كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«الدبّ الذهبي» لـ«عسل» التركي أوغلو.. و«فضي» تضامني مع بولانسكي

الجوائــز تكريــم لمجابهــة القســوة

نديم جرجورة/ برلين

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة الستون

   
 
 
 
 

انتهت الدورة الستون لمهرجان برلين السينمائي (برليناله) مساء أمس الأول السبت. أقيم احتفال لائقٌ بمهرجان دولي. أُعلنت النتائج النهائية الخاصّة بالمسابقة الرسمية. عُرض الفيلم الياباني «بخصوص شقيقها» ليوجي يمادا. فرح البعض. انزعج البعض الآخر. الجوائز الممنوحة من قبل مهرجانات عريقة ذات مكانة أساسية في المشهد السينمائي، مهمّة بالنسبة إلى العاملين في صناعة الصورة البصرية. أما المعنيون بالهمّ الإبداعي، فمتعتهم الأولى كامنة في المُشاهدة. في الانفعال والتأثّر والتواصل مع روائع حقيقية. الأيام التسعة التي وسمت الاحتفاء بالعيد الستين لتأسيس الـ«برليناله» حفلت بعناوين لافتة للانتباه، لاشتغال حِرَفي آسر في جعل الصورة المتحرّكة على الشاشة الكبيرة مرآة شفّافة لواقع إنساني، أو لشعور ذاتي، أو لموقف ثقافي. بدا أن المنافسة حادّة، وأن اختيار أفلام من دون غيرها للفوز بهذه الجائزة أو تلك، صعبٌ. النتيجة النهائية كشفت أن جوائز عدّة مُنحت للحساسية الإنسانية البديعة التي شكّلت أحد المحاور الجوهرية لهذا الفيلم أو ذاك؛ أو لإعلان موقف سياسي/ أخلاقي ما. المعنيون بالهمّ السينمائي مكترثون بالأفلام نفسها.

جرائم حرب

غير أن حفلة الختام هذه لم تمرّ من دون إعلان موقف. لجنة التحكيم الخاصّة بالمسابقة الرسمية، التي ترأسها الألماني فارنر هرتزوغ، منحت المخرج رومان بولانسكي جائزة «الدب الفضي» لأفضل مخرج، عن «الكاتب الشبح». المخرج البولندي الفرنسي لا يزال محتجزاً في إقامة جبرية في المنتجع السويسري غشتاد. السلطات السويسرية «نفّذت» أمراً دولياً باعتقاله، بسبب ملاحقته من قبل القضاء الأميركي، على خلفية حادثة الاغتصاب الشهيرة، التي جرت قبل أكثر من ثلاثين عاماً. الجائزة انعكاس لتضامن سينمائي معه. هذا ما ذكرته المجلة السينمائية الأميركية «هوليوود ريبورتر». وهذا ما توقّفت عنده الصحيفة الألمانية «داي فيلت». التضامن أثّر في نفس بولانسكي، الذي نُقل عنه قوله إنه مرتاح ومنشرح لفوزه بالجائزة، وإنه لم يكن سيأتي إلى المهرجان، «لأنه، في المرّة الأخيرة التي لبّى فيها دعوة إلى حضور مهرجان، تمّ اعتقاله»، كما نقل عنه المنتج الفرنسي آلان سارد، في تلميح إلى اعتقاله في سويسرا عند وصوله إليها تلبية لدعوة مهرجان سينمائي أراد تكريمه. موقف سياسي ثقافي؛ أم تعبير عن تضامن؟ لا بأس. «الكاتب الشبح» ليس أفضل أفلام بولانسكي، لكنه فيلم سياسي متوغّل في التورّط البريطاني في الحرب الأميركية على العراق، ومنتقد بقسوة التحالف الأمني/ الاستخباراتي بين بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وكاشف ارتكابات قذرة، أسماها الفيلم «جرائم حرب».

بعيداً عن هذا كلّه، يُمكن القول إن الأفلام الفائزة ارتكزت على قدر واف من المعطيات الدرامية والجمالية والفنية، المتمكّنة من إثارة الانفعال وسط أسئلة حياتية متفرّقة. الجائزة الأولى (الدبّ الذهبي) ذهبت إلى الفيلم التركي «عسل» لسميح قبلان أوغلو، المليء بكَمّ هائل من المشاعر واللحظات الطافحة بجمالها الإنساني المفتوح على العلاقات المعلّقة وسط طبيعة خلاّبة. علاقة ابن بأبيه العامل في صناعة العسل. الابن مُصاب بالعزلة. مرتبك في يومياته. متشوّق للبقاء إلى جانب أبيه. لكن القدر لعين. الفيلم شفّاف وحادّ. جمال الطبيعة لا يقلّ حدّة عن قسوتها. القسوة عنوان أساسي للفيلم الروماني «إذا أردتُ أن أصفّر، فسأصفّر» لفلوران ساربان، الفائز بـ«الدب الفضي»، أي بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم. المراهق المسجون منذ أربعة أعوام في الإصلاحية، يستعدّ للعودة إلى منزله. في الأيام الأخيرة، انقلاب الأحداث يدفعه إلى التعبير عن غضبه الدفين بارتكاب المُخَالف لسيرته الهادئة. لم يشأ الانزلاق في المتاهة، لكن المتاهة مفتوحة أمام أمثاله من المعلّقين وسط الانهيارات الجمّة. الجائزة الثانية الممنوحة له حملت اسم مؤسّس المهرجان ألفرد باور. إنها تخليدٌ لذكراه، تُمنح لعمل «ذي ابتكار مميّز». الفيلم مميّز: أداوت التعبير بسيطة. الميزانية متواضعة. الشكل عادي. المضمون عميق. الأداء باهر. المناخ الإنساني حاد. تفاصيل بدت أساسية في قراءة اللحظة المنبثقة من أزمة العيش الدائم على الحافة.

تيراجيما

إلى ذلك، نالت الممثلة اليابانية الشابّة شينوبو تيراجيما (37 عاماً) جائزة الدبّ الفضي في فئة أفضل ممثلة، عن دورها في «كاتربيلار» لكوجي واكاماتسو، الذي استلمها نيابة عنها، لغيابها عن برلين. هنا أيضاً، أرخت القسوة ظلّها على المناخ الدرامي. الحرب وأزماتها. المقاتل عائدٌ إلى امرأته من دون يدين وقدمين. العلاقة تنفتح على جرح المشاعر المأزومة والمصائر المدمِّرة. الحب والعزلة والتقوقع، ثم الانتحار. أجمع نقّاد عديدون على براعة تيراجيما في تأدية دور امرأة منساقة إلى مشاعرها وحاجاتها الانفعالية، ومصطدمة بخبث القدر. لم تكن وحدها أفضل ممثلة. المنافسة حامية. ممثلات أخريات قدّمن أداءً باهراً إزاء موت حبيب أو قريب، أو إزاء صدمة الانقلابات الحياتية، أو إزاء انفلاش الأزمنة على جنون التحوّلات. لكن لجنة التحكيم (التي ضمّت، إلى رئيسها فارنر هيرتزوغ، المخرجة الإيطالية فرانشيسكا كومنتشيني والممثلة الصينية يو نان والمنتج والموزّع الإسباني خوسي ماريا موراليس والممثلة الألمانية كورنيلا فروبوس والممثلة الأميركية رينيه زيلويغر والروائي الصومالي نور الدين فرح) اختارت تيراجيما. تماماً كما اختارت الثنائي غريغوري دوبريجان (23 عاماً) وسيرغي بوسكيباليس (43 عاماً) كأفضل ممثلين، ومنحتهما جائزة «الدب الفضي» في هذه الفئة عن دوريهما في الفيلم الروسي «كيف أنهيت هذا الصيف» لألكسي بوبوغريبسكي. الفيلم مستوحى من يوميات ن. ف. بينيغان المكتوبة في العام 1912، عندما رافق المستكشف القطبي الروسي جيورجي جي. سيدوف. قطب متجمّد ورجلان مقيمان وسط بياض الثلج وغربة الذات والعلاقات الملتبسة. تحدّيات جمّة، واليوم الواحد (زمن الحكاية) أقسى من اختبارات طويلة الأمدّ. الحقل شاسع لتمرين الذات على معاينة الوجع، والخروج منه أو على معاندة الحصار، والتملّص منه. الفيلم نفسه فاز بجــائزة «الدب الفضي» في فئة أفضل تصوير نالــها بافــل كوستوماروف.

أما جائزة «الدب الفضي» في فئة أفضل سيناريو، فكانت من نصيب الفيلم الصيني «منفصلون معاً» لوانغ كانان، كاتب السيناريو أيضاً إلى جانب نا جين. عُرض الفيلم في افتتاح الدورة الستين هذه. غاص في العلاقات المعلّقة بين الناس، على خلفية حرب قديمة وانفصال ومنع. قرار لمّ الشمل أتاح فرصة لقاء. لكنه لقاء مشبع بالعصبية والتوتر، ومفتوح على ذكرى جميلة، ودعوة إلى تجاوز الألم. الحبّ حاضر على الرغم من الحواجز والسنين. لكن القدر، هنا أيضاً، قاس. كأن الجوائز تكريمٌ لمن عاند القسوة، بتصويرها وتشريحها والتوغّل في تعقيداتها.

