كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الدورة 61 لمهرجان كان تفتتح عروضها بفيلم عن بشرية فقدت البصر...

«العمى» رواية صاحب نوبل في ضيافة مخرج «مدينة الله»

كان (جنوب فرنسا) - ابراهيم العريس

مهرجان كان السينمائي الدولي الحادي والستون

   
 
 
 
 

منذ بدء فيلم «مدينة الله» عروضه العالمية التي أخرجته من حيزه البرازيلي المحلي، وحققت له ولمخرجه الشهرة الواسعة والجوائز العديدة، كان ثمة دائماً تساؤل في عالم السينما يدور من حول كيفية الاستفادة من موهبة مخرجه اللافتة. موهبة منتجه، والتر ساليس، كانت بدورها تجلت حيث أن ساليس، كمخرج برازيلي كبير، وجد لزاماً عليه ذات يوم أن يكتفي بانتاج «مدينة الله»، بعدما كان ثبت مكانته بـ«محطة البرازيل» ثم أوصلها، والشهرة العالمية معها، الى أعلى الذرى مع «يوميات سائق دراجة» عن جولة غيفارا، شاباً، في بعض بلدان أميركا اللاتينية. أما مكانة مخرج «مدينة الله» فكانت أكثر التباساً، خصوصاً أن كثراً اعتقدوا في ذلك الحين أن ساليس هو مخرج هذا الفيلم. بالتدريج أدرك الجميع أن لمخرج هذا الفيلم اسمه الخاص ومكانته الخاصة. هو فرناندو ريّيس، ابن ساو باولو، الذي سيعرف الجميع أن «مدينة الله» ليس فيلمه الأول، بل الرابع، وان شهرته في موطنه تعادل شهرة ساليس إن لم تزد عنها. وهكذا ما إن صار هذا كله واضحاً حتى ثار السؤال: ماذا نفعل بمريّيس؟ وجاء الجواب سنة 2005، حين خرج هذا المخرج الشاب والخمسيني في آن معاً، من عالمه البرازيلي، ليصل الى أفريقيا، مع فيلم مقتبس عن رواية لجون لوكاريه هو «الجنيناتي الدؤوب» الذي حقق له جائزة أوسكار أفضل مخرج في وقت كان صديقه والتر ساليس يحتفل بنجاح فيلمه عن غيفارا. ولا يكاد يجرؤ، بعد، على الخروج من مواضيع أميركا اللاتينية.

وفي هذه الدورة من مهرجان «كان» يجتمع الثلاثة معاً: غيفارا، ساليس، ومريّيس، لكنهم يجتمعون متفرقين، غيفارا كشخصية محورية في فيلم لا يقل طوله عن اربع ساعات حققه الأميركي ستيفن سودربرغ، العائد الى «كان» بعد 19 سنة من فوز فيلمه الأول (وكان هو بعد في أوساط العشرينات من عمره) «جنس أكاذيب وفيديو» بسعفة ذهبية مفاجئة، ووالتر ساليس في فيلم جديد عنوانه «خط العبور» يشارك في المسابقة الرسمية، وأخيراً فرناندو مريّيس نفسه بالفيلم الذي افتتحت به دورة «كان» أول من أمس الاربعاء، عروضها: «العمى».

واللافت هنا أن الإعلان عن أن «العمى» سيكون فيلم الافتتاح جاء متأخراً الى حد ما عن إعلان لائحة الأفلام المشاركة في المهرجان، ما دفع كثراً الى التكهن بأن الافتتاح سيكون أميركياً وضخماً من طريق «انديانا جونز...»، بيد أن هذا الاختيار ما كان في إمكانه أن يبدو منطقياً، في دورة يتوقع منذ أيامها الأولى هذه، أن يغلب عليها طابع طليعي، بحيث أن بعض النقاد قال: كأننا هنا في مهرجان «ساندانس» خفف من غلوائه بعض الشيء.

ويبدو هذا القول متناسباً على أية حال، مع شخصيات السينمائيين الأربعة الطليعيين الكبار، الذي عهد اليهم برئاسة لجان التحكيم الخاصة بالمسابقات الأربع الرئيسة: شين بن للمسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، هو هسياو هسيين لمسابقة الأفلام القصيرة، فاغ آكين لمسابقة «نظرة ما» وأخيراً برونو دومون لمسابقة «الكاميرا الذهبية». مع مثل هؤلاء السينمائيين الذين يشكل كل منهم في مجاله ضمانة لنوعية عالية من السينما، يصبح في المنطقي أن يكون الافتتاح مع فيلم مثل «العمى» لا مع «انديانا جونز». وذلك، تحديداً لأن «العمى» لا يمكن اعتباره فيلماً عادياً، أو استعراضياً ضخماً، او حتى هوليوودياً فتياً. ذلك أن هذا الفيلم، وإن كان في اللغة التي كتبت بها الرواية التي أخذ عنها، وهي البرتغالية، يبدو على ارتباط ما بفرناندو مريّيس، البرازيلي (الناطق بالبرتغالية بالتالي)، هو فيلم كوزموبوليتي، موضوعاً وانتاجاً، خصوصاً ان صاحب الرواية أصرّ على ألا تسمى المدينة التي تدور الاحداث فيها، كما ان اشخاص الفيلم، في شكل عام، ليست لهم أسماء. ولكن قبل أن توغل أكثر في هذه الدلالات ونضيّع القارئ، لا بد من أن نعود الى الرواية نفسها... إذ هي الأخرى ليست عادية ولا كاتبها عادي!

ساراماغو ضد اسرائيل

أولاً، هناك الكاتب، وهو البرتغالي خوسيه ساراماغو، الحائز منذ سنوات على جائزة «نوبل» للآداب، وتحديداً عن مجموعة روايات لها فرادتها الخاصة في أدب هذا الزمن، وتعتبر «العمى» من أهمها وأشهرها. ولحد علمنا يمكن القول إن هذه هي المرة الأولى التي يفتح بها مهرجان «كان» بفيلم مقتبس عن رواية لفائز بجائزة نوبل للآداب. ومن هنا ما يبدو من أن المهرجان رفع السقف في شكل لافت هذا العام، حتى وان ظل معظم الناس لا يعرفون شيئاً عن الفيلم وعن كيفية تعامل مريّيس فيه، مع الرواية، لساعات قبل العرض الافتتاحي الصاخب. وفي المقابل يعرف هواة الأدب، وكثر من القراء العاديين هذه الرواية الرائعة منذ صدورها سنة 1995، كما يعرفون الكثير عن كاتبها الذي يعتبر أيقونة في بلده البرتغال، لكنه يهاجم هناك دائماً من القوى اليمينية (بسبب يساريته المعلنة والتي تصل أحياناً الى حدود الستالينية، بحسب بعض خصومه)، كما يهاجم منذ سنوات من قبل الدوائر المناصرة لاسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة وغيرهما، هجوماً بدأ منذ زار ساراماغو فلسطين، في رفقة عدد من أبرز الأدباء والفنانين التقدميين في العالم (ومن بينهم الأميركي راسل بانك)، وشبه – كما شبه رفاقه – ممارسات الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، بممارسات النازيين ضد اليهود في أوروبا. لقد كان تصريح من هذا النوع كافياً لإثارة العواصف من حول ساراماغو، لكن هذا لم يثنه لا عن مواصلة الكتابة ولا عن مواصلة الإدلاء بتصريحات شديدة التعاطف مع الشعب الفلسطيني. غير ان هذا كله لا علاقة له، بالطبع، بفيلم «كان» الافتتاحي، حتى وان كانت بعض الأصوات الباريسية، قد بدأت تعلو ضد الفيلم لمجرد انه مأخوذ عن رواية لساراماغو.

فالحال أن أصحاب هذه الأصوات يعرفون أن بروز هذا الفيلم، سيعطي كاتبه فرصة للوصول أكثر الى قراء أكثر، وفي بلدان أكثر، ما يعني أن الاستماع اليه سيكون أكثر فاعلية وأهمية. وصوت مثل هذا لا يمكن طبعاً الاستهانة به في المعركة الفكرية العامة التي تثور، على الأقل، ضد الممارسات الوطنية للاسرائيليين في غزة وغيرها. أما بالنسبة الى الفيلم، فإن ما يمكن قوله عنه حتى كتابة هذه السطور، أي قبل التمكن من تحديد موقعه في المهرجان مقارنة مع أفلام أخرى لم تعرض بعد ولم يعرف، بعد، أحد شيئاً عنها، هو انه فيلم كبير، ورسالته واضحة، وتمكن مخرجه الى حد مدهش، من خدمة موضوعه. ولعل نجاح المخرج في هذا، يفتح الطريق أمام انتاج الرواية الثانية «الابصار» التي أصدرها الكاتب بعد «العمى» بسنوات واصفاً فيها أحداثاً تدور في المدينة نفسها ومع البشر أنفسهم، ولكن بعدما زال الوباء الغريب الذي تتحدث عنه الرواية... والفيلم.

موضوع «العمى» إذاً، هو حكاية وباء أصاب مدينة من غير اسم – ربما هي كناية عن العالم كله. وهو وباء يعلن ظهوره في اللحظات الأولى من خلال سائق سيارة يكون متوقفاً بشكل عادي أمام الضوء الأحمر منتظراً تحوله الى الأخضر كي يواصل سيره، فيشعر في تلك اللحظة بالذات انه لم يعد يرى سوى كتل من اللون الأبيض. ومنذ تلك اللحظة ينطلق الفيلم متحدثاً عن «مغامرة» مجموعة من الناس الذين يكونون أول من طاوله الوباء، من دون أن يعطيهم أي اسم... ومن بين هؤلاء الطبيب الذي إذ يقصد أول الأمر من قبل المصابين الذين يعتقدون ان المسألة تخصهم، يكتشفون ان «الدكتور» فقد بصره بدوره... ثم ان كل السكان فقدوا بصرهم، باستثناء زوجة الدكتور (وتقوم بالدور جوليانا مور)، التي تبقى الوحيدة التي تبصر (من دون أن يكون هناك أي سبب او تبرير لهذا التفرد، وكذلك من دون ان يكون هناك أي سبب أو تبرير لفقدان البصر الجماعي). وهكذا يدور الفيلم من حول شعب من العميان، الذين ليست لهم أسماء (لمجرد أن الأعمى لا يحتاج الى معرفة أسماء الآخرين طالما انه غير قادر على رؤيتهم وبالتالي على تعيينهم والتفريق بينهم). انطلاقاً من هذا الواقع، إذاً، تدور سلسلة الأحداث بين أناس يبحثون عن طعام وآخرين عن حماية لأهلهم وأطفالهم، وغيرهم من الذين راحوا يمارسون العنف أو يتلقوه، فيما تفشل كل محاولات الحكومة لاستيعاب ما يحدث.

في انتظار «الابصار»

هذا هو، في اختصار شديد، موضوع هذا الفيلم، الذي سعى فيه مخرجه ليكون أميناً للرواية، وان كان قد اختصر بعض الأحداث وقلّل من عدد الشخصيات، مركزاً مشاهده على الشخصيات السبع الرئيسية التي تكاد تكون رمزية في نهاية الأمر. وهذه الرمزية، التي قادها بقوة وعمق، السيناريو الذي كتبه دون ماكلار، بالتعاون مع خوسيه ساراماغو، والتي ساهم الراوي – داني غلوفر – في وسمها بطابع أدبي، من دون أن تغرق تفاصيل الفيلم بذلك الطابع – إذ أتت القسمة عادلة، بين مشاهد بصرية من النوع الذي اعتاد مريّيس تركيب عمله السينمائي عليه، وبين ما يسرده الراوي، مختصراً مواقف ومشاهد كانت ستطيل الفيلم كثيراً. أما المحصلة التي يمكن الوصول اليها، منذ الآن، لهذا التضافر بين عمل أدبي كبير، وعمل سينمائي طموح، فتكمن في أن الفيلم يتمكن من إيصال رسالة الكاتب، في عمل ربطه نقاد كثر بـ«الطاعون» لألبير كامو، أو بـ«أبناء البشر»، رواية الكاتبة ب. د. جيمس، التي حولت فيلماً منذ سنوات أقامت جوليانا مور، كذلك، بالدور الأول فيه، أي في عمل يغوص في طبيعة البشر، ليقول في النهاية ان العمى الذي تعيشه البشرية، يمكنها ان تنجو منه إن هي سعت الى ذلك وبذلت جهداً. أما نتيجة هذا، فلربما كان علينا إما أن نقرأ رواية ساراماغو الأخرى «الابصار» حتى نصل اليها، أو انتظار مشاهدة فيلم مأخوذ عن هذه الأخيرة. اما ردود الفعل على «العمى» – حتى الآن على الأقل – فتقول لنا، ان فرناندو مريّيس يجب أن يكون المرشح الوحيد للمشروع الثاني.  

