كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

يعيد صياغة تاريخ الهنود الحمر

في قالب خيال علمي

 'آفاتار': فانتازيا مستقبلية خلابة

ذات بعد انساني

مهند النابلسي*

عن فيلم

أفاتار

AVATAR

   
 
 
 

فيلم خيال علمي مدهش حافل بالمؤثرات البصرية المذهلة (الثلاثية الابعاد) و'الأكشن' والرومانسية والمعارك الضارية مابين الخير والشر!

أخيرا خرج العبقري كاميرون (الذي لا أدري لماذا ذكرني فيلمه بستانلي كوبريك ورائعته الشهيرة 'البرتقالة الآلية')، وبعد انتظار دام لأكثر من عقد ونصف، خرج بعمل سينمائي مذهل وغير مسبوق يعتمد أساسا على تقنية الأبعاد الثلاثية وعلى أساليب تصوير واخراج غير تقليدية، وهو يطمح لتحقيق ايرادات ضخمة (ربما تتجاوز نسبيا أرباح التيتانك في حينه)، وتسبق ايرادات 'حرب النجوم' و'سيد الخواتم' و'الرجل العنكبوت'. وقد تمكن ربما بالفعل من انتاج واخراج عمل سينمائي خالد جامع شامل لخليط من الخيال العلمي في مزيج مدهش لمكونات كل هذه الأفلام في رؤية سينمائية تختلط فيها الدراما الانسانيه بمكونات الحركة والخيال العلمي الآخاذ والمشاهد البالغة الغرابة والناطقة بالحياة والجمال والنقاء كما الوحشية الفطرية والميكانيكية بحيث لا يستطيع المشاهد العادي أو الناقد السينمائي الا ان يندهش لمرات ومرات من روعة المشاهد وغرابتها طوال فترة الفيلم التي تزيد عن الساعتين.

الفيلم يستند لفكرة امكانية تقمص العقل ألبشري اوتجسده في كائنات فضائية (مصنوعة مخبريا) لمضاهاة ظروف الحياة الخاصة في كوكب يدعى 'بانادورا' يحتوي على معدن نادر يعتبر مصدراجديدا للطاقة، وهكذا يتجسد عقل ضابط البحرية المقعد (مكان أخوه الكفؤ والمدرب والذي قتل في اعتداء عارض!) في جسد كائن فضائي (مخلق مخبريا) بقصد 'دسه' بين سكان الكوكب للعمل كجاسوس واكتشاف أسرارهم (سكان الكوكب يدعون بالنافي Navi)، واختراق عقولهم وتوصيل المعلومات اللازمة لتسهيل غزو كوكبهم ومن ثم استغلال المعدن النادر تجاريا. السيناريو هنا يتحدث عن القرن الثاني والعشرين وهو لا يستند لأي عمل أدبي روائي أوقصص مرسومة أو مسلسل تلفزيوني، وانما لفكرة قديمة - جديدة بقيت تراود عقل كاميرون وتلح عليه ومنذ أن كان مراهقا! وهو يطلب هنا من المشاهدين والنقاد تقبل هذا السيناريو المدهش بكل ملابساته وتناقضاته ومن ضمنها قصة الحب الغريبة بين فتاة طويلة 'خضراء اللون' تشبه القطة نوعا ما مع رجل مزيف (مصنوع مخبريا)، ومؤهل جينيا للحياة في كوكب 'بانادورا' (وهو في الحقيقة أحد أقماركوكب ألفا- سينتاوري!)، أما كلمة 'أفاتار' فهي هنا تعني 'الشبيه الكرتوني'، وهنا تتشابك خيوط القصة وتتعقد مع نمو عواطف الود والحب الرومانسي بين بطلي القصة، وتذكرنا 'لا اراديا' بقصة الحب الجارفة في فيلم 'التيتانك' الشهير وحتى التوزيع الموسيقي لا يخلو من بصمات موسيقى التيتانك! الغريب أن البطل المزيف يفوز أخيرا بقلب الجميلة (الممثلة زوي سالدانا التي لعبت الدور ببراعة فائقة) ابنة زعيم القبيلة والتي يتنافس معظم شباب وفرسان القبيله للفوز بحبها.

بعض مشاهد الفيلم ذكرتني بأفلام الهنود الحمر و'الوسترن' ، وبمقاومة وبسالة قبائل الهنود الحمر للمستوطنين البيض الاوائل، وحتى صراخهم هنا في كوكب البانادورا يتماثل لحد بعيد مع صراخ قبائل الهنود الحمر أثناء المعارك، وكذلك الطقوس الدينية التي تقدس الأرض والأشجار، وربما قصد كاميرون من ذلك إعادة صياغة تاريخ ابادة الهنود الحمر، وأعاد صياغة الحدث سينمائيا 'كصحوة ضمير' متأخرة لعمليات الابادة الوحشية ضد السكان الاصليين في أمريكا والغرب عموما، ولنفس السبب الذي يعالجه الفيلم وهو وجودهم في مناطق مرغوبة سكانيا واستراتيجيا! لكن السيناريو يختلف هنا فهم في المحصلة ينتصرون على 'غزاة السماء' بالرغم من أسلحتهم ومعداتهم الحربية المتفوقة، بفضل تكاتف كافة قوى وقدرات وكائنات الكوكب ملبين نداء الارض والاشجار المقدسة، وبفضل دعم فريق متميز من أعضاء بعثة الاستكشاف وعلى رأسهم جاك والباحثة وقائدة الطائرة وغيرهم من الشرفاء، وحيث يفقد بعضهم حياته في هذه المعركة الشرسة والحازمة. تحدث هنا معارك تشبه ضراوة حرب فيتنام ويتحقق الانتصار المدهش بمساعدة 'أفاتار' وزملائه من فريق الاستكشاف وفي مقدمتهم عالمة البيولوجيا الشهيرة والطيارة الباسلة، حيث تفقدان حياتهما، ولكن بعد احداث خسائر مباشرة في طائرات العدو المتقدمة، وحيث تحدث معجزات تحقق النصر النهائي، ويتم أسر الغزاة المتبقين والترحيب بهؤلاء الذين اختاروا العيش بسلام في كوكب البانادورا!

يحل معدن نادر يسمى 'اوتابتانيوم 'Utabtanium محل النفط في هذه الحرب الفضائية الجديدة، وهو معدن يكفل تزويد كوكب الارض بمصدر لا ينضب للطاقة، أما المدهش هنا حقا فهو تقبل السكان الأصليين لفكرة وجود غزاة وأغراب على كوكبهم، بل والتعامل معهم بشكل برغماتي واقعي يستند لمفهوم الأخذ والعطاء وروح السلم والتوافق طالما بقي وجودهم ونمط حياتهم غير مهدد، ولكن بالرغم من كونهم مسالمين الا أنهم يملكون قدرات بدنية فائقة ومهارات على القتل السريع الخاطف باستخدام أسلحة بدائية نظرا لقوتهم البدنية ورشاقتهم وطولهم الفارع (ألذي يزيد عن الثلاثة أمتار!)، كذلك لتمكنهم من استخدام السموم الطبيعية في أسلحتهم، وللتمكن من اتقان التعامل مع الديناصورات الطائرة لمواجهة طائرات الغزاة المتقدمة والفتاكة. وعلى أنه بالرغم من كونهم محاربين أشداء الا أن فطرتهم مسالمة وطيبة ويتمتعون بذكاء اجتماعي - تفاعلي وليسوا منغلقين على أنفسهم كما يتوقع المرء. في اعتقادي أن أكثر ما يخشاه كاميرون هو صعوبة رواج القصة ربما لعدم استنادها لأي مفهوم سينمائي دارج ونمطي (حتى ضمن مفهوم الخيال العلمي!)، ما ترتب عليه بذل جهود خارقة لفرض سيناريو غير مسبوق، مشحون بمفردات ومؤثرات سينمائية متقدمة ومدمجة بشكل فريد لبناء وعي سينمائي جديد لدى المشاهدين، وقد نجح لحد بعيد في خلق مشاهد ابهار متجددة لأول تسعين دقيقة على الأقل حيث لا ينقطع المرء عن الاندهاش بل والعجز أحيانا عن التقاط الأنفاس والاستمتاع بمشاهد سينمائية تفاعلية غير مسبوقة!

لقد اضطر كاميرون وبعد انتظار دام لعقد ونصف من عمر الانسان المحدود، اضطر لاستثمار هذه الميزانية الهائلة والقدرات والمواهب، والمهم هناهو استخدامه الفذ لتكنولوجيا رقمية ثلاثية الابعاد وبشكل ربما يفوق استخدامات مخرجين أفذاذ كجاكسون وزيمكس وغيرهم، متوقعا أن يتجاوز أفلاما مثل 'ملك الخواتم' و'كينغ كونغ' أو كأفلام روبرت زيميكس الرائعة مثل 'قطار القطب السريع' و'بوولوف' وحديثا 'كريسماس كارول'، وكلها أعمال تميزت بالتصوير الرقمي والدمج المدهش مع المؤثرات الحاسوبية وتقنيات رسوم الصور المتحركة، فهل نجح كاميرون في تحدياته؟

نعم وربما لحد كبير وخاصة في الغرب والدول المتقدمة (وسنتحقق من ذلك في الاسابيع القليلة القادمة من مبيعات شباك التذاكر!)، أما في دول العالم الثالث ومن ضمنها الدول العربية فاني أعتقد (وأرجو أن أكون خاطئا) أن نجاح هذا النمط من الأفلام سيكون ربما محدودا نظرا لضعف اقبال المشاهدين وتقبلهم لأفلام الخيال العلمي لضعف الخيال العلمي ولعدم ارتباط الموضوع بنمط حياتهم الروتيني ولضعف الوعي وقلة القراءة والتراجع النسبي للثقافة ولهبوط الذائقة الفنية والسينمائية ، ولتعودهم على أنماط متواضعة من أفلام الكوميدي والرعب و'الأكشن' التي تدغدغ مشاعرهم ومعاناتهم ونمط حياتهم، والدليل على صحة اعتقادي ضعف تناول النقاد العرب لهذا النمط من الأفلام واكتفائم بسطر أو سطرين وفي المقابل فهم يسهبون في تحليل أفلام حركة و دراما وكوميديا متواضعة بل وهابطة أحيانا، وربما يعزى السبب أيضا لعدم رغبتهم في اتعاب أنفسهم بالبحث والتحليل والمقارنة ، وبعضهم اكتفى بوصف هذا الفيلم الاسطوري على أنه:فيلم خيال علمي ثلاثي الابعاد بمؤثرات مدهشة.

