كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

سِيَر غيفارا ومارادونا وبولانسكي وأندريوتي وبشير الجميّل في «كان»

هـل هـو درس فـي التـاريـخ أم احتيـال علـى الحاضـر؟

نديم جرجورة

مهرجان كان السينمائي الدولي الحادي والستون

   
 
 
 
 

ليست المسألة حكراً على النتاج البصري العربي، لأن صناعة السينما الغربية تحديداً مهتمّة بهذا النوع الفني. ليست المسألة مرتبطة بالتوجّه الدرامي المصري (مثلاً) إلى استعادة أزمنة غابرة شهدت بروز شخصيات «تاريخية» في مجالات متفرّقة، لأن الغرب لا يتردّد عن العودة إلى الماضي بحثاً فيه عمّا يرفد نتاجه الإبداعي بمواضيع وأسئلة وعناوين عامّة. ذلك أن السِيَر الذاتية لشخصيات مؤثّرة في المجتمعات الخاصّة بها و/أو بالمجتمع الإنساني والبشري العام، لا تزال تُشكّل مصدراً غنياً بالمعطيات الدرامية القادرة على إنتاج أعمال سينمائية وتلفزيونية «نجح» بعضها في طرح أسئلة أخلاقية وإنسانية وثقافية وحياتية مستلّة من مكانة هذه الشخصية في المشهد العام، أو من موقع تلك الحالة التاريخية ومفرداتها المختلفة. وإذا مال النتاج البصري المصري إلى شخصيات تاريخية راحلة (أم كلثوم، طه حسين، جمال عبد الناصر، أنور السادات، الملك فاروق وغيرهم)، فإن النتاج الغربي لا يخشى اختراق الآنيّ، لأنه مدرك قدرة النص الإبداعي على التعاطي السوي والمنفتح والعصريّ مع أناس أحياء لا بُدّ من مساءلتهم من خلال الفن البصري (سينما وتلفزيون، ومسرح أيضاً) في أمور شتّى لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بها.

سِيَر ذاتية في «كان»

أعاد اختيار إدارة مهرجان «كان» السينمائي الدولي أفلاما سينمائية حديثة الإنتاج في برنامج الدورة الواحدة والستين، التي تُقام بين الرابع عشر والخامس والعشرين من أيار الجاري، التقت كلّها عند السِيَر الذاتية الخاصّة بشخصيات فاعلة ومؤثّرة في المجتمعات الإنسانية والتاريخ الحديث، طرح سؤال العلاقة بين الإبداع الفني والحدث/الشخصية التاريخية. ففي البرنامج المذكور أفلام متعلّقة بأناس برزوا في الفنون والرياضة والسياسة، يُعرض بعضها في المسابقة الرسمية: «تشي» للأميركي ستيفن سودربيرغ (عن المناضل الأممي تشي غيفارا) و«الديفو» للإيطالي باولو سورنتينو (عن السياسي الإيطالي جيوليو أندريوتي)، وبعضها الآخر في تظاهرات جانبية: «مارادونا» لأمير كوستوريتزا (عن لاعب كرة القدم الأرجنتيني مارادونا) في «حفلات منتصف الليل» و«رومان بولانسكي: مطلوب ومرغوب» (عن السينمائي البولندي الأميركي المعروف بولانسكي) للأميركية مارينا زينوفيتش. يُضاف إليها، بحسب معلومات صحافية، فيلم تحريك مقتبس من كتاب شريط مصوّر بعنوان «فالس مع بشير» للإسرائيلي آري فولمان، الذي أثار جدلاً في الأوساط السياسية والسينمائية معاً، لأنه تناول مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها إسرائيليون ومقاتلون لبنانيون بحق فلسطينيين مدنيين بين 15 و17 أيلول 1982: «يومها، كان صاحب الفيلم آري فولمان جندياً في قوات الغزو (الإسرائيلي). من هنا، يروي لنا الحكاية عن قرب: حكاية مشاركة فولمان في تلك المهمّة القذرة، دعم الذين ذبحوا الفلسطينيين واللبنانيين في المخيمين إثر اغتيال الرئيس المنتخب في ذلك الحين بشير الجميل». بهذا المعنى، فإن الفيلم «يحكي حكاية ليلة الرعب التي يُفضّل كثرٌ من الإسرائيليين اليوم السكوت عنها» («الحياة»، 2 أيار 2008). يُذكر أن عرض الفيلم في مهرجانات عدّة أثار ضجّة كبيرة، ما أدّى بالبعض إلى التوقع بحدوث الشيء نفسه في «كان» أيضاً.

العودة إلى الماضي

ماذا يعني أن يستعين مخرج سينمائي بشخصية عامّة لإنجاز فيلم سينمائي؟ لماذا العودة إلى أحداث تاريخية قديمة أو حديثة أو معاصرة لتحقيق أفلام يعمد مخرجو بعضها إلى إسقاط هذه الأحداث على اللحظة المُعاشة؟ هل فقد العقل الإبداعي والمخيّلة البشرية قدرتهما على ابتكار مقاربة فنية للآنيّ بعيداً من حيلة العودة إلى التاريخ والاختباء فيه، كي يلجأ إلى الماضي و«دروسه»؟ هل السينما درسٌ في التاريخ، أم عمل إبداعي يقترب من التاريخ لمناقشته بأدوات التعبير الفني، أو للاستفادة مما يُمكنه أن يكون مادة درامية سوية ومهمّة؟ ألم تسقط أفلام سينمائية وأعمال تلفزيونية في المحظور الفني، عندما حوّلت المادة الدرامية إلى دروس في التاريخ هي أقرب إلى المواعظ الأخلاقية والخطابات الشعاراتية، خصوصاً في مصر وبعض العالم العربي؟ ألم يعتبر البعض أن نجيب محفوظ، مثلاً، عندما أراد مناقشة الواقع وأزماته لجأ إلى التاريخ كي يدافع عن قضايا الحرية والفرد في المجتمع المصري الآنيّ، فكتب أعمالاً تاريخية كـ«رادوبيس» و«كفاح طيبة»: هل يعني هذا أن العودة إلى الذاكرة الجماعية هروبٌ من الحاضر أو احتيالٌ عليه، أم إن على المرء أن يستفيد منه لإنجاز عمل إبداعي؟ وهل توصّل العاملون في النتاجين السينمائي والتلفزيوني العربي والغربي إلى اللحظة الإبداعية المطلوبة في مقاربتهم الآنيّ من خلال التاريخ القديم أو الحديث، أو معاينتهم الماضي وتحليلهم إياه من وجهات نظر مختلفة؟ ألم يلعب الفن السابع والدراما التلفزيونية العربيان دوراً سلبياً في غالبية الأعمال المنتجة في هذا الإطار، لأن المنطق العربي المتحكّم بالمجتمع والناس وبآلية الاشتغال الإبداعي يضع حواجز خطرة تمنع تناول مسائل معينة، أو تفرض نمطاً محدّداً وثابتاً من التعاطي مع الشخصية التاريخية؟ ألم تمنع عائلة أسمهان أياً كان من إنجاز عمل درامي أو فيلم سينمائي عنها، أو إدخالها في أي نتاج ينقل أحداثاً تاريخية عاصرتها وأثّرت أو تأثّرت بها (وافقت العائلة المذكورة مؤخّراً على السماح لفريق عمل سوري بإنجاز مسلسل عنها بإخراج شوقي الماجري، «قد» يكون «الرواية الرسمية» الخاصّة بها، وإن على حساب الحقائق وأسمهان)؟ ألم تتدخّل عائلتا جمال عبد الناصر وأنور السادات في كل عمل فني تناولهما، حرصاً منهما على الصورة المفروضة «رسمياً» من قبلهما على الناس والذاكرة؟

إن اختيار إدارة مهرجان «كان» عدداً من الأفلام المتشابهة بكونها تتناول شخصيات فاعلة في المجتمع الإنساني قديماً وحديثاً، أعاد طرح سؤال العلاقة القائمة (أو التي يُفترض بها أن تقوم) بين الصنيع الإبداعي والواقع التاريخي بحقائقه ومعطياته، من وجهة نظر المبدع. وإذا كان مستحيلاً على المرء تقديم قراءة نقدية حول الأفلام المذكورة، لأنها ستُعرض في «كان» للمرّة الأولى منذ إنجازها، فإن إثارة التساؤلات السابقة تستعيد نقاشاً لا يزال معلّقاً في التباس الأجوبة. ذلك أن التجارب الغربية المتفرّقة أفادت أن السينمائيين والتلفزيونيين يملكون «حرية مطلقة» في إنجاز هذا النوع من الأعمال الفنية، وأنهم قد يتعرّضون للمساءلة الأخلاقية أو القانونية أو العلمية إذا أخطأوا في تقديم معطيات أو معلومات أو تطاولوا على شخصية أو على محيطين بها.  

كلاكيت

بينما يتنزّه الموت

نديم جرجورة

ليست المرّة الأولى، ولن تكون الأخيرة.

إذ كيف يُعقل أن يكتب المرء في شأن سينمائي، بعد مشاهدته مزيداً من الانهيار الإنساني والتمزّق الشعبيّ الناتجين من التجاذب المذهبي الحادّ؟ كيف يُعقل أن يتغنّى بجمال «الكذب» على الشاشة، والكذب القبيح يسيّج الواقع ويخنقه؟ كيف يُعقل أن يهتمّ بالطقوس الأجمل للسينما أي للحياة، في مناخ عابق بالعفن والحقد والغضب؟ كيف يُعقل أن يمارس متعته في الكتابة عن سلوك إبداعي، ورائحة الموت تحاصر المنافذ المتبقية وتُشعل نار الجنون في الأمكنة والنفوس؟ كيف يُعقل أن يطالب بتحسين طقوس المُشاهدة الفنية، بينما لا أحد يكترث بتحسين شروط العيش في بلد منذور للقهر والخراب؟ كيف يُعقل أن يختفي في صالة معتمة كي يذهب إلى ضوء الحياة، في حين أن البلد كلّه غارقٌ في عتمة انتفاء وجوده؟ كيف يُعقل أن يُقرأ رأي في الثقافة أو الفن، ونيران الإطارات المحترقة تجعل كل رأي آخر خيانة أو عمالة أو تبعية؟

ليست المرّة الأولى التي يشعر المرء فيها بفراغ المعنى في الكتابة، وغالب الظنّ أنها لن تكون الأخيرة. ففي بلد لن يقوم من موته الأبديّ ولن يُفتح باب قبره لقيامة حقّة، يجد المرء نفسه يومياً أمام مأزق العلاقة بالنصّ: أي نصّ نقديّ يريده، وأي كتابة مفتوحة على أفق النقاش وعلى احتمال العثور على المعاني الغارقة في الدم والعنف؟ أي نصّ نقديّ يستطيع تفسير الانزلاق اللبناني في شقاء الخنوع الدائم لقاتل محصّن في بيئته الضيّقة، وأي كتابة تبلسم جرح التمسّك بالخروج الفعلي من الطائفة والعائلة والقبيلة؟ أي نصّ نقديّ يعيد قراءة التاريخ والآنيّ في لحظة الجنون اللبناني هذا، وأي كتابة تقدر على إقناع الآخرين بأن المطالبة بالحقّ الإنساني لا تعني انتماء إلى جهة، وأن التظاهر أو الإضراب من أجل لقمة العيش لا يؤدّي حتماً إلى فريق معيّن؟ أي نصّ نقديّ يفيد الآن وسط هذا الصعود القوي للأميّة والجهل والتخلّف في بنية المجتمع اللبناني، وأي كتابة تحصّن المرء المنتمي إلى نفسه وقناعاته من أي اعتداء مذهبي حاقد؟ أي نصّ نقديّ يثير رغبة ما في قراءته في ظلّ التساقط المذهل لشتّى أنواع الأخبار المثيرة للاشمئزاز والقلق والألم عن حجم الانحدار اللبناني الفظيع، وأي كتابة حرّة يُستجاب لها؟

لكن المهنة تفرض كتابة متخصّصة بفعل الحياة، بينما يتنزّه الموت في أزقّة المدينة وفضائها المنغلق على تشرذمها. فالكتابة لا تصنع شكلاً جديداً للفرق المطلوب بين الظلمة والنور، والنصّ لا يجد عيناً تنظر وروحاً تقرأ وعقلاً يُناقش، لأن آلهة سلّطت هلوساتها على أناس مدجّجين برغبة المقارعة والموت الأبديين، وأساطير أوحت لغربان أنها ذات جمال أخّاذ، فإذا بالغربان تنعق للحرية والسيادة والاستقلال، وإذا بالبلد يحترق بجنون هذيانها.

