من توقيع الأخوين دارادين الفائزين بالسعفة الذهبية
مرتين
فيلم «صمت لورنا» عن مافيا الإنسان في أوروبا
عبد الستار ناجي
«صمت
لورنا» باختصار
شديد.. فيلم تحفة.
هل تريدون المزيد؟
اجل، انه فيلم يستحق المزيد..
والمزيد.. فهو اولا وقبل اي شيء، من توقيع الاخوين دارادين، ونعني
البلجيكيين جان
بير ولوك دارادين، ثنائي بهر العالم، عبر نتاجات تمتاز بالبساطة المتناهية،
وتفجير
قضايا تدعو الى الحوار بل الى النقص.
ثنائي حقق انجازات في تاريخ السينما
العالمية، وتاريخ السينما الاوروبية والبلجيكية ومهرجان كان السينمائي
الدولي، على
وجه الخصوص، لاسيما بعد فوزهما بالسعفة الذهبية مرتين، وقد
كانت المرة الاولى في
فيلمهما الجميل «روزيتا» عام 1999، وفي عام 2005 عادا من جديد ليحصدا
السعفة
الذهبية عن فيلم «الطفل» وفي كل مرة، قضية وقراءة سينمائية تمتاز بالكتابة
المتأنية
والطبخ على نار هادئة.
والان، وبعد هذه المقدمة، نذهب الى فيلم، صمت
لورنا.
فما هي حكاية لورنا هذه ولماذا هذا الصمت؟
فمن اجل ان تحصل
على المال اللازم هي وصديقها الذي تعشقه ويقيم بعيدا عنها، تضطر الصبية
الالبانية
الجميلة «لورنا» والتي تقيم في بلجيكا لأن تتحمل الكثير، فهي
تضطر اولا للزواج من
شخص مدمن مخدرات مريض ليس بينهما اي علاقة، ووراء هذا الامر، عصابة او
مافيا متخصصة
في
المتاجرة بالبشر، وبعد انتظار طويل تحصل على الاوراق الرسمية الخاصة
بحصولها على
الجنسية البلجيكية، وهي تريد الانفصال، كي ترتبط بثري روسي،
قامت بتأمينه لها
المافيا، وهم يريدون ان تنتهي معاملات الانفصال بسرعة، الا ان الامر بين
المحكمة.
وتمضي ايام الانتظار، بين الزوج المريض والمدمن والذي يحمل
إليها
الحب
لانها تقوم بمساعدته واللعب معه لتمضية الوقت رغم عملها في مصبغة، وبين
انتظار
صديقها وحبيبها الالباني الذي يعمل في احد المصانع الذرية، والذي يتم منحه
اجزة كل
شهر يوماً واحداً، ليلتقي بها في محطة الباصات، وبين المافيا
المتمثلة بصاحب تاكسي
ينسق بيها وبين الروسي الذي يريد هو الاخر ان يتزوج للحصول بالتالي على
الاوراق
الرسمية والخلاص مما يجري في بلاده.
كم من المصالح، زوجها استفاد اولا من
زواج المصلحة، هي تريد ان تحصل على المال من الروسي كي تشتري مع صديقها
الاصلي
المطعم الصغير، وصديقها يشاهد كل ذلك من اجل الحصول على نصيبه
في المطعم، وهكذا
الامر بالنسبة لرجل المافيا الذي يسيطر عليها ويهددها، لأنه يضطر لأن يتم
الزواج في
وقت اسرع، لان الروسي متعجل ويهدد بالانسحاب، فيضطر رجل
المافيا الى اعطاء زوجها
جرعة عالية من المخدر، ولكنها قبيل ذلك بلحظات، وفي لحظة ضعف مما يدور
حولها، تجد
نفسها منجذبة تجاه زوجها، فيحدث بينهما لقاء، تكون نتيجته الحمل.
يموت
زوجها، والروسي لا يريد حملها، ولكنه يريد الزواج الصوري فقط، والمانيا
تهدد
بقتلها.. فتضطر الى الهروب وهي تحمل حملها تحاول المحافظة عليه وسط غابة
نائية
وظروف مناخية صعبة.
