كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

من عروض الدورة الحادية والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي:

الفلسطيني ملح هذا البحر الخطاب الناقص اللبناني بدّي شوف الشريط المفرغ الارجنتيني عَرين الاسد صلابة نسوية

زياد الخزاعي

مهرجان كان السينمائي الدولي الحادي والستون

   
 
 
 
 

ما انتقص من جهد المخرجة الفلسطينية الشابة آن ماري جاسر في باكورتها الروائية ملح هذا البحر (عرض ضمن خانة نظرة ما ويتنافس علي جائزة الكاميرا الذهبية) يكمن في لا تبريرية مسالك ابطالها الثلاثة. فالشابان عماد ومروان سينتظران اطلالة البطلة ثريا كي يحققا ما نويا عليه وفشلا دوما في الشروع به طوال فترة احلامهما. الاول ينتظر التأشيرة الكندية ليحسم أمر إلغائه لوطن كقيمة عيش وكينونة وارث شخصيين، والثاني يلوك مشاريع لن تتحقق حول أفلامه المستقبلية التي تدور حول الحب والعواطف من دون ان يحرك ساكنا ليوثق المأساة المستمرة لأناسه من حوله. البطلان نقيض تام لعنفوان ثريا (أداء مقنع من سهير حماد) التي جاءت عبر طريق طويل ومعقد من الهويات والبعاد والهجرة والاجيال كي تقف بعناد نادر امام أسئلة التحقيق الاسرائيلي. انها الكائن المحصن بالهوية المكتسبة (جواز السفر الاميركي) والتي ستري ان ما يتراتب في الدولة الفلسطينية كم من الاعتراف الرسمي بأن الارض ضاعت. ستسمع ثريا المندهشة ـ قبل فورتها الاولي ـ من افواه الرسميين ان الوطن ابتعد، وأن الاتفاقات مع الاسرائيلي كشفت مديات الارتهان الفلسطيني لقانون مرتكبي النكبة.

تري، هل تجد ثريا معانيَ كافية تقنعها بأن المهمة التي جاءت من اجلها يجب ان تتعقد كلما التقت بشخصيات اخري علي شاكلة المدير الانكليزي للبنك البريطاني ـ الفلسطيني وصاحب المطعم في رام الله والمسؤول الفلسطيني، وقبلهم حرس حدود اسرائيل وشرطتها ومراقبو المعابر، واخيرا عماد وعائلته ومروان وفرديته ككائن بلا أحبة وأهل؟ هل علي الشابة التي ولدت في بروكلين نيويورك انتظار فهلوتها للحصول علي تبرير يدفعها الي اختراق أرض المحتل سعياً في الوصول الي بيت سيدها في حيفا؟ مَنْ سيقنع مشاهد شريط جاسر ان عبور المعبر سيكون بالسهولة التي يجب ان تنطلي نكتته علي جندي اسرائيلي خبير في فحص النيات الفلسطينية منذ ستين عاماً؟

ما انتقص من فيلم جاسر هو لا منطقية تراتب احداثه، الامر الذي سيجعل من الاجابة علي السؤالين اعلاه رهناً بتفكيك نصها الذي بدأ قويا ومؤثرا وانتهي عند منتصفه عبثيا، خطابيا ومتشنجاً دراميا. لا بد من الاقرار بأن جهد المخرجة جاسر وفريقها كان بطوليا نظراً للوضعية الاستثنائية التي أنجزت فيها تصوير مشاهدها ما بين رام الله و الداخل الاسرائيلي ، ومثله الاقرار بالعناد السينمائي لصاحبة كأنه عشرون مستحيلاً (2003) في استكماله في كل فلسطين. ملح هذا البحر فيلمان في آن: وصول ثريا ومن ثم رحلتها الضمنية في ذاكرة مكتسبة، في ارض ذهنية لم تعرفها من قبل. فعندما نراها واقفة امام أسئلة التحقيق ستردد أنها ولدت هنا من دون ان تتجاسر علي قول جملة في فلسطين ونفهم خشيتها، بيد أنها في المقطع الثاني حين تدعوهم الفنانة الاسرائيلية للدخول الي بيت جد ثريا ستصرخ الشابة بعنف لتثبت ـ بالكلام ـ ان هذا بيت عائلتها الاصلي، وسترد علي سؤال الشابة الاسرائيلية انت من وين؟ انها من هذه المدينة والبلاد وذاكرتها، قبل ان تسأل بدورها من أي بلد اتي أهلك واستقروا في هذه الارض؟

وهذه المشادات التي تنتهي بكم وافر من أكاذيب ثريا البريئة لن تأتي بثمارها، فلا هي حققت قناعتها بوجوب بقائها علي هذه الارض الي الابد، ولا هي اكتفت بعلاقتها العاطفية مع عماد (أداء صالح بكري) كي تُبقي وشيجتها الوطنية مع أحد الرموز الدرامية لفلسطينيي الحصارات الدائمة، وهو وصف يكرره عماد عن حالته التي فرضت عليه عدم تجاوز الحدود وفشله في الحصول علي تصريح اسرائيلي يجيز له حرية التنقل، من دون ان يقدم الشريط تبريراً لمساعيه في الحصول علي التأشيرة الكندية والهجرة اليها. فكيف سيصل الي اي مطار في اي بقعة وهو ممنوع من التجول هنا وهناك؟

تفلح ثريا في الوصول الي رام الله التي ستُدهش لفوضاها وتكدس أناسها وبشرها، وهدفها الحصول علي مدخرات تركها سيدها في حساب لدي بنك بريطاني قبل ان يُرغم علي النزوح بعد النكبة وقيام الدولة العبرية. الادارة الجديدة سترفض الافراج عن المبلغ الذي يتحول لدي ثريا بمثابة ايصال لاستعادة هوية اغتصبت ومُسحت عنوة، وتقترح عليها قرضاً سيؤدي بها الي القرار المتذاكي: سرقة البنك نفسه من دون قتل احد!. فنموذج بوني وكلايد (1967) للاميركي ارثر بن سيكون الاكثر مقارنة في اقتحام البنك وسرقة ما نوت علي استعادته سابقاً. هذه المغامرة التي صورتها المخرجة جاسر بأسلوبية سينمائية متهافتة ستشكل التبرير الوحيد في نصها كي يقرر الابطال الثلاثة الذهاب الي العمق الفلسطيني المغتصب. يرتدي عماد ومروان القلنسوة اليهودية وتعتمر ثريا الطرحة الخاصة باليهوديات ويخدعون فطنة الجندي المدجج بالسلاح. وما ان يشرعون في تجولهم حتي تسارع المخرجة جاسر الي تلبيسهم رداء الفرسان الصناديد الذين يخترقون الموانع الاسرائيلية بلا حسيب او رقيب، ويستعرضون مراجل فلسطينية غير منطقية، اذ يقطف عماد ومروان برتقال تل ابيب ويافا، ويصرح الاول: مارح نخلي حباية في البلاد ! وحينما يصادفون اول عرقلة اسرائيلية ستكذب ثريا مستفيدة من لكنتها الاميركية أنها متطوعة في كيبوتس لا تعرف اسمه ما زلنا لم نتعود علي الاسماء هنا ! وبما ان ثنائية فلسطين/ اسرائيل غير قابلة للحل الكلامي بين القطبين الغاصب والمغتصِب، فان الثنائي ثريا وعماد يقرران المكوث في أطلال قرية فلسطينية ويحولان غرفة في بيت مهجور الي فلسطينهما ، وهما هنا يتشابهان مع بطلي شريط يسري نصر الله باب الشمس اللذين يحولان مغارتهما الي فلسطين بديلة مع فارق اساسي ان الثنائي المعاصر يتحايلان بالسبل كلها كي يكونا ضمن الحيز الفلسطيني، فيما واقع الحال لن يمدهما بالقوة التي تكفل التصريح بهويتهما الحقيقية. وحده مروان سيجد الفرصة سانحة للتخلي عن الهوية ويقرر البقاء مع الفنانة الاسرائيلية، فحيلته أنطلت الي حين.

القانون ـ حتي في أعراف المغتصب ـ له الحق المطلق في العقاب. وهو لن يستثني ثريا وحبيبها المكلوم بفلسطينيته والذي سبق وان عيره عامل المطعم الذي اصر علي معرفتهما لبعض باعتبارهما من اهالي رام الله، بأنه مثله مخالف وعليه ان لا يخشاه، فمصير الطرد والابعاد معروف وهي مسألة وقت وحسب، ولا علاقة له بالتشاطر. ويتحقق شرط المستعمر اذ يلقي القبض علي عماد لانه دخيل ومتجاوز قوانين، وتبعد ثريا الي المطار كونها اجنبية نفدت الفترة القانونية لتأشيرتها . ويعود الاثنان كل الي منفاه.

خطاب شريط ملح هذا البحر قاصر كونه يفترض رحلة غير منطقية، قدمتها المخرجة جاسر منذ مفتتح الفيلم كمغامرة لأشخاص قاصرين يلقون مواعظ وطنية طنانة لا تمت بصلة الي الحقائق البسيطة للشراسة. وهم في مسعاهم النبيل في كسر الجدار العنصري لن يوصلونا الي البر الحقيقي لـ فلسطين المغيبة ناهيك عن ذلك البحر الذي غمروا أجسادهم بمياهه وهم يرتدون كامل ملابسهم!

الرحلة ذاتها ستكون بطلة الشريط الهجين للمخرجين اللبنانيين المميزين جوانا حاجي توماس وخليل جريج بدّي شوف (عرض ضمن خانة نظرة ما ويتنافس علي جائزة الكاميرا الذهبية) حيث أرغموا مشاهدهما علي مرافقة النجمة الفرنسية كاترين دينوف والممثل الشاب اللبناني ربيع مروة في رحلتهما الفارغة المضمون من الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وحتي عمق الجنوب اللبناني بعيد حرب تموز (يوليو) 2006. لا ريب ان هذا العمل متأخر في توقيته ومتخلف في بنائه الدرامي ولا يحمل اي تبرير فني لانتاجه. انه هباء سينمائي لا يغني كثيرا في المحاججة السياسية لاسباب الحرب او توابعها او أضرارها، اللهم الا في تزكية الموقف الفرنسي الذي تكثف في لقطات استقبال القادة العسكريين الفرنسيين لدينوف قرب الحدود مع اسرائيل ولاحقا في المشاهد السياحية لحفل الاستقبال الذي نظمته لها السفارة الفرنسية حيث يمدح السفير اللبنانيين بأنهم اقوياء لهم قدرة نادرة علي تجاوز محنهم! وحينما لا تجد دينوف كلاماً مقابلاً وهي كذلك طوال الشريط البالغ زمنه 75 دقيقة، ستستنجد بلسانها الذي سيقول كلمتين أنا في انتظار صديق!! لنعرف لاحقا ان الممثل ومرافق رحلتها مروة هو المعني. وليس مهما ان جالسها مع السفير الفرنسي ام لا، فان الشاب اللبناني كما هو واضح من حجم الحراسات غير مرحب به. يقفل الثنائي حاجي توماس / جريج فيلمهما بلقطة داكنة كإشارة علي المستقبل المظلم للبلاد التي لن تنفعها زيارة دينوف او مناصرتها المتأخرة.