ويقولون إن نضالهم مشروعٌ وأجندتهم محقّة وضميرهم مرتاحٌ. أي لعنة!

السفير اللبنانية في 8 مايو 2008

 
 

21 مفتاحاً أساسياً للتحول في دورة مهرجان «كان» الجديدة الواعدة

أفلام السيرة... أعمال الكبار والحروب الشرق أوسطية في لجنة المرايا

باريس - ربيع إسماعيل

ليس من السهل أن نحدد منذ اليوم ما إذا كانت هذه الدورة الجديدة من مهرجان كان السينمائي وهي الدورة الحادية والستون، ستكون استثنائية أم لا. صحيح أن أسماء الأفلام هنا، وأسماء كبار السينمائيين المشاركين هنا. والنجوم اللامعون أكدوا حضورهم، لكن المجهول الأكبر يبقي الأفلام نفسها. ومع هذا نعرف أن الحاضرين في «كان» هذا العام هم كالعادة، من أبرز أبناء هذا المهرجان، من الذين صنعهم وصنعوه خلال ما لا يقل عن ربع قرن. إذاً في انتظار هذه الأفلام ومشاهدتها، بدءاً من أواسط الأسبوع المقبل، أي بدءاً من الأربعاء في 14 الجاري، موعد حفل الافتتاح وطوال دزينة من الأيام، نرسم هنا صورة لأبرز ما فيه من أفلام وتظاهرات، تشكل خريطة أبجدية لدورة تبدو - بعد كل الحسابات - واعدة.

الافتتاح

بعد تردد، وبعد أن قيل طويلا إن فيلم الافتتاح سيكون خارج المسابقة وبالتحديد الجزء الرابع من سلسلة مغامرات «ان بانا جونز» الذي يعده ستيفن سبيلرغ إلى الحياة بعد غياب عقدين كاملين، وضح الأمر أخيراً وتقرير أن يكون الافتتاح بفيلم مأخوذ من واحدة من أجمل روايات البرتغالي الفائز بجائزة نوبل للآداب، هو سي ساراماغو، وهي رواية «العمى» التي أخرجها البرازيلي فرناند مرييس، صاحب «مدينة الله» ورائعة جون لوكاريه «الجنيناتي الدؤوب» الرواية تتحدث عن وباء غامض يصيب بلداً - أصر الكاتب على ألا يكون له اسم في الفيلم - فيصيب المواطنين بالعمى، باستثناء سيدة (تلعب دورها جوليانا مور). الفيلم رمزي ومبني على قصة قوية، ومن هنا يمكن المراهنة، منذ الآن على أنه سيكون في مقدمة السباق نحو «السعفة الذهبية» لكن الأمر لن يخلو من صعوبات، ذلك أن صاحب الرواية يتعرض منذ فترة إلى هجوم الأوساط الصهيونية في العالم بسبب تأييده القوي للقضية الفلسطينية وانتقاده محاصرة «إسرائيل» لغزة وتجويع سكانها.

افترنيت ديولانسكي

أغويان (اتوم): سنوات الغياب الثلاث عن «كان»، جعلت أهلها يشتاقون إلى سينما هذا الكندي من أصل أرمني، ومولود في مصر. اغويان يعود في فيلم عنوانه «عبادة» وموضوعه عن مراهق يخترع لنفسه هوية على شاشة الإنترنيت مدعياً أنه يمثل مؤامرة إرهابية من الواضح أن الموضوع ناجح وسيثير اهتماماً في «كان»، وخصوصاً أن المخرج يتراجع في هذا الفيلم عن الفخامة الهووليودية التي طبعت فيلمه السابق «حيث تكذب الحقيقة»، وكذلك عن سينما القضايا، التي مثلها فيلمه السابق «آرارات». أغويان حقق فيلمه الجديد هذا في كندا وقال عنه إن كان من الضروري أن يترك كل موضوعاته الأخرى ليحققه «إن لم أحققه الآن فسوف لن أحققه أبداً بفيلم «عبادة» يضع أغويان مسألة الإرهاب على سكة جديدة ويوصلها إلى قلب العيد السينمائي الكبير فكيف ستكون ردة الفعل؟

بولانسكي (رومان): ليس للمخرج البولندي - الفرنسي المخضرم أي فيلم في «كان» هذا العام. ومع هذا فإن صاحب «السعفة الذهبية» قبل سنوات عن «غازف البيانو»، يحضر بقوة من خلال فيلم يحكي جزءاً من سجل حياته. إنه فيلم وثائقي عرف بأنه «سيرة غير مأذونة»، حققته مخرجة شابة تنقلت في فيلمها بين طفولة بولانسكي في بولندا وسنواته الأميركية التي وصلت ذروتها الكئيبة باغتيال عصابة تشارلز مانسون لزوجة المخرج الممثلة شارون في تيت وكانت حاملاً، ثم بالحكم بالسجن على بولانسكي نفسه بتهمة اغتصاب قاصر قبل فراره على فرنسا.

تارانتينو (كوينتن): هذا المخرج الأميركي الظاهرة لا يحضر بفيلم له هذه المرة. هو الذي كان ذات عام رئيسياً للجنة تحكيم «كان»، كما فاز عام 1994 بالسعفة الذهبية عن «بالب فاكشن» الذي قدم العام الماضي في كان - من دون الحصول على جائزة - واحداً من أكثر الأفلام عنفاً وإثارة للجدل «عصية على الموت». سيقدم هذا العام «دروس السينما»، ويمكننا أن نقول منذ الآن إن جمهور «عصية على الموت» سيكون كبيراً، ذلك انه حين يتحدث تارانتينو عن السينما يصغي الآخرون بصمت وتبجيل. ومن هنا من المؤكد أن درس السينمائي تارانتينو سيكون واحداً من الحوادث الكبرى خلال الأيام المقبلة.

تشالي كوفمان: هو الآخر سيكون حضوره حدثاً من حوادث الدورة. ومع هذا لابد أن نسارع إلى القول إن كوفمان يشارك بالفيلم الأول الذي أخرجه؛ مما يعني انه يشارك في «المسابقة الرسمية» وفي «الكاميرا الذهبية» وهذه التظاهرة الأخيرة مخصصة للمبتدئين، أصحاب الأفلام الأولى في مسارهم السينمائي. كوفمان ستيني ومعروف قبل فيلمه هذا والمسمى «سينكوك» فما الحكاية؟

الحكاية ببساطة أن كوفمان المعروف بوصفه أشهر كاتب سيناريو في هوليود والسينما بنصوص طبيعية وأخاذة مثل «اقتباس» و «إن تكن جون مالوكوفيتش» اختار هذه المرة أن يخرج فيلمه بنفسه فما هو الموضوع؟ حكاية كاتب سيناريو يعيش حالة هبوط في معنوياته ويبدو عاجزاً عن كتابة أي سيناريو.

تشي جيفارا: الثائر الأرجنتيني الذي قتلته الاستخبارات الأميركية قبل أكثر من أربعين عاماً يعود الآن إلى الحياة خلال هذه الدورة الجديدة لمهرجان «كان»، وعلى الأقل طوال أربع ساعات يتكون منها قسما فيلم ستيفن سودربرغ الجديد «تشي» من بطولة بنسيو ديلتورو، الذي يقدم شخصية جيفارا مثيرة للتعاطف، على عكس ما حدث مرات كثيرة قبل الآن في هوليود، إذ قدم جيفارا بصورة سلبية ولاسيما حين قام بالدور ممثلنا العربي العالمي عمر الشريف.

واضح من خلال هذه الصورة الجديدة لجيفارا أن هوليود تغيرت كثيراً، وفعلاً بقي أن نعرف إذا ما كان «تشي» سودربورغ ينسي الجمهور «جريمة» هوليود الماضية في حق رفيق كاسترو، أو من ناحية أخرى حال وقوة الفيلم الذي حققه البرازيلي والتر ساليس قبل سنوات عن شباب جيفارا بعنوان «يوميات سائق دراجة» وقدم وصفق له في واحدة من دورات «كان» السابقة.

صبرا وشاتيلا بالرسوم المتحركة

حروب لسان: طبعاً حضور «جيفارا» في «كان» لن يكون التسييس الوحيد في هذه الدورة كما سنرى، لكن السياسة ستكون أكثر راهنية في أفلام أخرى، لاسيما في أفلام آتية من الشرق الأوسط، وتحديداً من لبنان، حيث يرسل الثنائي جوان حاجي نوما، وخليل صريح فيلمهما الجديد «بدي شوف» وهو إنتاج لبناني - فرنسي يغوص مباشرة في حرب يوليو/ تموز 2006 التي قامت بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية، والتي أدت إلى تدمير لبنان والخسائر في الأرواح تواصلت خلال أكثر من شهر.

المخرجان اقتربا من تلك الحرب بشكل مبتكر. أتيا بالنجمة الفرنسية الكبيرة كاثرين دونوف وجعلاها تقوم بدور ممثلة فرنسية كبيرة تريد أن تزور جنوب لبنان إبان الحرب، برفقة شاب لبناني، ممثل هو الآخر (ربيع مروة). والنتيجة عمل نزيه وقوي عن الحرب ونظرة الإنسان إليها، فيما يشبه لعبة مرايا حقيقة وإدانة لـ «إسرائيل» وحروبها في وقت واحد.

مقابل «بدي شوف» يأتي من «إسرائيل» فيلم آخر عن حروب لبنان، وهو «فالي مع بشير» وهو فيلم رسوم متحركة يصور من وجهة نظر جندي إسرائيلي شارك في غزو 1982 لبيروت وشهد على مجازر صبرا وشاتيلا، وها هو لاحقاً صار رساماً ومخرجاً سينمائياً يحقق هذا الفيلم، الذي ستكون له بالتأكيد قوة الإدانة التي حملها العام الماضي فيلم «برسيبوليس» لمارجان ساترابي بالنسبة إلى الثورة الإيرانية.

ستيفن سيلبرغ: منذ زمن طويل ليس ثمة أي حضور لستيفن سيلبرغ في «كان»، وتحديداً منذ عرض فيلمه البديع «اللون القرمزي». واليوم إذ يعود صاحب «مونيخ» إلى «كان» فإنه يعود خارج المسابقة، ولكن في حفل من المؤكد انه سيكون أضخم حفلات «كان» خارج الصالات. فإذا كانت الشركات التجارية الأميركية الكبرى اعتادت أن تصرف ملايين الدولارات خلال المهرجان على حفلات في عرض البحر وفي الفنادق الكبرى للترويج للأفلام الهوليودية المعروضة في «كان»، فلن تشد شركة سيلبرغ المنتجة للجزء الرابع من مغامرات «إنديان جونز» عن القاعدة. ومن هنا إذا كان جمهور المهرجان لن يبالي كثيراً، بالفيلم نفسه - حتى ان كان متوقعاً أنه سيحقق ملايين الدولارات أرباحاً - فإن هذا الجمهور يبدو متلهفاً منذ الآن للتمتع بالحفل الضخم الذي ستنطلق فيه الأسهم النارية وموسيقى الرقص والاحتفال، على شرف هاريون فورد، الذي ينتقل في هذا الجزء الرابع من دور المغامر إلى دور والد المغامر!

