيون العرب، بدورهم، يؤكدون أن ما يدفعهم للحصول على التمويل الأوروبي ليس فقط غياب التمويل الوطني، بل بشكل أساسي ضمان حرية التعبير عن الأفكار والمواضيع التي يريدون الخوض فيها.

من الناحية العملية ولأسباب متعددة، يصعب تطبيق ما تشير إليه العبارة التحذيرية “للكبار فقط”، لكن هذا لا يعني أن هذه العبارة غير ذات جدوى أو أنها من لزوم ما لا يلزم، إذ يمكن النظر إليها من زاوية مغايرة على أنها مجرد تمهيد، أو بداية مرحلة جديدة في الممارسات والمفاهيم الرقابية على الأفلام.

وأخيراً، ليس فيلم “عمارة يعقوبيان” في حد ذاته المقصود بالكلام الوارد أعلاه تحديداً بل العبارة التي تشير إلى أن الفيلم “للكبار فقط”.

الخليج الإماراتية في

03.07.2006

 
 

نواب بالبرلمان يتهمون فيلم "عمارة يعقوبيان" بالاساءة للمصريين 

قدم عدد من نواب البرلمان المصرى طلبات عاجلة لرئيس البرلمان طالبوا فيها بمناقشة العديد من الموضوعات التى يطرحها فيلم "عمارة يعقوبيان" للمخرج مروان حامد خاصة المشاهد التى تتعرض للفساد الحكومى والشذوذ الجنسى التى تركز عدد من مشاهد الفيلم كثيرا عليها.

وأدانت البيانات والطلبات العاجلة التى تقدم بها النواب ينتمى المشاهد التى تضم حكايات فساد رجال الحكومة ونواب البرلمان وتسلط رجال الأعمال إضافة إلى التركيز على الشذوذ كواقع معاش فى المجتمع المصرى وهو ما اعتبره البعض إساءة للمصريين جميعا.

ويقدم الفيلم المأخوذ عن رواية بنفس الاسم شخصيات مختلفة منها الوزير الفاسد ونائب البرلمان الذى جمع ثروته من تجارة المخدرات والصحفى والمثقف الشاذ ومجتمع الحانات وفتيات الليل إضافة إلى قادة التطرف الفكرى والارهابيين المسلحين.

وظهر الدور البارز لنواب البرلمان المصرى فى انتقاد الأعمال السينمائية خلال الفترة الماضية عقب مناقشة إمكانية عرض فيلم " شفرة دافنشي" فى مصر ورفض النواب الفكرة باعتبار الفيلم يشوه عقائد مسيحية ثابتة حتى أن وزير الثقافة المصرى أعلن أمام النواب أنه قرر عدم السماح بعرض الفيلم ومنع توزيع الكتاب المأخوذ عنه.

وحظى فيلم "عمارة يعقوبيان" منذ بدء عرضه باقبال جماهيرى كبير نظرا لجرأة موضوعه والنجوم المشاركين فيه إلى جانب الدعاية المكثفة له حتى أن المؤشرات الأولية للإيرادات تقترب من ثمانية ملايين جنيه مصرى فى الأسبوعين الأولين من العرض فى مصر وحدها وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ الأفلام المصرية.

وبينما التزمت دور العرض التى يعرض بها الفيلم بلافتة "للكبار فقط" حسب قرار الرقابة على المصنفات الفنية إلا أن بعضها سمحت لمن هم دون الثامنة عشرة بمشاهدة الفيلم بعيدا عن أعين الرقابة بحثا المزيد من الإيرادات كما راجت بقوة ظاهرة بيع التذاكر بطرق غير شرعية وبقيمة تزيد عن قيمتها الحقيقية استغلالا للتدافع على مشاهدته.

يضم الفيلم الذى كتبه وحيد حامد وانتجته شركة جود نيوز سينما عددا كبيرا من أبطال السينما المصرية مثل عادل إمام ونور الشريف ويسرا واسعاد يونس وأحمد بدير وأحمد راتب وخالد الصاوى وخالد صالح وسمية الخشاب وهند صبرى ومحمد عادل إمام.

-الألمانية-

العرب أنلاين في

03.07.2006

 
 

سمير الجمل يسأل ببراءة

السؤال المحرج في فيلم «عمارة يعقوبيان» 

·         إذا كانت الواقعية هي نقل ما تراه العين.. فما جدوي الفن؟

·         مع نهاية هذا الفيلم المدهش المبهر كرهت نفسي وبلدي وناسي.. وكل شيء حولي.. ولا أظن أن هذه العمارة هي وطني

·     عمارة يعقوبيان تم تشطيبها فنيا علي أعلي مستوي وتسليمها علي المفتاح، مرة للشيطان بحكم ما فيها من أبالسة.. ومرة لجمهور السينما الذي ضاق بأفلام لعب العيال والتفاهة  

مهما حاولت أن تتفرج علي هذا الفيلم ساكتا لن تسكت ومهما حاولت أن تنظر إليه كعمل فني فقط لن تستطيع لأن عمارة يعقوبيان هي عمارة الاستفزاز كتبها روائي ماهر.. وصاغها سينمائيا كاتب حريف وخبير وحدق.. وأمامنا مخرج شاب هو نسخة أخري ممتازة من شريف عرفة.. والفيلم لم يدخله إلا النجوم أو قل إنه الفيلم الذي يخلو نهائيا من الكومبارس فكل مشهد يلعبه ممثل له اسمه وخبرته ومكانته حتي سمية الخشاب التي كانت تتباهي بهزة رأسها الدائمة في «ريا وسكينة» وجدتها هنا تمثل بجد.. لأن اللعب مع الكبار.. يختلف عن لعب العيال.. أضف إلي ذلك أنك أمام منتج جاء ليصرف لا ليوفر.. مثل الغالبية.. وكل هذا لا يتم اعتباطا لأن الفيلم هو عبارة عن حقل ألغام، أول لحظة تري فيها نجمة داود فوق بوابة العمارة وربما تكون هذه النجمة هي التي أوحت لكاتب الرواية علاء الأسواني بالدخول إلي هذا العالم وإذا كانت البوابة يهودية فهل يصح أن نقول بأن العمارة هي مصر التي ضاقت بفتاة السطح بثينة التي تحاول زميلتها إقناعها بأن التسلية مع صاحب المحل البقرة من خارج ملابسها ليس فيها ما يزعج إذا كانت مقابل عشرة جنيهات وقس علي ذلك باقي الشخصيات وأبرزها الصحفي الشاذ.. الذي يقدمه وحيد في غاية الدقة عند وفاة ابن عشيقه الصعيدي في محاولة لتقديم ملمح إنساني لشخص مرفوض دينا وأخلاقا ولكن مؤسسات المجتمع الدولي تضع علي جدول أعمال كافة مؤتمرات السكان والناس... بند الشذوذ كمادة أساسية.. واللعبة للوصول إلي أوروبا ومغازلة مهرجانات الغرب.. سهل جدا.. تخلص من كل قيمة وكل شيء تحت بند الحرية التي لا سقف لها ولا آخر.. إلا أن يسقط الإنسان منتحرا وفي الدول الإسكندنافية أعلي نسبة من المنتحرين.. ومع ذلك نهلل للحرية الفردية كأنها قدس الأقداس.. وننسي أن ما يصلح لغيرنا لا يليق بنا وأن احترامنا لحرية غيرنا.. شيء مقدس.. بشرط أن يحترم هو الآخر حريتنا وتقاليدنا...لكن أن نتاجر بأعراضنا علي قارعة الطريق تلك هي المصيبة وأن يتصدي لمثل هذه الأمور نخبة من القادرين والمحبوبين والموهوبين تلك هي المصيبة الأعظم لأنني مع نهاية الفيلم المدهش المبهر كرهت نفسي وبلدي ويئست من كل شيء حولي.. ولا أظن أن العمارة هذه هي بلدي.. ولا أظن أن الخمورجية والفلاتية والشواذ والحرامية هم رموزها. صحيح أنهم فينا وبيننا وعلي رقبة أهلنا.. ومع ذلك دور الفن أن يبحث عن نقطة ضوء في نفق مظلم لا أن يزيدها سوءا وإظلاما.

يلعب السيناريو المتقن الذي كتبه ببراعة وحيد حامد الدور الأكبر في الفيلم وهو ينتقل ببراعة من شخصية إلي أخري في تدفق أفقي واتساع عرضي وهذا هو التحدي في كتابة الموضوع الذي يرتكز علي رواية حافلة ومستفزة ومثيرة للجدل.. وبعد السيناريو يأتي دور المخرج مروان حامد الذي قدم لوحات بديعة ومؤلمة للقاهرة من أعلي ومن أسفل.. انه المخرج الذي كشف عورات المدينة كلها علي الملأ.. كأنه أخرج للسينما عشرات الأعمال مع أنه لا يزال في المهد مخرجا.. ويلعب مدير التصوير سامح سليم علي نفس الوتر والمدهش أنه مثل زميله المخرج مستجد سينمائيا ولكنه محنك وفاهم وعفريت خاصة في الإضاءة التي أعطت للفيلم كآبة إضافية زائدة مع نفايات ووساخات شخصيات الرواية.. ولا يمكن الحديث عن مخرج ومصور بدون المونتاج الشيك الراقي لخالد مرعي.. وموسيقي خالد حماد.. بهذه العناصر وبمسح الأرض بالجماعات الإسلامية كلها علي بعض وكل من له لحية وعلي جسده جلباب.. وبالجنس إلي حدود الشذوذ.. سيمر الفيلم إلي مهرجانات العالم وبكل ما فيه من حريفة في طاقم تمثيله المرعب عادل إمام الذي يمثل متحديا الجميع وقد كان دائما وأبدا.. يحب اللعب منفردا.. ويكتفي بذلك وخالد صالح الذي يناطح الكبار.. وخالد الصاوي في دوره المقرف ببراعة وهند صبري المتمكنة ومحمد إمام المفاجأة ونور الشريف وأحمد بدير ويسرا وإسعاد يونس الأكابر.. الفيلم سيجد الكثير من التهليل وكان من الممكن أن يتحول إلي لعنة سينمائية وجريمة.. لولا أن وحيد حامد وزنها بمعلمة.. فالشاب الإسلامي الذي يهتك البوليس عرضه ينتقم منه ومن نفسه.. ويجمع الكادر الدموي الواحد بين القتيلين.. وقد فعلها رأفت الميهي من قبل في فيلمه البديع «علي من نطلق الرصاص» عندما جمع الجاني والمجني عليه في عربة إسعاف واحدة وكان مشهدا لا يقدر عليه إلا الميهي والعملاق كمال الشيخ.

وحيد هاجم الجماعات الإسلامية كالمعتاد وأنا لا أعفيها من البطش والحماقة ولكن التفريق بين الجماعات التي تحمل لقب إسلامية والإسلام ضرورة لكن وحيد يلقي إليك بثمرة فاكهة.. فإذا انشغلت بها ضحك عليك بقرن فلفل في ناحية ثانية.. أو «خابور» مغري «من وحي الفيلم». الغريب في الموضوع وقد شاهدت الفيلم مع الجمهور أن المشاهد الساخنة خاصة مع حاتم رشيد تحولت إلي كوميديا من خلال امرأة كانت تشاهد العرض وهي مسخسخة طبعا لا أدري إن كانت تضحك علي رجال هذا الزمان أم تضحك علي رجال يخصونها هي؟

«عمارة يعقوبيان» تم تشطيبها فنيا علي أعلي مستوي وتسليمها علي المفتاح مرة للشيطان بحكم ما فيها من أبالسة... يستحق كل واحد منهم وسام الانحطاط من درجة الاخص مع مرتبة القرف.. ومرة أخري يمكن تسليم مفتاحها لجمهور السينما الذي ضاق بأفلام لعب العيال والتفاهة وكلم ماما وكلم نفسك، ومرة ثالثة يتسلم المفتاح كل من ساهم في تلك العمارة التي نختلف حولها وقد نرفضها من الداخل ولكننا حتي لا نستطيع تجاهل ما فيها قبلنا به.. أو رفضناه.. وإن كان الرفض هو الأقرب عندي ولكنه الرفض المحترم مع الاعتذار لتعبير «النيران الصديقة».