يسأل مروة النجمة عن دافع مجيئها الي لبنان، فتجيب بابهام مدروس انها رأت الصور والتحقيقات التلفزيونية وقررت ان تأتي بنفسها كي تقف علي حقيقة ما جري بعد الحرب، وتردد بدّي شوف بفرنسيتها المحببة. وحسب المشاهد القليلة للنجمة فان حسابنا سيكون أنها لم تر شيئاً حقيقياً. فجلوسها في سيارة فريق الانتاج لا يكفل لها حق ان تقول أريد أن أري فتجوّلها علي الاوتوستراد المتوجه للجنوب يجعلها حبيسة الصندوق الحديدي السائر حسب التصاريح الحكومية اللازمة والتي من دونها لا تكون هناك رحلة ولا فيلم. صاحبا البيت الزهر (1999) و يوم آخر (2006) خانا عزمهما الاساسي في انجاز شريط وثائقي قصير عن ثيمة ما بعد الحرب، وقررا ـ بخبث سينمائي ـ مط شريطهما الي الحد الممكن وجعله متخاتلا بين وثائقية ناقصة ودرامية ميتة منذ اللقطة الاولي.

هذا التهجين اصبح علّة الفيلم ومقتله الدرامي، فحينما تظهر دينوف وهي خارجة من الفندق، سنري فريق العمل وهم يتساجلون حول تفاصيل اللقطات الواجب تصويرها في الضاحية، لنخمن أننا بصدد عمل يوثق الحرب، وان البطلة العالمية ملكت شجاعة نادرة للوقوف مع لبنان ضد عدوان اسرائيلي، وهي النجمة المعروفة في مناوراتها السياسية القليلة التي لا تحمل مواجهات حاسمة تذكر، بيد أن هجمة سريعة من اشخاص لا نراهم علي الكاميرا وتهديد فريق العمل، اضافة الي محيا الرعب الذي طل علي وجه النجمة غير الخبيرة بالشراللبناني (حتي وان جاء بصيغة الاحتراز العسكري الذي كرسه حزب الله بعد انتهاء الحرب علي الضاحية) كشف قرار حاجي توماس وجريج باعادة تصوير المشهد ذاته ان التلفيق السينمائي سيكون الخيار الاخر لهما من اجل تأمين مشاهد كافية تستثمر طلّة النجمة ذائعة الصيت.

ما تبع هذا هو كلام قليل واقل منه أفعال الممثلين اللذين بدا واضحا أنهما اجبرا علي الارتجال. والذي حدث جاء مضحكاً ومحرجاً في آن. فدينوف التي لم تعد ممثلة معنية بخبطة عمر سينمائية بقيت متحجرة في مكانها، فان سارت عرجت وتعثرت خطواتها، وما ان تصل الي طريق مقطوع حتي تسارع الي الالتفات الي مخرجيها باحثة عن نجدة اواقتراح او حل. في حين بقي مروة يؤدي ردود افعال اقل ما يقال فيها انها تعبيرات بلهاء. والاكثر مدعاة للضحك ان مرّوة كان مصراً علي ان يكون تابعا للنجمة الفرنسية، يمدها بمعلومات عبر لغة فرنسية ركيكة ويقودها نحو موطئ قدميها وكأنه حارس شخصي. اذن ما الذي فعله صاحبا رماد (2003) في شريطهما الجديد كي يجدا مكاناً شرفياً ضمن خانة مرموقة لأكبر مهرجان سينمائي دولي؟ الجواب ان بدي شوف هو تحميل مبطن لجهة لبنانية واحدة هي حزب الله من دون ذكر اسمه في ما يخص أوزار الحرب. وهذا الموقف السياسي لا يقال الا قرب نهاية الشريط حيث يصور المخرجان ردم مخلفات التدمير عند شواطيء الجنوب، ونسمع لاحقا صوت الممثل مرّوة وهو ينعي بيروت التي نريد إقصاءها . ويحمل المونولوغ هذا الكثير من التأسي علي حال العاصمة التي سرعان ما دخلت قبل اسابيع في محنة سياسية وعسكرية جديدة، ويزخر ايضا بالكثير من توريات الاتهام الي الحزب الذي جلب الحرب ومن ثم قرر ردم آثارها بسرعة مدهشة.

الي ذلك فان كثرة الملصقات والشعارات ضخمة الحجم الحاملة لصورة امين عام الحزب حسن نصر الله وكلماته ذات النبرات الحماسية، كانت لها اغراض اخري في العمل، اذ كلما تأزم مشهد ما ظهرت تلك اللافتات كواجهات اتهام مبطن، وايضا كإشارات علي خطر داهم.

لا لبنانيون يظهرون في هذا العمل، وكأن لبنان فرغ من بشره وأناسه. ما نراه طوال المشاهد هو تصوير جوليان هارش للمشهديات الطبيعية الاخاذة للبنان والتي جاءت كنعوات حزينة لبلد لا يعيش سوي ازمات متوالية يبدو ان حلولها غير متوافرة علي المدي المنظور. حينما تحاط دينوف بعساكر الامم المتحدة تتحول اللقطات الي صور جماعية ذات انحطاط ورخص فنيين، وهذا ما ستتوافر عليه المشاهد الاخيرة عند وصولها الي حفل الاستقبال الرسمي الذي تحول رغم انف المخرجين الي روبرتاج تلفزيوني بليد البناء، سفيه المغازي يستكمل الخطاب المفرغ لنص بدّي شوف الذي ارغم مشاهده علي ان لا يري شيئا، مثل البطلين، من خراب العدوان الاسرائيلي. لا ريب أن هذه كبوة لجوانا حاج توماس وخليل جريج، كما ان حالة الغضب والخيبة لدي الكثير ممن شاهد الفيلم لا يمكن ان تغفر لهذين الموهوبين زلّة أخري من هذا النوع.

شريط عَرين الاسد (عرض داخل المسابقة الرسمية) هو نص كبير عن صلابة امرأة تواجه محنة الخيانة والتوريط.

موظفة شابة في مكتبة عامة، تستيقظ ذات صباح لتجد نفسها ملطخة بالدماء، فيما ترقد جثة عشيقها في الحمام ورجل يعارك الموت في صالون شقتها الصغيرة وسط العاصمة. ما سيتبع ذلك حياة من جحيم واقصاء لذات بشرية لن تسعفها الظروف لامتحان براءتها. الادهي ان البطلة الشابة جوليا (أداء قدير من مارتينا غوسمان) حامل بوليد بكر، وعليه فان حياته ستكون ارتهاناً مزدوجاً داخل عنبر خاص بالسجينات الامهات. هذه الثيمة الكلاسيكية سيعالجها المخرج الشاب بابلو ترابيرو (ولد في بيونيس ايرس عام 1971) بكثير من الروية السينمائية معتمدا بالكامل علي أداء شديد الطبيعية من غوسمان التي قررت ان تكون حاملا بالحقيقة لبكرها والذي انجبته داخل مستشفي السجن وبقي معها حتي انتهاء التصوير. النتيجة اداء باهر ذو وقع صاعق. فبعيدا عن الكليشيهات التي تتوافر في اي عمل سينمائي حول سجون النساء، فان ترابيرو ركز همه الدرامي علي السؤال الضاغط: ما رد فعل أم يسرق فلذة كبدها منها؟ وماذا ستفعل حينما يكون السارق هو والدتها؟ يصبح هم جوليا التي قررت الاحتفاظ بجنينها كثمرة علاقة حب صافية مع عشيقها ناهويل الذي قضي بطعنات لاتحصي ان تحقق حرية الوليد اولا.

ومع فشل مساعيها في ابعاد شبهة القتل عنها، بعد ان تشرح للقضاة ان ما تعرضت له هو غسيل ذاكرة توقف دماغها عن خزنها بعد المشهد المريع الذي شاهدت فيه عشيقها وصديقه راميرو (روديغو سانتورو) وهما يمارسان شذوذهما علي فراشها. لكن السؤال الذي لم يجد له احد جوابا هو: مَن الشخص القادرعلي توجيه هذه الطعنات الكثيرة العدد ان لم يكن قوي العضل؟ رغم حججها تلك يُقضي بسجنها وتتم تبرئة الشاب الآثم الذي سيعترف لها لاحقا بجريمته. يحول المخرج ترابيرو وجهة نصه نحو الداخل الشخصي لجوليا حيث نشهد العلاقة الملتبسة بينها وزميلتها مارتا التي ستكون الحاضنة الحقيقية للعائلة الصغيرة المغدورة، قبل ان تدخل صوفيا وهي والدة البطلة علي الخط وتقرر رعاية الطفل خارج السجن كثمن مصالحة لنكرانها السابق لابنتها التي تخلت عنها وهي صغيرة.

تتحول جوليا الي وحش نادرالقوة والعزم علي إنهاء الفراق مع ابنها وتعزل نفسها عن الاجواء المريضة داخل العنبر حتي قيام زميلاتها بعصيان جماعي تضامنا معها. هنا يحدث الانقلاب الكبير في خطتها. ففي احد الزيارات الي دارة والدتها تهرب جوليا بطفلها وتعبر الحدود الي حريتها التي انتزعتها بفعل غير قانوني هذه المرّة. شريط عَرين الاسد يشكل نموذجاً باهرا للساغا العائلية في ارقي حالاتها الدرامية، صاغها صاحب عالم الرافعات (1999) بتأن نادرغلّب عليه درايته في التفاصيل الاجتماعية لعالم المعتقلات ومفاهيم العقاب والعزلات.

سينمائي من العراق يقيم في لندن

القدس العربي في 21 مايو 2008

 
 

«صمت لورنا» يرشح الأخوين دارديني للسعفة الذهبية الثالثة

بقلم  سمير فريد

بعد عرض نصف أفلام المسابقة «١١ من ٢٢» جاء فيلم الأخوين البلجيكيين جان بيير ولوك دارديني «صمت لورنا» ليرشحهما ليصبحا أول من يفوز بالسعفة الذهبية ثلاث مرات، فقد سبق أن فازا عام ١٩٩٩ بكبري جوائز أهم مهرجانات السينما في العالم عن «روزيتا»، وفازا مرة ثانية بالسعفة عام ٢٠٠٥ عن «الطفل» وكان المتبع في كان أن من يفوز بالسعفة لا يشترك في المسابقة مرة ثانية، حتي كسر كوبولا هذا العرف عام ١٩٧٩، عندما عرض «نهاية العالم الآن» وفاز بها بعد أن كان قد حصل عليها عام ١٩٧٤ عن «المحادثة».

«صمت لورنا»، حتي لو لم يفز بأي جائزة، فيلم من أعظم أفلام سينما ٢٠٠٨ في العالم. إنه تحفة جديدة من الأخوين اللذين ابتكرا أسلوبهما الخاص، الذي يدمج التسجيلي مع الروائي علي نحو عضوي غير مسبوق، هو خلاصة خبرتهما التسجيلية الطويلة، فالشخصيات الدرامية في أفلامهما إعادة إنتاج خيالي لشخصيات واقعية يمكن أن تلتقي بها في أي شارع، أو في محيط أي أسرة معاصرة في أوروبا عموماً وبلجيكا، خصوصاً، ويجب وضع عدة خطوط تحت كلمة معاصرة، فما يحدث علي الشاشة في أفلام دارديني لا يحدث إلا في أوروبا اليوم، في العالم الجديد الذي ولد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية في شرق أوروبا، والذي ولد فيه الاتحاد الأوروبي ويتسع كل يوم، وبدأت فيه حرب عالمية من طراز مختلف عن الحروب العالمية السابقة منذ ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وأصبحت له مشاكله الكبري الخاصة، مثل تدمير البيئة الطبيعية والتجارة في البشر وأعضاء البشر.

