كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

آل عياف: قافلة صناعة السينما السعودية تشهد اقبالا

حوار: خليل حنون

مهرجان الخليج السينمائي

الثالث

   
 
 
 
 

عبد الله آل عياف مخرج أفلام قصيرة من المملكة العربية السعودية، لفت الأنظار إليه بأفلامه التي تحمل همّاً تعبيرياً وبوحاً جمالياً خاصاً. وهو وبالرغم من الضعف في الأداة في بعض أفلامه والمرتبط بظروف بيئته أكثر من ارتباطه بموهبته، إلا أنه في فيلمه الأخير "عايش" كان متمكنا من أدواته السينمائية وأكثر نضجاً على مستوى الفكرة والصورة والصوت. وعلى هامش فوزه بجائزة مهرجان الخليج السينمائي الثالث في دبي مؤخراً كان هذا الحوار.

مهرجان الخليج السينمائي، ما الذي يعنيه لكم أنتم السينمائيين الشباب، وكيف ترى دوره؟

لو سألت معظم صانعي الأفلام الشباب/الشابات في الخليج عن التظاهرة الأهم لديهم لأجابوا بأنه مهرجان الخليج. تكمن أهمية مهرجان الخليج في أنه سينمائي و مختص بالتجارب السينمائية الخليجية، أو تلك التي تهتم بالخليج. ببساطة هو المكان الذي نستطيع فيه عرض تجاربنا ومشاهدة تجارب زملائنا بالمنطقة، والاحتكاك بهم وبالنقاد العرب وغير العرب (مثل المخرج الفرنسي الشهير فرانسوا فوجيل في الدورة الأخيرة). وهي أمور تصقل تلك التجارب الشابة. كما أن عرض تلك التجارب تتيح للعديد من مبرمجي المهرجانات و النقاد و اإعلاميين مشاهدة تلك الأعمال و هذا يعني الانتشار الجيد لتلك الأفلام.
لا أستطيع مطالبة المهرجان بأكثر مما يقوم به فهو - من خلال مقارنته بالعديد من المهرجانات التي حضرتها عربيا-  يتمتع بنشاطات و برامج مميزة لم نكن لنحلم بها خليجياً قبل سنوات، و بالتأكيد فإن لكل من الأستاذين مسعود أمر الله و عبدالحميد جمعة الفضل في تجسيد تلك الأمور من مجرد أمنيات لواقع جميل نعيشه.

·     هناك تفاوت قوي بمستوى الأفلام الخليجية في المهرجانات، وما هو جيد ومُلْفِت قليل، فما السبب برأيك؟ وكيف السبيل لوجود حركة سينمائية قوية في هذه المنطقة؟

 من الطبيعي جداً وجود هذا التفاوت. فالمهرجان لايزال في دورته الثالثة و السينما الخليجية لاتزال في بدايتها، ومن غير العدل توقع الأفضل في هذا العمر القصير جداً. كما أن قلة نسبة المتميز جداً في المهرجان مشابهة لتلك في مهرجانات أقدم بكثير منها، و من غير المتوقع أن تحضر مهرجاناً مهما كان اسمه و تخرج راضياً عن غالب أو حتى نصف أفلامه.

مهرجان الخليج سيغير حتماً. الوضع للأفضل ولو وجد في بقية دول الخليج مهرجانات شبيهة و دعماً حكومياً كما في دولة الإمارات، فسيتم التطور و التحسن بشكل أسرع. في الخليج نحتاج الدعم الحكومي و الوقت لنُري الجميع أننا قادرون على الحضور ليس إقليمياً فقط بل عالميا.

·         ما مميزات الأفلام السعودية مقارنة بغيرها من أفلام دول خليجية أخرى؟

ج: قضايانا مشابهة لتلك التي في باقي الدول الخليج، لكن لكل مجتمع طريقته في طرح قضاياه. الأفلام السعودية أكثر تنوعا في تناول القضايا بسبب كبر مساحة البلاد، و كثرة السكان و تنوع واختلاف العادات بين عدد من تلك المناطق بشكل قد لايتوفر في دول خليجية أخرى. كما أن عدم وجود صالات سينما في البلاد يجعل الجمهور خارج البلاد فضولياً لمتابعة ما سيقدمه السينمائيون/السينمائيات القادمون من السعودية. أما أهم تلك المميزات في تصوري هو الإقبال الشديد المطرد سنة بعد سنة في أعداد المنضمين لقافلة صانعي الأفلام بالبلاد. مما يجعل التوقعات تشير إلى أن السعودية ستقود المنطقة سينمائيا في القريب العاجل. و بوادر هذا الأمر تزداد وضوحاً مع مرور الوقت.

·     عندك تطور ملحوظ من فيلم لفيلم على صعيد الأداة ومعالجة الموضوع. أفلامك التي تصنعها ماذا تعلمك وهل تستفيد من كل تجربة؟

 حتى الآن، قمت بصنع فيلم واحد على الأكثر في السنة و هو أمر يجبرني على أن أكون متأنياً في اختيار الفكرة و صياغتها في سيناريو و طرحها في قالب سينمائي مناسب. و قلة أعمالي و التباعد الزمني بينها يتيح ملاحظة التطور بشكل واضح. أما عن أسباب هذا التطور فأظن أنه كثرة المشاهدة و القراءة و محاولة تطوير ما لدي سنة بعد سنة. إستفدت كثيراً من أفلامي، ولكل فيلم دروسه الخاصة التي تعلمتها منه. كما أن أحد أسباب هذا الاعتناء بالتطوير هو ظهور إسمي كأحد أبرز الأسماء الشابة بالبلاد سينمائياً، وهو أمر متعب جدا و يتطلب الحرص الشديد على تقديم الأفضل؛ لأنني لم أعد أنا وزملائي نمثل تجارب خاصة بل تجربة جماعية تحاول الظهور بأفضل شكل، رغم الصعوبات لهدف نشر ثقافة الفيلم القصير أو الفيلم بشكل عام في المجتمع.

·     حاولت تصوير الوثائقي في فيلم سينما 500 كلم ويبدو أن هناك عوامل منعت من اكتمال التجربة وخروجها بشكل قوي. فما هي صعوبة صنع الفيلم الوثائقي في دولة كالمملكة السعودية؟

 فيلم "السينما 500 كم" كان أول تجاربي كمخرج و لا أبالغ بأنني قبلها لم أمسك الكاميرا مطلقاً بهدف صنع عمل ما ولو كان عائليا. و اخترت أن يكون الفيلم وثائقياً رغم ادراكي صعوبة هذا النوع من الأفلام. و كنت من البداية قد قررت إظهاره بمظهر فيلم الهواة، أو مشابه لما يصوره الأصحاب في رحلاتهم ليتناسب مع فكرة الفيلم الرئيسية. أكثر ماعانيته في صناعة العمل كان الجانب التقني حيث اضطررت لتشويه بعض المقاطع لتظهر بشكل سيء تقنيا و لا أعلم ما إذا كنت قد وفقت في ذلك أم لا.
صناعة الفيلم الوثائقي في السعودية صعبة كما هو الحال في معظم دول الخليج، فالناس في الشارع غير معتادين على مواجهة الكاميرا. و بالتأكيد تقف حساسية تناول الكثير من القضايا الدينية والاجتماعية كوننا مجتمع محافظ مثل بقية دول الخليج. شخصياً، أعتقد أن قضايانا تزخر بكم هائل من المواضيع المناسبة لتناولها في أفلام وثائقية وأخطط لتناول بعض تلك القضايا في المستقبل القريب.

·     طرحت في فيلمك سينما 500 كلم صعوبة مشاهدة السينما والأفلام في المملكة مما يضطر الشباب والناس إلى الذهاب للبحرين؟ فكيف في هذه الظروف حصّلت ثقافتك السينمائية وطورتها؟

 بكثرة المشاهدة، الأفلام متوفرة بالبلاد عبر محلات الفيديو. ورغم تأخر وصول الأفلام وعدم العثور على آلاف الأفلام الجيدة، إلا أننا نشاهد ماهو متوفر. وعندما أقول مشاهدة فأنا لا أعني مجرد المشاهدة العابرة للمتعة، بل عنيت المشاهدة الفاحصة و المتأملة لمواطن القوة و الضعف في الفيلم.

كما أن القراءة في كتب السينما و المراجعات النقدية التي يكتبها النقاد العرب و الأجانب وأيضا حضور المهرجانات و التظاهرات السينمائية، كلها أمور تسهم في زيادة الوعي لدى صانع الأفلام.