السؤال الحرج

السؤال الحرج لا يوجه إلي كاتب السيناريو لكن قبله إلي كاتب الرواية هل الواقعية هي نقل فوتوكوبي لما تراه العين في الشارع والحارة والبيت؟ إذا كان الأمر كذلك فما جدوي الفن؟ وما وظيفته؟

ويظل الواقع وهو الأصل أقوي من الصورة المنسوخة وربما الممسوخة ولكن الأخذ من الواقع وإعادة صياغته فنيا.. تلك هي البراعة التي اكتسب بها صلاح أبوسيف لقب أستاذ للواقعية والفن، أما أن يجمل لك الواقع المرير فتقبله وتصالحه وتصفو له، أو يحرضك علي رفضه والتصادم معه من أجل تغييره، ولكن تظل المشكلة الكبري في عمارة يعقوبيان.. أنها معمار هائل.. ومثير وفريد.. لكنك تدخلها من بابها الأيمن.. لتخرج من بابها الأيسر أو تدخلها من الدور الأول وتصل إلي السطح لتنزل علي مفيش.. مثلما طلعت لأن غالبية السكان والشخصيات تتحرك في مكانها باستثناء عسكري الشذوذ الذي يرجع إلي بلدته لكن بعد خراب مالطة وهو الذي يدرك مقدما أن فعلته السوداء يهتز لها عرش الرحمن.. وإذا بالباشا الصحفي الفرفور يقدم له درسا بليغا من وحي فلسفته المعوجة!! أن الزنا هو الحرام بعينه لكن ما يفعله مع العسكري متعة.. لأنه لن يحبل!! وبقدر ما تضحك لهذا التبرير.. يضحك كاتب السيناريو علي الكل ويقلوظ لهم العمامة.. بإحكام. ألم أقل لك إن هذا الفيلم حرامي ابن أكابر قد تساعده علي السرقة بكامل إرادتك بينما تقتل جائعا سرق منك رغيفا ليأكله.

جريدة القاهرة في

04.07.2006

 
 

عرض "عمارة يعقوبيان" على لجنة بمجلس الشعب 

وافقت لجنة برلمانية مصرية على طلب إحاطة تقدم به 112 نائبا فى مجلس الشعب المصرى تشكيل لجنة لمشاهدة فيلم "عمارة يعقوبيان" إثر الجدل الذى أثير حوله مما أثار غضب مثقفين وسينمائيين مصريين رفضوا تدخل مجلس الشعب أو غيره من مؤسسات الدولة لممارسة رقابة على الفن.

وأحال رئيس البرلمان فتحى سرور طلب إحاطة تقدم به النائب المستقل ورئيس تحرير صحيفة "الأسبوع" المستقلة مصطفى بكرى لمناقشة فيلم عمارة يعقوبيان إلى لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب.

وانتقد بكرى فى مداخلة أمام البرلمان بشكل حاد الفيلم لما يحتويه من "مشاهد فاضحة ومناظر صارخة لظاهرة الشذوذ فى مشاه علنية بلغت ثلث مدة الفيلم".

ويشير بكرى الى مشهد فى الفيلم يخاطب فيه النجم عادل أمام، الذى يلعب دور "زكى الدسوقي" وهو مهندس ابن باشا وسكير ومعروف بعلاقاته النسائية، النجمة يسرا، والتى تقوم بدور "كريستين" المطربة ذات الأصول الإيطالية التى تغنى فى أحد المطاعم، قائلا لها أن الله سيغفر لهم 52 بالمئة من ذنوبه بسبب الأعمال الجيدة والصالحة التى قام بها.

وطالب بكرى فى البيان الذى قدمه ووقع عليه112 نائبا من المستقلين والحزب الوطنى الديموقراطى الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين بتدخل الرقابة الفنية لحذف مشاهد الشذوذ والتجديف الدينى من الفيلم الذى يبلغ طوله حوالى ثلاث ساعات.

وكانت صحف حكومية مصرية شنت حملة ضارية على الفيلم بسبب احتوائه على مشاهد تصور قيام ضابط شرطة مصرية بتعذيب واغتصاب ناشط جامعى إسلامى خلال تسعينيات القرن المنصرم.

كما انتقدت جماعة الإخوان المسلمين الفيلم الذى بلغت تكلفة انتاجه حوالى أربعة ملايين دولار ،وهو الأعلى فى تاريخ السينما المصرية بسبب تضمنه "لخمسة عشر مشهدا تصور صحفى شاذ" وهو ما اعتبرته رغبة من مخرج الفيلم مروان حامد وكاتب السيناريو وحيد حامد بالسعى وراء جوائز سينمائية عالمية.

ولم يتضمن الفيلم أى مشاهد جنسية علنية ولكنه قدم شخصية صحفى مصرى يدعى حاتم رشيد جسد دوره الفنان خالد الصاوى وهو مثلى ويأتى من عائلة ميسورة وتربى فى كنف والدين مهملين.

انتقادات

وكان كاتب السيناريو وحيد حامد وبطل الفيلم الفنان عادل إمام ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية الناقد على أبو شادى رفضوا هذه الاتهامات واعتبروا أن الفيلم يناقش حالة عامة من الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى وأن هذه المشاهد تأتى ضمن سياق درامى للتعبير عن هذه الحالة الفاسدة.

واعتبر المخرج السينمائى داود عبد السيد أن البيان الموقع من قبل ربع أعضاء المجلس يشكل حالة من الالتفاف على الفيلم الذى يتطرق إلى الفساد ليحولوا الأنظار عن مناقشة الفساد إلى جانب أخلاقى لا مبرر له قائلا "المشاهد التى يعترضون عليها تعبر عن حالة من الاغتصاب التى تعيشها البلاد وعن حالة من العجز".

من جهتها استغربت الناقدة علا الشافعى أن تأتى هذه الدعوة من قبل صحفى كبير يدعو إلى الحريات وفى الوقت نفسه يبادر هو بتجميع القوى لقمع الإبداع فى إشارة إلى الصحفى والنائب مصطفى بكرى معتبرة أن الحرية كل لا يتجزأ.

وحقق فيلم "عمارة يعقوبيان" الذى يشارك فى بطولته نور الشريف وسمية الخشاب وهند صبرى وخالد الصاوى إيرادات كبيرة منذ عرضه قبل نحو أسبوعين وصلت الى حوالى ستة ملايين جنيه.

وأخذ الفيلم عن رواية شهيرة بالاسم نفسه للكاتب علاء الأسوانى صدرت عام 2002 وتضمنت انتقادات إجتماعية وسياسية حادة حتى أنها أشارت بصورة صريحة لفساد الوزراء وكبار المسؤولين فى مصر.

-وكالات-

العرب أنلاين في

05.07.2006

 
 

"عمارة يعقوبيان" : دفن الرؤوس في الرمال

تقرير: وليد بدران  ـ بي بي سي العربية  

الفيلم رائع ومؤلم ، لدرجة أننى فكرت فى عنوان آخر قد يصلح للتعبيرعن أحداث الفيلم وهو " بكائية على أطلال وطن ! " ........ عبدالكريم نبيل سليمان عامر, الإسكندرية, مصر

 ارفض هذا الفيلم كلية واى فيلم بناقش قضايا جنسيه لاتتوافق مع ديننا الاسلامى لانه يفتح المجال للانحراف عن طريق الفضول للمعرفه ثم يتبعها الفعل من باب التجربه ثم يتبعها الانحطاط والسقوط الى الهاويه وبذلك نصبح مجتمع فاشل يسهل السيطره عليه ودى نتيجه مايبثه الغرب وإسرائيل من سموم ........ ممدوح القاهرة

إن الروايات والأفلام لا تصنع من أجل الترويج للسياحة، ولكن للتعامل مع القضايا الحقيقية في الحياة ....... الكاتب علاء الأسواني  

تشهد مصر جدلا ساخنا حول فيلم عمارة يعقوبيان المأخوذ عن رواية الكاتب المصري علاء الأسواني والذي يقوم ببطولته عادل إمام ونور الشريف وخالد الصاوي وخالد صالح ومحمد إمام وهند صبري ويسرا وكوكبة من النجوم.

وأحداث الفيلم تدور حول شخصيات سكان مبنى يحمل اسم يعقوبيان في العاصمة المصرية القاهرة، وتتشابك وتتوازى الأحداث لتعكس تطورات تاريخ مصر في السبعين عاما الأخيرة.

ويجسد عادل إمام شخصية زكي الدسوقي المهندس ابن الباشا خفيف الظل وهو نتاج امتزاج مصر بالحضارة الغربية، فقد درس وعاش في فرنسا ولكنه محبط من الظروف والأحوال التي آلت إليها البلاد، وهو يجسد روح مصر المتسامحة الليبرالية خفيفة الظل عاشقة الجمال والأناقة.

ويجسد خالد الصاوي شخصية الصحفي حاتم رشيد وهوأيضا نتاج امتزاج الشرق بالغرب، ليس من الناحية الثقافية فقط وإنما لحما ودما أيضا فهو من أب مصري وأم فرنسية، وهو مثقف ومؤمن بقضايا مجتمعه، وهو ذو ميول جنسية مثلية تجعله، رغم إيجابيته الفكرية، مرفوضا من مجتمعه.

وانتهى الأمر برشيد إلى أن يقتل على أيدي أحد رفاقه وذلك ربما في إشارة من المؤلف إلى اعتقاده أن مصر لا يوجد بها مكان لحاتم وما يمثله.

"أقوى مني بكثير"

وهناك أيضا نور الشريف أو الحاج عزام وهو تاجر المخدرات الأخطبوط الذي يرتدي قناع الدين ويبرر به كل شئ حتى تجارة المخدرات "فالمخدرات لم يحرمها الاسلام" على حد زعمه، ولكن عندما تعارض الدين مع رغبته في إجهاض زوجته الجديدة "سمية الخشاب" لم يتردد قط في أن يضرب عرض الحائط بالدين.

ويعكس الحاج عزام نموذجا مشوها أفرزته مرحلة الانفتاح و"البتروإسلام" والتي استطاع من خلالها ماسح أحذية سابق وتاجر مخدرات حالي أن يصبح عضوا في مجلس الشعب بعد أن دفع الثمن (مليون جنيه) ليثير في المجلس الموقر قضايا تافهة مثل فتيات الاعلانات.

ويرتبط بهذه الشخصية بقوة شخصية الوزير الفاسد كمال الفولي التي يجسدها خالد صالح الذي باع مقعد مجلس الشعب للحاج عزام، ولم يتردد في إفساد قضية مخدرات ثابتة ضد عزام ليشاركه ثمار تجارته غير المشروعة.

ويقول الوزير الفولي عن نفسه "إنني مجرد واجهة لمن هو أقوى مني بكثير".

ومن سكان المبنى أيضا الفتاة الصغيرة الحسناء بثينة، هند صبري، وهي فقيرة بسيطة تتعرض للتحرش لفقرها لدرجة أن تاجرا عربيا ينتهكها مقابل الفتات فعندما طلبت عشرين جنيها أجابها أن عشرة تكفي.

ولكنها عندما وجدت "الصدر الحنون" ممثلا في زكي الدسوقي "عادل إمام" رفضت خيانته وبيعه رغم الاغراء المادي الكبير بما يعكس جوهرا ثمينا لم يلوثه الفقر والحاجة.

وبثينة تائهة بلا روح ولكن معدنها النفيس أبى عليها الاستمرار مع الشاب الذي أحبته طه ابن البواب بعد سقوطه فريسة للتطرف فقد رفضت الاستجابة لأفكاره المتخلفة والمتطرفة.

وربما يعكس ذلك رؤية المؤلف لمصر البسيطة التي ترفض السقوط في شباك التطرف.

وأما طه ابن البواب المتفوق الذي كان يحلم بأن يخدم وطنه في الشرطة فحال دون طموحه الفقر وتواضع الأصل الأمر الذي دفعه دفعا إلى أحضان التطرف وقد ساهم رجال وزارة الداخلية باعتدائهم عليه وانتهاكهم عرضه في تحوله إلى العنف.

الروح والجسد

وفيما يعكس اعتقاد المؤلف بأن هذا النموذج أيضا لن يكون له مكان في مصر، نرى مشهدا رائعا يلقي فيه طه حتفه إلى جانب ضابط أمن الدولة الذي كان وراء مأساته.

ورغم الأجواء القاتمة التي يثيرها نجاح الحاج عزام واستمرار تحالفه مع الوزير كمال الفولي بما يعكس واقعا يثير الكثير من التشاؤم، فقد جاءت خاتمة الفيلم لتحمل الكثير من الأمل.

فقد عادت روح مصر إلى جسدها في مشهد زواج زكي الدسوقي وبثينة.

واتسم أداء الجميع بالسلاسة والبراعة وخاصة خالد الصاوي الذي أدى دور المثلي بعبقرية وانتزع ضحكات الجمهور كثيرا وهو يحاول أن يبرر لرفيقه مجند الشرطة ما يقدمان عليه بأن "الزنا هو الحرام لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب ولكن الرجال لا يحملون والله غفور رحيم".

صورة غير نمطية

وعلى عكس الصورة النمطية للمثلي والذي لا يظهر إلا نادرا في الأفلام المصرية بشكل يثير الاشمئزاز والسخرية فان مساحة دور حاتم رشيد كانت كبيرة ورئيسية سواء في الرواية أو الفيلم.

