كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

‏‏‏‏«دار الحي» بين الواقع والحنين

«الخليج السينمائي» والحلم الإماراتي الطويل‏

زياد عبدالله – دبي

مهرجان الخليج السينمائي

الثالث

   
 
 
 
 

‏الجميع في توق كبير إلى تحقيق فيلم روائي طويل، وكلما سألت المخرجين الإماراتيين الشباب عن مشروعاتهم المقبلة كانت الإجابة متمثلة في انغماسهم في التحضير لفيلم روائي طويل، وفي ذلك ما يعد بترقب ما، لنا أن نتخلص منه في الدورة الرابعة من مهرجان الخليج طالما أن الحديث عن مشروعات مستقبلية.

نحن الآن في الدورة الثالثة من المهرجان التي افتتحت أول من أمس بفيلم الإماراتي علي مصطفى «دار الحي»، ولنا بمجرد إيراد ذلك أن نضع الرغبة في إنتاج فيلم إمارتي طويل في سياقها، على اعتبار فيلم مصطفى نجح إلى حد كبير في الإجابة عنها، لا بل إن الأمر يتخطى ذلك إلى النقطة الأهم في ما قدمه والمتمثلة في اشتباكه بالحاضر والراهن والمكون الديموغرافي لمدينة دبي.

وفي سياق مجاور فإنه، أي فيلم «دار الحي»، حقق ما يمكن اعتباره تناغماً ما مع تطلع مهرجان الخليج نفسه، الذي افتتح دورته الأولى بالفيلم البحريني «أربع بنات» والذي له أن يندرج تحت عبارة «ليس بالإمكان أكثر مما كان»، وليتخلى عن الروائي الطويل في الدورة الثانية ويكون الافتتاح متمثلاً في عرض خمسة أفلام خليجية قصيرة، ما قال لنا حينها: إنه الفيلم القصير ما يهيمن على اجتهادات الشباب الخليجي.

ما تقدم يمنحنا كشافاً لما يسود الساحة الخليجية الثقافية، ومع كل دورة تتضح مشاغل وتطلعات كثيرة، وما مهرجان الخليج إلا مساحة حيوية لاختبار ذلك، وتقديم بانوراما حقيقية في هذا الخصوص، وأمثلة ما حملته شاشته في الدورتين الماضيتين، وما ستحمله في هذه الدورة هو تماماً ما ينتج على أرض الواقع، ومن حقنا كمتابعين لهذا الحراك أن نزيد من رهاناتنا في كل عام سواء في الأفلام الطويلة أو القصيرة، متوسطة الطول أو المترامية وحتى التي لا تتخطى إعلاناً وجيزاً.

نعود إلى فيلم «دار الحي» وقد سبق لي الكتابة عنه، لكن هناك ما يدعوني إلى وضعه في سياق التطلع السينمائي الخليجي، والتأكيد على فضيلة كبرى لهذا الفيلم تتمثل في انشغاله بالراهن، الأمر الذي سيبدو جديداً تماماً إن وضع إلى جانب الأفلام القصيرة أو الطويلة التي قدمها الشباب الإماراتي في السنوات الخمس الأخيرة، مع استثناءات لنا في فيلم «مرايا الصمت» 2006 القصير لنواف الجناحي مثال على الانشغال بالمعطيات الجديدة للتغيرات الكبرى والسريعة التي حصلت على هذه الأرض، الأمر الذي يمكن أن يجد امتداداً له في «الدائرة» كون بنية العمل مدينية أولاً وأخيراً، والرهان على التشويق كان متأتياً من مدينة كدبي تتسع لذلك.

المدينة في فيلم مصطفى هي مفتاح «دار الحي» بما في ذلك عنوان الفيلم نفسه الذي هو من مسميات دبي، البطولة للمدينة، وما العلاقات التي تنسج أمامنا إلا منتج لهذه المدينة، حيث اشتباك الجنسيات سيولد علاقات اجتماعية اقتصادية تتشكل وفق املاءات المكان وبنيته الاقتصادية المفتوحة على جهات الأرض الأربع، مع قدرة الفيلم على أن يكون إشكالياً ما دام واقعياً، بمعنى أنه لا يقدم دبي الأبراج والطرقات السريعة، بل يدخل إلى قاطن هذه الأبراج، ومن يقود سيارته على الطرقات السريعة، والمضيفة والمدير الإعلاني الإنجليزي، وسائق التاكسي الهندي، وبالتأكيد المواطن الإماراتي في مجاورته واشتباكه مع كل ذلك.

«دار الحي» أعيد وأؤكد فضيلته الكبرى المتمثلة في مقاربته دبي ليس بوصفها مدينة معقمة لا شيء فيها إلا المال والأعمال، ولا مدعاة أيضاً للحنين والترحم على زمن مضى والعودة الدائمة إليه، بل عبر رصد العيش المختلط، ونقاط الاشتباك بين الجنسيات، وعلى تناغم مع الأحلام والخيبات. إنه يوثق نمط العيش الذي تمليه هذه المدينة «الكوسموبوليتانية»، ويأتي بثلاث لغات لنا أن نسمعها تتردد يومياً في دبي وهي العربية والانجليزية والهندية، إنه فيلم مأخوذ بمدينته، وينسج حكايته وفق إملاءاتها وواقعها.

الوليمة كبيرة في هذا الخصوص، مدينة كدبي محملة بآلاف القصص اليومية، ثمة حيوات ومصائر ومن مئات الجنسيات تتشكل يومياً، وليس العامل الاقتصادي الذي يستدعي كل هؤلاء إلا عامل مصيري في حياة البشر لهم أن يتحابوا ويتصارعوا في ظله، لهم أن يحبوا ويكرهوا ويتناسلوا على إيقاع مدينة متسارعة في كل شيء، وفي التقاط هذا النبض ما يغري سينمائياً.

في المقابل وأنا أتكلم عن التجارب الإماراتية الجادة مثل أفلام وليد الشحي «حارسة الماء»، و«باب»، أو «بنت مريم» لسعيد سالمين والجوائز الكثيرة التي حصدها، أو «تنباك» لعبدلله حسن أأحمد ومعهم إبراهيم الملا ومحمد حسن أحمد وأحمد سالمين، سيكون هنا الحديث عن أفلام توثق المكان بأدوات الحنين، والحرص على تقديم مقترحات بصرية متعلقة بالمكان والموروث، الأمر الذي وكما تتبدى أمامنا الصورة يضع التجارب الإماراتية على مسارين متصلين ومنفصلين في آن، الأول مشغول بالراهن، والثاني مأخوذ بالحنين والخطف خلفاً، لكن تبقى المدينة الإماراتية الحديثة مفصلية في كلا المسارين، فهذا التوسع العمراني فائق السرعة له أن يجابه إبداعياً إما بالحنين أو الانغماس به نقدياً.

الإمارات اليوم في

10/04/2010

####

‏‏‏طرافة طارش وجدّية الفهد ودموع شوقي

دراما واقعـية على منصّة المهرجان‏

محمد عبدالمقصود – دبي

بدا صباح أمس هادئاً ومن دون حركة تذكر، وهو أمر عادي بعد ليلة طويلة تضمنت أحداثاً كثيرة امتد بعضها حتى ساعة متأخرة من الليل، ولذلك فإن فرص التعليق على تفاصيل ليلة الافتتاح لم تكن متاحة، ولكن بصورة عامة أخذ الحديث عن فيلم الافتتاح «دار الحي» للإماراتي علي مصطفى حيزا كبيرا، وكانت شهادات الفنانين متباينة بشكل كبير، بين معجب بالصورة السينمائية وقدرة الممثلين على الإقناع بالمشاهد، وبين مقرر لوجود مشكلات كبيرة بالسيناريو، وآخرين معتبرين أن الفيلم سيحمل قدراً كبيراً من الصدمة لدى المشاهد الإماراتي بشكل خاص، متوقعين إثارته لمشكلات تتعلق بوجود بعض المشاهد الساخنة، والتركيز على نماذج بشرية سلبية في المجتمع.

صعود الفنانة الإماراتية المكرمة رزيقة طارش إلى منصة التكريم كان بمثابة موعد طرافة وعفوية مبدعة بنكهة خاصة. وألقت على الجميع سلامها الذي تلفظه بطريقة خاصة «سلامٌ عليكم» مع تنوين الضم. وأكدت طارش أنها مازالت بطموح وحماسة البدايات نفسيهما، مشيرة إلى أنها تعمل دائماً من اجل تلبية توقعات الجمهور لدورها في أي عمل يسند إليها، فيما كان أكثر مواقفها التلقائية التي رصدها بالضحكات الحضور، هو احتفاظها بمسافة مكانية كبيرة بينها وبين الفنان خليل شوقي وتحسسها الشديد من تجاوز تلك المسافة، قبل أن تودع منصة التكريم أيضاً بلازمة «سلامٌ عليكم».

في الوقت نفسه كانت دموع المخضرم العراقي خليل شوقي الذي يعد أحد أكبر الشخصيات سناً التي كرمها المهرجان خلال دوراته، حدثا شجياً، حيث شاب الرجل الذي صعد بهدوء شديد إلى منصة التكريم حالة شعورية شديدة الحميمية لمسها الحضور فتجاوبوا بتصفيق مدو، قبل أن يستذكر جانباً من خبرته في دبي منذ نحو ثلاثة عقود قائلاً «قدمت إلى دبي من اجل تصوير فيلم ما قبل 30 سنة، ولمحت مشهداً واقعياً لمزارعين يقومون بجدية شديدة بعملية نثر بذور ثمارهم المرتجاة، فقلت إن هذه البلد سيشهد نهضة فائقة في مختلف المجالات، وعندما قدمت الآن مكرماً قُدر لي أن أرى تلك الثمار بذاتي».

حضور الممثلة الكويتية المكرمة في هذه الدورة حياة الفهد كان محور اهتمام الفنانين، فهذه الفنانة تتمتع بمكانة كبيرة في نفوس الجميع. وأعربت حياة عن امتنان حار لهذا التكريم من قبل المهرجان، وحرصت على إيراد إشارة رآها الجميع أنها في غنى عنه، وقالت «أنا صاحبة دوري البطولة في أول فيلمين سينمائيين خليجيين، هما «بس يا بحر» و«الصمت»، في إشارة إلى اللغط الكثير الذي ينسج حول هوية أول فيلم سينمائي خليجي.

وشكل الفيلم البحريني «حنين» مناسبة مهمة جمعت معظم الفنانين لمشاهدته، وبدت الفنانة البحرينية هيفاء حسين أكثر المذكرات للآخرين بموعده عند التاسعة مساء، في الوقت الذي تحدت خمسة أفلام شبابية إماراتية سيادة الأفلام الفرنسية في تلك الليلة هي «صولو» للمخرج علي الجابري، الذي يروي قصة عازف موسيقي لم يجد فرصته في تحقيق هوايته الموسيقية نتيجة لاستهجان الناس سماع أنغام هذه الآلة. و«حبل الغسيل» للمخرج عيسى الجناحي، و«محفوظ» للمخرج محمد السعدي، و«بعد الظن» للمخرج ناصر اليعقوب، فيما فرضت أفلام المخرج الفرنسي فرانسوا فوجيل الذي احتفى بإبداعاته المهرجان هذا العام مذاقاً فرنسياً على هوية العروض في تلك الليلة عبر أفلام «السلطعونات» و«مطبخ» و«بعد المطر» و«لعبة القطط الثلاث الصغيرة» و«شارع فرنسيس» و«قطاف» و«منطقة ضاحكة» و«قيلولة تحت أشجار جوز الهند» و««سيرك مدهش حقا»، فضلاً عن فيلم «لوغوراما» الذي فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم تحريك قصير لهذا العام.

وعلى الرغم من أن بعض الفنانين من المتوقع مغادرتهم خلال اليومين المقبلين، من أبرزهم حياة الفهد التي ستعود بالفعل إلى الكويت غداً إلا أن تنوع الفعاليات وانتقاء المواضيع الرئيسة للجلسات النقدية الليلية بعناية شديدة، فضلاً عن ارتفاع عدد الأفلام إلى 141 جميعها عوامل جعلت راصدي أحداث المهرجان والمقربين من صناعة أحداثه يؤكدون أن الأيام الخمـسة المقبلة وصولاً إلى ليلته الختامية الأربعاء ستكون حتماً أكثر سخونة من الدورتين السابقتين. 

‏مـواصفات دولية‏

‏قال رئيس المهرجان عبدالحميد جمعة لـ«الإمارات اليوم» إن إدارة المهرجان تأمل أن يكون دعم النشاط السينمائي لدى الموهوبين هماً مشتركاً بين مختلف المؤسسات»، وطالب جمعة باستثمار الحراك الإيجابي الذي تمكن مهرجانا دبي السينمائي، والخليج السينمائي من صنعه، من أجل الوصول إلى ثمار حقيقية وملموسة لهذا الجهد، مضيفاً «العمل السينمائي بحاجة إلى تراكمية وتضافر في العطاء، لذلك علينا جميعاً أن نتحلى بمزيد من الصبر من أجل حصد ثمار كل تلك الجهود المبذولة واستيلاد فن قادر على استيعاب قضايانا وأحلامنا بكل ما فيها من خصوصية، مؤكداً أن الدراما السينمائية قادرة على المشاركة بفاعلية في مختلف ميادين التنمية من خلال تنشئة جيل متمكن من أدواته الفنية من بين السينمائيين الشباب ومتاح له كل هذا القدر من الاحتكاك بمدارس فنية مختلفة عبر المشاركات المهرجانية.