 ما الصعوبات التي تواجهها كلما أردت تصوير فيلم؟

 على المستوى الشخصي، عدم تفرغي هو العائق الأكبر، فكل تجاربي أقوم بصناعتها في عطل نهاية الأسبوع أو في إجازتي السنوية التي تنقضي في صناعة فيلم ما وجهد وتعب بدلاً من الراحة وقضاءها مع عائلتي. كما أن عدم وجو كوادر سينمائية ومتخصصين في أي من مجالات السينما العديدة، يجعلنا نقوم بكل الأعمال بأنفسنا بمساعدة الأصدقاء من المبدعين و المتطوعين. و يندمج العاملان السابقان (عدم التفرغ) و (عدم وجود متخصصين) لينتج عنهما أمر ثالث هو صعوبة التنسيق بين فريق العمل، حيث نضطر للانتظار عدة أشهر أحيانا ليتوافق جدول الجميع، و يكون لدينا وقتا مناسبا للبدء، وهو أمر يصعب علينا كثيراً خصوصاً و معظم طاقم العمل يتكون من الطلاب المرتبطين بجداول اختبارات وأبحاث أو من الموظفين و أرباب العوائل.

أما انعدام الدعم المادي فموضوع يطول الحديث فيه و لن أتطرق له.

·     فيلمك الأخير "عايش" والذي فاز بجائزة مهرجان الخليج السينمائي الثالث عن فئة الفيلم القصير. هذا الفيلم تم تصويره بكاميرا تصوير فوتوغرافية لكنها عندها ميزة التصوير الفيديوي العالي الدقة HD، ما سبب اختيارك هذا؟ وكيف كانت النتيجة؟ وهل هذه الكاميرات بديلٌ جيد يعوض التصوير بالكاميرات السينمائية ؟

شاهدت بعض التجارب السريعة التي تم تصويرها بتلك الكاميرا وأثارت دهشتي، فالكاميرا صغيرة الحجم و تنتج صورا عالية النقاوة والجودة مقارنة بكاميرات الفيديو أو كاميرات السينما العالية التكلفة و الكبيرة الحجم. ويبدو أن هذه النوعية من الكاميرات ستقلب موازين سوق كاميرات الفيديو الرقمية. وهذا يعني في النهاية جودة أعلى و سعر أفضل وهما حلم كل سينمائي مبتدئ أو مستقل.

·         تتميز عن غيرك باهتمامك بالشريط الصوتي للفيلم وإعطائه دور وحيز وبطولة وتتعامل معه بدقة وعناية.

 أشكرك على سؤالك اللماح. بالفعل أقضي الكثير من الوقت خلال كتابة ومونتاج الفيلم أعمل على الجانب الصوتي بالفيلم، فهو ليس مجرد تابع للصورة، بل أحد أهم عوامل سرد الحدث و التعبير السينمائي. أحب إفراد مساحة ما في بعض المشاهد ليكون الصوت فيها هو البطل سواء مع الصورة أو بدونها، لذلك فأنني أحرص على تقليل الموسيقى و استخدامها فقط في تلك المشاهد التي تناسبها. كما أحاول دائما إفراد المساحة للأصوات المحيطة لتكون حاضرة لفترات تتجاوز أحيانا فترات الحوار بالفيلم. قبل تصوير أي فيلم أقوم دائما بالتجهيز والبحث عن أصوات مناسبة في مكتبة الصوتيات لدي أو أقوم لاحقا بتسجيلها في الموقع أو بعد انقضاء مرحلة التصوير. و كل ذلك لكي يظهر الصوت بشكل جيد. هنالك مقولة جميلة نسيت قائلها تقول بأن الجمهور قد يغفر للمخرج عدم وضوح الصورة، ظناً منهم أنه قد يكون اختارها عامداً لتظهر بهذا الشكل. لكن الجمهور لن يغفر للفيلم عدم وضوح الصوت فيه. ولأني مؤمن تماماً بأهمية شريط الصوت فإني أقضي وقتا أطول في مونتاجه عن الوقت الذي أقضيه في مونتاج الصورة.

·     تتحدث في أفلامك عن أفراد ولا نرى المجتمع من خلالهم بشكل واضح ومباشر؟ ما السبب في ذلك وخاصة أن نفس الأمر نلاحظه في أفلام سعودية أخرى؟

ج: الأفراد يمثلون المجتمع بشكل أو بآخر، تناولي لقصص الأفراد في أفلامي نتيجة لرغبتي في خوض مكنونات النفس البشرية بشكل أكبر من مجرد تناول قضايا عامة. عندما يتغير الفرد سيتغير المجتمع. كثيرا ما أصرح بأنني أميل للتغيرات التي تحدث داخل شخصيات الأفلام التي أقدمها أكثر من تلك التي تقع خارجها.

أما كون هذا الأمر ينتشر بين الأفلام السعودية، فأظن الأمر أشمل من ذلك، و نراه في التجارب الخليجية بل و حول العالم، لتفضيل صانعي الأفلام تناول قضاياهم عن طريق شخوص محددة كوسيلة سرد سينمائي، و ربما لعدم وجود ميزانيات جيدة توفر عدد ممثلين أكثر لتلك الأعمال.

·         مالذي تأمله؟ وكيف ترى مستقبل هذا الجهد الذي يبذله الشباب الخليجي من أجل السينما؟

 آمل بأن نتمكن كشباب خليجي في جعل السينما أداة تأثير و تغيير فاعلة و إيجابية لتطوير مجتمعاتنا، وتقديم ماهو راق وممتع، وأن تصل تلك الأعمال للعالم لنقل صورة أدق عن همومنا وقصصنا غير تلك المغلوطة. ولكي نصل لتلك المرحلة آمل في أن تنظر حكوماتنا لتلك التجارب بشكل جاد، وتكتشف أن مايقدمه هؤلاء الشباب ليس مجرد أعمال لقضاء وقت الفراغ.

الجزيرة الوثائقية في

22/04/2010

 
 

السينما الخليجية تدخل مرحلة النضـج!

كتب عصام زكريا

أجمل ما فى مهرجان الخليج السينمائى، الذى عقدت دورته الثالثة من 8 إلى 14 أبريل الحالى فى إمارة دبى، هو تلك الحميمية التى تجمع بين المشاركين فيه من سينمائيين ونقاد وإداريين بشكل قلما تراه فى المهرجانات الأخرى التى تتكون من جزر معزولة بسبب حجمها الكبير واختلاف اللغة والنوعيات والمستويات الفنية.

على مدار أكثر من أسبوع حضرت فيه فعاليات المهرجان وشاركت بالمشاهدة والمناقشة أستطيع أن أقول أننى خرجت بانطباع جيد عن مستقبل السينما فى هذه البلاد التى ظلت حتى وقت قريب جدا على خصومة مع أكثر الفنون شعبية وتأثيرا فى الجماهير.

على مدار أيام المهرجان عرض194 فيلماً من 41 دولة، من بينها 111 فيلما من بلاد الخليج، التى تضم الإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان واليمن والعراق، بالإضافة إلى برنامج «تقاطعات» الذى يضم عددا من الأفلام القصيرة والوثائقية المختارة من بلاد العالم، وبرنامج للمخرج التجريبى الفرنسى فرانسوا فوجيل لفت الانتباه بأسلوبه الفريد فى صنع الأفلام. وكان من الجيد أيضا أن كل هذه الأفلام التى عرضت مجاناً للجمهور شهدت إقبالا كبيرا مقارنة بما شاهدته فى أى مهرجان مصرى أو عربى آخر ، الإضافة إلى عرض الأفلام والمؤتمرات الصحفية مع صناعها ومع المكرمين فى المهرجان، فإن كل يوم لم يكن يمر قبل أن يعقد لقاء ليلى - ما بعد منتصف الليل - بين المشاركين فى المهرجان حول موضوع أو قضية بعينها تعقبه جلسة خاصة بين صناع الأفلام ومن يريد من النقاد الحاضرين لمناقشة الأعمال التى تم عرضها خلال اليوم.

افتتح المهرجان بالفيلم الإماراتى «دار الحى»، للمخرج على مصطفى، والذى تم تصويره بالكامل فى دبى بالتعاون مع فريق عمل عالمى، وهو فيلم روائى طويل يقال أنه أول فيلم إماراتى روائى طويل، رغم أن هناك فيلم «الدائرة» للمخرج نواف الجناحى الذى عرض فى دورة العام الماضى، ولا أعلم سر هذا، ولكن ربما المقصود أنه أول فيلم 35 مم.