الأخوان دارديني يعبران عن عصرهما ويشهدان عليه، مثل العديد من كبار فناني السينما، وما يميزهما ليس فقط أسلوب التعبير المبتكر الذي يمكن أن نطلق عليه الواقعية التسجيلية، وإنما أساساً، رؤيتهما للحياة والعالم حيث يدعوان إلي القيم الإنسانية الفطرية التي أصبحت تزوي وتتلاشي في عصر العلم والتكنولوجيا وعودة الرأسمالية الوحشية تحت اسم العولمة، مثل قيم الحب واحترام الحياة الإنسانية، والأمومة والأبوة والصدق والكرامة، فالشخصية الرئيسية في الفيلم «لورنا» فتاة ألبانية حصلت علي الجنسية البلجيكية بواسطة عصابة تؤجرها لمن يريد أن يتزوج ويحصل علي جنسية زوجته، ويبدأ الفيلم باللقطة الكبيرة الوحيدة طوال ساعة و٤٥ دقيقة لأوراق اليورو، تقدمها الفتاة لموظف في بنك، وينتهي بها وهي تعود إلي الطبيعة: إلي كشك في غابة أقرب إلي كهف الإنسان الأول، حيث لا تبحث عن شيء سوي الدفء الصادر عن حرق الحطب.

عاشقان: أول الأفلام الأمريكية

وفي اليوم نفسه الذي عرض فيه «صمت لورنا» شهد المهرجان عرض أول الأفلام الأمريكية الثلاثة في المسابقة «عاشقان» إخراج جيمي جراي، وتمثيل يواكيم فونيكس وجينيث بالترو وهما من أعلام التمثيل في هوليوود، ومشاهدة أي منها في أي فيلم متعة في ذاتها.

وكما أن «حكاية نويل» فيلم فرنسي «عادي» عن العائلة، و«جوامورا» فيلم إيطالي «عادي» عن المافيا، و«خط العبور» فيلم برازيلي «عادي» عن الفقر، فإن «عاشقان» فيلم أمريكي «عادي» يمكن أن تشاهده في أي دار عرض في أي وقت من السنة، والنقاد لا يأتون إلي مهرجان كان أو غيره من المهرجانات ليشاهدوا الأفلام «العادية»، ولا يعني هذا أن المهرجانات يجب أن تعرض التحف الفنية وحدها، بل ولا يوجد ما يمنع عرض بعض الأفلام التجارية مثل «إنديانا جونز» في كان هذا العام، ولكن تظل المهرجانات أساساً لغير العادي وغير التجاري.

وبعد عرض نصف أفلام المسابقة، فإن أحسن الأفلام هو الفيلم الإسرائيلي «رقصة الفالس مع بشير» والفيلم التركي «القرود الثلاثة» والفيلم البلجيكي الفرنسي الإيطالي «صمت لورنا»، ولا أدري لماذا نسبته «فارايتي» إلي بريطانيا، عندما نشرت قائمة أفلام المسابقة بعد إعلانها.

كان يا مكان: لورانس العرب

وفي إطار الاحتفال بمئوية ميلاد دافيد لين «١٩٠٨ - ١٩٩١» عرض المهرجان في برنامج «كلاسيكيات كان»، الذي يعرض نسخاً جديدة مرممة من كلاسيكيات السينما، وأفلاماً تسجيلية عن السينما، الفيلم الفرنسي التسجيلي الطويل «كان يا مكان: لورانس العرب» إخراج آن كونفاري.

وكم كان رائعاً أن يذهب من يريد إلي قاعة بونويل في وقت تعرض فيه أحدث وأهم الأفلام الجديدة لمشاهدة فيلم تسجيلي عن فيلم أنتج عام ١٩٦٢، ليجد القاعة ذات الـ ٥٠٠ مقعد ممتلئة عن آخرها، هذا هو مهرجان كان، وهذه قوته وعظمته، إنه تجمع للعشاق، عشاق فن السينما من كل أنحاء الدنيا، الذين بلغ عددهم هذا العام ما يقرب من ٢٥ ألف زائر.

«كان يا مكان: لورانس العرب» نموذج للفيلم التسجيلي، من حيث دقة البحث التي توازي رسالة للدكتوراه، والأسلوب الذي يجعل الجمال في المعرفة، والمعرفة في الجمال. إنه فيلم عن فنان سينمائي كبير هو شكسبير السينما البريطانية من خلال إحدي روائعه الكبري عن تاريخنا: تاريخ العرب بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، وعن دلالات إنتاجه في مطلع الستينيات من القرن الميلادي الماضي، وعن عمر الشريف في أول أفلامه العالمية، وفيه يتحدث المبدع المصري من أول الفيلم إلي آخره، بل ويربط بين أجزائه، كما أنه أيضاً عن قصة حب الملك الراحل لأم الملك عبدالله ملك الأردن الحالي، التي كانت تعمل مساعدة في الفيلم.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في 21 مايو 2008

 

نجوم مصر وسوريا والعالم في مهرجان كان

17 وزير ثقافة يحضرون يوم أوروبا

رسالة مهرجان كان من سمير فريد 

يتنافس علي جوائز التمثيل في مسابقة مهرجان كان هذا العام عدد كبير من نجوم هوليوود والعالم منهم جوليان مور عن دورها في فيلم "العمي". وكاترين أي نيف وماثيو أمالريك عن دوريهما في "حكاية عيد الميلاد" وأرتا دوبروش عن دورها في "صمت لورن". ويواكيم فونيكس وجنيث بالترو وايزابيللا روسيلدين عن أدوارهم في "عاشقان". وانجيلينا جولي وجون مالكوفيش عن دوريهما في "الاستبداد". وبينكيو ديل تورو عن دوره في "جيفارا". وفيليب سيمور هوفمان واميلي واطسون عن دوريهما في "سيندوش نيويورك" ودنيس هوبر عن دوره في "التصوير في باليرمو".

إلي جانب هؤلاء يحضر المهرجان عدد من الصعب الآن احصاؤه من نجوم السينما في الاخراج والتمثيل ومختلف الفنون والعلوم السينمائية. من شون بين وفاتح أكين وهو هيسا وهيسين رؤساء لجان التحكيم الرسمية الثلاث. الي المخرجين ستيفن سودربرج وفين فيندوز وجاما بيير ولوك دارديني وستيفن سبيلبيرج وجورج لوكاس وودي آلان وكلينت استوود وفيرناندو ميريليس. ونجوم التمثيل دستين هوفمان وادريان برودي وتيم روبنز وبينلوب كروز وسكارليت جوهانسون وهاريسون فور وكاتي بلانشيت ومونيكا بيللوش. وصاحب محاضرة درس السينما هذا العام المخرج الأمريكي كونيتين تارانتينو. ومن نجوم الرياضة مارادونا مع مخرج الفيلم الذي يدور عن حياة أمير كوستوريتشا. وتايسون. و17 وزير ثقافة لحضور ندوة يوم أوروبا.

من نجوم مصر وسوريا حضر المهرجان محمود عبدالعزيز ونور الشريف وجمال سليمان وسلاف فواخرجي وليلي علوي ومحمود حميدة وغادة عبدالرازق وعزت أبو عوف وعلا غانم. وذلك لحضور عرض فيلم "ليلة البيبي دول" اخراج عادل أديب في سوق المهرجان.

هذا هو العام الأول الذي يتولي فيه الناقد والباحث الفرنسي الكبير تيري فيرمو منصب المفوض العام لمهرجان كان. والذي يعني أن سيطرته أصبحت كاملة علي المهرجان. وقد قام فيرمو بالغاء برنامج "كل سينما العالم" الذي اقيم عدة سنوات. وكان علي حق تماماً في قراره إذ لم يحقق البرنامج أي نجاح. وكانت فكرته منح الحق لسبع مؤسسات من سبع دول في أن تختار ما تريد لعرضه في يوم كامل. وكان التركيز علي صناعات السينما "الصغيرة" أو غير المعروفة. فلا توجد علاقة بين المواهب وبين حجم صناعة السينما التي تظهر فيها. ولا يوجد وقت في كان لكي يترك أحد البرامج الرسمية والموازية ليشاهد اختيارات المؤسسات الرسمية في صناعات سينما صغيرة أو غير صغيرة.

بدلاً من كل سينما العالم. نظمت وزارة الخارجية الفرنسية مع مؤسسات فرنسية رسمية وغير رسمية "جناح سينما الجنوب" في سوق المهرجان الذي أصدر كتالوجا "خاصا" ببرامجه. ووجه الدعوة الي 51 شخصية منهم ماجي مرجان وماريان خوري من مصر وهند صبري ومفيدة التلاتلي من تونس وعواطف نعيم من العراق وبشرا خليل من المغرب ونادين لبكي من لبنان وتغريد الصنافوري من السودان وهناء عطا الله وناهد عوض من فلسطين. وذلك للاشتراك في ندوة عن صانعات السينما في دول الجنوب. وتم عرض العديد من أفلام ضيفات البرنامج ومنها "جنينة الأسماك" اخراج يسري نصر الله وتمثيل هند صبري.

لأول مرة شهد سوق الفيلم الدولي بمهرجان كان جناحا باسم "ميد سكرين" وهي مؤسسة جديدة من مشروعات برنامج "ميديا" في الاتحاد الأوروبي تهدف الي ترويج الفيلم العربي من انتاج دول "ميديا" الثمانية. وهي الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس وأرض السلطة الوطنية الفلسطينية.

قد عرضت "ميد سكرين" في كان 2008 عشرة أفلام في أكثر من شاشة من شاشات السوق هي "خلص" اخراج برهان علوية. و"السقوط من الأرض" اخراج شادي زين الدين من لبنان. و"البيت الأصفر" اخراج آمور هكار و"ايرومين" اخراج إبراهيم تساكي. و"ادهين" اخراج رباح أمير زامريش من الجزائر. و"هي وهو" اخراج الياس بكار من تونس. و"ملح هذا البحر" اخراج آن ماري جاسر من فلسطين. و"اعادة الدائرة" اخرج محمود المسعد من الأردن. و"قلوب محترقة" اخراج أحمد المعنوني من المغرب. و"عين شمس" اخراج إبراهيم البطوط من مصر "عرض بترجمة حرفية خاطئة بينما عين شمس اسم لا يترجم.

أهم أفلام المسابقة

حتي كتابة هذه الرسالة تم عرض عشرة أفلام من 22 فيلماً في مسابقة الأفلام الطويلة. وبينما حصل الفيلم التركي "القرود الثلاثة" اخراج نوري بلجي سيلان علي أعلي التقديرات في استفتاء مجلة "سكرين انترناشيونال" الذي يشترك فيه عشرة من كبار النقاد في البرازيل وفرنسا وايطاليا وأمريكا والمكسيك والدانمارك وكوريا وبريطانيا والمانيا واستراليا. حصل الفيلم الفرنسي "حكاية عيد الميلاد" اخراج ارنور دبليشان علي أعلي التقديرات في استفتاء مجلة "فيلم فرانسية" الذي يشترك فيه 15 ناقداً من كبار نقاد فرنسا.