فاتح أكيت: هذا المخرج التركي الألماني لم يعرفه العالم حتى الآن، إلا في ثلاثة أفلام اثنان منها روائيان والثالث تسجيلي عن الموسيقى التركية والحياة الفنية في اسطنبول «عبر الجسر». ولكن فيلميه الروائيين «العناد» ثم خاصة «حاقة الحنة» جعلا له مكانة أساسية في السينما الطليعية في أوروبا، ناهيك بما أمّنا له من جوائز وقدرة على الحصول على التمويل الألماني أو الفرنسي، لأي مشروع يقدمه. من هنا كان طبيعياً أن يصبح فاتح أكيت طيفاً واحداً من نخبة السينمائيين الذين يدعون لترؤس لجان التحكيم في المهرجانات الكبرى. ولم يستغرب احد بالتالي أن يعلن أن أكيت سيكون رئيس لجنة التحكيم في تظاهرة «نظرة ما...» التي تعتبر ثاني أهم التظاهرات في «كان» وهي تظاهرة تقدم حساسيات سينمائية متنوعة آتية من شتى أنحاء العالم.

ترى، كيف سيكون موقف أكيت، تجاه الفيلمين العربيين الوحيدين اللذين شقا طريقيهما إلى «كان» هذا العام. ويعرض من «في نظرة ما» وهما «بدي شوف» اللبناني و «ملح البحر» للفلسطينية الشابة آن ماري جاسر؟ هل سينظر اليهما كما هما سينمائياً أو يحدوه شيء من التعاطف الإقليمي معهما؟

فلسطين: قبل 5 سنوات وصلت السينما الفلسطينية إلى ذروة حضورها في العالم حيث فاز ايليا سليمان بجائزة التحكيم الكبرى في المسابقة الرسمية في مهرجان «كان»، ومنذ ذلك الحين غابت سينما فلسطين عملياً، فيما يزداد بشكل مطرد حضور السينما الإسرائيلية. وعلى رغم أن بعض هذه الأخيرة جراء تعاطف ما كانت تبديه في بعض الأحيان تجاه فلسطين والفلسطينيين، جعلت فلسطين عاجزة بشكل أو آخر ظل ثمة ظمأ لحضور فلسطيني أصيل. وهذا الحضور يتحقق هذا العالم من خلال فيلم روائي طويل أول حققته السينمائية الفلسطينية الشابة آن ماري جاسر، المقيمة بين فرنسا ونيويورك والتي سبق ان لفتت الأنظار بعدة أفلام قصيرة حققتها وبنضال لافت على المستوى الثقافي والسينمائي. فيلم آن ماري جاسر «ملح البحر» يروي حكاية شابة فلسطينية ربيت في نيويورك، تعود إلى فلسطين لاستعادة ثروة عائلية محفوظة في مصرف إسرائيلي. والفيلم يدور حول محاولاتها الصعبة المحزنة أحيانا والفكاهية في أحيان أخرى للحصول على الثروة، على تقاطع حكاية غرام ومقاومة.

مخضرمون

فيم فذرز: ليس من السهل عد المرات التي عرض فيها فيم فذرز افلامه في «كان» وشارك في المهرجان من دون افلام رئيساً للجنة التحكيم أو قارئاً لدرس السينما أو مجرد مخرج عادي. وآخر مشاركة لهذا الالماني المخضرم كانت قبل سنوات حين عرض فيلمه المخيب للآمال «لا تأتي قارعاً بابي». وإذا كان فذرز من صور هذا الفيلم في أميركا التي حقق فيها وعنها بعض أجمل افلامه السابقة، ولاسيما فيلم السعفة الذهبية قبل أكثر من عقدين «باريس/ تكساس».

وإذ إنه صور افلاما له في اليابان، فإنه هذه المرة، يحضر إلى «كان» مع فيلمه الجديد «تصوير بالرمل» يبدو وقد انتقل بكاميراته إلى عاصمة صقلية الايطالية. حتى كتابة هذه السطور لا نعرف كثيرا عن هذا الفيلم، لكن البعض يقول إن فندر يعود فيه إلى قوة تعبير انتقدها منذ زمن. طبعاً سنعود إلى هذا الفيلم لاحقاً. وفي انتظار ذلك نضم صوتنا إلى أصوات الذين رحبوا بعودة هذا المخضرم الذي كان في الماضي صنع بعض أزهى ساعات مهرجان «كان» بحضوره أو بأفلام.

كلينت ايستوود: ما نقوله عن فيلم فندر يمكن قوله عن هذا المخضرم الكبير الآخر الذي لم يسبق له أن تسابق في مهرجان «كان»، وإن كان شارك كرئيس للجنة التحكيم قبل أكثر من عشر سنوات. هذه المرة يشارك صاحب «طفلة المليون دولار» و «نهر المشبك» (الذي شارك في دورة سابقة لكان خارج المسابقة وصفق له طويلاً) بفيلمه الجديد «الاستبدال» الذي تدور أحداثه في ثلاثنيات القرن العشرين حول حكاية اختطاف طفل والمساومة على إعادته، ثم التساؤل عما إذا كان الطفل الذي أعيد هو الطفل نفسه الذي خطف. لاشك في أن هذا الفلم يشكل عالماً جديداً بالنسبة إلى ايستوود، الذي سار على درب طويلة طوال أربعين عاماً، قبل أن يصل إلى التحول من نجم أفلام رعاة بقر إيطالية، إلى واحد من كبار المخرجين الأحياء في هووليوود اليوم.

كوستوريتا (إمير): خلال العامين خيب هذا المخرج «اليوغوسلافي» الكبير، الذي اعتاد جوائز المهرجانات الكبرى واعتادته (ومن بينها جوائز «كان» التي أعطيت له بكرم ما لا يقل عن ثلاث مرات، من بينها مرتان كانت الجائزة فيها سعفة ذهبية)، خيب أمل الجمهور وأهل المهرجان. وهذه المرة هل يخيب الآمال، أم يحيي سمعته، حتى وإن كانت «عودته» في فيلم تسجيلي، لا يمت إلى يوغوسلافيا أو بلقان طفولته وحياته واختياراته الايديولوجية بصلة؟ ربما. فالرهان كبير منذ الآن، وخصوصاً إذا علمنا أن كوستوريتا يشارك بفيلمه الموعود، منذ زمن عن «مارادونا» سيد كرة القدم العالمية.

مارادونا: لاشك في أن ساحر الكرة الأرجنتيني هذا، سيكون، وتحديداً بفضل فيلم كوستوريتا، سيد ونجم دورة «كان» لهذا العام، من دون منازعت. فإذا كان مارادونا اعتزل الكرة منذ زمن، فإن اسمه لم يغب عن الأسماع، وحتى بالمعنى السلبي، أي فيما يتعلق بمشكلاته مع القضاء، ومع الإدمان. ومن هنا، وتبعاً للصورة التي سيقدمها كوستوريتا، من المؤكد أن صحافيين كثراً يشحذون أقلامهم وأسئلتهم منذ الآن، لعلهم يفوزون ببضع كلمات من هذا الرياضي الفنان، الذي يقول عنه خصومه الأرجنتينيون إنه يعرف كيف يستخدم قدمه ألف مرة أكثر مما يعرف كيف يستخدم لسانه وعقله. هل هذا صحيح؟، سنرى.

نوعيات سينمائية: بشكل عام تبدو خريطة هذه الدورة لـ «كان» وكأنها تفجر النوعيات السينمائية بشكل مدهش. فقبل سنوات كان تقديم فيلم رسوم متحركة في «المسابقة» أو غيرها مدعاة للتساؤل. أما حين فاز فيلم تسجيلي لمايكل مور (فهرنهايت 11/9) بالسعفة الذهبية فإن التساؤل احتدم. وفي العام الماضي جدد فوز «برسبوليس» وهو فيلم الرسوم المتحركة السياسي بامتياز، الأسئلة و «قلق» البعض. ولكن هذا العام، ولأن لا شيء يمكنه أن يوقف التقدم من الواضح أن الأسئلة ودواعي الدهشة ستختفي إذ ها هي كل الأنواع حاضرة وتختلط: السينما الروائية، الرسوم المتحركة بالسينما التسجيلية، سينما السيرة... إلخ. وما هذا إلا انعكاس حقيقي لما وصلت إليه السينما من حرية وتنوع على مستوى العالم كله.

رودي خارج مدينته وخارج المسابقة

نوري يلغي سيلان: للمرة الثالثة يعود هذا المخرج التركي الطليعي والحميم إلى مسابقة مهرجان «كان» الرسمية وذلك في فيلمه الجديد «ثلاثة قرود» الذي أنجزه لتوه ولا يعرف عنه أحد شيئاً حتى الآن، وإن كان من المتوقع أن يسير على خطى سابقيه «من بعيد» و «مناخات»، في حميميته وتعاطيه مع معضلات الحياة المعاصرة والترابط العائلي واستحالة التواصل، ولاسيما في أوساط طبقة اجتماعية شديدة الخصوصية هي الطبقة الوسطى التي يعكس انهيارها الاقتصادي والاجتماعي أسئلة وجودية قلقة، كان سيلان مبدعاً حين طرحها في فيلميه الأولين. منذ الآن يمكن المراهنة - مع شيء من المجازفة طبعاً - على أن سيلان سيكون قريباً من الجوائز.

وودي آلف: من جديد يبدو أن «تغريبة» وودي آلن تعطيه وتعطي فنه حياة جديدة؛ إذ هاهو فنان نيويورك يحقق فيلمه الرابع على التوالي خارج مدينته الأثيرة، بل حتى خارج الولايات المتحدة الأميركية بأسرها. وللمرة الرابعة لن يمضي من دون صخب واهتمام عالميين. بل يمكننا القول إن الصخب بدأ بالفعل حتى من قبل أن يشاهد فيلمه الجديد «فيكي كريستبنابر سلونا» أيٌّ كان. كان يكفي أن يسر أحدهم لصحافي إسباني - لأن الفيلم صور في إسبانيا - بأن ثمة مشهداً حميماً يدور بين سكالين جوهانسون وبينلوبي كروز في الفيلم حتى يسود الصخب، بل حتى يقال إن وودي آلن يبتعد عن عالمه السينمائي القديم ليدنو - مثلاً - من عالم بيدرو المودافار. لكن هذا كله من قبيل التكهن. أما الخبر اليقين فقد عرض الفيلم خلال الأيام الأولى من الدورة، ولكن خارج المسابقة لأن وودي آلن لا يخوض مسابقات من فضلكم!