ورغم اغراق الجمهور في الضحك في كل مشاهد الصاوي إلا أن المشهد الذي بكى فيه لدى اكتشاف رحيل رفيقه "عبد ربه" أظهر مدى تفاعل المشاهدين معه حيث سكت الجمهور وكأن على رؤوسهم الطير.

كذلك أداء خالد صالح اتسم بالبساطة والتألق في التعبير عن الوزير الفاسد بلفتاته وسكناته ولزماته.

وهند صبري، وهي ممثلة تونسية، جسدت دور بثينة الفتاة المصرية الفقيرة الحسناء بشكل مقنع للغاية.

واتسم سيناريو وحيد حامد بالسلاسة والانسيابية، كما جاء التصوير بديعا في التعبير عن المراحل التاريخية المتابينة والتحول والتلون بين الشخصيات المختلفة.

وإذا كانت هذه هي تجربة الاخراج الأولى لمروان حامد فانها تضعه أمام مشكلة كبيرة وهي ضرورة الحفاظ على هذا المستوى الذي أثمر فيلما من أروع ما أنتجته السينما المصرية ومن أكثرها كلفة انتاجية.

ويرى المعسكر الليبرالي أن التاريخ سيتجاوز أولئك الذين يصرون على دفن الرؤوس في الرمال من منطلق "كله تمام يا أفندم".

وأما المعسكر المحافظ الذي يخشى المساس "بالوطن أو الأخلاق" فانه يلجأ إلى سلاح المنع في مواجهة ما يراها تجاوزات وقد انتصر هذا المعسكر في معركة فيلم ورواية شفرة دافنشي بعد نجاحه في منع عرض الفيلم في مصر بل وتم سحب الرواية من الأسواق.

ومن جانبه، أعرب الكاتب الأسواني عن أسفه لهذا الجدل المثار. وقال "إنه أمر يدعو للأسف، إذ كيف يمكن لفيلم أن يشوه بلدا عظيما كمصر".

وأضاف قائلا "لماذا لم تشوه الأفلام التي تناولت المثلية دولا كايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة".

وأردف قائلا "إن الروايات والأفلام لا تصنع من أجل الترويج للسياحة، ولكن للتعامل مع القضايا الحقيقية في الحياة".

ومازالت المعركة مستمرة، ولكن إذا تم قطع أجزاء من الفيلم أو حظره فان الجمهور هو الخاسر الوحيد لحقه في الاختيار بين أن يشاهد أو لا أو يقبل أو يرفض.

الـ BBC العربية في

07.07.2006

 
 

خالد الصاوي نجم أعيد اكتشافه‏:‏

يعقوبيان يقتحم بجرأة المحرمـات والتابوهات

علا الشافعي

عمارة يعقوبيان هي رواية عن عمارة متعددة الطوابق‏,‏ ذات تاريخ عريق تقع في وسط القاهرة ومن خلال تاريخ العمارة واختلاف سمات من سكنوا بها وشخصياتهم نجح د‏.‏ علاء الأسواني في تسطير تاريخ مصر من بعد ثورة‏1952‏ وحتي اللحظات التي نعيشها‏,‏ رصد التناقضات الحياتية الرهيبة التي أصبحت تحكم سلوكنا‏,‏ والتحولات غير المنطقية التي أصبحنا نعيش في ظلها خانعين‏,‏ وبناء علي هذه الرواية التي تقدم صورة بانورامية للمجتمع المصري‏,‏ وترسم بورتريه محدد الملامح يغوص في العمق علي الرغم من سوداويته‏.‏

جاء الفيلم السينمائي متسقا تماما مع النص الأدبي محاكيا لروح النص دون زيادة أو نقصان ونجح صناع العمل في تقديم تجربة سينمائية مختلفة يستحقون عنها التحية الإنتاج السخي‏,‏ عبر مروان حامد وإدارته لهذا الكم من الممثلين‏,‏ ونجوم العمل‏,‏ والفنيين وذلك بغض النظر عن أن الفيلم لا يضعك في حالة وجدانية أو فكرية بل هو فيلم ممتلئ بالشخصيات الثرية تعشق بعضها بعضا وتتعامل مع الأخري بحيادية‏,‏ وتتأمل الأخري بحثا عمن يحاكيها‏,‏ وإذا كانت الرقابة تعاملت بأفق واسع مع يعقوبيان وما ورد فيه من جرأة في الحوار‏,‏ وحديث في التابوهات مما جعل الجمهور ينقسم حول الفيلم ما بين مؤيد لجرأته ومعارضا لهذه الجرأة بحجة الحياء والعيب‏,‏ يعقوبيان من خلال شخصياته الثرية دراميا‏(‏ زكي باشا الدسوقي‏,‏ وبثينة‏)‏ نكأ الجراح وتحدث في كل المحرمات التي نعرف بوجودها‏,‏ لكننا نتجاهلها دوما‏,‏ لذلك فأكثر الشخصيات التي تستحق التحية والاحتفاء بها في هذا العمل‏,‏ هي الشخصيات التي أخذت عبء المجازفة وتحديدا خالد الصاوي ـ في دور حاتم رشيد الصحفي المرموق والمثلي الجنسية‏,‏ وباسم السمرة في دور عبد ربه عسكري الأمن المجند والذي يدخل في علاقة آثمة مع حاتم‏,‏ هذان النجمان قبلا تحديا حقيقيا لشخصيتين تثيران الجدل‏,‏ ورفض الكثير من النجوم تأديتهما بحجة أن هذا النمط من الشخصيات يؤثر سلبا علي شعبية الفنان الذي يقدمها‏.‏

السينما‏..‏ تدفن رأسها

طوال تاريخها كانت السينما المصرية والعربية تصر علي تجاهل شخصية ‏(المثلي الجنسية ـ أو الشاذ جنسيا‏),‏ وذلك طبقا للدراسة التي أجراها جاري ينكوتش حيث رصد الطريقة التي كانت تتعامل بها السينما المصرية مع هذه النماذج حتي قبل ثورة‏1952,‏ حيث كان يتم الالتفاف حول هذا النموذج من خلال تقديم شخصية الرجل المائع‏,‏ الذي عادة ما يكون لصيقا بالراقصة‏,‏ أو يعمل في أحد بيوت الدعارة فهو عادة شخص مشكوك في أمره ورجل غير مكتمل الرجولة‏,‏ إلا أن هذه الشخصيات وكما قدمتها السينما المصرية عادة ما يملكون الحكمة والسخرية من الحياة وخفة الدم وأيضا هم شديدو النفعية‏,‏ ومن النماذج شخصية كرشة في رواية زقاق المدق للكاتب نجيب محفوظ والتي قدمها محفوظ بشكل واضح‏,‏ رجل يقوم باصطياد الرجال أي مثلي الجنسية وكل الحارة تعرف ذلك‏,‏ ويسألونه أن يرجع عن هذا الطريق وهو يرد عليهم معلقا‏:‏إن ربنا منذ أن خلق الدنيا وفيه بني آدمين وناس كده‏,‏ عندما قدمت زقاق المدق إلي السينما خشي كاتب السيناريو والمخرج من ردود الأفعال لذلك تم تحويل شخصية كرشة إلي رجل مايع وخرع‏,‏ إذن فجرأة الأدب خذلتها السينما‏.‏

وفي عام‏1983‏ قدم الفنان فاروق فلوكس شخصية سكسكة في فيلم درب الهوي ونجحت الشخصية وعلقت مع الجمهور إلي درجة أن كل رجل أصبح يشتبه في ميوله الجنسية يتم إطلاق اسم سكسكة عليه‏,‏ وبالطبع فإن مثل هذا الخوف من ردود الأفعال من الجمهور والعامة تجاه الشخصيات المنحرفة جعل مخرجي السينما يواجهون مشكلة في كيفية رسم هذه الشخصيات التي يعد تناولها تابوها يفوق الحديث في الجنس والسياسة والدين‏.‏

وجاءت صدمة الجمهور مع فيلم حمام الملاطيلي‏1973‏ والذي دارت أحداثه في حمام شعبي يتردد عليه مثليو الجنسية ومن ضمنهم شخصية الرسام التي جسدها يوسف شعبان الذي يقوم بالتقاط الشباب من هناك‏,‏ جرأة صلاح أبو سيف تجسدت هنا في مشهد مهم عندما حصل يوسف علي الشاب الذي رغب فيه وجسد دوره محمد العربي‏,‏ ريفي قادم للعمل في القاهرة‏,‏ ويأخذه لمنزله ويبدأ في إعطائه الخمر حتي يتوه من السكر‏,‏ ومن خلال حوار شديد الجرأة ورقصة علي أنغام أغنية لجيمس براون‏LikeSexMachine,‏ وهو المشهد الذي اعتبره جاري في دراسته أقرب مشهد إلي‏Erotic‏ في السينما المصرية والعربية‏,‏ وها هو الرسام يحكي ويبرر للشاب كيف أن علاقته المريضة بأمه والمعقدة حولته إلي عاشق للرجال‏,‏ ثم يدلل بكلام للجبرتي يؤكد علي أن الحرية الجنسية بكل أشكالها كانت متاحة في‏(‏ ق‏18),‏ ويضيف مع الأسف أصبحنا ننظر للمسألة الآن بشكل ضيق‏,‏ وتقاطع مع هذا المشهد مشهد آخر ليوسف وهو يسير في ميدان الأوبرا مرتديا قميصا مشجرا وباروكة شعر طويلة كانت شخصية يوسف شعبان من أجرأ الشخصيات التي قدمتها السينما المصرية‏,‏ وقتها لم يتقبل الجمهور تلك الشخصية‏,‏ وهوجم يوسف شعبان بقسوة وأثر تجسيده لشخصية الرسام المثلي الجنسية علي شعبيته‏,‏ هذا الهجوم جعل السينمائيين يخشون أكثر من الاقتراب إلا في حدود مثلما حدث في عام‏1977‏ في فيلم قطة علي صفيح ساخن‏,‏ لنور الشريف وبوسي وإخراج سمير سيف وانتهي الفيلم بانتحار صديق البطل صاحب الميول الجنسية المنحرفة‏,‏ وهذا حل يرضي الجمهور بالطبع‏,‏ فالشخصية المنحرفة يجب أن تتعرض لعقاب‏!!‏

إلا أن صورة مثلي الجنسية في أفلام يوسف شاهين بدءا من الناس والنيل‏,‏ وإسكندرية ليه‏,‏ وحدوتة مصرية‏,‏ وإسكندرية كمان وكمان‏,‏ جاءت كشخصيات إيجابية دون الاهتمام بتحليل لماذا تحولت الشخصية إلي هذا الطريق‏,‏ وكذلك في فيلمي سرقات صيفية‏,‏ ومرسيدس ليسري نصر الله‏,‏ وأيضا فيلم شحاذون ونبلاء لأسماء البكري‏,‏ والتي قدمت شخصية ضابط منحرف جنسيا‏,‏ دون الغوص في داخلها وعليك أن تقبل الشخصية كما هي إلي أن جاء فيلم ديل السمكة لوحيد حامد وقدم شخصية المثلي الجنسية والتي جسدها الفنان رؤوف مصطفي بتعاطف شديد وشرح لمنطق الشخصية‏.‏

مأزق‏..‏ خالد

تلك هي الخلفية التي انطلق منها خالد الصاوي عندما قبل أن يقدم شخصية حاتم رشيد‏(‏ سينما مرعوبة من التابوهات‏),‏ وجمهور يملك نظرة أخلاقية وثقافة محددة تجاه هذا اللون وحاتم هو ثمرة زواج بين الأب المصري أستاذ القانون الدولي الشهير حسن رشيد‏,‏ عميد كلية الحقوق في الخمسينيات والذي درس في فرنسا وتزوج من سيدة كانت تعمل في بار‏,‏ الأب منهمك في عمله تماما‏,‏ والأم تحتقر الأب المصري‏,‏ والابن لا يجد ملاذه سوي مع الخدم يحصل منهم علي الحنان والمعلومات إلي أن ينتهي به الأمر لعلاقة جنسية مع أحد الخدم‏,‏ البعض رأي أن شخصية حاتم تعبر عن فشل مشروع التحديث علي الطريقة الغربية لأن النتيجة كانت شخصا منحرفا جنسيا‏!‏

لكن خالد اختار أن يجازف بتقديمه للشخصية‏,‏ فهو تعامل مع نفسه علي أنه ممثل خالص الموهبة عليه أن يقدم جميع الأدوار بجميع تنويعاتها وتركيبتها النفسية‏,‏ وإذا كان قد قدم شخصية المثلي الجنسية علي المسرح من قبل وبرع فيها في مسرحية طقوس الإشارات والتحولات لسعد الله ونوس إلا أن المسرح مهما كان الأمر جمهوره محدود ومن النخبة‏.‏