دور افتراضي لشركة 'بلاكووتر في كوكب بانادورا'!

فكرة الفيلم افتراضية ولكنها ربما تستند لرؤية واقعية ، فالأرض فد تعاني مستقبلا من نقص خطير في مصادر الطاقة بعد نضوب النفط ومصادر الطاقة الاخرى، كما أنه من الصعب العيش في كوكب ذي أجواء سامة كبانادورا، مما تتطلب منطقيا استنساخ كائنات هجينة (مخلوقة مخبريا وتفكر بالعقل البشري)، تجمع مابين خصائص الذكاء البشري (التفكير الخلاق) وخصائص السكان الأصليين كما رأيناها في الفيلم (في الشكل والطول والرشاقه واللون والقوة واللغة)، وقد تكون الامور كلها قد أخذت منحى اخرلولا وقوع 'جاك سالي' في حب رومانسي جارف مع سالدينا (ابنة زعيم القبيلة)، والغريب هنا أن شخصيات كوكب البانادورا والشخصيات المستنسخة مخبريا بدت أكثر واقعية وحياة من النمط الكاتوني ـ الروبوتي الذي بدت فيه شخصية الكولونيل كوارتش (ستيفان لانغ) أو حتى شخصية قائد البعثة، الذي لا يهتم الا بنجاح المشروع والذي لا يقيم وزنا لثقافة وقيم السكان ولا للتعامل الانساني معهم، وبدت شخصيته مطابقة لشخصيات المدراء التنفيذيين لشركة 'بلاكووتر' (السيئة الصيت) والتي عملت في العراق بعد الاحتلال!ولكن كاميرون بذكائه السينمائي حقق الانتصار بشكل غير متوقع لسكان الكوكب وذلك بهدف اعطاء الفيلم نكهة انسانية درامية جذابة لتحقيق الرواج والتقبل وكسب شباك التذاكر!

لقطات لافتة:

' 60 ' من الفيلم مصنوع حاسوبيا كمؤثرات رقمية حاسوبية مدمجة مع الصور المتحركة و40 ' هي عبارة عن مشاهد تمثيل و'أكشن' واقعية للشخصيات السينمائية.

' حاول كاميرون استقطاب الأطفال بجعل السكان يبدون كالقطط الخضراء الطويلة والرشيقة (بعيون صفراء)، وبمناظر الطبيعة الخلابة والغابات الملونة الخرافية.

' تم استخدام معدات مبتكرة كالطوافات والطائرات والروبوتات المقاتلة، وربما ستلهم هذه الاسلحة والمعدات من يصنع الأسلحة لإنتاج أجيال جديدة متطورة من الاسلحة والمعدات.

' ذكر المشاهدين بمشاهد حربي فيتنام والعراق بضراوتها، وحتى باقتباس بعض التعبيرات من حرب العراق تحديدا مثل: الصدمة والصاعقة(Shock & Awe) وكتعبير 'حارب الارهاب بالارهاب'!

'تعتمد فكرة الفيلم على مفهوم' الاستنساخ الذهني' كما ظهرت في فيلم 'المستنسخون'، وربما سيعمل العلماء مستقبلا على تطوير هذه الفكره واقعيا.

' قدم الفيلم عددا كبيرا من أصناف الحيوانات والطيور والحشرات والوحوش الخرافية ذات الاشكال الاسطورية، ومنها الأحصنة والكلاب الوحشية والثدييات الضخمة ذات الستة أقدام والديناصورات الطائرة، وبعض الاشكال مستوحى من كائنات منقرضة عاشت على كوكب الارض في ماضي العصور!

' تمارس قبائل كوكب 'البانادورا' ديانات سحرية تخاطرية ذات قوة ذهنية 'جمعية' هائلة، وذلك بشكل طقوس وثنية تعتمد أساسا على تقديس الشجر والارض والطبيعة، وقدم كاميرون صورا أخاذة لكائنات صغيرة طائرة تشبه الفراشات والفطر وتتحرك بأمر الشجرة المقدسة.

' لا أدري لماذا ذكرتني مشاهد الاستعدادات الحربية بمناظر المجنزرات والبلدوزرات الاسرائيلية وهي تسعى بوحشية لاقتلاع أشجار الزيتون القديمة في أراضي وقرى فلسطين، وكذلك بمقاومة السكان لها وكأنهم هنا ايضا مرتبطين روحيا بالشجر وتراب الوطن!

'الفيلم يتضمن نفسا رومانسيا وبطوليا نادرا، فهويتحدث عن ضابط بحرية مقعد يقرر بارادته ان يترك مجموعته الجشعة الفاسدة، وينضم مقتنعا لشعب كوكب 'البانادورا'، شاعرا بأنه ينتمي اليهم بعد أن يكشف شر مجموعته ونقاء السريرة لدى شعب 'البانادورا' بل وبراءة وعظمة انتمائه لأرضه ووطنه، وهو يشبه لحد ما طرزان أو حتى 'كيفن كوستر' في الفيلم الشهير 'الرقص مع الذئاب'.

وحيث تصف 'نيتيري'جاك بقولها : أنت تملك قلبا قويا ولا تخاف، ولكنك غبي وجاهل كطفل صغير!).

' لا تبدو التحية الوطنية التي تصدر عن 'النافي' في أخر الفيلم حيث يصرخ فيها'أنا أراك!'، لا تبدو عبثية، وخاصة أنها وجهت لشخصية جاك الحقيقية (المقعدة)، وربما تعتبر من أقوى المشاهد المشحونة عاطفيا، حيث يبدو حينها وكأن الشخصيتين قد توحدتا معا ، فيما أدرك 'النافي' (شخصية كوكب البانادورا) تجانسه وتوحده مع جاك الحقيقي (وكانه لاقى نفسه!).

'لقد أبدع الممثل الاسترالي الصاعد 'سام وورثنتون' في تمثيل مزدوج لشخصيتي البطل الرئيسي، وتفوقت 'سيجورني ويفر' على نفسها في اداء مقنع ومذهل، وكذلك برعت ميشيل رودريجيز بلعب دور بطولي متميز، ولكني أتوقع الاوسكار لـ'زوي سالدانا' التي لعبت دور ابنة زعيم القبيلة (Neytiri) بتقمص مذهل قل نظيره! وللعلم فقد تم تصوير مشاهد الفيلم في ستديوهات لوس أنجلوس وفي كل من نيوزيلندا وجزر الهاواي .

' تطلب الانجاز الفعلي للفيلم عملا استغرق أكثر من ثلاث سنوات، وشارك في انجازه 200 شخص من كافة التخصصات والمهارات، بتكلفة تزيد عن الـ300 مليون دولار. تدور قصة الفيلم تحديدا في العام 2154 ويتطلب السفر اليه ست سنوات ضوئية! يوجد على سطح الكوكب (الافتراضي) حوالي 500 نوع من النباتات والمخلوقات الغريبة.

' صنف (بل لخص) بعض النقاد الفيلم على أنه فيلم مغامرات جريء حافل بالمكونات الرومانسية، ضد الامبريالية (والاستعمار) وضد الاستخدام (الشرير) للتكنولوجيا، يدعو لاحترام الثقافات والمخلوقات الاخرى الغريبة ولتقديس الطبيعة ومكوناتها!

وأخيرا فانه لم يكن عبثا استثمار هذا الكم الهائل من الاموال والجهد وأكثر من عقد ونصف من الانتظار والعمل الدؤوب المتقن لانجاز مثل هذه التحفة الفنية الاخاذة والتي ستضمن بالتأكيد لصانعها (جيمس كاميرون) مقعدا دائما له ضمن قائمة المخرجين العشرة العظام في تاريخ السينما .

*عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب

Mmman98@hotmail.com

القدس العربي في

06/01/2010

 
 

«أفاتار» لجيمس كاميرون:

كرم التكنولوجيا في منحنا المعاني وأشكالها

دلال البزري

الشاب جاك سولي جندي سابق في الجيش الاميركي، متقاعد ومقعدٌ من جراء احدى الحروب ويتنقل بواسطة كرسي آلي. يتوفى أخوه التوأم الذي يعمل في احدى الشركات الصناعية الخاصة خارج الارض. يُدعى الى أخذ مكان أخيه، فيتوجّه الى كوكب «باندورا» (Pandora) البعيد عن الارض سنوات ضوئية. على هذا الكوكب قاعدة أقامتها الشركة غرضها حلَ أزمة الطاقة الناضبة في كوكبنا عن طريق استخراج معدن ثمين ومولّد هائل للطاقة، يقع تحت الشجرة الأم المقدسة التي يأوي أهل «باندورا» اليها. والشركة ابتدعت برنامجا علميا خاصاً، يمكّن بعض الافراد التابعين لها من النزول الى «بندورا» على هيئة أهلها «النافي» (navis)، ويتمتّعون ببعض طبائعهم. ويقوم البرنامج على استنساخ كائنات عقلها خاضع لمهمة البحث عن المعدن ولكن تركيبها البيولوجي مماثل لذاك الذي يتّسم به النـ«نافي». وهذا المستنسخ كائن هجين خلقه العلماء بشبكْ الـDNA الانساني بالـDNA الخاص بالـ«نافي». يكلَّف جاك سولي، بدل أخيه المتوفي، ومع اثنين من الطاقم العلمي، بهذه المهمة «الديبلوماسية» الهادفة الى إقناع هؤلاء بالتخلي عن معدنهم الثمين بالتي هي أحسن، وإلا فالحل العسكري. فيهبط مستنْسَخ جاك سولي على الاراضي القريبة من مكان «النافي»، ويبقى هناك ليتعرف على الجميلة «النافية» نيتيري (Neytiri) التي تنقذه من قبضة احد الحيوانات الشرسة والغريبة، فيُعقد مصيره معها ويتدرَب على فنون القتال والقفز والتنقل الجوي الطبيعي. يدفع به الموقف ان يقاتل مصالح الشركة المادية وجشعها البشع. وتكون معركة تنتهي ببقاء جاك سولي في «باندورا» وانتصاره مع اهلها ضد أهل الارض. فيعود الاحياء من بين هؤلاء الى كوكب الارض مخذولين، بعدما انتصر عليهم أهل «باندورا».