أول فيلم إماراتى

«دار الحى» سبق عرضه فى مهرجان دبى الماضى، وهو فيلم طموح وجيد ويتميز بسيناريو جيد حول ثلاث قصص متداخلة تعرض التنوع القومى واللغوى والطبقى فى دبى، والتعقيدات الناجمة عن الحياة فى هذا البلد المثير الغريب، ورغم أن الفيلم ممول من حكومة دبى إلا أنه جرىء فى طرحه للمشاكل واحتوائه على بعض المشاهد التى أعلم أن رقابة التوزيع فى الإمارات ترفضها فى الأفلام المصرية، مثل احتساء الخمور أو مشاهد القبلات والعرى، ولا أعلم أيضا سر هذا التناقض!

وبالإضافة إلى فيلم «دار الحى» ضم حفل الافتتاح برنامجا لتكريم ثلاثة من السينمائيين الرواد فى دول الخليج هم الممثلة الإماراتية رزيقة الطارش؛ والممثل والكاتب العراقى خليل شوقى؛ والممثلة الكويتية حياة الفهد...هذا التكريم يأتى فى محاولة محمودة من المهرجان لربط الحركة السينمائية الجديدة التى تقوم على أكتاف شبان صغار يحملون الكاميرات الرقمية ويصنعون أفلاما صغيرة، وبين الرواد الذين حاولوا تأسيس سينما فى بلاد الخليج خلال الستينيات والسبعينيات قبل أن تتلاشى جهودهم فى أمواج التيارات والحكومات المعادية للفن والسينما.

الإمارات بحكم طبيعتها الأكثر انفتاحا وتنوعا واهتماما بالسينما جاءت على قائمة الأفلام الخليجية المشاركة بـ 36 فيلماً، تلتها العراق بـ 25 فيلماً، ثم المملكة العربية السعودية بـ 24 فيلماً، وعُمان بـ 10 أفلام، والكويت بـ 8 أفلام، والبحرين بـ 6 أفلام، أما اليمن فلم يظهر بها فيلم واحد طويل أو قصير أو تسجيلى خلال العام الماضى، وهو أمر عجيب أيضا، وقد حاول المهرجان تعويض هذا الغياب باختيار المخرجة اليمنية خديجة السلامى فى لجنة تحكيم المسابقة الرسمية وتكريمها فى حفل الختام...وهى أول مخرجة امرأة فى اليمن! تقوية السينما والنساء أيضا ومن القرارات الذكية فى دورة هذا العام اختيار لجنة تحكيم نسائية بالكامل لمسابقة السيناريو، والتى ضمت الكاتبة الإماراتية أمينة أبو شهاب، والأديبة والصحفية السعودية بدرية عبدالله البشر والكاتبة القطرية وداد الكوارى، وهى لفتة تؤكد وعى المهرجان بأن تقوية السينما والفن عموما تعنى تقوية المرأة والأقليات المقهورة عموما.

لجنة تحكيم المسابقة الرسمية ضمت أيضا الناقد والمخرج السعودى الشاب محمد الظاهرى، الذى فاز فيلمه «شروق/غروب» بجائزة فى العام الماضى، كما ضمت المخرج والممثل الإماراتى إبراهيم سالم وماثيو دارس المدير الفنى لمهرجان براتيسلافا السينمائى فى سلوفاكيا، بالإضافة إلى رئيس اللجنة المخرج المغربى جيلالى فرحاتى.

أشباح الخليج!

معظم الأفلام التى تأتى من بلاد الخليج خجولة ومحافظة وتتناول قصصا ميلودرامية تقليدية...هذا هو الانطباع الذى كنت أخرج به من مشاهدتى للأفلام الخليجية منذ خمس أو ست سنوات، ولكن يمكن أن أقول أن أفلام مهرجان الخليج هذا العام شهدت تنوعا فى الموضوعات والأنواع الفنية رغم أن هذا لم يكن مصحوبا بتطور مماثل على مستوى اللغة والحرفة السينمائية، مع بعض الاستثناءات طبعا. ومن العجيب أن السينما العربية التى طالما غرقت فى القضايا السياسية والاجتماعية شهدت، على يد مخرجى الخليج، توجها نحو تخطى المألوف وتقديم تجارب جديدة تتنوع بين أفلام الخيال العملى وأفلام التشويق المستقبلية وحتى السينما ثلاثية الأبعاد.

ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، شارك فيلم «لعنة إبليس» للمخرج ماهر الخاجة، الذى يروى قصة مجموعة من الإعلاميين يتوجهون إلى الجزيرة الحمراء لاستكشاف المنطقة المشهورة بمملكة الجن، لكن اختفاءهم يثير ضجة إعلامية فى الصحف والمجلات والقنوات المحلية التى يصل مراسلوها إلى المكان بحثاً عن المفقودين، وهناك يبدأ الصراع بين الإنس والجن! وقدم المخرج السعودى محمد هلال فيلمه «الشر الخفى»، ويروى فيه ثلاث قصص لثلاث عائلات تسكن فى فيللا مسكونة بالأشباح، نتيجة بنائها على مقبرة إحدى العائلات، ويتعاونون معاً على فكّ شفرة منزلهم المسكون.

أما فيلم «الفناء» للمخرج الكويتى عمر المعصب فهو محاولة فى السينما ثلاثية الأبعاد، التى تحولت إلى موضة بعد «آفاتار»، ويخوض «فيلم ليفيتى - زيرو إيرور ماينس للمخرج الهندى المقيم فى الإمارات أشرف غورى فى عالم الخيال العلمى من خلال قصة مجموعة من العلماء الذين يقررون دراسة أحداث التاريخ المنسية عبر إرسال أول ''سايبورغ'' ذكى يدعى XE7 إلى الماضى، حيث يشهد كارثة طبيعية لا يمكن تفسيرها.

فى العدد القادم أستكمل الحديث عن الأفلام الفائزة والمثيرة فى المهرجان.

جوائز المهرجان

قدم المهرجان جوائز بلغت قيمتها الإجمالية 485 ألف درهم للفائزين بفئات المسابقة المختلفة: الأفلام الروائية الطويلة، والأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية، فى حين تنافس الطلبة على جوائز فئتى الأفلام القصيرة والوثائقية.

تنافس فى المسابقة الرسمية للفيلم الروائى 7 أفلام والوثائقى 9 أفلام والقصير 38 فيلماً، بينما شهدت مسابقة أفلام الطلبة مشاركة 33 فيلماً من بينها 12 فيلماً وثائقياً و21 فيلماً قصيرا.

وجاءت جوائز المهرجان على النحو التالى:

- مسابقة السيناريو للأفلام الإماراتية القصيرة:

الجائزة الثالثة: محسن سليمان حسن عن سيناريو فيلم «فيلم هندى»

الجائزة الثانية: محمد حسن أحمد عن سيناريو فيلم «سبيل»

الجائزة الأولى: نايلة الخاجة عن سيناريو فيلم «ملل»

مسابقة الطلبة

- مسابقة الطلبة للأفلام القصيرة

شهادة تقدير إلى فيلم «إششش» (الإمارات) من إخراج حفصة المطوع وشمّا أبو نواس الجائزة الثالثة: ملاك قوتة عن فيلم «فى العزلة» (الولايات المتحدة) جائزة لجنة التحكيم الخاصة: محمد التميمى عن فيلم «الجنطة» (السعودية) الجائزة الأولى: أمجد بن عبدالله الهنائى وخميس بن سليم أمبوسعيدى عن فيلم «تسريب» (عمان)

مسابقة الطلبة للأفلام الوثائقية

شهادة تقدير إلى فيلم «مهر المهيرة» (الإمارات) لميثاء حمدان

الجائزة الثالثة: محمد نعيم عن فيلم «الحلاق نعيم» (العراق -اليابان)

الجائزة الثانية: معاذ بن حافظ عن فيلم «أحلام تحت الإنشاء» (الإمارات)

الجائزة الأولى: هاشم العيفارى عن فيلم «غرباء فى وطنهم» (العراق)

المسابقة الرسمية

- المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة:

شهادة تقدير لفيلم «صولو» (الإمارات) لعلى الجابرى

شهادة تقدير لفيلم «حارس الليل» (الإمارات) فاضل المهيرى

شهادة تقدير لفيلم «غيمة شروق» (الإمارات) لأحمد زين

جائزة أفضل سيناريو: حسام الحلوة عن فيلم «عودة» (السعودية)

الجائزة الثالثة: جاسم محمد جاسم عن فيلم «ثم ماذا؟» (العراق) الجائزة الثانية: عهد كامل عن فيلم «القندرجى» (السعودية)

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: سحر الصواف عن فيلم «أم عبدالله» (العراق)

الجائزة الأولى: عبدالله آل عياف عن فيلم «عايش» (السعودية)

المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية:

شهادة تقدير لريتشارد لاثام لجودة التصوير فى فيلم «إطلاق الحلم» (الإمارات)

الجائزة الثالثة: حميد حداد عن فيلم «82-80» (العراق)

الجائزة الثانية: لؤى فاضل عن فيلم «باستيل» (العراق)

الجائزة الأولى: سونيا كيربلانى عن فيلم «نسيج الإيمان» (الإمارات، الهند)

المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة:

الجائزة الثانية: حيدر رشيد عن فيلم «المحنة» (المملكة المتحدة، العراق، إيطاليا، الإمارات)

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: على مصطفى عن فيلم «دار الحى» (الإمارات)

الجائزة الأولى: شوكت أمين كوركى عن فيلم ''ضربة البداية'' (العراق، اليابان).