أما الفيلم السينمائي فيشاهده الملايين‏,‏ من هنا تكمن المجازفة وذلك ليس بغريب علي فنان مثل خالد الصاوي الذي أخذ قرارا بينه وبين نفسه بالعمل علي هذه الشخصية‏,‏ وجميع تفاصيله وفي ظني أنه شاهد الكثير من الأفلام المصرية والأمريكية التي قدمت هذا النموذج‏,‏ وقد أهلته موهبته في التمثيل والإخراج والتأليف لخلق تفاصيل كثيرة للشخصية بدءا من المشية‏,‏ اللفتة‏,‏ حركة الأصابع‏,‏ كيفية فتح زجاجة النبيذ‏,‏ وبقدرة عازف عود يملك مهارة وحرفية العزف ـ ملحوظة‏(‏ خالد عازف عود وشاعر أيضا‏)‏ ـ تمكن من ضبط إيقاع الشخصية شديدة التعقيد فهي لرجل يعيش عالمين مختلفين تماما فهو من داخله مسجون داخل مشاعر امرأة حيث يقوم باصطياد الشباب ويتردد علي بارات مشبوهة في وسط البلد‏,‏ أما عالمه المعلن فهو صحفي مشهور ومرموق تتابعه الأضواء ويترأس تحرير مجلة فرنسية تصدر من القاهرة‏.‏

إذا كان الصاوي قد خرج من عباءة تجربة مختلفة حيث شكلا هو ومجموعة من أصدقائه فرقتهم المسرحية الحركة والتي قدمت أعمالا متميزة مثل‏:‏الميلاد‏,‏ وأنطونيو وكيلوبطة‏,‏ وفيلم روائي قصير الحب مسرحية من ثلاثة فصول‏,‏ تلك التجربة جعلته فنانا يمتلك منطقا مختلفا عن السائد ويتعامل مع كل الشخصيات حتي المنحرفة منها بإنسانية وهو بهذا الدور دخل مساحة خاصة جدا كانت السينما المصرية بأكملها تخشي الحديث عنها‏,‏ وانعكس اختلافه وثقافته في تعامله مع الشخصية وردود أفعالها المشهد الذي سأله فيه رئيس قسم التحقيقات في جريدته أن يقدم تحقيقا عن الشواذ جنسيا في مصر‏,‏ كيف تعالي علي المسألة بحركة عين ثابتة‏,‏ ويد مرتبكة وحول دفة الحديث‏,(‏ فهذا هو حاتم الصحفي‏)‏ أما مشهد اصطياده لعبد ربه من الشارع‏,‏ وأخذه للبار ومحاولته التحرش به‏,‏ كيف تحكم في انفعالاته واستطاع بحنكة صائد محترف أن يأخذ عبد ربه معه إلي المنزل‏,‏ والأهم كيف قبل أن يؤدي مشهد استسلام عبد ربه له وذهابه إلي السرير وهو وراءه خالد وباسم سمرة معا‏,‏ كل منهما أدي إلي ارتفاع أداء الآخر وانعكس إخلاصهما للشخصية علي فنيات الأداء‏.‏

خالد الصاوي ممثل بارع يمتلك خصوصية في الأداء ويذكرك في هذا الفيلم بأداء توم هانكس المتميز لشخصية الشاذ جنسيا في فيلم فيلادليفا مع اختلاف تفاصيل الشخصيات‏,‏ حيث ظهرت قدرته كممثل يجعلك تفهم الشخصية بعيدا عن أن تلتمس لها دافعا‏,‏ واستطاع بقوة أن يكون حاتم رشيد وكيف يفكر مثلي الجنسية‏,‏ ولذلك أجمع كل من شاهد يعقوبيان علي تألق خالد الصاوي وباسم السمرة وقد يكون الفارق الزمني والتطورات وانفتاح العالم هو ما جعل الجمهور يتعاطي مع الشخصية بشكل مختلف علي عكس ما حدث مع يوسف شعبان حيث تحول الحديث عن عبقرية الأداء بعيدا عن انحراف الشخصية أو رؤيتها بمنظور أخلاقي‏*‏

الأهرام العربي في

08.07.2006

 
 

باسم السمرة يري أن عبد ربه نموذج للظلم الأجتماعي‏:‏

ليس عيبا أن أقدم شخصية الشاذ جنسيا

أجري الحديث‏-‏ سامي كمال الدين 

باسم السمرة فنان يملك ملامح خاصة تؤهله لأداء الشخصيات الصعبة لذلك كان من الطبيعي أن يحصل علي جائزة أحسن ممثل في مهرجان قرطاج عام‏2000‏ وجائزة أحسن ممثل في جوهانسبرج عام‏2001‏ وجائزة أحسن ممثل في طنجة عام‏2005‏ ويستحق أكثر من هذا لأنه يضفي علي الشخصيات التي يقدمها أبعادا غير متواجدة بالأساس‏,‏ وليس أدل علي ذلك من أجري الحديث ـ سامي كمال الدين
عبقريته في فيلم المدينة وباب الشمس ليسري نصر الله وغيره من الأفلام التي تبشر بولادة نجم يقدم مجتمعه بشكل حقيقي‏..‏ ويطرح رؤيته للشخصية مثلما حدث في دور عبدربه في فيلم عمارة يعقوبيان‏.‏

‏**‏ كيف تم ترشيحك لدور عبدربه في عمارة يعقوبيان؟

من الأشياء الغريبة أنني قرأت الرواية التي أبدعها علاء الأسواني منذ فترة‏,‏ ووجدت متعة لا حدود لها في قراءتها‏,‏ لكني لم أتوقع تحويلها لعمل سينمائي‏,‏ مع أني كلما قرأت رواية تخيلت نفسي فيها‏,‏ والتقيت مروان حامد مصادفة فقال لي إنه سوف يقدم رواية عمارة يعقوبيان في فيلم سينمائي‏,‏ وأنه يريدني في دور عبدربه‏,‏ ففوجئت وكنت متخيلا أنه سيقدمها في فيلم قصير لأنه كان عمل لي لي فقلت له‏:‏ كيف ستقدمها في وقت قصير‏,‏ الرواية متعددة الأحداث والشخصيات‏.‏

لكن مروان قال لي‏:‏ سأقدمها في فيلم مدته ثلاث ساعات‏.‏ ووافقت وسعدت وبدأت التدريبات علي الشخصية بعد ذلك‏.‏

‏**‏ ألم تتراجع في قبول مثل هذا الدور خاصة أن دور حاتم رشيد الذي لعبه خالد الصاوي رفضه كثيرون؟

تضايقت كثيرا من أن يرفض هذا الدور من قبل فنانين عديدين‏,‏ ودهشت من رد الفعل‏,‏ وتساءلت ألا يستوعب من عرض عليهم الدور خلفيات هذا الدور‏,‏ لأن كلما كان الدور مختلفا ولم يقدم من قبل‏,‏ فهذا يعني شيئا جيدا للممثل وإضافة مختلفة لأعماله السابقة‏,‏ ثم ليس بالضرورة حين يقدم الفنان دورا شاذا أن يقال إنه شاذ‏,‏ فآل باتشينو حين لعب دور شيطان لم يقل الناس إنه شيطان‏..‏ الفنانات اللواتي يقدمن دور فتيات ليل‏,‏ هذا لا يعني الإساءة لهن ولكن كلما قدمن دورا مختلفا كان هذا أكثر نجاحا وتواجدا‏.‏

‏**‏ ألم يقلقك التعاون مع مخرج شاب في أول فيلم طويل له؟

علي العكس التعامل مع مخرج شاب مثل مروان أضاف لي كثيرا‏..‏ فإن مساحة التفاهم بيننا كانت كبيرة ويهتم بشغله كثيرا وكان جادا ويحرص علي إتمام عمله بشكل جيد‏.‏

‏**‏ ألم تقف اللهجة الصعيدية عائقا بينك وبين الدور وبالتالي انعكست علي أدائك؟

علي العكس اللهجة الصعيدية لم تكن عاملا معوقا لي‏,‏ وقد قال لي مروان‏:‏ أريد منك أن تقدم لي تصورا عن شخصية عبدربه‏..‏ عن قريته وكيف نشأ ومن أهله‏,‏ نعم أن هذا لم يكن مكتوبا في الدور‏..‏ ولكن مروان كان يحرص علي أن أكون علي دراية تامة بالشخصية‏,‏ وقدمت بالفعل تصوري عن الشخصية‏.‏

‏**‏ ألا تري أن الدور الذي قدمته وهو دور مثلي يؤثر علي صورتك عند جمهورك؟

علي العكس قدمت نموذجا من المجتمع الذي أعيش فيه‏,‏ ثم إنني لا أنظر لمسألة الشذوذ فقط في عبدربه‏,‏ ولكني أنظر إلي عسكري أمن مركزي لديه حرمان وأمي ولا يأخذ حقه في المجتمع‏,‏ ولا يستعمله حاتم رشيد فقط ولكن المجتمع كله يستعمله بأشكال أخري‏,‏ مثله تماما مثل الرجل الفقير الذي يسافر إلي دولة عربية ليرجع بالثلاجة أو الغسالة أو ليشتري بيتا يعيش فيه‏.‏ لقد تعاملت معه كشخصية مطحونة وليس كشاذ فقط‏..‏ عبد ربه هذا الفقير الذي يقف في الشارع ثلاث سنوات مدة خدمته العسكرية‏,‏ وهو لا يعرف لماذا يقف‏,‏ وما الذي يفعله هنا؟

ومثلا هناك نموذج عبدربه في الفواعلية الذي يقفون في الشوارع بحثا عن لقمة العيش كل صباح‏,‏ وعلي وجوههم تري عذاب الدنيا كلها‏,‏ والفيلم كله يرصد حالة مجتمع فيه الفاسد وفيه المفسدون فيه النظيف والسيء‏..‏وجميعنا نتذكر الشاب الذي انتحر وكان مرشحا للعمل في الخارجية وقالوا له‏:‏ أنت غيرلائق اجتماعيا‏.‏

‏**‏ تقصد عبدالحميد شتا؟

نعم وعديدون مثله في هذا المجتمع تنتهي أحلامهم في نهر النيل أوتحت أتوبيس أيضا دور هند صبري في الفيلم هناك الآلاف مثلها الذين يعملون لأجل إعداد جهازها للزواج‏,‏ وتتعرض للذي تعرضت له هند في الفيلم‏.‏

‏**‏ أنت تصر علي أن عبدربه إفراز مجتمع وأنه مظلوم فيما مارسه من شذوذ؟

هو ليس شاذا‏..‏ هو رجل متزوج ولديه طفل والظروف الطاحنة التي تعرض عليه وضغوط حاتم رشيد عليه وضغوط المجتمع عليه جعلته يوافق علي الذهاب إلي بيت حاتم رشيد ولمارسة الجنس معه‏.‏

عبدربه شخصية من لحم ودم‏,‏ تركه المجتمع وحاول دون تحقيق أحلامه‏..‏ لفظه المجتمع اجتماعيا وماديا‏..‏ بل إنسانيا‏.‏

‏**‏ كان أداؤك رائعا في الفيلم ألم تر شخصية حقيقية أوتعرضت لموقف مشابه لعبدربه؟

كل الشخصيات لها مردود في المجتمع السيء والإيجابي مثلا كنت أمشي في الشارع أتابع عساكر الأمن المركزي وأتعامل معهم وأجري حديثا معهم لكي أعرف شخصيتهم وطريقة تفكيرهم‏,‏ فالشخصية كانت تشغلني جدا لذلك عملت علي تفاصيلها كثيرا لأنه كان يجب أن أحقق تواجدي وسط هؤلاء النجوم‏*‏

الأهرام العربي في

08.07.2006

 
 

عمارة يعقوبيان خدش الرياء ولم يخدش الحياء...

وفضح العطن ولم يفضح الوطن!

د خالد منتصر  

إستفز النواب الدعارة الجنسية وشذوذ السينما وتغافلوا عن الدعارة السياسية والشذوذ مع الوطن!

• من كان منكم ينكر وجود الشذوذ فليرجم خالد الصاوى بحجر!