القصة كتبها جميس كاميرون قبل ان يخرجها بنفسه 14 عاما. أي أنه كان يكتبها وهو يخرج فيلم «تايتانيك»، صاحب الرقم القياسي في المشاهدة العالمية بعد فيلم «ذهب مع الريح». انتهى سيناريو القصة عام 1990. بدأ انتاجه عام 2005، ثم بين شباط 2007 وحزيران 2009 تمَ تصويره. اما ميزانيته فقد بلغت 800 مليون دولار أميركي. لماذا كل هذا الافراط؟ لأن الذي أدخله جميس كاميرون في هذا الفيلم ابداعات تكنولوجية جديدة مكلفة وصعبة، على رأسها المزج بين الوجوه الحقيقية لممثلين حقيقيين، وبين ملامح أضافية، في الوجوه وفي الاجساد، تخرجهم من آدميتهم، فيبدون مثل تلك الدمى التي تضجّ بها الافلام الفضائية المستقبلية: كالطول الفاره (ثلاثة أمتار) والخصر الدقيق جدا والاكتاف العريضة والذنب عند المؤخرة وخفة الجاذبية والضفيرة العريضة خلف العنق المنتهية بشعيرات دقيقة تتحرك وكأنها ذكية والعيون الصفراء الملتمعة والآذان الحيوانية والأنوف المسطّحة الخ. أضف الى ذلك الابعاد الثلاثة (3D): أي أن ترى زوايا من مشاهد الفيلم لا تستطيع التقاطها الكاميرا السينمائية العادية؛ أن تصبح الشاشة على مقربة منك، ترسي في مخيلتك صورها الكثيفة... فتشاهد الفيلم كأنك تعيشه. (يجب ان ترتدي نظارة خاصة توزع في الصالة من اجل المشاهدة).

إنه الافراط ايضا في بلورة الطاقات التكنولوجية كلها، بل اختراعها. فجيمس كاميرون متخصص في الفيزياء والافلام التي اخرجها قبل «تايتنيك» هي ايضا افلام تحديات تكنولوجية، كلها مستقبلية. اذن لا مفر من الافراط والتمتع بانجازاته الحسية، البصرية والسمعية خصوصا. لكن متعة الحواس هذه، على ما فيها من مباعث للدهشة والغرابة، لا تلغي المعنى.

والمعنى هذا لا يقلّ عمْلقة عن التكنولوجيا، بالرغم من البساطة النسبية للقصة. هنا أيضا شراهة في المعاني، تفتح على المزيد من المعاني المعلّقة؛ كما يوحي اسم الكوكب نفسه: «باندورا»، العلبة التي تفتح على علب... في هذا الفيلم فروعٌ من الكائنات. هناك بداية البشر العاملون في الشركة المنقِّبة عن المعدن. القيادة اولا: هي «العقل» المفكّر المدبّر للشركات المنقِّبة، تريد فقط النتيجة، ولا تبحث كثيرا في الطريقة؛ والنتيجة هي نهب المعدن. وتحت هذه القيادة هناك الفريقان الاساسيان. الفريق الاول، العلمي، يعمل سلميا، يخلق مستنْسخين، يدرس سير الحياة فيهم، يلاحظ، يسجّل، يحلّل، يستخلص.... ويحاول «ديبلوماسيا» ان يقنع اهل «باندورا» بنهب طاقتهم. وينتهي الامر بهذا الفريق الى ان ينضم الى اهل «باندورا» في دفاعهم عن شجرتهم الأم، عن وجودهم وعن رؤيتهم لهذا الوجود؛ اما الفريق الثاني، القطب الشرير، فهم العسكر، اليد الغليظة للعملية، والمتلهّفة الى فشل المهمة «الديبلوماسية» والمستعدة لإطلاق النار في أية لحظة والانقضاض على أهل «باندورا» بالحديد والنار. والامر البديهي، مَيل «القيادة» الى طريقة هذا القطب الاخير.

هناك أيضا عالمان: عالم البشر، وعالم «النافي». من ناحية الصورة والالوان والاشكال والوتيرة والجاذبية, واضح هو النتاقض بين العالمين. الاول، البشري، غارق في البرودة والحديد والزجاج والباطون، واللون الرمادي والاوتوماتيكي والخشبي (دون خشب) والحياة المغلقة المعقّمة والصراع والخلاف. الحنين الى الطبيعة فيه هزيل: قائد الشركة وحده صاحب الحق بالتمتع بما يشبه الطبيعة. (يمارس الغولف على قطعة قماش أو كارتون من اللون الاخضر، ومرماه كباية وُضعت فتحتها من جهة تلقّيها للكرة الصغيرة).
فيما «باندورا» قصيدة شعر بعينها، تفتح على قصائد. كل شىء فيها: الشجرة الأم المقدسة طبعا، والغابات مختلفة الانواع والالوان، والنباتات والسرائر المعلقة على اغصانها. والصخور الكبيرة والصغيرة السابحة في الفضاء، وأهلها القافزون من الارض والمدى الفسيح المُتاح امامهم وليلهم ذو الاقمار الثلاثة والكوكب القريب ذو الالوان البرتقالية والزرقاء والوردية. وهم، «النافي»، أهلها، ذوو اجساد زرقاء وعيون صفراء قليلة الجحوظ ومعبّرة. كائنات بهية وممشوقة. وهو عالم النساء حاملات المعتقد وأسرار السحر ومستبْسلات في الدفاع عن كوكبهن. كما هن بالضبط النساء القليلات من العالم الاول، عالم البشر: من العالمة، رئيسة الفريق العلمي التي تعترض على أوامر العسكر، وقائدة الهليكوبتر العسكري المتمرّدة بدورها على توجههم الحربي... أنشودة نساء.

وفي عالم «النافي»، معتقد قديم، طوباوي، منبثٌ بيننا نحن البشر، ولكنه متبلور ومجسَّد في «باندورا». انها الوحدة التامة بين كافة مخلوقات الكوكب كله. من «النافي» انفسهم، الى الشجر والنباتات والحيوانات، حتى المفترسة منها. الكل متصل ومتواصل بوسائط مختلفة. والكل حريص على استمرار حياة الآخر، والموت لا يزيل عن المخلوقات نبلها. والطبيعة تبعث برسائلها وابن «النافي» يفهمها. يطلع على ظهر طائره الخاص، الشبيه بطيور الدينوصور، فيربط ذيل ضفيرته بذيل طائره ويفهم الطير أفكار راكبه عبر هذا الرابط... وكلها صور تناغم تام بين المكونات المشكّلة لهذا الوجود. كوكب «باندورا» قصيدة مفرطة الجمال واللذة الحسية. تود لو تصدق هذه القصيدة، وتخشى في الآن عينه تصديقها، مثل كل اليوتوبيات. لكنها، أي «باندورا» المخترَعة هذه، تضيىء جوانب من مخيلتك عتّمها غياب الطبيعة عن عالمك.

«الآخر»؟ من يتذكر «الآخر» في بدايات السينما الاميركية وأواسطها؟ «الآخر» الذي غزَته السينما كان الهندي الاميركي. المتوحش، غير المتحضّر، غير الذكي، صاحب الدين «الطبيعي» المنبوذ الخ. مئة سنة من السينما، لنصل الى النقيض: «الآخر» هو الجنة بعينها، والنحن هم الجحيم. طبعا سبقت «أفاتار» رؤية مختلفة للغيرية. خاصة مع سبيلبرغ و«آي تي». ولكن ولا مرة كانت هذه الغيرية هي الطوبى بعينها، هي المثال أو الحلم أو القصيدة.

معنى هذه الطوبى؟ خوف الغرب واهتزاز ثقته بمنظوماته. فيلم يعكس المخاوف من النضوب، من الكوارث الحاصلة وتلك المقبلة، والمتوقع لها ان تكون أفظع من سابقاتها. ثم المخاوف والاغراءات الامنية ونبذ الاقليات واضطراب الهوية. وكلها مخاوف لو كنت ممن ينشغلون بها، فسوف يكون أثر مشاهدتك للفيلم مثل جرعة أمل شاعرية. لا تزعجها ابدا البالغة التكنولوجية والطوباوية، بل تدعوها الى الحلم، والى توليد الصور والأفكار والألوان والأشكال بنفس شراهة جميس كاميرون، وبصرف النظر عن انتمائك، غربيا كنت أم شرقيا.

المستقبل اللبنانية في

03/01/2010

 

رفد الخزينة الأميركية بـ68 مليون دولار 

«أفاتار» يقترب من المليار دولار 

لوس أنجلوس ــ د.ب.أ

أوشك أغلى فيلم في العالم على أن يصبح أكثر الأفلام نجاحاً في العالم، حيث اقتربت عائدات الفيلم «أفاتار» حاجز المليار دولار. وأعلنت مؤسسات سينمائية أمس، أن الفيلم الذي ينتمي لأفلام الخيال العلمي حقق منذ عرضه في دور السينما الأميركية فقط قبل 17 يوماً 352 مليون دولار. أي ما يعادل «1.3 مليار درهم إماراتي»، وأوردت معلومات صادرة عن مؤسسات مراقبة مبيعات الأفلام أن الفيلم أمد خزائن السينما في الولايات المتحدة وكندا خلال نهاية الأسبوع التي صاحبت رأس السنة بمبلغ 68.3 مليون دولار «3.68 مليارات درهم إمارتي»، وهو ما يمثل رقماً قياسياً جديداً. وكان أكثر الأفلام من حيث الإيرادات حتى هذه الطفرة فيلم «سبايدر مان» (الرجل العنكبوت)، إخراج سام رايميس. ولم يتضح ما إذا كانت إيرادات الفيلم ستتجاوز إيرادات «تايتانيك» الذي يعتبر أعظم أفلام القرن الماضي، وهو من إنتاج ،1997 وحقق إيرادات قدرها 1.8 مليار دولار.

وتدور أحداث الفيلم حول إرسال أحد أفراد مشاة البحرية الأميركية المصاب بالشلل إلى كوكب خيالي «باندورا» في مهمة فريدة من نوعها، ويصاب الجندي بالتمزق بين اتباع أوامره وحماية العالم الذي يشعر أنه وطنه.

يذكر أن إنتاج الفيلم تكلف 300 مليون دولار. وفي المركز الثاني حافظ فيلم المغامرات «شرلوك هولمز» على ترتيبه اذ حقق 38.4 مليون دولار في فترة ثلاثة ايام ليصل اجمالي ما حققه منذ بدء عرضه الى 140.7 مليون دولار. وتتناول أحداث الفيلم قبض شرلوك هولمز على السفاح لورد بلاكوود، وفي الوقت الذي يبدأ فيه هولمز ومساعده واتسون البحث عن قضية أخرى يعود بلاكوود مرة أخرى من قبره ويعاود عمليات القتل العشوائي. ويبدأ هولمز مطاردة جديدة للقبض على بلاكوود.