الجمهورية المصرية في 21 مايو 2008

 
 

نادين لبكي تبحث عن الحرية في السينما

مهرجان كان يبحث سينما 'المرأة الجنوبية'

كان (فرنسا) – من هدى ابراهيم

20  سينمائية عربية وافريقية يبحثن في مهرجان كان بالمشاكل التي تواجه 'سينمائيات الجنوب'.

تتراس المخرجة التونسية مفيدة تلاتلي تظاهرة "مسارات نسائية" في مهرجان كان التي افتتحت الثلاثاء بطاولة مستديرة دعيت اليها اكثر من 20 مخرجة او ممثلة او منتجة من العالم العربي وافريقيا خصوصا.

ومن ابرز المشاركات العربيات في هذه التظاهرة التي يجري خلالها عرض وتوزيع عدد كبير من افلام الجنوب اضافة الى مفيدة تلاتلي المخرجتان اللبنانية نادين لبكي والسودانية تغريد السنهوري والمنتجة المصرية ماريان خوري.

وكان ينتظر حضور العراقية عواطف نعيم لكنها ولصعوبة الانتقال لم تتمكن من الوصول الى كان للمشاركة في فعاليات هذه التظاهرة التي تتضمن ثلاث طاولات مستديرة وتختتم نقاشاتها الخميس بعرض فيلم "على حدود الفجر" للمخرج الفرنسي تييري غاريل المشارك في المسابقة الرسمية.

وتنظم الاربعاء طاولة مستديرة حول "السينما والالتزام لدى امرأة الجنوب" بحضور عدد من العاملين في المهنة من البلدان العربية والافريقية خصوصا.

وكانت الطاولة المستديرة الاولى عقدت الثلاثاء وشاركت فيها مفيدة تلاتلي ونادين لبكي من لبنان وانغريد سينكلير من زيمبابوي حيث تكلمت كل منهن عن تجربتها ومسارها في العمل السينمائي.

وقالت مفيدة تلاتلي في مداخلتها ان كل واحدة من المخرجات العربيات فرضت نفسها على طريقتها وكافحت ضد الافكار المسبقة وضد خوفها الشخصي اما فيما يخصها شخصيا فقالت "كانت معركة كبيرة وكان كل شيء ضدي".

وذكرت تلاتلي بانها جاءت في الاساس من اسرة متواضعة وانها حصلت عل منحة لدراسة السينما في فرنسا وانها لم تقل ابدا لا للعمل حتى للافلام القصيرة مؤكدة ان الاخراج "جاء كحادث عرضي" في حياتها حين مرضت والدتها واضطرت لملازمتها وتركت العمل.

واوضحت انها في هذه الفترة بدات في طرح تساؤلات حول العائلة وحياة امها خاصة حين كانت تجلس لفترات طويلة بجانبها قرب البحر الى ان اشترت يوما قلما وورقة وشرعت في الاجابة عن كل تلك الاسئلة التي كانت هربت منها في صباها.

وشددت تلاتلي على ان الجيل الجديد من المخرجات العربيات اكثر جرأة على مواجهة نظرة المجتمع اليه وعلى كتابة نظرته السينمائية وطرح قضاياه.

من ناحيتها تحدثت نادين لبكي عن تجربتها مشيرة الى انها كانت منذ طفولتها ونظرا لعدم استطاعتها الخروج من المنزل بسبب الحرب في لبنان تشاهد التلفزيون والافلام المصرية كثيرا لتعرف باكرا جدا انها تريد العمل في مجال الصورة.

واشارت نادين مجددا الى ان العمل في الكليبات والافلام الدعائية ساعدها كثيرا لانها تمكنت من اختبار كل شيء في هذا المجال الى ان جاء وقت احست فيه انها تريد شيئا آخر من الصورة.

نادين لبكي ارادت ان تتكلم عن المراة الحديثة في بيروت اليوم وعن تناقضاتها فهي تظل ممزقة بين الحداثة وبين التقاليد وليست حرة تماما "لم اكن اعرف من انا وما اريد قوله في الحياة ولم اكن اعيش حريتي الى النهاية".

وادلى عدد من نساء الجنوب من مختلف البلدان العربية والافريقية بشهادات عن تجاربهن في الطاولة المستديرة التي استغرقت ساعة ونصف.

وكان فيلم "صمت القصور" الشريط الذي كشف مفيدة تلاتلي قدم في تظاهرة 15 يوما للمخرجين عام 1994 فيما قدم فيلم "سكر بنات" لنادين لبكي العام الماضي.

وتختتم الطاولات المتسديرة التي تنظم في اطار فعاليات "سينمات الجنوب" الخميس بطاولة مستديرة حول "المواهب الافريقية الشابة" وتتناول خصوصا الافلام القصيرة بحضور صانعيها.

ميدل إيست أنلاين في 21 مايو 2008

 

عرض ليلة البيبي دول في سوق مهرجان كان وسط حضور كبير لنجومه

كان (فرنسا) ـ من هدي ابراهيم 

عرض الفيلم المصري ليلة البيبي دول مساء الجمعة الماضي في سوق مهرجان كان السينمائي الدولي في حضور عدد كبير من النجوم المشاركين فيه اضافة الي الفنان عمر الشريف والذين شاركوا علي الاثر في حفل اقيم بمناسبة اطلاقه علي شاطئ فندق الكارلتون.

وكانت الملصقات الدعائية لـ ليلة البيبي دول عرضت علي الكروازيت وعلي واجهات بعض الفـــــنادق الكبري في مدينــــة كان وعليها صور النجــــوم العرب، كما خرجت مجلتـا فارايتي و الفيلم الفرنسي حاملة علي غلافها ملصق الفيلم الذي يمثل دبابة وعليها ثوب نوم نسائي مثير.

ويشارك في الفيلم الذي يعد الاغلي في تاريخ السينما المصرية عدد كبير من الفنانين المصريين والعرب مثل جميل راتب ومحمود عبد العزيز وليلي علوي وــــنور الشريف وجمال سليمان وســــــلاف فواخرجي وعزت ابو عــــــوف وغادة عبد الرازق ومحمود حميدة ومحمود الجندي وغيرهم كثيرين اضافة الي الاعلاميين عمرو اديب واسامة منير.

ويقول المخرج عادل اديب لوكالة فرانس برس ما كنت لاعود الي الاخراج بعد تسع سنوات لولا ان هذا الفيلم يمثل بالنسبة لي وصية والدي الذي كتب كل انواع السيناريوهات للسينما المصرية .

وكان السناريست الراحل عبد الحي اديب انجز سيناريو هذا الفيلم قبل ساعة واحدة من رحيله بعد ان وضع سيناريوهات اكثر من 021 فيلما متنوعا اغني بها السينما المصرية، بينها سيناريو باب الحديد الذي اخرجه يوسف شاهين.

ويضيف المخرج العائد كل ما في الفيلم صنع بحب سواء لجهة موافقة النجوم علي اداء ادوار صغيرة واحيانا صامتة كما هو الحال مع اللبنانية نيكول سابا في دور المراة الفلسطينية او مع علا غانم التي تقوم هي الاخري بدور صامت.

ويؤكد ان منح الادوار لعدد كبير من النجوم جاء محض صدفة فهم الذين اتوا الي يقودهم حبهم لعمل جيد وهو الامر الذي اصبح نادرا اليوم في السينما المصرية .

وموضوع ليلة البيبي دول وعنوانه مقتبس عن فيلم قديم للمخرج الاميركي ايليا كازان، هو الفرق بين المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الارهاب المرفوض.

واذا كان الفيلم نفذ بعناية فائقة لناحية المؤثرات الخاصة والتصوير والشريط الصوتي والموسيقي التي وضعها ياسر عبد الرحمن، فان السيناريو وتركيبة الفيلم الاساسية تاثرا علي ما يبدو سلبا بالخطاب المباشر وبكثرة عمليات الفلاش باك التي يبني الفيلم عليها، حيث لا يكف عن التنقل بين الحاضر والماضي ما يرهق المشاهد.

وبجانب قضية المقاومة الاساسية يعرض الفيلم لاحداث العالم العربي والعالم اجمع خلال السنوات الستين الاخيرة.

ويعود ايضا لفيلم ليلة البيبي دول الفضل في كونه الفيلم العربي الاول الذي صور مخيمات الاعتقال النازية وانطلق من هذه النقطة المستعادة ليقارن بين ما فعله النازيون باليهود امس وبين ما يفعله الاسرائيليون بالفلسطينيين اليوم.

ويوضح عادل اديب ان الفيلم يؤرخ لفترة 06 عاما من الالم بشكل انساني وكوميدي واتمني ان تصل آخر كلمة كتبها عبد الحي اديب الي الناس .

وكشف عادل اديب لفرانس برس انه يرغب مستقبلا في صنع فيلم عن الاسلام والاديان السماوية عموما وقال ما يحركني هو الشيء المهم والزمن الآتي وعلاقة الاديان بعضها ببعض .

وقد سبق لشركة غود نيوز منتجة الفيلم ان عرضت فيلمين في سوق مهرجان كان هما "عمارة يعقوبيان المقتبس علي رواية علاء الاسواني و"حليم الذي يتناول حياة العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ الذي قام بدوره الفنان الراحل احمد زكي في اخر ظهور له علي الشاشة الفضية.

وقال منتج الفليم عماد الدين اديب في تقديمه للعرض انه يريد ان يسجل حضور السينما العربية في المحافل الدولية وبينها مهرجان كان . (ا ف ب)

ميدل إيست أنلاين في 18 مايو 2008

 
 

كلاسيكية كلينت ايستوود التي ترشحه للسعفة الذهبية

تمزق عاطفي في فيلم العاشقان لجيمس غراي

كلاسيكية كلينت ايستوود التي ترشحه للسعفة الذهبية

قصي صالح الدرويش من كان

يذهب النقاد الفرنسيون إلى ترشيح الفيلم الفرنسي "حكاية عيد الميلاد" لنيل جائرة السعفة الذهبية، وهو ترشيح قد لا يشاطرهم فيه زملاؤهم من غير الفرنسيين، خصوصا وأن كاترين دونوف بطلة الفيلم لم تكن في مستوى التألق الأدائي المعروف عنها. وسنعود إلى مراجعة نقدية لهذا الفيلم الذي أخرجه آرنو ديبليشان في الأيام المقبلة. حتى الآن يتوزع ترشيح النقاد لجوائز المهرجان بين الفيلم الإسرائيلي "فالس مع بشير" أو الفيلمين البرازيلي والأرجنتيني باعتبارهما يمثلان حيوية سينما أميركا اللاتينية اليوم أو الفيلم التركي "ثلاثة قرود" مع أنه ينتمي إلى موجة السينما الجديدة، وهناك أيضا الفيلمين الأمريكيين الذين عرضا حتى الآن، ونعني فيلم "لعاشقان" لجيمس غراي وفيلم "المبادلة" لكلينت ايستوود، دون أن ننسى الفيلم البلجيكي "صمت لورنا" للأخوين جان بيير ولوك داردين والذي يستبعد اختياره للسعفة الذهبية ما لم تحدث مفاجأة لأن الأخوين داردين سبق وحصلا عليها مرتين، علما بأن فيلمهما هو بالتأكيد أحد أجمل أفلام المهرجان هذه السنة. وطبعا هناك أفلام منتظرة، خاصة الفيلم الأمريكي الثالث "تشي غيفارا" والذي يستغرق عرضه نحو أربع ساعات ونصف، وقد سبق لمخرجة سودربرغ أن نال السعفة الذهبية عن فيلم "جنس أكاذيب وفيديو".