نجمة مرتين في كان: من لبنان الى عيد الميلاد ... كاترين دونوف لم تسأم الشاشة بعد

الحياة/ كان: «أتوقف عن التمثيل؟... انه بالتأكيد أمر مستحيل بالنسبة إليّ، ثم لماذا علي أن أتوقف؟ ان ما يعرض علي دائماً افلام فيها أدوار تناسبني. وهي مهنة أحبها. وجمهوري يحبني، يتغير سناً ومزاجاً؟ أتغير معه. هذا كل شيء». هذا خلاصة ما تقوله كاترين دونوف الى الصحافيين قبل وصولها الى «كان»، وتعيده كلما طرحت عليها أسئلة من نوع: «متى ستتوقفين؟».

في كان، بتألقها وبحضورها البارز في «بطولة» فيلمين كبيرين ومنتظرين، على الأقل، كما بإطلالتها من دون اي مفاجآت، أكدت كاترين دونوف، وقد تجاوزت الستين منذ زمن، إنها نجمة النجمات وإنها صبية دائمة. بل أكدت من خلال تمثيلها دور النجمة الفرنسية التي تزور لبنان خلال حرب صيف 2006 في فيلم «بدي شوف» للثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج، إنها لا تزال قادرة، حتى، على ان تحمل على كتفيها فيلماً وقضية يدافع عنهما هذا الفيلم.

نعرف الآن ان السينمائيين الزوجين اللبنانيين صاغا «بدي شوف» وحققاه من أجلها. ولو لم تقبل العمل فيه كان طواه النسيان. أما بالنسبة إليها، فلا شك في ان ما أثار حماسها للعمل فيه هو الدور، إضافة الى حبها الدائم والمعلن لوطن الأرز، ثم فضولها الشهير. فالحقيقة ان ما من فنانة فرنسية كبيرة، عايشت زهو سنوات الستين من القرن العشرين وشاهدت الفيلم «الذي لا مفر منه: «هيروشيما يا حبي» لآلان رينيه ومرغريت دورا، إلا وحلمت بأن تلعب يوماً دوراً شبيهاً بالدور الذي لعبته ايمانويل ريفا في ذلك الفيلم المدهش: دور فنانة فرنسية تزور بلداً حلت فيه كارثة، لتلتقي شاباً من أصل ذلك البلد، فتدخل الحياة والمعرفة من خلال حواراتها معه. من هنا حين فوتحت بأمر «بدي شوف» وقرأت نص الفيلم الأولي، وافقت من فورها. لاحقاً فقط عرفت ان النص كتب من اجلها خصيصاً.

«بدي شوف» لم يعرض، طبعاً، حتى كتابة هذه السطور، لكنه سلفاً بات حدثاً من أحداث هذه الدورة، بفضل وجود دونوف فيه أولاً، ولكن ايضاً لأن الأحداث التي تعصف بلبنان الآن، جعلته فيلماً راهناً، بل شديد الراهنية. ومنذ الافتتاح، عرفت دونوف كيف تدافع عن الفيلم بقوة مؤكدة انها تتبنى كل لحظة من لحظاته، وأنها متعاطفة كلياً مع استقلال لبنان وحريته وسلامة أهله الذين أحبتهم «مباشرة، أو من خلال الفريق الذي عمل معها وأحاط بها خلال تصوير الفيلم».

هاوية السينما

غير ان الحديث عن «بدي شوف» لم يجعل نجمة النجمات تنسى انها بطلة فيلم آخر، ومهم بدوره، من افلام المهرجان، هو «حكاية عيد الميلاد» لأرنو ديبليشين، أحد الأفلام المرجحة منذ الآن للفوز بجائزة كبرى في المهرجان. ومن الواضح ان حضور كاترين دونوف في هذا الفيلم الذي هو واحد من ثلاثة أفلام فرنسية تشارك في المسابقة الرسمية، معطوفاً على حضورها في «بدي شوف» يجعل فنانة فرنسا الأولى تدهش حين يطرح عليها سؤال الاعتزال، خصوصاً بالطريقة السمجة التي استخدمتها احدى الصحافيات حين عنونت مقالاً لها عن دونوف قبل عامين: «سيدة كاترين ألم تسأمي بعد؟». لم تسأم كاترين بعد. بل إنها في هذه السنوات بالذات تعيش أحلى سنوات عملها كما تقول. وهي تسر كثيراً حين يكتب النقاد عنها. لكنها لا تجد وقتاً كافياً للاستجابة الى مطاردة الصحافيين لها: اكتبوا عني ولا تسألوني... تقول. أو تكاد تقول.

ومجلة «تيليراما» التي تعتبر عادة الأعرق بين المجلات الأسبوعية الفرنسية، أصدرت اخيراً كتاباً عن كاترين دونوف، لمناسبة ازدواجية حضورها في هذه الدورة من «كان» يضم مقالات عنها وعن سيرتها، وحواراً طويلاً شاملاً معها، الى جانب هدية خاصة هي عبارة عن اسطوانة مدمجة تضم اثنين من أهم افلامها: «تريستانا» للوي بونويل و«موسمي المفضل» لأندريه تيشيني. والحقيقة ان هذا الإصدار الخاص جاء في وقته ليذكّر بأن هذه السيدة السينمائية الشابة دائماً، تستغل مساحة أساسية في الساحة السينمائية الفرنسية، منذ اول ظهور كبير لها في فيلم «مظلات تربورغ» من إخراج جاك ديمي، أواسط سنوات الستين، والذي تلاه فيلم «آنسات روشفور» الذي مثلته مع أختها فرانسواز دورلياك التي قضت بعد ذلك بحادث سير مؤسف.

منذ ذلك الحين، صارت دونوف النجمة الفرنسية المفضلة لدى كبار المخرجين... وليس الفرنسيين فقط. فهي عملت تحت إدارة بونويل في فيلمين كبيرين، وتحت إدارة فرنسوا تروفو وأندريه تيشيني وجاك ديمي وكلود لولوش، وأكثر من عشرين غيرهم من كبار السينمائيين، وكادت تمثل تحت إدارة هتشكوك في الفيلم الأخير الذي كان يستعد لتصويره قبل رحيله. ولئن كان ثمة ما تندم عليه كاترين دونوف اليوم، فهو انه لم يقيض لها ان تمثل تحت إدارة برغمان. وإنها لم تعد الى التمثيل مع رومان بولانسكي بعد «نفور» الذي مثلته تحت إدارته في لندن. وإذ تُسأل دونوف اليوم عن الأفلام التي تهرع الى مشاهدتها ما إن تصل الى الصالات، تجيب انها الأفلام الآسيوية خصوصاً والكورية عموماً. وتضيف انها تحب أفلام الرعب وأفلام رعاة البقر. أما نجمتها المفضلة دائماً فهي مارلين مونرو. ومن «بنات اليوم» تفضل نعومي واتس وكيت بلانشيت وكيت ونسليت. وفي المقابل تقول منذ شهور ان الفنان الذي أدهشها اكثر من أي فنان آخر هو دانيال داي لويس، خصوصاً في فيلمه الأخير «ستكون هناك دماء».

من الواضح امام مثل هذه التفضيلات، ان كاترين دونوف «لم تسأم بعد». فهذه الدينامية في الاختيارات وهذا الولع بالفن ترى فنانة فرنسا الأولى انه لم يستسلم امام رهبة الزمن بعد، يشيان بأنه لا يزال امام «حسناء النهار» (على اسم الفيلم الرائع الذي مثلته تحت إدارة بونويل قبل أكثر من ثلث قرن) زمن طويل تعيشه كفنانة وهاوية للسينما. فنانة شعارها الدائم «بدي شوف»، وحياتها تبدو أشبه بحكاية من حكايات عيد الميلاد.

الحياة اللندنية في 16 مايو 2008

 
 

اختيار شين بن لرئاسة تحكيم «كان» يكمل ما بدأته عاصمة السينما الأميركية...

هوليوود ونجومها الكبار ... الى اليسار درّ

بيروت - فيكي حبيب

لا يخلو اختيار شين بن على رأس لجنة تحكيم مهرجان «كان السينمائي الدولي» من بعض الرسائل السياسية.

ولعلّ في تصريح المدير الفني للمهرجان تيري فيرمو الى «فرانس انفو» ما يشي بذلك حين قال ان بن «صوت أميركي فريد ومميز»...

واللافت في هذا الوصف طغيان شخصية بن المتمردة على فنه. فهذا الممثل، هو قبل أي شيء آخر «صوت صارخ في البرية» ضد السياسات «المتغطرسة» للولايات المتحدة. ومعروف عنه مقاومته لإدارة بوش على طريقته، الى درجة انه لم يجد حرجاً في زيارة العراق، مثلاً، والإعلان عن تضامنه مع شعب بلاد ما بين الرافدين ضد «الاحتلال» الأميركي. كما انه، وفي حركة استفزازية واضحة ضد بوش، تعمد التقاط صور فوتوغرافية له تحت صور صدام حسين... ما يدفعنا الى السؤال: هل تصبح السينما أكثر فأكثر ملتزمة؟ وهل يمكن ان يتحقق هذا من طريق هوليوود المعروفة بنزعتها الترفيهية؟ ثم، ألا يندرج في هذا الإطار، أيضاً، منح هوليوود في فترة سابقة (2003) شين بن أوسكار افضل ممثل بعد أسابيع من زيارته عراق صدام حسين، واتجاهها اليوم الى تحقيق المعادلة الصعبة في صناعة أفلام تجارية لا تخلو من السياسة، وإن أطرت في قالب إنساني؟

بعد هذا، هل سيبقى المعنى ذاته للعبارة التي حسم فيها هيتشكوك الحديث عما إذا كان هدف السينما تمرير رسائل، حين قال: «اما الرسائل فأرسلها بالبريد»؟ وهل لا تزال عبارة «السينمائيون يساريون... السينما يمينية» صالحة؟ ثم، كيف يتجلى الانقسام السياسي داخل هوليوود في السباق نحو البيت الأبيض؟

بين بوش والماكارثية

على رغم ان الصورة التي سادت عن هوليوود خلال النصف الأول من القرن العشرين، لا تتعدى كونها ساحة المتعة والترفيه بعيداً من السياسة، فإن نهاية الأربعينات كانت لها نكهة مختلفة. يومها، مع الحملة الماكارثية ضد اليساريين والديموقراطيين، بدأ جمهور السينما والناس العاديون يكتشفون ان من بين النجوم من يغوص في السياسة... الى درجة ان لجنة السناتور ماكارثي طلبت مقاطعة هؤلاء ووقفهم عن العمل.