واعتبر جمعة الزيادة الكمية المتواترة في عدد الأفلام التي تترشح للمشاركة في مهرجان الخلـيج مؤشراً إلى تنامي السمعة الجيدة للمهرجان خليجياً ودولياً، وأوضح أنه على الرغم من أن «التصنيف المنطقي لهذا المهرجان يضعه بين مصاف المهرجانات الدولية نسبة لتعدد هوية الأفلام المشاركة، والمنهجية الدقيقة التي تتبعها لجانه التنظيمية بما في ذلك لجنة التحكيم، إلا أن الهدف التأسيسي المرتبط بخطوات تأسيس حراك سينمائي خليجي جعلنا نهتم بالنتائج أكثر من مجرد الاهتمام بالمسمى الرسمي للمهرجان الذي ترسخ وجوده في وقت قصير زمنياً مع انطلاقة دورته الثالثة.‏

الإمارات اليوم في

09/04/2010

####

‏24 فيلماً عن العراق‏

دبي ــ الإمارات اليوم‏

‏يسلط مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثالثة الضوء على واقع الحياة المعاصرة في العراق ومعاناة شعبه من خلال عرض مجموعة من الأفلام التي أبدعها نخبة من ألمع المواهب السينمائية العراقية. ومن المقرر عرض 24 فيلماً من العراق في المهرجان تتوزع بين الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية وتلك التي تعرض في مختلف برامج المهرجان خارج المسابقة. وتقدم هذه الأعمال صورة واقعية عن مختلف نواحي الحياة في العراق، يتناول بعضها موضوعات سياسية قوية في حين يروي البعض الآخر قصصاً شخصية رائعة على خلفية الواقع السياسي والاجتماعي الحالي في البلاد.

ويعتبر فيلم «ضربة البداية» للمخرج شوكت أمين الفيلم الروائي العراقي الوحيد الذي يعرض في المهرجان ويروي قصة الشاب المثالي آسو الذي يقوم بتنظيم مباراة لكرة القدم بين الصبية الأكراد والعرب من العراقيين الذين يعيشون في ملعب بكرة القدم يعاني من الدمار. ومع حلول الموعد المنتظر، تتحول حياة هؤلاء إلى فوضى رهيبة إثر حادث مأساوي. وكان فيلم «ضربة البداية» حاز جائزة المسيرة الجديدة من مهرجان بوسان الدولي للسينما.

وتشارك في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة مجموعة كبيرة من الأعمال العراقية التي تناقش العديد من القضايا الاجتماعية المهمة بما في ذلك موضوع الفساد السياسي في فيلم «ثم ماذا؟» للمخرج جاسم محمد جاسم، وتروي المخرجة سحر الصواف في فيلمها «أم عبدالله» قصة أرملة تواجه مختلف الصراعات والتعقيدات الاجتماعية في البلاد، وهناك أيضاً فيلم «اسكتي.. هذا عيب» للمخرج حسين حسن الذي يتابع معاناة فتاة عراقية تعيش في أسرة محافظة، وفيلم «اللقالق» للمخرج جمال أمين الذي يسلّط الضوء على العلاقة بين الأجانب من مختلف الجنسيات في المجتمع الدنماركي.

ويحضر المخرجون العراقيون الشباب بقوة في مسابقة الأفلام القصيرة للطلبة، حيث يشارك المخرج إياس جهاد بفيلمه «كوابيس» الذي يروي قصة معلّم مدرسة ابتدائية، يرى في منامه يوماً روتينياً في العمل، ينتهي بإعدامه شنقاً. أما فيلم «ألوان ديمقراطية» لمناف شاكر وفلاح حسن، فيتناول بشكل رمزي حافل بالألوان قضية تزوير الانتخابات، في حين يتطرق فيلم «تهجيات» إلى موضوع رد الجميل، وهو من إخراج سرهد عبدالحامد الزبيدي.

ويسجل فيلم «انهيار» للمخرج هادي ماهود انهيار البنية الثقافية في العراق في أعقاب سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين عام .2003 أما المخرج العراقي فاروق داوود، المقيم في المملكة المتحدة، فيقدم فيلم «كوكب من بابل» الذي يتناول تأثير المعاناة الاجتماعية والسياسية في ظهور الأغنية العراقية الحديثة قصيدة ولحناً.

ويوثق فيلم «80-82» للمخرج حميد حداد عمليات التسفير التي جرت في عهد النظام العراقي السابق، والتي طالت مئات الآلاف من العراقيين، ممن وجدوا أنفسهم في أرض غريبة بلا وطن، في حين يكشف فيلم «أحلام تبحث عن أجنحة» للمخرج عباس مطر عن معاناة أهالي بغداد من الفقر وكفاحهم للحياة في شوارع المدينة. أما فيلم «هذه الليلة، الأسبوع القادم» للمخرج خالد الزهراو فيحقق في أسباب اختفاء السينما العراقية في أعقاب سقوط النظام السياسي السابق عام 2003 .ويقدم المخرج قتيبة الجنابي تحية إلى السينمائي الكبير خليل شوقي عبر فيلمه الوثائقي «خليل شوقي: الرجل الذي لا يعرف السكون».

وتشمل أفلام الطلبة المشاركة في المهرجان فيلم «غرباء في وطنهم» للمخرج هاشم العيفاري الذي يروي قصة مجموعة من الشباب العراقيين، يعيشون ظروفاً صعبة خلال موجة التغيير التي اجتاحت العراق، حيث أجبروا على العمل مع الأميركيين في الترجمة، ويتناول المخرج أحمد الديوان في فيلم «صناعة الحياة» قصة طلبة في كلية السينما ببغداد، والتحديات التي يواجهونها في إنتاج فيلم التخرج في الكلية في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.

ويقدم المخرج حسنين الهاني فيلم «يوم في حياة رجل المرور» الذي يروي قصة «رياض»، شرطي مرور وأب لأربعة أبناء في كربلاء جنوب العراق، وكيف يتعامل مع الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد بشكل يتعدّى نداء الواجب، ويتحدث فيلم «الحلاق نعيم» للمخرج محمد نعيم عن رجل غير عادي يعمل محاضراً في جامعة بغداد خلال النهار، وحلاقاً في محله ببغداد بعد الظهر.

ويأخذنا المخرج لؤي فاضل في فيلم «باستيل» إلى رحلة في عالم فنان، تصوّر فيها اللوحات مشاهد واقعية مؤلمة بألوان الباستيل، التي تحوّل المكان إلى لوحة بديعة.

الإمارات اليوم في

10/04/2010

 
 

هل حرم محمد الدراجي السينما العربية من فيلم روائي جميل جدا؟

محسن الهذيلي

منذ البداية كان المخرج محمد الدراجي منتبها إلى البعد الروائي لفيلمه، فقد حدثنا عن المقارنة التي ربما نبهته إليها واقعيا أمه وترتبط بالعلاقة الأصيلة بين السينما في الخارج كما يعيشها الناس العاديون يوميا وخاصة في العراق ما بعد الاحتلال والسينما في الكاميرا وفي عقول مخرجيها ومبدعيها بشكل عام. أي ذلك الخيط الرفيع كما يقول عنه محمد الدراجي الذي لو قطعناه قطعنا كل فصل بين السينما والواقع.

وهو يقدم لفيلمه في إحدى قاعات "الغرون سينما" في "فيستيفول سيتي" في دبي رأينا في عيني محمد الدراجي بريقا رأيناه أيضا أثناء الفيلم ويعكس ذكاء إبداعيا غير عادي.

الذي فاجئني بعد انتهائي من مشاهدة فيلم  الدراجي الجديد هو كيف  أمكن لهذا المبدع شديد الذكاء أن يترك فيلمه دون تصنيف سينمائي ولا ينتبه إلى أنه كان يمكنه أن يصنع بفيلمه "حرب حب رب وجنون" فيلما من أجمل الأفلام الروائية التي أنتجتها السينما العربية في الفترة الأخيرة، تساءلت لماذا لم يدر بخلد الدراجي فكرة حذف بعض الدقائق - وخاصة في خاتمة الفيلم ومشهد إعلانه بشكل مباشر عن اليوم الأول من التصوير- وتصوير دقائق أخرى من خارج الساعات المائة والعشرون التي جمعها حول أجواء تصوير فيلمه أحلام، دقائق تصوير جديدة يصل بها الدراجي بين أجزاء فيلمه الجديد فيكون فيلما روائيا بامتياز، بل يكون أكثر من ذلك، فيلما من أجمل ما يمكن للإنسان أن يشاهده في هذه الفترة التي تمر فيها السينما العربية بفترة فراغ حقيقي.

فيلم محمد الدراجي الجديد لم يكن ينقصه عن الفيلم الروائي  شيئا، الحكاية وتشويقها كانا هناك، الشخوص كانوا هناك أيضا وكانوا حقيقيين تماما والإيقاع الموحد والمتصاعد على امتداد الفيلم كان مثل فلق الصبح.

منذ البداية أحسسنا أننا إزاء فيلم "روائي" درامي حيث رأينا مخرجا عراقيا يتحايل على الظروف كي يصور فيلمه الأول في بلاده التي تعيش حربا تدميرية، وكان يهدف من وراء ذلك مساعدة هذه البلاد على تجاوز حدادها من خلال صنع الفن وخاصة السينما، منذ كذبة المخرج على حرس الحدود بأنه جاء يصور لصالح قناة الجزيرة، منذ ذلك الحين بدأ الفيلم غير وثائقي، أي بدأ روائيا وبدأت حكايته وما يسمى بالإنجليزية "الفكشين". هذه الأخيرة أحسسناها بعد ذلك أيضا في علاقة المخرج بأبيه وشخصية هذا الأخير الذي لم يعد يستطيع التكلم وإنما يقلب نظره بين الوجوه.

في مشهد إقناع المخرج أمه أن توافق على تصويره فيلمه في بغداد وأن تمنحه بركتها، كان هناك حكاية وانفعالات من داخل الفيلم وخارجه أي لدى الجمهور وكان أبو المخرج وأمه شخصيتان دراميتان في الفيلم. كنا متشوقين ونحن نتابع هذه المشاهد كيف سيكون رد فعل الوالدة، وهو موقف لم يكن من الممكن التنبؤ به، الخروج للتصوير مع فريق يتكون أغلبه من العراقيين الشباب لم يكن مسألة وثائقية في إحساسنا بها، كان الخوف والرعب يملؤ أفئدة الجميع وكان هناك ترددات، وهذا الشعور كان موجودا في كامل الفيلم وكان متعلقا بهيكله وعمارتها وكذلك بعناصره التفصيلية. وهذه الخصائص تواصلت حتى في عملية بحث المخرج عن الفتاة التي سوف تقوم بدور المرأة التي تم اغتصابها حسب قصة الفيلم الذي ينوي المخرج تصويره في بغداد، وكذلك في اختيار ممثلين آخرين مثل ذاك المدمن على الكحول والذي كان يستجدي المخرج أن يمنحه دورا فهو بدون مأوى، أسلوب ظهور شخصية ذاك الشبه معتوه هو أقرب إلى أجواء الشخصيات الدرامية الروائية منه إلى فرد نصوره في فيلم تسجيلي، كما أن المخرج قد التقى في طريقه شخصيات مهمة و"سينمائية" أخرى مثل ذلك المتسول ذو الوجه "الفوتوجينيك" وكيف أعطاه المخرج دورا في فيلمه وجعله يرقص على خلفية وجهه بتلك الورقة النقدية.

كل هذا جعلنا نتابع الفيلم ونحن مسمرين في مقاعدنا ننتظر بشوق حار نهاية الفيلم أو نهاية السينما أو بدايتها في بغداد الحرب والقتل والاحتلال. وكان فيلما فتحنا على كل الأحاسين التي عاشها ويعيشها أولئك الناس الذين ابتلاهم الله بالسكن في بغداد وفي العراق في فترة الإحتلال.

بقي أن الفيلم - بالنسبة لهذه المسألة- لا يوقفنا على آثار الدمار والقتل والاحتلال فقط بل يفتحنا أيضا على الحياة بأبعادها المتنوعة والمتناقضة:  الخوف والأمان، الحزن والفرحة، الهزيمة والانتصار، ولو كان هذا الانتصار هو انتصار الفريق الوطني العراقي لكرة القدم وخروج الجمهور إلى الشارع يعبر عن فرحته التلقائية تحت بنادق الشرطة التي كانت تحرس عفويته في الفرحة وتعبيره عن رفض احتلال العراق وتقسيمه بإعلانه انتصار كل العراق.

على مستوى جماليات الفيلم نلاحظ أن الفيلم قد انفتح على الحياة الحقيقية في العراق فصور أنها رغم غلبة الحرب والموت والدمار عليها إلا أنها تحتوي ساعات للسلم والحياة والبناء، لذا تنوعت أصوات الفيلم وألوانه، فالفيلم يأخذ أصوات الطائرات الحربية والمدافع والعيارات ومحركات السيارات الفارة ولكن يمزجها بصوت الأذان وأصوات هتافات الشباب بانتصار الفريق الوطني العراقي، الخ.