في فيلم "العاشقان" يتابع جيمس غراي مسيرته السينمائية التي بدأها بفيلم "أوديسا الصغيرة" حيث أثبت موهبة كبيرة. وفيلمه الجديد يبتعد عن أجواء المافيا والعنف التي سادت أفلامه الثلاثة السابقة. غراي يقول إنه استلهم السيناريو من قصة دوستويفسكي "الليالي البيضاء" التي تتحدث عن رجل أحب بشكل أفلاطوني امرأة تعرف عليها في الشارع وتعاني من اضطرابات نفسية. والفيلم يعرض حالة التمزق العاطفي التي تعصف بالشاب الثلاثيني ليونار الذي يعيش حالة كآبة وبطالة بعد صدمة عاطفية مدمرة جعلته يعود إلى منزل والديه حيث يواصل هموده إلى أن يلتقي بابنة شريك والده اليهودية ساندرا وهي فتاة لطيفة وجميلة تحاول التقرب إليه بمباركة الأهل من الطرفين، ويبدأ ليونار بالتجاوب معها إلى أن يلتقي بجارة له في نفس العمارة، ميشيل الجميلة والمزاجية والتي تعيش قصة حب عاصفة مع رجل متزوج وثري.

ميشيل تثير إعجاب ليونار الذي يسعى إلى التقرب منها ليتحول بالنسبة لها إلى الصديق التي تسر له بمكنونات صدرها ومخاوفها من كذب وعود حبيبها المتزوج، وهذا الوضع يمنع ليونار من الاعتراف لها بحبه ويدفعه إلى محاولة نسيانها عبر العودة إلى ساندرا ليعيش معها علاقة حب وجنس وألفة، لكن ميشيل تطارده باتصالاتها وأحاديثها عن شجونها إلى أن تقرر إنهاء علاقتها مع عشيقها المتزوج والتي جعلتها تمرض من شدة الحب. هكذا يجد ليونار أخيرا الفرصة ليعبر لها عن مشاعره الدفينة فتكاد لا تصدق في البداية ثم يتبادلان القبل والجنس فوق سطح العمارة رغم البرودة الشديدة. وتبدأ بين الاثنين علاقة يقرران معها السفر بعيدا عن العائلة وعن ساندرا. ويوم الرحيل يقوم بتهريب حقيبته كي لا يواجه والديه ويحمل معه الخاتم الذي كان اشتراه لميشيل، لكن هذه الأخيرة تصل إلى الموعد متأخرة لتعلن له أنها ستعود إلى عشيقها السابق الذي ما زالت تحبه والذي قرر الارتباط بها والانفصال عن زوجته.

بخيبة مدمرة وأمام البحر يرمي ليونار الخاتم فوق الرمال، لكن سرعان ما يستعيد سكينته ويقفل عائدا إلى منزل والديه هادئا صامتا مبتسما ليقبل ساندرا أمام الجميع ويعطيها الخاتم وسط سعادة الأهل والأصدقاء.

لقد أبدع جواكيم فونيكس في دوره متنقلا بين حالة الهمود التي تجعله في حالة قريبة من التخلف وبين حالة النشاط والحب والاشتعال والخيبة. جواكيم الذي شارك في فيلم غراي الماضي "الليل ملكنا" يستحق بالتأكيد الترشح لجائزة أفضل ممثل. كما أن التصوير جميل وشريط الأحداث جاء موفقا في الانتقال بين خيبة الانهيار وحرارة الحب، لكن المسار الذي أخذته الأحداث كان كلاسيكيا خاصة الخاتمة التي أفقدت الفيلم حرارته وقدرته على التشويق بحيث يبدو من الصعب ترشيحه للفوز بالسعفة. 

أما الفيلم الذي صنعه كلينت ايستوود فكان كلاسيكيا على درجة رفيعة من النجاح مع أن السيناريو ظل ملتزما بالأحداث الحقيقة التي جرت في العشرينات من القرن الماضي وبهذا ظلت الأحداث معروفة غير قادرة على التحرك. وظل المسؤولون عن التحقيق بحادث اختفاء الطفل محكومون بالتقصير والانحراف وبالاعتداء على البطلة أي المرأة التي خطف طفلها وأعيد إليها بعد شهور طفل آخر، إذ تم إبعادها إلى مستشفى للأمراض النفسية بسبب إصرارها على أن الطفل ليس ابنها المفقود لتعاني تعذيب واضطهاد أطباء والممرضات مثل بقية النزلاء في المستشفى، لا يواسيها سوى الرجل الإيجابي الذي دافع عنها وهو القس الذي لعب دوره جون مالكوفيتش والذي كان يتصرف بذكاء وشجاعة. هكذا عانت شخصيات الفيلم من المسؤولين في الشرطة والأطباء والقس من جمود منعها من التطور، جمود طال أيضا المجرم الذي خطف الأطفال وقتل بعضهم ودفع بعضهم إلى القتل أيضا، هذا المجرم ظل جامدا في صورته الثابتة لم يتغير حتى بعد الحكم عليه بالإعدام ورفض الاعتراف للأم التي استدرجته بحقيقة ما حدث مع ابنها وبحقيقة مصيره.

الشخصية المتطورة والمتحركة كانت الأم الضحية التي أصرت على محاولة معرفة الحقائق مما أعطاها ديناميكية وقدرة على الفعل, وبالتأكيد تألقت أنجلينا جولي بهذا الدور الاستثنائي الذي يؤهلها وبجدارة لتصدر قائمة المرشحات لجائزة أفضل ممثلة، على الرغم من تألق العديد من الممثلات القادرات على المنافسة في عدد من الأفلام التي شاهدناها.

رغم عمره المتقدم والذي قارب الثمانين، يستمر كلينت ايستوود في إبداعه كمخرج ماهر في رصيده 19 فيلما تتنوع مواضيعها من الكاوبوي إلى العاطفية والدرامية، ناهيك عن الأفلام التي مثلها كنجم ساطع ما زال وسيما متألقا في نجوميته, وليس غريبا أن يحصل على جائزة السعفة الذهبية، مع أن بعض النقاد الفرنسيين يستنكرون مسبقا مثل هذا الفوز، باعتباره قد يكون جائزة تقدير وهناك من يلمح إلى الصداقة التي تجمعه مع رئيس لجنة التحكيم شون بين الذي يدين له بجائزة الأوسكار التي نالها عن فيلم "ميستيك ريفير", هذا التلميح استفز شون بن الذي أبدى ضيقه من أسئلة على هذه الدرجة من السخف مشيرا إلى أن الجائزة ستكون من نصيب من يستحقها.

موقع "إيلاف" في 21 مايو 2008

 

مستوى ضعيف لفيلم ليلة البيبي الدول

عشرة نجوم عرب برفقة فيلم ليلة البيبي دول

 قصي صالح الدرويش من كان

 تأخرت في الكتابة عن فيلم "ليلة البيبي دول" بانتظار أن تهدأ ردود الفعل السلبية بالنسبة لي وكذلك بالنسبة إلى غالبية من جاءوا لمشاهدته باهتمام وبرغبة في الإعجاب. لكن النتيجة أحزنتني، مع أنني صديق حميم لكاتب السيناريو الراحل عبد الحي أديب وكنا نتساهر مرتين أو أكثر في كل زيارة أقوم بها للقاهرة، سواء برفقة المخرج الصديق منير راضي أو من دونه. وعبد الحي أديب احد أعمدة السيناريو في مصر وقد أحببناه وصفقنا له منذ أن شاهدنا له فيلم باب الحديد ليوسف شاهين، وأنا أفهم أن يعمل عماد الدين أديب على إنتاج هذا السيناريو الذي كتبه والده وأن يخرجه شقيقه. وموضوع الفيلم صحيح من حيث المواقف السياسية المبدئية، سواء عن اجتياح الجيش الأميركي للعراق والتعذيب الذي حدث في سجن أبو غريب وأثره في تكوين إرهابيين من ضحايا هذا السجن، ومن بينهم الرجل الذي عذب فيه وقطع ذكره فحرم من الجنس ـ وهو الدور الذي أداه نور الشريف ـ أو حتى بالنسبة إلى تعذيب اليهود في الهولوكوست وتشبيهه بما يجري من قتل وتعذيب للعرب في إسرائيل.لكن هذه المواقف الصحيحة لا تكفي وحدها لتقديم فيلم ناجح، فلا بد من بنية درامية ومن شخصيات مرسومة قادرة على التفاعل والتحرك، فالخطاب وحده على صحته لم يقدم هذا النسيج الدرامي السينمائي المطلوب. وربما لم يجد الراحل عبد الحي أديب الوقت الكافي لمراجعة هذا السيناريو، ناهيك أنه لم يكن خبيرا بالشؤون السياسية خصوصا.

للأسف الشديد كان الفيلم الذي شاهدناه فقيرا في معالجة السيناريو وفي الإخراج أيضا. الإمكانيات الإنتاجية الضخمة التي قدمت للفيلم لم توفر له النجاح المطلوب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدد النجوم الكبار المشاركين والذين لم يوفقوا في هذا الفيلم، باستثناء محمود عبد العزيز وسلاف فواخرجي إلى حد ما. والمشكلة لم تكن في موهبة نور الشريف وليلى علوي ومحمود حميدة وجمال سليمان وجميل راتب وعزت ابو عوف وغيرهم، فهم كبار متألقون فعلا، لكن بناء أدوارهم كان ضعيفا فجاء أداؤهم ناقصا. والفيلم طويل جدا ومترهل، هذا الطول قد يؤثر سلبا في الإيقاع لكنه لا يغير كثيرا أو بالأحرى لا يحقق النجاح. وإذ نقول نجح محمود عبد العزيز وسلاف فواخرجي فذلك لأن دوريهما كانا أكثر حيوية ولأنهما استطاعا وضع بصمتهما الشخصية التي شاهدها الجمهور، على الرغم من أن طول الحدث الذي كانا يتمنيانه كان طويلا جدا ونقصد رغبتهما في ممارسة الجنس وهما زوجان لا يجدان الفرصة لذلك.

