كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

حشد غفير في عزاء أسامة أنور عكاشة:

فقدنا ركناً أساسياً في الدراما المصرية والعربية

مصطفي البلك

عن رحيل الكاتب

أسامة أنور عكاشة

   
 
 
 
 

تجمع المئات أمس من الشخصيات السياسية والفنية والعامة في سرادق عزاء الكاتب الراحل اسامة أنور عكاشة.. والذين عبروا عن حزنهم الشديد بفقد الكاتب الراحل وأكدوا أنه بوفاته خسرت الدراما المصرية أحد أركانها الاساسية.

يقول سيد حلمي رئيس مدينة الانتاج رغم اننا فقدنا كاتباً مصرياً عظيماً استطاع أن يحفر اسمه علي جدران الدراما المصرية إلا انني اعتبر انه فقدنا بجسده فقط فمازالت أعماله تذكرنا به وإن كنت بفقدانه اننا خسرنا الكثير من اعماله التي كنا سنتمتع بها وأن الدراما المصرية خسرته وفقدنا عمودا مهما كان راسخاً نعتمد عليه ونحافظ من خلال أعماله علي هويتنا العربية المصرية وعلي ريادتنا الدرامية في العالم العربي وندعو للمغفور له أن يدخله الله فسيح جناته.

المخرج اسماعيل عبدالحافظ قال: "خسرت توءم روحي وصديق عمري ورفيق عمري الفني. كما خسرت الدراما اليوم أحد رجالها الذين أخلصوا لها طوال عمرهم.. وأضاف: "كان أسامة بسيطاً في حياته يحاول ان يعكس حياة البسطاء من المجتمع المصري من خلال أعماله فلم يشعر أحد يوماً بأنه متعال. وكان طيباً وودوداً مع كل الناس سواء يعرفهم أو لا يعرفهم واستطرد. وعلي الرغم من اشتداد المرض عليه منذ نهاية العام الماضي إلا انه استمر في الكتابة. وكنا نعد مسلسل "تنابلة السلطان" اضافة إلي مسلسل جديد بعنوان "الطريق 2000" وانني أعتز بالأعمال التي قدمناها معا وثقت علاقتي بأسامة أنور عكاشة ورغم رحيله فما قدمه للدراما المصرية باقي يذكرنا به.

قال الفنان محمود ياسين إن الدراما العربية فقدت وخسرت بوفاة عكاشة. أستاذا وضع قواعد الدراما ليسير عليها من بعده من الكتاب لافتا إلي ان كل اعماله تعتبر بمثابة مدرسة مستقبلة يجب تدريسها للاجيال الشابة كي تستفاد منها.. وبرحيله فقدنا صرحاً عظيما وأحدا من أعمدة الدراما المصرية وعلامة من علامات عالمنا العربي كله فأعماله مميزة ومحفورة في أذهاننا جميعاً فيكفي أنه رصد مسيرة المصريين وقدم لنا تاريخنا عبر اعماله وأشار إلي التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت علي المجتمع المصري بأسلوبه السلس المميز لذلك فقد فقدنا اليوم علماً من أعلامنا. ولم يترك أسامة أنور عكاشة لم يترك أي تفصلة من تفاصيل الشارع المصري إلا وذكرها لأنه ابن مصر البار ولهذا كنا جميعاً نسعد بقراءة عمل من أعماله الأدبية أو نري عملا دراميا من تأليفه أو نقرأ له مقالا في إحدي الصحف أو تستمع إليه عبر ندوة أو برنامج تليفزيوني وشكل رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة صدمة لكل محبيه. وعشاقه. والفنانين الذين عملوا معه علي مدار أكثر من 4 عقود أخلص فيها الكاتب الراحل للفن.

قال المخرج محمد فاضل رحلت القيمة من عالمنا ورحل الإنسان الفنان الذي عبر بأعماله عن كل مصري رحل من كتب عن الباشا والعامل وقدم لنا نماذج من الشارع والحياة المصرية في أسلوب درامي مميز جعل العالم العربي كله يسعي وراءه: "من الصعب ان اتحدث عن زميل وجار لي. وبيننا عشرة أكثر من ربع قرن" حيث كان الراحل يقيم في نفس العقار.

قال فاروق الفيشاوي: فقدت مصر كاتباً أثري الدراما والحياة الأدبية بأعماله "اليوم خسرنا هرما جديدا من أهرامات الدراما ولم تكن اعمال ولا تاريخ اسامة انور عكاشة الأدبي عامة والفني بشكل خاص يعيش في وجدان الفنان المصري فقط ولكن هذا الزخم العظيم يعيش في وجدان كل مصري. كما انني سعدت انني قدمت له العديد من الاعمال منها كناريا وشركاه من اخراج صديق عمره المخرج العظيم اسماعيل عبدالحافظ والذي قدم معه روائع الدراما المصرية كما قدمت له علي المسرح مسرحية الناس اللي في الثالث وهو من أفضل كتاب الدراما في مصر وانه كان يعرف خطوط رسم الإنسان المصري وكيفية اختيار الشخصيات لأعماله بحيث يكون هناك توافق بينهم.

قال الفنان ممدوح عبدالعليم: نجح أسامة انور عكاشة في ان يقدم العديد من المسلسلات في أجزاء وحلقات كبيرة دون ان يشعر الجمهور بالملل واعتبره رائد لدراما الاجزاء وكان أخرها المصراوية الذي شاركت في الجزء الثاني منه. بل نجح في زيادة جذب المشاهدين لأعماله. وهذه الميزة لم يستطع أحد ان ينافسه فيها. واضاف: "كان يهتم بتفاصيل العمل وكل صغيرة وكبيرة فيه. ويناقش الممثلين في أدوارهم". أن مكانته يصعب الوصول إليها مجدداً لأنه استطاع ان يعبر عن الإنسان المصري البسيط بكل ملامحه وغاص داخل اعماقه بشكل لم يصل إليه أي كاتب من قبل ولن يصل إليه كاتب بعده وأدعو من الله ان يدخله فسيح جناته.

قال الفنان صلاح السعدني: هذا هو خبر الوفاة الثالث خلال أيام. فبعد وفاة شقيقي. ووفاة رفيق عمري الفنان عبدالله فرغلي. فقدت أقرب اصدقائي برحيل عكاشة وانا حزين جدا لفقدهم وبالنسبة لرحيل أخي وصديقي أسامة أنور عكاشة فأننا فقدنا أحد أهم المؤلفين وكتاب السيناريو في العالم العربي كله فهو المؤلف الوحيد الذي تغلغل في أعماق الشخصية المصرية وقدم نماذج مختلفة منها.

الجمهورية المصرية في

01/06/2010

 

في مقدمتهم صفوت الشريف وفاروق حسني وزكريا عزمي

كبار رجال الدولة والنجوم في عزاء أسامة أنور عكاشة

كتب - وليد شاهين :

حرص كبار رجال الدولة ونجوم الفن علي حضور عزاء الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة بمسجد عمر مكرم. توافد الجميع للمشاركة وكان العزاء سيمفونية حب في كاتبنا الكبير الراحل عميد الدراما العربية. حرص صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري علي الحضور وفاروق حسني وزير الثقافة ود.زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية ود.أحمد الطيب شيخ الأزهر ود.علي جمعة مفتي الجمهورية.. وبعض المحافظين.

وجاء هاني عزيز نائبا عن البابا شنودة.

كما تواجد عدد كبير من السفراء منهم: سفراء تونس والسعودية والكويت والامارات ونيجيريا والصومال وجيبوتي.

حضر من النجوم: أحمد بدير وخالد زكي ومحمود الحديني ويحيي الفخراني وجميل راتب ويوسف شعبان وخالد النبوي ومحمد هنيدي ومادلين طبر وطارق الدسوقي وفردوس عبدالحميد وحنان مطاوع ومحمود الجندي وأسامة عباس وسميحة أيوب ومظهر أبوالنجا ونبيل الحلفاوي وصبري عبدالمنعم ومحمد رياض وأحمد عبدالوارث وطارق علام.. وآخرون.

ومن اتحاد الاذاعة والتليفزيون م.أسامة الشيخ رئيس الاتحاد ورؤساء القطاعات والاعلاميون: محمود سعد وجمال الشاعر وخيري رمضان ووائل الابراشي.

المساء المصرية في

01/06/2010

 

رصد التغيرات السياسية المصرية بعد ظهور اسرائيل وصعود التيار الديني وسياسات السادات الانفتاحية:

اعمال اسامة انور عكاشة اعادت قراءة التاريخ المصري الحديث دراميا  

القاهرة - ا ف ب: لا شك في ان الكاتب والمفكر اسامة انور كاشة، الذي رحل قبل ايام عن عالمنا، كان له تأثير كبير على اجيال مصرية وعربية عاشت وتابعت الدراما التي اثرى بها التلفزيون المصري والعربي لسنوات طويلة.

يبرز اسم عكاشة كواحد من اهم المؤلفين وكتاب السيناريو مقدما اعادة قراءة للتاريخ المصري المعاصر في مسلسلاته التي صنعت العصر الذهبي للدراما المصرية قبل انتشار القنوات الفضائية وما تبعها من زيادة في الانتاج ادت الى ركاكة وهشاشة العديد من المسلسلات.

فمن اهم ما يميزه عن غيره من كتاب الدراما انه صاحب موقف في اعادة قراءة التاريخ المصري بعيدا عن رؤية المؤسسة الرسمية ليقدم جيلا عاش على الهامش وحمل احلاما كبيرة وعانى ايضا من هزائم كبيرة طبعت شخصيته بمزيج من الفرح والمرارة لكنها لم تفقده الرغبة في السعي الى تحسين ظروفه.

يتجلى ذلك في شخصياته الدرامية مثل شخصية 'علي البدري' (قدمها على الشاشة ممدوح عبد العليم) في مسلسل 'ليالي الحلمية' الشهير حيث تشاهد الاحلام الكبيرة والهزائم القاسية وضياع بوصلة جيل النكسة بين الحلم والهزيمة.

ومن خلال شخصياته المختلفة في هذا المسلسل مثل نازك السلحدار (صفية العمري) وسليم البدري (يحيى الفخراني) والعمدة سليمان غانم (صلاح السعدني) يقدم برؤية جديدة تاريخ مصر منذ الملكية وموقف كل طبقة من الطبقات والشرائح الاجتماعية بكل تناقضاتها بطريقة تنصف هذا الماضي الملكي وتقدمه كمرحلة تطور اجتماعي وسياسي.

فهذا المسلسل، الذي قدم على مدار خمس سنوات في شهر رمضان وشكل معلما من معالم الاسرة العربية التي كانت تحدد زياراتها ونشاطاتها تبعا لمواعيد عرضه، قدم الانتقالات السياسية منذ الحرب العربية الاسرائيلية الاولى قبل عام 1948 وما اعقبها من اعلان قيام الدولة اليهودية واثرها على تطور المجتمع المصري مرورا بحرب اكتوبر وصعود التيار الديني وسياسة الانفتاح الاقتصادي الذين غيروا نهائيا وجه المجتمع المصري لتفقد اللحظة دفئها وانسانيتها في اطار الجماعة وليصبح الفرد هو المركز حسب الرؤية التي قدمها عكاشة في هذا العمل.