والفيلم من إخراج جاي ريتشي، وبطولة روبرت داوني جي آر وجود لو وراشيل ماك أدامز ومارك سترونغ.

وفي المركز الثالث، جاء الجزء الثاني من فيلم الرسوم المتحركة «فرقة السناجب»، إذ حقق 36.6 مليون دولار في فترة ثلاثة أيام ليصل إجمالي ما حققه منذ بدء عرضه إلى 157.3 مليون دولار.

وتدور أحداث الفيلم حول فرقة بوب تضم ثلاثة سناجب، هم ألفين وسيمون وثيودور. وتدخل الفرقة في منافسة غير متوقعة مع فرقة أخرى، تضم بريتاني والينور وجانيت. وفي خضم المنافسة، تتفجر مشاعر الرومانسية بينهم. والفيلم من إخراج بيتي توماس، وأدى الأصوات جوستن لونغ وديفيد كروس وماثيو جراي جوبلر وايمي بولير.

وجاء في المركز الرابع فيلم «إنه معقد»، إذ حقق 18.7 مليون دولار في فترة ثلاثة أيام، ليصل إجمالي ما حققه منذ بدء عرضه إلى 59.1 مليون دولار. وتتناول أحداث الفيلم لقاء جين مع زوجها السابق جيك في أثناء حفل تخرج ابنهما. وكان جيك قد تزوج من امرأة أصغر سناً. وتجد جين نفسها تندفع نحو مهندس يدعى آدم، وتتوالى الأحداث. والفيلم من إخراج نانسي مايرز، وبطولة ميريل ستريب وستيف مارتن وإليك بالدوين وريتا ويلسون.

وحل في المركز الخامس فيلم «عاليا في السماء»، إذ حقق 12.7 مليون دولار في فترة ثلاثة أيام، ليصل إجمالي ما حققه منذ بدء عرضه إلى 45 مليون دولار. وتتناول أحداثه شخصية ريان بينغهام الذي يكسب قوته بفصل الناس من وظائفهم.

ويعين رئيسه في العمل شابة متعجرفة تدعى ناتالي. ويأخذ بينغهام ناتالي في جولة من جولاته لفصل الناس من وظائفهم، في محاولة لترويض الشابة المتعجرفة، ولكنه سرعان ما يدرك سقطات أسلوبه في الحياة.

والفيلم من إخراج جاسون ريتمان، وبطولة جورج كلوني وفيرا فارميغا وآنا كندريك وجاسون باتمان.

الإمارات اليوم في

05/01/2010

 

فيلم "افاتار" يحطم الارقام القياسية ويحقق مليار دولار 

لوس انجليس - ا ف ب - حقق فيلم "افاتار" الثلاثي الابعاد للمخرج جيمس كاميرون ايرادات فاقت المليار دولار في العالم بعد 17 يوما فقط من بدء عرضه, محطما بذلك الرقم القياسي لايرادات الافلام بحسب ما افادت الشركة المختصة "اكزيبيتور ريلايشنز" الاحد وكالة فرانس برس.

واوضح تشاد هارتيغان المحلل في الشركة التي تتخذ من لوس انجليس (كاليفورنيا, غرب الولايات المتحدة) مقرا لها, ان فيلم الخيال العلمي ذات الصبغة البيئية حصد اكثر من 350 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا ونحو 670 مليون دولار في باقي انحاء العالم.

واكد المحلل ان "اي فيلم لم يحقق ايرادات وصلت الى مليار دولار بهذه السرعة", مضيفا ان التوقعات ترجح ان تصل عائداته الى اربعة مليارات دولار.

واشار هارتيغان ايضا ان "افاتار" هو الفيلم الاعلى كلفة في تاريخ السينما اذ تراوحت كلفة انتاجه بين 300 و500 مليون دولار وهو يحتل المرتبة الثالثة من حيث الايرادات بعد "تايتانك" لجيمس كاميرون ايضا والجزء الثالث من "لورد اوف ذي رينغز": "ذي ريتورن اوف ذي كينغ" (عودة الملك).

وبعد مرور 12 سنة على فيلمه "تايتانيك" الذي حقق نجاحا عالميا وحصد 11 جائزة اوسكار و1.8 مليار دولار اعتبرت رقما قياسيا من حيث العائدات السينمائية, عاد كاميرون وتسبب بحالة هستيريا على شبابيك التذاكر بمشروعه الذي يخطط له من العام 1995.

وحقق "افاتار" في عطلة نهاية الاسبوع التي تلت عيد الميلاد 75.6 مليون دولار في اميركا الشمالية, اي ربع الايرادات التي حققتها صالات السينما كلها في الولايات المتحدة وكندا والتي تقدر بنحو 270 مليون دولار.

واضاف المحلل "كنا نتوقع ان يسجل هذا الفيلم نتائج جيدة لكن ليس الى هذا الحد. يبدو انه لم يعد يعرف حدودا" لنجاحه.

وتدور احداث الفيلم الذي يعتمد على الصور المركبة بدقة لا سابق لها حول شخصية جايك, عنصر سابق في المارينز ومصاب بشلل نصفي. يرسل جايك الى كوكب "باندورا" الذي يسكنه شعب "نا في", وهم كائنات زرق البشرة, في بعثة هدفها ان يضع البشر يدهم على احد مناجم النافيين.

فيخالف جايك ارادة غرايس مديرة الرحلة ويحل مكان توأمهه المتوفي ليصبح "افاتار" اي كائن هجين نصفه انسان ونصفه الاخر "نا في". ويقابل جايك على كوكب "باندورا" المقاتلة الشجاعة نايتيري ويكتشف تفاصيل حياة النايفيين الذين يعيشون بتماه تام مع بيئتهم.

الحياة اللندنية في

04/01/2010

 

الإبهار.. الإبهار.. الإبهار

"أفاتار".. تحول الإنسان وبمعنى آخر موته

سعيد أبو معلا

بالكاد انتهى الجدل والسجال الذي رافق مؤتمر كوبنهاجن للمناخ، والذي ناقش مستقبل الأرض والمخاطر البيئية في لحظتنا الراهنة حتى تسيد فيلم "أفاتار" AVATAR (القرين) للمخرج الأمريكي "جيمس كاميرون" شاشات السينما في العالم أجمع تسيدا جعله على سبيل المثال أسرع فيلم خيال علمي في تاريخ السينما يحقق أعلى إيرادات وخلال فترة قصيرة جدا، وهو ما جعله يزاحم أفلاما ثلاثة حققت الإيرادات الأعلى في تاريخ السينما كله: "تيتانك" و"سيد الخواتم" و"قراصنة الكاريبي"، وربما يفوقها خلال الأيام القادمة.

الفيلم الذي وصل دور العرض منذ 18 يوما بالتمام بدا كأنه استعراض سينمائي يليق بنهاية عام 2009 الذي كان مليئا بالخيبات التي اعترضت طريق صناعة السينما، ليكون بدوره بداية لعام جديد يمهد لمستقبل جديد ومشرق وغير متوقع، ينتظر تلك صناعة على كل المستويات من أدوار ممثلين، وعمليات إنتاج، وطرق إبهار، في ظل تكامل المستحدثات التكنولوجية واستثمارها بشكل أمثل، مع دخول رسوم الجرافيك وتقنيات الـ 3D (تقنية السينما ثلاثية الأبعاد Dimensions 3) بشكل مؤثر على صناعة السينما، وهو ما يهدد بوفاة أو إقصاء الممثل، أو حتى التقليل من مركزيته في العمل السينمائي كأحد تداعيات هذا العمل المبهر.

الوسيلة هي الرسالة

أحد رسائل الفيلم المتخم بالإبهار الفخم الدقيق بمؤثراته الرائعة والرفيعة أنه يرفع من سقف التوقعات تجاه الأعمال السينمائية القادمة، فمهما قيل سابقا عن السينما وقدرتها على وضع المشاهد في جو مثالي يتلقى فيه الفيلم، وبشاشتها العريضة وجو القاعة المختلف والمظلم وتقنيات التصوير والعرض فإن "أفاتار" وضع سقفا عاليا للأعمال السينمائية التي تعتمد على ذات المبدأ، والتي تحتفي بالإبهار أيما احتفاء حتى لو كان ذلك عبر قصة تقليدية.

هل في ذلك تأكيد آخر وجديد على أن (الوسيلة/ الشكل) هي الرسالة؟ مؤكد طبعا، لكن من خلال ذلك (طريقة التنفيذ والإخراج) وهو ما يبدو أنه جزء أصيل من رسالة هذا الفيلم الفنية.

وهناك رسالة أخرى أيضا، فالفيلم الذي استغرق إنتاجه أكثر من سنوات أربع جعلنا كمشاهدين مندمجين مع ما قدم من صرخة عالية للتضامن مع البيئة/ الإنسان/ الأرض لكن على الطريقة الهوليودية هذه المرة، وكأن الفيلم قصد وتصيد اللحظة التي استعرض فيها عضلاته وجمالياته وأفكاره المختلفة والقديمة أيضا، مع نهاية عام وفي استقبال عام جديد آخر، وبالتزامن مع قمة كوبنهاجن في ظل تنامي الخوف على هذا الكوكب الذي يضمنا جميعا بخيرنا وشرنا، فهل هناك من يتعلم الدرس؟! وهل هناك من يتعاطف أكثر؟!

صراع بين عالمين

يقدم الفيلم لنا قصة شاب أمريكي مقعد يذهب في مهمة عسكرية إلى كوكب آخر يدعى "باندورا"؛ حيث تتواجد قاعدة عسكرية أمريكية تخطط للاستيلاء على غابة تعيش فيها قبائل "النافي" (كائنات ضخمة نصف بشرية ونصف حيوانية)، ويكون دور هذا الشاب المقعد أن يحدث اختراقا في عالم هذه القبائل، ويتعرف على أسرارها ونقاط ضعفها؛ تمهيدا للسيطرة عليها وهو ما يكون من خلال تعرف المقاتل الأمريكي على ابنة زعيم القبيلة بالصدفة (يقع في حبها لاحقا)، التي تنقذه بدلا من أن تقتله؛ لكونها تشعر به مختلفا عن غيره ممن يأتي للغابة من "رجال السماء" (الغزاة القادمون من الأرض).