وأنا لا أتفق مع بعض الصحافيين في انتقادهم لاختيار عدد كبير من النجوم لهذا الفيلم، فقد كان ذلك يحدث في السينما المصرية إبان عهدها الذهبي ويحدث في السينما الأميركية. وأنا لا اتفق أيضا مع بعض الصحافيين لانتقادهم عماد الدين أديب بسبب دفعه أجورا مرتفعة للممثلين وتمويل تكلفة باهظة تكفي، حسب هؤلاء الصحافيين، لإنتاج عدد كبير من الأفلام الجيدة ذات الميزانيات الموضوعية أو المنطقية. فلا بد من توفير الإمكانيات اللازمة لمن يريد إنتاج أفلام ناجحة ومتطورة، سواء في شروط التصوير أو في الديكور أو الأجور أو شروط التوزيع والدعاية، وخصوصا نقل النجوم إلى المهرجانات الدولية. صحيح أن عدد الذين جاءوا هذه المرة إلى مهرجان كان كبير ولم يسبق أن رأينا هذا العدد من النجوم في فيلم واحد في المهرجانات الدولية وفي مهرجان كان خصوصا، حتى لو كان الفيلم مشاركا في المسابقات الرسمية، فما بالك والأمر غير ذلك. ومع ذلك فإن حضور النجوم إلى مهرجان دولي كبير يمكن أن يكون مفيدا للبيع والتوزيع/ طالما أن الأموال متوفرة وكلنا أمل أن تتوفر شروط الإنتاج لأفلام الشركة التي يملكها عماد الدين أديب الذي بإمكانه أن يصبح منتجا كبيرا في السينما المصرية والعالمية، وهو ما أخبرناه حين التقينا في الحفل الذي نظمه في فندق الكارلتون بمناسبة عرض الفيلم. وحين سألني عن رأيي، أجبت بأن الفيلم يمثل إمكانيات هائلة، ولم أستطع بالطبع قول شيء آخر بعد العرض لأن المناسبة كانت للاحتفال والتهنئة. أقول ذلك وأنا أعتقد أن عماد الدين أديب رجل مثقف وإعلامي قادر على الإنتاج والنجاح وهو ما شاهدناه من قبل في فيلم عمارة يعقوبيان.

من جهة أخرى، فوجئ الحضور خلال حفل فندق الكارلتون بموقف النجم العالمي الكبير عمر الشريف لأنه وبخ المغنية الشابة التي شاركت في الفيلم روبي. وبخها لأنها مرت بصحبة أختها أمامه ثم حاولت العودة بسرعة مرة ثانية من المكان نفسه. هذا الأمر أغضب عمر الشريف الذي سألها بحدة وغضب "من الذي دعاك للمرور أمامي وأنا مستعد للأكل"؟ مع العلم أنه لم يكن هناك طاولات مخصصة للأكل بالمعنى الدقيق وأن المكان كان مجرد بوفيه مفتوح. روبي التي فاجأها غضب عمر الشريف وموقفه كادت أن تبكي.

موقع "إيلاف" في 21 مايو 2008

 
 

من توقيع الأخوين دارادين الفائزين بالسعفة الذهبية مرتين

فيلم «صمت لورنا» عن مافيا الإنسان في أوروبا

عبد الستار ناجي

«صمت لورنا» باختصار شديد.. فيلم تحفة.

هل تريدون المزيد؟

اجل، انه فيلم يستحق المزيد.. والمزيد.. فهو اولا وقبل اي شيء، من توقيع الاخوين دارادين، ونعني البلجيكيين جان بير ولوك دارادين، ثنائي بهر العالم، عبر نتاجات تمتاز بالبساطة المتناهية، وتفجير قضايا تدعو الى الحوار بل الى النقص.

ثنائي حقق انجازات في تاريخ السينما العالمية، وتاريخ السينما الاوروبية والبلجيكية ومهرجان كان السينمائي الدولي، على وجه الخصوص، لاسيما بعد فوزهما بالسعفة الذهبية مرتين، وقد كانت المرة الاولى في فيلمهما الجميل «روزيتا» عام 1999، وفي عام 2005 عادا من جديد ليحصدا السعفة الذهبية عن فيلم «الطفل» وفي كل مرة، قضية وقراءة سينمائية تمتاز بالكتابة المتأنية والطبخ على نار هادئة.

والان، وبعد هذه المقدمة، نذهب الى فيلم، صمت لورنا.

فما هي حكاية لورنا هذه ولماذا هذا الصمت؟

فمن اجل ان تحصل على المال اللازم هي وصديقها الذي تعشقه ويقيم بعيدا عنها، تضطر الصبية الالبانية الجميلة «لورنا» والتي تقيم في بلجيكا لأن تتحمل الكثير، فهي تضطر اولا للزواج من شخص مدمن مخدرات مريض ليس بينهما اي علاقة، ووراء هذا الامر، عصابة او مافيا متخصصة في المتاجرة بالبشر، وبعد انتظار طويل تحصل على الاوراق الرسمية الخاصة بحصولها على الجنسية البلجيكية، وهي تريد الانفصال، كي ترتبط بثري روسي، قامت بتأمينه لها المافيا، وهم يريدون ان تنتهي معاملات الانفصال بسرعة، الا ان الامر بين المحكمة.

وتمضي ايام الانتظار، بين الزوج المريض والمدمن والذي يحمل إليها الحب لانها تقوم بمساعدته واللعب معه لتمضية الوقت رغم عملها في مصبغة، وبين انتظار صديقها وحبيبها الالباني الذي يعمل في احد المصانع الذرية، والذي يتم منحه اجزة كل شهر يوماً واحداً، ليلتقي بها في محطة الباصات، وبين المافيا المتمثلة بصاحب تاكسي ينسق بيها وبين الروسي الذي يريد هو الاخر ان يتزوج للحصول بالتالي على الاوراق الرسمية والخلاص مما يجري في بلاده.

كم من المصالح، زوجها استفاد اولا من زواج المصلحة، هي تريد ان تحصل على المال من الروسي كي تشتري مع صديقها الاصلي المطعم الصغير، وصديقها يشاهد كل ذلك من اجل الحصول على نصيبه في المطعم، وهكذا الامر بالنسبة لرجل المافيا الذي يسيطر عليها ويهددها، لأنه يضطر لأن يتم الزواج في وقت اسرع، لان الروسي متعجل ويهدد بالانسحاب، فيضطر رجل المافيا الى اعطاء زوجها جرعة عالية من المخدر، ولكنها قبيل ذلك بلحظات، وفي لحظة ضعف مما يدور حولها، تجد نفسها منجذبة تجاه زوجها، فيحدث بينهما لقاء، تكون نتيجته الحمل.

يموت زوجها، والروسي لا يريد حملها، ولكنه يريد الزواج الصوري فقط، والمانيا تهدد بقتلها.. فتضطر الى الهروب وهي تحمل حملها تحاول المحافظة عليه وسط غابة نائية وظروف مناخية صعبة.

هكذا هي النهاية.

مافيا المتاجرة بالبشر تنتشر في انحاء اوروبا، وتضرب بقوة، وتعتاش على مصائب وكوارث الاخرين، تهدد وتقتل وتفعل كل شيء، من اجل المال.. وثمة من يسقط بين مخالب وانياب تلك الافاعي البشرية الضاربة.

فماذا تكون النتجية زيجات وهمية، وعنف ارعن، واحلام بالثراء، وموت بطيء، وفقر يأكل العمر، ونهايات مأساوية.

كمية من الاتهامات يطرحها الاخوان دارادين وبكثير من الحدة والقسوة والعمق، ومعالجة سينمائية هي البساطة الخالية من التكلف، وهي السهل الممتنع، بل والممتع، والذي يذهب به الى آفاق الدهشة والمتعة السينمائية والاحتراف الذي يليق بالكبار.

اجل الكبار يصنعون فيلما كبيرا.

وعودتهما تكون دائما مقرونة بفعل سينمائي كبير، بكل ما تعني هذه المفردة من معنى.

فيلم يبدو للوهلة الاولى، انه بسيط، فاذا بنا نغرق في وحل المافيا التي تتاجر بالبشر، وتقتات على وجعهم وألمهم وعذاباتهم.

سينما تعتمد الاداء السينمائي العالي الجودة، بالذات، ممن الممثلة الالبانية الاصل ارتا دبروشى، والتي تعيش الشخصية، وتتعمقها بفهم وعمق وموضوعية تنتقل بين الحالات الدرامية، فهي عاشقة مع صديقها، ورافضة لزوجها، وتتنازعها رغبة مادية مع الروسي وهكذا كم من التفاعلات والشخصيات داخل شخصية واحدة، تلهث وراء الايام من اجل الظفر بالمال.

وحينما لاتجد الا السراب، تشعر بضعفها الشديد امام زوجها المدمن والمريض والذي اعطاها كل شيء، الجنسية والمال والامان، ولم يأخذ منها اي شيء، فلماذا لا تعطيه لحظة حب، ويكون حملها، وحلمها الجديد الذي تحافظ عليه، وتهرب من كل شيء، من احلامها المزيفة، وحبيبها المادي، ورجل المافيا، والروسي الثري والمطعم وغيرها.

تهرب من كل شيء، الى غابة نائية، لاشيء سوى كوخ قديم وحمل ينمو في احشائها، والصقيع والتوحش في كل مكان.

وكأن الاخوين دارادين يقولان بأن نهاية الحلم الاوروبي هو في تلك الغابة والوحوش والبرد في كل مكان.

لغة سينمائية عالية الجودة، وسيناريو مكتوب بعناية وسياق متناغم، لا وجود لأي مشهد هامشي، ولا وجود للسفسطة، بل هو بناء درامي متكامل، مكتوب ومحسوب بعناية.

وفي التمثيل ايضا نشير الى جيروم ريز، وهو النجم المفضل لدى الاخوين دارادين والذي لطالما عمل معهما في اعمالهما السينمائية السابقة، وهو هنا يتقمص شخصية الزوج العليل المدمن باحتراف سينمائي عال.

ان «صمت لورنا» على اغتيال زوجها، دفعها لان تحمي جنينها، وهي تردد في ذلك الكوخ، وكأنها تخاطب حملها «نم بهدوء، فلن اتركك، ولن يقدروا عليك، فقد قتلت اباك، وعلي اليوم ان أحميك واحافظ عليك.

هو بالنسبة لها الحلم والامل والنجاة من ذلك الوحل.. وتلك الغربة.. والفاجعة.

ان «صمت لورنا» هو صمت اوروبا على ما يرتكب يوميا من جرائم وكوارث، تقوم بها مافيا الانسان والبشر.

فيلم يفجر قضية.. ويدعونا الى التأمل.. والنظر حولنا الى مئات بل الاف الحالات من زيجات وعلاقات مصلحية تجتاح اوروبا، يكون ضحيتها الانسان.

الاخوان دارادين يقدمان تحفة سينمائية تضاف الى رصيدهما ورصيد السينما العالمية، وسيكون لهذا الفيلم حصاد الكثير من الجوائز على مدار العام الحالي.

لاننا وباختصار شديد.. امام تحفة.. والتحف تستحق التقدير. 

 

أوليفر ستون يصوّر فيلماً عن جورج بوش

عبد الستار ناجي

أعلن المخرج المثير للجدل اوليفر ستون، انه شرع بتصوير فيلمه الجديد «W» عن الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش.

والفيلم كما اشار ستون في تصريحات صحافية، نشرت هنا في مدينة كان الفرنسية، يرصد مسيرة الرئيس بوش، مؤكدا أن فترة ولايته لن تكون هي نهاية ايامه، بل ان تأثيره سيظل حاضرا ومؤثرا لسنوات ولاجيال عدة.

والفيلم كما يقول ستون، تجري احداثه في اطارين سياسي وكوميدي، تتوقف عند الرئيس رقم «43» للولايات المتحدة «جورج دبليو بوش».

ويقدم ستون رصداً بالصورة والوثيقة والمعلومة لحياة بوش من عمر 20 عاما حتى 58 عاما وبالذات المرحلة الحالية من حياته ومشواره.