وعكاشة الذي ولد عام 1941 في مدينة طنطا وسط الدلتا لم يكن يحلم ان يأتي يوم يكون فيه من اشهر كتاب الدراما العربية وان يكون من اكثر المؤلفين قدرة على فهم طبيعة الشخصية المصرية كما ظهر في نماذج اعماله.

ومن هذه النماذج شخصية حسن النعماني في مسلسل 'ارابيسك' التي قدمها الفنان صلاح السعدني وما حملته ايضا من احلام مذبوحة وهزائم متكررة وكذلك شخصية بشر في 'زيزينيا' التي قدمها الفنان يحي الفخراني والتي تطرق من خلالها الى الوضع السياسي والاجتماعي والتعددية الحضارية التي ميزت مجتمع مدينة الاسكندرية في ظل الصراع بين الوطني وبين الاجانب الذين مثل بعضهم بعدا استعماريا فيما اندمج اخرون منهم ولا سيما اليونانيون في المجتمع المصري ليصبحوا جزءا لا يتجزأ منه.

ولم يكتف عكاشة بذلك بل حاول ان يخلق الشخصية الايجابية التي تحارب الشخصية السلبية التي سادت بعد سياسة الانفتاح الساداتية مثل شخصية الفنانة فاتن حمامة في 'ضمير ابلة حكمت' ومحاربتها كل مظاهر الفساد التي تبعت سياسة الانفتاح.

ومن اهم اعماله التي لم تكتمل للاسف اعادة كتابة تاريخ مصر في مسلسل 'المصراوية' انطلاقا من الريف والصراع بين الحركة الوطنية المصرية مع الاتراك ومع الاستعمار الاجنبي والاندفاع اتجاه استقلال مصر.

وقد بقي الراحل الذي شيعت جنازته ظهر الجمعة وفيا لموقفه السياسي المطالب بقيام مصر بدورها على الاساس الاقليمي العربي والعودة الى موقعها الريادي في قيادة المنطقة بعد تراجع دورها الاقليمي بشدة.

فهو لم يهادن اصحاب الفكر الديني الذين يسعون الى ردة تعود بالبلاد الى الوراء مهاجما بلا هوادة اصحاب الفكر الوهابي المستورد من السعودية.

يشار الى ان اسامة انور عكاشة بدأ حياته ككاتب قصص قصيرة بعد تخرجه من جامعة عين شمس عام 1962 وعمله في مناطق مختلفة من الريف الى المدينة كما كتب الرواية والمسرحية والمقال.

ترك عكاشة حوالى اربعين مسلسلا اهمها 'ليالي الحملة' 'زيزينيا' و'ارابيسك' اضافة الى 'الشهد والدموع' و'المشربية' و'الراية البيضا' و'عصفور النار' و'ما زال النيل يجري' و'كناريا وشركاه' و'الحب واشياء اخرى' و'رحلة السيد ابو العلا البشري'.

اضافة الى سهرات درامية تجاوز عددها الـ15 وعدد من الافلام من بينها 'كتيبة الاعدام' و'الهجامة' و'تحت الصفر' و'دماء على الاسفلت' و'الطعم والسنارة' و'الاسكندراني'.

كذلك كتب عكاشة عددا من المسرحيات اهمها 'القانون وسيادته' و'الناس اللي في الثالث' و'البحر بيضحك ليه'.

وفي القصة القصيرة كتب عكاشة 'خارج الدنيا' و'مقاطع من اغنية قديمة' الى جانب روايات 'احلام في برج بابل' و'منخفض الهند الموسمي' و'وهج الصيف' و'اوراق مسافر' و'همس البحر' و'تباريح خريفية'.

القدس العربي في

01/06/2010

 

أسامة أنور عكاشة.. وداعاً  

طعمة عصر.. النوة جاية فى معادها.. فى مصر فيه سلسال اللى بيدّوا ولا يخدوش وفيه سلسال اللى بياخدوا ولا يدّوش.. منه له جاى رايح منه له.

(1)

هذه العبارات وآلاف غيرها ربطت الملايين بأعمال أسامة أنور عكاشة على مدى عقود.. لم تكن هذه العبارات مجرد عبارات متميزة مكتوبة بعناية، وإنما كانت تأتى على لسان شخصيات من لحم ودم من خلال دراما مصرية بديعة تعبر سواء عن تاريخنا الحديث أو واقعنا المعاصر.. شخصيات يجد فيها عموم المشاهدين أنفسهم.. سكان الحلمية والجمالية وأهل المشربية والسيالة والإسكندرية وبشتين.. قبل موجة مسلسلات «المجتمعات المغلقة» والساحل الشمالى والقرى السياحية.

(2)

وهنا تحديدا تكمن عبقرية أسامة أنور عكاشة.. الذى استطاع أن يعبر عن المجتمع المصرى فى عمومه وشرائحه المتنوعة.. نجح عكاشة فى لحظة تاريخية معينة مع نهاية السبعينيات أن يجعل الدراما التليفزيونية موضع اهتمام الأسرة المصرية تلتف حولها وترتبط بها.. وأن يسأل بعضنا البعض «شفت مسلسل أسامة أنور عكاشة الجديد»؟!

(3)

لقد نجح أسامة أنور عكاشة من خلال الدراما المتميزة التى قدمها أن يملأ الفراغ الذى نتج عن أفول النهضة المسرحية العظيمة التى عرفتها مصر فى الستينيات وحتى نهاية السبعينيات.. فباتت «الفرجة التليفزيونية الدرامية» لمسلسلات عكاشة البديل الموضوعى «للفرجة المسرحية».. وتعوض شرائح اجتماعية عرفت تقاليد كانت آخذة فى التبلور من خلال الذهاب إلى المسرح والتفاعل مع الإبداعات المصرية والعالمية باعتبارها أحد مصادر التكوين الثقافى للإنسان.

(4)

وظف أسامة أنور عكاشة موهبته ودراسته لعلم النفس واطلاعه المبكر على الأدب العالمى وتكوينه الثقافى فى أن يتناول موضوعات وقضايا متنوعة.. وأن يقدم شخصيات مركبة وجديدة وعلاقات متعددة المستويات.. وعليه جاءت أعماله تحمل المتعة الفنية والذهنية.. وفى مقدمتها درة أعماله «ليالى الحلمية».

(5)

ناقش قضية شرعية السلطة فى عصفور النار(1987).. والقبح والجمال فى الراية البيضا (1988).. والفساد مبكرا فى أنا وأنت وبابا فى المشمش (1989)..

والتعليم فى ضمير أبلة حكمت (1990).. والعلاقة بين الطبقة الوسطى/ النخبة المثقفة والعلمية والشراغيش أو الصاعدين الجدد من القاع إلى قمة الهرم الاجتماعى فى النوة (1993) والهوية فى أرابيسك 1995.. كما استطاع أن يستلهم القصص الدينى مثل قصة هابيل وقابيل وأبدع فى تجسيدها فى الشهد والدموع (1982) وأن يضفر قصة الصراع على الثروة بين الأخوين: شوقى وحافظ فى سياق الصراع الاجتماعى المصرى منذ الأربعينيات وحتى حرب أكتوبر.. وأن يقترب من مصر الكوزموبوليتانية الحاضنة للعديد من الجنسيات فى إطار تاريخى فى زيزينيا (1997).

(6)

بالإضافة لما سبق استطاع أن يستلهم أعمالاً من الأدب العالمى ويتناولها فى سياق مصرى من خلال علاقات مصرية خالصة مثل استلهامه لشخصية دون كيشوت لسرفانتس فى رسمه لشخصية أبوالعلا البشرى.. أو استلهامه ترويض النمرة لشكسبير وقصة شهرزاد فى مزج مبتكر فى مسلسل وأدرك شهريار الصباح (1986).

(7)

كما انشغل أسامة أنور عكاشة بعدد من الإشكاليات والتيمات التى تكررت فى أعماله وأخذ يعالجها من أكثر من زاوية.. مثل قضية الثروة التى تحل على البطل (أبلة حكمت والبشرى) أو الحى (فى المشربية والنوة) أو القرية البحرية فى (وقال البحر).. وفعل هذه الثروة فى تغيير المقادير أو ما تحدثه من صراع أو إفساد.

(8)

ولعل من أهم ما أبدع فيه أسامة أنور عكاشة هو تقديمه لشخصيات تعد جديدة على الدراما وغير مألوفة مثل شخصية «كشاف الكرة» فى مسلسل أهالينا.. أو «بسة والخمس» فى ليالى الحلمية.. أو «منظر» وقصة صعوده الاجتماعى الغامض فى الشهد والدموع.. ولا يفوتنى أن أذكّر بريادته فى تقديم الشخصية القبطية وتقديمها كشخصية من صميم النسيج المصرى بداية من عائلة مكرم أفندى فى «الشهد والدموع»، مرورا بكمال خِِلّة فى «ليالى الحلمية» ونسيم فى «زيزينيا».

رحم الله أسامة أنور عكاشة.. أحد مبدعينا الكبار.

المصري اليوم في

01/06/2010

 

أسامة أنور عكاشة يرفع الراية البيضا!

كتب صباح الخير

(ملف خاص في المجلة عن هذا الرحيل الكبير)

هى اللحظة الوحيدة التى رفع فيها الراية البيضا.. هى لحظة فراق الحياة والقلم والورق إلى الأبد.. فلم يرفع أسامة أنور عكاشة أبدا الراية البيضا طوال حياته وإنما كان صاحب قضية ورأى وموقف، وكان كاتبا بدرجة مقاتل يدافع عما يؤمن به ولم يكن سلاحه سوى قلمه الذى كان يخوض بها معاركه الشريفة كرجل لديه قناعاته التى كان يعبر عنها من خلال سيناريوهاته وكتاباته وآرائه الصريحة والجريئة.

 

ودع قلمه وأوراقه إلى الأبد

كتب ماجد رشدي 

لم يتوقف عطاء كاتبنا الكبير حتى فى أيامه الأخيرة التى عانى فيها المرض، فقد قدم آخر أعماله «المصراوية» للنور فى الوقت الذى كان يمر فيه بأزمة صحية لكنه كان يجد علاجه الحقيقى فى الإمساك بالقلم ليجول ويصول به على الورق ويقدم لنا روائعه الدرامية.

40 مسلسلاً و10 أفلام ومجموعة من المسرحيات المهمة أيضا كلها أعمال مليئة بنبض الحياة ورؤية كاتب كبير لمشاكلنا وأحلامنا.. فمن ينسى «ليالى الحلمية.. الشهد والدموع.. أبوالعلا البشرى.. الراية البيضا.. أرابيسك.. زيزينيا.. المصراوية.. ضمير أبله حكمت».. فقد نجح أسامة أنور عكاشة فى أن يكسر القاعدة التى تقول أن الدراما التليفزيونية بلا ذاكرة ولذلك لم يكن غريبا أبدا أن يحصل على جائزة الدولة التقديرية فى الثقافة والفنون وأن يهتم به الرئيس مبارك ويأمر بعلاجه على نفقة الدولة وتوفير كل الإمكانيات له حتى جاءت اللحظة التى فارق فيها الحياة رافعا الراية البيضا لأول وآخر مرة.