كان الفنان خالد الصاوى على حق عندما قال فى نهاية لقائه فى برنامج العاشرة مساء رداً على إستجوابات مجلس الشعب ضد عمارة يعقوبيان إن عامة الناس قد تعاملت مع الفيلم برحابة صدر أكبر من النخبة أو من نسميهم الصفوة، وكان السيناريست الكبير وحيد حامد صاحب رؤية ثاقبة وحس سياسى وفنى عبقرى حين كتب مشهد عضو مجلس الشعب محمد عزام والذى أدى دوره الفنان نور الشريف وهو يقدم إستجوابه عن الرقص والفيديو كليب والستات السافرات وينسى فساده وفساد بطانته وفساد المؤسسة التى يقدم إليها الرشوة وتجارته فى المخدرات وصعوده الغامض من ماسح أحذية إلى مالك لنصف محلات سليمان باشا!، وتحققت نبوءة وحيد حامد وإنتفض بعض أعضاء البرلمان نفس إنتفاضة الحاج عزام وثاروا من أجل الفضيلة المزعومة التى أهدرت دماؤها على مذبح الفيلم، أمسكوا بالسفاسف والقذى وتركوا الخشب الذى يخرق العيون، هاجوا وماجوا على خيال الدعارة الجنسية وطنشوا على واقع الدعارة السياسية، إستفز مشاعرهم تمثيل الشذوذ الجنسى ولم يحرك فيهم شعرة واحدة حقيقة شذوذ يمارس مع شعب ووطن وأطفال شوارع وملايين ممن ينامون فى المقابر ويرقدون متلاصقين بالعشرات على بلاط حجرة متر فى متر، صدق المثل الشعبى القائل ياوالدى علمنى الهيافه فقال له: تعالى فى الهايفه وإتصدر!.

فيلم عمارة يعقوبيان أعاد للسينما المصرية قوتها ونضارتها وأزال تجاعيد السطحية والترهل والضحالة من على بشرتها السمراء التى لفحتها نار الخصخصة والبيزنس، وأول أسباب نجاحه هو إعتماده على نص روائى للكاتب الجميل اللماح علاء الأسوانى، نص قوى وجميل ومتماسك وملئ بالتفاصيل الكاشفة لمجتمع يحتضر وينتحر، مما أعاد فضيلة الإعتماد على نصوص روائية قوية تمتلك رؤية وفلسفة ونبوءة وهى فضيلة كانت قد غابت عن صناع السينما المصرية منذ إنقلاب إسماعيلية رايح جاى، الفيلم جدارية صريحة وصادمة لزمن وغد، كل شئ فيه قابل للبيع والفصال بداية من الشرف وإنتهاء بالدين، ومروراً بالقيم والمبادئ والإنتماء والوطنية والحب والجنس، ورابطة الدم بين الأخ وأخته التى طردته من الشقة، وعلاقة الأمومة بين الأم وإبنتها التى كان شعارها كل واحد حر فى هدومه!.

زكى الدسوقى أطلال بنى آدم، يعيش بجسده فى هذا القرن أما روحه فتسكن بدايات القرن الماضى حيث زمن الباشوات والوزارة المفقودة وشوارع وسط البلد المغسولة وعماراتها التى ترفض الصعاليك والدهماء، جسده عادل إمام بعبقرية وإحساس عالى وفهم سياسى عميق، أكثر من ثلاث أرباع الماستر سين فى الفيلم هى لعادل إمام ولاأعرف هل هى مقصودة أم لا؟، ويكفى مشهد حواره مع السماء حيث يطلب أوكازيون المغفرة عبر غلالة من الدموع وهو يرفض معادلات التوبة الجاهزة ومزادات الشكليات والطقوس التى يحاول البعض اللجوء إليها كمعنى وحيد للدين، ومشهد رقصته مع هند صبرى على أغنية بياف الفرنسية، ومشهد السيلويت وظلال الحميمية بين الجسد الكهل الذى أرهقته السنون والجسد الشاب الفائر الذى داس على بكارته الزمن ومجتمع السمسرة، ومشهد السكير فى الشارع وهو يستند على كتف بثينة ويصرخ مندهشاً :هل هذه هى مصر بالفعل؟، علاقته مع كريستين هى العلاقة الوحيدة التى أثقلت كاهل الفيلم، بل أستطيع أن أقول أن دور يسرا كاملاً كان عبئاً على الفيلم ومجاملة لامكان لها فى الفن.

بثينة فتاة السطوح هند صبرى غول التمثيل وإعصاره القادم من سهول تونس الخضراء، والتى من فرط تلقائيتها وبساطتها تخدعك وتتجاوز كل حصونك الدفاعية وإحتشادك لكشف المشخصاتية وخطوطك الحمراء وأسوارك الشارونية الفاصلة، وتتسلل إلى داخل قلبك ووجدانك بلاإستئذان، بنت فقيرة كان لديها معنى مستقر للشرف، كانت تظنه مطلقاً غير قابل للمساومة أو التفسيرات الملتوية، ولكن الأم ومن بعدها صديقتها فى محل الملابس ومن قبلهما الأفواه المفتوحة لكتيبة الأشقاء الجوعى، كل هؤلاء ومعهم المجتمع المزدوج النظرة أجبرها على تبنى المفهوم الأولسايز للشرف، باعت المتعة العابرة لصاحب المحل بعشرة جنيهات، وتركت خطيبها شريك الفقر إبن البواب لأن الحب لايولد بين أنياب الفقر، وعملت سكرتيرة لزكى الدسوقى برغم علمها أنه زير نساء، ورفضت إرتداء النقاب وتغطية جسدها فى مجتمع يستبيح أكل اللحم سواء كان مكشوفاً أو محجوباً، فى النهاية كان لها مفهومها الخاص للستر فتزوجت ممن وعدها بالسفر إلى باريس بلد النور هرباً من النار.

الحاج محمد عزام الذى أداه الفنان الجميل نور الشريف، أيقونة ورمز هذا الزمان، تركيبة سحرية لباشا هذا العصر الجديد، صعود سريع من بروليتاريا رثة إلى رأسمالى بلطجى، يمسك بالسبحة ولايترك فرضاً وكل عباراته تبدأ بقال الله وقال الرسول، وتؤكد على أنه لايخالف شريعة الرب، يتاجر فى المخدرات ويدخل مجلس الشعب، ويصعد بمساعدة مايسترو الحزب كمال الفولى (خالد صالح ) هذا الممثل الذى يصبغ الدور ببصمته الخاصة بحيث يكون ماركة مسجلة بإسمه، لايتورع فى أن يشترى الأرملة سعاد ويحرمها من إبنه لقاء إطفاء سعاره الجنسى، ثم يجهضها حين تتجاوز حدود مملكته لتصنع عائلة وسكناً، وعندما يخرج عن النص الشيطانى الذى وضعه كمال الفولى وزبانيته من رموز النظام يتم قرص الأذن بعنف حتى يعرف مكانته، فهذا هو عصر دس الملفات وإظهارها وقت اللزوم، وكل واحد من المؤكد أن له نقطة ضعف وعينه مكسورة.

حاتم رشيد أو خالد الصاوى أهم ممثل فى الفيلم والمفاجأة الحقيقية فى هذا الشريط السينمائى الجميل، ومصدر الجدل الذى إتهمه عضو مجلس الشعب بأنه أساء إلى الذات الإلهية حين تحدث مع عشيقه عن أن الزنا هو المحرم، هذا العضو للأسف وغيره من النخبة السياسية تحتاج إلى دروس فى بديهيات تلقى الفن، ومعرفة أن الشخصية الفنية فى الفيلم لاتلقى بمنشورات أو تتقمص ماتريده سيادتك بالضبط على مقاسك أو مازورتك الأخلاقية، فللأسف تلقى جمهور الصالة البسيط الذى حضر الفيلم هذه الجملة بالضحك والسخرية، وتعاطف أكثر مع مشكلته عندما فهم أساسها النفسى، وأدرك أن الشذوذ من الممكن أن تكون جذوره نفسية أو هورمونية أو سلوكية... الخ، لم يصب هذا الجمهور بالأرتيكاريا مثله، لأن العشيق جندى المن المركزى عبد ربه كان يقول جملة أخرى رداً عليه من منطقه الخاص وهو أن عرش السموات والأرض يهتز لمثل هذه الفعلة وأن الله سيعاقبه، فلماذا إجتزأ عضو مجلس الشعب الموقر هذه الجملة وتغافل عن الأخرى؟، إنه التربص والنظرة الأحادية، وفهم الفن على أنه نظرية من نظريات صدام حسين الذى لم يهتز البعض لشذوذه مع شعب العراق وإهتزوا لشذوذ شخصية سينمائية خيالية، إن شخصية رئيس التحرير الشاذ جنسياً هى نقلة على مستوى التمثيل والأداء، فخالد الصاوى نحتها ببراعة، فلم يكن هو عبد السلام محمد فى سكة السلامه، أو فاروق فلوكس فى أفلام ناديه الجندى، إبتعد عن النمطية وحاول أن يقتنص الشخصية من الداخل فهو رجل شاطر جداً وحاسم جداً فى عمله الصحفى بل يقترب من الديكتاتورية، ولكنه فى حياته الخاصة ضحية ظروف معقدة خلقت منه هذا الشاذ، الفيلم أى فيلم ليس المطلوب منه الوعظ بل المطلوب هو الرصد الحقيقى والصادق، ومن ينكر وجود الشذوذ فليرجم خالد الصاوى بحجر!.

عبد ربه جندى الأمن المركزى الفقير الذى سقف أمانيه أن يأكل ويربى إبنه، يرضى أن يمارس الشذوذ لقاء إحساس بالأمان يفتقده خارج هذا البيت المنمق كصاحبه، الممثل باسم السمرة فى هذا الدور ذكرنى ببدايته مع يسرى نصر الله فى فيلمه التسجيلى عن الحجاب، كان تلقائياً معبراً وكأنه جندى أمن مركزى حقيقى طالع حالاً من المعسكر، إعتراضى الوحيد على أن قتل حاتم رشيد الموجود فى الرواية الأصلية بيد العسكرى هو أصدق وأشد تأثيراً من القتل العابر فى الفيلم بيد شاب آخر، فالخط الدرامى كان متصاعداً ووصل الكريشندو بموت إبن عبد ربه الذى فسره الجندى الغلبان على أنه إنتقام من الله، فكان رد الفعل الطبيعى هو أن يقتل حاتم رشيد، وأنا مستغرب أن يظل عضو مجلس الشعب غاضباً بعد أن قتل السيناريو حاتم رشيد، وأسأله سؤالاً بريئاً :يعملوا إيه فى حاتم رشيد علشان يرضوا سيادتك؟؟؟.

كما برع مروان إبن وحيد حامد فى الإخراج بشكل يدعو لتفاؤلنا بشبابنا الذى نتهمه دائماً بالسطحية لنكتشف أنه أصدق منا جميعاً وأننا نحن الذين قتلناه ونقتله كل يوم، ورجاء خاص لكل من يدخل الفيلم أن يراجع مشهد المظاهرة الرائع والعبقرى فى كل مفرداته السينمائية بمظاهرات أفلام الستينات والسبعينات وحتى التسعينات، المظاهرات النمطية المستسهلة التى تؤدى مجرد تأدية واجب، كما برع مروان فقد أجاد محمد عادل إمام فى دور الإرهابى المتطرف طه الشاذلى، والذى أكد على أن التطرف ليس جيناً وراثياً ولكنه إفراز إجتماعى إنعكاساً لظرف سياسى وإجتماعى، فالطبقة التى تمد أحذيتها فى وجه الجميع وتستعبدهم وتخرج لسانها لهم، إحتكرت حق الحياة وصنعت الجيتو الخاص بها الرافض لأى تسلل من الرعاع، حاول طه الشاذلى التسلل من باب الخدم الخلفى، وبالغ فى التسلل والطموح وحاول أن يدخل مع علية القوم كلية الشرطة، فتم سحله إجتماعياً وعرف أن الباب مغلق، وبعد أن طرد من جنة الأرض لم يعد أمامه إلا جنة السماء ليهاجر إليها، وبعد أن إنتهك عرضه إجتماعياً، إنتهك عرضه جنسياً، فكان إنتقامه دموياً بحجم الإنتهاك والجرم، ولكن لى ملاحظة على أداء محمد إمام بأنه يحتاج إلى بعض تدريبات الصوت ومخارج الألفاظ وتنويع التون الصوتى ففى بعض الأوقات كنت أحس أنه كما يقولون "مونوتونس" أى بإيقاع واحد رتيب صوتياً.

ملاحظة نهائية على الفيلم هو أن نجاحه الفنى كان من الممكن أن يتضاعف لو خرج من أسر تقسيمه إلى بلوكات شخصيات منفصلة ليست بينها علاقات عضوية أو تفاعل حميم، وأعتقد أنه لو تحول إلى مسلسل ستكون الفرصة أمام هذا التفاعل أكبر، فالشخصيات لم تتقابل اللهم إلا المقابلة العابرة بين عادل إمام وخالد الصاوى على السلم، أما غير ذلك فهم يسمعون عن بعضهم دون إختلاط، فالتوازى كان أفضل منه التقاطع، فالأبطال ليسوا قضبان سكة حديد لايمكن أن تتقابل ولكنها شرايين فنية من الممكن أن تتقابل وتتفرع وتتلاحم وتتشابك فتنتج حيوية وعمق أكثر، فى النهاية هذا عمل فنى بديع يستفز الفكر والوجدان وهذه هى غاية الفن، والفيلم لم يخدش الحياء بل خدش الرياء والزيف، ولم يفضح الوطن بل فضح العطن والعفن والسوس الذى نخر فى مجتمعنا حتى النخاع.