وكان من بين اشهر الأسماء «المتورطة» إدوارد. جي. روبنسون، وجون غارفيلد، وزيرو موستل. أمام الواقع الجديد، هبّ كثر في هوليوود لمساندة زملائهم، ما جعل هوليوود كلها ترتدي زياً سياسياً، بحيث لم يعد غريباً في تلك الأحيان، ان نرى همفري بوغارت ولورين باكال يتصدران تظاهرات التنديد بماكارثي والدفاع عن الفنانين. وسرعان ما فتح ذلك الأبواب امام صور جديدة للنجوم لم تكن معهودة. فمثلاً، بدأ الحديث عن تورط ايرول فلين في أجهزة الاستخبارات النازية، وقيل ان غريتا غاربو سافرت الى السويد – موطنها الأصلي - في مهمات أميركية، وسواهما الكثير من الحكايات التي سرعان ما تحولت الى أساطير.

في النصف الثاني من القرن العشرين، هدأت هذه الموجة وراحت هوليوود تستعيد سمعتها الاولى باتجاهها أكثر فأكثر نحو أفلام جماهيرية بعيدة من النضالات الحزبية والشعارات الكبيرة. ولكن، منذ بداية الألفية الثالثة والمشهد آخذ في التغيير... وكأن التاريخ يعيد ذاته: سياسة بوش تلاقي استهجاناً واسعاً عند نجوم هوليووديين بارزين. أما الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فكانت مع دخول القوات الأميركية الى العراق عام 2003.

يومها وقف كثر من أسماء الصف الأول في هوليوود ليعلنوا جهاراً انتقادهم لسياسة بوش هذه، ورفضهم الحرب على العراق، ومنهم: جورج كلوني، سوزان سارندون، داستان هوفمان، شين بن، مارتن شين، جوليا روبرتس، مارتن سكورسيزي، ريتشارد غير، روبن ويليامز، سبايك لي... وسرعان ما بدأ الكلام عن لائحة سوداء تضم 44 اسماً من أسماء المشاهير المناهضين للحرب في العراق.

وبسرعة راح كثر من هؤلاء يتحدثون عن مضايقات يتعرضون لها بغية التضييق عليهم، وحضهم على التراجع عن مواقفهم. فمثلاً تحدث مارتن شين عن استياء مسؤولين في «أن بي سي» من تصريحاته التي لا تتوقف ضد الحرب في العراق، وخوفهم من أن تسبب هذه المواقف بتراجع أسهم مسلسل «الجناج الغربي» west wing الذي يجسد بطولته على شاشاتها. بينما رفع شين بن دعوى قضائية ضد المنتج ستيف بينغ لاستبعاده من مشروع فيلم «عندما يتوجب على الرجل الا يتزوج» when man shouldn’t Marry بسبب مواقفه الداعية للسلام، وعدم إيفائه مستحقاته...

والقائمة تطول بأسماء وحكايات تعيدنا الى حكاية جون غارفلد، مع فارق أساسي. فبينما خفت نجم غارفلد إثر ذلك وانطفأ حضوره وضاع مشواره الفني، يبدو ان الامور تبدلت بصورة جذرية اليوم حيث لم يعد في إمكان السلطة أو اية لجنة تشكلها أن تقف حائلاً بين فنان تقدمي والوصول الى جمهوره... بل إن ما يحدث هو العكس تماماً حيث ان نجم المشاهير المنتقدين لإدراة بوش يسطع أكثر فأكثر داخل أميركا وخارجها أيضاً. والدليل، مثلاً، اختيار شين بن دون سواه من نجوم جيله ليتربع على رأس لجنة تحكيم «كان»... أو حتى، عدم توقف ممثلة مثل انجيلينا جولي عن إعطاء الدروس في الإنسانية، والتوجه مرة الى العراق، ومرة الى السودان...

وربما يكون السبب وراء إطلاق العنان للنجوم وتركهم على حريتهم، مشارفة ولاية بوش الثانية على نهايتها، خصوصاً ان المواقف السياسية الحالية باتت تصب في مصلحة هذا أو ذاك من المتسابقين للوصول الى البيت الأبيض، ولم يعد بوش في صدارة الاهتمامات.

سينمائيون يساريون ... سينما تقدمية

ولا عجب في انقسام النجوم بين المرشحين الديموقراطيين، باراك أوباما، وهيلاري كلينتون. فلطالما عرف النجوم بيساريتهم انطلاقاً من كون الفن ثورة على التقاليد. من هنا، نجد ان قلائل جداً يرفعون راية مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين، مثل سيلفستر ستالون، أرنولد شوارزنيغر، توم سيليك، ريب تورن، تشيك نوريس، وآدم سندلر. وهؤلاء جميعاً معروفون بكونهم من عتاة اليمين الأميركي على أي حال.

وبينما خسرت كلينتون بعض الممثلين السود الذين كانوا يدعمون زوجها بيل كلينتون، لمصلحة باراك أوباما، مثل ويل سميث، هالي باري، سيدني بواتييه، يقف اليوم الى جانبها نجوم مثل اليزابيث تايلور، باربرة سترايسند، داني ديفيتو، توبي ماغوايير، ستيفن سبيلبرغ وجاك نيكلسون. أما أبرز مؤيدي اوباما فهم: جورج كلوني، توم هانكس، جيمي فوكس، جودي فوستر، مورغان فريمان، سكارليت جوهانسن، مات ديمون وشارون ستون.

وبهذه المحصلة تتحقق صحة الشطر الاول من عبارة «السينمائيون يساريون... السينما يمينية»، ولكن ماذا عن الشطر الثاني؟

يوم أطلق الناقد البريطاني مارك كوزينز هذه العبارة، ارتكز على أفلام سينمائيين يساريين تتسم بنزعة فاشية، خصوصاً لناحية انغلاق البطل على محيطه الضيق.

أما اليوم، فتعج المكتبة السينمائية بأفلام انسانية تقدمية وذات نزعة معادية للسلطة اليمينية ولحروب الرئيس بوش من دون ان نتمكن من وصفها بالسينما النضالية. وربما تكمن هنا نقطة قوتها، كونها لا تتخذ شكل الأفلام النضالية، بل تمارس النضال من الداخل، من خلال التستر وراء قصص إنسانية. وهنا تطل أسماء أفلام من قبيل «في وادي إيلاه» للمخرج بول هاغيس، أو «حرب تشارلز ويلسون» لمايك نيكولز، أو «مساء الخير حظاً سعيداً» لجورج كلوني، او «منقح قبل النشر» لبريان دي بالما...

إن هذا كله، يصنــع صورة جديدة لهوليوود تتناقض مع الصورة التي يحاول كثر من أهل الإعلام العرب خصوصاً، صنعها حين يشملون هوليوود وكل السينما الأميركية في هجومهــــم على «الإمبريالية» الأميركية.ولطالما اعتاد أصحاب البرامج السينمائيــــة في التلفزيونات، ان يسألوا عما يجب ان نفعل لمحاربة السينمــا الأميركية؟

ماذا يجب ان نفعل؟

ببساطة ان نشاهد السينمائيين الأميركيين انفسهم وهم يحاربون الحرب والتسلط السلطوي في اميركا. وأن نراقب اليوم كل ما سيقوله او يفعله فنان مثل شين بن وهو يعتلي عرش السينما في «كان» ليعلن عن حبه للفن.

ولكن ايضاً ليقول كم ان كبار هوليوود يرصدون احوال العالم ويساهمون في فضح سلطات بلادهم على غرار ما فعل منورو السينما الأميركية (مثل كوبولا، سكورسيزي، سبيلبرغ) في السبعينات من القرن العشرين مؤكدين ان الفن السابع هو حصن ضد الرجعية والتخلف.

في مديح مرشحي الرئاسة الأميركية

جورج كلوني: «باراك اوباما واحد من قلة سمعتهم في حياتي وجعلوني أرغب في أن انهض لأقوم بشيء ما، وأنا بالطبع لا أريد أن أسبب له ضرراً بقول ذلك».

توم هانكس: «يتميز اوباما بالاستقامة والإلهام لتوحيدنا كما فعل رؤساء سابقون مثل هاري ترومان وجون اف كينيدي وحتى رونالد ريغان».

إليزابيث تايلور: «هيلاري كلينتون قائدة ذكية وصلبة».

بربارة سترايسند: «هيلاري صوت يصدح للتغير في وقت تعيش البلاد على تقاطع طرق».

سيلفستر ستالون: «أكن الحب الكثير الكثير لماكين».

أرنولد شوارزنيغر: «أثبت جون ماكين أنه يصنع المستحيل لكي يجعل الأمور تسير على ما يرام ويحقق ما يريد».

الحياة اللندنية في 16 مايو 2008

 
 

يوميات "كان" السينمائي الدولي 2008 ... ( 3 )

"العمى" فكرة مثيرة لفيلم كئيب

كان - محمد رضا

أفضل ما في فيلم المخرج البرازيلي فرناندو مايريليس "العمى" مقدّمة الفيلم: الضوءان الأحمر والأخضر يتناوبان عند شارة طريق مزدحمة بالسيارات. في مطلع الأمر لا تعرف حقيقة هذه الأضواء المتكررة لكن سريعاً ما تلحظ تقاطعها مع حركة السير. أخضر. سيارات. أحمر. سيارات. أخضر. سيارات وهكذا في مونتاج لا تعرف ما تستوحي منه. هنا أقدم المخرج مايريليس بنجاح لا على قلب إيقاع المشاهد الأولى فقط، بل أساساً على وضع مداهم لا تعرف ماذا تستخلص منه وهذه اللا معرفة تستمر لما بعد الانتقال الى سيارة عند الإشارة لم تعد تستطيع التقدّم. السيارات التي وراءها تطلق أبواقها والسائقون يشتمون، لكن قائد السيارة المتوقّفة لديه عذر مهم. هذا السائق ذو الأصل الياباني في هذه المدينة الغريبة التي لا يتم تحديد اسمها، ولو أنها تشبه تورنتو من حيث تعدد العناصر البشرية فيها، فقد فجأة قدرته على المشاهدة. لم يعد يرى شيئاً سوى لون أبيض. يصرخ ولا أحد يسمعه الى أن يتقدّم رجل ليساعده. ينطلقان، لكن هذا الشخص لص. يترك السائق على ناصية الطريق وينطلق بالسيارة.

السائق يصرخ خائفاً وبطريقة ما يصل لبيته. زوجته تأخذه عند طبيب عيون (مارك روفالو) الذي يفحصه، لكنه لا يجد ما هو خطأ. في صباح اليوم التالي الطبيب نفسه أصبح أعمى، كذلك لص السيارة. إنه فيروس ينتشر والحكومة تقرر نقل المصابين الى مستشفى وعزلهم (وربما لأكثر من مستشفى لكننا نبقى مع الشخصيات المذكورة وفوقها عشرات أخرى). بين الداخلين الى هذا المستشفى زوجة الطبيب (جوليان مور) التي تطوّعت للدخول فهي الوحيدة التي لم تخسر بصرها.

كل هذا في 20 دقيقة، وهي أفضل دقائق الفيلم إذ تضعنا أمام حالة تنطلق من فكرة "ماذا لو خسر أبناء المدينة بصرهم باستثناء امرأة؟"، ما بعدها هو أمر آخر.

إسقاطات

الفيلم مقتبس عن رواية الكاتب جوزي ساراماغو الحائز على جائزة نوبل وفي مطلعها طرح لعبارة ترد في رواية الكاتب: "لا أعتقد أننا فقدنا البصر. أعتقد أننا دائماً كنّاً عمياً. عمياً يبصرون. ناس يرون، لكنهم لا يشاهدون". كلام موحٍ لكنه يرد هنا كتحصيل حاصل بعدما أخفق الفيلم مباشرة بعد إرساء وضع قصّته وشخصياته، إقناع المشاهدين لا بإمكانية حدوث ذلك، لأن الفكرة على أي حال خيالية، بل بإمكانية حدوثها على النحو الذي نراها تحدث- وهذا أمر مختلف.

