كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"سعفة 2008" عن المساواة والعدل والإندماج الثقافي في عهد ساركوزي

لـــوران كــانـتـيــه الأوّل فــي صـفّــه !

باريس ـــ من هوفيك حبشيان

مهرجان كان السينمائي الدولي الحادي والستون

   
 
 
 
 

الفكرة التي قام عليها فيلم "بين الجدران" ("السعفة الذهب" في الدورة الحادية والستين من "مهرجان كانّ") راودت لوران كانتيه حتى قبل أن يباشر تصوير فيلمه السابق "في اتجاه الجنوب" (2005). كان يريد فيلماً يصخب بالواقعية ولا يساوم، عن مجريات حياة تلامذة في ثانوية فرنسية. وكان يريد لحوادث الفيلم الاّ تخرج اطلاقاً من حرم الصف والمؤسسة التعليمية. في ظلّ ازدياد عدد الذين يتكلمون عن المدرسة باعتبارها "معبداً"، كان هو يريد أن يريها مكاناً تتجلى فيه على نحو ملموس مسائل مثل المساواة وعدم توزيع الحظوظ بنسب متعادلة، وأيضاً أن يكون شريطاً يحكي عن العمل والسلطة والاندماج الثقافي والاجتماعي في عهد نيكولا ساركوزي. من دون ان ننسى الاقصاء الذي كانت عرضة له أجيال كاملة من المهاجرين الوافدين الى فرنسا بحثاً عن شروط أفضل للعيش.

لدى صدور "في اتجاه الجنوب"، التقى كانتيه الكاتب واستاذ الثانوية فرنسوا بيغودو الذي كان صدر له آنذاك كتاب اسمه "بين الجدران"، لفته فيه الخطاب الذي يتضمنه. وجد كانتيه أن الكاتب لم يتعمد تقديم شخصية الاستاذ في الرواية على أنه يريد تصفية حساباته مع مراهقين. هؤلاء المراهقون أيضاً لم يتم اقتراحهم في النصّ بصفتهم حمقى. ولا يخفي كانتيه هذا الاعجاب الشديد بالاصل الادبي: "قرأت الرواية، وأدركت على الفور أنها تضيف الى مشروع الفيلم الذي كان لي، أمرين: أولاً مادة، نوع من مادة توثيقية لم تكن في متناولي، وكنت آنذاك لا أجد سبيلاً للتزود منها الاّ عبر الذهاب الى المدارس والانخراط مع التلامذة. وثانياً، شخصية فرنسوا التي كوفئت بها، وعلاقته التي تحمل طابع المواجهة مع التلامذة". 

هكذا، من دون أن يكون هذا أحد مقاصده الاساسية، اختصر بيغودو أوجهاً عدّة لاستاذ، وهي اوجه كان كانتيه يسعى لتخيلها في فيلمه. لكن حافز الكتاب الاول والاخير كان أن يوثّق عاماً دراسياً كاملاً، مستمداً الهامه من التجارب اليومية. لم يكن هناك اذاً، في الكتاب، خط روائي واضح يتفرّع من مجموعة عقد درامية متداخلة. وكانت مادة الكتاب تكتفي بعرض وقائع، لا أكثر. بيد أن كانتيه وروبان كامبيللو الذي تشارك واياه كتابة السيناريو، لقطا طرف الخيوط المناسبة. لم يخل الكتاب من بعض المواقف والوضعيات الدرامية، واستخدم المؤلفان بعضها لتحويلها مادة درامية. خلت صفحات الكتاب أيضاً من الشخصيات، علماً أن الفيلم هو مسرح لأكثر من 24 شخصية كلهم تلامذة احتفت بهم الشاشة طوال ساعتين.

لم يرغب كانتيه أن يكون الخط السردي في الفيلم ظاهراً للعيان فوراً، فعمل على أن ترتسم ملامح الشخصيات تدريجاً، من دون أن تكون عملية مجيئها في اتجاه المُشاهد أمراً متوقعاً. فالفيلم هو قبل أي شيء يوميات تلامذة في صفّ. 24 شخصاً لم يختر أيٌّ منهم الآخر، لكنهم مجبرون على البقاء معاً، وعليهم التعايش بأفضل الشروط، وذلك على مدار عام كامل وبين جدران أربعة. في البداية، لا يبدو احد التلامذة البارزين ويدعى سليمان الاّ تلميذاً، مثل سائر التلامذة، في هذا الصفّ. ولا شيء يميزه البتة. بيد انه، بعد نحو ساعة، ثمة قصة تُحاك من حوله، ويتكرس سليمان بطلها ومحورها.

  في خلال كتابة السيناريو، تدخّل بيغودو بصفة "حارس الواقع". كان يدرك أن ثمة مشاهد في النص قد تكون سليمة سردياً وبنيوياً، لكنها كانت تبدو غير محتملة في واقع الحياة المدرسية. من جهته، وضع كانتيه ملخصاً للفيلم أو نوعاً من عمود فقري له، حتى قبل البدء بالعمل على السيناريو، وكان هذا الملخص قابلاً للتعديل والتغيير، لو دعت الحاجة الى ذلك. وهذه تقنية أثبت كانتيه فاعليتها سابقاً في فيلمه "موارد انسانية". واقتصرت التقنية على استخدام ناس حقيقيين يؤدّون "أدوارهم" في الحياة. أي أن يكونوا امام الكاميرا فحسب، لا أن يمثّلوا. "أعطيتهم حيزاً كبيراً من الحرية ليؤلفوا الشخصية بحسب نظرتهم وخلفيتهم وقيمهم. بعض الأدوار يجدر تسليمها لممثلين غير محترفين لأنهم مرّوا بتجارب مماثلة للشخصية التي يجسدونها"، هذا ما كان يقوله كانتيه في الحديث عن فيلمه حول "طريقة استخدام الوقت".  

أولى المدارس التي دخلها الفريق للاستكشاف كانت مدرسة فرنسواز دولتو في الدائرة العشرين في باريس. منذ البدء بدت المدرسة مثالية، كمصدر للوحي والالهام، وربما أكثر. من هذه المدرسة اختار كانتيه التلامذة الذين نراهم في الفيلم. كلهم شبّوا وتتلمذوا في مدرسة دولتو. أما الاساتذة فمارسوا مهنتهم في هذه المدرسة ايضاً. كذلك الامر بالنسبة الى أهالي التلامذة في الفيلم: هؤلاء هم أهاليهم في الحياة الحقيقية

بدأ كانتيه العمل مع المراهقين في مطلع شهر تشرين الثاني 2006، حتى نهاية العام الدراسي. ارتدى التصوير طابع المحترف. "كل يوم اربعاء"، يقول المخرج، "كنا نجتمع بعد الظهر، برفقة التلامذة الذين كانوا يرغبون بذلك. نحو 50 تلميذاً، في المحصلة. الباقي كانوا توقفوا عن المجيء من تلقاء ذواتهم. من أصل هؤلاء الخمسين، نرى في الفيلم 24 تلميذاً. تدريجاً، تحول الفيلم الى "مشروع صفّ" دراسي مكتمل النصاب. لم يبخل كانتيه بوقته، فكرّسه لتعميق صداقاته وفهمه لشلة التلامذة هذه. هذا التواصل عزز تضاريس الشخصيات وحدّد ملامحها. فالتلميذ الصيني الذي كان في الكتاب مثلاً، كان يبعث الفضول لدى كانتيه لأمرين: عدم اتقانه اللغة الفرنسية كما يجب، ولمشهد يريه طرد والديه كان استحوذ على اعجاب كانتيه. شخصية التلميذ أيضاً تدين بالكثير لمن يلعبها، بحيث أن كانتيه لم يكتب حرفاً واحداً من حواراته. واضطلعت الصدفة بدور مهم في الفيلم. فمثلاً، يروي كانتيه، ان أرثور الغوطي لم يكن من ضمن حسابات السيناريو. لكن قبل مباشرة التصوير، حضرت مصممة الازياء الى البلاتو، لتقترح بعض الأشياء على من يريد أن يصبح غوطياً. استغل أرثور الظرف. ويعلّق كانتيه: "كان الفيلم الروائي يتيح لهم الاقدام على أشياء لا يتجرأون عليها في الحياة اليومية. بعد هذا طلبت من والدة أرثور أن ترتجل حواراً مع الاستاذ حول قضية "اعتناق" ابنها الغوطية". لكن الاهم من هذا كله، أن كانتيه لم يرد فيلماً شفهياً، أو نسخة يسارية لـ"جمعية الشعراء الراحلين"، مع جرعة أضافية من الهمّ الاجتماعي الذي تتسم به أعماله. بيد أنه ربح التحديات والرهانات كلها، وصار الاول في صفّه، في صفّ "مهرجان كانّ"، وأيضاً في صفّ السينما الفرنسية

... وكانتيه من زمن زيارته لبيروت

 استضافت بيروت لوران كانتيه ذات مرة، في مناسبة إحدى دورات "اسبوع السينما الاوروبية". كان لا يزال حينذاك في بداية مساره الفني، صاحب فيلمين روائيين طويلين فحسب، واثنين قصيرين، لكن كان يعرف العاصمة اللبنانية حقّ المعرفة، اذ عمل فيها، على ما أظن، بعد انتهاء الحرب. وحين جاء الى بيروت وتحت ابطه "طريقة استخدام الوقت"، بعدما نال عنه جائزة "الاسد الذهبي" في الدورة الثامنة والخمسين من مهرجان البندقية السينمائي، كانت تيمة الاحتيال على الوقت، وعلى الذات أيضاً، موضوعا لم يسبق أن تناولته السينما كما فعله هو، هذا المخرج البالغ حالياً السابعة والاربعين من العمر. يروي "طريقة استخدام الوقت" قصة موظف يرفض القيود الاجتماعية، ويسعى الى التحرر منها. لتحقيق هذا الموضوع سينمائياً، كان كانتيه سعى الى قصة حقيقية حوّلها الى سيناريو يوفر للكذب مكانته في المجتمعات المعاصرة.