على مستوى الألوان، صور المخرج فيلمه في الليل والنهار، وفي هذا الأخير أرانا ألوان الغروب الشفقية الشاعرية وألوان خضرة الأشجار تحت أضواء الشمس المتدفقة.

الآن نستعرض بعض مشاهد الفيلم التي لا يمكننا نسيانها مثل مشهد هروب تلك السيارات القديمة والرثة أمام طلق النار وكيف كانت تتزاحم فارة دون أن تتصادم وذلك في ساحة تملؤها الزبالة، هذا المشهد كان قويا وأصيلا، هناك مشهد التصوير عند سكة القطار وكيف تجمع الجنود الأمريكيون يتعرفون ما يجري وكيف أن السؤال الذي كانوا يطرحونه هو: هل أنكم فعلا تصورون أم توهموننا بذلك وأن الفيلم الحقيقي هو ذلك الذي سوف نظهر فيه.

من المشاهد أو الأحداث السينمائية الجميلة في الفيلم المشهدين الذين رأينا فيهما ذلك المخرج الشاب وقد اتخذ مكانه من الفراش لينام بينما يسيطر الخوف على باقي فريقه الفني فلا يهدؤون أو يغمضون جفونهم، كانت مسألة أن نرى مخرج فيلمنا قادرا على النوم دون أرق ودون خوف وإغماض عينيه أمام الكاميرا ، كان ذلك بقدر ما يعطي فسحة في الفيلم بالنسبة للمشاهد المرعبة فيه، كان يعطينا إحساسا بالإنتصار لأن ذلك المخرج الشاب ليس سوى بطلنا في الفيلم وهو بسلوكه ذاك يكون قد انتصر على الخوف الذي يهدد به الاحتلال العراقيين، أي انتصر على المحتل.

التساؤل الذي أحب أن أنهي به هذا المقال هو هل أن الوقت قد فات على محمد الدراجي حتى يصور بعض دقائقه الناقصة في الفيلم ويحذف دقائقه الأخرى الزائدة ليجعل من "حرب حب رب وجنون" فيلما روائيا بامتياز يشارك به بصفته الروائية في عديد المهرجانات ويحصل به على عديد الجوائز، لأن الفيلم متفوق بجدة إشكاليته وأسلوبه السينمائي الذان يمثلان أكثر من تلك الواقعية التي يتحدث عنها حتى المخرج نفسه، إنها سينما روائية تجريبية على حدود الموت والحياة تأرخ لعمق وأصالة الأحاسيس المتناقضة التي تعيشها الإنسانية في العراق اليوم.

لا ننسى أن ننوه في آخر هذه الورقة بجمالية الموسيقى التي أنهى بها محمد الدراجي فيلمه، وهي من أجمل ما سمعت لنصير شما، وقد تماشت أجواؤها مع أجواء الفيلم، حيث كانت بها ملحمية مرتبطة بأصوات وأوقات خاصة بتلك المنطقة من العالم.

موقع ـ Visionary FX في

10/04/2010

####

يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، اليوم الأول من مهرجان الخليج السينمائي

محسن الهذيلي  

بمناسبة اليوم الأول لمهرجان الخليج السينمائي - الذي لبس حلة إماراتية وخليجية أنيقة- شاهدنا عدة أفلام سوف نشير إلى ما علق منها بذاكرتنا الصورية أو الفيلمية.

في الحقيقة أمست مهرجانات الإمارات عموما فرصة بالنسبة لي لمتابعة أعمال بعض المخرجين الخليجين والتعرف على مدى تطورها، ومهرجان الخليج الذي أحضره لأول مرة هو إحدى هذه المهرجانات المهمة التي يمكنها أن تعطي فكرة واضحة عن مستوى السينما الخليجية وآفاق نموها.

بالنسبة لليوم الأول من مهرجان الخليج السينمائي ولأنني متتبع لتجارب بعض السينمائيين بالتحديد ولأن عروض أفلامهم لم تكن تجري في ذات القاعة فقد كنت مجبرا أثناء العروض على التنقل بين عدد من القاعات، التي لم تكن كلها تعرض أفلاما في المسابقة الرسمية، في هذه الرحلات بين القاعات المختلفة أمكننا الاستمتاع بثلاث أفلام سوف نتحدث عنها ولو باختصار.

الفيلمان الأولان كانا يعرضان خارج المسابقة الرسمية وهما فيلم "محفوظ" لمحمد السعدي من الإمارات وفيلم "العصفور الأزرق" لموسى جعفر الثنيان من السعودية، وتتوفر في الفيلمين عموما مواصفات الأفلام الجميلة حيث نلاحظ فيهما بحثا واضحا في اختيار لقطاتهما سواء على مستوى اختيار مكان التصوير أو إدخال بعض الديكورات الجديدة عليه أو في التثبت من حسن اختيار زوايا اللقطات وتنويعها، أما حركة الكاميرا فقد كانت في الفيلمين رشيقة ومدروسة عموما. كما تميز الفيلمان بحكايا واضحة ومشوقة وأحيانا مأثرة جدا.

من المآخذات على فيلم "محفوظ" لمحمد السعدي بعض عدم الوضوح في الصورة وذلك في عدد غير قليل من اللقطات، وهذا رغم جمالية التأطير الصوري وحركة الكاميرا وخاصة في إحدى اللقطات الواسعة حين تحريكها أي الكاميرا من اليمين إلى اليسار ثم العودة بها لحاجة المشهد من اليسار إلى اليمين.

بالنسبة للأداء التمثيلي كانت الممثلة أشواق رائعة وكذلك بالنسبة لأداء عبد الحميد البلوشي وأحمد سلمان.

بالنسبة لفيلم "العصفور الأزرق" لموسى جعفر الثنيان فقد شاهدنا مبالغة في اعتماد بعض زوايا التصوير وخاصة التصوير من تحت في مستوى الأرض وكذلك إطالة بعض المشاهد وبطئ الحركة فيها أحيانا، على مستوى الديكور كان الثنيان أكثر بخلا وأقل توفيقا من السعدي، حيث لم يحسن تأثيث قاعته للرياضة ولو بحضور أكبر للجمهور، نرى أيضا أن بعض اللقطات في الفيلم قد أخذت أكثر من حقها من الوقت، الأمر الذي جعل الفيلم دون إيقاع واضح ودفع المخرج إلى اعتماد الموسيقى التصويرية أكثر من اللزوم ما خلق حالة أقرب إلى الصخب منها إلى الموسيقى التي تآزر الصورة في صنع الدراما.

بالنسبة للتمثيل كان أداء الطفل صالح الثنيان جميلا جدا، تعبيرات وجه الممثل مشعل النهاش وهو يرافق الطفل أثناء ركوبه الكرسي المتحرك في آخر الفيلم كانت لطيفة وبالغة.

الفيلم الثالث الذي أريد أن أتحدث عنه هو لعبد الله آل عياف من السعودية وقد التزم فيه المخرج حكاية واقعية فيها مقارنات طريفة وظريفة سواء على مستوى الحكاية نفسها، شخوصها أو حواراتها، كما احتوت الحكاية مفاجئات عديدة، هذا مع العلم أن عمق الحكاية وظرافتها إنما نكتشفه مع انتهاء الفيلم حين يظهر الجينيريك، والسبب في ذلك هو طول لقطات الفيلم التي رغم قيمتها الجمالية ونجاح المخرج في بناء ديكورها وإطارها المشهدي إلا أنها لطول وقتها أعطت إحساسا بثباتها وتجمدها وعدم الحركة فيها. ولكن الذي وقف دون أن يفقد الفيلم بريقه الناتج عن عديد مميزاته في الحقيقة هو أداء ذاك الممثل "العجيب" الذي لا أعرف من أين خرج لي وهو الأستاذ إبراهيم الحساوي، فأداء هذا الرجل شبيه بأداء أكبر الممثلين العرب والعالميين. أداء عبد الله الأحمد كان تلقائيا وجميلا أيضا.

موقع ـ Visionary FX في

10/04/2010

 
 

"الحارس" العماني بين الأفلام القصيرة في مهرجان الخليج السينمائي

مسعود أمر الله يؤكد على نشر الثقافة البصرية

دبي – سماء عيسى وعبدالله حبيب

تتواصل الفعاليات الغزيرة للدورة الثانية من مهرجان الخليج السينمائي المقام في دبي حالياً وسط إقبال جماهيري شديد.

وقد دأت أمس السبت عروض الأفلام القصيرة التي كان من بينها فيلم "الحارس" للمخرج العماني خالد الكلباني، وهو الفيلم الثالث لهذا المخرج الشاب بعد "الحافلة" و"بياض" الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم روائي قصير في مهرجان مسقط السينمائي الثاني للأفلام التسجيلية والقصيرة. كتب سيناريو الفيلم قيصر الهنائي، وصوَّره محمود الحسيني، وأدى أدوار بطولته منيرة الحاج وأنور الرزيقي.

والفيلم رمزي يتكئ إلى ماضٍ قاسٍ ومرير يطارد حارس قلعة لا يجد بداً من الدخول في عذابات متواصلة وكوابيس تلاحقه باستمرار، مما أدى إلى هروب زوجته منه ثم فصله من عمله، وقد أدى الدور هنا باقتدار أنور الرزيقي. وبعد العرض أجرى حوارا بين المخرج والجمهور عقَّب فيه الأول حول ما أثير عن غموض نهاية الفيلم وسيطرة الموسيقى التصويرية على مناخه وعدم تناسقها مع أجواء الصمت والهجير والعزلة التي تحيط بالمكان قائلاً إنه يرى على العكس من ذلك؛ إذ إن الموسيقى التصويرية هنا لعبت دوراً في توضيح أعمق لآلام وعذابات الحارس موضوع الفيلم، فضلاً عن أن جمالياتها تناغمت وجماليات المكان.

وفي فئة الأفلام القصيرة عرض أيضاً الفيلم السعودي "عايش" للمخرج عبدالله آل عيَّاف وممثله القدير إبراهيم الحساوي ذو الخبرة الطويلة في تمثيل تلفزيوني ومسرحي بأسلوب خاص. وقد عالج الفيلم بشعريَّة وشفافيَّة ثيمة الحياة والموت وانعكاسهما على رجل يعيش وحيداً ويعمل حارساً لثلاجة الموتى. أما العروض الأخرى في هذه الفئة فقد جاءت متفاوتة المستوى وإن كان قد تميز منها فيلم "صولو" الذي كتبه الروائي البحريني المعروف فريد رمضان وأخرجه الإماراتي علي الجابري في مثال "تعاونيٍّ" جدير بالإكبار.

الأفلام الروائية الطويلة: "حنين" كما تم عرض ثاني الأفلام الروائية الخليجية الطويلة لهذه الدورة من المهرجان في كبرى صالات العروض التي امتلأت بالجمهور، وهو فيلم "حنين" للمخرج البحريني حسين الحليبي الذي كان قد أخرج فيلماً روائياً آخر من قبل وهو "أربع بنات" حصد به ثالث جوائز الدورة الأولى من المهرجان. كتب سيناريو الفيلم الكاتب خالد الرويعي، وممن مثل فيه علي الغرير، وصاعدة النجم هيفاء حسين، وخالد فؤاد، والقديرة مريم زيمان.

ويعتبر الفيلم خطوة مهمة نحو تعزيز السينما السياسية في الخليج (والسينما في البحرين خاصة معروفة بهذه النزعة) حيث يعالج الفيلم بجرأة بالغة الاشكالات المؤسفة الناجمة عن مرض العصر في المجتمعات العربية والإسلامية والخليجية خاصة؛ أي الطائفية البغيضة التي تعد ظاهرة مَرَضيَّة دخيلة ونتوءاً نشازاً على أصالة المجتمع البحريني المتعدد، وذلك نتيجة لانحسار تيارات التيارات القومية والعقلانية والحداثية واليسارية وتعطيل الحريات المدنية.

وعلى الرغم مما شاب الفيلم من تسيِّب في الزمن، وثغرات واضحة في السيناريو، واستدراج عاطفي مكشوف لمشاعر المُشاهد عبر اللجوء القسري إلى عدد من الأغاني العاطفية تصل إلى درجة البكائيات الميلودرامية والرومانسية الساذجة الشائعة في السينما التجارية في مصر والهند، والتي تُضحِك أكثر مما تطعن القلب أو الروح، إلا أن الفيلم يظل في النهاية ضرورياً من حيث التفاته إلى مرض الطائفية المستزرع في البحرين والخليج؛ وهو مرض قد يتحول إلى داء عضال ووباء قاصم ما لم تقم الثقافة بشكل عام والسينما بصورة خاصة بتقويض جدرانه قبل أن يفتك بنا وبخليجنا؛ إذ هو في نهاية المطاف أداة الاستعمار (بمختلف أشكاله القديمة والجديدة، المحليَّة والأجنبيَّة) وقوى السلفية والظلام (التي ليس لديها سوى شكل واحد وتأويل واحد للنصوص) على حد سواء. كما أن الفيلم يثبت ضرورة وجود مناخ حر لا يمكن بدونه أن تنتعش السينما في الخليج إذا كان لها أن تلامس الأسئلة والقضايا التي تمس حياة مواطنيها.