صباح الخير المصرية في

27/04/2010

 
 

الكوت... مخرج يرتاد الاختلاف

القتل الأيروتيكي بواسطة «موز».. و«شنب» ينتهي عند الحلاق

« أبوتيلة..» فحل يحظى بإشادة الجميع!

جدة - خالد ربيع السيد

المشُاهد لفيلمه الأول المعنوّن بـ«مفارقات» المنتمي إلى السينما التسجيلية الروائية (الديكودراما)، وكذلك فيلمه الثاني المصنف ضمن السينما السيكولوجية، تحت عنوان «جمال عقل خالد»، يُمكن أن يتلمس فرادة المخرج الكويتي الشاب «مقداد الكوت»، في اختيار موضوعاته، وفي التعبير عنها بلغة سينمائية متميزة في أفلام قصيرة من إنتاج مجموعة عكس السينمائية التي يعمل معها برفقة عدد من أصدقائه السينمائيين الكويتيين الشبان المنتهجين لفكر ورؤى سينمائية تعاكس السائد، وتسعى الى إحداث نقد سيسيوثقافي فني محايد، منهم: مساعد خالد، فيصل الدويسان، داوود شعيل، عمر المصعب، نزار القبندي وغيرهم.

ومع التدقيق في كتابته وإخراجه لفيلمه الثالث «موز» المتحقق في أربع وعشرين دقيقة، وكان عرضه في مهرجان الخليج السينمائي بدبي 2009، تتكشف طريقته الإخراجية في نقل رؤاه وفق أسلوبية لافتة في حداثة تناولها لموضوعات غير مطروقة، وفي لغته السينمائية المعتمدة على إيحائية الصورة وتلميح الحوار في قالب كوميديا الموقف الذي لا يخلو من سخرية نابهة تماحك القضايا بروح باعثة على التأمل والدهشة المغلفة بالضحك.

في فيلم «موز»، والعنوان هنا له دلالته الأيروتيكية، تبرز حالة الشاب «أحمد»، في الثلاثينيات من عمره (أدى الدور الممثل الكويتي نزار القبندي بكثير من التميز)، رجل متزوج ويعاني الخفوت في علاقته الجنسية مع زوجته، ما يدفعه إلى زواج المتعة المعروف في المذهب الشيعي، لعله يخلصه من أزمتيه النفسية والجنسية.

ومن خلال شخصية أحمد المُركبة، تلوح قضية أخرى تناولها الفيلم بتلميح حذر، وهي ظاهرة المثلية الجنسية.. فـ«أحمد» يعاني اضطرابا في هويته الجنسية، وكثيراً ما تنتابه رغبات وخيالات تؤرقه، حيث تباغته هلوسات مثلية تدفعه في لحظات محتشدة بالرغبة لترديد عبارة «أحب الموز»، ورغم تدينه وارتياده المساجد للصلاة، والتعبد إلا أن هواجسه ومحنته البيولوجية تجعل تصرفاته وسلوكياته متسمة بشيء من الغرابة والاعتلال والفكاهة معاً. استطاع الممثل نزار القبندي تجسيدها بكفاءة بالغة، مُسخراً تعبيرات وجهه وجسده لإيهام المشاهد إيهاماً كاملاً بأنه لا يمثل، بل ينقل فعلياً حيرة ذلك الشاب المتصارع مع واقعه، وفق أداء تقمصي لا يأبه لتركيبة الدور وصعوبته.

قتل افتراضي

في هذا السياق تتداخل مشاهد سريعة لإيصال حقيقة ما يشعر به أحمد وحقيقة ما يرمي الفيلم إليه. فعزمه على زواج المتعة يأتي ضمن تقديم حالة إنسانية ليس لها علاقة فقهية، والفيلم بهذه الآلية يعرض الحالة ويترك للمشاهد إتمام وتفسير ما يراه.. نشاهد أحمد يتفق مع عروسه على ثمن الزواج المؤقت، ثم لا نسمع رأياً للشيخ عندما يسأله عن حكم هذا الزواج. وفي المشهد الغرائبي الأخير يقوم صديقه بقتله أيروتيكياً بواسطة موزة، ربما بدافع شعور بالغيرة لتخليه عنه، وابتعاده عن مجاسدته، واللجوء إلى حل متعارف عليه مذهبياً. أحمد رفض الشذوذ ولجأ إلى زواج المتعة، وهنا تتشكل بؤرة الاختبار والتصعيد الدرامي التي يضعها الكوت والقبندي أمام المشاهد. لينتهي الفيلم بمشهد رمزي عميق في تأويله. إذ يهيم أحمد بعد قتله الافتراضي في صحراء قاحلة تحوي مئات القتلى المدفونين وتظهر (غترهم وعقالاتهم) كشواهد على قبورهم، وكأنها إشارة إلى تفشي الحالة المثلية لمئات المقتولين بموز الرغبات الممنوعة.

ثم في فيلمه الرابع ذي العنوان المرح «شنب»، المقتبس عن قصة «أريكة مجنحة» للكاتبة ثريا البقصمي، وكان عرضه الأول في الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي، تتحدد الملامح الأسلوبية للمخرج في أطر أكثر وضوحاً، فموضوع فيلمه يتطرق لأهمية اجتماعية شكلانية في الكويت، عن وجود الشارب على وجوه الرجال، باعتباره مكملاً رجولياً أساسياً، ولا تكتمل فحولة الرجل إلا بوجوده، بحسب المنطق الذي ينافحه الفيلم، وأن يكون الشارب مترافقاً مع تدخين السجائر، العادة المتممة للرجولة والمنتشر وسطياً بين طبقة البروليتاريا والتكنوقراط. فالرجل الكفو(!!) بالضرورة يطلق شاربه، ويشعل سيجارته على الدوام.. من هذا المنطلق العرفي يؤدي الممثل «عمر العنزي» دور شاب أقدم على حلاقة شاربه دون مبرر واضح، وواجه جراء ذلك استهجاناً كبيراً من المجتمع.

يظهر «أبوشنب»، وهي الكنية التي أطلقها عليه زملاؤه وأصدقاؤه، في المشهد الأول من الفيلم خارجاً من صالون حلاقة، ويقف بشاربه المحلوق، ليشعل سيجارته. في هذه الأثناء ينكسر حاجز الإيهام السردي، وتنساب موسيقى الكونشيرتو الخامس لبيتهوفن، لإدخال المشاهد في فنتازية تخيلية، بينما الحلاّق في الصالون يستغرق في تزيين شارب أحد الزبائن. يبدأ الفيلم من هذا المشهد، وينتهي إليه. وصوت أزيز آلة الحلاقة الكهربائية يلازم المشهدين المتشابهين. وما بين المشهدين تتلاحق المواقف في تسلسل متقطع غير مقيد بترابط زمني، يتقصده المخرج ليتيح له تركيز انتباه المشاهد على انطباعات وردود أفعال المجتمع تجاه رجل حليق الشارب.