*(البداية)

أسامة أنور عكاشة من مواليد الغربية 1941 وحصل على ليسانس آداب جامعة عين شمس قسم الدراسات النفسية والاجتماعية واشتغل بتدريس الفلسفة وعلم النفس لفترة لكن حلمه الأكبر كان فى الكتابة.. حلم دعمته موهبة لم تعرف سقفا أبدا ولذك فرض نفسه بسرعة كأحد أهم كتاب الدراما حتى أن اسمه على تتر أى عمل كان بمثابة شهادة ضمان للجودة والقيمة الفنية. وإذا كانت الدراما قد كسبته فإنه من المؤكد أن السينما خسرته عندما رفض أن يساير مناخا سينمائيا غير مقنع له وهو الذى قدم أفلاما تحمل فكرا وقيمة ومنها «كتيبة الإعدام والهجامة والطعم والسنارة ودماء على الأسفلت»، كما قدم للمسرح أعمالا مهمة منها «البحر بيضحك ليه. الناس اللى فى الثالث. وأولاد اللذينه. الليلة 14. فى عز الضهر». ؟(نقطة تحول)

نجوم كثيرون وجدوا ضالتهم فيما يكتبه أسامة أنورعكاشة.. فاتن حمامة فى مسلسل «ضمير أبلة حكمت» ومحمود مرسى فى «رحلة أبوالعلا البشرى» وسناء جميل فى «الراية البيضا» ويحيى الفخرانى وصلاح السعدنى فى «ليالى الحلمية»، بل صنعت أعماله نجوما كثيرين كانت مشاركتهم فى مسلسلاته بمثابة شهادة ميلاد لنجوميتهم.

لقد بدأ أسامة أنور عكاشة حياته مع الكتابة كاتب قصة قصيرة ورواية وكان الروائى سليمان فياض وراء اكتشافه ككاتب دراما وبمجرد كتابته سهرة تليفزيونية احتفى به الجميع فكانت نقطة تحول فى حياته، وقبلها لم تكن له أية علاقة بالتليفزيون من قريب أو بعيد، والقصة تبدأ بأن حصل سليمان فياض على مجموعة قصصية له وأعد إحدى القصص فى شكل سهرة تليفزيونية وبعد ذلك بعام اختار كرم النجار قصة أخرى من المجموعة بعنوان «الإنسان والحبل» وقدمها فى شكل سهرة تليفزيونية، بعد ذلك قيل له لماذا لا تكتب أنت السيناريو مباشرة؟

ففعل وكانت كلمة سيناريو بالنسبة له تبدو كلمة غامضة وهناك أعمال عالمية استهوته منها مثلاً تيمة الفروسية فى دون كيشوت هو ما اتضح تأثره به فى مسلسل أبوالعلا البشرى والفارس الأخير وعابر سبيل.

وكما قال أسامة أنور عكاشة: لم أكن متأثرا بدون كيشوت من حيث بنيته الفكرية أو الفنية ولكن ما أعجبنى فيه ووجدتنى مدفوعاً بالتعبير عنه فى العمل هو تيمة الفروسية وأن يكون هناك فارس فى زمن لم يؤمن بالفروسية وإنما ينظر إليه على أنه مجرد إيقونة وأنتيكا وأن يوجد فارس كهذا فى الزمن الخطأ فستكون النتيجة مأساوية

* (لا للهبوط)

ورغم تألق أسامة أنور عكاشة السينمائى فى أفلام مثل: «كتيبة الإعدام، والهجامة، وتحت الصفر، ودماء على الأسفلت» لكنه كان يعتبر وجوده فى السينما بالمهمة التى تم إنجازها وقال: «زيارتى للسينما مهمة أردت إنجازها، وقد أنجزتها حيث أردت تبليغ رسالة وتوصيل فكرة عبر قالب فنى يليق بها ويستوعبها وانتهى الأمر لكن لا أعتقد أننى أكرر الزيارة لأن الموجود الآن من أفلام ليس له علاقة بالسينما سوى استثناءات بسيطة جداً فأنا لن أتعامل مع سينما مثل «اللمبى وبوحة وكلم ماما» هناك أفلام جيدة مثل «بحب السيما وسهر الليالى وملاكى إسكندرية»، لكن كلها قطرة فى بحر من الهبوط». 

* (بعد فوات الأوان)

وعندما اتجه للمسرح الخاص فى مسرحية البحر بيضحك ليه كانت قناعته هى أن يقدم لجمهور المسرح الخاص كوميديا جادة بحيث يحقق عنصرى الفرجة والفكر معا لكنه اكتشف بعد فوات الوقت أنه على حد تعبيره يطارد خيط دخان وقال: «اكتشفت أن المطلوب فى القطاع الخاص مجرد إطار داخله هلس وعرى ونكت ورقص».

وعن آخر أعماله المصراوية قال: سددت فاتورة هذا العمل من صحتى لأن المصراوية عمل من العيار الثقيل وهو ملحمى الطابع ورغم شعورى بالتعب إلا أننى شعرت بالمتعة فى إنجازه، وأنوى بعده أن أقوم باستراحة طويلة

* (معارك)

وقد خاض أسامة أنور عكاشة العديد من المعارك سواء من خلال كتاباته وأعماله الفنية أو آرائه الشخصية فهو لم يكن كاتبا عاديا وإنما كانت تشغله دائما قضايا بلده وأهله، وكان يعبر عنها فى أعماله بكل صدق وصراحة مهما كلفه هذا من صدام سواء مع الرقابة أو مع من يخالفونه الرأى، وكان يرفع دائما شعار أهلا بالمعارك طالما أنه يدافع عما يراه ويقتنع به فقد خرج فى أحد البرامج التليفزيونية ليهاجم تحجيب الفن من خلال شروط الفنانات المحجبات فى الدراما التى يقدمونها حتى أنه بعد موقفه هذا تلقى عشرات التهديدات لدرجة أن المسئولين عرضوا عليه تعيين حراسة له زاد من تلك التهديدات انتقاده لعمرو بن العاص ودخوله فى معركة كلامية مع بعض الأشخاص الذين لم يتقبلوا كلامه حتى أن هناك من أحلوا دمه.

ورغم أن أسامة أنور عكاشة كان ناصريا لكن هذا لم يمنعه من انتقاد بعض الممارسات التى كانت تحدث من النظام فى عهد عبدالناصر مثل تقييد حرية الصحافة وإطلاق الأحزاب كما طالب فى مقال شهير له بحل جامعة الدول العربية وإنشاء «منظومة كومنولث للدول الناطقة بالعربية» مبنية على أساس التعاون الاقتصادى.

لقد رحل أسامة أنور عكاشة الذى لا يمكن أبدا اختزال حياته فى كونه كاتبا مبدعا موهوبا ولكنه كان بالفعل مناضلا مصريا وطنيا يدخل المعارك بدون خوف وهو ممسك بسلاح القلم والفكر ولم يرفع يوما الراية البيضا حتى اضطره الموت أخيرا إلى أن يرفعها معلنا مغادرته عالمنا.؟

صباح الخير المصرية في

01/06/2010

 

المخرج الكبير محمد فاضل: صنع ما يسمى بالأدب التليفزيونى

كتب صباح الخير 

حرص المخرج الكبير محمد فاضل هو وزوجته الفنانة فردوس عبدالحميد على حجز مقعدين على أول طائرة قادمة من سوريا إلى القاهرة لحضور عزاء الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة خاصة أن وجود محمد فاضل فى سوريا لتصوير مسلسله الجديد (السائرون نياما) منعه من حضور الجنازة وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على واحد من رفقاء دربه.

قال لنا محمد فاضل: أسامة أنور عكاشة صنع ما يمكن أن نسميه بالأدب التليفزيونى، فقبله كان المسلسل مجرد سيناريو وحوار لكنه تجاوز ذلك إلى تقديم سيناريوهات تكون بمثابة أدب تليفزيونى حقيقى، بالإضافة إلى أن أعماله لم تكن تعترف أبدا بالاعتماد على نجم واحد مهما كان قدره وإنما كانت تعتمد على وجود شخصيات وأحداث يقدمها العديد من الممثلين باقتدار ولهذا فأنت تجد فى كل عمل العديد من الممثلين المتألقين.

ويعتبر محمد فاضل من المخرجين الذين عملوا مع أسامة أنور عكاشة كثيرا ويقول: كنت مرتبطا به أشد الارتباط قدمنا عشرات الأعمال الناجحة والمتميزة التى صنعت نجومية معظم الفنانين والتى حققت لى وله مشوارا فنيا ناجحا ومتميزا، فقدمت من تأليفه مسلسلات كبيرة ومهمة فى حياتى مثل «الرايا البيضا» و«قال البحر» و«أبوالعلا 90» و«ومازال النيل يجرى» و«عصفور النار» و«النوة» و«أنا وأنت وبابا فى المشمش» وكانت هناك سهرة من أهم السهرات التليفزيونية ولعب بطولتها محمود مرسى وليلى طاهر وهى «سكة رجوع» التى كانت من أهم الأعمال والتجارب التليفزيونية المهمة، ولكن لم يلتفت لها كثيرا، كما أننى كنت بصدد إخراج آخر مسلسل من تأليفه والذى تعاقدنا عليه معا لحساب مدينة الإنتاج الإعلامى وهو مسلسل «حارث الجنة»، لكن لا أعلم إذا كان قد انتهى تماما من كتابته أم مازال لم يكتمل بعد.. وأضاف المخرج الكبير:

أسامة أنور عكاشة كان نقطة تحول كبيرة فى الدراما التليفزيونية المصرية مع تقديرى واحترامى للكتاب الآخرين، فهو المؤلف الأول الذى جعل من الدراما التليفزيونية دراما شعبية وليس دراما الخاصة، وإن كان لم يتنازل أبدا فى يوم من الأيام ويقدم أعمالا يتقرب بها للجمهور العادى، لأن ميزته أنه مؤلف لجميع الفئات من الشعب العربى سواء كانوا مثقفين أو من الطبقات الشعبية، ولو قمنا بتحليل أعماله نجده قد جمع بين العنصرين، وكان نقطة تحول كبرى فى الدراما المصرية، كما استطاع أن يعمل لنفسه ركنا أساسيا ومتفردا وقيمة فنية كبيرة لا يجاريه فيها أحد وذلك من خلال أعماله ومشواره مع الإبداع الدرامى الذى كان فيه متألقا إلى أبعد مدى.

صباح الخير المصرية في

01/06/2010

 

انتصر فى كل معاركه إلا المــرض!

كتب جيهان الجوهري 

اتسمت شخصية الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة بكثير من الصلادة، خاصة فيما يتصل بمبادئه التى اقتنع بها.

معارك كثيرة، شريفة خاضها وخرج منتصرا .. الوحيد الذى هزمه هو المرض.

أقسى معركة واجهها - رحمه الله - كانت مع الذين مارسوا معه لعبة الإرهاب الفكرى، عندما صرح أسامة أنور عكاشة أن الصحابى عمرو بن العاص لا يستحق التمجيد فى عمل درامى من تأليفه ،قامت الدنيا فى الأوساط الدينية وأحلوا دمه فى المساجد، البعض شكك فى إيمانه، وبالطبع واجه أسامة أنور عكاشة المعركة بشجاعة الفرسان ووضح موقفه على الفضائيات بأنه لم يتحدث عن عمرو بن العاص من الناحية الدينية وحديثه كان المقصود به توضيح السلوك السياسى لعمرو بن العاص.