آنذاك قابلت كانتيه في فندق "جفينور - روتانا" في الحمراء. كنت أريد أن يشرح لي ما مصدر هذا الاهتمام بشخصية غامضة ومتناقضة، لا تحمل أيّ سمة من سمات الطرافة، كالتي كان جاءنا بها في فيلمه. فكان ردّه: "أجد أنها شخصية انسانية مثل سائر الناس. والمخاطرة التي يقوم بها الفيلم هي بمنح تعقيد ما لهذه الشخصية. أكثر الشخصيات التي نقابلها في الأفلام مبسطة الى حد كبير، وتتحول تاليا الى أدوات سردية. في هذا الفيلم أردت الانطلاق من التعقيدات المتعلقة بالشخصية، وبالعالم الذي من حولها، وبالمواقف التي تجد نفسها فيها، وإيصال ما تشعر به، من دون أن تجد مبرراً لما تفعله".

على مدار حياته السينمائية التي تتلخص في خمسة أعمال روائية وفيلمين قصيرين، لم يتوان كانتيه يوماً عن التطرّق الى أكثر المشكلات تعقيداً في المجتمع الفرنسي. لكنه فعلها بتطرّف واخلاص، وقلة من السينمائيين يجرؤون على اتمام فيلمٍ، بطلُه يقدم على الانتحار لسبب أنه عاطل عن العمل. بيد ان هذا الفيلم، بالنسبة اليه، ليس سوى معاناة انسان سئم العمل، وليس عن شخص يصبح ضحية البطالة. انه عن شخص يرفض الاستمرار في وظيفة مملة؛ فهذا الرجل يحاول الهرب من الواقع، وهذا الهرب مرفوض من مجتمعه. فلا يبقى أمامه حل الا الكذب، ليس لأنه يخجل من كونه عاطلاً عن العمل، بل حرصاً على الاستراتيجيا التي يخوض تجربتها والتي لا ترتكز على الكسل. فهو يتحكم تحكماً كاملاً بمحيطه معتمداً على عامل الكذب. انه يبتكر قصة، ويفرض على الآخرين أن يتقاسموها معه.

طبعاً يميل كانتيه، الذي كان ولا يزال يعترف بامتلاكه أحاسيس مسيسة، الى الدفاع عن شخصيات تبحث عن ذاتها، وهذا البحث لا يقودها دائماً الى النتائج المنشودة. السؤال الذي يطرحه فانسان في "طريقة استخدام الوقت" حاسم: هل من الممكن أن يكون للانسان وجود خارج نظام العمل الذي يستخدمه فقط لأهداف استهلاكية؟ هذا السؤال مطروح باستمرار، وجوابه لا يمكن الا أن يكون وجودياً وسياسياً.

يرى كانتيه أن هناك نوعاً من بطولة في التجربة التي تقوم بها الشخصية في هذا الفيلم. لكن الأمور تتعقد تدريجاً. ويصبح من الصعب على المشاهد أن يتقبل فكرة أن الكذبة هي أداة تحرير. "كل انسان تعوّد الكذب سوف يؤكد لك أن الكذبة من الأمور المثيرة للحماسة"، يردف كانتيه. "وبطل الفيلم يعيش الكذبة كنوع من انشراح واستنجاد، معتقداً أن لديه ما يكفي من القوة للاستمرار على هذا النحو، ولكن في النهاية تصبح حياته غير مقبولة. ولا سيما أن هناك أشخاصاً يحبّهم، ولا يرغب في خداعهم".

لكانتيه أيضاً تقنية فريدة تتيح له العبور من العام الى الخاص والتأرجح بينهما. واذ بقصة حميمية تأخذ أبعاداً شمولية. وهذا يجمع كل أفلامه. فما يهمه أكثر من غيره هو العلاقة ما بين الداخلي والشخصي والاجتماعي. وكثيراً ما نراه يحاول تشجيع المشاهد ليتمثل بالشخصية التي تعيش وتموت أمامه على الشاشة، ذاهباً دوماً من منطلقات انسانية، ومن شخصيات أعطي لها ما تطلبه من وقت لتعيش وتظهر كل تناقضاتها. "ولكن لا أدعي أني أتفهم الشخصية من أطرافها كلها"، قال لي وكأنه يلوم نفسه على ذلك التقصير.

لا، لوران، لست مقصّراً!   

خارج الكادر

كانّ، الوجه والقفا

كانّ، أرض ميعاد بلا دم ولا متاريس ولا دبابات.

كانّ، مكان تذهب اليه أسداً وتعود منه طرطوراً.

كانّ، سلالم حمراء يصعب صعودها ويسهل نزولها.

كانّ، ماخور من الافلام قابلة للبيع والشراء ولا غبار على شرفها.

كانّ، الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود.

كانّ، امتحان للمخرج يُكرَّم فيه أو يهان.

كانّ، مهرجان ومدينة تتكسر التسونامي على شواطئهما.

كانّ، فضيحة لا أساس لها من الكذب.

كانّ، مدينة في وجه سبع غزوات متواطئة.

كانّ، طريق الى الرحمة والتصالح، الكبرياء والدلال.

كانّ، الليل فيها نهار والنهار فيها نهار.

كانّ، حيوان سينمائي لا أحد يقدر على ترويضه.

كانّ، فسحة من دون أمل وأمل من دون فسحة.

كانّ، بلاد لا تنتمي اليها لكن هي تنتمي اليك.

كانّ، أرض وسماء، ساحل وجبل، خير وشر، مجتمعة في مكان واحد!

  

في كانّ، فساتين فاخرة تُطعم كلفتها قارةً بأكملها.

في كانّ، نقّاد عرب يكتبون عن الافلام من دون مشاهدتها.

في كانّ، ملحقون صحافيون عنصريون ومعتزّون بذلك.

في كانّ، مدير فني يتلقى الشتائم والاطراءات "على الطالع والنازل".

في كانّ، نقّاد يتابعون النوم في عرض الثامنة والنصف صباحاً.

في كانّ، نصف حذاء لاربع أقدام، وكومبيوتر واحد لمئة صحافي.

في كانّ، باخرة ضخمة لنصف رجل.

في كانّ، بطاقات زهر وزرق وصفر دلالاتها مهنية لا سياسية.

في كانّ، تراتبية لكن لا غالب ولا مغلوب.

في كانّ، ديموقرطية توافقية، اذاً لا غالب ولا مغلوب.

في كانّ، ينام الرجال مع الرجال والنساء مع النساء، ولا ينجبون.

في كانّ، قوس قزح بلا ألوان.

في كانّ، يتصور منتجون مصريون على السجاد الاحمر ليقولوا للصحافيين في بلادهم: "كنا في كانّ".

في كانّ، اذا حملت المرأة فستلد سينمائياً، واذا تمخض الفأر فسيلد جبلاً، واذا حملت العاهرة فستلد منتجاً.

في كانّ، لدى البعض 8 ساعات للنوم، و8 ساعات للعلاقات العامة، و8 ساعات من اللهو، وصفحة كاملة في اليوم التالي في صحيفتهم.

في كانّ، لا يهمّ من أنت، المهم أين أنت.

في كانّ، وحدهم الذين ينامون في الفنادق الفخمة يهتمون بأحوال الطقس.

في كانّ، وحده الناقد المواظب يلتقي عمال التنظيفات صباحاً في طريقه الى القصر.

في كانّ، قد ترى دونوف بالـ"شانيل" على ركام حرب تموز في الجنوب اللبناني.

في كانّ، الكثير من الطموحات والقليل من الاحلام.

في كانّ، عناصر أمن قليلو الادب لا تحميهم الاّ عضلاتهم المفتولة.

في كانّ، الكثير من السينما والقليل من الافلام.

في كانّ، يرمي فان دام ملابسه من الشرفة، ولا تأتي الشرطة.

في كانّ، عقارب الساعة عدوّك اللدود وصديقك الحميم.

في كانّ، السجاد الاحمر أقرب الى النجوم منا نحن.

في كانّ، ترى نجوم الظهر ولا ترى نجوم الليل.