• سمير سرحان.. فراشة إحترقت بنار السلطة!

د. سمير سرحان مثقف حقيقى، قام بدور فى منتهى الأهمية فى الثقافة المصرية خلال الربع قرن الأخير، ولكن خطأه القاتل أنه إقترب من السلطة أكثر من اللازم ولم يستوعب أن هناك مسافة لابد له ألا يتخطاها وإلا إحترق كالفراشة التى تقترب من الضوء، ولذلك كانت آخرة خدمة الغز علقة، فقد كان يحضر فى السنتين الآخيرتين مناقشات مشروع القراءة للجميع وتؤخذ آراؤه بإستخفاف من البعض، وتهمل مقترحاته، وهو فى البداية والنهاية مشروعه الذى ولد عملاقاً فى البداية ولكنه قتل بمجاملاته لبعض رؤساء التحرير، وكان غرضه التنوير ومكافحة الفكر المتطرف قبل أن يصبح تجميعاً بلارابط فكرى محدد، إنه جزاء سنمار الذى يناله كل من إقترب قوى قوى، بالطبع لابد أن تخدم بلدك وفى مصر لابد أن تكون الخدمة من خلال إحتكاك بالسلطة، ولكن لتأخذ حذرك بأن يكون إقتراباً بس مش قوى، وكنت قد هاجمت المرحوم سمير سرحان حين صودر ديوان أحمد الشهاوى من مكتبة الأسرة ولمحت إلى أنه يخاف على الكرسى، وحدثنى يومها د. سمير وكان ودوداً، وإندهشت من أنه حارب الجميع لكى يصدر الديوان ثانية، وكانت هذه آخر مرة يتصدى مسئول مصرى لمنع مصادرة كتاب هاجمه مجلس الشعب بحدة، وكنت أمتلك الشجاعة بأن أعترف بأننى أخطأت وتسرعت وإعتذرت له فى صوت الأمة، ولاأنسى له ندوات معرض الكتاب الشجاعة التى أدارها وكان من أهمها ندوة فرج فودة التى ظل يؤنب نفسه كثيراً على أنها كانت السبب فى إغتياله، إن حالة سمير سرحان تستدعى فتح ملف علاقة المثقف الشائكة بالسلطة فى مصر، وهل لابد من الإبتعاد عن النحل لاعايزين عسله ولا لدغاته؟!.

khmontasser2001@yahoo.com

موقع "إيلاف" في

08.07.2006

 
 

"عمارة يعقوبيان".... الرواية والفيلم كظاهرة ثقافية

مداعبة قارئ كسول قبل أن يتجوّل بالرموت كونترول

هاني درويش

ربما أكون من القلائل الذين إستطاعوا الصمود لسنوات أمام الصيت الزاعق لرواية عمارة يعقوبيان، فلم أقترب من الرواية حتى ساعات من كتابة هذا المقال، محافظا على إمتياز عدم السقوط في براثن الدعاية الضخمة لها كرواية أو كفيلم. كان ينتابني إحساس غامض أمام حجم الصخب المصاحب لها سواء سلبا أم إيجابا، ولم أستسلم أبدا لنقاشات كثيرة فجرتها الرواية الحدث بعد تحولها إلى فيلم هو الأضخم إنتاجيا في تاريخ السينما المصرية. كان أكثر التعليقات طرافة، وهو ما جعلني أصبر طويلاً، ما قاله لي أحد الأصدقاء بأنك حين تقرأ الرواية تشعر أنك أمام مسلسل تلفزيوني كتبه أسامة أنور عكاشة، بمعنى أن كاتبها، ربما وهو يتحضر لكتابتها، إستحضر مصيرها كعمل سينمائي قبل أن تخط يده حرفا. لذا أقسمت من البداية أن أرى المعالجة السينمائية أولا ثم أتفرغ لقراءتها متخلصا من قانونها الأساسي وهو قدرتها الفذة على التخييل والمخايلة بأن الرواية تمس أشخاصا معروفين وحقيقيين، ومن ثم أفقدها قانونها الأساسي كرواية تستمد سطوتها في كونها عابرة للخيال مرة بقدرتها على النميمة السياسية والإجتماعية ومرة بقدرتها على نصب كمائن تجعلك تتخيلها في وعاء بصري، وهي الكمائن التي ربما إستطاع علاء الأسواني زرعها بحكمة مفتعلة بين ثنيات نصّ كثيرا ما لجأ خلاله إلى الإيهام بسينمائية تلك الأحداث والشخصيات، مرة بإستخدام طريقة أن هذه الشخصية تشبه ممثلا عجوزا يضع مكياجا.... أو عبر تقديم بعض الفصول بإفتراض أن ما يحدث مشاهد من فيلم ما. لذا كانت مشاهدة الفيلم أولا طريقة مبتكرة لحرق الإيهامات وقتل التخييل الذي إرتضاه الروائي كوسيلة وحيدة لإنجاح روايته.

شاهدت الفيلم متخففا من أحلام الرواية الناجحة، وقرأت الرواية خالية من أي دسم مفتعل، وبقي لي بعد المشاهدة والقراءة كثير من الملاحظات التي تتعلق بموقع عمارة يعقوبيان الرواية والفيلم كظاهرة إجتماعية وثقافية وعلاقتهما بتحليل الخطاب الثقافي العام الذي تعيش مصر تحت ظلاله.

البداية من الرواية التي لايمكن الحديث عن نجوميتها إلا بتحليل مناخ التلقي الثقافي العام لها، جاءت يعقوبيان في لحظة روائية إختصرت معالم الرواية المصرية الجديدة في تيار جديد يعلن سقوط أيديولوجيات الكتابة التقليدية، من إستعارة لهموم إجتماعية أو سياسية أو إيديولوجية، وتبصرها لأنماط جديدة تملك إحساسا تجريبيا يعيد طرح أسئلة التقنية والأسلوب، مرتكزة كذلك على هموم فردية تعاني مأزقا وجوديا كبيرا في لحظة مراجعة شاملة للأفكار الكبرى. فن الرواية وكاتبها صارا رغم ذيوع مصطلح زمن الرواية المبتذل، صارا متهمين ضمنيا بتعاليهما عن الواقع عبر إختيار لغة رمزية تحول الهموم الكبرى إلى مآس شخصية. أصبح هناك مناخ عام يشكك في الوظيفة التقليدية للأدب كمرآة عاكسة بشكل ميكانيكي لأوضاع المجتمع. ومع شيوع روح محبطة بالأساس لقيمة المثقف والكاتب في خضم عالم يمور بفظاعات السياسي والإقتصادي، تراجع التقييم الإيجابي لدور الأدب لدى قطاع تقليدي ظل لفترات مستهلكا للأدب في صورة الأدب المرآة. هذا الجمهور تحديدا والذي ظل يعادي التحولات الهامة في الرواية المصرية الجديدة بصفتها منجزاً نخبوياً متعالياً، هو من إحتفى بعمارة يعقوبيان منذ طبعتها الأولى وحتى الآن، فماذا قدمت الرواية الحدث لذلك الجمهور فأعادته لزمن إستهلاك الأدب؟

الرواية من غلافها الخارجي تدعي وثائقيتها التي ترصد تطور التاريخ المصري الحديث مجسدا في شخوص سكان عمارة يعقوبيان، إنهياراتهم وقياماتهم، تحولاتهم الطبقية، ومن ثم توحي ومن البداية لقارئها بأنها ربما تحمل تفسيرا مغايرا لتاريخ آخر رسمي مشكوك فيه. وهنا طبعا لابد من بعض الإكسسوار الوثائقي الذي يعطي لبنية المفترض فيها المجاز الكامل بعضا من الملامح الواقعية. العمارة محددة الزمان والمكان تظهر بحكاياتها منذ الفصل الأول كحقيقة يردف عليها الراوي وقائع حقيقة تكتسب سمت التاريخ الحقيقي، وهو يغلف شخوصه منذ البداية كجزء من الحقيقة التاريخية التي أكسبها هنا لحما ودما. المدقق لذلك الإكسسوار الوثائقي سيكتشف على الفور روائية مبتسرة وشعبوية للتاريخ، فالثورة الملعونة في كل كتاب حولت العمارة ـ مصر ـ من قطعة من أوروبا إلي موطن للأوباش والصعاليك، والكاتب هنا لايستنكف عن أن يضع تلك الرؤى كحقائق غير قابلة للنقاش أو كنتيجة صافية وقشرية تضمن فخامتها من كونها مكررة ونمطية تعكس نمطا شائعا من تحسر قطاع كبير من المصريين على عصر ما قبل يوليو الذهبي مقارنا بأوضاع الوضع الحالي البائسة. هو إذن يراهن على رؤى يعتقد أنها مغايرة للتاريخ الرسمي فيما هي أضحت التاريخ الرسمي بقضه وقضيضه لدى معظم المصريين.

كل ذلك مدعوما بمعلومات بحثية أرشيفية عن تاريخ العمارة وشخوصها يسقط القارئ الكسول ومن الضربة الأولى في فخ حكاية التاريخ الحقيقي الذي يحاول الكاتب كتابته عبر الرواية. وعلاء الأسواني مستلهما لتقنيات الدراما المتعددة الخطوط للمسلسلات التلفزيونية على شاكلة ملاحم ليالي الحلمية، يعبر بالقارئ إلي شط الإستراحة الذهنية الوثير لمتابعة رحلته التاريخية. هناك من البداية ذلك الحس التربوي المستتر والقمعي لمؤلف يرهب قارئه الكسول بالمعلومة والتحليل السطحي وبعجائبية الشخوص ليمهد له قراءة شيقة ومريحة.

ماذا تعني القراءة المريحة والكسولة؟ تعني التوافق والتواطؤ الضمني بين مؤلف وقارئ إفتراضي على مجموعة من الحقائق. القارئ هنا ليس مدعوا للشك أو التفاعل الجدلي العميق مع ما هو مروّي، الحكاية لا تدفعه لما هو أبعد من التفاعل السطحي لقشرة وعيه. خطاب عمارة يعقوبيان هنا يتماس مع آليات الميديا الجديدة مثل برامج التوك شو والمناظرات الصاخبة، وعي الجماهير المسلوبة إلى التضاريس الخشنة الظاهرية للأفكار؛ وعي لن يشكك في ما يُقدم له ويتعامل مع منجز الأفكار لا مع جذورها؛ وعي جدير بقارئ ربما يترك الرواية ليغير بيده رموت الفضائية بينما هو يتسلي أمام كومة المكسرات الشهية، ويصح هنا التساؤل: كيف بنى علاء الأسواني تلك الرواية بتلك القصدية؟