الكاتب محمد صفاء عامر بحكم صداقته الوطيدة بالمبدع أسامة أنور عكاشة لم يتركه فى أزمة عمرو بن العاص (المدهش أن قبل صداقتهما مباشرة نشب خلاف بسيط بينهما لم يستمر سوى أيام ليصبحا فيما بعد من أقرب الأصدقاء لبعضهما البعض).

وعن تلك الأزمة قال محمد صفاء عامر:

أولا أسامة أنور عكاشة به مميزات عديدة كمفكر ولأنه من كبار المثقفين فى مصر كان يحمل هموم الوطن على أكتافه ويرفض مسايرة التيار، لذلك نجد كل معاركه شريفة، معركة عمرو بن العاص تحديدا تحدث فيها بتلقائية، وحكمه كان من الناحية التاريخية وليس السياسية وعندما هوجم بشراسة فى هذه المعركة دافع عن نفسه دفاعاً مجيداً شأنه فى ذلك شأن أى معركة أخرى له.

اللهم لا اعتراض «قامة» مثل أسامة أنور عكاشة يخطفه الموت

عندما ذهبت للجنازة شعرت أننى أشيع الدراما المصرية وليس أسامة أنور عكاشة وحتى هذه اللحظة لا أتصور الحياة بدونه

* أيضا خاض أسامة أنور عكاشة معركة من نوع مختلف بينه وبين إحدى المؤسسات الصحفية وكان كل ذنبه أنه رشح لكتابة فيلم سينمائى عن حرب أكتوبر، وبالفعل عقدت جلسات مسجلة وبمجرد إعلان التعاقد معه لكتابة مسلسل عن حرب أكتوبر قامت الدنيا ولم تقعد وفوجئ بحملة صحفية شرسة هدفها استبعاده من كتابة هذا الفيلم من منطلق أنه ناصرى وسيقوم بتجاهل الرئيس السادات لينسب النصر إلى عبدالناصر، وزادت حدة الهجوم عليه عندما صرح أن البطل الحقيقى لحرب أكتوبر هو المواطن البسيط ووقتها وجه أسامة أنور عكاشة أسئلة لخصومه دفعتهم للتراجع والكف عن هجومه منها هل حرب أكتوبر بمثابة العزبة الخاصة بى لكى أعطيها لمن أريد؟!

وهل لا توجد وثائق ولا مستندات عن حرب أكتوبر تثبت الحقائق، هل أنت تعلمون بما فى ضميرى وماذا سأكتب؟! وكيف تصدرون أساسا أحكاما مسبقة على عمل لم يظهر للنور؟!

* لم يكن أسامة أنور عكاشة ضد الحجاب لكنه تصدى لظاهرة حجاب الفنانات واعتزالهن ثم تراجعهن عن قراراتهن بحثا عن المكسب والشهرة والأضواء، الطريف أنه تلقى تهديدات بهذا الصدد لدرجة أن المسئولين عرضوا عليه تعيين حراسة خاصة به إلا أنه رفض ولم يتوقف عن التصدى لظاهرة عودة المعتزلات للفن

* أيضا تصدى أسامة أنور عكاشة لبعض أبطال مسلسلاته الذين حاولوا لى ذراعه فى مسلسلات الأجزاء التى كتبها، كثيرا واجه أبطالا وضعوه بين خيارين إما أن يقوم بزيادة مساحة أدوارهم وتصعيدهم أو التلويح بعدم التواجد فى الأجزاء الجديدة وكان يعتبر - رحمه الله - أن الممثل يهين جمهوره عندما يرفض استكمال دوره فى الأجزاء الجديدة من المسلسلات بحجج غير منطقية ليصبح الممثل فى موقف إدانة أمام جمهوره، وكان مقتنعا تماما أن مفيش مسلسل يتوقف على ممثل، البطل لديه هو السيناريو والممثل الذى يعتذر له أكثر من بديل.

وعن ذلك تقول الناقدة ماجدة خير الله: قبل رحيل أسامة أنور عكاشة الدراما التليفزيونية دخلت فى منزلق سيئ لم يكن سيستطيع مواكبة المهازل التى تحدث من قبل النجوم ولا أعتقد أنه كان سيسمح بإهانة تاريخه ويقبل أن ممثلا مهما كانت قيمته يملى عليه ما يكتبه، طبعا فى وقت من الأوقات كان المنتج أو المخرج عندما كان يقول لممثل ها ابعث لك سيناريو لأسامة أنور عكاشة كان الممثل يعتبر أن ليلة القدر انفتحت له عكس الآن الممثل لايعنيه سوى أجره الذى يبدأ من 5 ملايين.

وعن بدايات أسامة أنور عكاشة مع الدراما تقول: فى الثمانينيات كنت أشاهد مسلسل «عابر سبيل» لعبدالله غيث ومن شدة إعجابى بالعمل حرصت على قراءة اسم مؤلفه على التيترات وأعتقد أن هو فخر الدين صلاح والذى توفى فى الطائرة هو صانع هذا المسلسل، وأعتقد أنه كان مخرجه المفضل قبل إسماعيل عبدالحافظ، وفيما بعد تابعت «المشربية» و«الشهد والدموع» لأسامة أنور عكاشة، وإذا تأملت بداياته ستجدينها أعلى 90 درجة من بدايات المؤلفين حاليا.

لى معه موقفان اختلفت فيهما معه الأول عندما كتبت رأيى فى نيته عن كتابة الجزء الخامس والسادس لمسلسله «ليالى الحلمية» وكانت وجهة نظرى أن المسلسل لا يتحمل أجزاء أخرى بعد استنفاد أغراضه بنهاية الجزء الرابع وكتبت أن إصراره على كتابة الجزء الخامس ثم السادس سيعطى انطباعاً أنك متشبث بنجاحات الأجزاء الأولى من المسلسل. وبعدما أعلنت رأيى سُئل فى إحدى الجرائد عن رأيه فى ماجدة خيرالله فقال صحفية مجتهدة وهو يقصد أن رأيى مش نقدى».

وبعدها بفترة تعرض لأزمة قلبية ولم أتردد فى الاطمئنان عليه وحدثته هاتفيا قال لى مين قلت له «أنا الصحفية المجتهدة»، وكان لطيفاً معى جدا، بعد ذلك بسنوات قليلة شاهدت مسلسل أرابيسك وكتبت أيضا رأيى ولم يعجبه، رد علىّ بقسوة شديدة وكانت كلماته موجهة إلى شخصى دون أن يكتب اسمى وبعد فترة شاهدته منتظرا للأسانسير بمبنى التليفزيون، وعندما لمحنى حاول تجنب الالتقاء بى معتقدا أننى سأتوجه لأسانسير آخر، لكننى حرصت على إنهاء الموقف وذهبت له لمصافحته وصعدنا سويا فى الأسانسير لأننا كنا متوجهين إلى «لجنة الدراما» بحكم أننا أعضاء بها وأثناء اجتماعنا فى لجنة الدراما كان حريصا على تأييد ما كنت أقوله فى المناقشات التى دارت بيننا فى الاجتماع.

عملية الشد والجذب بين المؤلف والناقد لا أعتبرها كارثة فهى تحدث كثيرا واعتدنا عليها.

صباح الخير المصرية في

01/06/2010

 

أعظم كتاب الدراما

كتب اكرم السعدني 

لم يدخل مزاج أهل مصر كاتب دراما مثلما فعل أسامة أنور عكاشة، الذى بدأ حياته كاتبا قصصيا ثم سرعان ما اتجه إلى التليفزيون لنكتشف أننا أمام موهبة فى الكتابة التليفزيونية لا تقل عن موهبة نجيب محفوظ فى القصة والرواية وقد شغل أسامة أنور عكاشة المصريين والعرب على السواء بأعماله، وخصوصا مسلسل «الشهد والدموع»، والذى أسفر فيه أسامة أنور عكاسة عن المصرى الأصيل للموهبة التى تسكنه وللمرة الأولى يتحول الكاتب والمؤلف إلى النجم الأول للعمل بدأ هذا الأمر واضحاً للجميع عندما تصدى أسامة أنور عكاشة لمسلسل «ليالى الحلمية».. وهو العمل الذى أثبت للأخوة العرب أن مصر ليست فقط أرضاً خصبة للمواهب النادرة، ولكنها أيضاً المكان الأنسب والأرحب للأفكار لكى تتصارع وفى هذا العمل الملحمى الذى شرح الحياة فى وجه مصر وغاص فى أعماق المجتمع المصرى كما لم يحدث من قبل واستعرض التغيرات الرهيبة التى طرأت على طبقاته والاهتزازات التى تعرضت لها والفئات التى طفت على سطحه كل ذلك تناوله أسامة أنور عكاشة على مدار خمسة أجزاء أثبتت أن البطل الحقيقى للعمل هو بالفعل الرجل صاحب الورق، وهو أساس أى عمل فنى ويأتى بعد ذلك دور المخرج الذى ارتفعت قامته إلى عنان السماء بعد الارتباط بأسامة فأصبح العم إسماعيل عبدالحافظ هو الألفة على أبناء الجيل بأكمله وترك بصماته واضحة جلية على أوراق أسامة واستطاع أن يرتفع بالقيمة الدرامية إلى أقصى مدى ممكن وبات بعد ذلك على الممثلين أن يترجموا ذلك الجهاد المكتمل إلى نجاح مدوى، وكان الفرسان الثلاثة للعمل يحيى الفخرانى وصلاح السعدنى وصفية العمرى هم نجوم العرب الكبار الذين اجتمعت حولهم الأمة خلال شهر رمضان من كل عام وارتفع الأداء التمثيلى إلى مستوى لم نعهده من قبل على طول تاريخ الدراما المصرية وعظمتها وبحاسته التى لا تخيب أدرك سمير خفاجى أن هذا النجاح الذى تحقق بشكل أسطورى يمكن استثماره مسرحياً ولذلك لجأ إلى أسامة أنور عكاشة ليكتب للمسرح الخاص «البحر بيضحك ليه» بنفس أبطال العمل الفخرانى والسعدنى وصفية العمرى وفى الإسكندرية تحقق لفرقة الفنانين المتحدين ربح ربما لم يتحقق من قبل إلا من خلال مسرحيات عادل إمام وسجل أسامة اسمه بأحرف من نور فى سجلات المسرح المصرى عندما قدم «الناس اللى فى الثالث» والذى اعتبره البعض ارتدادا عن نهجه الذى سبق أن التزم به وهو الخط الناصرى، ولكن أسهم أسامة لم تتأثر بهذه الاتهامات ولا بذلك التراجع من الفكر الناصرى ومضى كاتبا أوحد للدراما المصرية لا منافس له ولا نظير لموهبته ولذلك كان أجره هو الأعلى واسمه هو الأرفع كعلامة ضامنة للجودة والرقى والنجاح، وفى السينما استطاع أسامة أن يصنع نجاحا فنيا رفيع المستوى عندما قدم فيلم «الهجامة» الذى تعرض لتلك الطبقة التى طفت فجأة على سطح المجتمع المصرى بعد مرحلة الانفتاح لتثبت أن البيض الفاسد وحده هو الذى يطفو فوق الماء.. ولم يكن هذا الفكر بالتأكيد جاذبا لمنتجى السينما بل العكس هو الصحيح فقد ابتعدت المسافات بين أسامة ومنتجى السينما، الذين بحثوا عن المكسب السريع قبل نوعية الأعمال التى يقدمونها ولذلك عاد أسامة أنور عكاشة ليقدم «أرابيسك» و«الثعلب فات» و«ضمير أبلة حكمت» و«امرأة من زمن الحب»، و«فضة المعداوى».