وقال ستون ان الفيلم يتكون من ثلاث مراحل، الاولى مرحلة الشباب، ثم مرحلة دعم والده له ليصبح البديل السياسي ثم مرحلة الرئاسة بكل ما حملت معها.

وكان ستون قد عمل مع السيناريست ستانلي ديسر في مرحلة مبكرة من العام الماضي، وقد تم اختيار النجم الاميركي جوشا برولين لتجسيد شخصية الرئيس بوش. واخضع إلى كم من البحث والدراسة وايضا دعوته لمشاهدة كميات ضخمة من الافلام والتصريحات المصورة لدراسة كل حركاته واسلوبه في الكلام والمشي.

هذا، ويتوقع ان يكون الفيلم جاهزا للعرض في نهاية العام الحالي.

  

مواجهة فلسطينية- إسرائيلية من العيار الثقيل في ذكرى النكبة

عبد الستار ناجي

مر يوم الخامس عشر من مايو الماضي ذكرى ما يسمى بالنكبة في فلسطين المحتلة وما تسميه اسرائيل ذكرى تأسيس دولة اسرائيل.

وقد شهد ذلك اليوم مواجهة فلسطينية اسرائيلية من الطراز الثقيل من خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي.

ففي المسابقة وفي اليوم ذاته قدم المخرج الاسرائيلي أري فولمان فيلم «فالس مع بشير» وهو من أفلام الرسوم المتحركة الجيدة الصنعة، والذي يخلص الى الاعتراف بان القيادات العسكرية الاسرائيلية كانت على علم باحداث المجزرة التي ارتكبت في مخيم «صبرا وشاتيلا» للفلسطينيين في لبنان على يد النظام المسيحي في لبنان.

في حين قدم التالي مباشرة وفي الظاهرة نظرة ما فيلم «ملح هذا البحر» من اخراج الفلسطينية آن ماري جاسر عن حياة صبية فلسطينية- أميركية تقرر العودة الى ارضها حيث تواجه الكثير من المصاعب وقد أكدت جاسر في حديثها أمام جمهور صالة «كلود ديبوسي» ان فيلمها عن «النكبة» وعن ضياع الأرض والحقوق.

وتفاعلاً مع الفيلم قام بتري فريمو بارتداء الكوفية الفلسطينية وقد استقبل بحفاوة من قبل جمهور المشاهدين من الصحافيين والنقاد والإعلاميين من انحاء العالم.

هذا ويشهد مهرجان كان السينمائي سنوياً عدداً من المواجهات بين صناع السينما في فلسطين واسرائيل حيث يحرص أكبر عدداً من المخرجين على تقديم اعمالهم في هذا العرس السينمائي المهم.

فقد أعلن في كان منذ أيام المخرج الفلسطيني رشيد عشراوي ان فيلمه الجديد «عيد ميلاد ليلى» سيعرض في مهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي في اكتوبر المقبل كما فرغ من انجاز فيلمه الوثائقي الجديد «صباح الخير غزة».

كما أعلن في كان ان المخرج الفلسطيني إيليا سليمان الحائز على جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان الخاص عن فيلمه «يد اللاهية» قد شرع بالاعداد النهائي لتصوير فيلمه الجديد «وقت الذكرى» والذي سيصوره في يوليو المقبل في الأراضي العربية المحتلة.

هذا وسيستعد توفيق أبووائل لتصوير رواية «عائد الى حيفا» في الأيام المقبلة.

أما المخرج هاني أبوأسعد الفائز بجائزة الغولدن غلوب عن فيلمه «الجنة الآن» وسيستعد المخرج لعمل سينمائي جديد باللغة الانكليزية سيصور في فلسطين.

وهذا يعني ان الدورة المقبلة من مهرجان كان ستكون اكثر مواجهة.

وجهة نظر

إسرائيلي

عبد الستار ناجي

الفيلم الاسرائيلي «فالس مع بشير» اخراج ارى فولمان الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، يذهب الى الكثير من النقاط الحساسة، التي تدعو للحوار.

فالفيلم يستدعي ذاكرة الاحداث حول مجزرة «صبرا وشاتيلا» ويتزامن عرضه مع احتفالات دولة اسرائيل في 15 مايو الماضي، بتأسيس دولة اسرائيل.

ورغم ان الفيلم من انتاج جهات رسمية اسرائيلية الا انه يوجه الكثير من اصابع الاتهام لتورط اسرائيل في تلك المجازر.

على الرغم من ان من قام بالمجزرة هم كوادر لبنانية، الا ان الفيلم يؤكد ان قيادات الجيش الاسرائيلي كانت على علم بتلك المجاذر التي تواصلت على مدى ثلاثة ايام.

فيلم كارتوني، اجل فيلم كارتوني، ولكنه يمزج الصورة الكارتونية بالوثيقة الصوتية اولا، والمصورة ثانيا واخيرا، علما ان جميع الشخصيات تم رسمها لتجسد شخصيتها الحقيقية، ومن بينها ايريل شارون، الذي كان يومها على قيادة الجيش الاسرائيلي، والذي فقد منصبه بسبب معرفته بما كان يجري في المخيمات وفي ذلك المخيم على وجه الخصوص.

فيلم يتحدث عن ذاكرة رجل، يحاول ان يجمع الاحداث والحكايات، وكأنه يريد ان يكفر عن ذنوب تلك المرحلة، وما جرى في لبنان على وجه الخصوص.

فيلم لا يحول «الكارتون» الى سخرية بل تتفجر منه القضايا والموضوعات، ويحوله الى خطاب سياسي وموقف ويتوقع ان يثير الفيلم كثيرا من الجدل، سواء داخل اسرائيل او خارجها.

فيلم يدعونا لطرح عدد من الاسئلة وهو الحد المسموح الذي يمكن ان تصل اليه السينما وطروحاتها في هذا البعد او ذاك.

ما أحوجنا ان نشاهد الاخرين..

وما أحوجنا قبل كل هذا ان نعيش المناخ الحقيقي للديموقراطية، حتى نتمكن من صناعة هكذا موضوع يعترف بالذنب والحقيقة.

وعلى المحبة نلتقي

annahar@annaharkw.com

النهار الكويتية في 21 مايو 2008

 
 

أيام مهرجان كان السينمائي الدولي – 8

عن مدونة الناقد محمد رضا

أوراق ناقد

نموذج ليوم في السينما

بعد أن نمت في الساعة الثانية والنصف صباحاً استيقظت في الخامسة وعدت الى الكومبيوتر لأكتب باقي مادّة لإحدى المجلات التي أراسلها منذ أكثر من عقد ونصف الآن (ربما عقدين)٠ إنتهيت من الكتابة (التي قمت بها على مراحل خلال يومين) في الساعة السادسة. نشرت عدد الأمس على هذا الموقع وهي عادة نفس المادّة التي أنشرها يومياً في صحيفة »الخليج« (باستثناء مادة هذا اليوم) نظراً لأن تلك ليست بمتناول الجميع ولأنه من المستحيل أن اكتب يومياً صفحة كاملة للخليج وعدد يومي من »ظلال وأشباح«٠

في الساعة السابعة والربع صباحاً خرجت من الشقّة المستأجرة وانطلقت في مسيرتي (هي في ذات الوقت الممارسة الرياضية المثلى) صوب قصر المهرجانات حيث فيلم الصباح »الإستبدال« لكلينت ايستوود٠ على الطريق لم أنس أن أمر على فندق الهلتون (الذي صار أسمه من هذا العام »سيتفاني«) لكي ألملم المجلات اليومية٠

الفيلم يبدأ في التاسعة لكني أحب أن أصل قبل ثلاثة أرباع الساعة لأقف في الصف مع نقاد آخرين. لماذا؟ أساساً لأني أحب كرسيّاً معيّناً في صف معيّن ولا أريد أن أتأخر فأخسر ذلك الكرسي او سواه بالقرب وأجد نفسي في مكان لا أرغب الجلوس فيه، وثانياً لأن كلام النقاد في الصفوف الصباحية مثير للتندر. إنه عادة ما يكون دردشة حول الأفلام التي شوهدت ورأي هذا وذاك< أستمع وقلّما أتكلّم وحين أفعل لا أستخدم نفس النبرة المهذّبة التي تحرص على تقليل أهمية الرأي الخاص. طبعاً لا أتشنج ولا أرفع صوتي ولا أقاطع بل أقول ما أريد قوله بصوت خافت إنما مثل السهم٠

بعد قليل يتم فتح الباب. أصعد وغيري الدرج العريض. يفتّشون الشنطة (التي كنت فتحتها سلفاً حتى لا أتأخر عند أعلى الدرج) ويضعون تلك الآلة حولي لفحصي (وكل فرد آخر طبعاً) ودائما ما تصفّر الآلة معي لكني لا أكترث ولا يبدو أنهم يكترثون٠

أدخل وأجلس حيث أريد وأستمع لموسيقى الجاز الهادئة التي تصاحب فترة الإنتظار. دائما ما يجلس ورائي رجل لا ينتبه الى أنه إذا ما ضرب الكرسي الذي أمامه اهتزّت الكرسي وأزعجتني. لكني أنتظر عرض الفيلم وحين يفعل ذلك، وهو يفعل ذلك من دون قصد، أمرر له المرّة الأولى. المرّة الثانية أستدير صوبه وأطلب منه أن ينتبه٠

يبدأ الفيلم وينتهي والآن الى فيلم آخر. ويبدأ الفيلم الآخر وينتهي والى الفيلم الثالث الذي ينتهي عرضه في الثانية بعد الظهر. آكل سلطة مع تونا وأزور بعض الأصدقاء وأجول في الستاندز العربية ليس كلها معاً ولكن واحداً او إثنين في اليوم. في الساعة الرابعة أسجّل تعليقي لتلفزيون أبو ظبي، وفي الخامسة والنصف أشاهد فيلمي الرابع وفي السابعة والنصف فيلمي الخامس٠

في الساعة العاشرة أما أتوجه الى البيت لأكتب وإما أجلس مع بعض الأصدقاء لكن الغالب، وبالأمس الذي أتحدّث عنه، فضّلت العودة الى البيت للكتابة. ثم أنام متأخراً في الليل وأصحوا باكراً جدّاً٠

لا أجهد . لا أحس بالتعب. لا أركض ولا أجد نفسي متأخراً ولا ألهث لكني يوم السبت أصابني فلو شديد فاكتفيت بفيلمين ومكثت في الشقّة لأكثر من الوقت المعتاد. في اليوم التالي عدت لشقاوتي لأن الطريقة الوحيدة للتغلب على الوعكة الصحية وعدم تحويلها الى ما هو أكثر من وعكة هو عدم الراحة، لأنه إذا ارتحت لها جنحت عليك واحتلّتك٠


-
٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠|*| -٠-٠-٠-٠-٠-٠--٠-٠-٠-٠-٠

 |*| CLINT EASTWOOD MAKES MY DAY |*|

كيف تجاهل معظم النقاد العرب سينمائيــاَ كبيراً الى أن أعترف به الغرب 

مرة أخرى يصل الممثل- المخرج كلينت ايستوود الى مهرجان »كان« السينمائي الدولي مصطحباً فيلماً جديداً لإشراكه في مسابقة المهرجان الكبيرة٠