الوسط البحرينية في 8 مايو 2008

 
 

العرب ومهرجان كان العريق

ينطلق الأربعاء المقبل

من بين المهرجانات السينمائية العالمية التي يزيد عددها علي 200 مهرجان يحظي مهرجان كان الذي يقام في هذه المدينة الفرنسية الصغيرة التي اكتسبت أهميتها وشهرتها من استضافتها للمهرجان بمكانة خاصة جداً تضع تقريباً وبدون منازع علي رأس قائمة هذه المهرجانات شهرة وأهمية وينافسه علي القيمة الفنية مهرجانا فينسيا وبرلين.. ويختلف المهرجان هذا العام بعامه الأول بعد الستين وتعتبر هذه الدورة حتي من قبل أن تنطلق يوم الأربعاء القادم دورة ناجحة بكل المقاييس سواء الجماهيرية أو النقدية.. فمن ناحية الإثارة والجذب الإعلامي الذي يحققه حضور عدد كبير من نجوم السينما العالمية بأنفسهم فقد أعلن عن حضور مجموعة كبيرة منهم من بينهم كلنت ستود، ووودي آلان وشون بين الذي يرأس لجنة التحكيم وكاترين دي نيف التي تشارك بفيلمين أحدهما لبناني. أما من ناحية القيمة الفنية فقد استطاعت هذه الدورة ان تجتذب عدداً وافرا من الأعمال الأخيرة لكبار المخرجين مثل ستيفن سبدلبرج في فيلمه الأحداث (أنديانا جونز) والذي ستشاهده الدوحة الأسبوع القادم وستيفن سودر برج بفيلمه الطويل (تشي) عن تشي جيفارا وكلنت ستود مخرجاً من خلال فيلمه (التغير) والمخرج البوسني اميركوستوريتا بفيلمه (مارادونا) أما النجم الأشهر في المهرجان فسوف يكون روبرت دي نيرو الذي سوف يقوم بتسليم جائزة المهرجان الكبري السعفة الذهبية بجانب أن فيلمه (ما الذي حدث للتو) سوف يكون مسك ختام المهرجان. هذا عن المهرجان في حد ذاته.. أما عن الوجود العربي الذي يمتد للفنان الكبير يوسف شاهين والذي كان ضمن لجنة تحكيم المهرجان في دوراته الأولي مروراً بفوز الفيلم العربي الوحيد بالجائزة الكبري للمهرجان وهو الفيلم الجزائري (وقائع سنوات الجمر) للمخرج الأخضر حامينا ومشاركة عدد من أفلام يوسف شاهين في عدد من مسابقات وتظاهرات المهرجان وصولاً الي فوز الفيلم الفلسطيني (يد إلهية) بجائزة لجنة التحكيم للمهرجان هذا الوجود يتأرجح في كل عام ما بين الغياب الكامل عن المسابقات والتظاهرات الرسمية وبين الحضور الباهت أو الملحوظ كما هو الحال هذا العام حيث يشارك في مسابقات المهرجان فيلمان أحدهما لبناني والآخر فلسطيني والأول هو فيلم (بدي شوف) من بطولة النجمة الفرنسية الشهيرة كاترين دي نيف من اخراج اللبنانية جوانا حاجي توما وزوجها خليل جريج وتدور أحداثه في إطار وثائقي درامي حول نجمة عالمية تحاول أن تتعرف علي الدمار الذي لحق بلبنان في حرب تموز بين إسرائيل وحزب الله.

ويشارك الفيلم في تظاهرة (كل سينمات العالم)التي تقام علي هامش المهرجان أما الفيلم العربي الثاني المشارك في دورة هذا العام لمهرجان كان فهو الفيلم الفلسطيني (ملح البحر) للمخرجة الفلسطينية ان ماري جاسر والذي يصور قصة حياة هي أشبه بالسيرة الذاتية للمخرجة التي كتبته بنفسها ويحكي قصة فتاة فلسطينية ولدت وكبرت في الولايات المتحدة بعد ان هاجر أبواها من فلسطين عام 1948 والتي تقرر العودة لوطنها الأصلي لتستعيد ثروة العائلة المجمدة في أحد البنوك الإسرائيلية لكنها لا تحصل إلا علي الرفض وتلتقي في رحلتها بشاب فلسطيني كل همه هو الخروج من فلسطين والهجرة الي الخارج. وبجانب هذا الحضور في التظاهرات الرسمية يشارك في سوق الفيلم الذي يقام علي هامش المهرجان أكثر من شركة انتاج وتوزيع عربية علي رأسها شركة سينما جود نيروز التي سوف تعرض فيلمها المنظر (ليلة البيبي دول) كما يعرض في سوق الأفلام فيلم عربي آخر هو فيلم الغابة وبجانب مشاركة هذه الأفلام ونجومها يشارك ناقدان عربيان في لجان تحكيم مسابقات المهرجان هما الناقد الفرنسي الجزائري الأصل رشيد بوشارب والذي حظي بعضوية لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان التي يرأسها النجم الأمريكي شون بين بالاضافة الي الناقد المصري ياسر محب الذي اختير لعضوية لجنة تحكيم مسابقة (نظرة خاصة).

ويحتفي المهرجان هذا العام بسينما أمريكا اللاتينية التي برز حضورها بشكل ملحوظ في نشاطات المهرجان في الأعوام السابقة ويبقي أن نسأل متي تنشط السينما العربية الي الحد الذي يجعلها جديرة باحتفاء خاص من مهرجان كان وغيره من المهرجانات ومن الجدير بالذكر أيضاً ان فيلماً اسرائيلياً عن موضوع عربي يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان وهو فيلم الرسوم المتحركة (فالس مع بشير) والمقصود هو الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل الذي اغتيل في عام 1982 بعد تحالفه مع اسرائيل وحدثت بعد اغتياله المذبحة المروعة في مخيمي صبرا وشتيلا والفيلم مأخوذ عن رواية مصورة أثار ضجة كبيرة حين صدر في اسرائيل وهو من اخراج المخرج الإسرائيلي اري فوعان الذي كان جندياً في الجيش الإسرائيلي إبان غزوه لبنان في عام 1982 وقام بتأمين ودعم القوات التي قامت بتنفيذ المذبحة المروعة.

الراية القطرية في 8 مايو 2008

 
 

بالرغم من عدم لحاقه بالمسابقة الرسمية

"البيبي دول" يشارك في مهرجان "كان"

محمد عبد العزيز من القاهرة

بعد عدم مقدرته على اللحاق بالموعد النهائي للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، وذلك نظرا لعدم انتهاء المخرج عادل أديب من أعمال الميكساج والتحميض والطبع لفيلمه (ليلة البيبي دول)، ولكن الشركة المنتجة "جودنيوز" أصرت على المشاركة في هذا الحدث السينمائي الهام، فقررت المشاركة في سوق المهرجان، حيث سيتم عرض الفيلم مرتين.وفي سابقة فريدة سيتم تخصيص طائرة خاصة يوم 14 من شهر مايو الحالي لنقل نجوم وأبطال الفيلم، وفي مقدمتهم النجمان "محمود عبد العزيز" و"نور الشريف"، بالإضافة إلى بقية الأبطال "ليلى علوي، روبي، سلاف فواخرجي، جمال سليمان، محمود حميدة، جميل راتب وغادة عبد الرازق"، بالإضافة إلى باقي طاقم الفيلم وعدد كبير من الإعلاميين لتغطية الحدث، حيث ستقوم الشركة المنتجة بإقامة حفل كبير بمناسبة العرض العالمي الأول للفيلم.

وسوف يتم عرض الفيلم "الحدث" يوم 16 من هذا الشهر بدار عرض "ستار 2" وهي –على حسب قول الشركة المنتجة- أكبر دور العرض بمهرجان كان، وسيلي هذا العرض حفل كبير يقيمه المنتج والإعلامي "عماد الدين أديب" في تراس فندق الريتز كارلتون تكريما لوالده حيث إن الفيلم هو آخر ما كتب والده السيناريست الراحل "عبد الحي أديب"، وسوف يحضر هذا الحفل عدد كبير من صناع السينما حول العالم والموجودين في المهرجان، أما العرض الثاني للفيلم فسوف يقام يوم 19 مايو في نفس القاعة.

فيلم (ليلة البيبي دول) يضم مجموعة كبيرة من النجوم، كما أنه من أعلى الأفلام المصرية من حيث الميزانية، حيث تخطت ميزانيته حوالي "40 مليون جنيه مصري"، وتدور الأحداث حول مرشد سياحي يأتي في زيارة سريعة إلى القاهرة كمرافق لمجموعة سياحية، وفي نفس الوقت فحسام كان يعالج في أمريكا من العقم، ويأمل أن يلتقي بزوجته في القاهرة خلال هذا اليوم، بعد أن أكد الأطباء نجاح العلاج، ولكنه يفشل خلال اليوم الذي يقضيه في القاهرة في مقابلة زوجته، بعد أن يتعرض الوفد المرافق له  لتهديد من جماعة إرهابية يتزعمها سجين سابق بسجن أبو غريب بالعراق، وهو مراسل إعلامي مصري يعتقل في السجن ويواجه هناك العديد من عمليات التعذيب.

من ناحية أخرى فقد أكد المخرج "عادل أديب" أن ما نشر من أن المهرجان قد اشترط  حذف مشاهد التعذيب بالفيلم من أجل مشاركته بالمسابقة الرسمية، غير صحيح بالمرة، وأن الفيلم لم يلحق بموعد التقدم للمسابقة الرسمية كما كان مقررا، وهذا هو السبب الوحيد في عدم تقديمه للاشتراك في المسابقة الرسمية.

muhammadabdelaziz999@hotmail.com   

موقع "إيلاف" في 9 مايو 2008

 
 

أربعة أفلام رائعة أوصلت المشاكس الشاب الى قمة السينما في «كان»...

شين بن: رحلة «مستر مادونا» لنسيان ماضيه

ابراهيم العريس

في أي حديث صحافي معه، يسارع شين بن الى التأكيد، بأنه لا يزال يغضب بسرعة، ولكن بأقل حدة ولفترة قصيرة سرعان ما تمضي. ويؤكد انه لا يزال يشرب ولكن أقل من ربع ما كان يشرب في الماضي. ويقول ان السياسة تشغله ويواصل مواقفه العدائية ضد الممارسات اليمينية للإدارة الأميركية، لكن هذا لم يعد شاغله الأول. طبعاً هذا الفنان الذي يصفه البعض بـ «أفضل ممثل أميركي من جيله» لا يعلن ندمه على ماضيه، ولا حتى على زيارة استفزازية لسلطات بلاده قام بها الى طهران ثم أخرى الى بغداد حيث صوّر تحت ملصق يمثل صدام حسين عشية الغزو الأميركي للعراق، لكنه مستعد لأن يقول اليوم ان كل ذلك، «على صوابه الجزئي جرى بشكل تلقائي ومن دون تفكير عميق»، أما اليوم فإنه سيفكر مرات عدة قبل أن يقدم على مثل هذه التصرفات حتى وان كان لا يزال يعتبرها، في جوهرها، صائبة.