هكذا هي النهاية.
مافيا المتاجرة بالبشر تنتشر في
انحاء اوروبا، وتضرب بقوة، وتعتاش على مصائب وكوارث الاخرين، تهدد وتقتل
وتفعل كل
شيء، من اجل المال.. وثمة من يسقط بين مخالب وانياب تلك
الافاعي البشرية
الضاربة.
فماذا تكون النتجية زيجات وهمية، وعنف ارعن، واحلام بالثراء،
وموت
بطيء،
وفقر يأكل العمر، ونهايات مأساوية.
كمية من الاتهامات يطرحها الاخوان
دارادين وبكثير من الحدة والقسوة والعمق، ومعالجة سينمائية هي البساطة
الخالية من
التكلف، وهي السهل الممتنع، بل والممتع، والذي يذهب به الى
آفاق الدهشة والمتعة
السينمائية والاحتراف الذي يليق بالكبار.
اجل الكبار يصنعون فيلما
كبيرا.
وعودتهما تكون دائما مقرونة بفعل سينمائي كبير، بكل ما تعني
هذه
المفردة
من معنى.
فيلم يبدو للوهلة الاولى، انه بسيط، فاذا بنا نغرق في وحل
المافيا التي تتاجر بالبشر، وتقتات على وجعهم وألمهم وعذاباتهم.
سينما تعتمد
الاداء السينمائي العالي الجودة، بالذات، ممن الممثلة الالبانية الاصل ارتا
دبروشى،
والتي تعيش الشخصية، وتتعمقها بفهم وعمق وموضوعية تنتقل بين الحالات
الدرامية، فهي
عاشقة مع صديقها، ورافضة لزوجها، وتتنازعها رغبة مادية مع
الروسي وهكذا كم من
التفاعلات والشخصيات داخل شخصية واحدة، تلهث وراء الايام من اجل الظفر
بالمال.
وحينما لاتجد الا السراب، تشعر بضعفها الشديد امام زوجها
المدمن
والمريض
والذي اعطاها كل شيء، الجنسية والمال والامان، ولم يأخذ منها اي شيء،
فلماذا لا تعطيه لحظة حب، ويكون حملها، وحلمها الجديد الذي تحافظ عليه،
وتهرب من كل
شيء، من احلامها المزيفة، وحبيبها المادي، ورجل المافيا،
والروسي الثري والمطعم
وغيرها.
تهرب من كل شيء، الى غابة نائية، لاشيء سوى كوخ قديم وحمل ينمو
في
احشائها،
والصقيع والتوحش في كل مكان.
وكأن الاخوين دارادين يقولان بأن
نهاية الحلم الاوروبي هو في تلك الغابة والوحوش والبرد في كل مكان.
لغة
سينمائية عالية الجودة، وسيناريو مكتوب بعناية وسياق متناغم، لا وجود لأي
مشهد
هامشي، ولا وجود للسفسطة، بل هو بناء درامي متكامل، مكتوب ومحسوب
بعناية.
وفي التمثيل ايضا نشير الى جيروم ريز، وهو النجم المفضل لدى
الاخوين
دارادين
والذي لطالما عمل معهما في اعمالهما السينمائية السابقة، وهو هنا يتقمص
شخصية الزوج العليل المدمن باحتراف سينمائي عال.
ان «صمت لورنا» على اغتيال
زوجها، دفعها لان تحمي جنينها، وهي تردد في ذلك الكوخ، وكأنها تخاطب حملها
«نم
بهدوء، فلن اتركك، ولن يقدروا عليك، فقد قتلت اباك، وعلي اليوم
ان أحميك واحافظ
عليك.
هو بالنسبة لها الحلم والامل والنجاة من ذلك الوحل.. وتلك
الغربة..
والفاجعة.
ان «صمت لورنا» هو صمت اوروبا على ما يرتكب يوميا من جرائم
وكوارث، تقوم بها مافيا الانسان والبشر.