في كانّ، النادل أكثر عنجهية من جيل جاكوب.

في كانّ، تتهمك مخرجة لبنانية بأنك لم تفهم فيلمها، ويهنئك ايطالي على تقديرك لعمله.

في كانّ، "ناس" الشاشة والناس أمام الشاشة، ولا لقاء بينهما ممكناً.

في كانّ، ناتالي بورتمان تبتسم لك ومضيفة الصالة تعبس في وجهك.

في كانّ، المقابلات مدّتها دقيقتان ونصف دقيقة، أما الاقتباس في الصحيفة فعلى ثمانية أعمدة.

في كانّ، أميركيون يخافون من "السعفة"، لأنها تخيف المراهقين في بلادهم.

في كانّ، سهرات لمهرجانات لبنانية لن تجري أبداً.

في كانّ، أصدقاء تبحث عنهم وآخرون "ملزم" بهم.

في كانّ، ثمة ألف فيلم ولك عينان اثنتان وعقل واحد.

في كانّ، الافلام تأكل من بعضها ويبقى المُشاهد جائعاً.

في كانّ، الاساطير تنتزع خواتمها وأحذيتها وتغدو عارية في الهواء الطلق.

في كانّ، الوجه والقفا سيّان. واذا لا، لا يختلف أحدهما كثيراً عن الآخر.

  

السينما ولدت مرتين. مرّة في مختبر الاخوين لوميير ومرة في كانّ.

هـ. ح.

النهار اللبنانية في 29 مايو 2008

 
 

مصور «المسافر» فاز بالجائزة الكبري ونموذج للتعبير عن الهوية الدينية في السينما

بقلم  سمير فريد

السينما الإيطالية كانت المنتصر الأكبر في مهرجان «كان» عند إعلان الجوائز الأحد الماضي، فقد اشتركت في مسابقة الأفلام الطويلة بفيلمين: «جومورا» إخراج ماتيو جاروني، و«النجم» إخراج باولو سورينتينو، وفاز كلاهما، الأول بالجائزة الكبري التي تلي السعفة الذهبية مباشرة، والثاني بجائزة لجنة التحكيم.

مدير تصوير «جومورا» هو ماركو أونوراتو، الذي انتهي منذ أيام من تصوير الفيلم المصري «المسافر»، أول فيلم طويل لمخرجه أحمد ماهر، وأول فيلم تنتجه وزارة الثقافة في مصر منذ عام ١٩٧١.

وقد احتفل مخرج الفيلم ونجومه: عمر الشريف وخالد النبوي ونسرين عبدالنور، بفوز أحدث أفلام مدير تصوير فيلمهم بالجائزة الكبري، وكل فوز لأي فيلم بأي جائزة، خاصة عندما تكون للفيلم ككل، تعتبر فوزاً لكل من اشتركوا في صناعته.

 ولعل هذا يكون رداً كافياً علي الصغار الذين احتجوا علي اختيار ماهر لمدير تصوير فيلمه من إيطاليا، وليس من مصر، وكأن الإبداع الفني مجرد «شغل» مثل أي «شغل»، وكأن اختيار المخرج لمدير تصوير فيلمه من واقع الجنسية، وكأن هذا يعني أنه لا يوجد في مصر مديرون تصوير علي المستوي العالمي مثل أونوراتو.

بدأ أونوراتو العمل كمدير تصوير منذ عشرين سنة، وكانت بدايته مع المخرج الكبير جياني إميليو عام ١٩٨٨، وطوال العقدين لم يصور سوي ٢٦ فيلماً طويلاً، مثل أي مصور فنان يختار أفلامه بعناية، ولا يعنيه الكم، وإنما الكيف، و«جومورا» سادس أفلام مخرجه، ومنها خمسة من تصوير أونوراتو، وقد عرض الفيلم الثاني منها في مهرجان فينسيا، وفاز بجائزة كوداك وجوائز أخري فرعية، والثالث في نصف شهر المخرجين في مهرجان «كان»، والرابع في مهرجان «برلين»، حيث فاز بالدب الفضي لأحسن شريط صوت، وها هو الخامس يفوز بالجائزة الكبري في «كان».

التعبير عن الهوية الدينية

فاز الفيلم الإسرائيلي «نشيد» إخراج إيلاد كيدمان، بالجائزة الأولي في مسابقة أفلام الطلبة، وهو أول أفلام مخرجه الطالب في مدرسة سام سبيجل للسينما والتليفزيون في القدس الغربية، وهي منطقة يهودية منذ آلاف السنين، وليس ليهوديتها علاقة بالتاريخ الحديث، قبل أو بعد إنشاء إسرائيل. ومن الواضح تماماً أن المخرج الذي ولد عام ١٩٧٩ من أبناء القدس اليهودية، ففي فيلمه يعبر في ٣٦ دقيقة عن هويته الدينية، كيهودي علي نحو يجعله نموذجاً في التعبير عن هذا الموضوع.

قد يتصور البعض أن فوز الفيلم بالجائزة الأولي من لجنة تحكيم الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة، والتي ترأس فنان السينما التايواني الكبير هو هيساو هيسين، يرتبط باهتمام المهرجان الخاص بالأفلام الإسرائيلية هذا العام، بمناسبة مرور ٦٠ سنة علي إنشاء إسرائيل، وانعقاده أثناء هذه المناسبة، ولكن هذا غير صحيح، لأن الفيلم كان أحسن أفلام المسابقة بالمقاييس الفنية والفكرية الخالصة، كما أنه لا يتناول الصراع علي أرض فلسطين من قريب أو بعيد.

وقد يري البعض أن التعبير عن الهوية الدينية اليهودية يخدم المتطرفين من اليمين السياسي الديني، الذين يقفون ضد حصول الشعب الفلسطيني علي حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة علي أرضه، ولكن هذا غير صحيح أيضاً، لأن وجود المتطرفين من اليمين السياسي الديني في كل الأديان والعقائد والملل، لا يعني أن من يعبر عن هويته الدينية يخدمهم، ولا يخدم المتطرفين سوي من يؤيدونهم علي نحو أو آخر.

الكاميرا من موقع ثابت تصور شارعاً في القدس الغربية بعد ظهر يوم جمعة، أو عشية السبت المقدس عند اليهود. الشارع هادئ تعبره سيارات قليلة وأناس قليلون، والبيوت كلها من طابقين، وتبدو متلاحمة وكأنها بيت واحد كبير يمتد أفقياً إلي اليسار وإلي اليمين.

الكاميرا في حجم عام متوسط طوال الفيلم، تتحرك من بعيد مع الكسندريان، وهو يسير علي الضفة الأخري من الشارع، يشتري لبناً، ويعود إلي منزله، وقبل أن يدخل يقدم قليلاً من اللبن إلي قطة، ولكن القطة تعاف اللبن، فيدرك أنه فاسد، ويقطع الشارع مرة أخري ليعيد اللبن، ويذهب للشراء من بقال آخر، ويقطع الشارع من جديد، وأثناء عودته يساعد امرأة معها طفلان ومشتروات عديدة، ويلتقي مع ثرثار أمام محطة الأتوبيس، وفي ذهابه وإيابه نري طفلاً علي سور منزله يلقي بفردة حذائه، وكلما أعادها له ألكسندريان يلقي بها مرة أخري.

يكتشف ألكسندريان أنه نسي محفظة نقوده لدي البقال، فيقطع الشارع مرة خامسة، ويري أن المحل قد أغلق لحلول المساء، فيدق باب البيت المجاور، ويأتيه صوت امرأة تبلغه أن المحل لزوجها، وأنها حامل، وفي انتظار عودته بعد زمن قصير، وتدعوه للدخول علي ألا يراها، وبالفعل يتحدث معها من دون أن ينظر إليها، ونراها نحن وهي تغطي شعرها بالحجاب، وأصله يهودي وليس إسلامياً، كما هو شائع.

 ويقول لها ألكسندريان ببساطة في اللقطة الوحيدة من الحجم الكبير المتوسط، لو لم يعد زوجها فسوف يتزوجها، ويقوم بتربية الطفل ولكن الزوج يعود، ويقدم له المحفظة، ويقطع ألكسندريان الشارع مرة أخري، ليعود إلي منزله وقد حل الليل.

«نشيد» قصيدة من الشعر السينمائي الخالص، من حيث الأسلوب، وفيلم قصير يرقي إلي مستوي قصص تشيكوف القصيرة من حيث القيمة.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في 29 مايو 2008

 
 

أوراق شخصية

لعبة المكسب والخسارة في مهرجان كان

بقلم: آمال عثمان

مفاجأة حقيقية حملتها الأيام الأخيرة من مهرجان 'كان' السينمائي، قلبت كل الموازين، وأطاحت بكل التوقعات، وألقت بظلالها علي حفل الختام الذي فجر أكثر من علامة إستفهام، بقدر ما حمل من سعادة عارمة، وبهجة كبيرة لفرنسا التي إستعادت السعفة الذهبية بعد غياب 21 عاما بفيلم 'داخل الجدران' للمخرج لوران كانتيه، تلك الجائزة التي إستقبلها الجمهور بترحيب شديد وحفاوة بالغة، لتمحو ذكري هتافات الاستنكار وصيحات الغضب والإستياء التي صاحبت فوز الفيلم الفرنسي 'تحت شمس الشيطان' للمخرج موريس بياليه عام 1987، وتمنح فرنسا جائزة غالية طال ترقبها وإنتظارها .