غير أن أكثر مما يؤخذ على الفيلم بخاصة لأنه يريد بإصرار أن يكون فيلماً "سياسياً" من دون التوافر على رؤية كاملة وعميقة تؤهله لأن يكون كذلك، ولأنه لم يكن حذراً في رؤية الشعرة الدقيقة التي تفصل ما هو سياسي عما هو إبداعي – هو الوجه الحضاري الذي قدمه المخرج لرجال الأمن "رمز السلطة"، والذين ظهروا أبرياء من عملية نزف الندم باسم الدين منقسماً في أجنحة شيعية وسنيَّة وزيديَّة وغيرها من تقسيمات غريبة لا نعتقد أن السلطات عبر التاريخ كانت بمنأى منها وتطويعها لصالح أغراضها.

الندوة النقدية الأولى وعلى هامش المهرجان عقدت الندوة النقدية الأولى بعنوان "مهرجان الخليج السينمائي: تساؤلات" التي استمرت حتى الثانية من صباح أمس تحدث فيها مدير المهرجان مسعود أمر الله عبد الحميد عن الثمار الإيجابية التي جناها السينمائيون الخليجيون بعد ثلاث دورات من المهرجان. وأهم تلك الثمار ان المهرجان قد أصبح بيتاً لكل سينمائي خليجي؛ فهو يضم فنانين من مختلف الأقطار ومختلف الأجيال أيضاً.

كما تحدث عن الصعوبات والعوائق التي تعترض المهرجان، بل وعن ضرورة التغلب عليها بالتأكيد على أهمية الاستمرارية حفاظاً على تأسيس وتطوير صناعة سينمائية متقدمة في الخليج. كما تحدث عما يحمله الأمل من ولادة جيل جديد من السينمائيين في الخليج في مختلف التخصصات التقنية وبصورة متضافرة، وعن ضرورة نشر الثقافة البصرية بشكل عام في الخليج.

الشبيبة العمانية في

11/04/2010

####

المنتج فهد غازولي:

انتظروا عرض "الشر الخفي" على الفضائيات قريبا 

قال المنتج د. فهد غازولي إنه يشارك بمهرجان الخليج السينمائي في السنة الثالثة على التوالي بالفيلم السعودي "الشر الخفي"، كأول تجربة سينمائية حقيقية لفيلم سينمائي سعودي رعب، كاشفا أن العرض الأول للفيلم سيكون ضمن فعاليات المهرجان يوم الثلاثاء المقبل 13 إبريل/نيسان الجاري، مؤكدا أنه يسعى لعرضه عبر القنوات الفضائية بعد انتهاء المهرجان، كما توجد خطة لتسويقه وعرضه على dvd.

وأكد "غازولي" -لبرنامج صباح الخير يا عرب يوم الأحد 11 إبريل/نيسان الجاري- أنه حرص على أن يكون فيلم العمل السعودي مغايرا هذه المرة عما تم تقديمه من قبل في السنوات السابقة، حتى تم الانتهاء من فيلم "الشر الخفي" بالاتفاق مع مخرج العمل وصاحب الفكرة "محمد هلال"، مشيرا إلى أن ورشة عمل الفيلم استغرقت 9 شهور ليتم إخراجه بالشكل المناسب، موضحا أن الفيلم يختلف بذلك عما يعرض بمهرجان الخليج السينمائي.

وأشار إلى أن إنتاج الفيلم فردي، ولكن لديه خطة لتسويق هذا الفيلم، ليشاهده الجمهور خارج حدود مهرجان الخليج السينمائي.

وأكد مخرج الفيلم "محمد هلال" أن هذا الفيلم هو العمل الثاني الذي يشارك به في المهرجانات، مشيرا إلى الصعوبات التي واجهته أثناء تصوير الفيلم، قائلا إن فريق العمل كان من الكوادر الجديدة في مجال التمثيل، والفيلم يتطلب أن يكون الأشخاص المشاركون فيه لديهم ملامح مميزة وقدرة على توصيل تعبيراتهم إلى الآخرين؛ حتى يتأثر المشاهد بأحداث الفيلم، الأمر الذي يتطلب منه جهدا إضافيا لإبراز هذا الجانب.

وأضاف أنه وجد مرونة في التعامل مع الممثلين الذي تعامل معهم في أعمال سابقة، إلا أنه بذل جهدا كبيرا مع الممثلين الجدد، مشيدا بكاتب سيناريو الفيلم "بندر باجبع" موجها له التحية؛ باعتبار أن هذا الفيلم هو أول تجربة سينمائية بالنسبة له، لأن أعماله كانت منحصرة على كتابة النصوص المسرحية.

وقال الممثل السعودي "جاسر الجهني" -الذي يشارك في فيلم الشر الخفي- إنه يتواجد في الفيلم أمام الكاميرا وأيضا خلف الكاميرا، مشيرا إلى عدم وجود صناعة للسينما بالمملكة، إلا أنه تمنى أن يكون "الشر الخفي" بمثابة تجهيز أرض خصبة للجيل القادم لتقديم المزيد من الأعمال السينمائية السعودية، والهدف من وراء الفيلم أن يكون وسيلة تعبير لطرح مشاكل اجتماعية.

وأشار منتج الفيلم إلى التأثيرات الصوتية المركبة التي استخدمها "هلال" وكيفية دمجه بين وظيفته كمخرج واهتمامه بالتفاصيل الأخرى المتمثلة في استخدام أحدث تقنيات التصوير طبقا لإحساسه بالعمل.

وأعرب "هلال" عن سعادته وافتخاره بترشيح فيلمه لعرضه ضمن فعاليات مهرجان الخليج السينمائي ضمن 800 فيلم، متمنيا أن يفوز الفيلم بجائزة في المهرجان.

وقال "جاسر" إنه يتمنى أن يصل إلى القمة بشكل تدريجي، معتبرا أن المشاركة في المهرجان في حد ذاتها شرف لفريق العمل.

ويشار إلى أن قصة فيلم "الشر الخفي" تدور حول فيلا في حي راقٍ يواجه كل من يسكنها مجموعة من الحالات الغريبة، ويستفيد من هروب المستأجرين صاحب العقار الاستغلالي الذي لا يسكن في قلبه سوى الشر؛ الذي يتجسد في دور العفريت المفزع الموجود داخل الفيلا، وتنكشف الأسرار الغامضة في نهاية الفيلم عن طريق شاب يسكن "الفيلا" مع عائلته، وتبلغ مدة الفيلم ساعة وأربعين دقيقة.

ويشارك في بطولة الفيلم صالح خلاقي وفهد غزولي ومشاري هلال وبندر باجبع وأشرف اليافعي وماجد الكعبي وجاسر الجهني وأحمد بادوري ودعاء ونورة وسارة وهوازن ومؤيد مغربي وسالم شحبل وطاهر مدني ومحمد العديني ومجموعة من الشباب الموهوبين.

الـ mbc.net في

11/04/2010

 
 

‏‏‏رد الاهتمام بالأفلام القصيرة إلى الصيغة التـكاملية مع «مهرجان دبي»

عبدالحميد جمعة: المهرجان بوابة لاستيعاب تجارب مواهب خليجية

السينما الخليجـية بحاجة إلى داعمين‏

محمد عبدالمقصود – دبي

‏قال رئيس مهرجان الخليج السينمائي عبدالحميد جمعة، إن «المهرجان في دورته الحالية نجح في استقطاب أكثر من 1300 فيلم من مختلف أنحاء العالم، قبل أن تنتخب لجنة الاختيار الـ194 فيلماً المشاركة، كاشفاً أن هناك عدداً كبيراً منها جاء من دول غير خليجية، ما جعل عدد الدول المشاركة في المهرجان يقفز إلى 34 دولة في مؤشر دال على الصدى الطيب الذي اكتسبه المهرجان، ليس على الصعيد الخليجي فقط، بل في مختلف الدول المهتمة بصناعة السينما».

وناشد جمعة في حوار مع «الإمارات اليوم» المؤسسات في دول الخليج التكاتف لدعم السينما الخليجية، ورد اهتمام مهرجان الخليج بشكل أكبر بالأفلام القصيرة، إلى «الصيغة التكاملية مع (دبي السينمائي) الذي يشهد اهتماماً اقل بهذه النوعية من الأفلام، فضلاً عن طبيعة التجارب الشابة التي تتحسس خطواتها السينمائية الاستهلالية بالفيلم القصير».

وطالب جمعة باستثمار الجهود التي أسس لها بشكل مميز مهرجان دبي السينمائي الذي انبثق منه مهرجان الخليج، معتبراً العلاقة بين المهرجانين تكاملية، مضيفاً «يشهد مهرجان دبي السينمائي مشاركات خليجية متميزة، إلا أن اللجنة المنظمة في هذا الصدد ترمي من وراء المشاركة الخليجية في (دبي السينمائي ) إلى المزيد من توفير فرص الاحتكاك الفعلي بالسينما العالمية وبعض أبرز الفاعلين فيها، سواء على الصعيد الفني أو الإنتاجي، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للحراك السينمائي الخليجي للتعريف إلى خصوصيته في هذا المحفل الدولي، فيما يبقى (الخليج السينمائي) البوابة الرئيسة لاستيعاب الإبداع السينمائي الخليجي ومناقشة همومه».

صندوق

ودعا جمعة كل المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية في مختلف دول الخليج للتكاتف من أجل إطلاق صندوق لدعم السينما الخليجية، مؤكداً أن أحد أهم العوائق والتحديات أمام تطور هذا الحراك إلى شكل الصناعة السينمائية الحقيقية، هو تضاؤل الدعم المادي لإنتاج أفلام سينمائية تستوفي المتطلبات التقنية والفنية والشروط الإنتاجية التي تستهدفها الرؤية الإخراجية .

واعتبر اقتصار عدد الأفلام الروائية المشاركة في المهرجان، على سبعة أفلام فقط، أحد آثار غياب هذا الدعم، رغم تأكيده أنه رقم مقبول في تلك المرحلة، مشيراً إلى أنه كان من الممكن أن يكون هذا الرقم مضاعفاً في حال كان هناك تكاتف أكبر لدعم السينما الخليجية من خلال هذا الصندوق المشار إليه، لكن الوصول إلى عدد سبعة أفلام روائية هذا العام يبقى رغم ذلك مقبولاً في ظل تراجع الإنتاج السينمائي في دول كثيرة عريقة في مجال السينما، في مقابل حداثة التجربة الخليجية.

وذكر أن هناك «الكثير من الإنجازات التي استطاع أن يحققها المهرجان خلال تلك الفترة القصيرة التي مضت على إطلاقه، كما أن هناك أهدافاً أخرى يتم السعي إلى بلوغها عبر استراتيجية تؤمن بقدرة اللغة السينمائية على التأثير، سواء في المجتمع الذي تنبثق منه، او في ما يتعلق بالتواصل الثقافي والفني مع الآخر، واتاحة نافذة مهمة للانفتاح على العالم».

واعتبر أن المتتبع لإبداعات المخرجين الشباب عبر دورات المهرجان الثلاث المتواترة، سيرصد تصاعداً في الكفاءات من الناحية الفنية، يرجع إلى توافر مزيد من الاحتكاك والمزيد من فرص قراءة تجارب مختلفة، وأيضاً بناء جسور مع بعض المنتجين المهتمين بالفيلم الخليجي، وغيرها من العوامل التي يسعى المهرجان إلى أن يكون منصة دائمة لتوافرها.

بُعد عن التقوقع

ولفت رئيس مهرجان الخليج السينمائي بشكل خاص إلى إيجابية السعي لتوفير تجارب سينمائية منتمية إلى مدارس فنية مختلفة أمام الشباب وابتعاد المهرجان عن التقوقع على التجارب الخليجية فقط، وهو ما جعله حسب تعبيره «خليجياً بمواصفات دولية»، مضيفاً «يتم التركيز في دورة المهرجان الحالية على صناعة السينما الفرنسية من خلال استعراض تجربة المخرج الفرنسي فرانسوا فوجيل الذي يقيم ورشة عمل مفتوحة لكل المخرجين على مدار يومين في فرصة يجب أن يحسُن استثمارها من قبل المخرجين الشباب بشكل خاص، بالإضافة إلى عرض 13 فيلماً فرنسياً تشكل في مجموعها ايضاً ملامح واتجاهات متباينة منضوية تحت مظلة المدرسة الفرنسية، في الوقت الذي تم توفير خبرات تنتمي إلى المدرسة السويسرية في المهرجان السابق».

ورد ارتفاع عدد الأفلام القصيرة المشاركة في الدورة الثالثة للمهرجان في جانب منها، إلى تعويض محدودية اهتمام دبي السينمائي بالفيلم القصير، قياساً بالأفلام الروائية، فضلاً عن طبيعة توجه المخرجين الشباب لهذه النوعية من الأفلام. وقال «على الرغم من أن الفيلم القصير وأيضاً الوثائقي لا يقلان فنياً عن الفيلم الطويل، إلا أن التوجه العام لدى المخرجين الشباب هو الميل إلى الأفلام القصيرة، لاسيما أن تواضع الإمكانات المادية المتوافرة لديهم تدفع بالأساس في هذا الاتجاه».