أساساً لم يحسن الفيلم تقديم السبب الذي من أجله تنضم الزوجة الى عشرات فاقدي البصر في محنتهم، لكن هذا مقبول تجاوزاً كونها زوجة الطبيب ذاته. ما هو أصعب قبولاً تقع فيما بعد لأجل تصوير ما يحدث في مجتمع منغلق تماماً الآن على شخصياته المريضة، لكي يكوّن الفيلم أعماقاً ورموزاً ودلالات، أن تفعل ما في قدرها فعله لكي تستطيع أن ترمز الى آفات الإنسان ومجتمعاته كما تقصد عبارة الكاتب الواردة.

الفيلم الذي يمضي معظم ساعتيه في ظلمات المكان الكئيب يستمر طويلاً كالحياة نفسها ويقدّم شخصيات شريرة تحتل العنبر الثالث وهي تحاول الازدهار على حساب شخصيات أخرى بفرض الخوّة بعد سيطرتهم على التموين الغذائي الذي كان الأصحّاء في الخارج يوفّرونه لهم، وذلك من دون أن يكون من بين هؤلاء المستنفعين من يسأل ما معنى ذلك إذا ما كان أحد لا يستطيع أن يرى المال ناهيك عن استخدامه. وبعد تأمين هذه اللفتة الإدانية غير المقنعة في حيثيات وقوعها نرى هؤلاء العميان -وقد نفدت نقود ومجوهرات مرضى العنبرين الأول والثاني، يفرض هؤلاء وقد تسلّح أحدهم بمسدس يطلقه كيفما اتفق، معاشرة نساء العنبرين الآخرين إمعاناً في الوحشية وفي إيجاد رموز إضافية. المشكلة في كل هذا أن المخرج يحشي فيلمه أبعاداً ورموزاً وحيثيّات صغيرة حتى ولو من باب المرور عليها مروراً عابراً بل حتّى ولو فشلت في إحداث الصدمة الاجتماعية لدى المشاهد أو تطوير المفاد على نحو درامي صحيح.

وينتهي الفيلم بعد أن أصيبت المدينة (وربما العالم بأسره) بالعمى وها هم المساجين يخرجون الى مدينة كل من فيها يبحث عن طعام. المبصرة الوحيدة تأخذ مجموعتها الصغيرة (ستّة زائد كلب) الى منزلها وزوجها حيث فجأة يعيشون حالة حب ووئام وهي وحدها السبب الفلسفي لما سيحدث بعد قليل: الياباني الذي كان أوّل من فقد نظره هو أول من يستعيضه.

في الحقبة السائدة من أحداثه، هي حرب عميان مع تعليق يتولاّه داني كلوفر لاعباً دور أعمى طيّب كان أساساً بعين واحدة. جوليان مور جيّدة كثيراً حين تتاح لها الفرصة للتعبير عن مشاعرها بعينيها وسكناتها، وهي تستطيع أن تحمل الفيلم بأسره على كتفيها، بل تفعل ذلك ولو أن العبء أكبر من أن يمنحها ما يماثل جهدها في المقابل.  

عروض سريعة

الفيلم: رومان بولانسكي: مطلوب ومرغوب

إخراج: مارينا زينوفيتش [تسجيلي- أمريكي]

عرض خاص خارج المسابقة

هذا الفيلم الذي شوهد بضعة أشهر قبل وصوله الى "كان" يتحدّث عن المخرج البولندي- الفرنسي المعروف الذي تعرّض سنة 1977 الى وضع صعب حينما رُفعت ضدّه دعوى قضائية بتهمة اغتصاب فتاة أمريكية دون السادسة عشرة من العمر. حينها كان يعيش في الولايات المتحدة واعداً نفسه ومعجبيه بمرحلة ناجحة أخرى من مراحل مهنته السينمائية. كانت بضعة أعوام مضت على مقتل زوجته شارون تايت على يدي عصابة تشارلز مانسون وعامان على إنجاز فيلمه الأمريكي الأشهر "تشايناتاون" مع جاك نيكولسون وفاي داناواي والمخرج (عادة) جون هيوستون.

التهمة صعبة الصد والمخرج ركب أول طائرة وحط في فرنسا ولا يزال فيها لا يستطيع لا زيارة الولايات المتحدة ولا زيارة بريطانيا التي لديها معاهدة لتوقيف المطلوبين في أمريكا إذا ما وطئوا أرضها. هذا هو موضوع الفيلم المشغول بالرغبة في تنقية اسم بولانسكي والهجوم على المدعي العام ومساعده والقاضي الذي نظر في القضيّة على أساس أنهم ربما ظلموا المخرج والأرجح أنهم فعلوا ذلك- حسبما تتولى المخرجة طرحه. الفيلم يُثير المسائل لكنه أبعد من أن يأتي بأجوبة دامغة لصالح المتّهم. لكن شغل المخرجة جيّد على صعيد التنفيذ وتصميم الفيلم وتركيب مشاهده لكي تؤدي المطلوب منها تأديته من رسالة.

الفيلم: 12

إخراج: نيكيتا ميخالكوف. [دراما- روسيا]

خارج المسابقة

معظم الأفلام التي يعاد صنعها تجعلك تترحم على النسخ الأصلية منها. لكن الحال يختلف في هذا الفيلم الروسي "12" المأخوذ عن الفيلم الأمريكي "12 رجل غاضب" الذي أخرجه سيدني لوميت في العام 1957. أولاً من حيث إن الفيلم الأصلي (المقتبس بدوره عن مسرحية) جيّد بحد ذاته خصوصاً في المشاهدة الأولى، وثانياً من حيث إنه يفرض على إعادة الصنع إعادة العمل أيضاً على نحو يبرر للمتابعين لم كان على هذا المخرج الروسي اقتباس هذا الفيلم بالذات في أول استعارة له من فيلم سبق تحقيقه.

أجرى ميخالكوف تغييرات مهمّة على الشخصيات وعلى بيئاتها بحيث إن من لم ير النسخة الأولى سيعتقد أن هذا الفيلم أصلي. إنه فيلم عن اثني عشر محلّفاً يتداولون أمر شاب متّهم بقتل أبيه. واحد فقط يرتاب بالأمر في البداية لكن على قرار المحلّفين أن يكون اجماعياً وكلما تداول هؤلاء الموضوع كسب ذلك المعارض صوتاً لجانبه حتى تنقلب الآية تماماً قبل نهاية الفيلم ويصبح الجميع متّفقين على أنه لا براهين قاطعة تدين الشاب باستثناء واحد تدفعه تجربته الخاصّة (لي. ج. كوب في فيلم لوميت) للاحتفاظ برأيه المدين، وذلك حتى يتراجع عن قراره.

أول التغييرات المهمّة أن الشاب المتّهم شيشاني ما يستدعي وجود وضع عنصري من بعض هؤلاء المحلّفين، لكن الرغبة في الإمساك بالعصا من الوسط تدفع المخرج للاستعانة أيضاً بيهودي لديه ما يرويه من أحزان عن الهولوكست. على ذلك الفيلم يريد شحن المشاهد بالدراما ما يجعله يبدو كما لو كان من ساعة ونصف الساعة علماً بأنه من ساعتين ونصف الساعة. 

زوايا التاريخ

1960

فديريكو فيلليني يربح السعفة عن حياته اللذيذة

أهم الأفلام المشتركة في مسابقة تلك الدورة

المغازلة: إخراج مايكل أنجلو أنطونيوني- إيطاليا

أنشودة جندي: إخراج غريغوري شوخراي- الاتحاد السوفييتي

بيت قرب التلّة: إخراج فنسنت مانيللي- الولايات المتحدة

ينبوع العذاري: إخراج إنغمار برغمان- السويد

لا دولتشي فيتا: إخراج فديريكو فيلليني- إيطاليا

كاجي: إخراج كون إتشيكاوا- يابان

أبناء وعشّاق: إخراج جاك كارديف- بريطانيا

حراسة ليلية: إخراج: جاك ييكر- فرنسا

السعفة الذهبية

لا دولتشي فتيا: إخراج فديريكو فيلليني- إيطاليا

يسرح المخرج الإيطالي ويمرح في معين ذكرياته إذ ترتدي حياة شخصية أخرى أرادها مماثلة له. بطله هو كاتب (عوض رسّام كاريكاتوري ثم مخرج كما كان حال فيلليني) حائر بين حياة مستقرّة تقترحها عليه صديقته واللهث وراء محاولة الانضمام الى نخبة المجتمع الإيطالي في تلك الآونة. مارشيللو ماستروياني وأنيتا أكبرغ وأنوك إيمي يمنحون الفيلم دفئاً خاصّاً بينما تلعب عينا المخرج على المشاهد مؤلفاً منها موزاييكه الخاص ولو بالأبيض والأسود. الفيلم خرج من كان حاملاً السعفة الذهبية ودخل الأوسكار وفاز بجائزة أفضل فيلم أجنبي.

جائزة لجنة التحكيم

منحت لفيلم مايكل أنجلو أنطونيوني "الغزل" مناصفة مع فيلم "كاجي" لكون إتشيكاوا أفضل ممثل محجوبة.

أفضل ممثلة

مناصفة بين جين مورو عن دورها في "سبعة أيام، سبع ليال" لبيتر بروك (بريطانيا) وميلينا مركوري عن دورها في "ليس في يوم أحد" لجول داسين (اليونان).

أفضل مخرج

حُجبت 

المفكّرة

تحتفل السينما المغربية بمرور خمسين فيلماً على إنتاج أول فيلم مغربي وللغاية يقوم المكتب التجاري الذي افتتحته مؤسسة السينما المغربية بتوزيع معلومات حول نشأة السينما المغربية مع أسطوانات تحتوي على مشاهد من بعض الأفلام القديمة والحديثة وكتيّب خاص عن الدورة الأخيرة من مهرجان مراكش السينمائي الدولي

شمس جان- كلود فان دام على وشك أن تشرق من جديد، أو هكذا هي النيّة لدى هذا الممثل الذي انطلق بنجاح في أواخر الثمانينات ثم تهاوى في منتصف التسعينات وحتى الآن كما سقط تحت وابل الإدمان. الآن، أكبر وأنضج وتوقّف، كما يؤكد المحيطون، عن الإدمان لديه فيلمان يعرضان في سوق المهرجان. واحد من بطولته بعنوان JVCD وهو من إخراج مبروك المشري، والثاني من إخراجه هو بعنوان "حب كامل".

على الرغم من أن فيلم "الليوتاننت السيىء" لم يمض على عرضه في كان أكثر من خمس عشرة سنة ولم يحقق أي نجاح تجاري أو فني يذكر، الا أن المخرج الألماني فرنر هرتزوع مصر على إعادة تحقيقه. وهو على اتصال بالممثل نيكولاس كايج ليلعب الدور الذي كان أسند سابقاً الى هارفي كايتل.

المخرجة البريطانية مارثا فاينس، شقيقة الممثل راف فاينس، وصلت الى "كان" في زيارة سريعة برغبة الإعلان عن ولادة فيلمها الجديد. إنه أكشن جاسوسي حول العمليات الخاصة للمخابرات البريطانية "ومن وجهة نظر غير متعاطفة مع أي فريق" كما تقول. أبطال الفيلم الرئيسيون هم سامويل ل. جاكسون، غاي بيرس وتاندي نيوتن.

أعلن هنا في اليوم الأول من المهرجان عن أن الفيلم المقبل للمخرج الفرنسي أوليفييه داهان سيكون من بطولة رنيه زلويغر وفورست ويتيكر وسيكون بعنوان "أغنيتي الخاصة جدّاً". داهان هو مخرج "حياة الوردة" الذي لعبت بطولته ماريون كوتيار. 

أوراق ناقد

الصحافيون حسب الألوان

يطل التاريخ الفرنسي القائم على التفاوت الطبقي في كل مرة يُقام فيها هذا المهرجان. ذلك التفاوت الذي شكّل عالم الحياة الاجتماعية في القرون السابقة وبقي ملازماً للحياة العامّة حتى من بعد التحوّل الى جمهورية. وهو ذات التفاوت الذي أشعل اضطرابات أيار/ مايو ،1968 وأصبحت فرنسا بعدها أكثر شباباً وهدماً للحواجز مما كانت سابقاً... أو هكذا قيل وهكذا يعتقد كثيرون.