في إعتقادي الشخصي، ورغم أن الأسواني يؤكد دائما على كونه سكن العمارة المذكورة، إلا أن ما حركه للكتابة لم يكن بأي حال من الأحوال تلك البناية كفكرة مجردة. ما حركه للكتابة إحساس عبثي بضرورة كتابة تاريخ أو وجهة نظر مرتدية عباءة بناية واقعية. حرّكته مهمة كتابة التاريخ ووجهة النظر السياسية فألبسها ثوب عمارة يعقوبيان، مجرد مطية لرؤى نفسية وسياسية وأخلاقية تبحث عن عمارة. ثلاثة مواقف سياسية وإجتماعية مغلفة بروح أخلاقية رجعية، إستطاع توزيعها على ثلاثة خطوط درامية: حكاية ابن الباشا العجوز الذي يؤرخ لإنهيار طبقة ما قبل الثورة، حكاية ماسح الأحذية المليونير بعصر الفساد السياسي، حكاية المثقف المثلي جنسيا، ويتقاطع معها خط من أعلى سطوح البناية ممثلا في شخصية أبن البواب وفتاته. ثلاث حكايات يتداخل فيها السياسي مع الجنسي مع الديني ، فيالها من خلطة جماهيرية تشبه خلطة سينما المقاولات في ثمانينات القرن المنصرم. السياسي فيها يداعب نميمة السياسة حول الوزير القوي كمال الشاذلي، والديني منها يداعب الخيال الذي أرساه وحيد حامد سينارست ميكانيزمات الفقر والإرهاب في الدراما التلفزيونية والسينمائية ـ كان من الطبيعي أن يتحمس وحيد حامد شخصيا لإنتاج الرواية فيلميا ـ والجنسي منها يداعب شخصية صحفية واقعية هي شخصية الكاتب محمد سلماوي، ثلاث إستعارات مجتمعية مسكوت عنها ونعرفها جميعا وإن كانت تشكل خميرة للنميمة السياسية والإجتماعيةوالثقافية، وهي المداعبة التي لايمكن وصفها إلا بالإنتهازية الشديدة لإزدواجية مجتمع يعاني من شيزوفرينيا عميقة، تلاعب بها وعليها الأسواني بمهارة مبتذلة، مهارة إستطاعت أن تعيد جمهورا للقراءة المنتهكة الخيال، جمهورا تمنى أن تعوضه الرواية بخيال أعلى قليلا من الصحافة الصفراء عن كبته الساسي والثقافي. لذا لم يكن غريبا أن تعيد الرواية للقراءة جمهورا ربما كانت الرواية أول عمل يقرأه، جمهورا وجد فيها تنويعا ثقافيا يتماشي مع فضائحية الفضائيات والصحف الصفراء، ولما لا، والراوي إستطاع أن ينطق بصوته الكاره للجميع كل التناقضات، أن يتلون صوته بمهارة أخلاقية فيتحدث بالقرآن عند الحديث عن الجهاد مع الفتى الفقير، ويوصف ممارسات المثلي جنسيا بالأفعال الشائنة، ويتهدج صوته إرتعاشا مع مشاهد الجنس كأي مراهق. يتلون الراوي وفقا للصوت الذي يريد إسماعه للجمهور من متوسطي الوعي، يرطب على وعيهم بطرقه المباشرة وغير المباشر، يجعل إستشهاد الفتى الفقير إسطوريا بلغة أقرب لأدبيات الجماعات الإسلامية، ويتحدث عن المثلي جنسيا بمنتهي التحقير، ويحتقر الأقباط بأكلاشيهية تقديمه لنماذجهم، وكل ذلك يتم على الرغم من ركاكة اللغة وتفكك البناء في معظم الأحيان وإزدواج لغة الحوار بين عامية وفصحى دون مبرر بين ثنايا العمل. ويكمل العمل في النهاية بطريقة الدائرة المغلقة التقليدية، الفتاة الفقيرة تتزوج الأرستقراطي العجوز، والمثلي جنسيا يموت مقتولا على يد صديقه في فورة ضمير متأخرة، والمتطرف يقتل ضابط أمن الدولة ويستشهد بينما يسمع ترانيم وأجراساً وملائكة، فهل هناك نهايات أكثر من ذلك إقناعا للضمير الجمعي للقراء؟

هناك نقطة أخيرة تتعلق بفساد النقد الثقافي في مصر، وهو الفساد الذي وحد قطاعات متعددة من المثقفين للعب دور البروباجندا لرواية متوسطة القيمة، فدهشتي تتضاعف عندما تضع في قائمة من هللوا للرواية كلا على طريقته أسماء مشهوداً لها بالذائقة المتميزة. البعض أبتز الدفاع عنها لصالح رؤاها السياسية، والبعض أبتزته الجرأة المفتعلة والكاذبة للرواية، والبعض هلل على الصدى الجماهيري المرتد للمبعيات منتصرا لعودة الرواية على جدول المستهلكات الشعبية، والبعض وهم كثر إستمرأ الخوض في أسباب تحول رواية إلى ظاهرة في المبيعات وكأنها عرض زائل، وبقيت الكتابات الجادة نادرة للغاية مع حالة الإحتفاء التي توجت في النهاية بإنتاج فيلم هو الأكبر إنتاجيا في تاريخ السينما المصرية. وهذا الأخير جدير بكتابة لاحقة، فما حدث فيه ربما يمثل نتيجة متأخرة لمقدمات الرواية التي راهنت على ما هو أدنى من طموح الرواية لصالح السينما، فجاءت معالجتها السينمائية طموحا أدنى من طموح الرواية، بمعنى آخر وقف علاء الأسواني على السلم، فلم يقترب من فن الرواية ولم يقترب من فن السينما.

المستقبل اللبنانية في

09.07.2006

 
 

حوار مع الكاتب د. علاء الاسواني

الأسواني: الشذوذ الجنسي حجة لايقاف الفيلم

سلوى اللوباني من القاهرة:  

رواية "عمارة يعقوبيان" تعتبر وثيقة هامة وصادمة على تحولات المجتمع المصري في الخمسين سنة الاخيرة، كما اعتبرت من أهم الاعمال الروائية المعاصرة ووضعت كاتبها د. علاء الاسواني في الصف الاول من كتاب اليوم، فهي من أكثر الروايات انتشاراً ومبيعاً منذ صدورها في طبعتها الاولى عن دار ميريت عام 2002، أثارت جدلاً نقدياً واسعاً وضجة إعلامية كبيرة.. وازداد الجدل عند ظهور الفيلم المقتبس عنها لتثير تعليقات وإنتقادات جديدة حتى داخل البرلمان المصري، استمر الاسواني بكتابتها 3 سنوات وترجمت الرواية الى الانجليزية والفرنسية والايطالية وتحقق مبيعات مرتفعة جداً، وهي الرواية الثالثة للاسواني فقد أصدر مجموعتين قصصيتين وهما "الذي اقترب ورأى" و"جمعية منتظري الزعيم"، تحدث د. علاء ل إيلاف عن روايته عمارة يعقوبيان وروايته الجديدة "شيكاغو".. وعن الجدل القائم حول الفيلم.. والسبب في عدم دعوته لحضور العرض الخاص للفيلم...كما دار الحديث حول تأثر مصر بالفكر الوهابي ونتائجه على الفن والأدب...

·         لماذا لم تتم دعوتك لحضور العرض الخاص لفيلم عمارة يعقوبيان في مصر؟

- الموقف غامض.. وقلت لا اعتقد أن يكون سهواً فأنا مؤلف الرواية، ولا عمداً لأن علاقاتي مع الجميع هي علاقة طيبة، فقبل ذلك تم توجيه دعوة لي في برلين ولكن كان لدي رحلة برنامج عمل من قبل الناشر الايطالي لرواية يعقوبيان فلم أستطع الذهاب الى برلين بل وكنت محرجاً لعدم قدرتي على تلبية الدعوة، وشرحت لهم أن نظام النشر مختلف في فرنسا وفي ايطاليا عن العالم العربي، فالناشر يرتب لي عروض لتقديم الرواية ومؤتمرات صحفية فلا أستطيع عدم الذهاب أو الاعتذار فذلك يعني أنني أُخل بعملي، كما أن هذه الرحلات تعمل على زيادة مبيعات الرواية، وأيضاً عندما كنت في نيويورك لحضور مؤتمر أدبي خاص بالرواية كان فريق عمل الفيلم في مهرجان تربيكيا وتلقيت دعوة من المسئولين لمشاهدة الفيلم، أما حول ما نشر عن عدم دعوتي أنا أصدق ما نشرته جريدة المصري اليوم وهو أن هناك اعتراضات أمنية لانني أكتب في المعارضة، لأنها ليست المرة الاولى بل ثالث مرة تحدث معي ولكن ليس كمؤلف، أي في مناسبات معينة وبحضور شخصيات معينة يتم استبعادي مع أنني لست إنساناً خطيراً (ضاحكاً) بل شخصية مسالمة جداً، وأرى أن هناك تناقض في الأمر فهؤلاء المسئولون الكبار أتوا ليشاهدوا الفيلم أي يشاهدوا أفكاري بينما لا يريدون مشاهدتي!! على فكرة أنا كنت نصف متوقع أنه لن تتم دعوتي للفيلم لأن هناك شخصية كبيرة ستحضر الفيلم.

·         ولكنك لم تراجع إدارة شركة جود نيوز المنتجة للفيلم؟

يا سيدتي من أصول المعاملات أن الدعوة لا تطلب ولا تستعجل، الدعوة تأتي أو لا تأتي.

·         هل شاهدت الفيلم؟ وما رأيك بأنه تم حذف بعض الاحداث كما وردت في الرواية؟

- نعم، شاهدته في نيويورك مع فريق العمل وكنت سعيداً جداً وهنأتهم وشاركتهم المؤتمر الصحفي وقضيت اليوم بأكمله معهم، وثم شاهدته في العرض المسائي مع الناس، أعجبني الفيلم جداً إضافة الى المستوى الفني المرتفع للفيلم، ولم اتضايق لحذف بعض الاحداث لأن السينما وسيط فني مختلف تماماً عن الكتابة الادبية له قواعد وظروف مختلفة، أنا كأديب يمكن أن أكتب رواية من 3 الاف صفحة وأنا صاحب الحق الاوحد في العمل، أما في السينما فالامر مختلف لان السينما صناعة وأيضا محكومة بالرقابة وهو الامر الخطير لانها رقابة شرسة، وحقيقة الرقابة قامت بأمر إستثنائي مع هذا الفيلم، وكنت متفهماً عندما دخلت لمشاهدة الفيلم أنني لن ارى روايتي ولكن كان يهمني جداً أن لا يحصل خيانة للرواية بمعنى عدم إظهار رسالة العمل الروائي، ولكن السيناريست "وحيد حامد" ظل مخلصاً للرواية.

·     هناك تعليقات كثير حول الفيلم مثل أنه يشوه سمعة مصر، ويشجع على الشذوذ الجنسي كما جاء في انتقادات النائب مصطفى بكري والبيان الذي أصدره البرلمان المصري، ما رأيك؟

- هذا كلام سخيف حقيقة، كما أنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها يتم توجيه إتهام لفيلم بدعوى أنه يشوه سمعة مصر، وهي بقايا من تفكير استبدادي لا يرضى أن يعترف بمشاكله وإضافة الى ذلك يدل على عدم معرفة بقواعد الفن، وأنا اتحدث هنا بشكل عام فليس من حقي أن أدافع عن الفيلم، فإذا كان العمل الذي يعالج أو يقدم نماذج إنسانية معذبة أو منحرفة يشوه البلد فهذا يعني أن أعظم الافلام الامريكية شوهت تاريخ امريكا، وأن أعظم الافلام والروايات الخاصة بالفن والادب الايطالي شوهت ايطاليا لذلك سينتهي الأمر بنا الى إنتاج أفلام تشيد بعبقرية الرئيس، كما أنني أستطيع أن أتفهم هذا الكلام أو الخلط في المفاهيم إذا كان موجوداً في بلد حديثة أو في جزيرة لم يسمع عنها أحد في المحيط الهادي إنما عندما يصدر من أشخاص في بلد هي من أعرق البلاد العربية على الاطلاق في الفن والادب أعتقد أنه "عيب جدا"، بعد 100 سنة سينما و200 سنة أدب حديث لا زلنا لا نعرف الفرق بين العمل الادبي والنشرة السياحية، أنا لا اكتب رواية لاقنع السياح بقضاء اسبوع في شرم الشيخ لأن هذا ليس عملي، ولا أكتب رواية ضد مصر أو معها بل أكتب رواية لنماذج إنسانية سيقرأها المصري والعربي والاجنبي، رواية عمارة يعقوبيان تحقق مبيعات مرتفعة جداً في فرنسا وإيطاليا وهم لا علاقة لهم بسمعة مصر وغيره، ولكن هل وراء هذا الكلام نوايا صحيحة؟ قد لا تكون صحيحة وهذا موضوع آخر!

·         ماذا تقصد بنوايا غير صحيحة؟

- أنا أرى أن النظام في مصر قد لا يتحمل الفيلم للنهاية، أي أن إحتمالات وقف عرضه مفتوحة، وأنا أضع "مصطفى بكري" جانباً في موضوع البيان الذي صدر عن البرلمان بشأن الفيلم لأنه رجل يدافع عن الحريات عادة.. وأنا مندهش من موقفه جداً، وإنما البقية وهم 111 نائباً  فهم حزب وطني!! وموضوع الشذوذ الجنسي ما هو إلا تغطية على الامور الاخرى في العمل، ومن هذه الامور مثلا قولهم "أنتم تقدمون الارهاب كرد فعل وليس فعل"، وأيضاً أن الذي كان مسئولاً عن التعذيب في التسعينات هو وزير الداخلية الحالي فهو كان رئيس مباحث الدولة آنذاك، إضافة الى ذلك أن العمل يتناول الفساد مما يدعو الناس الى تسمية شخصيات من واقع الحياة يرمز لها العمل، لذلك النظام برأيي لن يتحمل هذا الفيلم طويلاً، وهذه حكاية يقوم بها النظام دائماً أي رفع راية الاخلاق الحميدة والمحافظة على قيم القرية وبدأت من أيام أنور السادات عندما زج بالمعارضين الى السجن قبل اغتياله وقام باصدار قانون العيب، وانه هو كبير القرية ويتحلى بأخلاق إبن القرية، وعادة هذا ما يحصل في الانظمة الفاشية..قد تندهشي من التشابه.... فهذا ما حصل في إسبانيا أيضاً، أي نظام فاشي يعتبر أنه هو الاب فأنت لا تستطيع أن تنتقد الرئيس لانه لا يصح أن تنتقد والدك، لان والدك يرى ما لا تراه أنت، والدك يعرف مصلحتك أكثر منك، لذلك تصوير الرئيس على أنه الاب وتصوير المجتمع على أنه مجموعة من الناس الذين لا يعرفون مصلحتهم وهناك جهة اكبر منهم تعلم اكثر ما يصح لهم وما لا يصح لهم وما يفسد اخلاقهم وما لايفسدها هي منظومة عقلية فاشية، إضافة الى ذلك ما كتبه عبد الحليم قنديل في  جريدة "الكرامة" قال: "أن الرواية ظاهرة في الادب العربي، أما الفيلم فهو يوماً بعد يوم يتحول الى حزب سياسي، فهناك اقبالا يومياً على الفيلم الذي يعتبر استفتاء على تقدير الناس لنظام الرئيس"، لذلك أنا لا اعتقد أن الامر سيُحتمل كثيراً فيستخدم موضوع الشذوذ الجنسي لتغطية إيقاف الفيلم، وأريد أن أذكر أمراً مهماً وهو أن الاخوان المسلمين رفضوا إدانة الفيلم، وكنت متوقعاً الاحتجاج على الفيلم من طرفهم انما رفضوا ادانة الفيلم والتوقيع على البيان.