وإذا كانت الجوائز التي أعلنت علي مسرح الختام قد إستقبلت دون صيحات غضب، إلا أنها أيضا لم تخلو من التوازنات، والمجاملات التي حركت مسار بعض الجوائز، ومنحت بعض الأفلام جوائز أكبر مما تستحق علي حساب أفلام أخري كانت أكثر إستحقاقا لتلك الجوائز، بل أيضا كانت وراء نوبة الكرم والبذخ التي أصابت المهرجان، وجعلته يمنح سعفتين ذهبيتين إضافيتين للنجمة كاترين دينييف والمخرج كلينت إيستوود دون مبرر موضوعي يجيز هذا الإستثناء الذي لم يحدث سوي في الدورات الإحتفالية للمهرجان، مثل سعفة اليوبيل الذهبي التذكارية التي حصل عليها مخرجنا الكبير يوسف شاهين بمناسبة الإحتفال بالعيد الخمسين للمهرجان، والسعفة التذكارية التي حصل عليها فريدريكو فيلليني عن فيلمه 'المقابلة' الذي كان يعرض خارج المسابقة، وغيرها من السعفات الاحتفالية التي حصل عليها عمالقة فن السينما تتويجا لمسيرتهم الفنية،واعترافا بما قدموه طوال مشوارهم السينمائي، والمدهش أن نوبة الكرم­ تلك­ لم تقتصر علي المسابقة الرسمية، لكن العدوي إنتقلت إلي لجنة تحكيم مسابقة 'نظرة خاصة' التي حصلت علي إستثناء من مدير المهرجان يسمح لها باختيار خمسة أفلام بدلا من ثلاثة لمنحهم الجوائز وشهادات التقدير !!

ولكن أكثر المفاجآت التي تثير علامات الاستفهام علي مسرح الجوائز،هي غياب المخرج القدير كلينت إيستوود الذي قدم أحد أجمل أفلام المسابقة 'إستبدال'، وعدم حضوره حفل الختام وصعوده المسرح لإستلام الجائزة الإستثنائية­ غير الشرعية­ مع كاترين دينيف التي حصلت علي السعفة الذهبية في الدورة الحادية والستين عن دورها في الفيلم الفرنسي 'حكايات عيد الميلاد' الذي لم تتألق في أداء دورها فيه كعادتها دائما !! صحيح إن السعفتين ذهبتا إلي إثنين من عمالقة السينما في أمريكا وفرنسا، لكن الصحيح أيضا أن رائحة المجاملة تفوح من الجائزتين، وهو علي ما يبدو سر غياب المخرج كلينت إيستوود كنوع من الرفض والإحتجاج علي هذه المجاملة !

***

علي الجانب الآخر فإن الفيلم الفرنسي 'داخل الجدران' أو 'الفصل الدراسي' كما تحمل ترجمته الإنجليزية فهو بحق من الأفلام الجميلة التي عرضت في المسابقة، والفيلم من نوعية أفلام 'الديكودراما' أي الدراما التسجيلية، ومأخوذ عن رواية لتجربة شخصية للمدرس الشاب 'فرنسوا بيجودو' الذي ظهر بشخصيته في الفيلم الذي صور داخل مدرسة، ولم يشارك فيه ممثلين محترفين، وإنما إستعان المخرج بمدرسين وتلاميذ من الواقع، وهو يصور الحياة اليومية داخل فصل دراسي في إحدي المدارس الثانوية في باريس، ويطرح قضية التعليم ومشاكل المراهقين في المدارس وما طرأ علي العلاقات بين المدرسين والطلبة، وأبعادها النفسية والانسانية والاجتماعية، ويعكس مشاكل الهجرة والاندماج والتعايش في المجتمع الفرنسي، والتغيرات التي شابت سلوك النشء من الأجيال الجديدة، من خلال مجموعة من الطلبة المهاجرين من أصول أفريقية وعربية وإسلامية .

ورغم إعجابي بالفيلم والقضية المهمة التي يطرحها من خلال معالجة سينمائية غير تقليدية، تحمل قدرا كبيرا من الصدق والبساطة والعمق , وتبتعد عن الفلسفة والوعظ والتعقيدات، إلاأن السؤال الذي يطل برأسه .. هل يستحق هذا الفيلم الفرنسي الفوز بالسعفة الذهبية أكبر وأهم جوائز المهرجان ؟!

***

وللحق أقول إن حصول الفيلم الايطالي 'جمورا' علي الجائزة الكبري ثاني أكبر جائزة في المهرجان، وكذلك فوز الفيلم الإيطالي 'آل ديفو' بجائزة لجنة التحكيم، كان أكبر المفآجات حتي للإيطاليين أنفسهم ! وهذا الفوز حتي وإن إختلفت الآراء حوله إلا أنه يؤكد أن السينما الإيطالية مازالت تنبض بالحياة، وقادرة علي المنافسة العالمية، خاصة وأن الفيلمين كانا من أجرأ الأفلام التي قدمت علي شاشة المهرجان وأكثرها ديناميكية، وليس أجملها !

الفيلمان وجهان لعملة واحدة ويتعرضان لقصة الديكتاتورية خارج الدوائر السياسية في الدول المتقدمة .

وفي المقابل إكتفت لجنة التحكيم بمنح المخرج التركي نوري بلجي سيلان جائزة الإخراج عن فيلمه البديع 'القرود الثلاثة' الذي كان من أقوي الأفلام المرشحة للحصول علي السعفة الذهبية، الفيلم يقدم قصة تحمل صورة للتسامح، والحب والخيانة ويبدأ بحادث سيارة يقتل فيه أحد السياسيين المهمين شخصا ما بالخطأ، ويساوم سائقه الخاص لكي يعترف بأن إبنه هوالذي كان يقود السيارة، لكن الأب يتحمل الخطأ، ويسجن بدلا من الثري صاحب النفوذ السياسي مقابل منحه مبلغا ماليا كبيرا، وخلال وجوده في السجن ويرتبط الرجل بزوجة السائق ويقيم معها علاقة، ليكتشف الابن الأمرعندما يعود للمنزل بالصدفة، وينتاب الأب حاله من الشك في خيانة زوجته بعد خروجه من السجن، وينتهي الأمر بقيام الإبن بقتل الرجل الثري، فيقوم الأب باقناع شاب فقير بالاعتراف بالجريمة، ليسجن بدلا من الإبن مقابل مبلغ من المال!

واسم الفيلم يرمز لأسطورة القرود المعروفة في منطقة الشرق الأقصي، والتي تصور القرود الثلاثة الأبكم والأصم والأعمي، وتلك هي حالة الأسرة التي يجسدها الفيلم بصدق وبراعة .

يمثل الفيلم التركي ملحمة سينمائية شديدة الجمال والعذوبة عن الحب والخيانة والتسامح، برع المخرج في تصويرها بأسلوبه الشاعري ليرصد لعشاق السينما صورة إنسانية رائعة.

***

الفيلم الأخرالذي رشح للسعفة الذهبية، ومنحته لجنة التحكيم جائزة السيناريو فهو البلجيكي 'صمت لورنا' للمخرجين جان ولوك داردين، وسبق حصولهما علي السعفة الذهبية مرتين، والفيلم يتطرق إلي قصة فتاة شابة من كوسوفا، تتورط في علاقة مع شبكة إجرامية يقودها سائق تاكسي، ويساعدها في الحصول علي الجنسية من خلال زواجها الصوري من شاب بلجيكي مدمن للمخدرات، وفي الوقت الذي تسعي فيه لورنا للطلاق من الشاب البلجيكي ومساعدته علي الإقلاع عن المخدرات، يحاول رجل المافيا التخلص من زوجها، لتزويجها برجل مافيا روسي يريد الحصول علي الجنسية، لكن مشاعر الشفقة والعاطفة تدفعها في لحظة للإقتراب من زوجها والإستسلام لإقامة علاقة زوجية معه، ينتج عنها أن تصبح حاملا، لكن الزوج يموت نتيجة جرعة مخدرات زائدة، ويرفض الرجل الروسي أن تحتفظ لورنا بالجنين، لكنها في النهاية تنجح في الهروب، وتحتمي في منزل صغير داخل الغابة، لتبدأ حياة جديدة مع طفلها القادم .

والفيلم يتناول معاناة المهاجرين في أوروبا، واستغلالهم من بعض العصابات الإجرامية التي تتاجر بالبشر وتحولهم إلي سلعة رخيصة تباع وتشتري وكأن أوروبا في ردة لسوق النخاسة وعصر الرقيق الأبيض !