إنها المرّة الخامسة، على وجه التحديد، التي يدخل فيها المخرج والممثل المعروف ايستوود صرح المهرجان الفرنسي العالمي من دون أن يقطف جائزة كبرى بحجم أهميّته التاريخية وبحجم قوّة فيلمه وجودته. دائماً ما كانت لجان التحكيم تبدّي عليه مخرجاً آخر وفيلماً آخر ربما على أساس أنه هوليوودي والحاجة الى تشجيع المواهب المستقلّة في أميركا والعالم... تلك التي يجب دعمها ولا تدعمها المؤسسات الكبيرة٠

لكن الا يشكّل الأساس الفني الحكم الأول؟ الا يجب أن يسود التقييم القائم على جودة الفيلم وليس على ميزانيّته او مدى إرتباط الفيلم بجهاته الإنتاجية او وضع صاحبه بالنسبة لهوليوود من عدمه؟ على الورق نعم. في التطبيق لا يبدو أن هذا ممكن- حسب خفي حنين الذي عاد به ايستوود في كل مرّة اشترك فيها في مسابقة هذا المهرجان٠

المرة الأولى كانت سنة 1985 حين قدّم Pale Rider  الثانية سنة 1988 حين عرض Bird  الثالثة سنة 1997 مع تخصيصه فيلم »سُلطة مطلقة« للعرض الرسمي ثم جاءت المرّة الرابعة حين عرض تحفته الصغيرة Mystic River  الذي لم يلق بالاً يذكر في كان لكنه عاد الى هوليوود واختطف عدّة جوائز أوسكار أحدها للممثل شون بن الذي يقود الآن لجنة تحكيم الدورة الحالية من المهرجان الفرنسي حيث يعرض ايستوود فيلمه الجديد  Changeling

تجاهل عربي

لكن إذا ما خرجت لجان التحكيم عادة بنتائج لا تثير رضى الغالبية فإن هذا شأنها وأحياناً ما يكون ذلك رغبة في إنصاف طرف آخر يستحق (وفي أحيان أخرى هي سياسة تمنح طرفاً آخر ما لا يستحقه). الذي يُثير الغرابة بالفعل هو الموقف النقدي العربي من الممثل والمخرج الأميركي الذي كان حكم على ايستوود بأنه مجرد زوبعة في فنجان، ثم أراد تحسين علاقته به فوجده ممثلاً لأفلام الوسترن والبوليسي لا يصل الى الدرجة التي على الناقد التعاطي مع المسائل الفنية٠

ثم حين بدأ ايستوود إخراج الأفلام قبل أكثر من خمس وثلاثين سنة تجاهله مجدّداً على أنه مخرج غير مهم. وبقي ايستوود مخرجاً غير مهم، وممثلاً من غير صنف لورنس أوليفييه وأورسن ولز ومارلون براندو لذا يجب أن لا نكترث له، حتى فوجيء هذا النقد العربي الذي يلهث معظم من فيه وراء وجهات النظر الغربية أن النقاد الغربيين باتوا يقدّرون أفلام ايستوود ويمنحونها تأييدهم٠

هنا، ومن باب أنه لا يمكن أن يكون النقاد الغربيين على خطأ، سارع النقد السائد لإستبدال نظرته الى هذا العملاق وإصباغ كلمات مثل »المخرج الكبير« و»الفنان الرائع« و»الأيقونة السينمائية« عليه٠

إستقبال جيد

كلينت ايستوود هو واحد من اولئك السينمائيين الأميركيين الذين لم يتم الإحتفاء بهم جيّداً في عالمنا العربي وذلك تبعاً لمفاهيم سياسية محضة وجاهزة ودائمة. النتيجة ليس أنه ضحية هذا الشأن من الإعتبار الخاطيء والتقدير غير العلمي للأمور، بل نحن ضحايا لإغفالنا وتجاهلنا٠

لكن هناك أسبابا ً خاصة أخرى تضاف الى تلك التي حدّت يوماً من إلتقاء النقد العربي بإيستوود من قبل أن يصبح همّه تبنّي الرأي الغربي وهو أن كلينت ايستوود قبل أن يصبح مخرجاً كان ممثلاً ناجحاً- وهذه بالنسبة لكثيرين سقطة او بداية لا تؤهل صاحبها الى التقييم الجاد خصوصاً إذا ما كان ممثلاً في أفلام شعبية يحبّها الجمهور. فالعادة التي درجت هي أن على الناقد أن يكون مناوئاً لرغبة الجمهور ومفاهيمه بالضرورة التلقائية، كما لو أن الناقد يريد أن يؤكد لمحيطه أنه مختص ومتخصص وبالغ القدرة على الإنتقاء. بينما ما يفعله في الواقع هو زج نفسه في هدم الغاية من كونه ناقداً وهو التوسّط بين الجمهور وبين الفيلم والتقييم من دون وصايا او سرعة في الحكم تاركاً الرأي الأخير الى المشاهد وحده٠

ايستوود لم ينتظر أن يشيخ او يصبح عاطلاً عن العمل لكي ينتقل الى الإخراج. بعد نحو عقدين من العمل ممثلاً في مسلسلات تلفزيونية وأدوار صغيرة في أفلام منسية (أحدها دور طيّار حربي يظهر في ثلاث مشاهد قصيرة وهو يقصف عنكبوتاً ضخماً في فيلم رعب خمسيناتي) ثم بعد مرحلة من النجاح الفوري إثر قيامه ببطولة ثلاثية أفلام وسترن أخرجها الإيطالي سيرجيو ليوني، وسلسلة بوليسية من إخراج دون سيغال بدءاً بفيلم »هاري القذر«، لم ينتظر طويلاً بل عمد الى الإخراج سنة 1971 بفيلم عاطفي متوتر هو »إعزف لي ميستي«٠

استقبل الفيلم من قبل النقاد الأميركيين جيّداً ففي فيلمه ذلك علامات نبوع لا يمكن التغاضي عنها ولمحات من مزايا سينماه الى واكبته الى يومنا هذا في كل فيلم أخرجه. وايستوود واصل عمله أمام الكاميرا وخلفها طويلاً حتى السنوات القليلة الماضية عندما ختم ظهوره بفيلم »مليون دولار بايبي«، على ما يبدو، بلعب دور مدرّب ملاكمة الذي يوافق على مضض تدريب فتاة تهوى الملاكمة قبل أن تتحوّل بالنسبة له الى قضية وجوهر حياة. رجل خاسر بعد ماض لا بأس به يجد أمامه فرصة لتحقيق انتصارات جديدة عبر تلك المرأة الحالمة بالبطولة، لكنه يخبو وإياها بعد حين ليس بالبعيد٠

مبدأ نخبوي

مسيرة كلينت ايستوود الإخراجية تواصلت بفيلميه الثاني والثالث في هذا الإتجاه وهما Breezy و High Plain Drifter  وبعد فيلم رابع بعنوان Eiger Sanction أنجز سنة 1977 أحد أفضل أفلامه مخرجاً وأحد أفضل أفلام الوسترن في تلك الفترة والى اليوم وهو The Outlaw Josey Wales دراما حول مزارع منصرف لحقله وعائلته حين تغير قوّات من الشماليين، خلال الحرب الأهلية الأميركية، على منزله فتقتل عائلته. بعد ذلك ينضم الى الجنوبيين في تلك الحرب لكن عليهم الآن إلقاء السلاح بعدما آنتهت الحرب رسمياً. جوزي لا يصدّق أن الجيش الشمالي سيفي بوعده فيفلت من مذبحة يتعرّض لها المستسلمون وينطلق منتقماً قدر استطاعته من الشماليين الذين باتوا يرصدون حركاته بغية قتله٠

طبعاً فيلم الوسترن بأصله هو دون مستوى إهتمام المعظم الكاسح لنقّاد السينما العرب وذلك بسبب المبدأ النخبوي الذي يعتقدون أنهم أهل له. لذلك لم يلق أحداً منهم بالاً الى حسنات هذا الفيلم الفنية وانضم الى أفلام سابقة وأخرى لاحقة أنجزها المخرج ومرّت تحت رادارهم الصدأ٠

هذا في الوقت الذي كان فيه النقاد الغربيون يكتشفون في كلينت ايستوود استمراراً لسينمات رعيل من المخرجين الجيّدين أمثال جون هيوستون ودون سيغال وجون سترجز وروبرت ألدريتش وهي أسماء بدورها لا تعني شيئاً للنقاد في هذا الموقع من العالم٠

هل يفوز؟

المرّة الأولى التي انتبه فيها النقد العربي وعدد كبير من النقّاد الأوروبيين الى صلابة سينما ايستوود كانت حين قدّم فيلم »بيرد« عن حياة عازف الجاز تشارلز بيرد وكيف قاد حياة من الدمار الذاتي. لعب بطولة الدور الفنان فورست وتيكر فلهب أحاسيس المعنيين حين تم عرض الفيلم على شاشة كان وكان ايستوود أول من أسند إلى هذا الممثل، الذي لاحقاً ما صعد سلالم الشهرة الى حيث تلقّف أوسكاره الأول مؤخراً، بطولة فيلمه واثقاً بقدراته٠

مع »ميستيك ريفر«، الذي أتاح للممثل شون بن الفوز بأوسكار أفضل تمثيل رجالي و»مليون دولار بايبي« ثبّت ايستوود موقعه كفنان أميركي ولفت نظر نقادنا الذين اكتشفوا ولادته بعد أكثر من ثلاثة عقود على مولده مخرجاً وأربعة عقود على بطولاته ممثلاً٠

ثم جاء »مليون دولار بايبي« فارتفع رصيده بين النقّاد عموماً لكن القليلين من النقاد العرب اهتمّوا بإلقاء الضوء على فيلميه اللاحقين »رسالة من إيوو جيما« و»رايات آبائنا«، وهما فيلمان من أفضل أعماله عموماً ومن أفضل ما خرجت به الشاشة الأميركية في السنوات الخمس الأخيرة٠

هل سيفوز ايستوود بما يستحق هذه المرّة في »كان« فيلقف السعفة الذهبية عن فيلمه الجديد »إستبدال« او أن الإعتبار الجاهز من أنه مخرج هوليوود كبير لا يحتاج الى جائزة كان هو الذي سيسود؟ ايستوود يحتاج، لمسيرته الفنية، جائزة »كان« والا لما داوم على المجيء هنا عارضاً أفلامه٠ 

-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠|*| -٠-٠-٠-٠-٠-٠--٠-٠-٠-٠-٠

|*| FLASHES |*| 

ما شوهد من أفلام المسابقة الى الآن في لمحة

  • Blindness: Fernando Meirelles (Brazil) ***
  • Leonera: Pablo Trapero (Argentina) **
  • Watlz With Bashir: Ari Folman (Israel) ***1/2
  • A Christmas Tale: Arnaud Desplaechin (France) **1/2
  • Three Monkeys: Nuri Bilge Ceylan (Turkey) ***1/2
  • Lorna's Silence: Jean- Pierre & Luc Dardene (France/ UK) **1/2
  • Two Lovers: James Gray (USA) ***
  • The Exchange: Clint Eastwood (USA) ****
  • The Headless Woman: Lucercia Martel (Argentina) *
  • Servic: Brillante Mendoza (Philippines) *
  • Gomorrah: Matteo Garrone (Italy) **1/2

الأفلام المشاهدة التي لم أكتب عنها بعد سيتم تقديمها في الأيام التالية٠

ظلال وأشباح في 21 مايو 2008

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)