وواصل سلسلة العطاء المنير وترك لنا تراثا دراميا تتباهى به الأمم وياعم أسامة لقد أسعدت على مر سنوات العطاء لا أقول كل المصريين، ولكن كل العرب.. العرب الذين ما اجتمعوا أبداً على الباطل.. اجتمعوا حول فنك وموهبتك وقدراتك العظيمة على الإبداع نسأل الله أن يرحمك رحمة واسعة وأن يكون مثواك جنة الخلود جزاء لك على السعادة والفرح والجو الذى أدخلته على قلوب العرب من المحيط إلى الخليج!!

صباح الخير المصرية في

01/06/2010

 

رجـل مـن زمـن الحـب

كتب مى الوزير - رانيا علوى 

كل النجوم الذين شاركوا فى مسلسلات المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة لا ينسون له مواقفه ودعمه وتشجيعه المستمر لهم.. يعتقد البعض أن أسامة أنور عكاشة لم يكن يسمح بنقاش الممثلين فيما يكتبه لكن كل النجوم الذين اقتربوا منه أكدوا عكس ذلك.. معهم التقينا لنعرف منهم عن قرب أسامة أنور عكاشة الإنسان والمبدع كما التقينا أيضا بعض أصدقائه من مؤلفى الدراما.

سميرة أحمد قدمت ثلاثة مسلسلات تأليف المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة وكان أول عمل جمعهما هو «امرأة من زمن الحب» وفيه عرفته سميرة أحمد عن قرب وأصبحا صديقين وقدما معا فيما بعد «أميرة فى عابدين»، «أحلام فى البوابة». الطريف أن أول عمل جمعهما «امرأة من زمن الحب» كانت سميرة أحمد تندهش من الحوار الذى كتبه وكانت تتصل به لتقول كتبت هذا الكلام إزاى وأنت لا تعرفنى عن قرب؟! كلامك الذى كتبته أقوله فى حياتى مع أولاد أخواتى، كان يضحك كثيرا المدهش أن شخصية «أبلة وفية» التى لعبتها سميرة أحمد فى هذا المسلسل كان الناس ينادونها بها فى الشارع وتتذكر سميرة أحمد أحد المواقف فى هذا المسلسل عندما طلبت منه اختصار جزء من الحوار بطريقة لا تقلل من المعنى فقال لها «حاضر» وبعدما قرأت الحوار الذى أجرى عليه بعض التغييرات لتقصيره رجعت له وقالت لا هاأحفظ اللى كنت كاتبه فى البداية وكان يضحك قائلا لها: كنت عارف إنك هاتعملى كده.. وتضيف سميرة أحمد: «رحمه الله» كان عنيداً فى الحق مثلى تماما.

تقول الفنانة إلهام شاهين إن الراحل فنان لن يتكرر مرة أخرى فى تاريخ التليفزيون العربى والمصرى بوجه خاص، فهو قد قدم واحدة من علامات الدراما المصرية وهى «ليالى الحلمية» التى استمرت لـخمسة أجزاء ولم يطلها المط ولا بطء الإيقاع ولم تصب المشاهدين بالملل وفيها شرح المجتمع المصرى بطبقاته واتجاهاته.. وكان عملاً تميز بجودة لن نشهدها مرة أخرى فهو ليس مجرد كاتب موهوب فقط لأن الموهوبين كثيرون ولكن إنسانيته كانت تفوق موهبته.. ومن مواقفى التى لن أنساها له إصراره على أن أقدم شخصية «زهرة» فى مسلسل ليالى الحلمية بعد اعتذار آثار الحكيم عن الجزء الرابع لظروف حملها وقال لى: إنت زهرة وكان شرفاً لى أن أشارك فى هذا العمل.

الفنانة آثار الحكيم: لن أنسى رحلة نادرة جمعتنى مع أسامة أنور عكاشة فى جنوب لبنان لإحياء ذكرى شهداء مذبحة قانا وكنا هناك مع وفد مصرى وهذا يلخص هذا الإنسان ومواقفه الصريحة الشجاعة القوية الصادقة تجاه كل القضايا وليس قضية واحدة، بل هو مهموم بقضايا وطنه ومجتمعه ويهتم بالآخرين ومعتقداتهم ويحترمها، وكان مصمماً على عملى فى مسلسل أرابيسك فى الدور الذى قدمته الفنانة لوسى واعتذرت وقتها وزعل منى جدا فقدمته لوسى وكان مفاجأة كبيرة وجميلة وقدمته ببراعة.. كما لن أنسى له مساندتى أثناء التحضير لمسلسل «زيزينيا».. عندما أردت أن أضيف للشخصية وأن تكون شخصية عايدة «لدغة» ولم يشجع هذا المخرج جمال عبدالحميد ولكن أسامة أنور عكاشة رأى أن هذا قد يضيف للشخصية وقد سبق لى تقديم عدة مسلسلات معه منها «الحب وأشياء أخرى».. «زيزينيا».. «ليالى الحلمية».. وكنت أتمنى أن أقدم معه أعمالا أكثر فهو موهبة لن تتكرر.. وأدعو لعائلته بالصبر والسلوان. أما الفنانة لوسى فقد قدمت أعمالاً عديدة للكاتب أسامة أنور عكاشة منها «ليالى الحلمية» وقدمها بشكل مختلف فى «أرابيسك» ثم «زيزينيا» وعن علاقتها بالكاتب الراحل والتى لم تقتصر على التعاون الفنى بل كانت علاقة إنسانية بخلاف علاقتهما بأسرته عن ذلك تقول: كان أكثر من صديق على المستوى الشخصى وبالنسبة للعمل ورغم أنه كاتب كبير وقد يمنع أى مناقشة فيما يخص الإضافات التى يرغبها الممثل لكن «رحمه الله» كان يسمح لى بأن أقول رأيى وأقترح عليه ما يدور فى ذهنى بالنسبة للشخصية ومفرادتها بدون إحراج وبمنتهى الود.. وكان يحب هذا منى ومن غيرى بالإضافة إلى ثقته فىَّ وأننى لن أضيف شيئاً يضر بالشخصية فهو من وثق فىَّ وشجعنى على تقديم شخصية «أنوار» فى «أرابيسك» بعد أن شكك البعض فى عدم تقديمى لها بشكل جيد لأنها عكس نوعية الأدوار التى كنت أقدمها لكنه شجعنى وكان يهتم بالشكل الخارجى للشخصية وملابسها والمكياج.. فأنا أتذكر تأكيده لى أثناء تصويرنا لـ«أرابيسك» بعدم وضع أى مكياج.. ومرة رآنى أضع زبدة كاكاو وكنت سأزيلها قبل التصوير وقال لى: «أنوار» مش كده ومش بتحط أى حاجة على وشها.. أى مؤلف يهتم بأدق التفاصيل بهذه الدرجة ويهتم بالتواجد فى موقع التصوير بهذا الشكل؟!.

وكان يتصل بى ويخبرنى برأيه فى أعمالى وأنا لم أكن أخجل أن أستشيره فى أى شىء.

بالإضافة لكل هذا فهو أخ وعزيز على قلبى جدا وأكلنا «عيش وملح» مع بعض أنا وزوجى وأسرته وأنا لم أستوعب حتى الآن أننا فقدنا هذه القيمة الإنسانية والفنية العظيمة.

أما الكاتب «كرم النجار» فهو من أقرب أصدقاء الراحل أسامة أنور عكاشة يصف علاقتهما ويقول: هى علاقة قديمة جدا وبدأت منذ سنوات أثناء نجاحاته بعد مسلسلى «الشهد والدموع» و«قال البحر» كنت قد قابلته فى الشركة العربية «الدالة» وهنأته على مسلسل «وقال البحر» وسعد جدا بكلامى ومن حينها توطدت علاقتنا جدا وأصبحنا رفيقى مشوار وأسسنا معا جمعية مؤلفى الدراما وتصاعدت العلاقة بيننا ولكنها لم تأخذ أبعاداً حقيقية إلا منذ خمسة عشر عاماً، وكنا نسافر مع بعضنا إلى الإسكندرية لنكتب هناك وهزمنا بهذا المثل الذى أكرهه بشدة الذى يقول: «عدوك ابن كارك» فأنا كنت أسافر الساحل الشمالى لأكتب هناك وهو كان يكتب فى شقته بالإسكندرية ودعانى لأكتب معه فى الإسكندرية لكى لا يجلس كل منا بمفرده واتفقنا على نظام أن يجلس كل منا بمفرده وطقوسه فى الكتابة طوال النهار ولكن نلتقى عند الساعة الثامنة مساء وكنا نتكلم فى كل شىء: الدين والسياسة والأحداث الاجتماعية.. وكان ينضم لنا أحيانا «إسماعيل عبدالحافظ» وهما صديقين منذ المرحلة الثانوية أو نجتمع مع مثقفى الإسكندرية.. وأريد أن أضيف شيئاً أن أسامة أنور عكاشة قد يعطى انطباعا من بعيد بأنه هادئ أو غير اجتماعى.. وقد يخشى البعض الاندماج معه ولكن بمجرد الاقتراب منه وسقوط الحاجز تسقط هذه الهالة وتجده صدوقاً جدا.. فهو تركيبة أخرى ساحرة وإنسان جميل فهو شخص طيب جدا يخاف على أصدقائه، إذا كنت مسافراً أجده يتصل بى فى فترة ليطمئن علىَّ ويقول لى: «وصلت لحد فين» وكان ينصحنى بعدم القيادة بمفردى ليلاً فى السفر وهكذا وغير هذا فهو قيمة فكرية لن تعوض وأكثر شىء أثر فىَّ وعبر لى عن عمق علاقتنا قول بناته بعد الوفاة إن كرم النجار وإسماعيل عبدالحافظ هما أبوانا ولم يكن هذا الإحساس ليصل لهن لو لم يكن مصدره والدهن الذى أوصل إليهن مدى قربنا وعلاقتنا.

المؤلف مجدى صابر كان يعتبر أسامة أنور عكاشة فى منزلة الأب الثانى له وكثيراً ما كان يلتقى به سواء فى الإسكندرية أو القاهرة ولم يكن يتردد على الإطلاق فى الذهاب له ليشكو له من بعض مشاكله فقد كان يجد أن البعض اتخذ منه موقفاً مسبقاً أو تتم معاداته ومهاجمته بلا سبب.. وكان رد أسامة أنور عكاشة عليه: ارْمِ كل هذا خلف ظهرك.. عملك هو الأبقى.. لا تضيع وقتك فى معارك جانبية.. ومهما كانت مشاكلك لابد أن تكون الأقوى وتتحمل «ياما دقت على الراس طبول».