***

ذهبت جائزة التمثيل لممثلة لم يكن إسمها مطروحا بين المرشحات التي تصدرتهن أنجيلينا جولي عن دورها في فيلم 'استبدال' الذي تؤدي فيه دور أم تم إختطاف إبنها الصغير، وعندما تعيده إليها الشرطة تكتشف أنه ليس إبنها، وترفض الاعتراف به، في حين يمارس رجال الشرطة ضغوطهم عليها حفاظا علي صورتهم، ويصل الأمرلوضعها داخل مصحة نفسية لإجبارها علي تغيير أقوالها !

كما رشحت لهذه الجائزة أيضا كلا من الأرجنتينية 'مارتينا جوسمان' عن دورها في فيلم 'عرين الأسد' التي صورت مشاهده داخل سجن حقيقي، و'ارتا دوبروش' بطلة فيلم 'صمت لورنا'، ولكن في النهاية وقع اختيار لجنة التحكيم علي الممثلة البرازيلية ساندرا كورفيلني (43 عاما) لتفوز بالجائزة عن دورها في فيلم 'نقطة عبور' التي جسدت فيه ببراعة دور أم لأربعة شباب وتعمل خادمة في المنازل لتواجه نفقات المعيشة بعد أن تركها زوجها تواجه الحياة وحدها .، لكن سوء الحظ جعلها تتعرض لعملية إجهاض وتفقد جنينها، وتحرم من الحضور لمهرجان كان والاستمتاع بأجمل لحظة في حياتها وهي تصعد مسرح الجوائز وسط كبار صناع السينما ونجومها لتتسلم الجائزة !

وساندرا بدأت ممثلة في المسرح قبل أن تنتقل للسينما وتعمل كمساعد مخرج وممثلة في أفلام قصيرة، وهذا الفيلم هو أول فيلم روائي طويل تشارك في تمثيله !

***

ورغم أن جائزة التمثيل النسائية رشح لها أكثر من ممثلة، إلا أن جائزة التمثيل الرجالي إستحوذ عليها النجم اللاتيني بونيكيو ديل تورو الذي جسد شخصية الزعيم الثائر 'جيفارا' في فيلم 'تشي' للمخرج ستيفن سودربرج، هذا الفيلم تكلف 60 مليون دولار، واستغرق عرضه 4 ساعات و28 دقيقة،و برغم أن الفيلم جاء مخيبا للآمال والتوقعات التي راهنت علي المخرج الذي حصل علي سعفة مهرجان كان وعمره 28 عاما بفيلمه الأول 'جنس وأكاذيب وشرائط فيديو'، إلا أن بطل الفيلم أدي الدور ببراعة جعلته يحصل علي الجائزة بجدارة، ويدخل حفل الختام وكله ثقة في أن جيفارا سيمنحه السعفة الذهبية .

وبينكيو ديل تورو من أمريكا اللاتينية لكنه إنتقل إلي أمريكا مع والديه وهو طفل في التاسعة من عمره وقد أهدي الجائزة لروح هذا البطل الثوري الذي دافع عن الحرية حتي آخر لحظة من حياته.، وكان قد درس الاقتصاد قبل أن يتجه لدراسة التمثيل ومثل عدة أفلام في هوليوود منذ حوالي 8 سنوات، ويطلقون عليه 'براد بت' اللاتيني .

***

غابت السينما البريطانية عن المسابقة الرسمية للمهرجان، لكن المخرج ستيف ماكين إستطاع أن يضع بريطانيا علي مسرح الجوائز بفيلمه 'هانجر' الذي يعد من أقوي الأفلام التي شاركت في مسابقة 'نظرة خاصة'، وفاز بجائزة الكاميرا التي يمنحها المهرجان عن إخراج العمل الأول من بين الأفلام المشاركة في كل أقسام المهرجان، والفيلم يصورالتعذيب والقمع الذي يتعرض له الثوار الشباب داخل السجن في شمال ايرلندا.

***

وفي النهاية يحسب للجنة التحكيم التي رأسها الممثل والمخرج 'شون بن' إنها إنحازت للسينما التي تهتم بالقضايا الانسانية، والتعليم والفقر والحرية والنضال والتسامح ، وذهبت الجوائز ذهبت إلي أفلام، جميلة ونالها مبدعون يستحقون التكريم حقا حتي لو إختلفنا علي حجم هذا التكريم !

***

لاشك أن الأحداث الأهم والأكبر كانت ضمن الأفلام التي تعرض خارج المسابقة الرسمية ولهذه الأفلام وما جاء فيها حديث آخر في الأيام القادمة .

كواليس حفل ختام مهرجان كان 

في ليلة من ليالي السحر والخيال، احتفلت مدينة كان مع العالم بأسره بحفل ختام مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الحادية والستون، وحرص عدد كبير من نجوم العالم والاعلاميين علي المشاركة في فعاليات المهرجان الذي توج دورته بحفل ختام أسطوري احتفالا بصناع السينما من شتي بقاع العالم.

حفل الختام تحول إلي ساحة للمنافسة بين نجمات السينما العالمية لاستعراض فساتين من تصميم أشهر صناع الأزياء العالميين، حيث لفتت عارضة الأزياء والممثلة الجميلة ميلا جوجوفتش الأنظار بفستانها الساخن وايضا لحضورها مع صديقها الممثل والمغني الألماني كامبيانو الذي حضر إلي مهرجان رغم اصابته بكسر في ساقه اليمني وإعتماده علي 'عكاز' في كل تحركاته مع صديقته ميلا!.. وحرص رئيس لجنة التحكيم شون بين علي كتابة تعليق طريف علي ساق كامبيانو قائلا اتمني أن أراك العام القادم تمشي علي قدمين مثلنا جميعا!

المخرج الفرنسي لوران كانتية الفائز بجائزة السعفة الذهبية لم يصعد لمنصة التكريم وحيدا، بل صعد بصحبته مجموعة الاطفال الذين شاركوا في بطولة الفيلم والبالغ عددهم 14 ولد وبنت، وعلق كانتيه علي الموقف بقوله 'كنت أرغب أن أصعد بمفردي لكن زوجتي ذهبت للتسوق وتركت الاطفال بمفردهم في المنزل'. ويذكر أن كانتيه أعاد السعفة الذهبية لفرنسا بعد غياب 21 عاما.

ومن جهة أخري علق عدد كبير من المراسلين الصحفيين علي الملابس التي ارتدتها النجمة العالمية شارون ستون والذي وصفها البعض بالملابس القبيحة ودعوا لإجراء استفتاء علي أسواء ملابس في حفل الختام وقالوا أن ستون ستفوز باللقب لامحالة.

  

كلينت إيستوود:

الاختطاف يفضح شرطة لوس أنجلوس

اعداد: هبة رسلان هبة غانم 

حصل المخرج الأمريكي المخضرم كلينت إيستوود علي الجائزة الخاصة للمهرجان الحادي والستين عن فيلمه 'الاختطاف' المأخوذ عن حادثة اختطاف حقيقية وجرائم قتل متعددة للأطفال وقعت في عام 1920 بلوس أنجلوس.

في هذا الحوار يتحدث إيستوود عن كل ما يحيط بالفيلم منذ أن كان مجرد فكرة علي الورق وحتي خروجه إلي النور..

·         الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية ولكننا نريد أن نعرف كيف حصلت علي السيناريو الخاص به؟

­ قام بريان جرازر بإعطائي السيناريو وقال لي اقرأه، وكنت في ذلك الوقت في رحلة إلي برلين، وقد قرأته في طريق العودة وأعجبت به تماما لدرجة أن تركيزي بالكامل أصبح منصبا عليه.

·     وما التحديات التي واجهتك وانت تقوم بإخراج عمل عن قصة حقيقية تدور عن الكفاح من أجل تحقيق العدالة دون أن تفقد المشاعر القوية للمتورطين بالقضية؟

­ الواقع يشير إلي أن كل عقدين أو ثلاثة عقود تتعرض شرطة لوس أنجلوس والهيكل السياسي لنوع ما من الثورة مثل التي حدثت في عام 1928 لتورطهم في أنشطة الفساد.

والقضية هنا تثير المشاعر بغض النظر عن أي تأثيرات خارجية وهي مرحلة سوداء وكانت واضحة للجميع وأردت أن أوضح مأساة هذه الأم وشكواها التي كانت في منتهي البساطة لإظهار مدي الفساد الذي كانت تشهده هذه الفترة.

·         هل الصراع وسلب حقوق الإنسان هي المحور الأساسي في للفيلم ؟

­ كنت أريد إظهار هذا الجانب والقيام بطرحه.. واختياري لهذه النوعية من الأفلام له اتجاه درامي فأعتقد أنه لا يوجد معني أن أروي قصة تخلو من هذا الصراع فتصبح قصة غير مشوقة لا تجذب الأنتباه .