السفير اللبنانية في

22/02/2010

####

"شهادة"يعكس التمزق الداخلي لأبناء المهاجرين في ألمانيا

الكاتبة: هبة الله إسماعيل – برلين

مراجعة: سمر كرم  

استطاع المخرج الشاب برهان قرباني أن يصبح أصغر مخرج ينافس على الدب الذهبي في الدورة الستين لمهرجان برلين السينمائي، من خلال فيلمه "شهادة" الذي يعكس الصراعات الداخلية لدى الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين في ألمانيا.

يعتبر المخرج الألماني الجنسية الأفغاني الأصول برهان قرباني أصغر مخرج يعرض له فيلم يتنافس على الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي. فيلم "شهادة" لقرباني، الذي تخرج من أكاديمية السينما في ولاية بادن فورتمبرج، يتطرق إلى النزاعات النفسية التي تدور بداخل أولاد المهاجرين المسلمين في ألمانيا.

قرباني أكد في تصريح أمام الصحفيين  أن "شهادة" كان أول تجربة له لإخراج فيلم روائي طويل، إذ أنه كان فيلم تخرجه، لكنه قرر أن يحاول المشاركة به أيضا في مهرجان هذا العام، ونجح في ذلك. المخرج الشاب، الذي يمثل هو أيضاً الجيل الثاني من المهاجرين، يعرض في فيلمه قصص ثلاثة شباب من أصول مهاجرة في ألمانيا وهم إسماعيل، شرطي من أصل تركي وسمير، الشاب النيجيري الذي يعيش مع أمه و أخيرا مريم،  ابنة إمام أحد المساجد التركية.

قصص مختلفة وصراع داخلي متشابه

"لكل شخصية من أبطال الفيلم الثلاثة قصة مختلفة، إلا أن قرباني جعل  من المسجد الذي يخطب فيه والد مريم  ملتقى هذه الشخصيات. فمريم التركية الشابة تعيش حياة غربية تنعم فيها بحرية مطلقة وذلك لاتساع أفق والدها، إمام المسجد، والذي تعيش معه بعد وفاة والدتها. إلا أن مريم تمر بتجربة قاسية،  حيث تقرر إجهاض جنين نتج عن علاقة بينها وبين شاب تركي آخر. ولا تنجح مريم في التغلب على هذه التجربة وتمر بحالة نفسية قاسية وتبدأ في البحث عن الخلاص من خلال التشدد الديني،  الذي لا يعجب حتى والدها، رجل الدين.

أما سمير، الذي يعمل مع والدته في أحد المصانع، فيرتبط بصداقة حميمة مع أحد زملائه الألمان في العمل. وتصل هذه الصداقة إلى مرحلة، تجعل سمير يكتشف أن لديه ميولاً تجاه نفس أبناء جنسه، ليبدأ صراعا نفسيا عنيفا ما بين تعاليم الإسلام التي لا تبيح مثل هذه العلاقات والتي يحترمها، خاصة وأنه متعلق بأمه المتدينة تعلقا شديدا، وبين مشاعره وحبه لصديقه الألماني.

أما إسماعيل فهو شرطي من أصل تركي متزوج من ألمانية ولديه منها طفل، إلا أنه -ومنذ عدة سنوات- كان يطارد إحدى اللاجئات السريات من البوسنة  ليصيبها برصاصة تودي بحياة جنينها. إسماعيل لا ينجح في التغلب على عقدة الذنب التي ترافقه طوال الوقت. و تبدأ هذه الشخصيات الثلاثة في البحث عن مخرج من هذه التجارب النفسية العنيفة عبر البحث عن الذات والأصول والدين، لتحاول كل شخصية معالجة هذه الآلام. 

محاولة لكسر الكليشيهات المنتشرة عن الإسلام  

الفيلم، الذي تدور أحداثه في العاصمة برلين، نال إعجاب النقاد الذين شاهدوه، والذين اعتبروه فيلما يعرض رؤية معاصرة لمشاكل أبناء الجيل الثاني من المهاجرين. كما أن برهان قرباني نجح في إظهار التنوع  الفكري بين المسلمين ليكسر الكليشيهات، التي ترتبط في العقول الغربية بالمسلمين. وربما تكون فكرة الاستعانة بممثل داكن البشرة من إحدى العناصر التي استعان بها قرباني لإظهار هذا التنوع بين المسلمين ليكسر على سيبل المثال كليشيه أن كل مسلم، له ملاح عربية. وربما نبعت هذه الفكرة من تجربة قرباني الشخصية، فملامحه تبدو للوهلة الأولى صينية وكما يذكر قرباني في إحدى أحاديثه أمام الصحفيين أنه كان يجب عليه أن يوضح دائما أنه من أصول أفغانية.

برهان قرباني  من مواليد عام 1980 وجاء والداه من أفغانستان إلى ألمانيا نهاية عام 1979 هروبا من الاتحاد السوفيتي آنذاك في البلاد. وعاش قرباني في عدد من المدن الألمانية نظرا لعمل والده في القواعد العسكرية للجيش الأمريكي في ألمانيا.  و في عام 2000  بدأ قرباني في العمل في مسارح مدينة شتوتجارت  قبل أن يبدأ دراسة السينما عام 2002 في أكاديمية السينما في بادن فورتمبرج. وقام قرباني بإخراج العديد من الأفلام القصيرة. أما فيلم "شهادة" فهو أول فيلم روائي يقوم بإخراجه  وهو يعيش حاليا في حي نويكولن في برلين والذي يتسم بالتنوع الثقافي  الشديد، حيث  تسكنه نسبة عالية من المهاجرين والأجانب من شتى الأصول والجنسيات.

مؤسسة دويشه فيله في

22/02/2010

 
 

مهرجان برلين يفتح الباب أمام المواهب السينمائية الشابة

الكاتبة: سمر كرم

مراجعة: حسن زنيند

يدعو مهرجان برلين السينمائي سنوياً عدداً من المواهب السينمائية الشابة إلى فعالية خاصة تدعى ملتقى المواهب، يتيح لهم خلالها فرصة تبادل الخبرات وتقييم مشروعاتهم المستقبلية. موقعنا التقى بعدد من المواهب العربية المشاركة.

منذ ثمانية أعوام، بدأ مهرجان برلين السينمائي الدولي في تنظيم فعالية تحمل عنوان "ملتقى المواهب" أو "جامعة المواهب" „Talent Campus"، يجتمع فيها السينمائيون الشباب من كل أنحاء العالم، لمناقشة أعمالهم مشاريعهم المستقبلية، ولاكتساب خبرات جديدة من خلال أوراش العمل مختلفة، وكذلك المحاضرات التي يستمعون فيها لكبار السينمائيين في العالم.

وفي دورة هذا العام، وعلى مدى ستة أيام، التقى 350 شاب وشابة من المواهب السينمائية الصاعدة، والذين قدموا من حوالي مائة دولة، إلى مدينة برلين على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي، في إطار "ملتقى المواهب".

"وضوح الرؤية" شرط أساسي لقبول المتقدمين

ويتقدم سنوياً لحضور هذه الفعالية آلاف الشباب من كل أنحاء العالم، ويقع الاختيار بناء على نماذج الأعمال المقدمة، وأيضاً بناء على ما يتوقع القائمون على المشروع أن يصل إليه الشباب من خطوات عملية خلال الأيام الست التي يقضونها في برلين كما يؤكد مدير "ملتقى المواهب"، ماتييس فاوتر كنول، في حديث لدويتشه فيله "نحن ندعو أشخاص يعرفون بدقة ما يريدون وما يبحثون عنه، ليتمكنوا خلال فترة الملتقى القصيرة، وهي ستة أيام، أن يتقدموا خطوة إلى الأمام".

وبالفعل،  ليست الدراسة هي شرط التقدم ولكن الموهبة وأفكار الأفلام التي يتقدم بها الشباب، كما يؤكد فادي حنداش، الكاتب والمخرج الفلسطيني اللبناني المقيم في الإمارات، فرغم كونه درس الهندسة المعمارية، لكن حبه للسينما دفعه لترك هذا المجال والتوجه إلى صناعة الأفلام. وقد تقدم فادي للملتقى بفكرة فيلمه الوثائقي الجديد.

ويوافقه الرأي أحمد مجدي، البالغ من العمر 24 عاماً، والذي تخرج من كلية الحقوق، ودرس الفن السابع في مدرسة مستقلة للسينما في مصر، وبدأ في الكتابة والإخراج والتمثيل في عدد من الأفلام القصيرة في إطار دراسته، تقدم بها لعدد من المهرجانات العالمية، من بينها مهرجان الأفلام العربية في روتردام، وفاز فيلمه "كيكة بالكريمة" خلاله بجائزة الفضي، وهذا الفيلم هو أيضاً الذي جاء بأحمد إلى برلين.