إشكالية العزوف

أشار رئيس مهرجان الخليج السينمائي عبدالحميد جمعة إلى أن مشكلة عزوف الجمهور عن التردد على دور السينما في ما يتعلق بالفيلم الخليجي، ستظل إحدى أهم الإشكاليات أمام الحراك السينمائي الناشئ في المنطقة.

وقال إن «هذه الإشكالية بدأت تواجهها أفلام عربية في ظل منافسة قوية للفيلم الأجنبي، فما بالنا بالسينما الخليجية الناشئة التي مازالت تسعى إلى التعريف جماهيرياً بنفسها»، معتبراً أن الدعم المؤسسي من أجل إنتاج أفلام ذات نوعية عالية متكئة على قدرات إنتاجية جيدة هو أحد أهم الحلول، فضلاً عن نشر الثقافة السينمائية التي يعتبرها المهرجان إحدى أولوياته.

وقال «هذه الثقافة في أحد جوانبها ستحفز الجمهور الخليجي والعربي على الإقبال على مشاهدة الفيلم الخليجي والتعرف إليه تمهيداً لتقبله خارج المنطقة أيضاً في طموح مشروع بدأ مع (دبي السينمائي) ويترعرع بشكل أكبر في كل دورة من دورات الخليج السينمائي، الذي يجب علينا أن نصبر من أجل جني ثماره الحقيقية، لأن المنتج السينمائي تراكمي ويحتاج دائماً وقتاً وجهداً لتلمس آثاره»، متوقعاً أن يصبح مهرجان الخليج مظلة أكثر شمولية وريادية على خارطة المهرجانات السينمائية بعد سبع سنوات من الآن.

الإمارات اليوم في

11/04/2010

####

‏‏«الوثائقي» و«القصير» في ثاني أيام «المهرجان»

‏كابوس عراقي بأجنحة.. و«المصعد» السعودي معطل‏

زياد عبدالله – دبي 

بين الوثائقي والقصير مضى اليوم الثاني في الدورة الثالثة من مهرجان الخليج السينمائي في دبي. الوثائقي كان عراقياً بامتياز، أول من أمس، ومن خلال فيلمين، ليس للموسيقى في الأول أن تغطي على أنين الثاني، وليس للأسى إلا أن يكون تداخلاً بينهما، وكل على طريقته التي اعتراها الكثير مما يصعد ويهبط على هدي المنفى في الأول وجرعات بؤس لا تفارق واقع الثاني، إلا إلى ما هو أشد إيلاماً وهو يرصده بحذافيره، في مساحة معاناة مترامية الأطراف.

الفيلم الأول حمل عنوان «كوكب من بابل» للمخرج فاروق داوود، الذي يوثق من خلاله الأغنية الشعبية العراقية الحديثة، ووفق بنية تحقيق «روبرتاج» يبحث في هذا الخصوص، ومن خلال المغني «كوكب» وأغنية «يا طيور الطايرة» التي كما يقدمها الفيلم تأتي بمثابة نقطة إنطلاق وارتكاز لما تبعها من أغانٍ، مع نبش منشئها وما أفضت إليه من خلال شهادات متوالية، لنا أن يستوقفنا منها ما يمكن اعتباره مرحلة نهوض ثقافية طالت كل أدوات الثقافة العراقية في ستينات القرن الماضي، وكيف أثر ظهور القصيدة الحديثة على يد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري في الأغنية الشعبية التي أصبحت لغتها العامية أقرب إلى الفصحى، في مسعى منها لاستثمار مكتسبات القصيدة الحديثة وحساسيتها، ولنمضِ طيلة الفيلم بين الشهادات ومن ثم «انسرتات» من مشاهد عراقية، ومن ثم استدراك أغاني كوكب في الجزء الأخير من الفيلم، وعلى شيء من التناوبية التقليدية التي احتشدت بالمعلومات والقراءات التي قدمها شهود المرحلة، إن صح الوصف، ومن ثم المصائر التي تكثفها كلمة «منفى».

هذا المنفى سيمسي عسلاً أمام فداحة ما سيقدمه فيلم العراقي عباس مطر «أحلام تبحث عن أجنحة»، الذي يشكل وثيقة كبرى عن البؤس العراقي الحالي، أو الشوارع الخلفية لبغداد، كما يقول لنا الفيلم، حيث الفقر في أعتى تجلياته، ولعل التوصيف الدائم للفقر بالمدقع سيجد ما يشرحه بصرياً في أزقة بغداد، حيث يمضي الفيلم في تعقب نماذج تمتلك كل بلاغة البؤس واقعاً، وعلى شيء من تناوب عدد كبير من البورتريهات، ولتكون الكاميرا إلى جانب سرد كل شخصية لحياتها، مسكونة في تجميع مفردات هذا البؤس من أصغرها إلى أكبرها، كاميرا منغمسة تماماً بالوحل وما يكسو أدوات هؤلاء البشر اليومية من بؤس.

رحلة طويلة مع كل ما له أن يجعلنا نرى سكان بغداد الذين يقدمهم الفيلم بوصفهم يعيشون في ظل مجاعة كبرى محاطة بشتى أنواع الأوبئة. فالفيلم يبدأ من فتى مقعد وأمه تمضي به إلى «الحسينيات» وقد مات والده، ورحلة عودتهما إلى «الخان»، حيث السكن مشترك، وكل عائلة تشغل غرفة في هذا الخان، لا تحتوي في داخلها أي شرط من شروط الحياة الكريمة، ونحن نمضي من رجل مقعد إلى امرأة عجوز وحيدة تتوسدها قطتها ولا تفارق فراشها وقد تناثرت حولها حاجياتها المكسوة بالأوساخ، ولعل هذا التنقل من شخصية إلى أخرى ومن قصة إلى ثانية سيضعنا في النهاية أمام ملف هائل للجوع والبؤس في عراق اليوم.

فيلم عباس مطر مأخوذ تماماً من الواقع الذي يصوره، وأي تعليق أو تدخل على ما نشاهده سيكون لا معنى له، مثلما هي الموسيقى التصويرية المحملة بتعبيرية فجة لا حاجة للواقع الذي يقدمه بها، كونه، أي هذا الواقع، أشد فداحة من أي عامل خارجي، وليكون الفيلم منغمساً بوفاء تام للتفاصيل اليومية للعراقيين وهم يتحركون بين غرف كالزنزانات وأزقة مجاريرها مفتوحة، إضافة إلى مصائر الفقد والقتل التي تجتمع في النهاية لتقول لنا وكصفعة مدوية ومدوخة: هذا هو عراق اليوم! هذه هي حياة العراقيين التي لا تعرفون شيئاً عنها، لا بل إن بحث الفيلم عن أمل ما، وجده في الطائرات الورقية، كان مهمة شاقة.

بالانتقال إلى مسابقة الأفلام القصيرة، فإنها في جانب منها كانت على مقربة من «الاسكتشات» التي تتمركز حول فكرة واحدة لها أن تقدم مقولة ما على هدي واقع اجتماعي، لنا أن نجد ذلك في الفيلم الإماراتي «بلادي» لجمال سالم حيث البنية السكانية التي يصطدم بها الباحثون عن عمل من شباب الإمارات، تكون نابذة لهم بما يقود إلى مصائر لا ينفع فيها إلا العبث، بينما يأتي حمزة طرزان في «ديون» إلى ديون مستحقة متعلقة بالمجتمع السعودي وتباين الأفكار والتوجهات وتصارعها على مائدة حوارية وموقع تصوير واحد لا يفارق النقاشات الموجزة والمكثفة التي تضيء ما تضيء من اختلافات، بينما قارب مقداد الكوت في «شنب» الذكورية الفجة عبر ملاحقة هذا الشنب الذي يخلو منه وجه شخصيته الرئيسة، وهو الوحيد الذي يكون كذلك من بين كل المحيطين به، ولتجتمع هذه الأفلام على تسليط ضوء سريع وخاطف على ملمح كما لو أنها «بقعة ضوء» لكن معروضة على الشاشة الكبيرة.

يستوقفنا بقوة الفيلم العراقي الكردي «اسكتي.. هذا عيب» لحسين حسن، حيث يمكن الحديث هنا عن بنية سينمائية حقيقية ممسكة بخيوط سردها المكثف عبر خطوط درامية تتولى الصورة وحركيتها العالية أن تقدم جرائم الشرف في الماضي والحاضر، والنفاق الذكوري الذي يتحرك بينهما في إيقاع جميل حقاً، وعبر الحب الذي يكفي لرقصة عائشة الموجزة أن تعبر عنها، كما لقبلتها السريعة التي تطبعها وتهرب، أن تكون انقلاباً في الأحداث المتواترة أصلاً.

فيلم «تجربة في الطابق السابع» لفهد الأسطا، له أن يضعنا أمام ترقب ما، والحديث هنا عن مجموعة «تلاشي» السعودية التي قدمت في الدورة الماضية مجموعة أفلام احتكمت على قدرة كبيرة من الجرأة في الطرح، الأمر الذي كان ينسينا أي شيء أمام أهمية ما يقال بخصوص الواقع السعودي، وقدرة هؤلاء المخرجين الشباب على تقديم أفلام مسكونة بهذا الواقع مع انفتاحها على السخرية، الأداة الأكثر نجاحاً عند الاصطدام مع أي واقع.

فهد الأسطا في تجربته الأولى يستعيد أفلام الشباب، من خلال حيلة أو حل سينمائي لا يخرج من المصعد إلا إلى الشقة في هيمنة للمشاهد الداخلية، ولتكون تجربته فيلماً عن أربعة أفلام لشباب «تلاشى»، لكن كل الخوف أن يكون الحصار المضروب على أحلام هؤلاء الشباب الموهوبين مماثلاً لمن يعلق بالمصعد، أو ذاك الأعمى الذي ينتظر المصعد بينما وضعت عليه ورقة مكتوب عليها «المصعد معطل» كما نشاهد في الفيلم.

الإمارات اليوم في

11/04/2010

 
 

من عروض مهرجان الخليج السينمائي

صور قاتمة لعنف العراق في فيلم "نقطة البداية"

محمد موسى من دبي

يقدم فيلم نقطة البداية للمخرج الكردي العراقي شوكت امين كوركي والذي عرض مساء الامس ضمن المسابقة الرسمية للافلام الطويلة في الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي ، صورة معتمة لواحدة من اغنى مدن العالم بالثروات المعدنية ، فالفيلم الذي يقدم قصة حديثة لمجموعة من الاكراد والعرب والتركمان من مدينة كركوك العراقية ، يكشف انعاكسات الوضع الامني المتردي في المدينة المتنازع عليها ، على حياة ابطال الفيلم ، والذين لجئوا لاسباب مختلفة الى احدى ملاعب كرة القدم في المدينة ، وبنوا بيوتهم هناك ،وتحت منصات المتفجرين.

وكشف مخرج الفيلم وضمن حواره مع الجمهور ، والذي اعقب عرض الفيلم ، ان معظم الذين لعبوا الادوار في الفيلم ، هم من الذين كان يسكنون الملعب بالفعل ، وانه تعرف على المكان بالصدفة ،واثناء زيارته للمدينة ، ليقرر بعدها كتابة قصة وتحويلها للسينما .

وتحدث المخرج ، عن الصعوبات الكبيرة التي واجهت اخراج الفيلم ، منها صعوبة التصوير في مدينة كركوك، خاصة مع الوضع الامني الهش في المدينة ، وكشف ان اصوات الانفجارات والتي ككانت تسمع في بعض مشاهد الفيلم ، كانت في اغلبها اصوات انفجارات حقيقية ، وان فريق العمل تلقى تهديدات من جماعات ارهابية لمنعهم من اكمال الفيلم.

وعلى الرغم من الطابع الماسوي لقصة الفيلم ، الا انه لم يخلو من لحظات الكوميديا الكثيرة ، والتي قدمتها بعض الشخصيات في الفيلم ، والذي يرافق محاولات شاب من الذين سكنوا الملعب بالتقريب بين الموجودين هناك ، وذلك بتنظيم بطولة لكرة القدم ، تضم كل الطوائف الاثنية في المدينة.

ويبدأ "نقطة البداية" ، مع يوم مبارة نهائي بطولة كاس اسيا الاخيرة ، وهي المبارة التي فاز فيها الفريق العراقي ، اذا يقرر بطل الفيلم الشاب ، عرض المبارة في ساحة الملعب ، وعلى شاشة تشبه الشاشة السينمائية . وتظهر تلك المشاهد الانقسامات التي خلفها الوضع الامني في العراق ، وبعد حرب 2003 بين العراقيين من الطوائف المختلفة ، فالجمهور منقسم على هوية المنتخب العراقي الوطني ، وهوية الألعبين في ذلك الفريق ، وعلى تشجيع الفريق بالمطلق ، والذي يحمل اسمه وعلمه ، تذكير ببعض التاريخ الدموي للبلد.

و يقدم الفيلم والى جانب القصة الاساسية في الفيلم ، عن سكان الملعب الرياضي ، قصة صغيرة اخرى شديدة التاثير عن صبي يعيش في الملعب ، تراوده الرغبات بالانتحار ، بعد ان فقد ساقة في انفجار لغم قريب على الملعب.