الفنانة نشوى مصطفى قالت: أول عمل قدمته فى حياتى كان مع الكاتب والمؤلف العظيم أسامة أنور عكاشة وهو مسلسل «ضمير أبلة حكمت» كان هذا العمل هو بدايتى ولم يكن يعرفنى أحد ولم يكن لدىَّ رصيد فنى وأثناء التصوير وخلال أول زيارة زارها لنا أسامة أنور عكاشة ظل يتابع التصوير، وسأل عنى الموجودين فى الاستوديو وعندما تقابلنا سألنى: أين كنت أعمل من قبل؟ فأخبرته أننى مازلت طالبة فى معهد الفنون المسرحية فاندهش لأننى مازلت طالبة وقال لى جملة لن أستطيع أن أنساها أبدا وهى بعد أن شاهد مشهداً قدمته قال: إنتى ممثلة عبقرية» وسعيد جدا لترشيح المخرجة الكبيرة إنعام محمد على لكِ فى هذا الدور لقد جعلتنى أبكى فى مشهد سرقة الذهب الذى قدمته بمنتهى الإتقان وأنهى كلامه معى بأنه سعيد بلقائنا وأكد لى أنها ستتكرر ثانية وطبعا كلامه جعلنى أطير من الفرح.. وفى الحقيقة كانت هناك مكالمة مفاجئة رائعة منه لى بعد عرض المسلسل وكانت مكالمة داعمة لى نفسيا وكان يثنى على أدائى وبصراحة إن مؤلفاً كبيراً وعظيماً بحجم أسامة أنور عكاشة يثنى على أدائى كان شيئاً مهماً جدا بالنسبة لى، وبعد ذلك قام هو بنفسه بترشيحى لأداء دور فى مسلسله «ليالى الحلمية» بالجزء الرابع، ففى الحقيقة كان إنساناً بمعنى الكلمة وكان قريباً من كل فريق العمل، وبعد العمل فى «ليالى الحلمية» التقينا فى مسلسل «عفاريت السيالة» وقال لى نظرة عنيكى المملوءة بالشجن تذكرنى بدورك فى مسلسل «ضمير أبلة حكمت» وكان شرفاً كبيراً جدا لى بأن يصفنى بأننى فتاة مجتهدة و«شاطرة» واستكملت نشوى كلامها والحزن يملأ صوتها الأستاذ أسامة أنور عكاشة «رحمة الله» كان شخصاً متواضعاً لأبعد الحدود بالإضافة إلى أن مواقفه طيبة مع كل من تعامل معهم «رحمه الله».

أما الفنان الشاب أحمد سعيد عبدالغنى فقد عمل مع المؤلف الكبير والعظيم أسامة أنور عكاشة فى ثلاثة أعمال «زيزينيا» و«التعلب فات» و«عفاريت السيالة» وكان أول عمل فنى يظهر فيه واشتغلت معه أول عمل قدمته وهو «زيزينيا» وعن ذلك يقول أحمد سعيد عبدالغنى: وصلت للمشاهدين من خلال كتاباته الرائعة والمميزة، وكان أمل حياتى منذ أن كنت طالباً فى المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية أن أقدم عملاً مع الرائع أسامة أنور عكاشة.

ويعرض فى رمضان فهو وضع علامات مهمة جدا فى الدراما بالوطن العربى كله مثل «الراية البيضا» و«الشهد والدموع» وأنا أمتلك هذه الأعمال على «سى دى» أشاهدها باستمرار فهى أعمال مهمة جدا يجب أن أقتنيها.

كان يمثل لنا هذا الرائع حجر زاوية مهماً جدا فهو كان يحمسنا دائما، فكان يزورنا أثناء التصوير وكان يظل يتكلم معنا بكل حب واهتمام كما كان يقوم بمناقشتنا فى الأدوار ويشرحها لنا ويوضح تركيبتها، فكنا نشعر كلنا كطاقم عمل أنه أب حنون يخاف علينا ويدعمنا دائما ونستمد قوتنا منه فهذا الكاتب الكبير والقريب من قلوبنا جميعا سنظل نحبه ونقدره.

النجمة الكبيرة سهير المرشدى تحدثت عن الراحل أسامة أنور عكاشة قائلة: كان يتعامل معنا بشكل إنسانى رائع وهذا ليس غريباً على شخص قدم إنسانيات راقية فى أعماله الدرامية فهو كشخص كان يتعامل بشكل راق جدا ومعاملته متميزة لأنها كانت تتسم بالذكاء والمجاملة وكان يتبع أصول علم النفس والاجتماع فى التعامل مع الناس، وكانت لديه ذاكرة قوية ويقظة، فهو كان شخصاً دبلوماسياً وصادقاً فى نفس الوقت وكنا نلاحظ دائما أن لديه القدرة على جمع الأصدقاء حوله وهذا ليس بأمر سهل وكل من يقترب منه يشعر أنه واحد من عائلته.

عملت معه أيام دراستى بمعهد الفنون المسرحية فى عمل «سوارس عم سيد» كانت سهرة من تأليفه وبعدها مرت سنوات والتقينا مرة ثانية فى مسلسل «ليالى الحلمية» دور سماسم تناقشت معه فى أبعاد الشخصية وخلال حديثنا وإصرارى على معرفة كل كبيرة وصغيرة بالشخصية سألنى ما إذا كنت أطلب معرفة كل هذه التفاصيل فى كل دور أقوم به أم لا، فأكدت له أن أى دور أقدمه يجب أن أعلم عنه كل شىء فمثلا فى «سوارس عم سيد» الذى كان أحد أعماله كنت أجسد دور بنت Vulgeine إلا أننى عرفت كل شىء عن الدور وتعاطفت معه فقدمته على أكمل وجه، حينها أثناء دراستى فى المعهد أشاد بأدائى هذا المؤلف العظيم وقال لى إنتى موهوبة.

وبعد أن تناقشنا فى «دور سماسم» واقتناعه بكلامى قام بإضافة مشاهد جديدة للدور وقال لى: ممكن تحاسبينى على دور سماسم فى الجزء الثانى من المسلسل فهو استطاع باحتراف أن يجعلنى أحب الشخصية وبعد إضافة المشاهد قال لى ضاحكا: «يعيش المعلم ويحب يتعلم» جملته المشهورة.

أسامة أنور عكاشة بجانب أنه كاتب رائع لم يأت مثله فهو كان يفتح قلبه وبيته للجميع كان رائعاً بمعنى الكلمة.

فقدنا إنساناً وفناناً رائعاً «رحمه الله وأسكنه فسيح جناته».

يوسف شعبان قال: أسامة أنور عكاشة كان رجلاً مصرياً «جدع» وصريحاً لأبعد الحدود ويفيد كل من حوله بهذه الصراحة، كان واثقاً من شغله ومن فريق العمل الذى يعمل معه، وهو كان شخصاً يحب مساعدة الآخرين والوقوف بجانبهم فى المحن والمواقف الصعبة.

عملت معه فى العديد من المسلسلات الدرامية «ضمير أبلة حكمت» - «امرأة من زمن الحب» «الشهد والدموع» وتوقع البعض أن بداية أسامة أنور عكاشة كانت «الشهد والدموع» لكن هذا ليس حقيقياً فبدايته كانت من خلال مسلسل «الفارس الأخير» كان بتنفيذ شركة كويتية كان هذا المسلسل من بطولتى وشاركنى العمل أبوبكر عزت وحمدى أحمد ومحمود الحدينى وليلى علوى وكانت وقتها صغيرة جدا «طفلة» ونجح هذا المسلسل نجاحاً مبهراً وهذه هى كانت أول تجربة للرائع المؤلف الكبير أسامة أنور عكاشة وأنا سعدت جدا بالعمل معه فهو كان أحد عباقرة الدراما «رحمه الله».

صباح الخير المصرية في

01/06/2010

 

أسامة أنور عكاشة.. الفارس الذي هوي وفي يده قلمه

بقلم : ماجدة خيرالله

ليس أصعب علي المبدع من تلك اللحظة التي يكتشف فيها أنه قادم إلي زمن لن يجد فيه من يطرب الي معزوفته،ويستمتع  بإبداعه أو يستوعبه،زمن لن يقدر أن الكلمات والمعاني والشخصيات التي ينحتها،قد سحبت من عصارة فكره وأعصابه وقطرات دمائه، هذه واحدة من أسباب حالة الحزن التي كان يحاول أن يخفيها اسامة أنور عكاشة عن أقرب المقربين له،هؤلاء الذين عاصروا سنوات مجده وازدهار موهبته،ونجاح أعماله الفنية،ويرون فيه الفارس الذي يقاوم الفساد بقلمه!وينهل من أحداث الماضي ،ليقدم صورة للحاضر ويناقش احتمالات ما قد يأتي به المستقبل!

جمعتني بالكاتب الراحل عدة لقاءات، كنت وقتها لا أزال في السنوات الاولي من عملي الصحفي،وكان يجلس في مكتب المخرج باسيلي جريس الذي قدم معه مسلسل " ريش علي مفيش "الذي باء بفشل عظيم،جعل المخرج باسيلي جريس يحلف أيمانات مغلظة ألا يعود مرة أخري لتقديم مسلسلات كوميدية، بينما كان اسامة أنور عكاشة علي يقين من أن العمل الذي لم يعجب الناس وقتها،سوف يكون له شأن آخر معهم في الغد!وأخذ يشرح له فكرة بديهية ،ملخصها أن الجمهور قد اعتاد المسلسلات التي تقدم له الافكار التقليدية لسنوات طوال،ومحاولة الخروج عن السرب،أو عن المألوف لها عواقبها، ولكنها أيضا السبيل الوحيد لخلق نوعية مختلفة من الأعمال الفنية، لكن كان المخرج "باسيلي جريس"،من أنصار المشي جنب الحيط،وظل كذلك طوال عمره ولم يسمع به أحد،أما أسامه أنور عكاشة فقد كان أكثر ثقة بموهبته وبمكانته الفنية التي لن يزعزعها فشل عمل فني !