فيلم يفجر قضية.. ويدعونا الى
التأمل.. والنظر حولنا الى مئات بل الاف الحالات من زيجات وعلاقات مصلحية
تجتاح
اوروبا، يكون ضحيتها الانسان.
الاخوان دارادين يقدمان تحفة سينمائية تضاف
الى رصيدهما ورصيد السينما العالمية، وسيكون لهذا الفيلم حصاد
الكثير من الجوائز
على مدار العام الحالي.
لاننا وباختصار شديد.. امام تحفة.. والتحف تستحق
التقدير.
أوليفر
ستون يصوّر فيلماً عن جورج بوش
عبد
الستار ناجي
أعلن المخرج المثير
للجدل اوليفر ستون، انه شرع بتصوير فيلمه الجديد
«W»
عن الرئيس
الاميركي جورج دبليو
بوش.
والفيلم كما اشار ستون في تصريحات صحافية، نشرت هنا في مدينة
كان
الفرنسية،
يرصد مسيرة الرئيس بوش، مؤكدا أن فترة ولايته لن تكون هي نهاية ايامه، بل
ان
تأثيره سيظل حاضرا ومؤثرا لسنوات ولاجيال عدة.
والفيلم كما يقول ستون،
تجري احداثه في اطارين سياسي وكوميدي، تتوقف عند الرئيس رقم «43» للولايات
المتحدة
«جورج دبليو بوش».
ويقدم ستون رصداً بالصورة والوثيقة والمعلومة لحياة بوش
من عمر 20 عاما حتى 58 عاما وبالذات المرحلة الحالية من حياته
ومشواره.
وقال
ستون ان الفيلم يتكون من ثلاث مراحل، الاولى مرحلة الشباب، ثم مرحلة دعم
والده له
ليصبح البديل السياسي ثم مرحلة الرئاسة بكل ما حملت معها.
وكان ستون قد عمل
مع
السيناريست ستانلي ديسر في مرحلة مبكرة من العام الماضي، وقد تم اختيار
النجم
الاميركي جوشا برولين لتجسيد شخصية الرئيس بوش. واخضع إلى كم
من البحث والدراسة
وايضا دعوته لمشاهدة كميات ضخمة من الافلام والتصريحات المصورة لدراسة كل
حركاته
واسلوبه في الكلام والمشي.
هذا، ويتوقع ان يكون الفيلم جاهزا للعرض في نهاية
العام الحالي.
مواجهة فلسطينية- إسرائيلية من العيار الثقيل في ذكرى
النكبة
عبد
الستار ناجي
مر يوم الخامس عشر من
مايو الماضي ذكرى ما يسمى بالنكبة في فلسطين المحتلة وما تسميه اسرائيل
ذكرى تأسيس
دولة اسرائيل.
وقد شهد ذلك اليوم مواجهة فلسطينية اسرائيلية من الطراز
الثقيل من خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي.
ففي المسابقة وفي
اليوم ذاته قدم المخرج الاسرائيلي أري فولمان فيلم «فالس مع بشير» وهو من
أفلام
الرسوم المتحركة الجيدة الصنعة، والذي يخلص الى الاعتراف بان
القيادات العسكرية
الاسرائيلية كانت على علم باحداث المجزرة التي ارتكبت في مخيم «صبرا
وشاتيلا»
للفلسطينيين في لبنان على يد النظام المسيحي في لبنان.
في حين قدم التالي
مباشرة وفي الظاهرة نظرة ما فيلم «ملح هذا البحر» من اخراج الفلسطينية آن
ماري جاسر
عن حياة صبية فلسطينية- أميركية تقرر العودة الى ارضها حيث
تواجه الكثير من المصاعب
وقد أكدت جاسر في حديثها أمام جمهور صالة «كلود ديبوسي» ان فيلمها عن
«النكبة» وعن
ضياع الأرض والحقوق.
وتفاعلاً مع الفيلم قام بتري فريمو بارتداء الكوفية
الفلسطينية وقد استقبل بحفاوة من قبل جمهور المشاهدين من
الصحافيين والنقاد
والإعلاميين من انحاء العالم.