وللمخرج شوكت امين كوركي فيلم "عبور الغبار ، والذي عرض في عام 2006 ، في عدة مهرجانات سينمائية عالمية وحصل على بعض جوائزها ، ويقدم الفيلم قصة تعقب سقوط النظام العراقي السابق ، والتحديات التي يواجها مقاتلين كرديين في طريقهم لاداء مهمة للتنظيم الذي ينتمون اليه.

موقع "شريط" في

11/04/2010

####

فيلم ”80-82“ في مهرجان الخليج السينمائي الثالث في دبي

كريم النجار 

بدعوة من مهرجان الخليج السينمائي الثالث الذي سيختتم يوم غد الأربعاء، شارك الفنان السينمائي حميد حداد المقيم في هولندا بفيلمه الوثائقي المعنون (80-82)، والذي يسلط الضوء عبره عن مشكلة العراقيين "التبعية والفيلية" الذين هجرهم النظام الدكتاتوري السابق إلى إيران، بحجة تبعيتهم الفارسية، والتي جاءت مباشرة بعد الحرب العراقية الإيرانية التي أفتعلها النظام وأغرق العراق بأتونها المشتعل لمدة ثمانية أعوام، حيث جرت المأساة واستمرت من يومها وحتى الآن.

يعالج فيلم المخرج حميد حداد بمنطق الوثيقة التي لا يدحضها شئ، ويتتبع بسلسلة تصويرية حاذقة شكل هذه الهجرة التعسفية التي لا يماثلها في التاريخ سوى محرقة النازيين وأضطهادهم لقسم من الشعب الالماني والاوروبي المتمثل باليهود، وغيرهم من المعارضين السياسيين.

تنقلنا الكاميرا في البدء إلى الطريق الجبلي الوعر الواصل إلى الحدود الايرانية وحركة الشاحنات الصاخبة، في دلالة على المفاجآت القادمة التي ستعصف بآلاف المساكين من العراقيين الذين شاء الحظ أنهم يمتلكون وثائق تبعية ايرانية، والغالبية منهم لا علاقة لهم بايران، بل هو قانون الأحوال المدنية الذي وزع العراقيين بين التبعية العثمانية والفارسية، تلك الامبراطوريتين اللتان تناوبتا احتلال العراق، واعتبرتاه جزءا من غنائمهما ورعاياهما.

تتخطى بعدها الكامرا لتنقلنا إلى الاجواء الحقيقية التي آوت العراقيين في الاهواز وشيراز وطهران ودولة آباد، والقسم الكبير منهم شاء الحظ وأنعدام فرص العمل والإنسجام في ايران، لينتقل إلى دول عربية واوربية أخرى حاملا معه همومه وأوجاع حقوقه المهدورة وصور أبنائه الشباب الذين غيبتهم سجون النظام المباد وأطبق التراب على جثثهم بعد سنوات من التعذيب في سجون نقرة السلمان وغيرها من سجون العراق السرية المنتشرة على وسع أراضيه ومدنه، مدعومة ببعض الصور ومقاطع من تصوير وثائقي فديوي شخصي أرشف لتلك المعسكرات التي ضمت اللاجئين وأوضاعهم الصعبة والمزرية التي عاشوها، بعد أن كانوا احرارا في وطنهم وبيوتهم وأعمالهم في مدن العراق المختلفة. ولأجل أن يعطي للصورة الموثقة أهميتها وحقيقتها الدامغة لجأ المخرج للالتقاء ببعض الاشخاص والعوائل المهجرة ليحكوا مأساتهم بأنفسهم، وباثبات عراقيتهم الأصيلة من خلال وثائقهم القانونية القديمة واشغالهم الوظائف والأعمال الرسمية في الدولة العراقية، وخدمتهم في الجيش والشرطة العراقية كذلك.

كما يستعرض الفيلم لقطات من داخل المدن العراقية (الكاظمية ومدينة كربلاء والنجف) ليلتقي كذلك ببعض المهجرين العائدين بعد تغيير النظام واستمرار معاناتهم لنيل حقوقهم الاعتبارية والوظيفية والعقارية التي صادرها نظام البعث.

يعد هذا الفيلم وثيقة دامغة لفئة مضطهدة من الشعب العراقي، ولفترة قاسية جدا أهدرت فيها كرامة الإنسان على مذبح أحلام الدكتاتور وجنونه. وصور الفيلم في ايران والعراق وهولندا ومدته (50 دقيقة) بمجهود وانتاج شخصي محدود الامكانيات المادية من قبل المخرج حميد حداد، سوى بعض المساعدة والمساهمة البسيطة من شخص هولندي متعاطف مع هذه القضية الإنسانية الكبيرة، وقد أستعرض الفيلم العديد من الوثائق والأدلة القانونية على هذا الانتهاك الفاضح للكرامة والتصفية العرقية.

ومن أفلام المخرج حميد حداد نذكر الفيلمين الوثائقيين (ليلة بيضاء) و (بورتريت الغائب) وكذلك سيناريو فيلم (الخوف من الضحية) و (ثيو فان كوخ) اللذان يسعى للتفاهم مع جهة إنتاجية لإخراجهما.

يذكر أن الدورة السابقة عام 2009 لمهرجان الخليج السينمائي، أحتضن العديد من الأفلام الطويلة والوثائقية لمخرجين عراقيين فازوا بعدة جوائز من هذا المهرجان، ونذكر منهم الأفلام التالية:

الفيلم (فجر العالم) للمخرج عباس فاضل، ومدته (97 دقيقة).

الفيلم الوثائقي (جبر ألوان) ومدته (45) للمخرج قيس الزبيدي.

الفيلم الوثائقي (حياة ما بعد السقوط) ومدته (100 دقيقة) للمخرج قاسم عبد.

والفيلم الوثائقي (مواطنو المنطقة الحمراء) ومدته (57 دقيقة) للمخرج مناف شاكر.  

الصباح الجديد العراقية في

12/04/2010

####

الفيلم التونسي "تنديد" في "تقاطعات" مهرجان الخليج السينمائي الثالث

محسن الهذيلي

فيلم "تنديد" هو للمخرج التونسي وليد مطر، كتبه مع ليلى بوزيد وأنتجه سعيد حميش، المصور هو نبيل سعيدي، أما المونتاج فهو لآرثر لي فول.

عرض الفيلم في مهرجان الخليج السينمائي الثالث ضمن قسم "تقاطعات" (Intersections)، وهو يصور من خلال حياة القهوة (التي رُمز بها إلى المجتمع التونسي) في إحدى الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية، تقلب اهتمامات ومشاعر الناس وارتباطها وتأثرها بما تعكسه التلفزة من أحداث في العالم.

وفي إشارة إلى غياب الوعي السياسي الحقيقي لدى عموم الناس يشير الفيلم إلى ارتباط هؤلاء بالقضايا السياسية أو القومية، مثل قضية فلسطين، بشكل موسمي وحين الحروب الشاملة بين إسرائيل والعرب أو الفلسطينيين، فقيام التلفزة بنقل البطولات الأولمبية يمكنه أن يغيب كل إحساس واهتمام لدى الشعب بهذه القضايا السياسية القومية، بل يمكن لنقل إحدى مباريات الفريق الوطني التونسي لكرة القدم أن تشغل الناس حتى عن واجباتهم الدينية، بحيث تصبح مشاهدة تلك المقابلة حدثا تقدم قيمته وأهمية متابعته من الأول إلى الآخر على "أداء الصلاة في وقتها".

أثناء سرد هذه الحكاية لم يبتعد الفيلم عن محاولة إقامة بعض المقارنات والتقسيمات والتصنيفات داخل المجتمع التونسي والحكم عليها، فبالرغم من تلميحه إلى أن عموم الناس إنما يعيشون دون فلسفة اجتماعية أو سياسية وينعقون مع كل ناعق، فإنه لم يتوانى عن تقسيم المجتمع أو رواد القهوة، بين شباب هربوا من إحساسهم بالبطالة فأثثوا وقتهم الضائع بمكوثهم في القهوة متابعين الوقائع الرياضية والسياسية العامة، وبين شيوخ يعيشون فترة ما بعد الخدمة يقضون وقتهم في القهوة مثل غيرهم يشاهدون التلفزة ويتبادولون الآراء حول الأحداث والوقائع التي تنقلها.

بالنسبة للشباب، يقسمهم الفيلم على ما يبدو إلى شبان ذوي عواطف دينية ولكن قشرية بالأساس، وهذه ربما تكون فيها إشارة إلى الظاهرة الإسلامية في تونس (يرى الفيلم أن القشرية والمزاجية إنما هي الصفة الغالبة على وعي كل الأفراد المكونين للمجتمع التونسي ومقاربتهم لكل شيء في حياتهم) ثم إلى فئة أخرى من الشباب ربما تكون دون أي اهتمامات سياسية أو ربما تأطر هذه الأخيرة إن وجدت، نظرة إلى الأشياء أكثر عقلانية وواقعية من الفئة الأولى.

كل هذا نراه في الفيلم من خلال اهتمام كل تلك الفئات أو الأصناف من المجتمع التونسي بقضايا سياسية أو دينية عامة، ونقول "عامة" لأننا لم نلاحظ في الفيلم انتقادا من لدن هؤلاء الشباب لواقعهم السياسي في بلادهم، رغم أنه ربما يكون السبب الرئيسي، في الواقع، الذي يقف وراء ظهور عديد الفئات السياسية -وحتى الدينية- الإحتجاجية. المخرج اختار عدم خوض أبطاله في مسألة السياسة الداخلية، ولو أنه أشار إليها في الفيلم من خلال تصوير تدهور الخدمات البلدية في البلاد، حيث رأينا أنه بعد أن كانت هناك حاويات للزبالة وشاحنات مختصة في إفراغها يوميا ولو مع إسقاط نصفها في الشارع، أصبح هناك شاحنة غير مختصة ورجل مسن يقوم بنفسه وبشكل يدوي برفع الزبالة من الشارع، هذا الشيخ المسن خير على كل حال التريث قليلا في المقهى قبل الانهماك في عمله الذي يبدو أنه سوف يأخذ وقتا طويلا قبل انجازه، ولعل في هذا رمزية قصد بها الفيلم انهيار المؤسسات الخدمية في البلاد وارتباطها بالمبادرات والأعمال الفردية وليس المؤسسية، وخاصة في الأحياء الشعبية.

فنيا انحصر تصوير كل مشاهد الفيلم حول فضاء القهوة، داخله أو في مداه الخارجي المباشر، ورغم هذا الاختصار فقد نجح الفيلم في تصوير كل الأفكار التي ذكرنا بوضوح كاف، بالنسبة للكاميرا ربما كانت ثابتة في جل اللقطات، إلا في لقطة واحدة حيث تحركت قليلا وعلى استحياء، حين تصوير قدوم شاحنة الزبالة القديمة ونزول ذلك العامل الشيخ منها وإلقائه نظرة على البقايا.

على مستوى الصوت لم يعتمد الفيلم مثل كثير من الأفلام التونسية على الموسيقى التصويرية بل اعتمد كلية على صوت المكان من خلال المؤثرات الصوتية، ففي الداخل كانت هناك الأصوات التي نجدها في المقاهي عموما حيث صوت بث بعض المباريات أو نقل بعض الأحداث السياسية وتفاعل الجمهور معها، أما في الخارج فقد غلب صوت بعض محركات الشاحنات على صوت الفيلم، في إحدى المشاهد على البقايا رأينا القط الشوارع وسمعنا صوته، في آخر الفيلم كان الصوت الذي أحدثه ذلك الصبي الراجع من المدرسة وقد أخذ مكان السائق على الشاحنة وهو يقلد بفمه صوت المحرك هو صوت نهاية الفيلم حتى أثناء الجينيريك.

على مستوى الحوار كان الفيلم جيدا وقريبا جدا من الواقع وذلك من خلال تماشيه مع وعي واهتمامات كل فئة من أولئك المتخاطبين المختلفين، وفي هذا الإطار نشير إلى جمالية عدم المبالغة في طرح القضايا من خلال إطالة الحوار.

على مستوى الديكور فقد كانت القهوة محتوية على كل ما يأثث القهوة التونسية عموما وخاصة فيما يتعلق بالوجوه التي كانت تنتمي إلى كل الأعمار البالغة في المجتمع، على مستوى نفس الجمهور كان لصفات وجوه الشخصيات وسنحاتهم وكذلك مسألة عدم انتباههم إلى مظهرهم وإرسال بعض الشيوخ منهم لذقونهم وعدم حلقها وكذلك بالنسبة لشكل ملبس بعض الشباب مثل ذلك الذي كان يتقمص زي فريق كرة القدم الإيطالي "إي سي ميلن"، كل هذا كان له دور مهم في إعطاء لمحة عن شكل ومظهر الفئات المتواجدة في القهوة وحالتهم الاقتصادية والإجتماعية والنفسية. على مستوى الوجوه أيضا اختار المخرج لأسباب أيديولوجية بالتأكيد أن يكون أقبحها وجها وجه شخصية المدعي التكلم باسم الدين.