تتقافز المشاهد: أبوشنب يقف جامداً ويشعل سيجارته، ويقرر الذهاب إلى الطبيب للكشف على العلة المرضية التي لحقت به. تتفاقم السخرية عندما يدلف إلى مقر عمله ليفاجأ زملاؤه ذوو الشوارب الكثة والسجائر العابقة، بأن زميلهم بلا شارب. يرمقونه بنظرات الاستغراب دون أن يعلقوا بكلمة واحدة. بعدها ينتقل الكادر إلى ديوانية أو مجلس يضم الزملاء الخمسة، وهم يلعبون الورق، وتحضر سيرة «أبوتيلة» الرجل الفحل الذي تزوج مرتين، ليحظى بإشادة الجميع، فيما تنهال عبارات السخرية على أبي شنب: (العب يا بوشنب العب، أنت رجل والرجال قليل، رجل.. بس لا تحلق شنبك)، وتنطلق الضحكات.. في مشهد آخر تظهر زوجة أبوشنب (الممثلة آلاء العيدان) في المستشفى، بعد أن أنجبت طفلاً، وأصدقاؤه يهنئونه: كفو، كفو، رجل.. في منزله يحمل أبوشنب مولوده بين ضجيج أبنائه الكثر، بينما تزدريه زوجته التي فوجئت بحلاقته لشاربه: ما أبيك. ما أبيك.. ريحتك خايسة!!

مَشاهد أخرى متقاطعة ومتداخلة: أبوشنب يجلس مع أشقائه وأمه يتناولون الغداء. يتأمل شواربهم، يتحسس شارب أخيه بتعجب، وصورة والده المتوفى تُبدي شاربه الفخيم بوضوح تام. أبوشنب يستيقظ من نومِ مؤرق، يقف أمام باب زجاجي ويتأمل شكله من دون الشارب. عامل المراسلة (الفرّاش أوالساعي) يطارده ممسكاً بمكينة حلاقة ويحلق له شاربه المحلوق أصلاً. يقود سيارته ويخرج شريط كاسيت للفنان عبدالله الرويشد، يبدو وجه الرويشد على مغلف الكاسيت بشوارب أصيلة، ينداح الغناء: رحلتي وتركتيني شماتة، في تلميح عن رحيل زوجة أو حبيبة لا يستبينها المتفرج. يظهر أبوشنب في مراسم زواجه بعد أن رفضته زوجته، على افتراض تراتب الأحداث غير المرتبة في الفيلم، أو ربما تخّيل أبوشنب ذلك الزواج المفترض عندما ذكر أصدقاؤه زواج أبوتيلة الثاني.. يقف أبو شنب، ولا يعرف المشاهد ما إن كان المشهد يدور في خلده أو أنه ضمن الأحداث الدرامية لسياق الفيلم.. يقف إذاً لاستقبال المهنئين، وبجانبه أحد أصدقائه (مقداد الكوت) مرتبكاً خجلاً من هذا العريس عديم الشارب، فيما يردد المهنئون: كفو، والله سويتها، رجُل رجُل. تلميحات هازئة برجل من دون شارب استطاع الزواج في مجتمع ينتقص من رجولة حليق الشارب. تلوح ابتسامة الانتصار على وجه أبي شنب، وكأنه سخر وصفع ثقافة مجتمع تجاه أمر ثانوي لا يمت للرجولة بأية صلة.

ينتهي الفيلم في الدقيقة الرابعة عشرة بالعودة إلى المشهد الأول، حيث يقف أبوشنب بقرب صالون الحلاقة، ولا يضع عقاله على رأسه هذه المرة، ويخرج سيجارة ليشعلها فينهمر المطر ويبلله بالكامل، يقف جامداً ولا يعبر عن شيء. الحلاق يجّمل حواف شارب الزبون، وصوت ماكينة الحلاقة يأز مع التتر النهائي.

بهذه المشاهد المنفصلة المتصلة ينتهي الفيلم ليضعنا أمام صنعة «مقداد الكوت» لأفلامه بطريقة التقطيع الزمني غير المتسلسل للأحداث، بل إن كل مشهد يتكون زمنه السردي بمعزل عن سابقه ولاحقه، وكأن الفيلم في مجمله مجموعة اسكتشات مستقلة ومترابطة في آن واحد، ولكن بناء الخط الرئيسي للمضمون بتكاثف اللقطات الإيحائية المكرسة لموضوع درامي واحد على ثيمة رئيسية يحقق الهدف الفني للفيلم.

كوميديا الكوت

لهذا نستطيع القول إن هذا الأسلوب يُمكّن المخرج من بث كوميديته الموقفية، بحيث لا يعيقه تراتب زمني تقليدي للأحداث، فلا يتطلب السرد أزياءً أو مكياجا أو ديكورات خاصة متوافقة مع البعد الزمني، و«الكوت» في تقنيته هذه يقترب مع أسلوبية المخرج الإيطالي فريدريكو فلليني في بعض أفلامه. كما يتيح التسليط الموضوعي وفق طريقته هذه نقداً ثقافياً اجتماعياً يتمثله وينتدب إمكاناته الفنية لتبنيه، خصوصاً إذا ما اعتبرنا توليفته الإخراجية ملتقيةً مع فن الكاريكاتير الموقفي الحواري في رسم الشخصيات. حيث يلاحظ أن شخصيات فيلم «موز» و«شنب» هي شخصيات كريكاتورية منسحبة من عوالمها الواقعية القريبة، ومتأسسة في البعد السريالي الحلمي أو حتى الفانتزي التخيلي، وهي في ذات اللحظة واقعية أصيلة ملتقطة من بيئة ومجتمع الكويت. وتبدو مذهلة، صامتة، غرائبية، صادمة، تعاني من ذهان أو انسحاب عقلي ونفسي لا يصل إلى مرحلة الاختلال المرضي بالطبع، لكنها على كل حال مأزومة وممسوحة بمسحة كوميدية تتفاعل فيها الحالة المعبرة عنها، وكأنها عارض عابر يمكن أن يصيب أي شخص ولو لفترة زمنية قصيرة.. وفي كل يركن «الكوت» إلى الإيحاء والمؤثر الصوتي الطبيعي ويوظف الموسيقى كعنصر له دلالة محددة يبثها في توقيت معيّن يدعم به إيحاءاته التأثيرية لتعطي المشاهد حضوراً متكاملاً لما يدور أمامه، وهو يعزل الظلال، ولا يتلاعب بالإضاءة بقدر ما يحرص على وضوح صورته الفتوغرافية، في إطار منسجم له منطقيته الرصينة.

أوان الكويتية في

27/04/2010

 
 

العراق أرض لـ 300 مليون فيلم سينمائي تبحث عن مخرجين

محمد الدراجي يطرق أبواب الأمهات ويصنع سينما لنفسه أولاً

هوفيك حبشيان/ دبي...

مَن تابع جزءاً من الحركة السينمائية الناشئة بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، لا بد أن يكون قد شاهد "أحلام" لمحمد الدراجي، الذي عثر فيه انذاك المخرج الفرنسي ايف بواسيه على أجواء من بونويل، بعدما أخذته حماسة لا شك انها تبددت اليوم. كان ذلك عام 2006 وفي الدورة الأخيرة من بيينال السينما العربية في باريس، حين طرح الدراجي فيلمه هذا، فبدا هذا الشاب متحمساً لمنجز عراقي خالص يعوض عن سنوات من الصمت والكتمان، وكان يردد دائماً مقولة التصقت به: "العراق أرض خصبة لصناعة السينما"، مؤكداً ان هناك على الاقل 300 مليون قصة تراكمت في العراق خلال عقود من الديكتاتورية، أي ما يعادل عشر قصص لكل فرد.

في تشرين الأول من العام الماضي، عاد الدراجي الى السينما مع فيلمه الروائي الطويل الثاني، الذي كان يُحكى عنه انه سيكون لافتاً. فعلاً كان اطلاق "ابن بابل" في مهرجان ابو ظبي، الذي دعم الفيلم من البداية، صاخباً، ومن هناك بدأ يشق طريقه الى المهرجانات، من ساندانس الى برلين. بقصة بسيطة وبأسلوب سلس توجه به الى جمهور عالمي واسع، صوّر "ابن بابل" رحلة أم عراقية كردية من شمال العراق الى جنوبه بحثاً عن ابنها في المقابر الجماعية. تصوير حرفي، نص سليم، إخراج على قدر من الادراك، نجح الدراجي في رهانه الى حدّ كبير، وإن حمل الفيلم عاهات كثيرة، أهمها تيهه في منطقة سينمائية قاحلة بين رغبته في ارضاء الجميع وعدم قدرته على الارتقاء بالمأساة العراقية من جانب، وفقدان الصلة بالواقع العراقي جراء تعاطيه معه من دون مسميات من جانب آخر. لكن الفيلم قال ما يود قوله في العراق، وإن بحذر شديد، متفادياً المطبّات التي يقع فيها السينمائيون ما إن يتكلمون عن ضحايا الحروب والصراعات والأنظمة.