الشاب المقعد الذي يتحول إلى "قرين" أو "أفاتار" مستنسخ يشبه سكان قبائل "النافي" من خلال ربط عقله بجسد مخلق ومُصنع شبيه بأجساد السكان الأصليين؛ حيث تصبح روحه بجسد مختلف ومن خلاله يتواصل مع تلك القبائل ويتدرج في اكتساب ثقتها، فيمد القاعدة العسكرية بالمعلومات التي تحتاجها للاستيلاء على المواد الخام التي تتواجد أسفل الشجرة المقدسة التي تسكن هذه القبائل أسفلها، وفي لحظة تنفيذ هذه المهمة يحدث التحول في موقفه وشخصيته بعد أن أصبح جزءا من هذه القبائل، وأدرك قيمة الحياة التي تعيشها هذه القبائل، وبذا يظهر الدور المركزي لهذه الشخصية المتحولة فكريا بمقدار ما تحولت من طبيعتها الإنسانية إلى طبيعة سكان "النافى".

فيحاول أن يمنع الهجوم على الغابة.. فيعجز أمام غطرسة القوة، ليحاول بداية إقناع القبائل بترك الشجرة المقدسة حفاظا على أرواح الأهالي، لكنه يفشل أيضا ليكون القصف والتدمير الوحشي من نصيب السكان الأصليين، وهو ما يدفع بالشاب ومجموعة من رفاقه إلى التحول إلى مقاتلين للغزاة الجدد.

إسقاط سياسي

يقدم الفيلم قصة عالمين، عالم مكون من "رجال السماء" (رمز الشر والقوة والمادة والغطرسة والاستعمار)، وعالم آخر افتراضي وخيالي، وخرافي وسحري وجميل ومبدع يضم العالم الذي تعيش فيه قبائل "النافي" على كوكبها المسالم والهادئ إلى جانب الحيوانات والأشجار والنباتات والطيور الخرافية، وهو العالم الذي قدمه المخرج عبر الجرافيك المتقن والمبهر وتقنية الـ 3D فلم يظهر بشكل واقعي، بل تجاوز ذلك التوقع فرسم عالما خرافيا له سحره وجاذبيته ودهشته المختلفة؛ حيث أظهر تفاصيل المخلوقات التي تعيش في الغابة كما نباتاتها وحيواناتها وشجرها التي كانت تضحك المشاهدين الذين يشعرون أنهم يشاهدون الفيلم من داخل الغابة هذه المرة بفضل استخدام النظارات الخاصة.

رمز الفيلم عبر تقديمه تلك الثنائية السابقة إلى إسقاط سياسي أمكننا رصده من حكايته الكلية تارة، ومن خلال بعض الجمل القصيرة التي كانت تبوح وتصرح بالكثير تارة أخرى؛ حيث سنسمع ونحن نشاهد الفيلم جملة على لسان أحد الجنود المنشقين عن "رجال السماء" الرافضين لمنطق الحرب والقتل وتدمير الغابة؛ حيث يقول: "عندما تحتاج شيئا وتجده عند غيرك.. تجعله عدوك.. كي تتمكن من الحصول عليه بالقوة".

كما نسمع جملة الجندي المقعد الذي يقول لقائده: "إن هذه الشعوب لا تطمع في شيء من حضارتنا، فهم لا يسعون إلى ارتداء الجينز ولا يريدون شرب الكوكا كولا"، وهي مفردات من رموز الحضارة الغربية.

وفي مشهد ثالث نسمع عبارة أخرى على لسان قائد الجيش الغازي: "سنواجه الإرهاب بالإرهاب"، وذلك ردا على تجميع قبائل "النافي" وتوحدها بحيواناتها ونباتاتها دفاعا عن الغابة التي قدمها المخرج بكل مكوناتها في شكل هارموني متسق لتخدم فكرة فيلمه.

ذلك الغازي القادم بأطماعه وجشعه بدا غير عابئ بالطبيعة الساحرة وخارقة الجمال ولا بقيمة المكان المقدس الروحية الذي برع المخرج في تقديمه؛ حيث يعيش فيه سكانه بسلام وهدوء، تتواصل فيه قبائل "النافي" مع أجيال سابقة عبر أدوات ومجسات خاصة، يسمعون أصوات من سبقهم بأحلامهم وأمانيهم، يبكون بحرقة شديدة إذا قتل حيوان أو ماتت شجرة.. إلخ من مكونات عالم خرافي متشابك ومترابط رسم بالاتكاء على الأسطورة والخرافة والخيال العلمي، وعبر كل ذلك ربطت عوالم الغابة الضخمة المعلقة بتفاصيلها الصغيرة والدقيقة بعضها ببعض مدللة على ذات المصير المشترك الذي ينتظر الجميع، وهو ما ينعكس على معركة الدفاع عنها أمام الغزاة الجدد.

وهو ما يجعلنا نطرح سؤال: ألا تبدو وحشية الغرب (أمريكا مثلا) وأطماعه هي التي قادته إلى عوالم مختلفة (كالعراق مثلا)، في سبيل حصوله على مصدر قوته وطاقته (النفط مثلا) دون أي اهتمام بالبشر أو الشجر بعد أن سقطت كل الحجج؟ ذات الأمر يمكن أن ينطبق على فلسطين وحكايتها مع غزاتها ومحتليها.

لكنها ذات السينما التي تطرح تلك الأسئلة المتفجرة على الحضارة الغربية نجدها لا تبخل بتقديم الحل من داخلها كما هي العادة في مجمل الأفلام التي تحمل نفس التيمة، فالبطل الغربي ذاته يصطف مع قبائل "النافي" ويقوم بتنظيم القبائل ويجهز مصادر القوة والخطط للمواجهة، فيتحول البطل الأمريكي المقعد إلى قائد عظيم لهذه الشعوب ويتمكن من القضاء على الجيوش الغازية. إنها جزء من مركزية الغرب التي تفرض عليه أن يكون المنقذ دوما مثلما هو المعتدي والمدمر والباطش، حيث يعجز سكان الغابة عن تدبر أمر الدفاع عن أنفسهم أو أن تنجب بطلا قادرا على خوض غمار المعركة للدفاع عن سر وجودهم.

صحيح أن مشاهدة الفيلم تحقق حالة من الاندماج معه بما يقدم من مزج بين الصورة السينمائية الاعتيادية مع الصور التي ينتجها ويطورها الكمبيوتر، لكن تلك الحالة المثالية أعاقها جملة من العوامل، منها: الترجمة العربية التي كان يعيق قراءتها عن الشاشة العريضة الإحساس بواقعية الأحداث وجماليات الصورة، إضافة إلى أسماء الشخصيات أو الأماكن أو الآلهة أو الحيوانات.. إلخ التي أرهقت المشاهد وفصلته في فترات معينة عن الاندماج مع الأحداث في ظل تعقيدها وصعوبة حفظها أو حتى نطقها.

موت الإنسان

في نهاية الفيلم نرى البطل المقعد الذي تحول لقائد تولى مقاومة قبائل "النافي" يتحول من إنسانيته (الأرضية) التي جلبته لدمار هذه الغابة/ الجنة إلى "إنسان أفاتاري" مثل سكان قبيلة النافي الذين انحاز لهم، فبعد أن كان قرينا مستنسخا يصبح مخلوقا يشبهم؛ حيث تنتقل روحه من جسد الإنساني إلى جسده الأفاتاري الجديد، والذي تباركه الآلهة "إنوا" وتمنحه هويته الجديدة.

هذا التحول ذاته هو الذي يجعلنا نستشف رسالة الفيلم التي يرثي فيها موت الإنسان، وإن كان من خلال تحوله كحل أمثل ليكون واحدا من الجنود المدافعين عن كوكب "باندورا" بكل الرمزية التي يحملها ودلالاته الكامنة والمباشرة أيضا، في ظل ما يفعله الإنسان المادي/ المعتدي على كوكب الأرض الذي شاخ قبل أوانه.

قد نفهم حالة رثاء الإنسان أو موته في أن العمل يبشر أيضا بموت الممثل السينمائي هذه المرة، وهو الذي أصبح يرهق ميزانيات إنتاج الأفلام ليكون البديل في تخليق شخصيات برسومات الجرافيك تحاكي الإنسان العادي بما تؤديه من حركات ومشاعر وأحاسيس ربما تفوق ما لدى الإنسان العادي؛ حيث كان باديا على بعض المشاهدين تأثرهم بالمشاعر والأحاسيس التي قدمها الفيلم لمخلوقات الغابة، ربما لصدق اللحظة الدرامية وعمق الصورة وقوة الإحساس بمكوناتها، فالمخرج منحها إمكانيات تعبيرية لم تكن متاحة للممثل العادي.

وهو ما يجعلنا نسأل: هل تعاطف المشاهد أكثر مع سكان كوكب "باندورا" بما يرمز له من سكان كوكبنا الأرض أم أن الأمر كان عبارة عن استهلاك متعة وترفيه تضاعفا بانشغالنا كمشاهدين بمتابعة آخر كرنفالات الإبهار سينمائيا؟

إنه سؤال تختلف إجابته باختلاف المشاهدين ووعيهم بهكذا أعمال، والويل الويل لعشاق السينما لو لم يشاهدوا العمل في قاعة السينما؛ لكوننا سنخسر تجربتهم في تلقي العمل، وفرصة إجابتهم على ذلك السؤال المصيري.

ناقد فني ومحرر في النطاق الثقافي والفني في شبكة إسلام اون لاين.


قصة الفيلم فيلم:

عشر سنوات انتظار كي يتحقق حلم الفيلم

استغرق رسم كل صورة/ فريم 47 دقيقة

التكلفة: 300 مليون دولار

مدة الإنتاج: أربع سنوات

إسلام أنلاين في

04/01/2010

 

جيمس كاميرون.. صانع عصر السينما الجديد

محمود أبو بكر  

مخرج ومنتج ومصور، يوصف بالمجنون والمبدع والخيالي، وهو بالفعل يحمل هذه الصفات التي قد تثير الخوف من العمل معه، ولكن عندما تعمل معه فاعلم أنك شخص محظوظ؛ لأنك تعمل مع مخرج فريد من نوعه دخل التاريخ من أوسع أبوابه، فهو الوحيد الذي أخرج فيلمين من أشهر الأفلام في تاريخ السينما العالمية.

فقد جاء خبر تحقيق فيلم الخيال العلمي "Avatar" إيرادات تخطت حاجز مليار دولار ليضيف بذلك رقما قياسيا جديد إلى سجله التاريخي، وبهذا يحقق "جيمس كاميرون" رقما قياسيا جديدا وفريدا من نوعه، فهو بذلك المخرج الوحيد في التاريخ الذي أخرج فيلمين حققا إيرادات تجاوزت ملياري دولار، الأول كان فيلم "Titanic" الذي اعتبر الأفضل مبيعا في تاريخ السينما الأمريكية، وحصد عددا كبيرا من جوائز الأوسكار الأمريكية.