هذا ويشهد مهرجان كان السينمائي سنوياً عدداً
من المواجهات بين صناع السينما في فلسطين واسرائيل حيث يحرص
أكبر عدداً من المخرجين
على تقديم اعمالهم في هذا العرس السينمائي المهم.
فقد أعلن في كان منذ أيام
المخرج الفلسطيني رشيد عشراوي ان فيلمه الجديد «عيد ميلاد ليلى» سيعرض في
مهرجان
الشرق الأوسط في أبوظبي في اكتوبر المقبل كما فرغ من انجاز
فيلمه الوثائقي الجديد
«صباح
الخير غزة».
كما أعلن في كان ان المخرج الفلسطيني إيليا سليمان الحائز
على جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان الخاص عن فيلمه «يد اللاهية»
قد شرع بالاعداد
النهائي لتصوير فيلمه الجديد «وقت الذكرى» والذي سيصوره في يوليو المقبل في
الأراضي
العربية المحتلة.
هذا وسيستعد توفيق أبووائل لتصوير رواية «عائد الى حيفا»
في الأيام المقبلة.
أما المخرج هاني أبوأسعد الفائز بجائزة الغولدن غلوب عن
فيلمه «الجنة الآن» وسيستعد المخرج لعمل سينمائي جديد باللغة
الانكليزية سيصور في
فلسطين.
وهذا يعني ان الدورة المقبلة من مهرجان كان ستكون اكثر مواجهة.
وجهة نظر
إسرائيلي
عبد
الستار ناجي
الفيلم الاسرائيلي «فالس مع بشير» اخراج ارى
فولمان الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي
الدولي، يذهب الى
الكثير من النقاط الحساسة، التي تدعو للحوار.
فالفيلم يستدعي ذاكرة الاحداث
حول مجزرة «صبرا وشاتيلا» ويتزامن عرضه مع احتفالات دولة اسرائيل في 15
مايو
الماضي، بتأسيس دولة اسرائيل.
ورغم ان الفيلم من انتاج جهات رسمية اسرائيلية
الا انه يوجه الكثير من اصابع الاتهام لتورط اسرائيل في تلك
المجازر.
على
الرغم من ان من قام بالمجزرة هم كوادر لبنانية، الا ان الفيلم يؤكد ان
قيادات الجيش
الاسرائيلي كانت على علم بتلك المجاذر التي تواصلت على مدى
ثلاثة ايام.
فيلم
كارتوني، اجل فيلم كارتوني، ولكنه يمزج الصورة الكارتونية بالوثيقة الصوتية
اولا،
والمصورة ثانيا واخيرا، علما ان جميع الشخصيات تم رسمها لتجسد
شخصيتها الحقيقية،
ومن بينها ايريل شارون، الذي كان يومها على قيادة الجيش الاسرائيلي، والذي
فقد
منصبه بسبب معرفته بما كان يجري في المخيمات وفي ذلك المخيم على وجه
الخصوص.
فيلم يتحدث عن ذاكرة رجل، يحاول ان يجمع الاحداث والحكايات،
وكأنه
يريد ان
يكفر عن ذنوب تلك المرحلة، وما جرى في لبنان على وجه الخصوص.
فيلم
لا
يحول «الكارتون» الى سخرية بل تتفجر منه القضايا والموضوعات، ويحوله الى
خطاب
سياسي وموقف ويتوقع ان يثير الفيلم كثيرا من الجدل، سواء داخل اسرائيل او
خارجها.
فيلم يدعونا لطرح عدد من الاسئلة وهو الحد المسموح الذي يمكن
ان تصل
اليه
السينما وطروحاتها في هذا البعد او ذاك.
ما أحوجنا ان نشاهد
الاخرين..
وما أحوجنا قبل كل هذا ان نعيش المناخ الحقيقي للديموقراطية،
حتى
نتمكن من
صناعة هكذا موضوع يعترف بالذنب والحقيقة.
وعلى المحبة نلتقي
annahar@annaharkw.com
النهار الكويتية في 21
مايو 2008
|