هذا الفيلم يضع اليوم الدراجي وأبناء جيله أمام استحقاق جديد تتصدره أسئلة وهموم كثيرة تؤرق السينمائيين العراقيين. حالياً، فتحت أمامهم أبواب الانتاج والتعبير، لكن علينا أن ننتظر لنرى ما اذا كانت سينما المرحلة المقبلة ستليق بمأساة العراق وبذاكرته. الأكيد الى الآن أن الرغبة موجودة، والاصرار يتكرر، والادراك يرتب له مكاناً وسط فوضى التكوين، وهذا ما يؤكده لقاؤنا مع الدراجي الذي جرى في مهرجان الخليج السينمائي (8-14 الجاري).

·         تعلمت السينما وأنت تختبرها "على الأرض"، أليس كذلك؟

- لا، بل درستها في بريطانيا في قسم ادارة التصوير السينمائي، بعدما كنت قد تخرجت من معهد بغداد للفنون الجميلة. في بريطانيا حزت شهادتي ماجستير، واحدة في الإخراج وثانية في التصوير. لكن الشغل "على الأرض"، كما تقول، أفادني كثيراً. السينما لا تستطيع أن تتعلمها على الورق.

·         هناك تطور نوعي بين "ابن بابل" وفيلمك السابق "أحلام" [2006]، سواء في التقنيات أو في اللغة السينمائية...

- (ضحك). لِمَ العيش إذا كنا سنظل في مكاننا ولا نتطور؟ في هذه الحال، الأفضل ان نقتل أنفسنا. عدم التطور مشكلة حقيقية. علينا أن نكبر لتكبر معنا أعمالنا. وكذا بالنسبة الى نظرتنا إلى الحياة.

·         هذا الفيلم كان في بالك حتى قبل مباشرة "أحلام"؟

- نعم، كنت أتهيأ لتصوير "أحلام"، وكنت أمشي في شارع الرشيد حين سمعت على الراديو خبراً يعلن اكتشاف مقابر جماعية في مدينة بابل. كان هذا عام 2003. فخطرت على بالي مباشرةً عمتي المسكينة التي فقدت ابنها خلال الحرب العراقية – الايرانية. وكانت دائماً تبكي عليه، حتى خلال المناسبات السعيدة والأفراح. كنت صغيراً ولم أكن افهم هذا السلوك. كنت أتساءل: لماذا تبكي فيما نحن نرقص؟ أحدثك عن فترة الثمانينات. إذاً، هذه الذاكرة انطلقت لحظة سماعي خبر المقابر الجماعية، فرحت اتخيل قصة أمّ تبحث عن ابنها ونراها تذهب الى بابل. ثم تخيلت شخصية الحفيد الذي اعتبره بديلاً مني، مجسداً النظرة التي كانت لي طوال هذه السنوات حيال عمتي المفجوعة. ثم تطورت الحكاية: قرأت في الجريدة عن قصة أم كردية قامت بالرحلة نفسها التي نصوّرها في الفيلم، إذ قطعت العراق من شماله إلى جنوبه بحثاً عن ابنها في مرحلة ما بعد السقوط. كان موضوع الجريدة بسيطاً، فقمت بتطويره. باشرت الكتابة مع مثال غازي وكاتبة بريطانية. ثم أخذ المشروع بُعداً آخر من طريق معهد ساندانس الذي ساعدنا في جعل السيناريو أكثر تماسكاً. وهكذا كان.

·         هل كان مقرراً ان تأخذ الحكاية شكل "رود موفي" منذ اللحظة الاولى؟

- آه طبعاً، منذ اللحظة التي طُرحت فيها فكرة أن تأتي أمّ من الشمال إلى الجنوب. تطورت فكرة الـ"رود موفي" وتطورت معها الشخصيات. أنا دائماً استقي شخصياتي من ناس قريبين اليّ. أفضّل التحدث عن ناس اعرفهم وأفهمهم. فاذا أردت مثلاً ان انجز فيلماً عنك، فسأقدم على تطوير الشخصية التي تسكنك من طريق معرفتي بك. شخصية الجندي مثلاً استوحيتها من ابن عمي الذي حارب مع الجيش الايراني في شمال العراق. أتذكر الحكايات التي كان يرويها لي في طفولتي حين كان يأتي من الجبهة. أخذت هذه القصص وبلورتها الى ان صارت الفيلم الذي شاهدته.

·     أنت من جيل سينمائيين عراقيين يقيمون في الخارج ويعملون هناك. هل باتت اليوم السينما بالنسبة اليك وطناً بديلاً، وطناً ثانياً في غياب الوطن الحقيقي؟

- السينما وطني وحياتي أيضاً. أنا اليوم أشعر نفسي مثل الطائر، أتنقل بين العراق وبريطانيا، بين شرق وغرب. أنا غداً مسافر الى اسطنبول، ومن هناك سأذهب إلى سان فرنسيسكو ثم أعود إلى بغداد فبريطانيا، ومرة جديدة إلى سياتل الأميركية. هذا كله لأعرض فيلمي وأحضّر لفيلم جديد.

·         هل قمت بالرحلة ذاتها التي أجرتها الأم قبل البدء بالتصوير؟

- نعم، التحضير تطلّب مني سنة كاملة، اخترت خلالها الممثلين والمواقع. كنت أريد أن أعيش اللحظة. خلال عامي 2008 و2009 اعتقد انني أكثر شخص سافر في هذا العالم. كنا نستطلع مواقع التصوير وندرس جوانبها الأمنية حرصاً على سلامة الناس وتفادياً للوقوع في الأخطاء التي وقعنا فيها خلال تصويرنا "أحلام".

·         ما أكثر شيء لفتك خلال قيامك بهذه الرحلة؟

- أولاً، اكتشفت بلادي، واكتشفت الثقافات الموجودة فيه. كل ما تراه في الفيلم من مواقع تصوير كان جديداً بالنسبة اليَّ. لم يكن من الممكن الذهاب الى الذكورة، لأنها كانت معسكراً للأميركيين. ضغطت عليهم كي يسمحوا لي بالتصوير. بابل، السليمانية، الجبال، وكذلك الناصرية والصحراء، كلها مناطق اكتشفتها وانا أصوّر الفيلم!

·         هل واجهتك أخطار أمنية؟

- لا. لكن عندما تكون في بلد كالعراق لا بد ان تواجهك أخطار. في أي لحظة انت تحت الخطر. لكن من المفرح أنني لم أواجه ما واجهته خلال "أحلام". الجيش والشرطة العراقيان توليا حمايتي.

·     الانتاج بريطاني، فرنسي، هولندي، اماراتي، مصري، عراقي، فلسطيني... يا إلهي، كيف استطعت ضم كل هؤلاء تحت قبة واحدة؟

- (ضحك). انه خلاصة ثلاث سنوات عمل. بالنسبة الى الطرف الفلسطيني، كنت التقيت رشيد مشهراوي ورويت له القصة فأحبها وأراد مساعدتي. قال لي: سأجد لك تمويلاً من فرنسا. في ما يختص بريطانيا والعراق فنحن لدينا علاقات مهنية سابقة مع البلدين، اما بالنسبة الى الدعم الذي جاءنا من هولندا، فأنا أحمل الجنسية الهولندية. بالنسبة الى الامارات، كنت مسافراً الى السعودية صحبة بدر بن حرصي، فأراد الاستعلام عن فيلمي، وحين فعلت أعجبته الفكرة فربطني بنشوة الرويني التي بدت مهتمة بالمشروع. اما الجنسية المصرية فاكتسبها الفيلم بعد دخول "أي آر تي" على الخط.

·         هل خشيت الوقوع في مطبات التسييس؟

- كنت أخشى ان أبدو مسيساً. لم أكن أريد فيلماً عن الأكراد فحسب او فيلماً عن العرب فحسب. هذا الفيلم ليس عن الشيعة وليس عن السنة. كذلك لم أرده ضد الأميركيين مئة في المئة ولا ضد صدام حسين مئة في المئة. كنت أريد الوقوف مع الانسان. كذلك أخرجت الى النور هذه الأم الكردية العراقية المسلمة. في بداية الفيلم عندما تؤدي الصلاة، لا نعرف ما اذا كانت هذه صلاة شيعية ام سنية.

الأسماء التي اخترتها كذلك كانت اسماء "عالمية" كإبرهيم وأحمد وموسى، هذه كانت مسألة جد مهمة بالنسبة اليَّ. في العراق لدينا حساسية تجاه هذا الأمر: يحسبونك على جهة معينة استناداً الى اسماء الشخصيات.