هل معنى هذا أن شين بن بدأ يحس أنه تقدم في السن؟ هل يختفي المناضل المشاكس فيه لمصلحة الفنان الأكثر حكمة؟ هل معناه مثلاً أنه، كمخرج وليس كمناضل أو ممثل هذه المرة، قد بدأ يحس انه يفرغ الشحنات الحادة – أو السلبية حتى – لديه، في أفلامه ما يجعله بغير حاجة الى تفريغها في الحياة العادية؟ من الصعب، حتى عليه هو، الرد إيجاباً أو سلباً على مثل هذه الأسئلة. ولكن، في الوقت نفسه، من الواضح أن شين بن اليوم ينحو ليكون شخصاً آخر، بشكل ما. ولعل ترؤسه بدءاً من الأربعاء المقبل لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» السينمائي ذروة التعبير عن هذا. فالذين يعرفون «كان»، والذين يتابعون أهمية المهرجانات السينمائية، من هذه الطينة، في حياة السينمائيين الكبار، يدركون ان ثمة شيئاً ما، إيجابياً على الأغلب، بات يهيمن على بدايات ما يمكننا أن نسميه بالمرحلة الجديدة من حياة شين بن وفنه. ولعل النضج الذي وسم فيلمه الأخير «نحو البراري» هو الصورة المثلى لهذا الشيء، حتى وان كان في وسعنا ان نقول ان «نحو البراري» يكاد يكون الأكثر ثورية بين أفلام شين الأربعة التي حققها كمخرج حتى اليوم. ذلك ان هذا الفيلم يحمل، ان لم يكن طابعاً احتجاجياً مباشراً على نمط الحياة الاستهلاكية والسياسية السائدة في عالم اليوم، فعلى الأقل خيارات واضحة تنتمي الى نزعة كانت سائدة لدى الشبيبة في سنوات الستين والسبعين من القرن الفائت. ثورة شين بن في هذا الفيلم سينمائية فكرية وعميقة ومن هنا لا يبدو في حاجة الى أن يواصلها في الحياة الطبيعية.

تفوق ما...

في الحياة الطبيعية، شين بن اليوم سينمائي أميركي كبير. بل هو – وكما كانت حال صديقه ومثله الأعلى الراحل جون كازافتس في زمنه – يكاد يعتبر عمله كممثل، حتى وان في أفلام طليعية وكبيرة ومستقلة، مجرد استراحة له بين فيلم يخرجه وآخر. والحقيقة أن شين بن يعرف، وكلنا نعرف، ان اختياره لرئاسة لجنة تحكيم «كان» جرى لكونه مخرجاً كبيراً، أكثر مما لكونه ممثلاً رائعاً. فـ «كان»، ندر له ان وضع ممثلاً – مهما علت نجوميته – على رأس لجنة التحكيم الرئيسية. ومع هذا قد يفاجأ المرء إن تذكر – وكما أشرنا – ان رصيد شين بن في عالم الإخراج السينمائي لا يتجاوز أربعة أفلام «بل أربعة ونيّف» يؤكد هو مصححاً. وهو على حق، خصوصاً إذا تذكرنا ان هذا الـ «نيّف» الذي يشير اليه يتعلق بتفوق له في «امتحان» خاضه مع عشرة آخرين من كبار سينمائيي اليوم، بمن فيهم كين لوتش، والمكسيكي اينيراتو والياباني الراحل ايمامورا، وكلهم من عتاة الفائزين بسعفات «كان» الذهبية. ففي ذلك الفيلم الجماعي المعنون «11/9»، طلب منتجون فرنسيون من 11 مخرجاً من شتى أنحاء العالم يمثلون حساسيات سينمائية شديدة التنوع، أن يحقق كل منهم فيلماً في 11 دقيقة يتحدث فيه كما يحلو له عن أحداث 11/9/2001. وكانت النتيجة ان بن حقق العمل الأروع، فكرياً وفنياً وانسانياً، بين تلك الأفلام. ولن نكون مبالغين إذا قلنا ان فيلمه هو الوحيد الذي يبقى يحفر عميقاً في روح المتفرج بعدما يكون هذا قد نسي كل الأفلام الأخرى المشاركة.

ولعل هذه الحقيقة هي التي تعطي شين بن فرادته وتميزه... ولا سيما بالنسبة الى كل أولئك الذين تابعوا مسيرته الفنية، بل الحياتية أيضاً منذ بداية ثمانينات القرن العشرين، حيث كان بالكاد تجاوز العشرين من عمره، وبخاصة حين كان لا يزال يعتبر فتى مدللاً يسير في ركاب زوجته في ذلك الحين المغنية مادونا، ولا يلقى أحد اليه بالاً إلا بوصفه «مستر مادونا» ويكاد يكون عبئاً عليها، لا يذكر اسمه في الصحف إلا لمناسبة مشكلة أثارها أو ضربه مصوراً، أو العثور عليه ثملاً ذات ليل. والواقع ان الرحلة التي قطعها بن بين عيشه في ظل مادونا، وتحوله خلال ربع قرن الى صاحب الكلمة الفصل في لجنة تحكيم مهرجان المهرجانات في «كان»، رحلة طويلة ومدهشة. وهي على أية حال لم تبدأ إلا سنة 1989، سنة طلاقه من مادونا، إذ منذ تلك اللحظة، وفي انطلاقة تشبه – في مجال آخر – انطلاقة نيكول كيدمان منذ طلاقها من توم كروز، تحول فجأة شين بن ليصبح صاحب صورة مؤكدة لفنان كبير. ولعل البداية الأولى في هذا السياق كانت سنة 1989، عام طلاقه من مادونا، حيث لعب في فيلم تيرنس مالك «الخيط الأحمر الرفيع» ذلك الدور الذي جعل كثراً يفغرون أفواههم قائلين: يا لهذا الممثل المدهش! ولم يكونوا وحدهم، إذ سرعان ما نجده يُسمى ما لا يقل عن أربع مرات تالية لأوسكار أفضل ممثل، ويفوز بهذا الأوسكار لاحقاً عن فيلم «نهر المستيك» الذي حققه كلينت ايستوود. كل هذا، وادوار رائعة – ذكرت كثراً بجون كازافتس الممثل وبأفضل لحظات مونتغمري كليفت – جعل شين بن يتربع على عرش خاص به في التمثيل السينمائي. لكن بن ليس من الناس الذين يقبلون الوقوف عند مجد واحد أو عند أطراف مجد ما... لهذا نراه سرعان ما ينحو وجهة أخرى، منذ العام 1991، حيث قرر أن لديه أشياء كثيرة يريد قولها كمخرج، وليس كممثل هذه المرة. وهكذا ولد فيلمه الأول كمخرج «الراكض الهندي» الذي أعطى دور البطولة فيه الى هوغو مورتنسون الذي كان لا يزال جديداً في ذلك الحين. صحيح ان هذا الفيلم لم يحقق نجاحاً جماهيرياً عريضاً، لكنه اعتبر فيلماً طليعياً واشارة الى حساسية جديدة في السينما الأميركية، كما انه برهن مرة أخرى على ان شين بن، صار شيئاً آخر غير ذلك الفتى المدلل، ورجل الظل. ومع هذا، على رغم النجاح النقدي والفني، اضطر شين بن الى انتظار أربع سنوات أخرى قبل أن يحقق فيلمه التالي «حاجز حماية القطارات»، الذي أثار اعجاباً كبيراً، وحقق هذه المرة حتى نجاحاً تجارياً، كان يمكن – على أية حال – عزوه الى وجود جاك نيكلسون في دور البطولة، وهو نجم النجوم في ذلك الحين (1995). وهذا النجاح المزدوج عاد وتأكد بعد ذلك بست سنوات حين حقق شين بن (2001) فيلمه التالي – الثالث – «التعهد»، من بطولة جاك نيكلسون أيضاً – الى جانب روبن رايت، الممثلة الرائعة وزوجة شين منذ سنة 1996 -. ومع هذا الفيلم المقتبس من قصة للكاتب السويسري فردريك دورنمات (صاحب «زيارة السيدة العجوز»)، تكرس شين بن صوتاً جديداً متميزاً في السينما الأميركية الطليعية، وضم اسمه الى أسماء الكسندر باين وجيم جارموش وغيرهما بوصفهم معاً، الصورة الجديدة لسينما تنطلق من الإنسان لتخاطبه.

سيد محترم

وبعد «التعهد» الذي عرض في دورة 2001 لمهرجان «كان» وحقق نجاحاً تجارياً كبيراً، انتظر شين بن ست سنوات أخرى (قطعها بفيلمه القصير المشار اليه حول 11/9/2001)، قبل أن يحقق فيلمه الأخير «نحو البراري» عن الحكاية الحقيقية لشاب تخلى عن كل شيء مادي وعن المدينة والأهل والدراسة والأصحاب، لينطلق ويعيش وحيداً في الطبيعة الثلجية، بعد رحلة غريبة عبر خلالها ألوف الكيلومترات من البراري الأميركية. وخلال تلك السنوات مثّل شين بن كثيراً، وأثار ضجيجاً كبيراً، وأغضب الإدارة الأميركية كثيراً بل – كما سيقول ناقدوه – قدم «خدمات مجانية» كثيرة لبعض الدكتاتوريين المنتشرين في هذا العالم، إن لم يكن حباً بهم، فعلى الاقل نكاية بساكن البيت الأبيض.

صحيح ان هذا كله لن يغيب عن البال خلال مهرجان «كان»، بل لربما سيطغى الحديث عنه على بعض الأحاديث الأخرى الأكثر أهمية. غير ان هذا لن يمنع شين بن من أن يُعامل، كسيد جدير بالاحترام، وفنان جدير بالتقدير، في مهرجان هو سيده الأول – بحسب القواعد والأعراف – وعلى السيد الأول أن يكون دائماً سيداً جديراً بهذا الموقع.

الحياة اللندنية في 9 مايو 2008

 

أيار 68:

يوم وصلت «ثورة الشبيبة» الى مهرجان «كان»

الأفلام كثيرة في دورة «كان» هذا العام. وأصحاب الأفلام إما كبار وإما جدد مميزون. والضيوف آتون من أنحاء كثيرة من العالم. والعيد كالعادة صاخب كما أن الرهانات المستقبلية على جديد الأفلام والتيارات تتجدد كما كل عام حافلة بالوعود. ومع هذا، من المؤكد أن جزءاً أساسياً من الأحاديث والذكريات، وحتى الاحتفالات، سيلتفت صوب الماضي، وبالتحديد، سيعود اربعين عاماً الى الوراء. فإذا كان هذا العام، في فرنسا وغيرها، هو عام الذكرى الأربعين لانتفاضات الشبيبة والطلاب التي أوجدت حساسيات جديدة في أنحاء من العالم، فإن نكهة الاحتفالات تبدو في فرنسا أكبر، لا سيما خلال أيار (مايو) الشهر الذي حمل اسمه لأحداث باريس الطالبية. لكنها تبدو أكثر دفئاً في «كان» بالتحديد، لأن جزءاً أساسياً من روح تلك الأحداث، برز في تلك المدينة الجنوبية الشرقية الفرنسية البحرية، حيث، من جراء هذا، كانت دورة مهرجانها السينمائي لذلك العام، ضحية الأحداث بل ذروتها المنطقية. صحيح أن الأحداث أدت الى انفراط الدورة وتوقف المهرجان، لكن هذا بالذات ما يعطي الذكرى طابعها وجوهرها، لأن الانفراط والتوقف لم يسيرا من دون صخب، بل كانت لهما تأثيرات مدهشة، لا شك في أن كثراً من المهرجانيين سيستحضرونها خلال هذه الدورة، لا سيما يوم الذروة: 19 أيار (مايو). ذلك أن هذا اليوم ذاته شهد عام 1968 ذروة الأحداث في «كان». ولعل من الأمور التي تثير الدهشة أن السينما لم تتحدث حتى اليوم، كما يجب وفي شكل تفصيلي عن ذلك اليوم «الثاني» المدهش، حتى وان كانت دنت كثيراً من أحداث «أيار الباريسي» نفسها، وخصوصاً في فيلم برناردو برتولوتشي «الحالمون» الذي حققه هذا المخرج الإيطالي الذي يعتبر نفسه ابناً من أبناء حساسية عام 1968، وصور فيه أحداثاً عايشها أو تخيلها في باريس ذلك العام،منطلقاً من السينما نفسها. ثم، تحديداً، من كون صراع كان ثار بين مدير السينماتيك الفرنسي – ذلك الحين – هنري لانغلوا، وبين وزير الثقافة في الحكومة الديغولية اندريه مالرو، واحدة من شرارات الأحداث كلها. وهذا صحيح الى حد كبير، حيث أن الصراع الذي كان اندلع منذ شباط (فبراير) السابق لعب دوراً أساسياً في تجذير ثورة الطلاب والمثقفين في شكل كان لا بد له من أن يتمظهر في «كان» حيث أقيم المهرجان السينمائي في وقت كانت الشبيبة الطالبية الفرنسية تلتهب وتلهب معها شوارع باريس وقاعات الجامعات.