ملامح نفسية

وسألته وقتها،بسذاجة كيف تأتي إليه الافكار؟ وكيف يلتقطها ويطورها ويحولها الي أعمال فنية ممتعة، فقال ببساطة دون أن يشعرني أن عشرات الزملاء سألوه نفس السؤال، ولابد أنه أجاب عليهم نفس الاجابة، وهي أنه عندما تأتيه فكرة، يتركها تنمو داخله براحتها،ولايتعجل اصطيادها ،وكأنه قط يسعي للانقضاض علي فريسة، ثم ينشغل بأشياء لاعلاقة لها بالموضوع،ويظن من حوله "أفراد أسرته" أنه لاينوي الكتابة، أو أنه يضيع الوقت، ولايجد مايكتبه، ولكن حقيقة الأمر أن الفكرة تكون مثل الجنين الذي تتضح معالمه يوما بعد يوم، إلي أن يكتمل، ويحين موعد ولادته،هنا يجلس إلي مكتبه،ويبدأ في وضع الخطوط العامة للحكاية، ثم تاريخ كل شخصية، وملامحها النفسية ،والافكار التي تعبر عنها!في ذاك الزمن "منتصف الثمانينات من القرن العشرين"كان أسامة أنور عكاشه، واحدا من أساطين كتابة المسلسلات التليفزيونية ،بل كان أبرز نجومها!وقد كان لاعماله الفضل في تألق وشعبية جيل كامل من نجوم التليفزيون مثل يحيي الفخراني، صلاح السعدني، صفية العمري،ممدوح عبد العليم، هشام سليم، آثار الحكيم،عبلة كامل، لوسي، شوقي شامخ وآخرين! بل ساهمت كتاباته في منح المخرج اسماعيل عبد الحافظ فرصة الظهور، بعد وفاة المخرج "فخر الدين صلاح" الذي رافق مشوار نجاحه من البداية،ثم دخل علي الخط ،محمد فاضل الذي قدم معه مجموعة من أنجح أعمالهما مثل «أبو العلا البشري» بجزأيه، وقال البحر، وعصفور النار،الراية البيضا، أنا وإنت وبابا في المشمش،لايزال النيل يجري،ثم حدث في العلاقة الفنية والشخصية بين أسامة وفاضل شرخ ،أدي الي توقف تعاونهما الفني،للحفاظ علي علاقتهما الإنسانية التي بقيت حتي النهاية!

كارثة حتمية

واجتمعنا أنا والراحل أسامة أنور عكاشة، في لجان الدراما التي كان يحذر فيها من الخطر القادم،وهو سيطرة الإعلانات علي المسلسلات والأعمال الفنية،بصورة سوف تتيح لاصحاب الشركات الاعلانية التدخل في فرض أسماء نجوم بعينهم،ومن ثم سوف يأتي الزمن الذي يصبح فيه النجم هو سيد الموقف،ويستطيع أن يعبث في العمل الفني كيفما شاء! ويضرب بالنص المكتوب عرض الحائط، وبإرادة المخرج،سوف تتحول الحكاية كلها الي نوع من الهرج والعبث يؤدي الي كارثة حتمية! عشرات من الاوراق البحثية، انتهت اليها أعمال لجنة الدراما، التي استغرقت جلسات امتدت عبر أشهر، وللاسف كان مصير تلك الابحاث أن استقرت في أدراج مكاتب المسئولين،دون أن يفكر أحدهم في الاطلاع علي المقترحات التي  خلص إليها فريق من صناع الدراما والمهتمين بشأنها،وانتاب اليأس نفس أسامة أنور عكاشة، وتوقف عن حضور جلسات تلك اللجان،وحدث ماكان يحذر منه ،وجاء اليوم الذي يتحكم فيه أي ممثل في شغل المخرج،ويطالب السيناريست أن يكتب أو يحذف من نصه مايشاء! والمؤلم فعلا أن هذه المرحلة أفرزت كتاب سيناريو لديهم استعداد لإهانة أعمالهم الابداعية، مقابل ظهورها للنور بأي شكل ،مما يضمن لهم الحفاظ علي مكاسبهم المادية،وموافقة النجوم علي أعمالهم ليس لانها الأكثر جودة، لكن لأن أصحابها هم الاكثر إستعدادا لتقديم التنازلات! لاشك أن هذا الجو الكابوسي،اصاب أسامة أنور عكاشة في مقتل،لقد عاش حتي سمع أو قرأ أن محمد فؤاد الذي لا علاقة له بفن التمثيل،وليس له خبرة في العمل في المسلسلات قد اطاح بمخرج أول مسلسل يقوم ببطولته، ولم يتوقف لحظة عن العبث في السيناريو والغريب انه لم تصدر عن كاتبه أي شكوي أو تبرم أو اعتراض،وقبل محمد فؤاد ،الراقصة فيفي عبده، ومن هم أكثر أو أقل قيمة فنية، إنهيار كامل لصناعة وفن كان أسامة أنور عكاشة واحد من نجومهما ،بل ان ماحدث مع غيره،وظن أنه بعيد عنه،بدأ يقترب منه ويهدد وجوده!لوقت قريب جدا كان ترشيح أسامة لأي ممثل مهما ارتفعت قيمته،لأحد الادوار مدعاة للسعادة، والفخر،وفرصة يقتنصها الممثل أو الممثلة ليقدم أداء مميزا،وخاصة وهو يعلم أنه يعمل في مسلسل تتوافر له من البداية أهم عناصر النجاح،وهو النص أو السيناريو المحكم ، ولكن حدث في السنوات الأخيرة، تردٍّ واضح في سلوكيات النجوم،مع أسامة ومع غيره من نجوم الكتابة التليفزيونية الكبار! وحدث ماكان بعيدا عن خيال الكاتب الراحل،فبعد أن قدم الجزء الاول من مسلسل المصراوية  وتحمس لمنح البطولة المطلقة لهشام سليم،إيمانا منه بموهبته،وخاصة أن هشام وجد نجاحه من خلال أعمال أسامة أنور عكاشة، في ليالي الحلمية ،والنوة،والراية البيضا،وبعد نجاح الجزء الاول من المصراوية الذي شاركت في بطولته للمرة الاولي النجمة الشابة غادة عادل، فوجئ باعتذارها عن تكملة الدور! بعد أن شاركت شريف منير في مسلسل قلب ميت! والأغرب من ذلك أنه فوجئ باعتذار هشام سليم نفسه ،رغم أنه صاحب دور البطولة،مما هدد الجزء الثاني من المسلسل بالتوقف تماما! حتي استقر الامر علي أن يقوم ممدوح عبد العليم بتكملة الشخصية التي بدأها هشام سليم في الدور الاول،وعجز فريق العمل عن إيجاد  أي ممثلة شابة تقبل تكملة الدور بعد غادة عادل،وحاول اسامة أن يتصل بأكثر من واحدة وتصور أن أيهن سوف تقدر قيمة العمل الذي يعرضه عليها، لكن هيهات، فكل واحدة منهن كانت تسعي لبطولة منفردة في أي عمل مهما كانت تفاهته،حتي تمارس فيه كل أمراضهاالنفسية،وكان اختيار ميس حمدان هو الحل الاخير،بعد أن وجد الرجل أن ظهره أصبح ملتصقا بالحائط،وأن شباب هذا الجيل من الممثلات والممثلين قد خذله! وأيقن أن الايام القادمة سوف تكون أكثر سوءا!

جرح المصراوية

في برنامج باسم قلبي ومفتاحه تعده آمال عبد السلام ويقدم علي الفضائية المصرية،تابعت حواراً لاسامة أنور عكاشه يتحدث فيه بمرارة عما حدث معه في مسلسل المصراوية من اعتذار النجوم الذين يلعبون أدوار البطولة، هشام سليم وغادة عادل،وأكد خلاله أن هناك التزاما ادبيا بين النجم ،والدور، بحيث لايجوز له أن يعتذر عن الاجزاء التالية، طالما أنه يعلم من البداية أن المسلسل مكون من أجزاء،ورغم تكرار تغيير النجوم في الاجزاء التالية من مسلسلات أسامة أنور عكاشة: "آثار الحكيم في ليالي الحلمية،وزيزينيا"، وعبلة كامل في ليالي الحلمية واستبدالها بمحسنة توفيق! إلا أن ماحدث في المصراوية قد تسبب له في جرح غائر،لانه أدرك وقتها أن الزمن القادم ليس زمنه،وأن أخلاق النجوم التي تغيرت بحيث أصبح لهم الهيمنة والسيطرة علي مجريات الامور في تقديم المسلسلات التليفزيونية، لن يتيح له تقديم إبداعه الفني بالصورة التي يرتضيها،آلام قلبه تحولت إلي أوجاع وجراح،وقلت قدرته علي الاحتمال، وخاصة أنه يتابع مجموعة من الادعياء وضعاف الموهبة والقيمة وقد صاروا نجوما في الـتأليف وانهم يحاولون أن ينالوا من تاريخه،ويتطاولون علي إبداعه !قد يكون الجسد قد ضعف وأصابه الوهن وسقط بلاحركة، لكن من حسن الحظ أن قيمة المبدع لاتتأثر بوجوده بين الاحياء،المهم أن يكون قد ترك ثروة من الأعمال الفنية سوف تعيش بعده، وللأبد !

جريدة القاهرة في

01/06/2010

 

عكاشة: كل من يستطيع فك الخط يكتب للتليفزيون

حاوره: الأمير أباظة 

يعود الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة إلي تأصيل الجذور المصرية ليستكمل مشروعه الكبير الذي بدأه منذ سنوات بعيدة تشكل سنوات عطائه الفكري والفني من خلال الدراما التليفزيونية، كان ابرزها الشهد والدموع وليالي الحلمية بأجزائها المتعددة وأرابيسك التي حاول من خلالها الإجابة علي السؤال هل نحن عرب؟ أم فراعنة أم رومان أم اغريق أم أتراك؟

ولم يتوقف عكاشة عند مجرد طرح الأسئلة ولكنه استمر بعد ذلك في عمليات البحث عن الأصول والجذور المصرية في مسلسلات زيزينيا ثم المصراوية.

أسامة أنور عكاشة طاقة متجددة وفكر مستنير لا تخيفه الالغام أو الصدمات ولا يمكن أن يستسلم أو يرفع الراية البيضاء، تحركه موهبته ووطنيته وعشقه لتراب هذا الوطن، آراؤه قد تختلف معها، ولكنك لا تستطيع إلا أن تحترمها، كما تحترم إبداعات مفجرها.

فهو يعترف أننا لسنا عرباً بالجنس أو بالعرق ولكننا عرب ثقافة.

عكاشة يرفض الحلم المستحيل بانشاء الولايات العربية المتحدة ولكنه يؤمن بأهمية قيام وحدة اقتصادية عربية تشبه إلي حد بعيد الاتحاد الأوروبي الذي عرف النجاح رغم تعدد اللغات والاعراق، عملية المراجعة التي بدأها عكاشة خلال حرب الخليج الثانية عام 1990 حيث تم ضرب فكرة القومية العربية في مقتل بدأت نتائجها تظهر في مسلسلات أرابيسك ثم المصراوية.

وفي الحوار مع «القاهرة» يفجر الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة الكثير من الألغام.

·         قلت: كيف ومتي بدأت فكرة المراجعة التي تمخضت عن ميلاد مسلسل المصراوية؟

ـ فكرة المصراوية بدأت خلال حرب الكويت 1990 بعد أن تم ضرب فكرة القومية العربية فهذه الحرب كانت مأساة بعد أن وقف الاشقاء وجها لوجه، لقد شاهدت مشهداً مأساوياً في أحد الأفلام التسجيلية التي قدمها الأمريكان عن الحرب، ضابط عراقي يركع تحت حذاء جندي مصري ويقبلها، هل جرح مثل هذا يمكن أن يندمل؟

اليوم عندما ننظر حولنا لنري تراجع شعبية مصر في كل الدول العربية هذا ناتج عن أن القومية العربية لعبة سياسية وليست حقيقة، نحن عرب ثقافة.