كي ننهي مع الحوار نشير في الختام إلى اللغة الحوارية الجديدة التي بدأت تغزو، في الفترة الأخيرة، العديد من الأفلام السينمائية المغاربية وخاصة المغربية منها  والتي تعتمد كلمات نابية وسوقية جدا أحيانا، في فيلم وليد مطر كان استعمال هذا النوع من اللغة المستعملة فعلا لدى بعض الفئات في المجتمع التونسي منحصرا في شخصية صاحب القهوة ومرتبط بمشهد واحد.

في الختام نقول أن فيلم وليد مطر، ورغم بساطة فكرته ومحدودية إطاره المشهدي بالنسبة لحياة الناس في المجتمع التونسي، قد نجح في تصوير الواقع الاجتماعي والنفسي لفئات غير قليلة من هذا المجتمع. وربما كان لاختيار فضاء القهوة الحيوي والمحوري في حياة أغلب الفئات في المجتمع التونسي وخاصة المهمشين منهم، وهم كثر، والأداء التمثيلي التلقائي والحرفي الذي اضطلع به جل ممثلي الفيلم دورا كبيرا في المساهمة في نجاح فيلم "التنديد".

موقع ـ Visionary FX في

11/04/2010

 
 

افتتاح سريع ومنظم اختزل الوقت والعروض

مهرجان الخليج السينمائي الثاني ينطلق في أجواء حميمية

دبي ـ أحمد ناصر

يختلف هذا المكان عن أي مكان آخر، إنه مفروش بسجاد أحمر فاخر ومليء بالعطور الفرنسية الراقية جدا، وأينما تلتفت ترى أمامك فرسان صناعة السينما، في هذه الأجواء الملبدة بالإبداع الفني السينمائي ومصطلحات الشاشة الكبيرة افتتح مساء أمس الأول في قاعة سينما غراند في منطقة فيستيفال سيتي (مدينة الاحتفالات) في دبي الدورة الثانية لمهرجان الخليج السينمائي الذي ترعاه هيئة دبي للثقافة والفنون، ويعتبر الوليد الشرعي لمهرجان دبي السينمائي السابق، وذلك وسط حضور كثيف من فنانين من الولايات المتحدة الأميركية والوطن العربي، إلى جانب العديد من القنوات الفضائية العالمية والعربية والأجنبية التي شاركت بصورة فاعلة في فعاليات الافتتاح.

عبر عبدالحميد جمعة رئيس المهرجان عن فرحته بتدشين الدورة الثانية للمهرجان، وقال في كلمة افتتاح المهرجان إنه فرصة أمام صناعة السينما الخليجية، وتحدث بعد ذلك مسعود أمر الله، مدير المهرجان، مفتتحا عروض أول أيامه، وقال: إن المهرجانات ترتقي بالسينما الخليجية، وان الأعمال المشاركة في المهرجان تعكس حال منطقة الخليج العربي.

كان في مقدمة الحضور الفنان الأميركي دنيس هايزبيرت بطل مسلسل «24» الشهيرن وشارك في اليوم الأول حسين المنصور من الكويت، إلى جانب الكثير من نجوم الخليج، والعديد من المخرجين والمؤلفين والسيناريست الشباب الخليجيين، مما أعطى تفاؤلا جميلا لمستقبل هذه الصناعة الجميلة في منطقة الخليج، حيث بلغ عدد الأفلام المشاركة في هذه الدورة 196 فيلما، موزعة بين 8 أفلام روائية طويلة و27 فيلما وثائقيا، و 106 فيلما قصيرا، إضافة الى 28 فيلما تحريكيا (كارتون)، وتصدرت الإمارات العربية المتحدة عدد المشاركات بـ 38 فيلما مختلفا، ثم السعودية بـ27، وبعدها الكوييت بـ 16 فيلما، ثم العراق بـ 15 فيلما، والبحرين بـ 9 أفلام، و3 أفلام من عمان، ولقطر فيلمان، ولليمن فيلم واحد.

كما شهد المهرجان في هذه الدورة 47 مشاركة دولية، منها 8 افلام تعرض لأول مرة (عرض أول)، و 14 فيلما تعرض لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، و21 فيلما كعرض أول في منطقة الخليج العربي، و15 فيلما تعرض لأول مرة في الإمارات.

وتبلغ جائزة المركز الأول لهذا العام 50 ألف درهم (4 آلاف د.ك) للأفلام الروائية الطويلة، و25 ألف درهم (1600د.ك) للأفلام الوثائقية، و 25 ألف درهم (1600 د.ك) للأفلام القصيرة.

ومن المتوقع أن تكون المنافسة شديدة في مسابقة الأفلام القصيرة، نظرا لتقارب المستوى الفني والتقني في ما بينها، بينما من الممكن أن تكون المنافسة في الأفلام الوثائقية والتسجيلية أقل حدة، نظرا للفارق بين بعض العروض تقنيا وموضوعا.

وشارك الفيلم الكويتي «مجرد إنسان» للمخرج عبدالله المعصب، وبطولة مساعد المطيري، في عروض الافتتاح، ونسيت إدارة المهرجان إدراج اسمه ضمن العروض التي افتتحت عرض الافتتاح، عندما تم إعلان أسماء مخرجيها لتحيي الجمهور من على المسرح، وشارك في هذه التظاهرة الفنية السينمائية الجميلة أكثر من 16 مخرجا شابا كويتيا، بينما تشارك فيه فتاة واحدة فقط هي المخرجة ليلى معرفي بفيلمها «ماما» الذي تقوم ببطولته إلى جانب إخراجه.

اتصال مفاجئ

غادر المخرج عامر الزهير المهرجان، وعاد إلى الكويت على عجل بعد أن تلقى اتصالا هاتفيا، قال إنه مهم جدا، ويشارك الزهير في هذه الدورة بالجزء الثاني من فيلمه التسجيلي «عندما يتكلم الشعب» وهو من الأفلام المتعلقة بالحركة النيابية وانتخابات مجلس الأمة الكويتي، وكان الزهير قد حصل على جائزة الدورة الأولى للمهرجان بالجزء الأول من الفيلم، وهو يتعلق بحركة «نبيها خمس» التي كانت تطالب بخمسة دوائر في الانتخاببات الكويتية النيابية.

ورشة عمل سينمائية

تقام على هامش المهرجان ورش عمل سينمائية متخصصة في مجالي «كتابة السيناريو» و«الإنتاج السينمائي» لتقديم بعض المهارات التقنية العملية للسينمائيين الخليجيين، ويقدم ورشة عمل المنتجين مؤسسة التدريب الأوروبية للمشاريع السمعية والبصرية EAVA، أما دورة كتابة السيناريو فتنظم بالتعاون مع شركتي سكريبت أند بيتش وتورينو فيلم، وتخصص هاتين الدورتين للسينمائيين المشاركين في المهرجان فقط.

تأجيل جلسات المشاهدة

أوقفت لجان التحكيم جلسات المشاهدة في يوم الجمعة صباحا، وأجلتها إلى المساء، وذلك من أجل المشاركة في عزاء والد الفنان الإماراتي مرعي الحليان، أحد أعضاء اللجنة، الذي توفي يوم الخميس، وشارك جميع أعضاء اللجان المشاركة في مراسم الدفن، مما أعطى روح الأسرة الواحدة لأعضائها، وخلف أثرا طيبا في نفسية أهله.

القبس الكويتية في

11/04/2010

####

فيلم ”80-82“

في مهرجان الخليج السينمائي الثالث في دبي 

بدعوة من مهرجان الخليج السينمائي الثالث الذي سيختتم يوم غد الأربعاء، شارك الفنان السينمائي حميد حداد المقيم في هولندا بفيلمه الوثائقي المعنون (80-82)، والذي يسلط الضوء عبره عن مشكلة العراقيين "التبعية والفيلية" الذين هجرهم النظام الدكتاتوري السابق إلى إيران، بحجة تبعيتهم الفارسية، والتي جاءت مباشرة بعد الحرب العراقية الإيرانية التي أفتعلها النظام وأغرق العراق بأتونها المشتعل لمدة ثمانية أعوام، حيث جرت المأساة واستمرت من يومها وحتى الآن.

يعالج فيلم المخرج حميد حداد بمنطق الوثيقة التي لا يدحضها شئ، ويتتبع بسلسلة تصويرية حاذقة شكل هذه الهجرة التعسفية التي لا يماثلها في التاريخ سوى محرقة النازيين وأضطهادهم لقسم من الشعب الالماني والاوروبي المتمثل باليهود، وغيرهم من المعارضين السياسيين.

تنقلنا الكاميرا في البدء إلى الطريق الجبلي الوعر الواصل إلى الحدود الايرانية وحركة الشاحنات الصاخبة، في دلالة على المفاجآت القادمة التي ستعصف بآلاف المساكين من العراقيين الذين شاء الحظ أنهم يمتلكون وثائق تبعية ايرانية، والغالبية منهم لا علاقة لهم بايران، بل هو قانون الأحوال المدنية الذي وزع العراقيين بين التبعية العثمانية والفارسية، تلك الامبراطوريتين اللتان تناوبتا احتلال العراق، واعتبرتاه جزءا من غنائمهما ورعاياهما.

تتخطى بعدها الكامرا لتنقلنا إلى الاجواء الحقيقية التي آوت العراقيين في الاهواز وشيراز وطهران ودولة آباد، والقسم الكبير منهم شاء الحظ وأنعدام فرص العمل والإنسجام في ايران، لينتقل إلى دول عربية واوربية أخرى حاملا معه همومه وأوجاع حقوقه المهدورة وصور أبنائه الشباب الذين غيبتهم سجون النظام المباد وأطبق التراب على جثثهم بعد سنوات من التعذيب في سجون نقرة السلمان وغيرها من سجون العراق السرية المنتشرة على وسع أراضيه ومدنه، مدعومة ببعض الصور ومقاطع من تصوير وثائقي فديوي شخصي أرشف لتلك المعسكرات التي ضمت اللاجئين وأوضاعهم الصعبة والمزرية التي عاشوها، بعد أن كانوا احرارا في وطنهم وبيوتهم وأعمالهم في مدن العراق المختلفة. ولأجل أن يعطي للصورة الموثقة أهميتها وحقيقتها الدامغة لجأ المخرج للالتقاء ببعض الاشخاص والعوائل المهجرة ليحكوا مأساتهم بأنفسهم، وباثبات عراقيتهم الأصيلة من خلال وثائقهم القانونية القديمة واشغالهم الوظائف والأعمال الرسمية في الدولة العراقية، وخدمتهم في الجيش والشرطة العراقية كذلك.

كما يستعرض الفيلم لقطات من داخل المدن العراقية (الكاظمية ومدينة كربلاء والنجف) ليلتقي كذلك ببعض المهجرين العائدين بعد تغيير النظام واستمرار معاناتهم لنيل حقوقهم الاعتبارية والوظيفية والعقارية التي صادرها نظام البعث.

يعد هذا الفيلم وثيقة دامغة لفئة مضطهدة من الشعب العراقي، ولفترة قاسية جدا أهدرت فيها كرامة الإنسان على مذبح أحلام الدكتاتور وجنونه. وصور الفيلم في ايران والعراق وهولندا ومدته (50 دقيقة) بمجهود وانتاج شخصي محدود الامكانيات المادية من قبل المخرج حميد حداد، سوى بعض المساعدة والمساهمة البسيطة من شخص هولندي متعاطف مع هذه القضية الإنسانية الكبيرة، وقد أستعرض الفيلم العديد من الوثائق والأدلة القانونية على هذا الانتهاك الفاضح للكرامة والتصفية العرقية.

ومن أفلام المخرج حميد حداد نذكر الفيلمين الوثائقيين (ليلة بيضاء) و (بورتريت الغائب) وكذلك سيناريو فيلم (الخوف من الضحية) و (ثيو فان كوخ) اللذان يسعى للتفاهم مع جهة إنتاجية لإخراجهما.

يذكر أن الدورة السابقة عام 2009 لمهرجان الخليج السينمائي، أحتضن العديد من الأفلام الطويلة والوثائقية لمخرجين عراقيين فازوا بعدة جوائز من هذا المهرجان، ونذكر منهم الأفلام التالية:

الفيلم (فجر العالم) للمخرج عباس فاضل، ومدته (97 دقيقة).

الفيلم الوثائقي (جبر ألوان) ومدته (45) للمخرج قيس الزبيدي.

الفيلم الوثائقي (حياة ما بعد السقوط) ومدته (100 دقيقة) للمخرج قاسم عبد.

والفيلم الوثائقي (مواطنو المنطقة الحمراء) ومدته (57 دقيقة) للمخرج مناف شاكر.  