·         أليس هذا هروباً من الواقع؟

- لا، لماذا يكون هروباً؟ اخذت نماذج من الواقع الذي شاهدته بأم عيني. هذه المرأة الكردية، الأم والزوجة، علّمتني الكثير. منذ 22 سنة لم تر زوجها. لا بل سُجنت خلال 5 سنوات في سجن نقرة السلمان وفقدت حفيدها. كانت مسجونة برفقة مجموعة نساء عربيات، الواحدة منهن كانت تحمي الاخرى من الاغتصاب. في السجن تعلمت اللغة العربية. هذه المعاناة جعلتها تتعالى على المنطق الطائفي. فلماذا سيأتي محمد الدراجي ويتكلم عن المعاناة من وجهة نظر طائفية؟ خلال حروبه، قتل صدام اناساً من جميع الجنسيات، من كويتيين الى ايرانيين واكراد وشيعة وسنة. قتل حتى الرجل الذي تزوج ابنته ولم يستهدف طائفة اكثر من اخرى، على رغم الضغط الذي كان يُمارَس على طائفة معينة. عندما كنت اسأل عن طائفتي في الصحافة الغربية، كنت اردّ بأنني عراقي.

·         هل تنوي مواصلة التنقيب في الواقع العراقي الشائك ام ان لديك اهتمامات اخرى تلوح في الافق؟

- هذا الفيلم كان مناسبة لاطلاق حملة عالمية للمفقودين في العراق. انا مهتم بالعراق لأنه يمثل عائلتي وناسي. صديقي يحيى يقول دائماً ان العراق ارض خصبة لصناعة السينما. لكل انسان عراقي عشر قصص في جعبته. اضربها بـ30 مليوناً تحصل على 300 مليون فيلم سينمائي.

·         الممثلون غير المحترفين، اين وجدتهم؟

- ما عدا بشير موسى الذي مثل في "احلام" وهو محترف، الام والطفل وجدتهما في احدى القرى. كنت ابحث انا والشباب في شمال العراق، في قرية تدعى الصمود. في كل مرة كنت اطرق فيها باب احدهم، كانت تفتح لي امّ تروي لي قصتها. كنت امضي وقتي في طرق الابواب. كل الامهات اللواتي فتحن لي الباب، بكين الا هي. وهذا ما جعلني التفت اليها. كان شرطها لتعمل معي ان اجد لها زوجها. عمرها الآن 53 سنة وفُقد زوجها حين كانت في الـ32. لم ترد التمثيل لا من اجل المال ولا من اجل الشهرة، كل ما كانت تريد هو ان ازودها معلومات عن زوجها تساعدها في العثور عليه. من هنا كانت فكرة اطلاق الحملة العالمية للمفقودين في العراق.

·     كانت سابقة في برلين ان يخرج رئيس وزراء أحد البلدان ليتكلم عن فيلم [سبق العرض شريط مصور يتكلم فيه نوري المالكي عن الحملة العالمية للمفقودين]، ما الغاية منه؟

ما رأيك أنت؟ (يقولها وعيناه تبرقان).

·         حظيتم بمعاملة خاصة جداً!

- في برلين كان الاعلان عن الحملة، وكي تأخذ الحملة صفة رسمية كان اللجوء الى رئيس الوزراء، علماً انني لم ألق دعماً رسمياً، وهذا مدعاة فخر لانني مستقل. اؤمن بأنه علينا إيصال رسالة لمن لا يدرك بعض الحقائق المرتبطة بالعراق. لذا ارى ضرورة ان نضعه امام واقع ان هناك فيلماً سينمائياً عن المقابر الجماعية، علما ان المالكي حين ألقى ذلك التصريح لم يكن شاهد الفيلم قط. هذه كانت فكرتي ان اجلب هؤلاء كلهم. ذهبت الى العراق لهذه الغاية. اتيت بمسؤولة وزارة الخارجية في المانيا وبسفير العراق في المانيا وايضاً بالسفير الالماني في بغداد، كل هذا لإيصال رسالة مفادها ان السينما يمكنها ان تغير شيئاً، لا بل أشياء.

·         الآراء في الفيلم كانت الى حد ما ايجابية. هذه الايجابية أليست مضرة لمخرج في مثل تجربتك؟

- لا، انا اعرف اخطائي جيداً. لا اخشى الرأي الايجابي. كي أباشر فيلماً ثانياً، عليَّ ان ادرك اخطائي في هذا الفيلم. نحن السينمائيين نصنع الأفلام كي نقع في الأخطاء. نصنع الأفلام كي نستمر في الحياة، ولأننا لا نستطيع بلوغ الكمال.

·         ما اخطاؤك.

- (ضحك). لن افصح عنها. لو قلت كيف صنعت هذا الفيلم لذهلت. على الانسان ان يصل الى مرحلة من الرقي، لكن، لا يستطيع ان يصل الى الكمال. في هذا الفيلم وصلت الى نقطة معينة من الرقي، وعليَّ ان اتخطاها في العمل المقبل. وسأظل اسعى الى التقدم في سلّم الرقي الى ان يأتي يوم اقول فيه "كفى ما فعلته في السينما"، وانضم الى منظمة انسانية. لدينا الكثير من الأيتام في العراق...

·         همك انساني اكثر منه سينمائياً؟

- نعم!

·         أخيراً، ما هي تساؤلاتك وانت تخطيت الثلاثين؟

- (ضحك) آه، الحياة تمر... آخ... تجاوزت الثلاثين ولا ازال عازباً، ولم ارتب حياتي ولا املك سيارة او تلفازاً. للرد على سؤالك، سر الوجود هو الذي يقلقني. لماذا انا، محمد الدراجي، موجود في هذا العالم؟ اؤمن بالقدرة الالهية، لكن اتساءل الى اين أصل بوجودي؟ هل وجودي تكميلي؟

·         هل السينما تأتيك بأجوبة مقنعة؟

- هذا ما انا ابحث عنه، لذلك قلت انني قد أوقف السينما حين اصل الى مرحلة معينة. فأفضل وسيلة للبحث عن الذات هي السينما. لنكن واقعيين: كمخرج، لمن انجز الأفلام؟ لا انجزها لغيري. انجزها أولاً لنفسي.

(hauvick.habechian@annahar.com.lb)

النهار اللبنانية في

29/04/2010

 
 

السينما العراقية خطوات واثقة نحو الاحتراف

بعد حصولها على سبع جوائز في مهرجان الخليج الثالث..

بشير الماجد بغداد

للسنة الثالثة  يهيمن العراق على  جوائز الخليج السينمائي الذي أقيم أخيرا في دبي. فبعد أن حصد العراق 7 جوائز في دورة المهرجان الأولى في جميع الفئات المشاركة وتربع فيلم (أحلام) للمخرج (محمد الدراجي ) على صدارة الجوائز. عزز حضوره بشكل فعال في الدورة الثانية . ليخطف 5 جوائز وبصدارة الفيلم العراقي (فجر العالم) للمخرج (عباس فاضل ) ثم جاء ليؤكد تقدم السينما العراقية ومشاركتها الفاعلة في دورة المهرجان الثالثة 2010 ليخطف (ثلثي ) جوائز المهرجان. إذ حصل على 8 جوائز من مجموع 12 جائزة هي إجمالي جوائز المهرجان وكذالك في جميع الفئات: الوثائقي والروائي القصير والروائي الطويل. مما دعا جميع النقاد والصحافيين والأوساط السينمائية العربية والخليجية إلى الإشادة الكبيرة بهذا المنجز الاستثنائي  سيما وأن العراق يمر بأصعب مراحله السياسية والأمنية وكانت الجوائز التي حصلت عليها الأفلام، مؤشرا واضحا على نمو الصناعة السينمائية في العراق.