وهو اعتقاد قد يكون صحيحاً. الفرنسيون منفتحون على بعضهم بعضاً من دون حواجز من أي نوع، على الأقل ليس الحواجز الظاهرة... لكن هذا إلى أن يأتي الأمر الى مسألة تقسيم الصحافيين والنقّاد الذين يؤمّون هذا المهرجان الى فئات كل فئة لديها بطاقتها الخاصّة.

طبعاً لابد أن يكون هناك تقسيم. يوم أول أمس صرّحت ناطقة صحافية ل "الخليج" أن عدد الصحافيين من كافّة أنواع العمل الصحافي والإعلامي الذي تم توزيع بطاقات صحافية عليهم وصل الى 4400 صحافي. ولابد أن يكون هناك تقسيم بسبب تعدد أنواع العمل الصحافي فهناك المصوّرون الصحافيون والمذيعون التلفزيونيون والنقاد السينمائيون وخليط آخر من المحررين والمساعدين. لكن هل يجب أن يواجه هؤلاء كل هذا التقسيم الذي يبدو كما مازح صحافي بريطاني زميلاً له: "تقسيماً طبقياً"؟

هناك قمم في هذه البطاقات: أنت في أفضل وضع إذا كانت بطاقتك بيضاء إذ تخوّلك حضور أي حفلة عرض في أي وقت بما في ذلك العروض غير الصحافية كالعروض الجماهيرية. وهناك البطاقة الزهر مع نقطة صفراء، وهي الثانية في القيمة وتخوّلك العروض الصحافية كلها وعدداً من العروض غير الصحافية لكن ليس كل العروض غير الصحافية. ثم هناك البطاقة الزهر من دون نقطة صفراء، وهي الثالثة في القيمة وحاملها يستطيع حضور العروض الصحافية فقط.

هذا ليس كل شيء. لو كان لما كان هناك موجب للتعليق.

هناك بطاقة زرقاء

وهذا البطاقة تخوّلك دخول الحفلات الصحافية بشرطين: الأول لا تجلس في القسم الرئيسي من القاعة بل في القسم العلوي حيث عليك أن ترى الفيلم من زاوية نظر صعبة كما لو كنت تركب طائرة مروحية. الشرط الثاني أن يكون كل حاملي البطاقات السابقة قد دخلوا بحيث ما زال هناك كراسٍ شاغرة.

بعد ذلك تأتي البطاقة الصفراء وهذه لا جدوى منها، من الأفضل أن تعقد اتفاقاً مع حامل بطاقة زهر تدفع له خمسة دولارات لكي يحكي لك قصّة الفيلم على أن تنتظر دورك في الدخول الى العروض الصحافية، ذلك أنه إذا ما بقي هناك محل شاغر بعد دخول الأبيض والزهر بنقطة صفراء والزهر بلا نقطة ثم الأزرق، تدخل والا أنت قطعت مئات أو مئات الألوف من الكيلومترات من دون أن تستطيع حضور أكثر من حفنة أفلام.

هذا الناقد لديه بطاقة زهر مع نقطة صفراء وهو سعيد بها، لكن تعالوا وانظروا الى الإحباط الذي يواجهه الباقون، خصوصاً أهل البطاقة الزرقاء وأهل البطاقة الصفراء. كثيرون يخجلون من حملهما ولا ألومهم في ذلك، لكنهم يلومون مبدأ التقسيم الذي يبدو طبقياً، لكنه في الحقيقة... طبقي.

الخليج الإماراتية في 16 مايو 2008

 
 

فيلم رسوم وثائقي اسرائيلي يتحدث عن مذبحة صبرا وشاتيلا

من مايك كوليت وايت

كان (فرنسا) (رويترز) - يجسد فيلم رسوم متحركة وثائقي محاولات المخرج الاسرائيلي اري فولمان تجميع ذكرياته عن مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين في لبنان عام 1982.

كان فولمان جنديا في الجيش الاسرائيلي عندما غزت اسرائيل لبنان في وقت سابق من ذلك العام. وسمح الجيش الاسرائيلي لرجال ميليشيا مسيحية بدخول المخيمين ووقف ساكنا بينما عاث الرجال قتلا في المخيمين بعد اغتيال قائدهم بشير الجميل.

وفي فيلم "الرقص مع بشير" الذي ينافس في مهرجان كان السينمائي هذا العام والذي يعرض في الوقت الذي تحتفل اسرائيل بالذكرى السنوية الستين لقيامها يشهد أحد الجنود من الذين كانوا يحاصرون المخيمين اعدام أفراد أسرة على يد رجال ميليشيا.

كما يظهر فيه صحفي يصف محادثة هاتفية مع وزير الدفاع آنذاك أرييل شارون بشأن الشائعات التي كان يسمعها عن المذبحة.

ولا يحرك شارون ساكنا. واستقال من منصبه وزيرا الدفاع بعد أن خلص تحقيق اسرائيلي في عام 1983 الى أنه يتحمل المسؤولية بشكل غير مباشر عن أعمال القتل.

ويقوم فيلم "الرقص مع بشير" على سلسة من الرسوم المتحركة لمقابلات حقيقية أجراها فولمان مع أصدقاء وجنود من تلك الفترة في اطار سعيه لتذكر دوره في المذبحة.

ويصور الفيلم مجندين شبانا وهم يقاتلون في لبنان حيث قتل وأصيب الكثير منهم والاحلام والهلاوس التي ظلت تنتاب الكثير منهم بعد مرور أكثر من 20 عاما على الحدث.

أما اللقطات الحقيقية الوحيدة في الفيلم فهي عرض وجيز لصور جثث رجال ونساء وأطفال ملقاة في شوارع المخيمين بعد المذبحة.

وقال فولمان للصحفيين في كان "لم أكن أريدكم كجمهور أن تخرجوا من العرض بعد مشاهدة (الرقص مع بشير) وأنت تفكرون في أن هذا فيلم رسوم متحركة ظريف."  يتبع

وأضاف "هذه الاشياء حدثت... الاف الناس قتلوا... لكي يوضع الفيلم في نصابه كانت هذه الثواني الخمسون ضرورية بالنسبة لي."

ومن أهم العوامل المفاجئة في الفيلم هو المقارنات التي عقدها طبيب نفسي بين مذبحة صبرا وشاتيلا ومحرقة النازي.

وقال فولمان "رد الفعل (ازاء المذبحة) في اسرائيل كان ضخما جدا من وجهة نظري لانه بعد ذلك فورا نشرت أولى صور المذبحة...بالنسبة لنا نحن الاسرائيليين كانت (للمذبحة) صلة مباشرة بتاريخنا اليهودي."

لكنه يصر على أن فيلمه شخصي وليس سياسيا كما أنه لا يكشف أي حقائق خفية عن المذبحة.

وألقى باللوم بشكل مباشر على مقاتلي الميليشيا المسيحية لكن الفيلم يكشف أيضا الى اي مدى كانت السلطات الاسرائيلية متورطة.

وقال "الجنود هم مجرد بيادق في لعبة للزعماء الذين يلعبونها."

موقع "رويتر" في 16 مايو 2008

 
 

«شون بين» خرق حظر التدخين وأكد ضرورة أن يعي المخرج زمنه

سجن «كان».. البحر أمامه والجبال خلفه

زياد عبدالله - كان

يمكن لكلمة «سجن» أن تشكل مفتاحاً لعروض أول من أمس، في الدورة 61 لمهرجان كان السينمائي، الكلمة النقيض لكل أجواء المدينة، وقصر السينما الذي يشهد عروض المسابقة الرسمية ومسابقة «نظرة ما»، كونه ما زال كما هو وقد تجاوز 60 سنة: البحر من أمامه والجبال من خلفه، وعلى تناغم تام مع ربيع يطغى على كل شيء في «كان».

السجن، وأنا أسمع رئيس لجنة التحكيم هذه الدورة شون بين يقول: القليل عمّا سيتبعه في حكمه هو ولجنته بالنسبة للفيلم الذي سيتوج بسعفة كان الذهبية، «أريد أن يكون مخرج الفيلم واعياً للزمن الذي يعيش فيه»، ويضيف «يجب أن نسمع روح الفيلم، يجب أن نرى روح الفيلم»، هكذا عبارات ما يوجز به بين الخط العام للفيلم الذي سيتوج بالسعفة الذهبية، ويمكن لمن يعرفه أن يأخذ عبارته الأولى إلى ما يمثله من روح تمردية، ويمكن القول أيضاً إنه «زمن بوش» ما دام بين من يقول ذلك هو المعروف بمواقفه الحادة ضد الإدارة الأميركية الحالية.

في ما تقدم اشتهادات على ما صرح به «بين»، لكنه وكبداية خرق حظر التدخين في المهرجان، مع مساندة من المخرجة الإيرانية مرجان سترابي وجيني بالبير عضوتا لجنة التحكيم، لا بل أصبحت السيجارة بعد المؤتمر الصحافي للجنة التحكيم لا تفارق يده.

تبرئة إسرائيلية

لفت الأنظار كثيرا في اليوم الأول من مهرجان كان، الفيلم الاسرائيلي «والز ويز بشير»، ولعل مخرجه آري فولمان واعٍ تماماً لزمانه، ما دام الحديث هنا عن فيلم وثائقي و«انيماشن» في الوقت ذاته، حيث التوثيق يتم من خلال «الانيماشن»، كون الذاكرة مفقودة، وما من وثائق في يد المخرج عن مجزرة صبرا وشاتيلا، سواء من الطرف العربي أو الاسرائيلي كما يقدم لفيلمه، وإن كان الفيلم في النهاية هجائية كبيرة للحرب بكل أنواعها، فإنه تبرئة كاملة لجيش الإحتلال الإسرائيلي من المجزرة أو كما يقول فولمان الذي يستعيد في الفيلم ذكرياته الخاصة في حرب لبنان كونه خدم جنديا في اجتياح عام 1982 «الشيء الوحيد الواثق منه أن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق عناصر الميليشيات المسيحية اللبنانية، ولم يكن بمقدور الجنود الاسرائيليين القيام بأي شيء»، هذا ما يرد على لسان فولمان في الكتيب التعريفي بالفيلم.  بشير هذا الفيلم هو بشير الجميل، والذي تظهر عملية اغتياله السبب الرئيس لمجزرة صبرا وشاتيلا و300 شهيد الذين قضو بعد يومين لم يتوقف فيها الرصاص. الفيلم خاص جدا، مصنوع بعناية وحنكة، وله أن يقدم فظاعة جنون تلك المجزرة، والهلع الذي استعان بكل تقنيات «الانيماشن» ليكون على قدر كبير من الإدهاش والتوثيق كما يراه فولمان.

أمهات سجينات

أعود إلى السجن الذي بدأت به، ونوصد أبوابه كما في الفيلم الارجنتيني «ليونيرا» إخراج بابلو ترابيروا المشارك في المسابقة الرسمية، نوصدها على أم وابنها، حيث يمضي ترابيروا خلف عالم كامل من السجينات الأمهات، وبعبارة أخرى الابناء الذين يفقدون حريتهم في الطفولة لئلا يحرمون حنان الأمومة.