أما الفيلم الثاني فهو "Avatar" الذي استهلك من كاميرون 10 أعوام، وبلغت تكلفة إنتاجه حوالي 300 مليون دولار على الأقل، وبهذا يعتبر هو الأغلى إنتاجا في التاريخ، وتم تصويره بتقنية جديدة لم تستخدم من قبل، فهو فيلم ثلاثي الأبعاد "3D".

قصة حياة

ولد جيمس كاميرون في 16 أغسطس عام 1954 بولاية كابوسكاسينغ أونتاريو بكندا لوالد يعمل مهندسا، أما هو فدرس الفيزياء وتخصص فيها، إلا أن حبه للسينما والشاشة الفضية اختطفه من الفيزياء، فانتقل في عام 1971 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أصدر أول عمل له كمخرج مساعد ومشرف فني في فيلم للمخرج المعروف "روجر كورمان" "معركة ما بعد النجوم"، وكان هذا عام 1980، ليقدم في العام التالي مباشرة فيلمه الأول كمخرج "السمكة الضارية" الجزء الثاني.

إلا أن البداية الحقيقية لكاميرون جاءت عام 1984 عندما كتب وأخرج أشهر أفلام أرنولد شوارزينيجير، وهو فيلم The Terminator"" وقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا، وبعد ذلك بدأت نجومية كاميرون في الظهور بقوة كأحد أشهر مخرجي أفلام الحركة والخيال العلمي في هوليود، ليقدم بعدها مجموعة كبيرة من الأفلام منها: "Aliens" عام 1986 و "Titanic" عام 1997 وفيلمSpider-Man and Dark Angel""، كما أكمل كاميرون سلسلة أفلام The Terminator مع أرنولد لتصل إلى ثلاثة أجزاء.

فلسفة خاصة

تتميز أفلام كاميرون بالتقنية العالية في التصوير، فهو من أوائل المخرجين الذين استخدموا الكمبيوتر في التصوير السينمائي في هوليود، وظهر هذا وبوضوح في سلسلة "The Terminator" خاصة في الأجزاء الأخيرة من السلسلة، وتتميز أفلامه أيضا بوجود ذلك التشابك والصراع بين الإنسان ومشاعره الإنسانية من ناحية والآلة، وهو ما ظهر بوضوح في أفلام مثل "Titanic" خلق قصة الحب الفريدة التي قدمت نهاية متوازنة بين الإنسان والآلة، حيث كان الفوز من نصيب الاثنين الإنسان والآلة، ولكنه لم يكن فوزا كاملا، فالآلة لم تحطم الحب بالكامل، والحب لم يكتمل أيضا فقد خسرت الحبيبة حبيبها.

أما في فيلم "The Terminator" كان الصراع بين الإنسان والآلة أشد وضوحا، ولكن الفلسفة كانت مختلفة قليلا، فكان الصراع ثلاثيا بين طرفين، بين الآلة الشريرة من جانب والإنسان والآلة الطيبة من جانب آخر، وكانت النهاية في صالح الإنسان الذي انتصر في النهاية، وجسد لنا جيمس هذه الملحمة عبر ثلاثة أجزاء، معبرا وبكل وضوح عن هذه الفلسفة الجديدة في السينما العالمية.

وفي فيلم Spider-Man and Dark Angel"" جسد لنا جيمس صورة أخرى لفلسفته الخاصة، حيث صور لنا الصراع بين الخير والشر، أو بالتحديد بين الشر والإنسان الذي منحته الطبيعة قوة خارقة استخدمها في الخير ليقف أمام الإنسان الذي منحته الطبيعة أيضا قوة خارقة، ولكنه استخدمها في الشر.

فلسفة جيمس الخاصة تجعلك تقف أمام سؤال مهم يتمثل في: ماذا ستفعل إذا منحتك الطبيعة قوة خارقة.. هل ستختار الخير أم الشر؟

مشوار الجوائز

كان "Titanic" هو بداية مشوار كاميرون مع الجوائز، حيث حصل على الأوسكار كأفضل مخرج، وتقاسم جائزة أفضل منتج مع كونراد بوف وريتشارد هاريس، وجائزة أفضل صورة بالتقاسم مع جون لاندو.

وفي اعتراف بـ"مهنية متميزة للمخرج الكندي" منحت جامعة كارلتون في أوتاوا كاميرون درجة الدكتوراة الفخرية في الفنون الجميلة في 13 يونيو 1998.

وفي عام 1998 حصل على درجة الدكتوراة الفخرية في القانون من جامعة رايرسون وتورونتو، وتعتبر جوائز الجامعة أعلى تكريم لأولئك الذين قدموا مساهمات استثنائية في كندا أو على الصعيد الدولي.

ورغم نجاحات كاميرون العديدة إلا أنه في فيلم "أكاذيب حقيقية" 1994 والذي صوره في مدينة القدس وقدم فيه الفلسطيني في الصورة النمطية للعربي على أنه إرهابي لتفجير مدينة فلوريدا إلا أن آرنولد شوارزنيجر بطل الفيلم ينجح في إيقافهم.

الصياغة الفنية العالية التي قدمها "جيمس كاميرون" لفكرته في الفيلم جعلت تصديقه أمرا سهلا إذ تم ضخ مبلغ مالي ضخم لدعم الفيلم وظهرت فيه أحدث أنواع الأسلحة الأمريكية،ليحقق الفيلم وقتها نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة، إلا أن الفيلم وقتها منع من العرض بدور السينما في الدول العربية وأثار ضجة كبيرة فى الأوساط العالمية، لدرجة أن بعض المحللين الفنيين أكدوا أن آرنولد شوارزنيجر وضع السكين على رقبة المواطن الأمريكي، وخيره بين حبه للعرب أو كرهه لهم.

صحفي مهتم بالشأن الثقافي.

إسلام أنلاين في

06/01/2010

 

نباتات تضيء وجبال تطفو في الهواء فيأفاتار

مارك سابنفيلد - ترجمة: خالد قاسم

منتج فيلم " افاتار" مولع بقول ان المؤلف والمخرج جيمس كاميرون لم يكتب خيالا علميا، بل كتب حقيقة علمية. مثل هذا القول قد يبدو مبالغاً فيه .. إذ لا يمكن تصور أن تمتلك الجبال التي تطفو معلقة في الهواء، أو النباتات التي تضيء مثل لوحات الدعاية في ظلام الليل، أي أساس علمي في الواقع.ولكن الحقيقة هي انها تمتلك هذا الأساس.

المخرج كاميرون يرغب في أن يتحول بحصته من هوليوود الى الكون، وهو يرسم مشاهده بفرشة من الخيال. لكن خلف رؤاه البالغة الغرابة تلك تكمن نواة من الحقيقة العلمية الممكنة.

جبال هاليلويا الطافية

موضوع كيفية ان سلسلة جبال بكاملها يمكن أن تطفو سابحة في الهواء  كما تطفو الفلينات في الماء لم يتم شرحها بشكل مباشر في الفيلم، ولكن التفسير يأتيك متداخلاً مع نسيج القصة: الأمر كله متعلق بالموصلات الفائقة. فعند وجود حقل مغناطيسي يصبح بإمكان الموصلات الفائقة أن تطفو سابحة في الهواء. إذ سرعان ما يتكشف لنا بأن "باندورا"، الذي هو عالم "افاتار" الغريب، ليس سوى موصل فائق عملاق. فمن بداية القصة نعلم أن البشر جاءوا الى عالم باندورا لاستخراج " الأنوبتينيوم". وهذا الأنوبتينيوم هو الموصل الفائق التوصيل إلى الحدود المطلقة ( نلاحظ أن الإسم أنوبتينيوم بحد ذاته - ومعناه باللغة الإنكليزية يشير إلى ما لا يمكن الحصول عليه - فيه دلالة على الخيال العلمي، حيث صيغت الكلمة لكي تصف مادة ذات خصائص أسطورية).

في عالم كاميرون، يستطيع معدن الأنوبتينيوم توصيل الكهرباء بدون أية مقاومة في درجات الحرارة الإعتيادية، بينما افضل الموصلات الفائقة المعروفة حاليا لا يمكنه العمل إلا تحت درجات الحرارة المنخفضة إلى ما دون 93 درجة مئوية تحت الصفر.

تزعم قصة الفيلم ان اكتشاف الأنوبتينيوم، الذي لا يوجد إلا في باندورا، أحدث ثورة تكنولوجية على كوكب الأرض بحيث أصبح مستقبل اقتصاد الإنسان مرهوناً به. وفي باندورا، تطفو جبال كاملة مثقلة بالأنوبتينيوم في الحقل المغناطيسي الهائل لذلك العالم. وقد تمكن كاميرون وفريقه من كتابة 380 صفحة إيضاحية - أطلق عليها " باندورابيديا " -  القصد منها شرح القوى التكتونية التي يمكن أن تعمل على تكوين مثل تلك جبال. وخلاصة الأمر هي أن الجبال المذكورة إنما تسقط، ولكن إلى أعلى بدلاً من السقوط إلى أسفل. وذلك يحصل لأن عالم باندورا ليس كوكباً، بل هو قمر تابع لكوكب غازي عملاق حجمه يقارب حجم زحل ـ وهذا الكوكب الخيالي اسمه بوليفيموس. فمن المعروف عن الأقمار التابعة لكواكب غازية عملاقة أنها تبقى واقعة تحت الشد المستمر بفعل الجاذبية القوية، لذلك تبقى أشكالها تتغير. على سبيل المثال يقول العلماء أن أحد أقمار كوكب زحل، واسمه آيو، يتعرض لشد عنيف مصدره قوة جاذبية زحل نفسه، وكذلك جاذبية الأقمار الكبيرة الأخرى التابعة لزحل، بحيث أن أرضه نفسها تتعرض لموجات المد والجزر ـ أي أن أرضه ترتفع وتنخفض بالفعل كما يحدث للبحار على الأرض. وفي قمر ثان من توابع زحل، واسمه يوروبا، تؤدي قوى المد والجزر التي ذكرناها إلى تسخين باطن ذلك القمر الى حد أن جزءاً من قشرته قد انصهر، ما خلق بحرا من الماء السائل تحت سطح من الجليد.