·         وهل تشعر بأن قصة الفيلم من الممكن أن يكون لها صدي الآن؟

­ هدفي كان منصبا في الأساس علي خلق موقف يتناسب مع السلبية التي كنت أود أن أوضحها في الفيلم، ونموذج هذه السيدة أنها كانت تجد نفسها وحيدة ضد الكل حتي بعدما دخلت المصحة النفسية، وكنت أقصد أن أبتكر قصة تعكس الأحداث التي تقع في العصر الحالي وعلي أي حال فمن الممكن أن يعيد التاريخ نفسه. فمنذ عام 1928 هناك تغييرات كثيرة حدثت في هيكل الشرطة في لوس أنجلوس فهناك أشياء جيدة والعكس، أما عن الفيلم فهو يعكس الفساد الذي حدث في تلك الفترة.

·         لماذا لم تشارك بالتمثيل في الفيلم؟

­ بكل بساطة لأنه لا يوجد دور مناسب لي داخل الفيلم.. فأنا كبير في السن وأبلغ من العمر ثمانية وسبعين عاما. ومن ناحية أخري فإنني أشعر بقمة السعادة عندما أقوم بتقديم أعمال تليق بي وبتاريخي خلف الكاميرا.

·         لماذا يقع اختيارك دائما علي قصص تكون ذات صلة وثيقة بالواقع؟

­ الحقيقة هي أهم شيء في الحياة، فأغلب القصص تجد لها صلة بحدث وقع بالفعل وأنا أعتبرها أكثر الأشياء التي تمنح مصداقية للممثل عند المشاهد وأجمل شئ في الفن أن يثق بك المشاهد ويصدقك.

·         لماذا اخترت أن تقدم العلاقة بين الأم وابنها في هذه الفترة تحديدا؟

­ العلاقة بين الأم وابنها هي الفكرة الأساسية التي يعتمد عليها الفيلم ، فعلي سبيل المثال ما تقوله إنجيلينا من نص الفيلم 'ان ابني يعني لي كل شيء' فمن الواضح أن أهم شيء في حياتها تم حرمانها منه وتم اختطافه منها وهذه هي الدراما في الفيلم.

·         هل قمت بعمل تعديلات علي السيناريو أثناء التصوير؟

­ لقد كنت حذرا للغاية عندما قمت بقراءة السيناريو لأول مرة وسألت 'جيه مايكل ستراستزكي' كاتب السيناريو عن كيفية جمع المادة من الجرائد والتي نشرت أخبار الحادث وقتذاك، وتصريحات الأم بها بالإضافة إلي تصريحات واعترافات بعض أفراد شرطة لوس أنجلوس.. فكنا نحاول أن نكون في غاية الدقة في نقل كل ما قد حدث بالفعل فلم نغير أشياء كثيرة تتعلق بالسيناريو، إلا في بعض الأشياء الطفيفة نظرا للفارق الزمني والذي تخطي الثمانين عاما.

·         في فيلم (Mystic River) كنت تتحدث عن طفل تعرض للخطر؟

­ نعم فإنني أردت أو أوضح مدي التعذيب الذي تعرض له هذا الطفل ومدي تأثيره عليه لدرجة أنه تعرض لانهيار في صحته العقلية.

  

كاترين دينيف:

أعترف بأنني تعلمت القسوة 

الجائزة الخاصة للمهرجان الحادي والستين منحت للنجمة العالمية كاترين دونيف عن دورها في فيلم 'حكاية نويل' للمخرج ارناند ديسبليشن والذي جسدت فيه شخصية الزوجة والأم لمجموعة من الابناء.

·     دونيف نريد أولا التعرف علي وجهة نظرك حول ما اذا كان هناك بالفعل حب من نوع خاص يمكن أن يتحول إلي خطر في تربية الأطفال؟

­ أتمني ألا يحدث ذلك في الواقع.. ولكن في الفيلم يظهر بوضوح أن كل الاطفال يتعرضون لكثير من الآلام في الحياة.. ففي الاحداث هناك طفل يواجه خطر الموت وحياته شبه ميئوس منها وفي المقابل هناك طفل آخر يسعي لانقاذ أخيه عن طريق نقل الدم له ولكن فصيلة دمه لا تطابق نوعية دم أخيه.. فيموت الأخ المصاب ويتألم أيضا الطفل السليم.

·         هذا يجعلني اسألك عن مشاعرك وانت تتحدثين عن الموت.. فهل الموت متواجد في ذاكرتك بشكل مستمر؟

­ نحن لا نذكر الموت ولكننا في الفيلم نتحدث عن الموت بطريقة مباشرة للغاية.. ففي الاحداث نواجهه دون أن نخفي رؤوسنا مثل النعام ولكن نضع أنفسنا بشكل مستمر في مواجهته.. فالشخصيات في الفيلم ليست مجموعة من البشر تشعري بالضيق والكرب ولكنهم يتساءلون عن كيفية مواجهته فهم ليسوا مجرد مجموعة مجردة تخضع لأوامر الطبيب ولكنهم يتحدثون ويستفسرون عن أشياء شديدة الاهمية.. وعن نفسي أحببت هذا الجانب.

·         هل هذه القسوة تتوافق مع طبيعة شخصيتك؟

­ منذ عشرين عاما كان الامر مختلفا بالنسبة لي وكانت اجابتي ستكون علي النقيض.. اما الآن فأنا اقولها بكل شجاعة واعترف بانها تتوافق مع شخصيتي.

·         في احد المشاهد قلت لابنك 'أنا لا احبك' ورد عليكي بنفس الجملة ألا ترين أن هذا لا يمكن أن يحدث في الواقع؟

­ بالفعل هذه المشاعر غير طبيعية بل أنها ضد الطبيعة نفسها.. وكان من الصعب علي قول هذه الجملة لانها بعيدة كل البعد عن شخصيتي الحقيقية.. ولكن يجب أن تتوقف أمام أشياء أخري أثناء اعترافهما بهذا التصريح فهما يتقاسمان كثير من الأشياء مثل الصراحة.. ولكي يتماسكا ويصبحا يدا واحدة كان يجب أن يتعلما السكوت ويخفيا الحقيقة.

·         لكن الأبن في نفس المشهد عبر عن حبه لجونون 'الاب' بشجاعة.. فهل كان لهذه الجملة أهمية؟

­ نعم كانت مهمة جدا.. فالشجاعة صفة جميلة ونلاحظها بسهولة عند الآخرين وتظهر بوضوح في المواقف الصعبة وتؤهل صاحبها للقيام بأفعال غير منطقية ودون أدني عقلانية.

·         هل اعجبك التواجد في مثل هذه العائلة؟

­ هي عائلة مجنونة .. واعتقد ان الكريسماس.. من الاعياد غير التقليدية فهو يحمل للعائلة أجواء من البهجة والسعادة ولا يمكن الاحتفال به دون وجود العائلة التي تعتبر هي قلب الاحداث في الفيلم.

·         شهد المهرجان عرض فيلم آخر لك بعنوان 'بدنا نشوف' وشاركك بطولته ممثل لبناني 'رابح مروي'.. فهل لديك معرفة بلبنان؟

­ اطلاقا.. ولكن كانت عندي رغبة في الذهاب الي هناك.. فكل من جوانا هادجي وخليل جوريج يريدان عمل فيلم يتم فيه تناول صعوبة التصوير في بلد مثل لبنان.

·         وما الانطباعات التي تحملها ذاكرتك عن لبنان؟

­ اللبنانيون شعب طبيعي بل ومدهش.. فهم يعيشون تحت ضغط وارهاب منذ سنوات طويلة ورغم ذلك فهم يتميزون بقوة الارادة ولديهم تمسك شديد بالأمل لتحقيق أحلامهم.

·         ألم تشعري بالخوف أثناء تواجدك هناك؟

­ هذا لم يحدث.. فجميع المشاركين في الفيلم كانوا في منتهي الصلابة والتماسك وكانت مشاعر الحب تحيط بنا من كل جانب وكانت خطواتنا منظمة للغاية حتي عندما كان الخطر يداهمنا في بعض الاماكن.. وكان لدي وقت كاف للملاحظة وتجديد جوانب الدور الذي اجسده فالحوار لم يكن مكتوبا.

وبصراحة تمنيت ان يكون فيلما بهذا الشكل ويتحدث عن لبنان واضحا بقوة للجميع بل وان يشاهدوه رغم ان احداثه تمضي بشكل بالغ الحزن.

·         الفيلم يحكي ذكريات هؤلاء المخرجين اثناء طفولتهم فاذا طلبنا منك اختيار ذكري مررت بها في طفولتك فأي ذكري ستختارين؟

­ اختار تلك الذكري المؤلمة والخاصة بشقيقتي الصغيرة حيث اختفت علي احدي شواطيء 'نورماندي' وكانت تبلغ من العمر أربعة سنوات ونصف.. وأثناء بحثي عنها قال لي واحد من فرقة الانقاذ، اذهبي وابحثي عنها خلف الشمس.. فالأطفال يذهبون دائما خلف الشمس.

أخبار النجوم في 29 مايو 2008

 

نجوم مصر في رحلة حب على شاطيء الريفيرا

العلايلي يكشف تواضع عمر الشريف.. عين الحسود تطارد نور الشريف

ليلى علوي تتألق بفستان أبيض وسولاف بالأخضر

رسالة كان بوسي شلبي 

مفاجآت واحداث وكواليس مثيرة شهدها نجوم السينما المصرية والعربية في مهرجان كان السينمائي الدولي منذ بداية الرحلة في صالة كبار الزوار بمطار القاهرة وحتي عودتهم لها مرة أخري.