 أحمد الذي سمع بفكرة المنتدى منذ نحو ثلاث سنوات، لم يكن يتوقع أن يُقبل ويقول في هذا الإطار "كنت أعتقد أن تجربتي صغيرة وأنني لست مستعداً لمثل هذا الملتقى الدولي، لكن أستاذي في مدرسة السينما شجعني للتقديم، وقد تقدمنا جميعاً في المدرسة، وعددنا عشرة طلبة، لكني الوحيد الذي قبلت هذا العام، رغم أن فيلمي ذا الإمكانيات الضعيفة لم يكن ذي جودة عالية من الناحية التقنية، فتكلفة الفيلم كانت ألف جنيهاً فقط، والصورة لم تكن بالجودة الكافية وكذلك الصوت، لكني أعتقد أن الفكرة هي التي جذبت القائمين على المنتدى لدعوتي للمنتدى".

التلاقي الفني يتعدى الحدود الجغرافية والسياسية

تتنوع فعاليات المنتدى بين أوراش العمل التخصصية في مجالات الإخراج والتصوير والإضاءة والفعاليات التسويقية أو المحاضرات، ففادي حنداش مثلاً تقدم للمنتدى ليشارك في برنامج خاص بدعم الأفلام الوثائقية وتطوير أفكارها على مدى أيام المنتدى الستة، بالتعاون مع بعض الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال من كل أنحاء العالم. وقد استفاد حنداش كثيراً من خبرة هؤلاء المستشارين الذين يعملون في مجال الأفلام الوثائقية في قنوات أوروبية مشهورة مثل القناة الألمانية الثانية تسد.دي.اف ZDF وقناة  ARTE الفرنسية الألمانية. هؤلاء الخبراء ساعدوا الشباب المشاركين في تطوير أفكارهم لتحويلها إلى أفلام وثائقية يمكن تسويقها، كما تحمسوا أيضاً لفكرة فيلم حنداش، مما يجعله من الممكن أن يشاركوا في إنتاج هذا الفيلم.

كذلك شاءت الصدفة أن يتقابل فادي، الذي يطور فكرة فيلم عن باكستان أثناء تناوله وجبة العشاء ببعض السينمائيين الباكستانيين، ما قد يفتح الفرصة له للتعاون معهم لإنتاج فيلمه. ويعتبر حنداش أن فرصة التقابل مع كل هذا الكم من الفنانين المنفتحين على الثقافات الأخرى والراغبين في التعاون في مشاريع مستقبلية أهم ما حدث لهم خلال المنتدى. ويوافقه الرأي الألماني فولفرام هوكه، الطالب في معهد السينما والتلفزيون في ميونخ، الذي تمكن من التعرف على منتجة إفريقية من كينيا، واتفق الاثنان خلال المنتدى على تنفيذ فيلم وثائقي مشترك في كينيا. كذلك يعتبر السينمائي اللبناني الشاب مارك خليفة، الذي عمل في مجال الإنتاج والإضاءة أن فرصة التعرف على كل هؤلاء السينمائيين الموهوبين هو أهم ما استفاد منه خلال أيام المنتدى الست.

فرصة فريدة للتعرف على كبار الفنانين السينمائيين

أحمد مجدي يعتبر أيضاً أن كم العلاقات الفنية والإنسانية التي حققها هي أهم ما حدث له خلال هذه الفترة، ويضيف في هذا السياق: "لقد عرفت أن العالم صغير وأن الفنانين في كل مكان في العالم قادرين على التفاهم فما بينهم. كما أنني فوجئت من روح الدعابة المشتركة بيننا، فلم أظن أبداً أنني سأتمكن من إلقاء النكات والضحك مع غير المصريين، لكنني اكتسبت الكثير من الصداقات هنا".

لكن السينمائي المصري الشاب يؤكد أيضاً أنه تعلم الكثير على المستوى العملي، وبالإضافة إلى مراجعة مشروع السيناريو الذي جاء به لمناقشته هنا مع الخبراء والمنتجين، فقد شارك أحمد أيضاً في ورشة عمل خاصة بمرحلة ما بعد التصوير، وتعلم فيها الكثير من كبار المصورين الذين عملوا في أفلام عالمية مثل فيلم "متشرد مليونير" أو slumdog millionaire ومصور فيلم أنيكريست، الذي يصفه مجدي قائلاً "لقد جلست مع مصور عظيم، وأبهرني تواضعه وبساطته ورده على كل أسئلتنا، الساذجة والبدائية أحياناً كثيرة، وتعلمنا منه الكثير عن إمكانيات الكاميرات الرقمية الجديدة، التي نعرفها وعملنا عليها، لكننا لا ندرك إمكانياتها". تعلم أحمد الكثير عن التصوير والمونتاج وتصحيح الألوان، وهو سعيد بهذه الخبرة التي سينقلها لزملائه في مصر.

مؤسسة دويشه فيله في

22/02/2010

####

"ابن بابل" يفوز بجائزتين فى مهرجان برلين 2010

كتبت هنا موسى 

حصد فيلم "ابن بابل" جائزتين فى مهرجان برلين السينمائى، حيث حصل على جائزة منظمة العفو الدولية، مناصفة بينه وبين فيلم "نفايات الأرض" للمخرج لوسى ووكر "المملكة المتحدة البرازيل"، وهذه الجائزة تأسست من أجل تحفيز وإثارة قضية حقوق الإنسان مع جمهور وصناع السينما، وتهدف إلى تشجيع السينمائيين فى تناول تلك القضايا الإنسانية. كما فاز بجائزة السلام الخامسة والعشرين، والتى مُنحت للمخرج محمد الدراجى فى حفل كبير أقيم فى أكاديمية الفنون فى برلين. وقدم له الجائزة الكاتب الألمانى الكبير كارولين إيميك.

"ابن بابل" تدور أحداثه فى شمال العراق، عام 2003، بعد مرور ثلاثة أسابيع على سقوط صدام حسين، حول قصة أحمد الولد الكردى الذى يبلغ من العمر 12 عاما- ويعيش مع جدته، التى تسمع أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء فى الجنوب، فتقرر أن تعرف مصير ابنها المفقود، والد أحمد، الذى لم يُعد إلى منزله قط منذ حرب الخليج عام 1991.

وطول الرحلة من جبال الشمال إلى أراضى بابل، كانا يستوقفا العربات ليركبوا مجانًا متطفلين على الأغراب، والتقوا بالكثير من الرحالة مثلهم، يقومون برحلات مشابهة. فأخذ أحمد يتبع خطى منسية لأبٍ لم يعرفه قط محاولاً فهم ما تبحث عنه جدته، وأثناء الرحلة، ينمو الولد وينضج.

وقد جاءت الجوائز لتدعم إطلاق "حملة مفقودى العراق" التى يدعمها رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى، ومعالى وزير حقوق الإنسان العراقى وجدان سالم ميخائيل، وتدعمها نشوة الروينى، الرئيس التنفيذى لشركة بيراميديا بالمشاركة مع شركة "هيومان فيلم" وشركة "عراق الرافدين" وهى حملة ذات الصلة بموضوع الفيلم.

وأشارت وزارة حقوق الإنسان العراقية إلى أن هناك أكثر من 1.5 مليون شخص فى عداد المفقودين على مدى السنوات الـ40 الماضية، ومئات الآلاف من الجثث التى انتشلت من 300 مقبرة جماعية حتى الآن. وتزداد الأعداد مع اكتشاف المزيد من المقابر الجماعية، ويتغلب ذلك على الموارد المحدودة المتاحة لمنظمات الإغاثة فى العراق. وتسعى حملة "مفقودى العراق" و"ابن بابل" لإيصال حجم الإبادة الجماعية، وسوف يبدأ الضغط من أجل توجيه الموارد فى العراق وخارجه من المنظمات المهتمة بمثل هذه القضايا، لتمويل التكنولوجيا اللازمة للتعرف على الجثث بطريقة أكثر كفاءة.

وأعقب العرض الأوروبى لـ'ابن بابل' فى برلين الأسبوع الماضى خطاب مسجل من قبل رئيس الوزراء العراقى دعماً للفيلم كما سلط الضوء على تأثير هذا الفيلم والحملة على الشعب العراقى، وحضر وزير حقوق الإنسان العراقى العرض الأول للمشاركة فى المناقشات التى أعقبت العرض كما حضر سعادة علاء الهاشمى، السفير العراقى فى ألمانيا والوفد المرافق له.

وقالت نشوة الروينى هذا الفيلم فى غاية الأهمية بالنسبة للشعب العراقى ونتمنى أن نستطيع من خلاله إظهار القضايا عميقة الجذور التى لا تزال قائمة فى العراق للعالم، وسنواصل القيام بأكبر قدر ممكن فى العمل من أجل الحصول على وسائل للعثور على هذه الأجساد التى فُقدت فى مقابر جماعية، فالفيلم يعد رسالة واضحة للظلم الذى تعرض له الشعب العراقى، وقد جاءت مشاركة شركة بيراميديا فى الإنتاج من منظور إيماننا الكامل بالرسالة التى يتبناها الفيلم.