يروي ترابيروا أن فكرة الفيلم انطلقت من أرضية واقعية بحتة، فبينما كان في طريقه بسيارته برفقة ابنه، مر بجانب سجن «ليونيرا» فإذا بابنه الذي لم يتجاوز الأربع سنوات يصرخ «انظر بابا.. إنه وردي»، ويضيف ترابيروا «أن الكتل الاسمنتية كانت دون لون ومخيفة، لكن أحد مباني السجن كان ملوناً، وبعد ذلك تعرفت على عالم تلك السجينات الأمهات وأولادهن، والقوانين التي لها مثيل في كل أنحاء العالم، ولكن مع اختلاف سن بقاء الابن مع امه، والذي يمتد لأربع سنوات في الأرجنتين». يأتي كل ما تقدم في قالب درامي محكم، مع كاميرا أصر ترابيروا جعلها قريبة وموجعة في مشهديتها، ولعل دور جوليا الأم  الذي قدمته مارتينا غوسمان له من التميز الكثير، في الفيلم يتمحور حولها وعذاباتها بعد اقدامها على قتل عشيقها، واكتشافها في السجن أنها حامل. عالم كامل يقتطعه من سجن في بوينس أريس ويضعنا كما يقول بتصريح سريع «أتمنى أن يصعّد الفيلم من الجدل العالمي حول أمومة السجينات».

الفيلم الايرلندي «جوع» لستيفن ماكوين المشارك في مسابقة «نظرة ما»، مدعاة للتوقف طويلاً أمام عذابات سجن حالك الظلمة، وصراع ايرلندي مرير ضد الحرية عبر استعادة بوبي ساندس شهيد ايرلندا الكبير، الذي سبق لأربعة أفلام أن اقتربت من عالمه.

فيلم ماكوين كما قال لي شيموس بيرتن وهو صحافي ايرلندي لدى معرفته أنني من العالم العربي، «يجب أن يكون لديكم مثله عن فلسطين»، وافقته بشدة، وربما ما يقوله ساندس في حواره مع الكاهن الذي يحاول منعه من الاضراب عن الطعام ما يؤكد على ذلك إذ يقول ساندس «الحرية هي كل شيء بالنسبة لي.. أن أهب حياتي ليس بالشيء الوحيد الذي بمقدوري، إنه الشيء الصحيح».

طبعاً الجوع الذي يأتي في نهاية الفيلم، يسبقه: الظلم، الوحشية، القسوة، العنف، الحيوانية، وكل تلك المصطلحات التي تلتصق بممارسات الانجليز ضد الجيش الايرلندي الجمهوري، مع مرافقة ذلك بمقاطع من خطابات لرئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر.

في الفيلم لقطات لا تنسى، لا بل إنه من أوله لآخره لا ينسى بحجم الدم الذي يهرق فيه، ولنا في اغتيال المحقق الانجليزي في حضن أمه التي تكون صامتة وغارقة في عالم آخر مثال سريع من بين مئات الأمثلة، إذ يأتي رجل من خلفه ويطلق الرصاص على رأسه فيقع في حضنها مضرجا لها بدمائه، ولتبقى هي على حالها صامتة وغارقة في عالم آخر.

عاصمة الغرائبية

وضمن عروض «نظرة ما» أيضا يأتي فيلم «طوكيو» لثلاثة مخرجين هم ميشيل كوندري، ليو كاراكس وبونغ جون هو، وانتاج فرنسي، ياباني، كوري، ألماني، ولنلاحظ أن طوكيو هي عاصمة الغرائبية، كون الأفلام الثلاثة أجمعت على ذلك، وأطلقت للخيال عنانه على ما يتفق مع المدينة ذاتها، حيث الأول الذي حمل عنوان «ديكـور» يمضي خلف نمـط العيـش في تلك المدينة عبر شاب وشابة يأتيان إليها للعمل والاستقرار بها، حيث البيوت لا تتجاوز حجم علبة الكبريت وتحتوي على كل شيء، الشاب يحلم أن يصير مخرجاً، بينما صديقته الضائعة تتحول إلى كرسي في النهاية، هذه الغرابة تمتد إلى الفيلم الثاني «هلع طوكيو» حيث يخرج رجل غريب الأطور من مجارير طوكيو ويتسبب بالهلع، إلى أن يقتل العشرات من الناس، دون سبب إلا أن يكره اليابانيين، وهنا تمتزج فكاهة هذا الكائن الذي يتكلم لغة لا يفهمها في العالم إلى محام فرنسي، وغير ذلك من الكوميديا والغرابة.

مع الفيلم الثالث «طوكيو المرتجفة» تستكمل الغرابة مع رجل لا يخرج من بيته أبدا، وكيف ينام في الحمام، ولا يرمي بشي، فتتكدس علب البيتزا لأنه يطلبها كل يوم جمعة، وغير ذلك إلى أن يقع في حب فتاة التوصيل التي يغمى عليه من جراء هزة أرضية، فنكتشف أنها فتاة آلية.

ما تقدم يخرجنا من السجن، ليعيدنا إليه الفيلم التركي المشارك في المسابقة الرسمية «ثلاثة قرود» للمخرج نوري  سيلان، والذي يثبت من خلاله على قدرته على بناء متعة بصرية خاصة، من قصة بسيطة لها أن تلخص بقضية الخيانة الزوجية، حيث الزوج يقبل أن يدخل السجن بدل أحد السياسين الذين يدهسون أحد المارة في الليل، وأثناء غيابه تنشأ علاقة بين زوجته وذاك السياسي، ويكتشفها ابنه، دون أن يخبر والده. وحين يخرج الوالد يكتشف ذلك بنفسه.

قد يظن المشاهد أن الأمر سيكون قضية شرف، إلا أن ما يطمح إليه سيلان يكمن في أن يضع شخصياته في أزمات متواصلة، وأن يدخل أعماقها، قبل أفعالها، ويضيء ما يمكن أن تكون عليه في موقف، أو كما صرح سيلان «حاولت أن أحول الافكار المجردة والمعتقدات إلى دراما». 

نجوم وشركات  

قال الناقد السينمائي غريغ كيلدري «ان تشكيلة الحضور في هذه الدورة من المهرجان لن تخيب الآمال. أضاف «اكبر النجوم سيحضرون هذا العام، اضافة الى نجوم الصف الثاني الى جانب عدد كبير من المخرجين وشركات الانتاج، وأكد كيلدري أن  النسخة 61 من سباق الافلام الذي يستمر 12 يوماً بأنها مشحونة بالفعاليات بنهكة اميركية جنوبية قوية حيث سيتم عرض فيلمين ارجنتينيين وآخرين برازيليين في المسابقة الرئيسة. ومن المقرر ان تقدم نجمة البوب العالمية مادونا ونجم هوليوود روبرت دي نيرو جائزة السعفة الذهبية في حفل الختام في 25 مايو  الجاري.

الإمارات اليوم في 17 مايو 2008

 
 

نهضة جديدة لسينما أميركا اللاتينية

أداء بطلة فيلم ليورينا يرشحها لجائزة أفضلة ممثلة

قصي صالح الدرويش من كان

ثمة انطباع بأن سينما أميركا اللاتينية ستكون السمة الأبرز في مهرجان كان هذا العام نظرا لتعدد الأفلام المختارة في المسابقة. ربما يعود السبب إلى عوامل سياسية خاصة بتلك المنطقة، من استتباب الديمقراطية واهتمام بالفنون. على أي حال يبدو أننا أمام ظاهرة كالتي عرفناها قبل سنوات مع سطوع نجم السينما الصينية أو الإيرانية أو التايوانية أو الهندية. ومع أنه قد يكون مبكرا الحديث عن نهضة جديدة لسينما أميركا اللاتينية، إلا أن باكورة الأفلام الجديدة تحمل الأمل، على غرار ما شاهدناه في فيلم المخرج الأرجنتيني بابلو ترابيرو والذي حمل عنوان "ليونيرا".

الفيلم يحكي قصة جوليا المرأة الشابة التي تجد نفسها أمام جثتين لرجلين مقتولين في شقتها، أحدهما والد الجنين الذي تحمله في أحشائها منذ بضعة أسابيع. ونظرا لعجزها عن تذكر أي شيء عن ظروف جريمة تقرر السلطات وضعها في سجن خاص بالأمهات الشابات بانتظار محاكمتها. في هذا السجن الخاص تضع جوليا مولودها الذي تسميه توماس وتبدأ التأقلم في فراغ تسكنه النساء وأطفالهن والصمت والنسيان والبكاء، لكن أيضا لحظات من الفرح تتقاسمها مع زميلة لديها طفلان. في هذه البيئة انتظمت الحياة ومقاييسها وألعابها بما في ذلك علاقة جوليا بزميلتها التي تأرجحت بين الصداقة والعشق. في هذا الفضاء المغلق المحاط بالحارسات، تعيش النساء حريتهن على مستوى الأكل والنميمة والجنس والشجار، وهذا الفضاء يشهد الألم والذكرى والنسيان وما يمكن أن يدفع نحو الحلم.

وما كادت جوليا تستعيد توازنها الحياتي حتى صدر الحكم بإدانتها في جريمة القتل التي يبدو أنها لم تقترفها، والإدانة تعني أنها ستضطر للانفصال عن ابنها بعد أن يبلغ سن الرابعة إما بأن يستلمه أحد الأقارب أو إحدى مؤسسات رعاية الطفولة. والدة جوليا التي كانت تقيم في فرنسا تأتي لاستلام الطفل، بينما يقلب هذا الفراق حياة جوليا التي تقرر بذل كل ما بوسعها لاستعادة ابنها، خاصة وأن علاقتها بوالدتها لا تبدو جيدة.

في هذه الأثناء تكون صديقتها قد خرجت من السجن مع ولديها بعد قضاء عقوبتها وبع د أن وعدتها بمساعدتها على الهرب. من نسيج الحياة صاغت جوليا مشروع هروب مختلف بعيدا من قيد السجن والحراسة وأمها نحو آفاق أخرى للحياة والحرية في بلد آخر، فيما بقيت حيثيات وحقيقة الجريمة غامضة المعالم مخفية وراء النسيان أو ما يشبه النسيان, هذا الفيلم يكاد يشبه في بعض أجزائه الأفلام التسجيلية، خاصة تصويره لحياة النساء في فضاء السجن المغلق، حيث عمل مع سجينات حقيقيات ورسم حياتهن ببساطة دون مبالغة ودون مأسوية ونجح ببراعة في عدم السقوط في فخ الميلودراما السطحية، فرغم الظرف المظلم والأفق المسدود يلوح أمل في النهاية، أمل صنعه الحب رغم الصعوبات.

مستوى التصوير والأداء كان عاليا ودقيقا في هذا الفيلم، خاصة أداء الممثلة مارتينا جاسمان وهي بالمناسبة زوجة المخرج التي قدمت أداء بارعا يؤهلها للتنافس على جائزة أفضل ممثلة رغم وجود العديد من الممثلات المتألقات في هذه الدورة.

المخرج بابلو ترابيرو شارك في مهرجان كان قبل ست سنوات ضمن تظاهرة "نظرة ما" وهاهو يعود ليلعب في ساحة الكبار في المسابقة الرسمية مع فيلم جميل ومؤثر.

موقع "إيلاف" في 17 مايو 2008

 

عشرة نجوم عرب برفقة فيلم ليلة البيبي دول

قصي صالح الدرويش من كان

تشهد الدورة الحادية والستين لمهرجان كان السينمائي حضورًا ملحوظًا لعدد كبير من نجوم هوليوود البارزين، فإلى جانب رئيس لجنة التحكيم شون بن والممثلة ناتالي بورتمان حضر كل من الممثل الكبير داستن هوفمان وجاك بلاك وأنجلينا جولي وهم يشاركون في أداء الأصوات في فيلم رسوم أو سينما متحركة يحمل عنوان "كونغ فو باندا". ومع أن انجلينا جولي حامل بتوأم ويقال إنها ستلد بعد عشرة أيام، فقد حضرت العرض الأول للفيلم بمرافقة زوجها النجم براد بيت وللتذكير فإن عائلة براد وجولي ستضم بعد هذه الولادة ستة أطفال منهم ثلاثة كانت جولي قد تبنتهم.