رحلة مهرجان كان بدأت من قاعة كبار الزوار بمطار القاهرة حيث تجمع نجوم فيلم ' ليلة البيبي دول' محمود عبدالعزيز وليلي علوي ونور الشريف ومحمود حميدة وغادة عبدالرازق وروبي وياسر عبدالرحمن اما جمال سليمان وسولاف فواخرجي فقد جاءا من سوريا إلي القاهرة لبدء الرحلة مع أسرة الفيلم وبعيدا عن اسرة الفيلم حضر محمد حفظي ووحيد حامد وكوكي شقيقة روبي ووليد التابعي زوج غادة عبدالرازق والمفاجأة كانت عندما فتح باب القاعة لدخول النجم العالمي عمر الشريف الذي حضر بدعوة رسمية من الاعلامي عمادالدين اديب رئيس شركة جودنيوز الجهة المنتجة للفيلم واستقبلته أسرة الفيلم بحفاوة شديدة وجلسوا يداعبونه حتي موعد اقلاع الطائرة الخاصة وطالبوه بضرورة عمل فيلم كوميدي مثل فيلم 'اشاعة حب' الذي لعب بطولته مع سعاد حسني فقال لهم ان دوري في أحدث أفلامي كوميديا ايضا وهو شخصية 'حسن' في 'حسن ومرقص' مع عادل امام وقال ان سبب نجاح الكوميديا في افلام زمان يعود في المقام الاول لبراعة المخرج وليس الممثل وفي هذا الوقت وقف نور الشريف وقلده في مشهد معروف عندما يقول 'انت عندك ابن هو كل حياتك وانا عندي قلب انت كل حياته'.. وضحك الجميع.

داخل القاعة ايضا دارت حوارات عديدة بين النجوم عن ذكرياتهم مع افلام عمر الشريف وتحدثوا عن سبب نجاح فيلم 'نهر الحب' وتخللت هذه الاحاديث مداعبات جانبية متعددة اهمها، كانت بين عمر الشريف ومحمود عبدالعزيز لانهما ينتميان لمدينة واحدة هي الاسكندرية ويجمعهما حب عروس البحر المتوسط وجوها الساحر.

انتقلنا بعد وقت قصير إلي الطائرة وكان الود والحميمية يسيطران علي أجواء الطائرة واكتشفت ان نجومية عمر الشريف نابعة من تواضعه الشديد وتواصله مع زملائه حتي انه يرفض الهاتف المحمول ولايحمله حتي لايأخذه من احد وحتي لايزعجه في حياته العادية واستمرت داخل الطائرة بعض الحوارات الجانبية. بين وحيد حامد مع حفظي وليلي علوي مع نور الشريف واثناء قراءتنا للصحف داخل الطائرة فوجئت غادة عبدالرازق بخبر يقول انها خلعت زوجها وليد التابعي فضحكنا كلنا لان وليد كان معنا في الطائرة وبعد ذلك في مدينة 'كان' عاشا معا في جو رومانسي طوال الوقت وكأنهما في شهر عسل جديد.

وصلنا إلي مطار 'نيس' وكانت السيارات الفارهة في انتظار نجوم مصر الرولز رايز لعمر الشريف 'والماي بخ' في انتظار محمود عبدالعزيز ونور الشريف وليلي علوي وقافلة من المرسيدس لباقي نجوم البيبي دول وفور وصولنا الي الفندق اصر عمر الشريف علي دعوة النجوم للعشاء فحضر الجميع رغم تعبهم من السفر.

في الحادية عشرة من صباح اليوم الثاني تجمع نجوم الفيلم مع الاعلامي عماد اديب والمنسق الفرنسي المسئول عن الفيلم في المهرجان وشرح لهم اسلوب وطريقة عرض الفيلم واللقاءات الصحفية وبعدها بدأت النجمات في الاستعداد لحضور الافتتاح وكلهن ارتدين مجوهرات احدي المحلات الشهيرة التي يرتدي منها اهم نجوم العالم وكانت كل نجمة حريصة في سرية تامة علي ان تكون في اجمل صورة بفستانها وتسريحة شعرها.

التجمع كان الساعة الخامسة في بهو الفندق وكانت البداية في الظهور من النجوم الرجال حيث ارتدوا البدل الاسموكن السوداء ونور الشريف اشتري بدلته من امريكا اثناء تصوير الفيلم هناك ولكن عين الحسود طاردته حيث انقطع احد ازرار البدلة وهو في المصعد واخذ في اصلاحه بنفسه وعندما سألته عن درايته بفنون الحياكة قال لي 'الحاجة تبرر الوسيلة'!!

محمود حميدة اشتري حذاء جديدا من فرنسا اما باقي النجوم فكانوا مستعدين بملابسهم من القاهرة وبعد ذلك بدأت النجمات في الظهور واحدة تلو الأخري، ليلي علوي ارتدت فستانا ابيض من تصميم هاني البحيري وسلاف فواخرجي فستانا اخضر وغادة فستانا ملون بورود وكان متوقعا ان ترتدي روبي فستانا مثيرا كعادتها في الكليبات لكنها فاجأت الجميع بفستان بسيط وكانت خجولة طوال الوقت وكان فستانها لونه ذهبي.

في ثاني ايام المهرجان عرض فيلم البيبي دول في سوق المهرجان بسينما 'star 1' بشارع انتيب وكانت القاعة مليئة وبها عدد كبير من النقاد المصريين والعرب والاجانب فمن مصر حضرت الكاتبة الصحفية آمال عثمان والنقاد سمير فريد وطارق الشناوي واحمد صالح ومن العرب حضر قصي وانطوان خليفة وآخرون والموزعون المصريون حضر منهم هشام عبدالخالق واصحاب الافلام الاخري المشاركة في المهرجان مثل خالد الحجر وشريف مندور وسهير عبدالقادر مدير مهرجان القاهرة ومحمد جمعة رئيس مهرجان دبي والمخرج احمد عاطف وعلي رأس هؤلاء النجوم عمر الشريف ونجوم البيبي دول وألقي عمر كلمة بعد الفيلم اشار فيها الي التواجد الجيد للفيلم المصري باهم مهرجانات العالم السينمائية وأكد ان الانتاج الضخم لفيلم البيبي دول لايقل عن انتاج اهم افلام هوليوود وانجحها حتي ان اهم المجلات الفنية تصدرت عناوينها افيشات الفيلم مثل 'varaity' وlefilmfrances وEcrantotal وغيرها.

في اليوم التالي لعرض الفيلم وقبل سفر نجوم البيبي دول قضي الجميع اوقاتا جميلة مابين الاستمتاع بالشوبنج وممارسة الرياضة والمشي علي الكلورواتين فمثلا غادة وزوجها وليد التابعي قاما بجولة استكشاف للمدينة واشترت غادة لزوجها وردة جميلة ظل يحملها حتي عاد بها للقاهرة وهناك نجوم مصريون ظلوا في فرنسا منهم ليلي علوي لحضور فيلم 'الوان السما السابعة' الذي يعرض في المهرجان بالاضافة لعرض فيلم 'الغابة' الذي حضرته حنان مطاوع وريهام عبدالغفوز في أول زيارة لهما لمدينة كان.

احمد عاطف مخرج 'الغابة' حاول أن يصنع تواجدا مشرفا للفيلم المصري في كان حيث دعا النجوم لحفلات علي نفقته الخاصة وحصل علي تصاريخ للسير علي السجادة الحمراء أيضا علي نفقته وهشام عبدالخالق اخذ مكتب كبير في مكان تسويق الافلام واستطاع ان يسوق فيلمي 'الوان السماء السابعة' و'الغابة' وايضا كان موجودا 'شريف مندور بفيلمه 'عين شمس' ودخل في السوق الاوربية علي انه فيلم مصري في حين انه في مصر يعتبر فيلما مغربيا!

فوجئنا بوجود اللبنانية هيفاء وهبي التي حضرت لمهرجان كان بدعوة رسمية من 'شوبار' وحرصت علي تهنئة النجوم المصريين والتقاط الصور التذكارية معهم وانتهزت الفرصة لعمل شوبنج وارتدت خلال جولاتها ملابس سبور وسارت أيضا في الافتتاح علي السجادة الحمراء وارتدت فستانا لونه أصفر.

أخبار النجوم في 29 مايو 2008

 
 

محطات ومشاهد  في ختام مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته 61

كان – د.طاهر علوان

نصف قرن ونيف ومهرجان كان السينمائي يواصل صعوده وتجذره في قلب ثقافات العالم ، مساحة زمنية شاسعة مرت فيها الأمم بحروب طاحنة وصراعات دامية ذهب ضحيتها ملايين البشر فيما مهرجان كان يغذي ثقافة اخرى ومنطقا آخر ويصنع لنفسه مكانة في نفوس عشاق الأبداع والجمال .