في " باندورا " كاميرون تسفر توترات المد والجزر عن تصدع المنظر الطبيعي، وهي التي تجعل جبال هاليلويا ترتفع في السماء. وهنالك كتاب طرح متزامناً مع الفيلم فيه شرح أكثر للظاهرة.

النباتات التي تضيء

افتتان كاميرون بالبحر كان السبب وراء ظهور واحد من أنجح الأفلام في تاريخ السينما وهو فيلم "تيتانيك"، ويبدو أن هذا الإفتتان هو الذي صاغ فيلم " افاتار" أيضا. ذلك أن أعماق المحيطات تمتلك بديلاً غريباً لضوء الشمس الذي لا يصل إلى هناك مطلقا، وهذا البديل هو ما يطلق عليه مصطلح "التلألؤ البيولوجي" ـ  وهو قدرة الكائنات الحية على تكوين ضوء خاص بها.

ربما كان المثال الأقرب إلينا هو حشرة اليراعة، ولكن الأسماك المتلألئة بيولوجيا في أعماق البحر لها شأن مختلف، فهي ترينا كيف ان الطبيعة عندما ينعدم الضوء تقوم احيانا بصناعة ضوئها الخاص بها.

في باندورا، حيث يمكن ان يعادل طول الليل عدة أيام من أيامنا الأرضية يرتأي كاميرون ان يكون هناك نظام بيئي متلألئ بيولوجيا بالكامل. وهنا تظهر أهمية قرار كاميرون بأن يجعل باندورا قمراً وليس كوكبا. فالأقمار، ومنها قمرنا التابع للأرض، تكون مرتبطة بكواكبها، بحيث يبقى أحد الأوجه مقابلاً بشكل دائمي للكوكب بينما جانبه الآخر يقابل الفضاء الخارجي. ومعنى هذا ان يوما واحدا على القمر يساوي الوقت الذي يستغرقه في الدوران حول كوكبه الأم، وهو وقت طويل.

لكن هل يمكن أن تقوم حياة على سطح القمر؟ من حيث الإمكانية الجواب هو: نعم. وجعل باندورا قمراً يبدو من الناحية الفعلية إقراراً بما يعمل عليه العلم حالياً. فعلماء الفلك لا يزالون يبحثون عن كواكب شبيهة بالأرض ـ أي صغيرة وصخرية ـ ضمن ما يسمى "منطقة غولدي لوكس". لكن صعوبة العثور على مثل هذه الكواكب الصغيرة جعلت العلماء يفتشون عن كواكب غازية عملاقة مثل زحل ضمن المنطقة المأهولة حول النجوم. هذه الكواكب لا تصلح لحياة الإنسان طبعاً، ولكن أقمارها قد تصلح.

ولكن تبقى عندنا مشكلة، وهي ان الكواكب الغازية العملاقة تقذف مقادير هائلة من الاشعاع. فالاشعاع اليومي على قمر زحل آيو، مثلا، يعادل 4 آلاف ضعف من الجرعة المميتة. ومن جديد، يستخدم كاميرون العلم هنا لحل مشاكل العلم. حيث يعمل الحقل المغناطيسي القوي المتكون جراء التوصيل الفائق لعالم باندورا على حرف ذلك الاشعاع ومنعه من الوصول. الكتاب المرفق بالفيلم، والذي يحمل عنوان: " افاتار: تقرير سري حول التاريخ البيولوجي والاجتماعي لباندورا " يضيف مبيناً ان التفاعل بين الحقول المغناطيسية لباندورا والكوكب الذي ينتمي إليه يسبب زيادة هائلة في النشاط الكهربائي على كلا الجرمين، وتصاحب ذلك عواصف شفقية ضخمة مع ظواهر كهرومغناطيسية أخرى". مثل هذا الحقل المغناطيسي قد يكون هو المسؤول عن التكوينات القوسية للصخر التي تظهر في ذروة الفيلم.

معلومات أخرى عن الفيلم

  1. كل شيء في باندورا كبير الحجم ـ مثل "نافي" الذي يبلغ طوله 10 أقدام وبشرته زرقاء ـ وذلك لأن قوة الجاذبية هناك تعادل 80 بالمائة من جاذبية الأرض.
  2. وضع كاميرون كلاً من باندورا وبوليفيموس في النظام النجمي " الفا قنطورس"، وهو نظام نجمي حقيقي ويعد أقرب الأنظمة النجمية الى الارض. هذا النظام مكون من ثلاث نجمات تدور حول بعضها البعض، الكبرى منهن تفوق الشمس حجماً بنسبة 20 بالمائة، والثانية اصغر من الشمس بنسبة 15 بالمائة والثالثة قزم أحمر أصغر من الشمس بنسبة 80 بالمائة.
  3. كوكب بوليفيموس سمي على اسم العملاق الاسطوري ذي العين الواحدة في "أوديسا" هوميروس. وفي الفيلم يمكن رؤية عاصفة ضخمة مشابهة لنقطة زحل الحمراء الكبيرة.

الصباح العراقية في

08/01/2010

 

مراقبون :

تحقيق فيلم افاتار إيرادات تفوق مليار دولار هو طفرة حقيقية لتلك الصناعة

الكويت : كونا من طلال السنافي 

قال عدد من المراقبين للأفلام السينمائية ان تحقيق فيلم (افاتار) الذي يعرض بدور السينما الكويتية إيرادات تفوق 1.09 مليار دولار خلال اقل من ثلاثة أسابيع من عرضه هو طفرة حقيقية لصناعة الأفلام التي تفتقر لها دول الخليج العربي.

وأضافوا أن (افاتار) الذي يحتل حاليا المرتبة الثالثة لسلم أكثر الأفلام تحقيقا للايرادات بعد كل من (تايتانك) الذي حقق 1.84 مليار دولار و(سيد الخواتم عودة الملك) بـ 1.11 مليار

دولار تقريبا متوقع له أن يزيل كل تلك الأفلام من قائمة الصدارة وبفترة قياسية.

وقال عبدالوهاب السنافي أن الفيلم الذي تصل تكاليف إنتاجه إلى حوالي 500 مليون دولار 150 مليونا منها صرفت للتسويق استطاع ان يحوز اعجاب جميع مشاهديه نظرا الى التقنيات السينمائية الهائلة التي استخدمت لإخراج هذا الفيلم بصورته المبهرة.

وأضاف السنافي انه "على الرغم من مرور اقتصادات العالم في وقت حرج خلال الوقت الحالي فاننا نرى ان صناعة السينما أصبحت من انجح الاستثمارات المحققة للعوائد الكبيرة في العالم".

وأوضح ان تحقيق 1.09 مليار دولار في 19 يوما فقط على عرض الفيلم دون الرجوع الى أرباح وعائدات التذكارات والبضائع الخاصة بالفيلم فانه من المتوقع ان يحقق هذا الفيلم أكثر من ملياري دولار ليصبح صاحب أعلى مجموع ايرادات على الاطلاق.

من جانبه قال احمد ملا علي أن مخرج (افاتار) جيمس كاميرون الذي لا يزال يحمل الرقم القياسي لأكثر الأفلام عائدات باخراجه للفيلم الكلاسيكي (تايتانك) عام 1997 والذي صمد لأكثر من عقد كامل استطاع تقديم تحفة سينمائية قد تصمد لأكثر من عقد على قائمة انجح الأفلام السينمائية.

وأضاف ملا علي ان المخرج الذي اخرج الكثير من الأفلام الناجحة كأفلام (تيرمونيتر) بأجزائه الثلاثة و (رامبو) بجزئه الثاني قدم للجمهور فيلما سينمائيا ذا مؤثرات مذهلة وخاصة موضحا ان الكثير من النقاد رشحوا الفيلم ليكون صاحب الصدارة بأكثر الأفلام ترشيحا لجوائز الأوسكار.

وأوضح أن ترشيح الفيلم لأربع جوائز (جولدن.جلوبز) لافضل مخرج ودراما واغنية في هذا الوقت القصير هو بداية النجاح لهذا الفيلم الذي سيجعل باقي افلام العام تجاهد حتى تصل الى هذا المستوى الباهر الذي وصل اليه (افاتار).

من ناحيته قال يوسف الخضري ان صناعة الافلام السينمائية تحتاج الى الكثير من المقومات وهذا ما تقدمه هوليوود حيث توفر الولايات المتحدة الامريكية جميع المقومات الخاصة لانجاح أي عمل سينمائي.

واضاف الخضري ان انجاح أي عمل يحتاج الى كوادر خاصة واستديوهات مجهزة باحدث

واندر المعدات الخاصة بهذا المجال وحتى انهم قد يستعينون بطاقم عمل اجنبي فقط لتجهيز الممثلين والمساعدين لهم لاخراج ذلك العمل باحترافية تامة.

واوضح ان "كل تلك الامور التي ذكرت تفتقدها دولنا الخليجية في تصوير افلامها حيث شاهدنا عددا منها تصور من خلال الكاميرات الخاصة بتصوير المسلسلات وتلك الاجهزة غير المخصصة لهذا النوع من الاعمال السينمائية وهذا يدل على عدم الجاهزية والجدية في اخراج عمل متكامل من جميع النواحي الفنية".

الإقتصادية الكويتية في

07/01/2010

 
 

زوي سالدانا:

عنادي يفتح طريق أدوار البطولة أمام الزنجيات

باريس - نبيل مسعد

كلّف فيلم «أفاتار» الهوليوودي حوالي 400 مليون دولار ما يجعله أغلى فيلم كلفة في تاريخ السينما حتى الآن، وهو جلب إلى شباك التذاكر بعد مضي أسبوعان فقط على عرضه في الصالات، ما لا يقل عن بليون دولار بمعنى أنه غطى موازنته الأصلية وبدأ يحقق أرباحاً خيالية، الأمر الذي لا عجب فيه إذ أن مخرجه ليس إلا جيمس كاميرون الرجل الذي أنجز «تايتانيك» قبل 10 أعوام بكل ما يعنيه الموضوع من نجاح وإنجازات تجارية وإعجاب جماهيري فوق العادة.

ويروي «أفاتار» كيف تكتشف أميركا وجود ثروات هائلة فوق كوكب باندورا فترسل إليه في الفضاء بعثة بهدف الاستيلاء على هذه الكنوز وأن كان الأمر على حساب حياة سكان الكوكب.

وتؤدي الممثلة زوي سالدانا (31 سنة) ذات الجذور الجنوب الأميركية شخصية البطلة المنتمية إلى شعب باندورا والتي ستتحد مع أحد الغزاة الذين يرفضون إطاعة الأوامر الخاصة بإبادة أهل الكوكب، وذلك بهدف إنقاذ هؤلاء ودحر العدو الأميركي.