الصباح الجديد في

12/04/2010

 
 

‏‏‏في ثالث أيام المهرجان

المنفى.. كلمة سر وعلانية عراقية‏

زياد عبدالله – دبي

‏‏كلمة «المنفى» ستتكرر كثيراً في أيام الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي، وستكون عراقية بامتياز وعلى شيء من التمركز حولها، منفى داخلي وآخر خارجي وما بينهما، مع استحضار كل أنواع العزلة القسرية التي لنا أن نجدها مثلاً في فيلم العراقي الكردي شوكت كوركي «ضربة البداية» الذي عرض، أول من أمس، ضمن أفلام المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل، بحيث امتلك عوامل كثيرة تجعله الأبرز على أصعدة عدة، ونحن نشاهد فيلماً يمتلك أدواته ويستثمرها في مساحة لها أن تشكل مجازاً يتسع وطنه العراق، كما هي لعبة كرة القدم التي ستكون أيضاً نقطة الارتكاز الرئيسة لمسار الفيلم الدرامي ومصائر الشخصيات، أو البؤرة التي تنطلق منها أحداث الفيلم ونحن نتعرف إلى آسو وأخيه الذي فقد رجله من جراء لحاقه بكرة إلى حقل ألغام، وسيكون اللقاء الكروي في نهائيات كأس آسيا بين المنتخبين السعودي والعراقي مساحة للاحتفال حين تنصب شاشة أو قماشة بيضاء تتدلى من المرمى، بحيث يتحول فعل مشاهدتها إلى انجاز متبوع بفرحة النصر وحوارات جانبية لها أن تمضي خلف انحيازات عربية وكردية، ومن ثم رغبة آسو تنظيم بطولة كروية بين أطفال المخيم، فهذا هو الفريق العربي وذاك الكردي، والآخر الآشوري، مع قيامه مع رفيقه اللطيف والبدين بالإعداد لكل شيءأعن طريق الاستدانة والديون المتراكمة أصلاًأعلى آسو، وهو مصر أن يتابع الصحف ويحصل على الكتب من البائع الذي يأتي كل يوم بسيارته المحملة بحاجيات أهل المخيم المقام في ملعب مهجور، أقيمت بيوت سكانه من الصفيح، ليتوسطها الملعب الذي عليه أن يمتلأ بحياتهم.

يقدم الفيلم من خلال هذه المساحة العراق بكل تعقيدات وضعه وأطيافه وأعراقه، وعلى تناغم تام بين الشخصيات والبيئة، ومن ثم تحويل هذا الملعب إلى مساحة خلاص مؤقت يتهدده كل ما يحيط به، لا بل إن الخروج منه هو خروج إلى الموت، من دون أن يحضر ذلك إلا في سياق الأحداث التي نشهدها والتي تجمعها صفة واحدة متمثلة في الإصرار على الحياة والاحتفاء بها، بما في ذلك حب آسو لهيلين الذي لا تفارقه البراءة. وعليه ومع حضور الموت أو القتل فإنه سيكون مدوياً، ومنتزعاً لكل ما جسده آسو من قيم وأخلاقيات، وليكون القتل أيضاً نداء عاماً لا يستثني أحداً ولا يميز عرقاً عن آخر.

«ضربة بداية» يأخذ بالمشاهد مباشرة إلى عالمه الخاص، وله أن يقول كثيرا بالكردية وهي تجاور العربية، ولتكون كرة القدم مجاورة لصهريج المياه الذي لا يكفي سكان المخيم، ومعه السياسي العراقي المشغول بإخلاء المخيم عن أي شيء آخر. كما أن الحكم الذي يدير مباراة الفريقين العربي والكردي يكون أميركياً. وليكون السؤال هنا، هل هذه هي مهمة الأميركي؟ بما يدفعنا للقول، مسكين هذا الأميركي! كل ما فعله هو المجيء ليحكم النزاعات، لم يحتل ولم يكن له يد في شيء، ولكم أن تضعوا ما تشاؤون من علامات استفهام.

فيلم روائي عراقي آخر حمل عنوان «المحنة» لحيدر رشيد عرض، أول من أمس، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. ولعل «المنفى» الكلمة التي بدأنا بها، ستكون حاضرة من خلال الأب المقتول، الذي نشاهد ابنه الانجليزي -كونه وُلد وعاش في لندن- وهو يستعيد تسجيلاته الصوتية ويسرد بلغة إنشائية معاناته مع المنفى، ومن ثم رغبته بالعودة إلى العراق بحيث يكون حتفه في انتظاره.

الابن كاتب نعرف أنه ألّف كتاباً عن والده، ضائع هو، وهائم على وجهه في شوارع لندن، لا يستطيع النوم إلا في سيارته. ومع تأزمه المتصاعد، وفشله الذي يمشي يداً بيد مع حياته، تضاف خيوط درامية أخرى، مثل علاقته مع صديقته التي نكتشف بأنه يحبها ولا يريدها إلا حبيبة، بينما تجد هي فيه صديقاً فقط لا غير.

يجتمع كل ما تقدم على شخصية مهزومة، يعاندها كل شيء، لا بل وإيغالاً في الهزيمة فإنه يقرر في النهاية عدم نشر الكتاب المتعلق بوالده، وعليه تكون «المحنة» كاملة، ويكون الفيلم تتبعاً لحياة غير مكتملة، لأحداث تحدث ولا تكتمل، أو تمضي إلى نهايات حياتية فاشلة وعلى أصعدة عدة، أولها علاقة البطل مع نفسه ومن ثم محيطه، ومع والده الذي يكون كابوساً شديد الوطأة عليه، ومعه أيضا أمه التي يحاول الاتصال بها ويتردد.

ضمن برنامج «أضواء» يأتي فيلم قتيبة الجنابي عن خليل شوقي «الرجل الذي لا يعرف السكون» بمثابة فسحة تبعدنا عن عراق القتل اليومي الذي تحمله أفلام وثائقية أخرى، ويقربنا أكثر مما حل بهذا البلد من خلال فعل استعادي حميد للممثل والمخرج العراقي خليل شوقي، ولعل جماليات هكذا مبدع وما يمثله من تاريخ ستجعل من مقاربة العراق اليوم أكثر إيلاماً، كونه دعوة أيضاً لممارسة الحنين الذي لم يستكن له شوقي في الوقت نفسه كونه رجلاً لا يعرف السكون، حسب تعبير الجنابي، وقد تجاوز الثمانين.

نكتشف مع خليل شوقي من أين يأتي هذا الإصرار على الحركية العالية والإبداع، أو كما يظهر لنا الفيلم أداءه المسرحي على خشبة في لندن، وكيف لهذا الرجل أن يستدعي الذاكرة العراقية في المنفى والوطن، وهو في «خريف» العمر.

نعود أيضاً هنا إلى المنفى، لكن عبر توثيق جميل ومضبوط بعناية من ينتشل ذاكرة ويوثقها، ولعل المادة الأرشيفية لمسلسلات ومسرحيات وأفلام مثل فيها شوقي ستأخذنا مباشرة لما يود الفيلم ايصاله، وليكون دائماً البحر الذي يكرهه المهاجر العراقي مصيراً لا مناص منه.

فيلم قتيبة الجنابي مشغول برجل جميل جاء وفياً له فكان جميلاً مثله.

الإمارات اليوم في

12/04/2010

####

‏‏3 مواطنات صمدن أمام الضغوط وأنتجن فيلماً جريئاً

‏«أششش» لا يسكت على «المسكـوت عنه»‏

محمد عبدالمقصود – دبي 

‏‏ثلاث اماراتيات صمدن امام ضغوط وانتقادات عدة، وانتجن فيلما جريئا في طرح قضايا اجتماعية. وعرض فيلمهن «أششش» الذي اقتحم «المسكوت عنه» في حياة بعض البنات، أمس، ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي في دبي.

يشارك الفيلم الذي تبلغ مدته 40 دقيقة، ضمن فئة الأفلام القصيرة في المهرجان، وتعاونت على إنتاجه ثلاث فتيات إماراتيات ضمن مشروع تخرجهن من كلية التقنية العليا مستعينات فيه بأربع ممثلات بينهن اثنتان وقفتا أمام الكاميرا للمرة الاولى.

الحضور كامل العدد في عرض «أشش» الأول، واضطرار متفرجون إلى افتراش ممرات الصالة في وقتي عرضه، وكان لافتاً ما هو إشكالي في الفيلم.

مخرجتا الفيلم وكاتبتا السيناريو، شما بونواس وحفصة المطوع، ومديرة التصوير شهد خالد، كن في حالة تحفز وحماسة شديدة، مؤكدات أن امتلاء الصالة بالجمهور كان بمثابة رد اعتبار لردود فعل سلبية عانين منها بعد تسرب مقاطع من الفيلم عبر هواتف «بلاك بيري» والإنترنت.

الفتيات الثلاث أكدن أن «الفيلم اقتحم قضايا حقيقية في المجتمع، سعين إلى الاستعانة بلغة السينما من أجل التنبيه الى خطورتها»، مشيرات الى انهن واجهن انتقادات قاسية بتشويه صورة الفتاة الإماراتية، «لدرجة أن بعضهم اتهمنا بأن قضايا الشخصيات الأساسية الأربع في الفيلم هي مشكلاتنا الخاصة».

وأوضحت شما ان الفيلم ناقش ظاهرة«البويات» من خلال شخصية هند، «واستعنا بالفتاة صدف التي وقفت أمام الكاميرا للمرة الأولى لتجسد سلوك البنت المستهترة التي تتردد على الأماكن المشبوهة» عبر شخصية «مهرة»، مشيرة الى ان الفيلم طرح ايضا «عقدة متكررة في حياة كثيرات مرتبطة بالإحساس بالقبح وعدم رغبة الجنس الآخر فيها، من خلال شخصية (زينب) التي جسدتها الممثلة الإماراتية راية العامري، وما يمكن أن يترتب على ذلك في ظروف خاصة من تصرفات أخلاقية سلبية»، مضيفة ان النمط الرابع من الشخصيات تمثل في نموذج لفتــاة متــزنة عبر شخصية «ميثا» جســدتها ديما عياد، لكن رغبتهــا الجامحــة في الزواج جعلتها تنسج علاقة غير شرعية مع شــاب، «وجميع هذه القضايا معيشة رأينا طرحها أفضل من تجاهلها ما دمنا نمتلك حرية اختيار موضوعاتنا السينمائية».

وعلى الرغم من أن «أششش» فيلم من دون ميزانية، حسب أسرته التي أنفق أفرادها على العمل بشكل شخصي، فضلاً عن تبرع الممثلات والجهات صاحبة الحق في مواقع التصوير المختلفة.

واكدت حفصة «تلقينا طلبات من مخرجين آخرين بالتواصل مع الممثلات الأربع، على الرغم من أن اثنتين منهما ليستا ممثلتين، والجميع كان يتحدث أمام الكاميرا بعفوية تخرج في كثير من الأحيان عن قيود النص». وقالت ان «إشكاليات فيلم (أششش) ليست تقنية، بل متعلقة بالكيل بمكيالين في ما يتعلق بالمسموح عرضه، ففي الوقت الذي نجد مشكلات كل الشرائح الاجتماعية الذكورية مطروحة للعرض والتناول الدرامي مهما كانت درجة الصدمة التي تحدثها، فإن القضايا الحقيقية للمرأة محظور تناولها بحجة أن معالجتها تحمل إساءة للمجتمع، وتضر بصورته الإيجابية».

في السياق نفسه، قالت شهد «تعرضنا لضغوط هائلة من أجل إثنائنا عن مواصلة إنتاج الفيلم، وكثيرون ممن اطلعوا على السيناريو ووصلوا إلى بعض مشاهده قبل عرضه، حذرونا من سلبية الصورة التي ستطالنا وقد تؤثر في مستقبلنا وموقعنا»، لكن الفنانات الثلاث صمدن امام كل التحديات،«اخترنا أن نكون إيجابيات بالتعامل مع المشكلات الموجودة بدلاً من سلبية تجاهلها، ربما يؤدي ذلك التناول إلى تنبيه حول ضرورة معالجة تلك الآفات الاجتماعية، ومزيد من تفعيل الدور التربوي والأخلاقي الذي يجب أن تنهض به مؤسسات المجتمع المختلفة، وخصوصاً الجامعة والمدرسة والأسرة، وهذه هي الرسالة الإيجابية للفيلم».‏ 

انتقادات.. وإصرار‏

قالت الفتيات الثلاث اللواتي شكلن أسرة فيلم «اششش»، إنهن تلقين انتقاداً حاداً من شخصية اجتماعية، فضلن عدم الإشارة إلى اسمه، لكن بعد عرض الفيلم جاء واعتذرت لهن، وقال ان «الواقع الاجتماعي يحمل مآسي ومشكلات أخلاقية أكبر بكثير من الصورة التي قدمها الفيلم»، شاداً على أيديهن لتقديم أفلام تحمل هموم المجتمع.

وقالت المخرجة شما بونواس التي سبق أن قدمت فيلم «أنا رجل» الذي نبّه لإشكالية الرجال المتشبهين بالنساء، «تلقيت انتقادات حادة عندما عرضت فيلمي الأول، وسبق لزميلات لي أن تلقين الانتقادات نفسها حينما قدمن الوثائقي (البحث عن الشريك المثالي)، والآن نتلقى انتقادات أقوى يرى اصحابها أننا اخترقنا محظوراً ومسكوتاً عنه كان الأفضل أن يبقى كذلك»، مؤكدة «سنواصل التطرق لكل قضايانا الحساسة غير المرغوب في تناولها، من اجل علاجها»، مشيرة إلى أن اسم الفيلم «اششش» هو اللفظة العامية التي تطلب إسكات الآخرين

الإمارات اليوم في

12/04/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)