فمهرجان كان ليس كسائر المهرجانات في اية بقعة من بقاع الأرض اذ عجزت العديد من المهرجانات الكبرى من اللحاق وصنع هذه الأسطورة السينمائية .

فالمهرجان في اية بقعة اخرى في عرف الكثيرين لايعدو ان يكون صالة لعروض الأفلام ومنح الجوائز ، اما مهرجان كان فهو مناخ ثقافي وابداعي شامل تحتشد فيه عوامل عدة اولها المكان ، فكان المدينة المرتمية في احضان البحر المتوسط والتي لاتبعد عن مدينة رائعة مجاورة هي نيس ولاتبعد كلتاهما كثيرا عن موناكو وكلها تتلألأ على الشطآن في الجنوب الفرنسي جامعة بين الجغرافيا وسحر الطبيعة وبين قيم الثقافة الراسخة .

يضاف الى كل هذا ان شكل المدينة وانحناءاتها ومناخها المعتدل في سائر اشهر السنة منحها جمالا آخر وجعلها محل استقطاب واهتمام كل من زارها او سمع عنها .

هذه هي كان المدينة ، فأما كان المهرجان فهو مزيج لثقافات العالم ، فسينمائيي العالم ومثقفيه وجمهور السينما من كل انحاء العالم على موعد سنوي مع ربيع السينما في كان .

هنا تصبح  المدينة بكل شوارعها وساحاتها ومبانيها ومقاهيها وفنادقها جزءا من الكرنفال والمهرجان ، آلاف الصحافيين ومئات القنوات الفضائية وآلاف المصورين كلهم يشكلون بعدا آخر للمهرجان ، حتى انني كنت اجد صعوبة وانا اخترق تلك الحشود الحاشدة من الأعلاميين باتجاه العروض اليومية .

ومن المعتاد ان تجد جمهورا يفترش الأرض وينتظر ساعات وساعات من اجل الحصول على تذكره لمشاهدة فيلم من الأفلام فالحصول على تذكرة ليس بالأمر المتاح للجميع ولهذا لم استغرب يوم قالت لي سيدة فرنسية انها انتظرت طوال اليوم من اجل ان تحضى بدخول واحدة من صالات العرض لمشاهدة الفيلم اي فليم وهي واقفة الآن في الطابور الطويل قرابة غروب ذلك اليوم على امل ان تحضى بتذكرة دخول .

هذا وغيره تلحظه وانت تطأ كان للوهلة الأولى لكن هنالك ماهو غير مرئي بشكل مباشر وهو سوق الفيلم الذي يوفر مساحات للشركات العالمية الكبرى لتسويق اعمالها او التفاوض لغرض الأنتاج وحيث يمكن للمرء ان يستمتع بتلك الأجنحة المتعددة للدول وهي توفر مطبوعاتها وتروج لأنتاجها .

وهنالك اجنحة خاصة للمهرجانات الدولية وقد شاهدت جناحين عربيين واحد لدولة الأمارات حيث مهرجاني دبي والشرق الأوسط والآخر للأردن .

بالطبع تجري العروض في قاعات تستوعب اكثر من الفي متفرج بطوابق متعددة هذا فضلا عن القاعات متوسطة الحجم وكلها لاتكاد تغطي امكانية استيعاب الحشود الحاشدة .

كل شيء في كان يلتهب ، مشاعر الجمهور العادي عند مشاهدة كبار النجوم وهم يترجلون من سيارات الليموزين الفخمة مثل كلنت ايستوود وداستن هوفمان وانجلينا جولي وبراد بت و شين بين وغيرهم كثير من حضروا هذا العام وكما تلتهب مشاعر الجمهور لدى مشاهدة هؤلاء النجوم فأن اسعار كل شيء تلتهب ايضا ، من الطعام الى الفنادق الى سيارات الأجرة الى كل شيء فهذه ملامح من طقوس كان واجواؤه .

ولابد من العودة الى الهوية الثقافية للمهرجان وهذه الهوية ترسخت عبر عقود طويلة رسخ المهرجان من خلالها هويته الخاصة من خلال اقسام المسابقات والشروط الصارمة لقبول الأفلام ولجان التحكيم المتخصصة ، فهوية المهرجان تتلاحم فيها جغرافيا المكان والتقاليد السينمائية التي ترسخت عبر عقود وعقود ، فمن خلال المسابقة الرسمية يتبارى كل سينمائيي العالم كي يحققوا حلمهم في كان ، ونيل واحدة من جوائزه ومعلوم ان الفوز بجائزة ولو صغيرة من كان تمنح الفائز مؤهلا اضافيا وعنصر تميز وتمنحه ثقلا في تقديم ابداعه في اوساط السينمائيين ومنح جائزة من كان يسهل دون ادنى شك تسويق الفيلم وترويجه .

بالطبع هنالك المعارض المصاحبة والندوات الصحفية اليومية مما لاعد له ولاحصر هو والمطبوعات التي تجدها في كل مكان للحاق بجدول العروض وبرمجة الوقت واللهاث من قاعة الى اخرى منذ الصباح الباكر وحتى انتصاف الليل .وعلى هذا يتأسس استعداد نفسي مسبق لدى القادمين الى كان تصنعه هذه العوامل مجتمعة .

ان من المشاهد المذهلة في هذه الأزمنة هو تحول نجوم السينما الى كائنات اخرى كأنها غير بشرية بمعنى ان هذا الجمهور العريض في كان صار يرى في النجوم المفضلين لديه اشكالا اخرى تمتلك سحرا خاصا يدفع تلك الحشود الى اللهاث وراء ظهور هذا الممثل او ذاك .

دورة هذا العام اكتظت بعشرات الأفلام من كل انحاء العالم وسأسلط الضوء عند اهمها على الأطلاق ومما لفت الأنظار اكثر من غيره.

مما لاشك فيه ان للمخرج والممثل كلنت ايستوود حضوره المؤثر في تاريخ السينما الحديث وقد جاء للمهرجان بفيلمه المصنوع حديثا وهو التغيير والفيلم يحكي قصة السيدة كولنز ( الممثلة انجلينا جولي ) التي تفقد ابنها في ظروف غامضة في اثناء ذهابها الى عملها ولاتملك الا اللجوء الى الشرطة التي تبدأ بالبحث عن الطفل . تقع الأحداث في عشرينيات القرن الماضي فيما كانت الجريمة المنظمة تفتك بالمجتمع الأمريكي وبالأخص في مدينة كاليفورنيا حيث تعيش تلك السيدة المطلقة مع طفلها .

وبسبب الهجوم المتواصل من الرأي العام على شرطة المدينة بسبب تقاعسها عن ردع المجرمين بل وتورطها برشى في مقابل التستر على القتلة والمجرمين ، كل ذلك يدفع الشرطة الى انقاذ سمعتها وتجلب للمرأة ابنها المختفي وسط حضور الصحافة فلما تحضر الأم لتسلم ابنها تجده شخصا آخر غير ابنها وتخبر الشرطة بذلك لكنهم لن يستمعوا اليها ويجبرونها على قبول الطفل . وسط هذا كله تعاني المرأة من فقدان ابنها عاجزة عن ايجاد تفسير منطقي لما يحدث ، وعندها تخبر قس الكنيسلة الذي يقود الرأي العام ضد الشرطة       ( الممثل البارع مالكوفتش ) الذي يوجه خطابا عبر الراديو الى الناس ويشجع المرأة على عقد مؤتمر صحافي لفضح الشرطة وتسترها وجلب طفل مشرد لها بدعوى انه ابنها لغرض اسكاتها .

وهنا تبدأ الحرب الشعواء بين المرأة والشرطة لتنتهي بألقاء المرأة في مصحة نفسية لتكتشف هول ماتفعله الشرطة ضد خصومها ومن يقف في وجهها آنذاك اذ ترميه في تلك المصحة الرهيبة ليتلقى صنوفا من العذاب ومنها استخدام الصعق الكهربائي .

هنا تبدأ حملة مالكوفيتش لأنقاذ المرأة ولكن خلال ذلك يداهم رجل شرطة منزلا بالصدفة فيكتشف عن طريق احد الأطفال المشردين ان ذلك المنزل ماهو الا المكان الذي مارس فيه احد القتلة السفاحين جرائمه البشعة باختطاف الأطفال وقتلهم بتقطيعهم اربا ثم دفنهم .

ويقلب هذا الحدث مسار سائر الأحداث رأسا على عقب ويدفع الشرطة الى التخلص سريعا من مأزقها بأطلاق المرأة من المصحة النفسية لتكتشف ان الصحافة تتحدث عن قاتل ابنها الحقيقي الذي قتل عشرين طفلا آخرين ، وتجري ادانة القاتل واصدار حكم الأعدام بحقه .

وسأكمل استعراض افلام اخرى مهمة في نظري رغم ان بعضها لم ينل جائزة مهمة من جوائز المهرجان وذلك في مقال لاحق انشاء الله.

عمان العمانية في في 30 مايو 2008

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)