وبعد جوليان مور ومارك روفالو وجاييل جارسيا بارنال ستشهد الأيام القبلة تألق نجوم كبار مثل هاريسون فورد، بروس ويليس، روبير دو نيرو، كلينت ايستوود، بينلوبي كروز، سكارليت يوهانسون، جون مالكفوفيتش، بينيسو ديل تورو، جواكيم فينيكس وجاكي شان وجان كلود فاندام. هذا إلى جانب عدد من المخرجين النجوم مثل وودي آلن وباري ليفنسون وستيفن سبيلبرغ وكانتان تارانتيو وفيريرا ووان كار واي وسودربرغ، الأمر الذي يعني أن الشركات الهوليودية ترمي بثقلها لترويج أفلامها وتوزيعها في الأسواق العالمية.

أما بالنسبة إلى النجوم العرب، فقد اصطحب المنتج عماد الدين أديب 40 شخصًا من نجوم وممثلين ونقاد في طائرة خاصة حملتهم إلى المهرجان حيث سيعرض فيلم "ليلة البيبي دول" في سوق الفيلم التجاري. والتواجد في سوق الفيلم جيد لكن شريطة عدم الخلط بين المشاركة في تظاهرات المهرجان الرسمية مثل مسابقة الفيلم الرسمية أو تظاهرة "نظرة ما" أو "نصف شهر المخرجين" وبين سوق الفيلم التجاري، فأفلام التظاهرة الرسمية يتم اختيارها وفق مقاييس فنية محددة، خلافا للأفلام المشاركة في السوق التجارية والتي يتم عرضها في صالات عرض يتم استئجارها لهذه الغاية. وقد تكون بعض عروض السوق التجارية ممتازة من الناحية الفنية أحيانًا وأحياناً أخرى تكون تجارية خفيفة رخيصة بل حتى جنسية بورنوغرافية. وعليه فقد أعرب الناقد المعروف سمير فريد عن دهشته مما نقل على لسان النجم نور الشريف بأن مشهدين في فيلم "ليلة البيبي دول" كانا وراء عدم اختياره في المسابقة الرسمية، وأن لجنة التحكيم طالبت بحذف هذين المشهدين وهو ما رفضه المخرج والمنتج. المعروف أن إدارة مهرجان كان لا تناقش ولا تقترح حذف أو عدم حذف أي مشاهد، هي تختار أو لا تختار، وبالتالي فإن عماد الدين أديب في غنى عن مثل هذا الادعاء، كما أن تصوير نجوم الفيلم في صالة العرض الرسمية لا يعني أن فيلمهم يشار في المسابقة.

هذه الليلة سيعرض فيلم ليلة البيبي دول وكلنا أمل أن يكون ناجحًا موفقًا، ولم لا؟ فكاتبه الراحل عبد الحي أديب من كبار كتبة السيناريو وكلنا نذكر فيلمه الرائع "باب الحديد" الذي أخرجه يوسف شاهين. كذلك فإن نجوم الفيلم من الكبار الذين أثبتوا موهبتهم وحضورهم مثل محمود عبد العزيز ونور الشريف وليلى علوي ومحمود حميدة وجمال سليما وسلاف فواخرجي وعزت أبو عوف.

موقع "إيلاف" في 17 مايو 2008

 
 

يوميات "كان" السينمائي الدولي 2008 ... ( 4 )

وضع مخرجه دائرة حمراء حول القيادةالإسرائيلية

الرقص مع بشير” رصد للمجازر الصهيونية

كان محمد رضا

وين العرب؟ تتساءل امرأة خرجت تتفقد ما حل بمخيمي صبرا وشاتيلا من خراب وقتل وذبح إثر رحيل القوّات التي قامت بالمجزرة، سؤال يرد في الفيلم “الإسرائيلي” “الرقص مع بشير” وهو سؤال بقي يتردد عدة مرّات كل سنة منذ ذلك الحين. تردد خلال مذابح جنين وتردد خلال مذابح رام الله وتردد كثيراً في غزة. طبعاً معظم العرب ليسوا هنا للإجابة عن هذا السؤال. لكن الفيلم “الإسرائيلي” يطرحه على أي حال عبر اللقطة الوثائقية الحيّة الوحيدة في الفيلم والتي ترد في نهايته لتتردد في صدى البال ولتعيد فتح العين المغلقة على مذبحة ما كان لها أن تتم لولا “إسرائيل” ذاتها.

فيلم المسابقة الثاني هنا وهو “الرقص مع بشير” لآري فولمان له أهميّات متعددة أوّلها أنه إنتاج هذا العام الذي تحتفل فيه “إسرائيل” بولادتها قبل ستين سنة، وثانيها أن هذا الإنتاج تسلل الى شاشة أكبر مهرجان سينمائي في العالم واستقبله ألوف المشاهدين، بعضهم لم يخف تعجّبه من أن يكون هناك فيلماً “إسرائيلياً ضد إسرائيل” بهذا الشكل. ومع أن القول إنه ضد “إسرائيل” ليس صحيحاً تماماً الا أن الناقد يستطيع إرجاء بحث هذه المسألة لما بعد. الثابت هو أن المستوى الثالث من الأهمية يكمن في حقيقة أنه يفتح تاريخ مذبحة صبرا وشاتيلا كما لم يفعل فيلم عربي الى اليوم، لا تسجيلي ولا روائي ولا بالطبع كفيلم أنيماشن. “الرقص مع بشير” يفعل وإذ يفعل يجده المتابع مثل صندوق من المتفجّرات كل واحدة أشد من سابقتها.

قبل وصول الفيلم الى هنا، تردد أنه عمل جديد من نوعه على أساس أنه الفيلم الطويل الأول الذي يمزج نوعين من أنواع السينما الثلاث: إنه فيلم أنيماشن بقدر ما هو فيلم وثائقي وهذا لا يتبدّى سريعاً، إذ في الوهلة الأولى تجد نفسك مستعداً أن تحكم على الفيلم بأنه روائي يستخدم الأنيماشن وهو الشكل الدارج بطبيعة الحال. لكن بعد فترة وجيزة تدرك صحة ذلك القول فالمخرج ينطلق في رحلة من حاضره اليوم الى الماضي مستعيناً بذاكرة كانت تخبو وصورة في اليد لا يكاد أحد يتبيّنها وسؤال ملح حول ماذا فعل “الإسرائيليون” لجانب أنهم التزموا الصمت حين كانت قوّات الكتائب اللبنانية تداهم مخيّمي صبرا وشاتيلا وتذبح الأبرياء من الناس فيهما؟

مثل أي فيلم تسجيلي يتحدّث عن رحلة مخرج باحث عن الحقيقة، ينطلق هذا الفيلم من سؤال ملح: ماذا فعلت حين كنت على مقربة من مخيّمي صبرا وشاتيلا عندما غزتهما قوات الكتائب اللبنانية؟

الجواب الذي يبرز في النهاية هو : لا شيء. آري فولمان لم يفعل شيئاً. ربما فقط في النهاية -وهذا الاحتمال يقترحه هو- صرخ في بعض ميليشيا الكتائب الذين كانوا يقودون حفنة متبقّية من الفلسطينيين الى حيث سيتم إعدامهم، بالتوقف وإخلاء السبيل. وهؤلاء استجابوا. إن فعل، أنقذ حياة بضع عشرات في أفضل الأحوال. إن لم يفعل فهو إما أنه، وحسب الفيلم وليس حسب رأي منفصل، توهّم أنه فعل أو يحاول، وهو صاحب الفيلم، ان يبدو كما لو فعل أضعف الإيمان.

 لكن السؤال الملح الذي ينبثق طوال الوقت في هذا الفيلم الغريب هو ماذا فعلت القيادة. وبقدر ما السؤال والجواب الأول صادقاً الى حد بعيد ومسؤولاً الى حد أبعد، بقدر ما يشوب الثاني شيء من عدم التحديد. حسب الفيلم، الذي يستخدم، كرتونياً، المقابلة مع أحد قادة الفرق “الإسرائيلية”، فإن ذلك القائد اتصل بالسفّاح شارون وأخبره ما يدور فإذا بالثاني يشكره لمعلوماته من دون أن يبدو عليه أنه اهتم فعلاً. بعض اللبنانيين يؤكدون أن شارون كان حاضراً ولم يكن في تل أبيب او سواها حين وقعت المجزرة، لكن حتى ولو لم يكن فإن المخرج يحيط موقف القيادة “الإسرائيلية” بدائرة حمراء كبيرة تقصد أن تنتقد عدم مبالاتها إذا لم تكن تعرف ما يدور، مضيفاً أن عدم معرفتها بما يدور أمر مشكوك فيه تماماً. إذاً كانت تعرف وكانت ترقب وكانت توافق.

ما نراه على الشاشة هو سعي هذا المخرج آري فولمان المزدوج (هو مخرج الفيلم وهو مخرج في الفيلم) لإماطة اللثام عن ذاكرة كانت غابت منذ ذلك الحين وتعود إليه اليوم. لقد أخذ يحلم بمشهد نراه يتكرر كل قليل: إنه واحد من مجموعة من أفراد الجيش “الإسرائيلي” الذين سبحوا في ظلمة الليل الى الشاطئ اللبناني. يحلم المخرج بنفسه وهو يخرج من الماء عاريا، كما سواه، ويمشي صوب ملابس تركت له على الشاطئ. لكن في كل مرة يحلم ذلك الحلم يتذكّر واحداً من رفاقه. والتذكّر هو الوسيلة التي يستخدمها الفيلم للانتقال من شخص الى آخر بسؤال حول ذكرياتهم حول دخول لبنان وماذا فعلوا حينها. بذلك هو انتقال من ذاكرة الى أخرى، وكثير من هؤلاء كانوا نسوا او أرادوا أن ينسوا. كثير مما يرد في تلك الذكريات هو في الواقع شهادات لا تسر لا الجيش “الإسرائيلي” ولا الدولة العبرية في عيد ميلادها الستّين خصوصاً حينما يربط طبيب نفسي يزوره المخرج بين حلمه ذاك وبين الرمز الذي يمثّله البحر في الأحلام. يقول له: البحر هو التهديد. لقد حضرت مجازر ذكّرتك بمجازر الهولوكوست وجعلتك تشعر من جديد بأنك مهدد.

ذكريات وشهادات رفاقه بالغة الأهمية. إنها في جانب لها تأريخ لدخول الجيش “الإسرائيلي” لبنان لكنها في الجانب الآخر تأريخ للمقاومة من دون سعي الفيلم لتبرير احتلاله او دخوله. يتساقط الجنود صرعى على أيدي المقاومين، لكن حين يرد الجيش على المقاومة، قلّما يقتل حامل سلاح. جل من يقتلهم، باعتراف الفيلم، أناس أبرياء. إحدى الشخصيات تؤكد: “فجأة يختفي كل ما تعلّمناه في التدريبات العسكرية ونبدأ في إطلاق النار بخوف ومن دون معرفة ما نطلق النار عليه”. الصورة المصاحبة لهذه الشهادة هي لسيارة تسقط في خط القوّات “الإسرائيلية” التي ترشّها بالأسلحة النارية رشّاً قبل أن تتقدّم صوبها لتكتشف أن كل فيها هو امرأة او طفل او رجل العائلة وكلهم بلا أسلحة استقبلهم الموت وهم هاربون منه.

بذلك يفصح الفيلم أيضاً عن مجازر “إسرائيلية” ولو أن ضحاياها لم يتم توقيفهم الى الجدار وإطلاق النار عليهم من الخلف كما فعل، وحسب شهادة الفيلم، حزب الكتائب، كما يفصح عن فقدان الجنود بوصلة أخلاقية او معرفة سياسية بما الذي دخلوا لبنان يحاربونه. ما شكل العدو ولم لا تفعل القيادة شيئاً حيال سقوط الأبرياء. في الحقيقة، فيلم آري فولمان مهذّب في نقده لكن تهذيبه لا يمنع من أن هذا النقد بحد ذاته حاد كالسكين. إنه فيلم يستحق أن يُعرض في “إسرائيل” على المبتهجين بميلاد دولة مارست او اشتركت بممارسة فظائع مدنية في كل أرض غزتها من فلسطين الى مصر ولبنان (وهو سيعرض بلا محالة في “إسرائيل”). دولة لا تزال ترى في المواربة السياسية والعدوان العسكري السبيل الوحيد للاستمرار علماً بأن كل ذلك لم يفعل سوى تأخير السلام بينها وبين محيطها العربي.