اليوم السابع المصرية في

24/02/2010

 
 

مهرجان برلين السينمائي : دببة برلين تتجه شرقا

حسونة المنصوري

ببرلين يتعلق الأمر دوما بالدببة. الجميع يعلم أن هذاالحيوان هو الرمز الرسمي للمهرجان ولكنه هذاالعام اتخذ أهمية اضافية.فرئيس لجنة التحكيم للدورة الستين الألماني فارنر هارتزوغ من عشاقه وكان قد خصه بفلم رائع. أضف الى ذلك أن الدب يلعب دورا في اثنين من أهم الأفلام المتوجة. هذا هو الانطباع الأول الذي تركته الدورة الستون لمهرجا برلين السينمائي الدولي الذي انعقد في الفترة من 10 الى 21 فبراير الماضي. أما الانطباع الثاني فيتعلق بالتوزيع الجغرافي للجوائز حيث تكاد تكون كل الأفلام الفائزة لسنة 2010 من أوروبا الشرقية : روسيا ورومانيا وبولندا اضافة الى تركيا.  يبدو اذن أن مواطن التجديد في السينما قادمة من الشرق ولنقل حتى من الشرق الأقصى. فاليابان كرمت مرتين في حفل الاختتام والسينما الصينية تؤكد مرة أخرى أنها قيمة ثابتة لكل المحافل السينمائية الكبرى في حين تبقى المشاركة العربية هامشية نسبيا.

ساد حفل توزيع الجوائز لمهرجان برلين السينمائي الستين اضافة الى طيف الدب الألماني آخران من روسيا وتركيا. كيف انهيت ذلك الصيف للروسي أليكساي بوبوغريبسكي وعسل للمخرج التركي سميح كابلنوغلو وهما من أهم الأفلام المتوجة يرويان قصصا يلعب فيها الدب دورا مهما. فالأول يتناول لقاء الانسان بالحيوان في عالم الطبيعة القاسية وما يمكن أن يترتب عن ذلك من تجربة صراع بين مشاعر العداوة والصداقة الممكنة. وقد حصل هذا الفلم على جائزتين : الأولى لأفضل مدير تصوير لبافيل كوستوماروف والأخرى لأفضل دوررجالي تسلمها مناصفة كل من الممثلين الرئيسيين في الفلم وهما غريغوري دوبريجين و سيرغاي بوسكيباليس.

أما الفلم التركي وهو آخرقسم لثلاثية بدأت بفلم عنوانه البيض ثم تلاه آخرعنوانه الحليب فقد حصل على جائزة الدب الذهبي مع هذه الحكاية عن العسل حيث يعود الفلم بيوسوف الى فترة الطفولة مع والده بعد أن كنا عرفناه يتيم الأب وقد فقد امه وهو كهل ثم عهدناه شابا يشق طريقه برفقة والدته ببيع الحليب وتعلم الشعر. في هذ الفلم الثالث لسميح كابلنوغلو يبدو يوسوف ووالده في غابات ذات جمال خلاب يشترك الانسان والحيوان فيها بالمتعة والراحةالنفسية. وسط جمال الطبيعة هذا يلقى الطفل يوسوف دروسه الأولى في الحياة والتي ستجعل منه شاعرا في ما بعد.

والجدير بالذكر هناهو تلك النادرة التي رواها المخرج التركي عنوالدته التي قالت متمنية له التوفيق قبل مجيئه الى برلين : ان الدببة تعشق العسل. ولم تكن المرأة تعلم أنها تتنبؤ للمخرج بالفوز بأجمل دب. يبدو أن المتتبع لتلك الأمسية لن ينسى هذه النكتة أبدا. يبدو اذا أن القاعدة أكيدة أينما وجد العسل أتت الدبة. ويبدو أن رياح الشرق هبت على برلين هذه السنة فالتفتت كل دببتها الى الشرق.

مخرجان آخران من أوروبا الشرقية قد جلبا الأنظارهذا العام. فقد كانت جائزة لجنة التحكيم الخاصة من نصيب الروماني فلورين سربان عن فيلمه لو أردت التصفير لصفرت كماحاز نفس المخرج  على جائزة ألفريد باور التي تكافئ الفلم الذي يحمل توجها جديدا من شأنه أن يثري الثقافة السينمائية. من وجهة النظر هذه فإن الفلم يؤكد أن لاسر في نجاح الجيل الجديد للسينما الرومانية التي فرضت نفسها منذ سنوات على الساحة الدولية. أما رومان بولانسكي ، المخرج البولندي ، فقد كان أبرز المشاركين بغيابه عن فعليات المهرجان لاسيما وقد فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه الكاتب الشبح. ورغم أنه في المسابقة الرسمية فانه لم يحضر لانه قيد الاقامة الجبرية في سويسرا. عند تلقيه الجائزة نيابة عنه، قال منتج الفيلم أن رومان أخبره أنه حتى لو كان مسموح له بالسفر فانه ما كن ليحضر الى برلين لأن آخر مرة ذهب فيها لحضور مهرجان ألقي القبض عليه وسجن. ولعل في هذا التتويج والاعتراف بقيمة الفنان انتقام لمهرجانات السينما من الاستخبارات التى وضعت فخا للايقاع بالمخرج عندما كان متوجها الى مهرجان في مدينة زوريخ السويسرية في تشرين الثاني الماضي.

والى الشرق الأقصى راحت أيضا جوائز أخرى, ولشرق آسيا نصيبه من التكريمات وهي ثلاث. فجائزة أفضل دور نسائي كانت من نصيب الممثلة اليابانية شينوبو ايراجيما عن دورها في فلم كاتربيلارللمخرج كوجي كاماتسو. أما جائزة أحسن سيناريو فهي صينية حيث اختارت كلا من واغ جين وكوانغ كوانان عن فلم هذا الأخير الفراق معا. وفي اطار جوائز التكريمات حصل يوجي يامادا عميد المخرجين اليابانيين على الدب الذهبي عن مجمل أعماله. هكذا تؤكد مرة أخرى سنماءات آسيا الشرقية المكانة المرموقة التي احتلها على الساحة العالمية وتبقى عينا لاتنظب للتجارب السنمائية الجيدة والمتجددة.

تهب ريح الشرق أيضل من الجانب العربي.فقد كان نصيب الفلمين العربيين بعض الجوائز الموازية للمهرجان. ففي قسم فوروم (منتدى) حصل الشريط الوثائقي للسويسري نيكولا فاديموف ما زلنا عايشين في غزة, وهو من انتاج قطري, على جائزة للمنظمة المسيحية الأكومينية. أما المخرج العراقي الشاب محمد الدراجي فقد نال جائزة فلم السلام وجائزة منظمة العفو الدولية عن فلم بن بابل وهو أول عمل روائي له يشارك في قسم باوراما. هكذا يكون الفلمان قد تركا أثرا لمرورهما بمهرجان برلين السينمائي الستين. فقد جلبا حتما أنظار قسم كبير من الجمهور ولكنهما لقيا اهتماما أقل من قبل المهنيين والنقاد. فلعمري ان الجوائزالمحرزة  تعكس بوضوح الهامش الذي لا يستطيع كثير من المخرجين العرب تجاوزه. فقد تجد بعض الأفلام الاحترام كأعمال تتناول قيما إنسانية كالسلام وحقوق الإنسان ، ولكن الأصعب هو أن تكون محط اهتمام وموضوع مقاربة تعتمد مقاييس فنية وجمالية بحتة.

الجزيرة الوثائقية في

24/02/2010

####

ستون عاما لمهرجان برلين.. احتفاء بأعمال خالدة

 حسونة المنصوري - برلين 

هذا العام يلتحق مهرجان برلين الدولي بالمهرجانات الأقدم في العالم. بعدما تربع مهرجان البندقية على عرش العراقة والقدم. حيث يحتفل المهرجان الألماني بمرور 60 عاما على انبعاثه سنة 1950 من قبل الجيش الأمريكي المرابط آنذاك في ألمانيا الغربية وذلك لللاحتفاء بصمود المدينة أمام المطامع السوفييتية.

انطلقت الدورة الستون للمهرجان في جو مليء بالرمزية السياسية. فدورة هذا العام ليست فقط احتفالا بستين عاما مرت على الانطلاق. ولكن احتفلت أيضا بمرور عشرين عاما على توحيد شرق وغرب ألمانيا وسقوط جدار برلين عام 1989. ومن الرمزي أيضا تنظيم حفل الافتتاح في عمق برلين الشرقية سابقا. وبالتالي ليس من الغريب أن يكون المهرجان استفزازيا فمنذ انبعاثه اكتسب المهرجان سمعة لنصرة الأفلام السياسية والاستفزازية.

ولعله في هذا الاطار يمكن إدراج عرض فلم المخرج البولندي الأصل رومان بولانسكي الذي اقترن اسمه مؤخرا بالفضيحة التي فجرتها المخابرات الأمريكية حين طلبت من العدالة السويسرية القاء القبض عليه نهاية العام الماضي. ويعود المخرج الذي فر من قضية أخلاقية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثين عاما بفلم جديد بعنوان الكاتب الشبح حيث تم عرضه لأول مرة في العالم في غياب المخرج الذي يبقى رهن الاقامة الجبرية في سويسرا.