فما الذي حدث في «كان» يومها؟

بكل بساطة دار سجال حاد وكبير بين شبان السينما – وكلهم كانوا ينتمون، طبعاً، الى اليسار غير الستاليني ويقفون موقف العداء من اندريه مالرو، وبالتالي من الإدارة الرسمية للمهرجان التي كان يمثلها فافر لي بري – وبين هذا الأخير وأركان حربه. ومن بين شباب السينما كان هناك طبعاً جان لوك غودار وفرانسوا تروفو واريك رومر وغيرهم، إضافة الى عدد من السينمائيين الأجانب الذين انضموا اليهم. وكان الصراع بين فكرتين: هل نكمل المهرجان كأن شيئاً لم يكن، أم نوقفه. وكان ثمة، في الوقت نفسه فكرة ثالثة تنادي بتحويل المهرجان الى منبر احتجاجي عبر عرض الأفلام والتناقش من حولها ومن حول الأوضاع السياسية وآفاقها الثورية. ولقد وصل السجال الى ذروته خلال عرض «شراب النعناع» للاسباني كارلوس ساورا، إذ أوقف العرض واجتمع السينمائيون في صالة جان كوكتو تحت اسم «لجنة الدفاع عن السينماتيك الفرنسية». ومنذ بدء الاجتماع قرأ تروفو نص بيان كان اتخذ مساء اليوم السابق في مدرسة التصوير الفوتوغرافي في باريس ينادي بالتصدي للسياسة الرسمية المضرة بالسينما. وسرعان ما بدأ النقاش ليقف التشيكي ميلوش فورمان معلناً انه يسحب فيلمه «الى النار أيها الاطفائيون» احتجاجاً على السياسات اليمينية وتضامناً مع المحتجين وكذلك فعل كلود ليلوش الذي أعلن سحب فيلمه أيضاً. وأثر هذا ثار نقاش بين غودار (الذي دعا الى تحويل ما تبقى من المهرجان الى ندوات سياسية) وتروفو (الذي طالب بإيقاف المهرجان وإغلاق قصر المهرجانات باعتباره رمزاً للسلطة اليمينية)... وساد الهرج والمرج، ليدخل رومان بولانسكي، عضو لجنة التحكيم معلناً عزمه على الاستقالة... وإذ وصلت الأمور الى هذا الحد، قرر المجتمعون نقل السجال الى القاعة الكبرى وتحولوا اليها يتبعهم مئات الحضور المتجمعين في الخارج. ومن بينهم أجانب وقف بعضهم ضد إقفال المهرجان... بل طالب البعض باستمراره في شكله الرسمي وانضم اليهم عدد من الفرنسيين. وعلى هذا النحو حين استؤنف النقاش في الصالة الكبرى، زادت حدة السجال بين ثلاثة مواقف. وإذ دخل لويس مال، عضو لجنة التحكيم، وبولانسكي معلنين استقالة اللجنة، يتبعهما مونيكا فيتي وتيرنس يونغ... بدا وكأن الأمور يمكن أن تقف عند هذا الحد. ولكن هنا بالتحديد ظهر مفوض المهرجان فافر لي بري، ومعه أركان حربه ليطالبوا الحضور بإخلاء الصالة ووقف الخطابات النارية وغير النارية، كي يعرض الفيلم المبرمج. وإذ بدأ عرض الفيلم وقف غودار ساحباً الميكروفون ليعلن أن الفيلم يعرض ضد إرادة الشعب الفرنسي. وهنا وصلت الحالة الى ذروتها إذ صعد البعض لسحب الميكروفون من غودار، وصعد آخرون للدفاع عنه. وبدأ الاشتباك الذي يمكن أن نقول اليوم انه كان ولا يزال فريد نوعه في تاريخ المهرجانات السينمائية وتاريخ «كان» خصوصاً، غير أن هذا كله سرعان ما توقف حين أصر كارلوس ساورا صاحب الفيلم المعروض على سحب فيلمه ووقف عرضه.

وهكذا كان... وأوقف العرض لتلي ذلك خطابات وصراخ وانسحابات... كان من نتيجتها توقف المهرجان كلياً. وعلى هذا النحو يكون مهرجان كان قد ساهم هذه المساهمة الأساسية في «ثورة» عام 1968. وهذا، بالتأكيد، ما سيتذكره زوار «كان» هذا العام. عام الذكرى الأربعين لتلك الثورة التي يمكن القول إنها كانت ثورة في الذهنيات – لا تزال مستمرة حتى اليوم – أكثر مما كانت ثورة في أي مكان آخر.

الحياة اللندنية في 9 مايو 2008

 
 

ياسر محب:

اختياري في لجنة تحكيم «كان» شهادة للحركة النقدية في مصر

كتب  هيثم دبور

اختارت إدارة مهرجان «كان» ياسر محب الناقد والصحفي بجريدة «الأهرام إبدو» عضو لجنة تحكيم في مسابقة «نظرة خاصة» أحد أفرع المسابقة الرسمية، ويعد اختياره هو ثالث مشاركة مصرية في المسابقة الرسمية بعد يوسف وهبي في الأربعينيات ويوسف شاهين في الثمانينيات، وأول مشاركة لناقد مصري في المسابقات الرسمية.

ياسر تخرج في كلية الألسن قسم اللغة الفرنسية، وحصل علي دبلومة في الإعلان من جامعة «السوربون»، وأكثر من دبلومة في النقد من جامعات فرنسية، ويحضر لرسالة الدكتوراه حول علاقة اللغة بالأدب والسينما.

·         وكيف تم ترشيحك للمشاركة؟

ـ عندما سألت «كرستين إيميه» المسؤولة الإعلامية بالمهرجان عن سبب اختياري، أخبرتني بأن إدارة المهرجان أعدت ملفا عن كتاباتي عن المهرجان طوال السنوات الماضية بالفرنسية وترجموا المقالات العربية التي أنشرها في الطبعة العربية من جريدة الأهرام، وقالت لي إنه إنجاز أن يتم اختياري بعد فترة وجيزة من عملي علي تغطية المهرجان من فرنسا، فقد سافرت لأول مرة لتغطية المهرجان عام ٢٠٠٥.

·         وبم تفسر اختيارك رغم صغر سنك؟

ـ الاتجاه العام في المهرجان هو اختيار النقاد الشباب، ورئيس المهرجان في منتصف الثلاثينيات.

·         *هل تري أن اختيارك يعتبر رداً علي من يهاجمون الواقع النقدي في مصر؟

ـ اختيار ناقد مصري في مهرجان «كان» شهادة للحركة النقدية في مصر، رغم اختلاف الكثير حولها، ودليل علي أنها ليست داخلية، وإنما منفتحة علي السينما العالمية، ومهرجان «كان» يهتم بشكل خاص بالحركة النقدية في مصر، خاصة أنه كرم الناقد سمير فريد في دورته السابقة، لكن النقد في مصر يعاني من وجود عدد من الدخلاء يكتبون لتحقيق مكاسب معينة.

المصري اليوم في 10 مايو 2008

 
 

موجة اللاتينية علي شاطيء لاكروازيت

مارادونا نجم مهرجان كان

ريم عزمي

في كل دورة لا يسعي مهرجان كان السينمائي الدولي لتقديم أفكار وأعمال وأفلام مبهرة فحسب فهو يهتم بالقيمة الفنية أيضا‏,‏ فالفن لعبته‏,‏ لذا يعكف طوال العام علي إعداد قائمة دسمة من المفاجآت لمحبي الفن السابع في أنحاء العالم‏.‏

وحتي بعد تخطيه لسن الستين فمازال‏'‏ كان‏'‏حريصا علي تجديد روحه‏.‏

وها هو في دورته الحادية والستين في الفترة من‏14‏ إلي‏25‏ مايو الجاري‏,‏ يرتب أجواء ذات طابع لاتيني ساحر ليواكب الموجة اللاتينية التي تجتاح العالم‏!‏مع الاحتفاظ بالوجود الآسيوي الذي يميز شاطيء لاكروازيت الذي يستضيف المهرجان كل عام‏,‏ و مساندة الأفلام الأمريكية التي تتمتع بطابع إنساني‏,‏ لتضمن دوما توازنا سينمائيا‏!‏

وعلي رأس الأفلام اللاتينية المعروضة فيلم نجم كرة القدم الأسطوري في القرن العشرين الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا‏,‏ الفيلم الوثائقي يحمل اسمه‏'‏ مارادونا‏'‏ من إنتاج صربي لعام‏2006‏ وإخراج البوسني أمير كوستاريكا‏.‏

كذلك فيلم‏'‏ تشيه‏'‏من إنتاج أمريكي وإخراج ستيفن سودربرج‏,‏ الذي يتناول السيرة الذاتية للمناضل الأرجنتيني العظيم إرنستو جيفارا الشهير بـ‏'‏ تشيه‏'‏الذي أغتيل في بوليفيا في عام‏1967,‏ ويقوم بدور البطولة الممثل البورتوريكي بينيتشيو ديل توترو‏.‏

و هناك مشاركات أرجنتينية أخري في المهرجان من خلال فيلمين في المسابقة الرسمية‏,‏ و ‏3‏ أفلام في المسابقات الخمسة عشرة للمخرجين‏,‏ في إنتاج مشترك مع الأوروجواي والمكسيك وأسبانيا في فيلم‏'‏ حب الشباب‏',‏ و‏'‏ ليفربول‏'‏في إنتاج مشترك مع أسبانيا وهولندا‏,‏ و‏'‏السحلية‏'‏في إنتاج مشترك مع فرنسا وألمانيا‏.‏

وهناك مشاركات لاتينية أخري مثل فيلم الافتتاح البرازيلي‏'‏ العمي‏'.‏

ويتزامن ذلك مع عرض فيلمين آخرين وثائقيين في مهرجانات أخري الأول‏'‏ وعد الميت‏'‏من إنتاج كندي‏,‏ عن الرئيس التشيلي الراحل سلفادور اللندي‏.‏

و‏'‏ حالة بينوشيه‏'‏ من إنتاج تشيلي بلجيكي فرنسي أسباني مشترك عن الطاغية التشيلي الراحل أوجوستو بينوشيه‏.‏

عرب وإسرائيليون

فيلم رسوم متحركة وثائقي‏,‏ وسيلة غريبة من نوعها‏,‏ للفت الأنظار إلي العبء النفسي الذي عذب المخرج الإسرائيلي آري فولمان طوال‏20‏ عاما‏,‏ رفض خلالها الحديث تماما عن مجزرة صابرة وشاتيلا التي راح ضحيتها الفلسطينيون أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام‏1982,‏ و يميز المخرج الذي كان مجندا وقتها هذه الفترة باغتيال الرئيس بشير الجميل يوم انتخابه رئيسا للبلاد‏!‏

وها هو يعود بذاكرته ليستعيد مشاهد ربما يصعب تصويرها بشكل واقعي‏,‏ فآثر تقديم اعترافاته بشكل فني جديد‏!‏و يشارك هذا الفيلم الذي يحمل عنوان‏'‏ رقصة الفالس مع بشير‏'‏ في المسابقة الرسمية‏.‏