يستخدم المخرج المقابلة الحيّة ثم يموّهها كرتونياً كما كان فعل رتشارد لينكلتر في فيلميه الكرتونيين “حياة يقظة” و”سكانر داركلي”. أما العنوان فيعود الى بشير الجميّل الذي كان اغتيل في ذلك الحين. الرقص مع بشير هو تعبير رمزي استخدمه واحد من جنود الغزو حين أخذ، كما نقل رفاقه عنه، يرقص حين حط على شاطئ المنطقة الغربية في بيروت وهو يطلق النار على الذين تصدّوا للجنود “الإسرائيليين” وقد ارتسمت صور بشير الجميّل على الجدران.

العنوان موح جيّد بالتعاون الوثيق الذي قام بين “إسرائيل” وحزب الكتائب خلال الحرب اللبنانية (والفيلم يبيّنه في أكثر من وسيلة ومشهد)، لكن المشكلة في هذا التحديد هو أن صور بشير الجميّل لم يتم لصقها على جدران بيروت الغربية لا قبل اغتياله ولا بعد اغتياله. جدران ذلك القسم الوطني من بيروت حملت صور جمال عبد الناصر وكمال شاتيلا وياسر عرفات وبعض القوى الوطنية الأخرى والكثير الكثير من صور الشهداء، لكن لم تحمل صورة واحدة لبشير الجميّل او أي من شخصيات الطرف الآخر.

على صعيد فني أيضاً، رسم المخرج كرتونياً واقعي. ما تراه ليس توم أند جيري ولا نمط هوليوودي او ياباني من سينما الأنيماشن، بل فيلم واقعي سواء بالحركة او بالإيقاع لعمل لا يُقصد منه التسلية او المرور على الحدث المقصود مرور الكرام. ألوان الفيلم في البداية تبدو كما لو كانت غير متناسقة، لكن لاحقاً ما يدرك المرء أنها جميعاً تنتمي الى الجو المؤلّف من تلك الذاكرة ومن تلك الأحداث. لون قاتم قليل البهجة كتاريخ هذا الجزء من العالم منذ 60 سنة. 

إقبال على جناح “ثقافية أبوظبي” في المهرجان

تواصل هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مشاركتها الناجحة في فعاليات الدورة 61 من مهرجان “كان” السينمائي الدولي في مدينة “كان” الفرنسية بوفد برئاسة محمد خلف المزروعي مدير عام الهيئة نائب رئيس مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي ونشوة الرويني عضوة مجلس الإدارة ومديرة المهرجان، وعيسى المزروعي مدير المشروع وعبدالله البستكي مدير مسابقة أفلام من الإمارات.

وحاز جناح هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي اقبال واهتمام صناع الفيلم العالميين بدخول العاصمة الإماراتية أبوظبي عالم صناعة السينما حيث احتوى الجناح على مطبوعات تعريفية ووسائط عرض توضيحية تبرز النجاح الكبير الذي حققه مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في دورته الأولى التي أقيمت في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي بأبوظبي والذي كان محور اهتمام صناع الفيلم والمنتجين ووسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.

وأفردت المطبوعات الرسمية لمهرجان “كان” مساحات مهمة لمهرجان أبوظبي الذي يعمل على تطوير وترويج فنون وعلم صناعة السينما وتشجيع التحاور والتعاون الدولي في هذا الإطار.

وأكد محمد خلف المزروعي أن أبوظبي تسير بسرعة كبيرة نحو تحقيق طموحها الى أن تصبح مركزا إقليميا وعالميا لإنتاج وصناعة الفيلم وتحفيز كبار المنتجين العالميين لجذب نشاطهم للمنطقة، إذ بدأت السنة الماضية بالدورة الأولى من مهرجان الشرق الأوسط بنجاح كبير فاق التوقعات.

وأوضح المزروعي ان المهرجان الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أصبح علامة فارقة في عالم المهرجانات السينمائية خاصة من حيث كونه المهرجان الوحيد في الشرق الأوسط الذي يسلط الضوء على تمويل الأفلام من خلال تنظيم مؤتمر خاص في قلب احدى أهم المدن الاقتصادية في العالم وأسرعها نموا. وقال ان هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وفي إطار استراتيجيتها الداعمة للإبداع المحلي وتحفيزها للمواهب السينمائية الإماراتية الشابة تعمل على توفير فرص الاحتكاك وتبادل الخبرات للسينمائيين الإماراتيين في مهرجان كان وغيره من أهم المهرجانات السينمائية العالمية، مشيرا الى ان الهيئة عملت على مشاركة بعض الفنانين الإماراتيين المتميزين في مهرجان كان والذين سبق أن حازت أفلامهم جوائز مسابقة أفلام من الإمارات في دورتها الأخيرة ومنهم ناصر جابر آل رحمة وأحمد راشد المزروعي ومعاذ بن حافظ بما يعمل على توفير الخبرة اللازمة لهم والتفاعل مع التجارب العالمية ورفع سقف الإبداع لديهم وتحقيق طموحاتهم السينمائية.

من جهتها قالت نشوة الرويني إن مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي نجح في دورته الأولى في جذب أهم الأفلام المنتجة في عام 2007 وتمكن من توفير جميع العناصر التنظيمية والسينمائية التي تستقطب صناع الفيلم والمنتجين من كافة أنحاء العالم، مؤكدة ان الدورة المقبلة ستشهد تحقيق المزيد من التطور للمهرجان الذي كان له السبق في إطلاق وابتكار العديد من الأنشطة والفعاليات السينمائية الفريدة المرافقة للمسابقة الرسمية ونال اشادة كبرى وسائل الإعلام العالمية وخاصة المتخصصة منها في عالم الفن السابع.

وأشارت الى ان مهرجان الشرق الأوسط نجح ومن خلال مشاركته في المهرجانات السينمائية العالمية في استقطاب العديد من أهم الأفلام المنتجة لعام 2008 سواء الروائية أم القصيرة أم الوثائقية منها كما أن المهرجان يعمل على توسيع فعالياته ليشمل شريحة أوسع من صناع الفيلم من مختلف قارات العالم كما يحمل في طياته الكثير من المفاجآت التي سيكشف عنها لاحقا.

من ناحيته قال عيسى المزروعي مدير مشروع مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي ان تواجد الهيئة في مهرجان كان السينمائي يأتي في سياق تكريس مشروعها السينمائي وحضورها الثقافي في المحافل العربية والدولية والتواصل مع الآخر وتبادل الخبرات. 

أوراق ناقد ..

الأسئلة الأكثر انتشاراً

كان الزميل المخضرم الذي اعتاد حضور مهرجان كان السينمائي منذ السبعينات غاب عن المهرجان لثلاث سنوات ثم ها هو يعود هذا العام، وجدته واقفاً على رصيف الشارع ينظر حوله. تقدّمت منه وسألته ما حاجته: قال “ضيّعت طريقي الى البيت. هل تعرف أين شقّتي؟”.

طبعاً لم أكن أعرف، لكن الله هدانا وبات ليلته في غرفته فعلاً وليس على الشاطئ. لكن سؤاله البسيط هذا جعلني أفكّر في أكثر الاسئلة تداولاً بين الصحافيين والسينمائيين على حد سواء المتكررة في كل دورة من دورات هذا المهرجان. التالي قائمة قد لا تكون كاملة، لكنها بالتأكيد شاملة.

مثلاً: بعض الصحافيين الذين لا باع لهم في السينما حين يجلسون الى ممثل معروف أو نصف معروف او غير معروف يبادر بالسؤال: كيف بدأت حياتك الفنية؟

والصحافيون الذين يقتحمون المؤتمرات الصحافية كما لو كانت إجابات السينمائيين فيها ستحل كل إشكال أو سوء فهم لا يزال يحمله الصحافي في باله بعد مشاهدة الفيلم عادة ما يكون سؤالهم: لماذا هذا الفيلم؟

وهناك من يستخدم عبارة بالغة التواضع حين يتحدّث عن فيلم معيّن، هؤلاء من النقاد الذين يريدون القول أنهم منفتحون على الرأي الآخر وليسوا متشبّثين او مائة في المائة متأكدين من رأيهم فيفتح باب النقاش بالقول: أعتقدت أن فيلم “كذا” كان جيّداً.

وكم من مرّة وصلت باب إحدى الحفلات المشادة بمناسبة عرض هذا الفيلم او ذاك، او الذي تقيمه هذه الشركة او ذلك المهرجان ووجدت من يقف أمامي وهو يصرخ في المسؤول عن إدخال الضيوف بعبارة واحدة لا تتغير: بالتأكيد أنا على تلك اللائحة.

ويختلط الصدق بالكذب والإعجاب بالنفاق في عبارة تتكرر ظهر مساء: أعجبني فيلمك. وفي هذه الحالة لا أنسى كيف كانت شلّة من الصحافيين العرب تمزّق فيلماً شاهدته لمخرج “كبير” الى أن جاء المخرج نفسه على حين غرّة فهب هؤلاء يرددون كم هو فيلم رائع وجيّد وعبارات التهنئة المختلفة.

والسؤال الذي لا تسمعه كثيراً لكنك تعرف أن هناك من يسأله محاولاً أن يبدو كما لو أن سؤاله علمي يهدف الى شيء من الإحصاء او قدر متواضع من الفضول هو: من أي اتجاه شاطئ نادي العراة؟ 

زوايا التاريخ

1961:السعفة المنقسمة

أهم الأفلام المشتركة في مسابقة تلك الدورة

·         امرأتان: إخراج فيتوريو دي سيكا (إيطاليا).

·         أربعة عشر يوما: إخراج زرافكو فليميروفيتش (يوغوسلافيا).

·         القاضي: إخراج ألف سيوبيرغ (السويد )

·         فيريديانا: إخراج لوي بونويل (المكسيك).

·         الغياب الطويل: إخراج هنري كولبي (فرنسا).

·         جوان الملائكة: إخراج ييرزي سكوفوفسكي (بريطانيا).

·         أوتوتو: إخراج :كون إتشيكاوا (اليابان).

·         الغليظ: إخراج فابري سلطان (المجر).

السعفة الذهبية

تناصف السعفة الذهبية فيلمين هما “الغياب الطويل” لهنري كولبي و”فيريديانا” للوي بونويل. وفي حين طوى الزمن الدراما الفرنسية التي حققها كولبي محاولاً فيها رسم خيوط قصّة حب في إطار فني لم يصل جيّداً، تألّق فيلم لوي بونويل طوال الفترة التالية لفوزه بسبب من أسلوب المخرج السوريالي في التعبير، كما رغبته في ذلك الفيلم كما سواه من قبل ومن بعد، الانطلاق في نقد الكنيسة والسُلطة على حد سواء. فيلم بونويل بالأبيض والأسود لكن حسناته الفنية الأخرى محدودة. ما يبقى له هو الحكاية التي أحسن المخرج بلورتها في بيئتها القروية اللاتينية.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة

لفيلم “جوان الملائكة” للمخرج البولندي المهاجر الى بريطانيا ييرزي سكولومفسكي

أفضل ممثل:

أنطوني بيركنز عن دوره في الفيلم الأمريكي “وداعاً مرّة أخرى” للمخرج أناتول لدفاك.

أفضل ممثلة:

صوفيا لورين عن دورها في فيلم فيتوريو دي سيكا “امرأتان”.

أفضل مخرج:

الروسية يوليّا سولنتزفا عن فيلم “مفكرة الأعوام الملتهبة” وهو واحد من تسعة عشر فيلما  حققتها المخرجة قبل رحيلها سنة 1989 عن 88 سنة.

الخليج الإماراتية في 17 مايو 2008

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)