ولكن ان كان هذا الحدث قد يجلب انتباه المتتبعين والمغرمين بالأخبار الجانبية فان المهتم بالسنما لا يمكن أن يغفل عن برمجة فلمين لاثنين من أهم المخرجين الألمان في تاريخ السينماالعالمية وهما فريتز لانغ وراينر فارنر فاسبيندر. ولسائل أن يسأل ما الحدث الذي يمكن أن يكمن وراء اسمي مخرجين قد ماتا منذ زمن بعيد فالأول برز في الثلاثينات والآخر في السبعينات.

عرض فلم ميتروبوليس لأول مرة سنة 1927. بعد 83 سنة يعاد عرض هذا الأثر الفني الرائع الذي شغل عشاق الفن السابع لما يقارب القرن  في جو احتفالي استثنائي. فالى جانب عرض الفلم في نسخة جديدة مكتملة من 120 دقيقة  لا النسخة التجارية من 90 دقيقة التي استعملت للعروض التجارية. تولت الفرقة السنفونية لاذاعة برلين عزف المسيقى الأصلية للفلم (الفلم صامت). ومما زاد الحفل سحرا إقامة العرض في الهواء الطلق بساحة قصر فريدريك.

الفلم من نوع الخيال العلمي ويعالج الصراع بين الطبقة الشغيلة من جهة والرأسماليين من جة أخرى في عالم الواقع المرير. وللعمل بعد جمالي أخاذ حيث يستند الى نماذج الفن الشعبي في ذلك الوقت والمدرسة التعبيرية لألمانية. ولعل هذا ما جعل مدينة لانغ تصبح نموذجا لغيرها من العوالم الخيالية التي نجد منها الكثير في الأفلام الكلاسيكية والحديثة مثل بلاد رنر لريدلي سكوت. كما أن فكرة المعركة بين الانسان والتكنولوجيا من المواضيع التي ألهمت أكثر من مخرج شهير كستانلاي كوبريك في 2001 : أوديسا الفضاء وفارتيغو لهيتشكوك.

أما الحدث الثاني لمحبي الفن السابع في بداية الدورة الستين لمهرجان برلين الدولي فقد اقترن باسم آخر لأحد أعلام السينما الألمانية لنهاية القرن الماضي: رٍاينر فارنر فاسبندر حيث عرض المهرجان أحد أعماله المنسية : العالم في خيط. الفلم عمل من جزئين انجز خصيصا للتلفزة الألمانية ووقع بثة مرة واحدة سنة 1973 وهو اقتباس لأثر روائي بعنوان سيمولاكرا ثلاث من تأليف الكاتب دانييل إالويي. ويمكن اقتناء نسخة من القرص دي.في.دي منذ يوم الخميس المقبل 18 فيفري 2010.

تدور وقائع الفلم في بداية السبعينات ولكن لا يركز المخرج على الأحداث بل يحاكي الجوانب السفسطائية والفلسفية للعقل البشري والعبثية في التعامل مع نتائج البحث العلمي وكيفية الاستفادة منها. من هنا يمكن اعتبار الفلم مرجعا للعديد من الأعمال اللاحقة التي تعنى بالخيال العلمي كماتريكس والعديد من الأعمال التي تعتمد على تحريك الصورة في عالم افتراضي. سنة  1999 تم اقتباس العمل من جديد في نسخة قريبة من الأصل ولكن دون بلوغ العمق الذي أدركه فاسبندرمما يجعل الكثير يتحدث عن مظلمة فمنذ وقع بث الفلم على الهواء مرة واحدة لم يقع عرضه في قاعات السينما وبث لاحقا في مناسبات نادرة على شاشة التلفزة.

بهذا يكون المهرجان قد جعل من هذه الدورة الستين مناسبة للاحتفال بالملحمة التي اقترنت بتاريخه كحدث سياسي ولكن أيضا كواجهة للابداع الألماني. وهذا هو المعنى المنشود من اقتران تاريخ هذا المهرجان بظروف بعثه ثم التحول التاريخي الذي تمثل في اعادة توحيد الألمانيتين سن 1989 وذلك باعادة الاعتبار لأعمال مهمة لمخرجين تركوا بصمات لاتنسى.

الجزيرة الوثائقية في

15/02/2010

 
 

أفلام تخذل القضايا وفلسطينيون مسالمون يربحون معركة صغيرة!

برلين - محمد موسى

فاقت التحية التي وجهها الجمهور الألماني للفلسطيني أبو احمد عند صعوده المنصة، بعد انتهاء عرض الفيلم التسجيلي «بدرس»، تلك التي استقبل بها مخرجين أو نجوماً في مدينة برلين، والتي تشهد الدورة الستين من مهرجان برلين الدولي، الذي يختتم أيامه يوم الأحد المقبل.

أعاد ابو احمد، القادم من قريته الفلسطينية الصغيرة في الضفة الغربية، في نقاشه مع الجمهور الألماني، التأكيد على الأفكار السلمية اللافتة، والتي قدمها الفيلم، في مرافقته محاولات القرية، والتي لا يتعدى سكانها الألف وخمسمائة شخص، لمنع الحكومة الإسرائيلية، من تمزيق قريتهم بالجدار العازل.

تقدم المخرجة البرازيلية جوليا باخا، التي أخرجت هذا الفيلم المؤثر وعرض في برنامج بانوراما، قرية فلسطينية مجهولة تتعرض حياة سكانها الى محنة كبيرة، بسبب جدار سيمنعهم من الوصول الى حقولهم واشجارهم، لكن هذه القرية اختارت عدم التورط في العنف او الترويج له. فالقرية التي يمثلها أبو احمد الأربعيني، الذي سجن خمس مرات بسبب نشاطه السياسي، اختارت الاحتجاج السلمي، لتهز الصورة المهيمنة في الإعلام، عن فلسطينيين فقدوا ثقتهم بأي شكل سلمي، من المقاومة ضد السلطات الاسرائيلية. كذلك يسجل الفيلم، العمل المشترك لناشطي السلام الإسرائيليين، مع الفلسطينيين، ضد الجدار .

وإذا كان فيلم «بدرس»، قد نجح في لفت انتباه الجمهور والصحافة الألمانية، فقد فشل فيلم تسجيلي آخر، يتعرض الى قضية معاصرة أخرى، شغلت الرأي العام العالمي لهذا العام، في تقديم عمل مؤثر، ففيلم «أحمر، أبيض والأخضر» للمخرج الإيراني نادر داوودي، والذي يقدم الشارع الإيراني المنقسم بين مرشحي الرئاسة الإيرانية الأخيرة، لم يقدم اكثر من مقابلات رتيبة، لم تحمل، ذلك التفجر، الذي حملته الأفلام السرية عن الشارع الإيراني، التي صورت عن طريق كاميرات الهواتف المحمولة، وانتشرت على مواقع الانترنيت من منتصف شهر يونيو، واستمرت لعدة اشهر بعدها.

وحضرت السياسة، وتوترات السنوات الاخيرة، في الكثير من افلام هذه الدورة من مهرجان برلين السينمائي، فهي هيمنت مثلا على فيلم «الكاتب الشبح» لرومان بولانسكي، والذي عرض في المسابقة الرسمية، بغياب المخرج، الموجود تحت الاقامة الجبرية في سويسرا.

فالمخرج الذي يقال انه اراد تقديم شخصية تشبه رئيس الوزاء البريطاني السابق توني بلير، قدم واحدة، اقرب الى الرئيس الامريكي السابق ايضاً جورج بوش!. فلا تشابهات كبيرة على الاطلاق، بين الشخصية الاساسية في فيلم بولانسكي، وتوني بلير، سوى المنصب الذي تقلداه، والجنسية البريطانية التي يحملاها. والمفارقة مع وقت عرض الفيلم، انه يأتي مع النقاش الذي يتصاعد عن دور توني بلير في قرار الحرب الاخيرة في العراق، والذي رد في طلات تلفزيونية شديدة القوة والفصاحة عن قرارات الحرب تلك.

في فيلم «الكاتب الشبح»، يعود الماضي، بجرائمه هذه المرة، لمحاسبة رئيس الوزراء البريطاني، الذي يعيش في الفيلم في جزيرة اميركية معزولة، عاكفاً على كتابة مذكراته، التي سيساعده فيها كاتب شاب (يقوم بالدور الاسكتلندي ايوان مكريغير). لكن الحياة الهادئة سوف تنتهي قريباً، بسبب تفجر قضية تخص تعذيب سجناء بريطانيين مسلمين في عهد رئيس الوزراء البريطاني السابق. قضية التعذيب هذه، تذكر الكثيرين بحروب افغانستان والعراق، لتبدأ حملة قوية على الرئيس البريطاني الضعيف الشخصية.