أما الثنائي اللبناني الذي بات مألوفا في المهرجانات العالمية جوانا حاجي توما وخليل جريج فيقدم رابع تعاون سينمائي بينهما من خلال فيلم‏'‏ بدي أشوف‏',‏ الذي يستخدم أيضا أسلوبا متفردا‏,‏ فيمزج الدراما بالجانب الوثائقي لعرض مشاهد مفجعة للدمار الذي حل بلبنان بعد حرب يوليو‏2006‏ علي يد الجيش الإسرائيلي مرة أخري‏!‏

وقد صرحا قبل ذلك أنهما لجئا لهذا الأسلوب لأنهما لم يعرفا كيف يصيغا سيناريو تقليديا بعد الحرب‏,‏ كما فكرا أن النجمة الفرنسية كاترين دينيف ليست ممثلة عادية‏,‏ بل إنها تعد أيقونة مميزة في السينما العالمية‏,‏ لذا فهو خير نموذج لتقديم شهادة علي العصر‏,‏ في إطار حوار يطرح تساؤلات حول الأحداث الدامية‏!‏ وربما تتشابه هذا العمل مع فيلم‏'‏ تحت القصف‏'‏الذي قدمه مواطنهما فيليب عرقتنجي‏,‏ و يشارك فيلم في مسابقة‏'‏ نظرة ما‏',‏ للمخرجين الذين مازالوا في بداية مشوارهم الفني وللمزيد من الدعم فأعمالهم من إنتاج فرنسي‏.‏

وفي المسابقة نفسها تشارك أيضا آن‏-‏ ماري جاسر التي تعتبر أول مخرجة فلسطينية والتي ولدت في السعودية‏,‏ فيلمها‏'‏ ملح حد هالبحر‏',‏ الذي يتناول القضية الفلسطينية‏.‏

والغريب هو اختيار الممثلة الإسرائيلية التي تحمل الجنسية الأمريكية ناتالي بورتمان واسمها الحقيقي ناتلي هرشلاج‏,‏ عضوة في لجنة التحكيم‏!‏ برغم أنها لا تتمتع بأي شيء مميز‏!‏ فهي لم تتم‏27‏ عاما‏,‏ أي أنها تفتقد للخبرة‏,‏ كما أنها لم تقدم أي أداء فذ في أفلامها‏,‏ حتي مظهرها أقل من العادي علي عكس نجمات هوليوود اللائي يتمتعن بالبريق‏!‏

نجد في نفس لجنة التحكيم أيضا المخرج الفرنسي الذي ينحدر من أصل جزائري رشيد بوشارب‏,‏ و من أشهر أعماله‏'‏ السكان الأصليون‏'‏إنتاج‏2006‏ عن مشاركة جنود مغاربة في الحرب العالمية الثانية مع قوت الحلفاء‏.‏

المفاجأة الأمريكية‏!‏

حتي لو اختلفنا في كثير من المجالات‏,‏ فلا يمكن لفرنسا أن تتجاهل السينما الأمريكية‏,‏ بل علي العكس تسعي لكسب ود نجوم هوليوود المتمردين‏!‏فاختارت النجم الأمريكي المتميز شون بن كرئيس لجنة التحكيم في المسابقي الرسمية‏.‏

ومن أهم الأحداث التي سيشهدها المهرجان هو عرض الجزء الرابع من سلسلة أفلام المغامرات الشهيرة‏'‏ إنديانا جونز‏:‏و مملكة الجمجمة الكريستالية‏',‏ من إخراج ستيفن سبيلبرج وبطولة هاريسون فورد‏.‏

نجد أيضا الأفيش الغريب الأشبه بالصور التي يتم التقاطها للمجرمين المتهمين في القضايا الخطيرة‏,‏ المستلهم من أحد أعمال المخرج الأمريكي ديفيد لينش‏*‏

الفيلم‏/‏ الدولة

العمي ـ البرازيل

ثلاثة قرود ـ تركيا

صمت لوما ـ بلجيكا

حدوتة عيد الميلاد المجيد ـ فرنسا

استبدال ـ أمريكا

عشق ـ كندا

رقصة الفالس مع بشير ـ إسرائيل

حدود الفجر

مدينة عامورة ـ إيطاليا

‏24‏ مدينة ـ الصين

سحري الخاص ـ أمريكا

إيريك خو ـ سنغافورة

المرأة التي بدون رأس ـ الأرجنتين

سربيس ـ الفلبين

دلتا ـ المجر

لينيا دي باسي ـ البرازيل

تشيه ـ أمريكا

إل ديفو ـ إيطاليا

ليونيرا ـ الأرجنتين

صيد باليرمو ـ ألمانيا

عاشقان ـ أمريكا

بين الأسوار ـ فرنسا

المخرج

فرناندو ميريلز

نوري بيلج سيلان

جان‏-‏بيير ولوك داردان

آرنو ديبيلشان

كلينت إيستوود

أتوم إجوايان

آري فولمان

فيليب جاريل

ماتيو جاروني

جيا زانج‏-‏ كي

سينكدوش‏-‏ نيويورك

تشارلي كوفمان

لوكريشيا مارتل

برلتني مندوزا

كورنيل موندروزو

والتر ساليس ودانييلا توماس

ستيفن سودربرج

باولو سورنتينو

بابلو ترابيرو

فيم فينديرز

جيمس جراي

لوران كانتيه

الأهرام العربي في 10 مايو 2008

 
 

بين 14 و25 أيار/ مايو الجاري مع شون بن رئيساً للتحكيم وعروض كثيرة عن السير الشخصية

كان 61: لبنان يتمثل بـ <بدي شوف>، بطولة دونوف واسرائيل تحكي عن الرئيس بشير الجميل

كبار مخرجي العالم حاضرون·· وأميركية من أصل فلسطيني تحاول استرجاع أموال والدها

محمد حجازي

عربيان فقط في الدورة 61 لمهرجان كان السينمائي الدولي (بين 14 و25 أيار/ مايو الجاري) مع الزوجين اللبنانيين خليل جريج وجوانا حاجي توما وبدي شوف je Veux voir الذي تلعب بطولته كاترين دونوف شاهدة على تداعيات عدوان تموز/ يوليو 2006 ومعها ربيع مروة حيث يتنقلان ما بين الضاحية الجنوبية، والخط الساحلي وصولاً إلى رصد حالة الدمار التي طالت قرى عديدة في الجنوب·

الشريط يعرض في إطار: نظرة ما Un certain Regard مثله مثل الشريط الذي أنجزته المخرجة الاميركية من أصل عربي فلسطيني آن ماري جاسر بعنوان: ملح البحر، في انتاج مع فرنسا يرصد سيرة آن الشخصية والتي عاشت 28 عاماً من حياتها في احد أحياء بروكلين لتنتقل بعدها إلى الاراضي المحتلة حيث قصدت حيفا، وطالبت مصرفاً اسرائيلياً بايداعات والدها التي كان ممن طردوا عام 1948، عام النكبة، لكن المصرف لا يقر بأي حق لها في ذمته، وتلتقي هناك بشاب يشدها إلى الارض أكثر عندما تجد عنده رفضاً قوياً للمغادرة وترك الارض والعيش في اي مكان من العالم·

لـ جاسر اكثر من شريط قصير خلال الـ 14 عاماً الماضية ابرزها: مثل عشرين مستحيلاً·

وتبدو إسرائيل محور فيلم ثالث أيضاً عن لبنان عام 82 عام اغتيال الرئيس بشير الجميل، ومجزرتي صبرا وشاتيلا بعنوان: <والتز مع بشير> أنجزه جندي سابق في الجيش الاسرائيلي خدم في لبنان ذلك العام، وكانت له مشاهداته الخاصة وهو يريد أن يرويها لأهميتها البالغة·

دخول اسرائيل هنا على الخط ليس بريئاً ابداً حيث الرغبة لدى المخرج آري فولمان، في الكلام عن هذه الحقبة تصب في خانة إثارة المواجع وتبسّم جديد في عسل السلام في المنطقة ومحاولات لبنان استفادة بعض من استقراره، وهو عمل كرتوني تم اقتباسه عن كتاب من الصور المتحركة صدر في إسرائيل ويحكي عن مجزرة صبرا وشاتيلا والعنوان: ·

المسابقة الرسمية إضافة إلى الفيلم الاسرائيلي عن الرئيس بشير الجميل، فان هذه التظاهرة تشمل افلاماً لكبار المخرجين العالميين يتقدمهم كلينت ايستوود مع عن نص لـ مايكل ستركزنيسكي في ساعتين وعشرين دقيقة، ومعه أنجلينا جولي، جون مالكوفيتش، مورغان إيستوود، مايكل كيلي، جيفري دونوفان، وجايسون باتلر هارتر·

ويقدم الكندي من أصول أرمنية أتوم ايغويان الذي صوره ما بين تورونتو واونتاريو، مع بطلته المفضلة أرسينيه كانجيان ، سكوت سبيدمان، راشل بلانشارد، وكيفن والش·

الاخوان البلجيكيان جان بيار ولوك داردين يقدمان: صمت لورنا، عن سيناريو لهما معاً، في انتاج بلجيكي، انكليزي - فرنسي، وتلعب دور لورنا الممثلة آرثا دوبروشي، ومعها جيريمي رينييه، وفايريزيو رونجيون·

ويقدم ستيفن سودربرغ شريطه الكبير أو تشي غيفارا في اربع ساعات مع ينييسيودل تورو في الدور الرئيسي عن نص كتبه بيتربوشمان، مع فرانكا بوتانتي (تامارا بكلي) إدغار راميريز، سانتياغو كابزيرا، كاتالينا ساندينو مورنو وجسّد دور فيديل كاسترو: ديميان بشير، ولعب شخصية اوربانو خليل مانديز·

ويشارك الالماني العالمي فيم فندزر بشريط عن نص كتبه مع نورمان اوهلر، وقد لعب الادوار الرئيسية: ميلو جوفوفيتش، ونييس هوبر، جيوفانا ميزوغيورنو، وباتي سميث·

ويقدم جيمس غراي عن نص كتبه مع رايك فيلليو، صوره في برايتون بيتش، بروكلين، بنيويورك مع فريق من النجوم : جواكين فونيكس، غوينيث بالتراو، فانيساشاو، ايزابيلا روسيلليني، وايلياس كوتاس·

وتفتتح تظاهرة المسابقة بفيلم لـ فرناندو مايريليس، عن رواية لـ جوزيه ساراماغو، وضع لها السيناريو دون ماكيلار في انتاج مشترك برازيلي - كندي - ياباني، صور ما بين غيلف، اونتاريو (كندا) جوليان مور، مارك، روفالو، آليس براغا، داني غلافر، غايل غارسيا برنال·

ويعرض في ختام التظاهرة الرسمية آخر ما صوره باري ليفسون بعنوان What just Happened عن نص لـ أرت لنسون عن كتاب له في 107 دقائق، صور في جامعة كاليفورنيا، نورتريدج، ولوس أنجلوس في بطولة لمجموعة متميزة من الأسماء الكبيرة: روبرت دونيرو، بروس ويليس، ستانلي توكشي، جون تورتورو، ولــ شون بن رئيس لجنة التحكيم دور في الشريط، ومطلقته روبن رايت بن·

يضاف إلى هذه الافلام:

- بين الجدران لـ لوران كانيت· - القرود الثلاثة لـ نوري بيلج سايلان· - لـ آنو ديسبلاشن. - جبهة الفجر لـ فيليب غاريل· - غومورا لـ ماتيو غاروني - 24 مدينة لـ جينا زانغ كي· - لـ تشارلي كوفمان. - سحري لـ ايريك كو· - لوكريسيا مارتل. - لـ بريانت ماندوزا. - (دلتا) كورنل موندورو كزو· - والتر سالز ودانيالا لاتوماس. - لـ باولو سورانتينلا. - ليونيرا لـ بابلو ترابيرو نظرة ما تفتتح هذه التظاهرة (Un certain regard) بفيلم : (Hunger) لـ ستيف ماكوين كتبه مع إيندا والش، مع مايكل فاسيندر، ليام كوبنغهام، ستيوارت غراهام، ليام ماكماهون، وهو شريط انكليزي مدته 90 دقيقة·

واضافة إلى الفيلمين اللبناني والفلسطيني في هذه التظاهرة تعرض افلام:

- طوكيو لـ بونغ جون هو· ليوكاراكس، وميشال كوندري - بعد المدرسة، لـ انطونيو كامبوس - موقف لـ شونغ مونغ هونغ - (Soi Cowboy) لـ توماس كلاي. - الحياة العصرية، لـ ريموند دبياردون· - والك 9، لـ أندرياس دريزن· - تولبان· لـ سيرغي وفورسيفوي· - لوس باستاردوس، لـ آمات اسكالانتي· - (C"Horten) لـ بانت هامر . - طوكيو سوناتا لـ كيوشي كوروساوا· - (Ocean Flame) لـ لوي فيدور. - عيد الفتاة الميتة، لـ ماثيوس ناشترغال· - (De ofrinlliGa) لـ روبن اوستلاند. - ويندي ولوسي لـ كيلي ريتشاردت· - جولي مار دوغ لـ جان ستيفان سوفير· - فرساي لـ بيار شولر· - نايسون لـ جيمس توباك·

عروض شرف عدد آخر من الكبار وجد نفسه في هذه التظاهرة

- وودي آلن يقدم فيكي كريستينا بــ ارشلونة· - كيم جي وون (The Good.The Bad, The weird)· - ستيفن سبيلبرغ له الجزء الرابع من انديانا جونز· - مارك أوزبورن وجون ستيفنسون (كونغ فو باندا)· - مارادونا لـ اميركو ستوريكا· - (Surveillance) لـ جينغ لينش. - (The Chaser) لـ نا هونغ جن. - وقت في المدينة لـ تيرانس ديفيس· - (Chelsea on The Rocks) لـ آبل فيرارا. - قصة إيطالية لـ ماركو توليو جيوردانا· - قاسٍ جداً أن يحبك غبي، لـ دانيال لوكونت· - (Ashes of Time Redux) لـ وانغ كارداي. - رومان بولانسكي: مطلوب ومرغوب، لـ ماريانا زينوفيتش· - (The Third Wave) لـ آليسون توميسون.

أفلام قصيرة هي تسعة اشرطة تتراوح مدتها بين 3 دقائق ودقيقة

- جيريكان (جوليوس آفيري) - ايل ديزو( ماري بنيتو) - ميغاترون (ماريان كريزان)· - 411 - ز (دانيال ايرديلي)· - من قليل إلى أقل (ميدلاني لوران)· - إرتبي السعيد (انطوني لوكاس)· - سفر سعيد (جافييه باليرو، غيللامو، وكامورا)· - سمافوغلار (رونار رونارسون)· - أحبك أكثر (سام تايلور وود)· لجان التحكيم للافلام الطويلة: - شون بن (رئيساً) جين باليبار (فرنسا)، آلكسندر ماريابارا (ألماني) ناتالي بورتمان (اسرائيلية اميركية) مرجان ساتزابي (ايرانية) رشيد بوشارب (جزائري) سيرجيو كاستيلليتو (ايطاليا) آلفونسو كوازون (المكسيك) آبيشابتونغ وايراستاكول (تايلاند)·

الافـلام القصيرة والـ Cinefo- ndation):

- هوهسياوهسيان (رئيساً) سوزان بيار (الدانمارك) مارين هاندز (فرنسا) أوليفييه اساياس (فرنسا) لاري كارديش (اميركا)·

افلام نظرة ما:

يرأسها فاتح آكين الكاميرا الذهبية يرأسها برونو دومونت· يبقى أن المهرجان ينطلق بعد غد، وما لاحظناه من الأسماء الكبيرة يؤكد أن السينما ما زالت على شبابها·

اللواء اللبنانية في 12 مايو 2008

 
 

السينما المصرية في سوق كان وفي لجنة تحكيم «نظرة خاصة»

بقلم  سمير فريد 

الحضور في مهرجان كان أو غيره من المهرجانات السينمائية الكبري يعني اختيار فيلم في مسابقة الأفلام الطويلة، وبهذا المقياس تكون السينما المصرية غائبة عن مهرجان كان منذ عام ١٩٩٧ عندما عرض فيلم «المصير» إخراج يوسف شاهين، وكان قد انتقل من العرض خارج المسابقة إلي العرض داخلها في آخر لحظة بعد سحب فيلم من الصين، وفي تلك الدورة فاز فنان مصر الكبير بجائزة اليوبيل الذهبي التذكارية الخاصة عن مجموع أفلامه، وهي الجائزة الوحيدة التي حصلت عليها السينما المصرية طوال تاريخ مهرجان كان في ٦٠ دورة حيث تبدأ الدورة الـ٦١ بعد غد «الأربعاء».

ولكن الغياب عن مسابقة الأفلام الطويلة لا يعني عدم إمكانية الحضور علي نحو أقل تأثيراً في مسابقة الأفلام القصيرة أو مسابقة أفلام الطلبة أو خارج المسابقة أو في برنامج «نظرة خاصة»، وهي برامج المهرجان «الرسمية». والغياب عن هذه البرامج لا يعني عدم إمكانية الحضور في برنامج أسبوع النقاد الذي تنظمه نقابة نقاد السينما في فرنسا، أو برنامج نصف شهر المخرجين الذي تنظمه نقابة المخرجين أثناء المهرجان..

 والحضور الأقل تأثيراً هو العرض في سوق المهرجان، لأنه مفتوح لكل من يملك إيجار قاعة العرض من دون شروط. والمعلومات المتوفرة حتي الآن أن السوق سوف تشهد عرض «الغابة» إخراج أحمد عاطف، و«ليلة البيبي دول» إخراج عادل أديب، وهو تواجد يحول دون الغياب الكلي علي أي حال.

وقد أذهلني تصريح الممثل الفنان نور الشريف أحد نجوم «ليلة البيبي دول» في حواره مع «المصري اليوم» عدد الأربعاء الماضي عندما قال: إن الفيلم رفض في المسابقة لأن إدارة المهرجان طلبت حذف لقطات أو حوارات تبين تجاوزات الجيش الأمريكي، وأن المخرج أصر علي عدم الحذف، فمن المستحيل أن تطلب إدارة مهرجان كان مثل هذا الطلب، كما أن المهرجان مثل غيره من المهرجانات الكبري يعرض العديد من الأفلام التي تعارض السياسة الأمريكية، وتجاوزات الجيش الأمريكي، بل إن أغلب هذه الأفلام أمريكية وتعرض في مهرجانات أمريكا، وتشترك في مسابقة الأوسكار وتفوز.

وفي اليوم التالي لهذا الحوار، صرح مخرج الفيلم بأن المسؤولين في شركة توزيع الفيلم في فرنسا هم الذين قالوا إن إدارة المهرجان لا يمكن أن تقبل الفيلم لوجود تلك اللقطات والحوارات.

وتحضر السينما المصرية هذا العام باختيار ياسر محب ناقد «الأهرام إبدو» في لجنة تحكيم جائزة «نظرة خاصة»، وهي أحدث جوائز المهرجان، وكان صلاح هاشم قد اشترك في لجنة تحكيم «الكاميرا الذهبية» عام ١٩٨٩، ويسري نصر الله في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة عام ٢٠٠٦، أما في لجنة تحكيم الأفلام الطويلة، فقد اشترك يوسف وهبي عام ١٩٤٦ ويوسف شاهين عام ١٩٨٦.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في 12 مايو 2008

 
 

غدًا افتتاح مهرجان كان وهذا الفيلم عن حب الحمقي

بقلم  سمير فريد

يفتتح غدًا مهرجان كان الـ ٦١، عيد السينما الكبير في العالم، ومن بين الأفلام الـ ١٥ الطويلة التي تعرض خارج المسابقة الفيلم الفرنسي التسجيلي الطويل «صعوبة حب الحمقي» إخراج لوران ليكونت في أول أفلامه الطويلة، أي انه من الأفلام المتسابقة علي جائزة الكاميرا الذهبية التي تمنح لأحسن فيلم طويل أول لمخرجه في كل البرامج الرسمية داخل وخارج المسابقات، وكذلك البرنامجان الموازيان لنقابتي النقاد والمخرجين.

لا أحد يدري مصدر الخبر الذي نشر في الصفحة الثانية في «الأهرام» عدد الجمعة الماضي تحت عنوان «الرسوم المسيئة تهدد كان»، وجاء فيه أن المهرجان يواجه احتمالات المقاطعة من جانب الدول العربية والإسلامية بعد أن قرر عرض فيلم «صعوبة حب الحمقي»، فلم تذكر الجريدة مصدر الخبر.

يتناول الفيلم محاكمة جريدة «شارلي إبدو» الفرنسية الساخرة عام ٢٠٠٧ بناء علي دعوي قضائية من عدة جمعيات إسلامية في فرنسا لأن الجريدة أعادت نشر اثنين من الرسوم الدانماركية الكاريكاتورية التي أصبحت تعرف في العالمين العربي والإسلامي بـ «الرسوم المسيئة»، والتي نشرت عام ٢٠٠٥، ونشرت في نفس العدد رسمًا للرسام الشهير كابو لمن يفترض انه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، هو يضع رأسه بين كفيه ويقول «من الصعب أن تكون محبوبًا من الحمقي»، وهو عنوان الفيلم بالفرنسية، وعلي يسار الرسم نشرت الجريدة عبارة «محمد مرهق من المتطرفين».

هذا ما نشر عن الفيلم حتي الآن، إلي جانب بيان من جريدة «شارلي إبدو» يوجه التحية إلي إدارة مهرجان كان لقرارها بعرض الفيلم في البرنامج الرسمي ولكن أحدًا لم يشاهد الفيلم إلا صانعوه وإدارة المهرجان فقط، وبالتالي لا يمكن الحكم علي موقفه، أو بعبارة أخري لا يمكن اعتباره مؤيدًا لمحاولات الإساءة إلي الرسول إلا بعد مشاهدته، فلماذا وبأي منطق يحكم علي الفيلم بأنه يؤيد الإساءة، بل التهديد بمقاطعة الدول العربية والإسلامية للمهرجان بسبب هذا الموقف الذي لا يمكن معرفته إلا بعد مشاهدة الفيلم.

نعم لقد صدر الحكم في مارس ٢٠٠٧ ببراءة الصحيفة من تهمة التقليل من شأن الإسلام ومحاولة الإساءة لرسوله الكريم، وتم تأييد الحكم في الاستئناف. ولكن حتي هذا الحكم لا يعني الحكم علي الفيلم الذي تناول المحاكمة من دون مشاهدته.

 ومن ناحية أخري فإن التهديد بالمقاطعة هو سلاح العجزه الذين لا يستطيعون المواجهة والدفاع عن معتقداتهم، وقد أحسنت المؤسسات التي لجأت إلي القضاء في فرنسا حتي لو كانت قد خسرت القضية، فهي بهذا السلوك خسرت قضية ضد جريدة، ولكنها كسبت إظهار الوجه الحضاري للإسلام.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في 13 مايو 2008

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)