·         ولكن الجمهور العادي مصدوم ويقول هذه ليست مصر!! مع العلم أن الرواية منشورة منذ عام 2002!

- جمهور السينما يختلف عن جمهور الادب، فالجمهور الادبي هو النخبة في العالم أما جمهور السينما هو من يملك تذكرة السينما، السينما هي فن الجماهير العريضة وهذا في العالم كله ليس فقط في مصر، لذلك متعارف عليه أن جمهور السينما أقل وعياً أما جمهور الادب فهو نخبة كما ذكرت، إضافة الى ذلك في الادب لديك صلاحيات أكثر من السينما، وأنا أتكلم معك الان كمتفرجين شاهدنا الفيلم... في نظري كل ما يحدث هو إيجابي وليس سلبي، أي إذا كان الفيلم يشكل صدمة فهذا أمر ايجابي لانه يجب أن نستفيق، لو فتحت القناة الاولى المصرية أو الثانية ستجدي أكاذيب الى ما لا نهاية... إننا نحن أعظم ناس... وأن كل شئ بخير... وأمور تصل الى درجة الفكاهة، لذلك أرى صدمة الناس شئ إيجابي فهي مصدومة من الاكاذيب التي يغرقها بها النظام عن عظمة مصر وعن عظمة الانجازات، كما يجب أن نترك جانباً هذه النغمة "حكاية مصر وسمعة مصر" لأن مصر ليست شخص واحد، بل بالعكس أنا أقول بأنه يوجد في مصر مبدعون يستطيعون تقديم هذه الصورة وهذا أمر رائع بالنسبة لمصر.

·         من هي الشخصية التي تعاطفت معها أكثر في روايتك؟

- جميع الشخصيات أحبها ولا أستطيع أن أكتب عن شخصية لا أحبها، والشخصيات هي أهم وأصعب أمر في الرواية، أنا أهتم بشخصيات أعمالي وأقوم بوضع التفاصيل الخاصة بكل شخصية على مدى شهور طويلة، تفاصيل كثيرة قد يجدها البعض تافهة ولكنها بالنسبة لي مهمة جداً مثل طريقة الماكياج ونوع السجائر وغيرها من التفاصيل، وهناك روايات كثيرة تفشل لانني غير مقتنع بأن هذه الشخصيات موجودة...يجب أن أرى هذه الشخصيات وأصدقها ثم أبدأ الكتابة، لذلك أقرأ مجلات المرأة لانها مفيدة جداً لي عند الكتابة، كما أقرأ أخبار الحوادث..الجرائم كل ذلك مفيد جدا للتعرف على تفاصيل الشخصيات، وجاء هذا الاهتمام بناء على كلام والدي-المحامي والكاتب عباس الاسواني- قال لي: "اذا كنت تريد أن تصبح كاتبا فيجب أن تكون الكتابة أهم أمر في حياتك، واذا وجدت أن الكتابة ليست أهم ما في حياتك فتوقف عن الكتابة"، لذلك حياتي هي الكتابة.

·         بدأت الرواية بشخصية زكي باشا وانتهت به، هل تقصد أن مصر كانت بالف خير قبل ثورة 1952؟

- بالطبع لا...لأن الروائي لاعب مسرح عرائس ويجب عدم ظهوره أبداً، ليس من المفروض أن يظهر رأيي في الرواية، فمثلاً زكي الدسوقي شخص دمرت حياته الثورة.. من المفروض أن أتحدث بلسانه وليس بلساني، فيخرج كلامه منطقياً بالنسبة لظروفه وشخصيته، يجب أن أتقمص الشخصيات وأتكلم بلسانها إنما آرائي أكتبها في مقالات، وبالنسبة لثورة يوليو على العكس تماماً مما ذكرت.. أنا مع الثورة ويجب أن تعلمي أن مصر لم تكن وسط البلد فقط، مصر كان فيها أشخاص حفاة لا يجدون الطعام، رأيي هو أقرب الى الفكر الناصري أكثر من أي فكر آخر، ولكن في نظري عبد الناصر أخطأ خطأ كبيراً جداً وندفع ثمنه حتى الان وهو أنه كان الزعيم الوحيد الذي كان مؤهلاً أن يتجه بالعالم العربي نحو الديمقراطية ولكنه لم يفعل وهذا هو خطأه، وعدا ذلك... هو حلم... عبد الناصر حلم... هو شخص أكبر من زعيم.. علماً أنني لم أعاصره كثيراً لأنه عندما مات كنت صغيراً في السن، وإضافة الى ذلك أنني تربيت في بيت ضد عبد الناصر لأسباب كثيرة جداً، ولكنني عرفت قيمة عبد الناصر وأنا أدرس في امريكا، كنا مجموعة من الاصدقاء العرب وجئت بوجهة نظر مختلفة عنه ولكني تفاجئت بأن عبد الناصر يمثل رمزاً كبيراً في العالم العربي، فقلت ليس من المعقول أن كل هؤلاء الرفاق الاذكياء جداً يعتزون به وأنا لا أعتز به، فبدأت اقرأ التجربة الناصرية منذ البداية.. فوجدته حلم، وكان معروفاً لدى الغرب أن مرور هذه التجربة بما تحمل من مشاريع وأفكار ستجعل من العالم العربي قوة عظمى... لذلك لا يمكن يسمح بها، وأريد أن أقول لك أن القراءة السياسية للرواية قد جعلتني مهاجماً من أكثر من إتجاه، أي هوجمت من بعض الناصريين بسبب شخصية زكي باشا، وهوجمت من بعض الماركسيين لانني قدمت للارهابي للفاشية الدينية صورة جميلة جداً.. ولكن عادة هذا ما يحصل في أي عمل روائي.

·         هناك جملة مثيرة للانتباه في الرواية وهي "أن الناس يشغلهم الطعام والجنس والحشيش"، ما أبعاد هذه العبارة؟

- أي أن المجتمع تحول تحولاً حقيقياً بناء على التغييرات التي حصلت في مصر فأصبح هناك مجتمع فقير عشوائي ساكن فوق عمارة يعقوبيان العمارة البرجوازية، فأصبح الناس يشغلهم ثلاثة أمور وهي الطعام والجنس والحشيش، وهذا أمر طبيعي جداً لأن الطعام يستغرق 80 % من يومهم.. أي أن يأتي أو لا يأتي.. الطعام بالنسبة لهذا الجتمع الفقير العشوائي قضية كبيرة، أما الجنس فهو ما يخرجهم من حالة البؤس التي يعيشونها، ولا تنسي -في هذا المشهد من الرواية- كل ذلك يتم في غرفة واحدة..العائلة بأجمعها تعيش في غرفة واحدة فممارسة الجنس يتم في هذه الغرفة بعد أن ينام أطفالهم.. فهذا أمر بالتأكيد سيشغل تفكيرهم، أما الحشيش فالناس-الشارع والريف والصعيد المصري- لديهم قابلية نحو الحشيش في مصر أكثر من بلاد أخرى.. وذلك من منطلق أن "الخمرة" حرام وإنما الحشيش لا يعتبرونه حرام فهناك أمور مختلطة لم تحسم في الفقه والاجتهاد، كما أعتقد أن الناس لديها قابلية نحو الحشيش لانه يساعدهم على التكيف مع ظروف الحياة، بينما الطبقة البرجوازية التي تأثرت بالثقافة الغربية فتجدي أن الخمر منتشر بينهم كما في شخصية زكي باشا في الرواية، حتى في الافلام قديماً كان البطل أو البطلة التي تتوحدي معها وتتعاطفي معها في مشهد ما تشرب الخمر وكان أمراً عادياً ومقبولاً، وهذه مشكلة أخرى وهي القراءة المصرية للاسلام والقراءة السعودية الوهابية، وبرأيي الشخصي التأثير الوهابي على مصر كارثة لا تقل عن كارثة عام 1967!!  لأن الدين هو الدين..بينما تختلف القراءة الايجابية عن السلبية له، نحن في مصر استبدلنا القراءة المنفتحة للاسلام بهذه القراءة المنغلقة، فلم يكن يستخدم الدين الاسلامي في العمل الوطني السياسي سابقاً، فمثلا زكي باشا الدسوقي هو إمتداد للثقافة الوفدية الطبيعية بمعنى شربه للخمر لا ينفي وطنيته، سعد زغلول كتب في مذكراته أنه كان يلعب الكرت ويشرب الخمر ومع ذلك كان وطنياً، بينما الآن يستخدم الدين في السياسة والفن والأدب.

·         وما الذي أدى الى تغيير هذا الفكر أو هذه القراءة الايجابية؟

- بدأ التغيير عندما بدأت الأنظمة تستخدم الدين.. وبدأ في عهد أنور السادات الى جانب الدكتاتورية والفساد الى أن أصبحت الحياة مستحيلة على ملايين المصريين، فخسرنا الاكثر تعليماً بذهابهم الى الغرب.. لدينا 150 ألف عالم مصري في الغرب وهم ثروة بالنسبة لأي بلد، أما الاقل تعليماً فذهبوا الى الخليج وعادوا بأفكار إسلامية وهابية ظهرت على سبيل المثال على لباس النساء فتجديهم الان منقبات ويلبسون الجوانتي.. ولا يسلمون على الرجل خوفاً من أن تحسب شهوة!! بعد أن كانت مصر تفخر بأول وزيرة وأول خريجة جامعة، الفكر الوهابي 70% منه جسم المرأة...هذا ما يشغلهم، إضافة الى ذلك أن الفكر الوهابي لا يوجد به حقوق سياسية..بند الحقوق السياسية ملغي، وهذا نص من الفكر الوهابي "أن إجماع الفقهاء أن الخروج على الحاكم المسلم الظالم حرام"، وهذا ما يهم النظام في مصر لذلك أسس وروج له، فالفكر الوهابي يعتبر أن الفتنة المترتبة على الخروج على الحاكم الظالم ستكون أكثر ضرراً من ظلمه!! ومن يعصي ويخالف هذا النص يكون قد خرج عن إجماع الفقهاء!! كما أن الفكر الوهابي لا يحاسب الحاكم على طريقة توليه الحكم ولكن يحاسب الحاكم بعد توليه السلطة، ما أريد أن اقوله أن الاسلام بعيد تماماً عن هذا الكلام... إنما هذا هو فقه السلاطين لحماية الحكام الظالمين، عندما تولى أنور السادات الحكم كان الفكر اليساري قوي جداً في مصر فوجد أن الفكر الوهابي مناسباً تماماً لادارة الحكم، فبقينا نشاهد على التفزيون لمدة 25 سنة وأكثر شيوخاً تصرح بأفكار غريبة لا يوجد فيها أي تحليل موضوعي.

·         هل يمكن أن تحدثنا عن روايتك الجديدة "شيكاغو"؟

- لا استطيع الحديث عن محتواها.. وإنما هي تجربة مختلفة عن رواية عمارة يعقوبيان، وربما الاختلاف بينهما هو أن أحداثها تدور بالكامل في شيكاغو، والأمر الآخر أنها تضم شخصيات رئيسية مصرية وأمريكية، فما هو شائعاً في كتابة المهجر أن الشخصيات الرئيسية في العمل الادبي هي شخصيات أمريكية..أقوم بكتابة هذه الرواية منذ سنتين وستصدر قبل نهاية السنة الحالية عن دار الشروق.

salwalubani@hotmail.com

موقع "إيلاف" في

10.07.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)