يتجه الفيلم في معظمه الى البحث عن دور وكالة المخابرات الأميركية في العالم. هو هنا لا يقدم جديداً مختلفاً، عن كل القصص التي قدمت في الماضي، ولم تعد تهم الكثيرين. فلم يعد تورط المخابرات الأميركية ، بأحداث بعضها غير قابل للتصديق يثير الاستغراب ، حيث صار من الممكن التساهل في محاسبة جدية «قصص التورط هذه» مع موجات العداء للولايات المتحدة الأميركية.

كذلك يحمل بناء الفيلم مشاكل كبيرة، بعضها جدية، ولا تنسجم مع الحياة الفعلية. فقضية مثل «تعذيب سجناء اربع» تطارد رئيس الوزراء البريطاني، في حين تتراجع مثلا، قضايا مثل مسؤليته عن حربي أفغانستان والعراق، والتي تملك كل منهما، الخلفية القانونية الممكنة لمحاسبة قضائية.

يبدأ فيلم الكاتب الشبح، بمشهد رائع، لرجل تقذفه الامواج الى شاطئ بحر مظلم وهائج، لكنه سرعان ما يتجه الى وجهات غير مجدية، بدت في بعضها جزءاً من انتقام شخصي للمخرج من اميركا، لينتهي الفيلم بمشهد شديد السطحية، عن جهاز مخابرات يقف خلف خراب العالم.

خيبات متتالية

فيلم بولانسكي الأخير ليس خيبة الأمل الوحيدة في المهرجان، الذي بدأ العديد من الصحف العالمية، بتوجيه الانتقاد الى اختياراته للدورة الستين منه. فالمهرجان اختار أيضاً فيلم «شهادة» للمخرج الأفغاني الشاب برهان قرباني الذي يعيش في المانيا ليكون أحد أفلام المسابقة الرسمية، على رغم الهزالة الكبيرة للفيلم وشخصياته، والمشاكل النمطية التي يقدمها، والتي بدت بعيدة عن أي بحث حقيقي في جذور المشكلات الاجتماعية لجيل المهاجرين المسلمين في برلين.

الفيلم يقدم قصصاً لأربع شخصيات مسلمة شابة، قادمة من خلفيات اثنية مختلفة، ينتهي بها المطاف في الجامع الذي يخص المسلمين الافغان في برلين. مبكراً جداً في الفيلم، ينكشف المأزق الذي انجر اليه المخرج بتقديم قصة تحتم ان تجد الترابط الذهني والزمني بين الشخصيات فيه والمفقود في الفيلم.

سينما اميركية مستقلة

وكجزء من حضورها المعتاد في المهرجانات العالمية، ضمت برامج هذه الدورة من مهرجان برلين، مجموعة من أفلام السينما الأميركية المستقلة، كان أبرزها، فيلم «غرينبيرغ» للمخرج نوا بومباخا ومن بطولة النجم بين ستيلا، والذي رافق الفيلم الى برلين. ويعود بين ستيلا في الفيلم، الى السينما المستقلة والتي بدأ بها حياته المهنية، وأوصلته الى الشهرة، ليصبح واحداً من اشهر نجوم الكوميديا في هوليويود حالياً. هو يلعب في الفيلم، شخصية رجل في الأربعينات، على شفا الانهيار العصبي، يقضي فترات طويلة في العيادات النفسية. يحمل الأداء الكوميدي المتميز لبين ستيلا، الكثير من الكوميديا للفيلم، لكن بين ستيلا، يقدم أيضاً مأزق الرجل الخسران بأداء يحمل الكثير من الفهم لذلك المأزق. الفيلم يكاد يكون اقرب أفلام المخرج الشاب نوا بومباخا من السينما الشعبية، وابتعاداً عن مواضيع تعقيدات العلاقات العائلية، والتي شغلته في فيلميه السابقين.

ويقدم فيلم أميركي مستقل آخر هو «أرجوك اعطي» للمخرجة الأميركية نيكول هولوفيسنر، قصص لشخصيات من مدينة نيويورك (المدينة المفضلة لمعظم صانعي أفلام السينما المستقلة) في فترة زمنية محددة، عن العائلة التي تنتظر موت الجارة العجوز، من اجل الحصول على شقتها، وعن حفيدات الجدة، وعمل الزوجين في الفيلم في بيع الأثاث القديم، والذي يحصلان عليه بعد موت أصحابه. ورغم طرافة فيلم مثل «أرجوك اعطي»، الا ان العديد من أفلام هذه السينما، بدأ يتجه الى التقديم النمطي المكرر، والبعيد عن معالجات جمالية سينمائية مبتكرة.

وبدت النسخة التي عرضت من فيلم «ابن بابل» للمخرج العراقي محمد الدراجي، افضل تقنياً وصوتياً من تلك التي عرضت في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي. واثار الفيلم الذي عرض أربع مرات في المهرجان، الكثير من الاهتمام من الجمهور الألماني، والذي تابع قصة الجدة والحفيد، اللذين يقطعان العراق من شماله الى جنوبه للبحث عن الوالد المسجون، من عهد النظام العراقي السابق.

وإذا كانت السينما التي قدمها محمد الدراجي بدت اقرب الى ما يعرف بسينما الحقيقة، بتصويرها في أماكن القصة الحقيقية، واستعانتها بأناس عاديين لأداء الأدوار الثانوية في الفيلم، اختار فيلم «الرجل الذي باع العالم» للأخوين المغربين سهيل وعماد النوري، والذي عرض مثله مثل فيلم ابن بابل في برنامج بانوراما، ان يقدم قصة للكاتب الروسي ديسكوفيسكي، تقديماً مختلفاً الى حد كبير، بدا في معظمه احتفالاً بالسينما، والاتجاهات التجريبية التي يمكن ان تسلكها. الفيلم هو واحد من الأعمال، التي يمكن ان تؤسس لاتجاه سينمائي خاص.

ومع التقديم البصري الفريد الذي اختاره الأخوان لتقدم القصة الكلاسيكية، يبرز وبشكل رائع الأداء المبهر للممثلين المغربيين سعيد بأي وفهد بنشمشي، بكثافته وصدقه، وهو الأداء الذي أبقى التجربة السينمائية الجديدة متشبثة بإنسانية تكسر القلوب!

الحياة اللندنية في

19/02/2010

 
 

حوار مع نجم السينما الهندية شاروخان:

"في بوليود ينتصر الحب دوماً"

أجرت الحوار: مونيكا جونز

في هذا الحوار يتحدث نجم السينما الهندية شاروخان إلى مونيكا جونز عن مشاركته في مهرجان برلين السينمائي ومعايشاته لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والحرب على الإرهاب وصناعة السينما الهندية، لاسيما فيلمه "اسمي خان".

·     سيد شاروخان، هذه هي مشاركتك الثانية في مهرجان برلين السينمائي. والفيلم الذي تشاركُ به هذه المرة وهو فيلم "اسمي خان" يتناول تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برج التجارة العالمي. هل تَتذكر أينَ كنت في ذلك اليوم؟

شاروخان: كنتُ في نيويورك مع والدةِ مُخرجي، وزوجتي وابني الصغير. وكان من المفروض أن أجري لقاء بمناسبةِ العرض الأول لفيلم "الأمير أشوكا" بينما كان على باقي الفريق أن يسافروا إلى تورونتو قبلنا بأربع ساعات. أيْقظتْني والدةُ صديقٍي، كاران، وأشارتْ إلى التلفاز، فاعتقدتُ أنَّ الأمر يتعلق بالطائرة التي أقلت الفريقَ إلى تورنتو. وفي الطابق الأسفل كانتِ الصحافة في انتظاري لإجراء الحوار. ولمّا سألتُ هناك عمّا جرى أدركتُ عندها ما وقعَ بالفعل. وبعد ذلك بقيت أنا وأسرتي أربعة أيام قبل أن نتمكن من المغادرة إلى تورونتو، ومنها عدت إلى بلدي. فالرحلات كلها كانت ملغاة.

·         لم يتمكن أحد من المغادرة؟.

شاروخان: أجل! طلبنا إذناًَ خاصاًَ، وسألنا أشخاصا من ذوي النفوذ، فتفهّموا الأمر وسمحوا للأسرة بالمغادرة جواًَ خاصة لوجود أم وأطفالها. هكذا غادرنا إلى البلاد. لقد كنا جميعاًَ متأثرينَ جداًََ بما حدث.

·         كيف كانت ردةّ فعلك عندما تأكّدَ أن منفذي الهجمات متطرفون إسلاميون؟ أنت مسلم. كيفَ أثرت فيك هذه الأحداث؟

شاروخان: أنا لا أفكر في التطرف بهذا الشكل، الذي يدفعني إلى البحث عن صفة أخرى لوصفه. مثل، هذا متطرف يهودي، وهذا متطرف إنجليزي، وهذا متطرف أمريكي، وهذا متطرف هندوسي، وهذا متطرف إسلامي. المتطرف هو دوما متطرفًَ؛ وبِمجرد إضافة صفة أخرى تبحث في خلفيته، نكون على الطريق لإثارة المشاكل في قلوب العالم وعُقُوله.