وكانت سالدانا قد لمعت من قبل في فيلم «ستار تريك» المستقبلي الفضائي أيضاً المأخوذ عن حلقات تلفزيونية شهيرة عالمياً، كما مثلت في فيلم «المحطة النهائية» من إخراج ستيفن سبيلبرغ حيث شاركت توم هانكس البطولة، وأيضاً في «قراصنة جزر الكاراييبي: لعنة اللؤلؤة السوداء» مع جوني ديب.

زارت سالدانا باريس للترويج لفيلم «أفاتار» فألتقتها «الحياة» وحاورتها.

·         ما هو شعورك بالانتماء إلى أغلى فيلم في تاريخ السينما؟

- أشعر بفخر كبير الآن لهذا السبب ولكن أيضاً لأن الفيلم في حد ذاته يتميز بنوعية ممتازة، الأمر الذي يكمل حكاية «أغلى فيلم» هذه. وأنا أقول «الآن» لأنني طوال فترة التصوير لم أعر موضوع الموازنة أي أهمية حتى لا أتأثر به عقلياً وبالتالي أتركه يسيطر على أسلوبي في التصرف أمام الكاميرا. لكنني كنت ألاحظ طبعاً الإمكانات الهائلة التي كانت تحيط بنا جميعاً والتي لم أشهد مثلها طوال حياتي على رغم أنني مثلت في الماضي في «ستار تريك» الذي هو عمل ضخم تدور أحداثه في الفضاء أيضاً، إلا أن المقارنة لم تكن ممكنة بين الفيلمين بما أن موازنة «ستار تريك» لم تبلغ عُشر ما خصص لفيلم «أفاتار».

الاعتماد على الخيال

·         كيف تم تنفيذ اللقطات التي تدور أحداثها فوق كوكب باندورا الخلاب؟

- أنا لم أشهد في حياتي ما هو أجمل من هذا الكوكب ومن الغابة التي تسوده فوق الشاشة، مثلي مثل جميع المشاهدين، ولكنني في الحقيقة أديت اللقطات في أستوديو واقفة أمام جدار أزرق أو أخضر حسب الظروف، ثم في أراض واسعة جرداء لا أثر فيها للخضرة. وكل ما نراه في الفيلم هو عبارة عن إضافات ركبت بواسطة التقنيات الحديثة والعجيبة التي تسمح بغرس صور الممثلين المتحركة في وسط ديكورات خيالية غير موجودة بالمرة في الحقيقة. كنت أصرخ في مواجهة لا شيء بينما يراني المتفرج أصرخ أمام وحش ضارٍ فوق الشاشة مثلاً، وهذا نموذج واحد من مئات الأمثلة المشابهة له التي يزخر بها الفيلم.

·         ألم يكن من الصعب إذاً التمثيل أمام لا شيء؟

- أجل، لقد كان الأداء في غاية الصعوبة لأنه تطلب منا نحن الممثلين الاعتماد الكلي على خيالنا نظراً الى عدم وجود أي شيء حقيقي يحيط بنا ويساعدنا في التعبير عن مشاعرنا.

·         وماذا عن مظهرك الغريب في الفيلم والخاص بانتمائك إلى كوكب باندورا، فهل هو نتيجة المكياج أم المؤثرات؟

- كنت أقضي ثلاث ساعات تقريباً في كل صباح بين أيدي إحدى أخصائيات الماكياج قبل بدء التصوير، وثم ساعة كاملة في المساء من أجل إزالة أثار كل ما كان قد وضع على وجهي وجسمي أيضاً من أعلاه إلى أسفله. ولعبت من بعد ذلك المؤثرات المرئية بواسطة أجهزة الكومبيوتر دورها في إتمام ما كان الماكياج قد بدأه خصوصاً في ما يتعلق بتغيير ملامح وجهي.

·         تمارسين حركات رياضية كثيرة طوال الفيلم وتمتطين الخيل بمهارة، فهل أنها خدع أم أنك امرأة رياضية في حياتك الفعلية؟

- أنا أمارس السباحة في الواقع منذ طفولتي، ولكن الشركة المنتجة للفيلم اشترطت علي قبل بدء التصوير التدرب على ركوب الخيل ورمي السهام والألعاب الرياضية الآسيوية، بإشراف مجموعة من المدربين من ذوي الكفاءات العالية. وأنا الآن أتمتع بجسد رياضي لا علاقة له بما كان عليه قبل مشاركتي في «أفاتار».

·         هل أصبت بأي جروح؟

- لا. ولكنني أصبت بالتواء في أكثر مرة في أثناء التدريبات وأيضاً أثناء التصوير، وعولجت بشكل سريع في كل مرة.

·     تؤدين في الفيلم شخصية امرأة قوية ومحاربة لا تتراجع أمام الأخطار، وهذا ما قمت به أيضاً في «ستار تريك» على رغم أن الممثلة نيشيل نيكولز صاحبة الدور نفسه في الحلقات التلفزيونية التي استوحي منها الفيلم السينمائي، لم تمنح شخصية «أوهوا» وهو اسمها، هذه القوة. فهل يتعلق الأمر بمكانة المرأة في زمننا الحالي بالنسبة الى الماضي؟

- لا شك في أن وضع المرأة تغير مع الزمن، وهو لا يزال يتطور في شكل سريع، وهذا الأمر تأخذه الأعمال الفنية في الاعتبار، غير أن الممثلات صرن لا يقبلن أداء أدوار شخصيات نسائية ضعيفة أو خاضعة. وبالنسبة الى دوري في «أفاتار» فهو قد كتب في السيناريو مثلما أديته تماماً إذ أنني لم أحاول إطلاقاً التحوير فيه، بل وجدته قوياً بما فيه الكفاية، ولكنني تدخلت في فيلم «ستار تريك» وطلبت من مخرجه أن يسمح لي بتطوير شخصية «أوهوا» حتى تطابق عصرنا الحالي بالمقارنة مع ما كانت عليه في أيام عز المسلسل التلفزيوني العائد في الواقع إلى سبعينات القرن العشرين. وهكذا حصلت على الموافقة بتحويلها إلى امرأة فضائية نعم، ولكن مطابقة للزمن الذي نعيش فيه نحن فوق كوكب الأرض، أي تطالب بحقوقها وترفض الخضوع للسيطرة الرجالية المحتومة.

·         هل تعرفتِ إلى صاحبة الدور الأصلية؟

- التقيت بنيشيل نيكولز قبل بدء تصوير الفيلم وسألتها عن مفهومها للدور، وهي أحاطتني بكثير من المعلومات المفيدة وشجعتني على إجراء التعديلات التي كنت قد فكرت فيها في شأن قوة شخصية البطلة، ومعاً عثرنا على المزيج الملائم بين مميزات هذه الشخصية كما كانت عليه في الحلقات الأصلية ومثلما كنت سأمثلها أنا في النسخة السينمائية الحديثة. أن لقاء نيكولز تحول في نهاية الأمر بالنسبة لي إلى تجربة مثمرة جداً.

·         هل تعتبرين نفسك قدوة إذاً للنجمات الشابات في هوليوود من حيث اشتراط تمثيل شخصيات قوية؟

- لست قدوة بالمعنى العريض ولكنني أساهم بفضل عنادي في فتح الطريق أمام إمكانية تعيين ممثلة جنوب أميركية أو زنجية في دور مبني على قوة شخصية البطلة، وعدم تصنيف هذه الفئة من الممثلات في إطار الأدوار الضعيفة التي تظهر المرأة الجنوبية خاضعة دوماً لظروف اجتماعية يفرضها عليها الرجال وتعجز هي عن تغييرها. أنها معادلة لا بد من أن تتحقق الآن وتصبح عادة في السينما الهوليوودية.

·         أنت إذاً جنوب أميركية أصيلة؟

- نعم، وأتباهى بذلك، ولكنني مولودة في نيويورك وأقيم الآن في لوس أنجليس، وقد عشت في أميركا الجنوبية طوال سبع سنوات من طفولتي بسبب نشاطات والدي المهنية هناك في تلك الفترة. وأنا في قرارة نفسي امرأة جنوبية ذات مزاج حار مثل أهل الجنوب عموماً، ولا يوجد ما سيغير ذلك أبداً.

·         كيف جئت إلى السينما؟

- أردت احتراف رقص الباليه الكلاسيكي في أول الأمر وتعلمته على أصوله قبل أن أحور في مجرى حياتي الفنية وأتجه نحو التمثيل لسبب غامض أعبر عنه بكلمة «فيروس» أصابني فجأة ودفع بي إلى ترك الرقص لمصلحة تعلم الدراما. أما السينما فهي لم تأتيني مباشرة ولكن التلفزيون هو الذي اكتشفني ومنحني مجموعة من الأدوار الجذابة في مسلسلات عاطفية ودرامية ناجحة طوال خمس سنوات قبل أن أتلقى أول عروضي السينمائية.

·     أنت مثلت عبر أفلامك بإدارة المخرج الكبير ستيفن سبيلبرغ وإلى جوار كل من جوني ديب وتوم هانكس وهما من أكبر نجوم السينما العالمية، فما ذكرياتك عن هذه التجارب الفنية؟

- أنها كلها تجارب شيقة ساهمت كل واحدة منها في فتح الطريق أمامي أكثر وأكثر وفي بناء سمعتي كممثلة جيدة، موهوبة وجادة في عملي. أنا أتعلم الكثير من خلال احتكاكي المهني بفنانين كبار، خصوصاً لأنني أتميز بقوة ملاحظة قوية كي لا تبدو واضحة في نظر من يشاهدني جالسة بهدوء في الاستديو بين تصوير لقطتين.

·         هل شعرت بنوع من الخوف أمامهم؟

- لا أبداً، لأنني إذا وجدت نفسي في مواجهتهم فبسبب قدراتي الفنية فقط، ثم لأنهم عامة يفعلون كل ما بوسعهم من أجل مساعدة الممثلة التي تشاركهم البطولة، خصوصاً إذا لم تكن هذه نجمة كبيرة لم تبلغ بعد مستواهم من حيث الشهرة.

·         كثيراً ما يقارنونك بالنجمة الزنجية ثاندي نيويتون، فهل يضايقك الأمر؟

- فقط عندما تراني أمي في فيلم في التلفزيون وتتصل بي هاتفياً لتقول لي: «رأيت ثاندي نيويتون في فيلم جديد وهي تشبهك كثيراً».

الحياة اللندنية في

08/01/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)