نتيجة لهذا بدأت في عملية المراجعة، خاصة أنني رأيت أن العرب في خصام دائم وحرب دائمة مع بعضهم، تاريخ العرب كله حروب من أيام البسوس وداحس والغبراء لم يتحد العرب في يوم من الأيام إلا خلال وحدة مصر وسوريا وانتهت بالفشل، أي أن فكرة القومية العربية لم توضع موضع التنفيذ إلا خلال سنوات الوحدة المصرية السورية، إذن لماذا لا نعترف بالحقيقة وهي أننا لسنا عرباً بالجنس أو بالعرق، نحن عرب ثقافة نحن مجموعة من البشر تجمعهم ثقافة واحدة تسمي الثقافة العربية ويكفي هذا، هذه الثقافة يمكن أن تؤدي في المستقبل إلي إنشاء وحدة اقتصادية مثل الاتحاد الأوروبي، نحن مازلنا نحلم بالولايات المتحدة العربية، وهو حلم بعيد المنال، أو مستحيل، لأن النظم الموجودة يستحيل أن تسمح بنظام ديمقراطي أو مدني حديث.

·         وما النتيجة؟

ـ ونتجية لحالة الاحباط التي حدثت في حفر الباطن بدأت عملية المراجعة ففي أرابيسك طرحت عدة أسئلة، هل نحن عرب، أم فراعنة أم رومان، أم إغريق، أم أتراك، وفي النهاية قمت بهدم الفيلا؟

ـ لأن التركيبة لا يمكن أن تنجح لابد أن تهد هذا البنيان وتبني من جديد وبدأت من أرابيسك إلي زيزينيا إلي المصراوية فعملية البحث مستمرة.

الهروب من الرقابة

·         كيف نجحت في الهروب من الرقابة بكل هذه الأفكار المختلفة عن السائد؟

ـ هذه حواديت مختلفة باختلاف التعليمات التي كانت سائدة في كل وقت.

·         مثل؟

ـ  الإرهاب مثلا، في ليالي الحلمية كتبت عن الشباب الذين يتم اجتذابهم وتحويلهم إلي أصوليين ومثالهم توفيق البدري الصغير، بعد أن انتشرت ظاهرة الهجوم علي محلات المجوهرات والمقاهي، فوجئت برفض الرقابة قائلة مصر مافيهاش حاجة اسمها إرهاب، في الجزء الثالث 1989كان ممنوع ذكر الإرهاب وفضلوا يعاكسوني في كل إشارة له وإذا لم أوافق علي ما يريدون حذفه يحذفونه بمعرفتهم دون الرجوع إلي وكانت مجزرة.

بعدها بسنتين بدأ الكلام يشتغل علينا وسخنا ثم جاءوا وقالوا عايزين موضوعات عن الإرهاب يا جماعة.

غياب الفكر

·         هذا يؤكد عدم وجود تخطيط؟

ـ المسألة كانت ماشية كده ومن اعاجيب الرقابة أنها تقول إن التعليمات متغيرة حسب تغير الظروف يعني النهاردة ممكن يكون مسموحاً لك  أن تهاجم رئيس الوزراء بكره يقولك لا، هي ماشية جهجهوني إلا أن ما تنبهت له إلي أن الرقابة سوف تتحول إلي فاترينة متخفية وتوضع فيها الأعمال الممنوعة رقابيا ويقولك جهاز رقابة من العصر الحجري وهذا ما حدث بعد البث المباشر وظهور الفضائيات يراقبوا إيه هايراقب علي روحه.

تسطيح الفكر

عدم وجود الكاتب الملتزم هو السبيل إلي تسطيح الفكر هذا أحد نواتج نزول الدراما إلي سوق جعل كل من يستطيع فك الخط يكتب فهنا عندما لا تكون موهوبا ولا أصيلا ولا مثقفاً ورأسك غير معدة لمخاطبة أبناء بلدك وتكون موجها ومعبراً عن رأيهم تحدث المهزلة، وللأسف هذا ليس من أغراض الرقابة ولو قلنا اتركوا الرقابة لهذه الأشياء، هذا ليس من أغراضها، بالعكس كلما كان العمل تافها كلما وافقت الرقابة.

·         ألا تري ضرورة وجود سقف معين لحماية المجتمع؟

ـ المسألة خاضعة لتطور الذوق العام، علي سور الأزبكية وفي أماكن أخري روايات إباحية ومسفة ولكنها لا تباع، وكذلك في التليفزيون الساقط لا يمكن أن يتكرر، لأن السقوط طعمه مر ماً يحدث أنهم يحاولون مجاراه الذوق التافه الموجود نوعية جديدة من المهمشين والمدمنين، كل هذا خاضع للتغيير اجتماعيا وأنا أراهن علي التغير الاجتماعي.

كل عصر يفرض ذوقه أما التحريم فليس له وجود الآن.

أنظر إلي نصوص الأغاني، حتي الجنس لم يعد من المحرمات، الدين والسياسة فقط.

·         كيف تري المستقبل؟

ـ زهقت من أن أكون متشائما سأكون متفائلاً من باب التغيير مازلت مؤمناً بأن قوة مصر الحقيقية في كوادرها وأن الشعب المصري قادر علي أن يقدم كرامة، كل الدنيا ما ضلمت أراهن علي أن المصريين يغيرون كل ما يريدون تغييره ولا ينتظرون التغيير من السماء، وأعتقد أن قدرتهم علي فعل ذلك كبيرة، وكلما زادت المساوئ والسلبيات كلما يزاد الاحتشاد النفسي عند المصريين وفي لحظة ما لا أعرف متي تجئ ممكن بعد سنة أو بعد عشر سنين وممكن تجدها في أي وقت.

 نحن في فترة الشبهة والريبة بحيث لا تستطيع أن نتأكد من شيء ولا يمكن أن تراهن علي شيء بعينه الآن.

الجمهور مش عايز كده

·         ولكن العملة الجيدة يمكن ان تطرد العملة الرديئة من السوق مما يؤكد أن الجمهور مش عايز كده؟

ـ طبعا الجمهور مش عايز كده، ولكن «الدوي علي  الودان أمر من السحر في الدان» عندما تلح علي آذان الناس بأعمال هابطة لو قدمت عشرين مسلسلاً تأخذ مقابلهم 3 أو أربعة كويسين مش متميزين كمان، تخيل التدمير الذي يحدث لأذواق المتلقين، وهذه مسألة الإعلام الصحفي مسئول عنها لأن الناس قد ترفض عمل ما وتفاجأ بالعديد من المقالات الصحفية تشيد بهذا العمل وقصائد شعر وبرامج تليفزيونية تشيد به هذه جناية حقيقية وأحد أسبابها أنه ليس لدينا معهد علمي لقياس الرأي واستطلاعات الرأي مفبركة.

 سبوبة

·         كاتب يكتب 4 أعمال في السنة بينما محفوظ عبدالرحمن يكتب عملاً كل 5 سنوات؟

ـ هذه سبوبة عايز يلهف قرشين علي قد ما يقدر أعرف مؤلفين يسودوا ورقهم ويقولوله تعالي نصلح يقول لهم أعملوا اللي انتم عايزينه.

 ما اكتبه شرفي الشخصي ولا أقبل أن يدنس هذا الشرف بعمل ردئ.

·         ومن هم الكتاب في رأيك؟

ـ الكبار محفوظ عبدالرحمن ومحسن زايد ووحيد حامد ومحمد عبدالقوي وصفاء عامر ناس كويسة وحتي في الجدد شباب كويس لكن نسبتهم إلي السيء ضئيلة.

الدراما صنعت اسم أسامة أنور عكاشة، ولم يحصل علي حقه كروائي.

ـ لم أظلم وحدي وإذا جنبنا الأستاذ الكبير نجيب محفوظ، نجد معظم كبار الكتاب لم يعرفوا علي المستوي الشعبي إلا من خلال السينما والتليفزيون.

أستاذنا العظيم الراحل نجيب محفوظ كان الناس لغاية أول فيلم قدمه «بداية ونهاية»، يعتقدون أنه الطبيب الكبير نجيب محفوظ باشا الجراح ولم يعرفه الناس حتي عندما كتب السيناريو والحوار للسينما قبل ذلك إلي أن ظهر أول فيلم عن رواياته، توقف الناس عن الخلط بينهما.

وهو اعترف بذلك ساخرا في جلسة من الجلسات التي كانت تجمعنا معه.

·         أين تكمن الأزمة؟

ـ الأزمة، عندنا أزمة تفريغ وكيفية فتح القنوات الموصلة بين الكتاب وبين أجهزة الإنتاج، توجد نماذج شابة جيدة تكتب الآن، ، ولكن البعض اتجه لكتابة السيناريو لأنها أربح، معذورون،  وهذا هو السبب الذي حولني لكتابة السيناريو، وإن كنت أنا بدأت مبكرا، فقد عرفت ديتها مبكرا بعد أن أصدرت مجموعات قصصية ولم يشعر بها أحد، وفي نفس الوقت كتب سليمان فياض سهرة عن إحدي هذه القصص وقام بإعدادها للتليفزيون فوجدت متابعة نقدية وصحفية كبيرة لها في  حين أن المجموعة عندما صدرت لا حس، ولا خبر.

سهرة سببت كل هذا في حين أصدرت أكثر من مجموعة لم يلتفت إليها أحد، فطنت إلي هذا وقلت ولماذا لا أجرب أنا، كانت كلمة سيناريو بالنسبة لي تعني لغزا، وذلك المخرج الذي جاء ليشجعني علي الكتابة للتليفزيون قلت له ولكنني لا أعرف كيف أكتب السيناريو ولم أدرسه، فقال لي دراسة أية تعالي، وقدم لي مجموعة من القصص التي تم تحويلها إلي سهرات وقال لي اقرأ هذه السهرات لتعرف كيف يكتب السيناريو وكان من بينهم سهرة كاتبها محفوظ عبدالرحمن عن قصة إحسان عبدالقدوس «علبة من الصفيح الصدئ»، قرأتها وأعجبت بها جدا ووجدت لذة فيها، وبدأت الكتابة كتجربة انزلقت فيها قدمي ولم أخرج حتي الآن.

·         وماذا كان عملك الأول؟

ـ أول حاجة كانت سباعية اسمها الإنسان والحقيقة أيام الأبيض وأسود.

·         كتبت سيناريو وحوار للآخرين؟

ـ عملت عملاً وحيداً للأستاذ نجيب محفوظ.

حولته إلي مسلسل سينمائي من إنتاج أفلام التليفزيون من إخراج ناجي انجلو وبطولة أحمد زكي وهالة فؤاد وخرجوا منه متزوجين، وكان عنوانه» الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين» وكانت أول وآخر مرة.

·     قدمت نوعاً من الأدب مختلف هو الأدب التليفزيوني قبل ذلك لم يكن موجودا ثم قدمت ملاحم درامية في الشهد والدموع وليالي الحلمية وزيزينيا والمصراوية.

ـ يوجد قصاص لا يستطيع كتابة الرواية، وروائيون أصحاب ملاحم، الأستاذ نجيب محفوظ علي ذكر اسمه الثلاثية ملحمة مثل ملاحم مثلث الرعب الروسي تشيكوف وديستوفيسكي، وتولستوي.

جريدة القاهرة في

01/06/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)