أنا كإنسان عادي، كما آمل أن أكون علاوة على كوني نجما سينمائيا، عندما أستمع إلى نشرة الأخبار، وأسمع أن شخصا ما قام بعمل سيء ومن ثم أسمع وصفا إضافيا له على أساس خلفيته، أو حتى لو قام بعمل جيد، سأضرب لك مثالا، بورس بيكر هو أحد أحب لاعبي التِنسٍ إليّ، وعندما نقول لاعب التنس الألماني، بوريس بيكر، فإنني أستنتج من ذلك أن في ألمانيا لاعبي تنس عظماء. وهذا أمر جيد ومَدعاةٌ للفخر حقاًَ. إنني متأكد أنّ هناك أطفالاًَ كثيرين يرون في ذلك شيئا عظيما. عندما أسمعُ "المنتخب الألماني لكرة القدم" أو "لاعب التنس الألماني" فأفكرّ، مباشرةًَ، في شيئين أنَّ الألمان رياضيون جيدون. هذا ما يتبادر إلى ذهني.

·         هذا ربطٌ جيد.

شاروخان:أجل! هذا ربطٌ جيد، لكن عندما نستحضر ربْطاًَ سيئاًَ عندما يُقال، مثلاًَ: "قاتل ألماني" أو "مغتصب هندي" عندها، يختمر في عقولنا شيء ما.

·         إذن الربط يتجه نحو أمةً بأسرها.

شاروخان: أجل إن ذلك يروج لفكرة عن بلد، أو مجموعة أو أمة بأكملها. وهو أمر خاطئ. لما رأيت العمليات الإرهابية، فكرت فيها كأي شخص آخر، كعمل إرهابي. ليس بالتصرف الجيد لأن عديدا من الناس لقوا حتفهم بسببها. وكان بالإمكان أن أكون أيضا واحدا من الضحايا أو زوجتي أو ابني. زوجتي هندوسية وابني يترعرع في ظل الهندوسية والإسلام وأنا مسلم. وخصوصا الأبرياء هم الذين يسقطون في هذه العمليات. إنني لا أستطيع أن أصف هذه الأعمال الإرهابية وكل أشكال العنف الصادرة عن المتطرفين في العالم إلا بالعبثية. بكل بساطة إنها أعمال عبثية، لا معنى لها.

·     ردة فعل العالم على ذلك، ما الذي كان جيدا فيه وما الذي كان سيئا؟ لقد كانت هناك عمليات انتقامية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

شاروخان: لا أريد الاستمرار في الحديث عن السياسة. طبعا الرد الإنساني الطبيعي يقول": تضربني أضربك! وبين الضربتين يعاني الكثير من الناس. لكن عندما يكون هناك عنف، سواء عن حق أو عن غير حق، من الطبيعي أن أرد عليك إن أسأتي إليّ. وفي ظل هذه السيرورة يقضي الكثير من الأبرياء حتفهم. إن موت الأبرياء الذي نراه أيضا في الأفلام، موت الأبرياء لا يمكن تبريره وذلك لسبب إنساني محض.

الموت الطبيعي هو الطريق الإلهي. لكن موت الأبرياء غير المبرر وغير الطبيعي لا يمكن السماح به من وجهة النظر الإنسانية. طبعا يشعر الإنسان بامتعاض لموت الأبرياء أمام ردود الفعل هذه ، بغض النظر عن الجهة التي تصدر عنها. لكن يتوجب إدانة الجهتين معا..

·     كما سمعت فإن ذلك يحدث الآن في أرجاء واسعة من الهند. فيلمك الجديد يعرض الآن لأول مرة وبعض الناس غاضبون من بعض تصريحاتك.

شاروخان: إنه سوء فهم. ويمكنني أن أوضح ذلك. أتساءل فقط لماذا يتم هذا الخلاف معي حول الفيلم. الفيلم بذاته شيء آخر، وبه ترتبط حياة خمسمائة شخص. كان من المفروض أن أكون هنا لأتحدث عن فيلم هندي أنجزناه ويعرض في مهرجان برلين. إنه أمر يحرجني. إنني أعمل لجمهور الواسع، هذه مهنتي، التواصل مع الناس. ونيتي إذن أن أصل إلى الناس عبر أفلامي، وعلى الجمهور أن يقبل ما أقدم أو يرفضه. إما أن يحبوا الفيلم أو لا يحبونه. القضية كلها أحزنتني. وكما قلت أتمنى أن تحل هذه القضية بطريقة سلمية وعقلانية. أنا لست من أنصار العنف. وأنا سعيد أن الناس فهموا ذلك أو سيفهمونه. لكني لن أسمح أبدا لغروري الشخصي أو لاحترام الذات المبالغ فيه أن يعترض الطريق لحوار عادي. إذا كنتم لا تحبون ما قلته؟ فعلا؟ جيد، لا مشكلة. أما عدا ذلك فهو عبثي ولا معنى له.

·     فيلم "اسمي خان" يتناول كل تلك المشاكل. ورسالته تقوم على رفض كل الأحكام المسبقة ضد الناس، بغض النظر عن معتقداتهم وقومياتهم. رسالة الفيلم تقول: دعونا نعيش في سلام وتسامح وتفاهم ، وليسامح كل منا الآخر.

شاروخان: أعتقد أن الرسالة الأساسية للفيلم هي أنه عندما تكون هناك مشاكل بيني وبينكِ مثلاً لأسباب عقائدية أو دينية، فالأحرى أن تدعنيي أشرح لكِ ديني، قبل أن ينشب بيننا شجار. وأعتقد في تسعة وتسعين في المائة من الحالات إنكِ سوف تقولين لي: نعم ، فهمت ماذا يعني هذا. إذن ليس لدي مشكلة. أو أنك ستقولين لي. الآن فهمت مشكلتك.

·         إذن يجب أن علينا أن نتحاور.

شاروخان: نعم، إنه واجب كل إنسان. عندما يُشكك في دينكَ أو في المنطقة، التي تنحدر منها، لابد من الشرح. لا تتخذ موقفاً دفاعياً وتقول نحن الأفضل، بل وضّح. أعتقد أنه من واجبي كمسلم وكإنسان عندما تسألينني عن الإسلام شيئاً أن أقول لك كل ما أعرفه عن هذا الدين وعن مدى تسامحه وجماله.

·     كل هذا الذي قلته جزء من فيلمك، وهو فيلم هندي بالطبع، فيلم من بوليوود. وسوف تثير مشاهدة فيلم كهذا استغراب عدد كبير من المشاهدين. ولكن دعنا نعود إلى سؤالي الأخير. الفيلم يُعرض في البرنامج الرسمي للبرليناله...

شاروخان: حقا؟

·         ولكنه لن يشارك في المنافسة، أي أنك لن تحصل على الدب الذهبي.

شاروخان: حسناً، فأنا كنت متخوفاً بعض الشيء.

·         الفيلم سيفاجئ كثيرين. ما هي ردود الفعل حتى الآن، وماذا تتوقع؟

شاروخان: ها نحن نفعلها مجدداً. نحن نقحم الأمور سريعاً في خانات بعينها، ونقول هذا فيلم من بوليود، ونحكم عليه أنه يمثل نوعا معينا من الأفلام. الميزة في ألمانيا أن هناك أناساً كثيرين شاهدوا أفلام بوليود. ولكن هناك ثمانمائة وخمسة وتسعون فيلماً من بوليود لا يعرفونها. في الهند تُعرض الأفلام التي تعود بإيرادات ضخمة، أما الأفلام الصغيرة، المثيرة، وربما الجادة فلا يراها أحد، بخلاف من يعمل في مجال السينما. من مهام عملي أن أرى هذه الأفلام. أما الناس العاديون فليس لديهم مجال لرؤيتها. يُقال الكثير عن بوليود.

وعن هذا الفيلم يُقال إن مخرجه Karan Johar، أكبر صانع للأفلام التجارية، تعاون فيه مع أنجح ممثليْن. إذاً يتوقع الجميع أن يكون الفيلم كذا وكذا. ولكن كل ما هنالك أننا أردنا التعبير عن مرحلة وصلنا إليها في حياتنا. الفيلم الأول، الذي جمعنا، تناول الصداقات في الجامعة. نحن لم نكن آنذاك في الجامعة، ولكن كان لدينا هذا الشعور. والآن صنعنا فيلماً عن مدرسة الحياة. ولا فرق بين الموضوعين، اللهم أن الجامعة أصبحت أكبر، أصبحت جامعة في عصر العولمة. ومازال هناك هذا الشاب وهذه الشابة، اللذان يلتقيان. فنحن نظل صغاراً بالنسبة إلى هذا العالم الكبير. نحن نرغب في إظهار الأشياء، التي مازال يتعين على العالم أن يتعلمها. تعلمنا في الجامعة أن الحب دوماً يتغلب على جميع العقبات. ومازلنا نتعلم أن الغلبة دوماً للحب. من الأمور المميزة لبوليود أن الحب دوماً ينتصر. ليس المغنى ولا الرقص هو الأساس. الأساس هو الحب، الذي ينتصر على كل شيء. الهند تعني الحب، الذي يتغلب على كل شيء.

حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

موقع "قنطرة" في

19/02/2010

 
 

حوار مع مخرج فيلم "عايشين" السويسري نيكولا فاديموف:

فيلم "عايشين"... حياة بعد الدمار وأمل بعد موت

أجرى الحوار: إيغال أفيدان    ترجمة: رائد الباش

حاز الفيلم الوثائقي "عايشين" الذي أنتجته قناة الجزيرة للأطفال وأخرجه السويسري نيكولا فاديموف بجائزة "لجنة الأديان" في مهرجان برلين السينمائي 2010. هذا الفيلم الذي تم إخراجه بعد شهر من انتهاء الحرب على غزة، لا يعرض فقط حجم الدمار، بل يصوِّر حياة الغزيين ومعاناتهم بعد الحرب. إيغال أفيدان تحدَّث إلى المخرج السويسري فاديموف في برلين.

·         تم إنتاج فيلمك كعمل مشترك بينك وبين قناة الجزيرة للأطفال في قطر. فكيف نشأ هذا التعاون غير العادي؟

نيكولا فاديموف: اتِّصل بي منتج قناة الجزيرة للأطفال وسألني إن كنت سوف أوافق على تصوير مثل هذا الفيلم. وقبل ذلك كنت مرتين في قطاع غزة وقد وافقت على طلبه، بيد أنَّني كنت أريد أن أكون منتجًا مشاركًا لكي يتسنى لنا عرض الفيلم في دور السينما.

·         هل كان من الصعب الحصول على تصريح سفر إلى قطاع غزة؟

فاديموف: دخلت القطاع من دون مشاكل عبر معبر إيريز الإسرائيلي. وإسرائيل ليبرالية للغاية مع ممثِّلي وسائل الإعلام. ورسميًا يُسمح للمرء البقاء ثلاثة أو أربعة أيَّام في قطاع غزة. ولكن لأنَّني كنت أقوم بتصوير سبعة تقارير للقناة التلفزيونية السويسرية "TSR"، سمح الإسرائيليون لي البقاء أسبوعين.

·         ما هي التغيّرات التي لمستها في قطاع غزة؟

فاديموف : كان الدمار أكبر بكثير مما كنت أتوقَّعه بناءً على ما شاهدت من صور تلفزيونية. لقد وجدت منازلاً وحقولاً ومصانع مدمَّرة، خاصة في المناطق الواقعة مباشرة على امتداد الحدود مع إسرائيل. وهذه كانت أيضًا أوَّل زيارة لي إلى القطاع بعد استيلاء حركة حماس على الحكم. ولكن لقد كنت هناك بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب، كما أنَّ الناس كانوا ما يزالون في حالة صدمة، وكأنَّهم استيقظوا من كابوس. ولذلك تم تهميش الصراعات والشقاقات بين حركتي فتح وحماس.

·     في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير تم اعتقال صحفي بريطاني من قبل قوَّات الأمن التابعة لحركة حماس في قطاع غزة الذي تسيطر عليه هذه الحركة المسلحة منذ العام 2007. وقيل إنَّ هذا الصحفي قد عرَّض الأمن للخطر. فهل فرضت عليك حركة حماس في أثناء فترة عملك التي استمرَّت أسبوعين في قطاع غزة قيودًا أو أعاقتك في عملك؟

فاديموف: لا، لم تفرض علي أي قيود، ولم تتم متابعتي قطّ، واستطعت تصوير كلّ ما كنت أريد تصويره وحيثما كنت أريد ذلك. وعملت مع "مثبِّت صور" محلي، كان يعرِّفني على أشخاص أجريت معهم لقاءات وكان يرتِّب لي المواعيد. وجميعهم كانوا مستعدِّين للحدث معنا أمام الكاميرا.

·         هل كان الأشخاص الذين التقيتهم يقولون ما كنت تعتقد أنَّك سوف تتوقَّعه منهم؟

فاديموف: لنأخذ على سبيل المثال المشهد الذي يظهر فيه موسيقى الراب الشباب؛ لم يكن لدى هذا الشاب خوف من كاميرتنا، إذ إنَّه يقول ما يفكِّر فيه. وهو لا يفعل ذلك على الراديو؛ فالناس في غزة يفرضون الرقابة على أنفسهم، وذلك لأنَّه من الخطر جدًا الإدلاء برأي آخر مختلف عن رأي حركة حماس التي تسيطر على المجتمع وتفرض عليه الالتزام بسلوك إسلامي محافظ للغاية.

·     في فيلمك تلعب حديقة الحيوانات في غزة، والتي يتم فيها استبدال الحيوانات التي تموت جوعًا بحيوانات محنَّطة، دورًا رئيسيًا... فماذا عن هذه الحديقة؟

فاديموف: لقد صوَّرنا هناك أربع مرات. وهكذا تعرَّفنا على الشباب المتطوِّعين الذين يساعدون في العمل هناك. وعلى هذا النحو فقط تمكَّنا من تصوير هذا المشهد الذي يظهر فيه ثلاثة صبية يجلسون فوق أرجوحة ويتبادلون الحديث بكلِّ حرية. ويقول أحدهم إنَّه أكل اليوم فستق، وأمَّا الآخر فقد كان في المسجد. وفي هذه الأثناء تسقط القنابل في منطقة الحدود التي تم فيها حفر الأنفاق. وثم يبدأ الصبي بالشكوى؛ فهو يشكو من المعلمين الذين لا يوجد سبب لوجودهم ومن المدارس السيِّئة. وهكذا لن يكون في وسعه يومًا ما تحقيق حلمه في أن يصبح طبيبًا. وثم يتمنَّى أن يختفي اليهود. وصديقه يسأل ما علاقة هذا بالمستوى المدرسي. ويقول شاتمًا إنّ "اليهود سوف يشلِّون نظام التعليم"، ويحذِّر من أنَّهم جميعًا سوف يصبحون من دون التعليم انتحاريين.

·     تعمَّدت عدم استخدام التحليلات أو التعليقات الخاصة بك، كما أنَّك تركت أبطال فيلمك يعرضون أحيانًا صورًا عدائية نمطية عن الإسرائيليين. لماذا؟

فاديموف: فيلمي الوثائقي الأخير الذي أخرجته في عام 2005 بعنوان "الاتِّفاق L'Accord"، كان حول اتِّفاقيات جنيف، واستطلعت فيه آراء الإسرائيليين والفلسطينيين في هذا المشروع السلمي. وبعد ذلك أردت عدم إخراج أي فيلم حول الإسرائيليين والفلسطينيين، وذلك لأنَّه كان لدي انطباع بأنَّه لم يعد هناك ما أقوله بعد أن تم قول كلِّ شيء في هذا الصدد. والآن حان الوقت لأفلام الخيال. فنحن لسنا بحاجة للمعلومات، بل للقصص. وقد حاولت فعل ذلك هنا. وعلى الرغم من أنَّ هذا الفيلم يعتبر فيلمًا وثائقيًا، إلاَّ أنَّه يروي قصة بعض الناس.

·         هل يتم عرض فيلمك في قطاع غزة؟

فاديموف: قدَّمت مدينة جنيف الدعم للفيلم واقترحت القيام بذلك. وفي نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2009 عرضنا الفيلم ثلاث مرَّات في صالة جمعية الهلال الأحمر. وفي كلِّ مرة كانت الصالة مليئة بالحضور، وجميع أبطال الفيلم أتوا واستمتعوا بمشاهدة أنفسهم وأصدقائهم ومعارفهم على الشاشة. وكان الناس يضحكون ويغنّون مع فرقة موسيقى الراب. وكان الجو رائعًا. وآمل أن يتم عرض الفيلم في إسرائيل وفي الضفة الغربية.

·         هل جلس الرجال والنساء سوية؟

فاديموف: بكلِّ تأكيد، كانوا يجلسون سوية في جميع العروض، وربما لأنَّ المكان الذي تم فيه عرض الفيلم يعتبر علمانيًا أو لأنَّ حركة حماس لا تريد التشدّد في هذا الفصل.

·         هل تعتقد أنَّ بإمكان فيلمك أن يؤثِّر بشكل إيجابي على الوضع الذي وصل إلى طريق مسدود بين إسرائيل وحماس؟

فاديموف: عندما كان عمري عشرين عامًا كنت أعتقد أنَّ بإمكان الأفلام تغيير شيء ما. ولكنني الآن لم أعد متأكدًا من ذلك. وعندما تفتح الأفلام أعين الناس في إسرائيل وفي فلسطين، فعندئذ يستطيعون رؤية الناس خلف النزاع. ليشاهدوا على سبيل المثال أنَّ مسلَّحي حركة حماس ليسوا الوحيدين الذين يعيشون في قطاع غزة، بل إنَّ هناك أيضًا ناسا عاديين يعيشون في القطاع. وهذا ما أردت إظهاره في فيلمي.

حقوق النشر: قنطرة 2010

موقع "قنطرة" في

24/02/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)