علما وأن أغلبها صنعت خارج دعم المؤسسات الحكومي وأنجزت بمهارات وإمكانات شخصية في أغلب حالاتها. مما يدعو  إلى تقدير  تلك الجهود الكبيرة والإمكانات المتواضعة والنتائج المذهلة التي حققها الجيل السينمائي الجديد والكبار من الخرجين وصناع الفيلم ممن يعيشون في المهجر. فقسم من الأفلام العراقية تم إنتاجها خارج العراق وبتمويل أجنبي والبعض الأخر صنع في العراق بإمكانات فردية وتمويل متواضع في أحسن حالاته مما يضعنا أمام سؤال يفرضه الواقع ماذا لو كانت هذه الأفلام مدعومة من قبل الدولة ؟

بالتأكيد ستكون النتائج أكبر بكثير من النتائج الحالية رغم تقدمها كذلك من الأشياء الملفتة في المشاركة الأخيرة في مهرجان الخليج الثالث هو ظهور مواهب واعدة لازالت في المراحل الجامعية الأولى لطلبة كلية الفنون الجميلة قسم السينما وحصلت أفلامهم على جوائز مهمة ضمن مسابقة أفلام الطلبة. وهذا مؤشر ايجابي على ولادة جيل سينمائي قادر على النهوض والتطوير في صناعة سينما عراقية جديدة تنافس في مهرجانات عربية وعالمية أفلام دول تتقدم في مجال الصناعة الفيلمية.

وقد جسد المهرجان اتصال أجيال السينما العراقية بتكريمه الممثل العراقي الكبير  "خليل شوقي" مع اثنين من فناني الخليج.

من المشجع أيضا أن مخرجين عراقيين مغتربين جاءوا إلى العراق وصوروا أفلامهم في بغداد بمساعدة كادر فني عراقي، وشاركت هذه الأفلام في المهرجان أيضا منها "هذه الليلة"، "الأسبوع القادم" للمخرج خالد زهراو ويمثل هذا دافعا كبيرا لمخرجين آخرين كي يصوروا أفلامهم داخل العراق، بدل اللجوء إلى أماكن بديلة كما حدث مع فيلم "فجر العالم" حيث صورت بيئة الاهوار العراقية في أماكن بديلة في مصر.

من جهة أخرى يعكس تصوير أفلام عراقية لمخرجين "مغتربين" داخل العراق تحسن الوضع نسبيا في البلد ، وبداية مراهنة الدولة على أبعاد أخرى غير البعد السياسي لتثبت سيطرتها على الأمور واستتباب الأمن.  وذلك بتوفير حماية كافية لفريق عمل أي الفيلم، وهذا ما لاحظناه خلال تصوير فيلم "ابن بابل" للمخرج محمد الدراجي وفيلم "كرنتينه" للمخرج عدي رشيد وفيلم "المغني" للمخرج قاسم حول. وهذه الأفلام تنتمي إلى فئة الأفلام الروائية الطويلة. ويمثل هذا النجاح مبعث أمل لجميع صناع الأفلام الذين يسلطون الضوء على الموضوع العراقي سواء من العراقيين داخل العراق أو خارجه أو الأجانب، الذين أنجز بعضهم أفلاما في إقليم كردستان مثل فيلم "الأكثر منا"، كما شهد المهرجان عرضا خاصا لفيلم "ابن بابل" لمحمد الدراجي والذي تناول فيه ضحايا المقابر الجماعية في العهد السابق.

أما الجوائز التي حصدها المخرجون العراقيون في مهرجان دبي فهي

  • فيلم ضربة البداية 90 دقيقة للمخرج العراقي الكردي شوكت أمين الجائزة الأولى الأفلام الروائية الطويلة
  • فيلم المحنة 90 دقيقة للمخرج العراقي المغترب حيدر رشيد الجائزة الثانية الأفلام الروائية الطويلة 
  • فيلم باستيل للمخرج لؤي فاضل الجائزة الثانية مسابقة الأفلام  الوثائقية:
  • فيلم 80 - 82  للمخرج العراقي المغترب  حميد حداد الجائزة الثالثة – مسابقة الأفلام الوثائقية
  • فيلم أم عبد الله للمخرجة العراقية المغتربة سحر الصواف جائزة التحكيم الخاصة بمسابقة الأفلام الوثائقية
  • فيلم ثم ماذا ؟ للمخرج جاسم محمد جاسم  الجائزة الثالثة  مسابقة الأفلام القصيرة
  • فيلم غرباء في وطنهم  للمخرج هاشم العيفاري الجائزة الأولى – مسابقة الطلبة – الوثائقية
  • فيلم الحلاق نعيم للمخرج محمد نعيم الجائزة الثالثة – مسابقة الطلبة – الوثائقية 

وبعد هذه الحصيلة المهمة من الجوائز للأفلام العراقية  يمكننا القول إن السينما العراقية بدأت تتجه بخطوات واثقة باتجاه الاحتراف، مما يفرض على الجانب الرسمي الحكومي احتضان هذا المنجز وتوفير المناخات الملائمة لنموه وتقديم الدعم اللازم للشباب السينمائي لانجاز أفلامهم .  

الجزيرة الوثائقية في

29/04/2010

####

تكريم فيلم "ضربة البداية" في أربيل

بسار فائق من اربيل:  

بعد مشاركة الفيلم السينمائي الكردي "ضربة البداية" للمخرج شوكت أمين كوركي في العديد من المهرجانات ونيله عدد من الجوائز، عرض لاول مرة في أربيل وتم تكريم فريق عملها. بحضور عدد من المثقفين والفنانين الكرد وعدد من المؤسسات الاعلامية وهواة السينما في أقليم كردستان، عرض يوم الاربعاء (28 نيسان) لاول مرة، فيلم شوكت أمين كوركي الجديد "ضربة البداية KICK OFF" في قاعة "بيشوا" في أربيل وتم تكريم مخرج الفيلم وفريق عمله من قبل وزارة الثقافة والشباب.

بعد عرض الفيلم القى ناصر حسن مدير دائرة السينما في وزارة الثقافة والشباب كلمة، تحدث فيها عن الفيلم ومشاركاته في المهرجانات والجوائز التي نالها، في ختام كلامه عن فيلم "ضربة البداية"، قال "لا أعرف ماذا أقول؟".

وقال شوكت أمين كوركي في كلمة القاها للجمهور، تحدث فيها عن الوضع السينمائي في أقليم كردستان ودور وزارة الثقافة والشباب لحكومة الاقليم في تطوير السينما ومساعدة السينمائين في أنتاج أفلامهم.

وأشار كوركي عن صعوبة العمل السينمائي في العالم، وأنه الامر أصعب لسينمائي كردي أن يقوم بأخراج فيلمه وذلك لصعوبات التي يواجهه في مراحل الانتاج، كما وتمنى أن لا يواجه تلك الصعوبات التي واجهه في أنتاج فيلميه الاخيرين.

بعد تكريم مخرج الفيلم، سلم شوكت أمين كوركي جائزته الى "أزاد سوزه" مدير مديرية السينما في أربيل، وذلك للمجهود الذي بدله لانتاج هذا الفيلم، كما أشار اليه المخرج.

تدور أحداث الفيلم في ملعب لكرة القدم في مدينة كركوك، تعيش فيه (300) عائلة من اللاجئين، قاموا ببناء بلدة صغيرة من أكواخ الصفيح، "آسو" هو الابن الأكبر لإحدى العائلات الكردية، شاب يؤمن بالقيم النبيلة، يقوم بتنظيم مباراة لكرة القدم بين الصبية الأكراد والعرب من العراقيين الذين يعيشون في المخيم، وذلك سعياً للترفيه عنهم وعن أخيه الصغير من ناحية، ونيل إعجاب جارته الجميلة "هيلين" من ناحية أخرى، مع حلول الموعد المنتظر، تتحول حياة هؤلاء إلى فوضى رهيبة إثر حادث مأساوي.

يذكر أن فيلم "ضربة البداية" للمخرج كوركي نال في أول مشاركة له في الدورة الرابعة عشر لمهرجان أفلام بوسان في كوريا الجنوبية، جائزتين منها جائزة "المسيرة الجديدة" "30 الف دولار أمريكي" وجائزة "الفيلم المختار من قبل إتحاد نقاد الفيلم الدولي"، شارك الفيلم أيضا في مهرجان دبي السينمائي ونال جائزة تقديرية كما وعرض في مهرجان "سانتا بار بارا Santa Barbara" في امريكا، شارك في مهرجان مسقط السينمائي ونال جائزة الخنجر الفضي، أخر مهرجان شارك فيه هو مهرجان الخليج السينمائي، حيث عرض في المسابقة الرسمية للافلام الروائية الطويلة، وكان له ثلاث عروض خاصة فيها ونال الجائزة الاولى في المهرجان.

صور المخرج فيلمه الجديد في ملعب كركوك حيث يعيش فيه الان المرحلون الكورد العائدون من أهالي كركوك بعد سقوط نظام الطاغية صدام حسين في (2003)، والفيلم من أنتاج أقليم كردستان/ العراق واليابان.

Pasar82@yahoo.com

إيلاف في

29/04/2010

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)