كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

بناهي يتأرجح في «تاكسي» طهراني

بين الروائي والوثائقي

أمل الجمل

مهرجان برلين السينمائي الدولي الخامس والستون

   
 
 
 
 

للوهلة الأولى يبدو فيلم «تاكسي» من توقيع المخرج الإيراني جعفر بناهي، شريطاً وثائقياً. لكن النظرة الفاحصة إلى التفاصيل، إلى زوايا التصوير المتعددة، إلى التنوع والثراء اللذين يغلفان روح الشخصيات، وإلى الصُدف - رغم كونها منسوجة بمهارة - تؤكد أن «تاكسي» إن لم يكن روائياً تماماً فهو على الأقل يتأرجح بحذاقة بين الروائي والوثائقي، وأن صاحبه يحاول أن يغرس في المتلقي الإحساس بوثائقيته بعيونه المفتوحة على اتساعها لتسبر أغوار شرائح متباينة من المجتمع الإيراني في طهران.

هو أحد أفلام الطريق الذي لا تبارح فيه الكاميرا مواقعها، المتبدلة داخل التاكسي لتستقبل الركاب – سواء كانوا حقيقيين أو متفق معهم مسبقاً - وتسجل نقاشاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم مع السائق الذي يلعب دوره جعفر بناهي معتمر قبعة يحاول من خلالها إخفاء ملامحه. ومع ذلك يتعرف عليه أحد الركاب. من داخل التاكسي تبدأ الأحداث، وعلى وقع موسيقى آلة البُزق بأوتارها شديدة الخصوصية ترصد الكاميرا بصبر حركات الناس وعبورهم الشارع بينما ينتظر السائق الإشارة الخضراء كي يعبر ويواصل طريقه. في لقطات أغلبها طويل ممتد زمنياً، يُطلق بناهي العنان لكاميراه الاقتصادية البعيدة عن التعقيدات التقنية والخالية من جماليات التصوير المبهرة، مكتفياً بالحد الأدنى للتعبير عن أحاسيس البشر الذين يدخلون عالمه. في البدء يستوقفه رجل وامرأة، كليهما في سن الشباب، سرعان ما ينخرطان في نقاش حول السرقة وعقوباتها. الشاب يُؤكد بقناعة على ضرورة إعدام اللصوص على الملأ، فلو تم إعدام اثنين منهم أمام أعين الناس سيتعظ الآخرون، بينما المُدرسة الشابة ترفض منطقه متسائلة: لماذا لا نبحث عن أصل المشكلة وجذورها، فالإعدام لن يحل شيئاً، علينا ألا نلقي بكل شيء على تطبيق الشريعة وإلا تحولنا إلى ثاني أعلى دولة في الإعدام بعد الصين. علينا أن نعرف لماذا يمارس الناس السرقة؟ قطعاً للظروف الاقتصادية السيئة. والحقيقة أن هذا النقاش، على جديته واحتدامه ومنطق المرأة الجدلي المستقيم فيه، لا يخلو من طرافة يُفجرها الشاب بسخريته أثناء الحوار.

قرصنة مزدهرة

بعد ذلك يصعد إلى التاكسي رجل سنعرف أنه يُدعى عُمِيِد وعمله توزيع الأقراص المدمجة للأفلام المقرصنة، ورغم أن ما يفعله غير قانوني، لكنها الطريقة الوحيدة لمشاهدة الأفلام الأجنبية في طهران. سيكون عُمِيِد من أكثر الشخصيات إثارة للضحك ضمن «الأحداث» بأدائه التلقائي وإيماءاته الجسدية وتعبيرات وجهه الطفولية التي تمنح المتلقي شعوراً بمصداقية ووثائقية الفيلم، منذ تلك اللحظة التي يتعرف فيها على بناهي مروراً بادعائه الكاذب سراً لأحد زبائنه أنه شريك معه في بيع تلك الأقراص، وصولاً إلى تلك اللحظة التي يقرر فيها بناهي أن يطرده بأدب جم من سيارته رافضاً الحصول على الأجرة معتبراً إياها «دعماً لدوره الثقافي». على العكس من أداء عُميد تأتي شخصيتا الرجل المصاب في حادث طريق وزوجته التي ترافقه، بأداء تمثيلي مبالغ فيه، بحيث يمكن اعتبار مشهدهما من أضعف أجزاء الفيلم رغم أهمية الضوء الذي يلقيه على وضعية المرأة بعد وفاة زوجها. بعدها تصعد امرأتان إلى التاكسي تحملان حوضاً صغيراً فيه سمكة ذهبية، ومن حواراتهما ندرك أنهما غارقتان في عالم الخرافة والجهل. فهما في الطريق إلى عين للمياه تسمى «ربيع علي» لإلقاء تلك السمكة فيها قبل الظهر وإلا ستموتان (!)، وهنا يقرر بناهي بإصرار للمرة الثانية التخلص منهما بحجة إحضار ابنة أخيه من المدرسة.

تعد مشاهد المخرج مع هنا ابنة أخيه إضافة حقيقية للأحداث وللتيمة الرئيسية التي يتمركز من حولها الشريط الفيلمي وهي «السرقة»، إلى جانب أنها تلقي ضوءاً آخر على التوجيهات الإرشادية والرقابية التي يغرسها النظام التربوي في أرواح وعقول الصغار، فمدرّسها طلب منها صناعة فيلم مشترطاً عليها بعض المحاذير مثل عدم اتباع أسلوب «الواقعية القذرة»، وأن ترتدي النساء في الفيلم الزي الشرعي، وألا يرتدي الرجال ربطة العنق، وأن تحمل الشخصيات الطيبة أسماء إيرانية أما الشريرة فلا، مع حظر الحديث عن أية أمور اقتصادية أو سياسية سلبية. لذلك عندما تقوم الطفلة بتصوير الصبي جامع القمامة وهو يلتقط 50 توماناً سقطت سهوا من العريس الشاب، تنادي عليه وتطلب منه بإلحاح إعادة النقود إلى صاحبها لأنه بذلك «يفسد فيلمها ويصمه بالواقعية القذرة»، لكن الصبي يخادعها ولا يتراجع عن سرقته. أما صديق بناهي فيحكي له عن حادث السرقة الذي تعرض له والذي سبب له صدمة نفسية إلى جانب إصاباته بالجروح. ويعبّر عن مخاوفه لأنه تعرف على اللصوص لكنه لم يعترف بهما لأنهما كانا زوجين من جيرانه لم يُرد أن يتم إعدامهما. ثم في نهاية الفيلم يتعرض بناهي نفسه للسرقة وتحطيم سيارته، دون أن ننسى أن بناهي نفسه مارس فعل السرقة مضطراً - بتحقيق هذا الفيلم - بسبب قرار منعه من ممارسة الإخراج، وهو بذلك يثبت أن القانون وحده لا يمنع البشر من التحايل لتحقيق رغباتهم مهما بدا الثمن فادحاً.

من الواضح أن تصوير الفيلم لم يتم بكاميرا واحدة. فإلى جانب كاميرا الموبايل وكاميرا الطفلة هناك على الأقل اثنتان من الكاميرات تتسمان بجودة عالية لأن المخرج لجأ إلى القطع بين اللقطات والتنقل من زواية إلى أخرى معاكسة بارتفاعات متباينة وبإضاءة جيدة لتصوير الشخصيات المنخرطة في الحوار. الأمر الثاني الذي يشكك في وثائقية الفيلم هو الصُدف المتعددة، فعُمِيد يتغيب قليلاً ليتيح الفرصة للزبون أن يتحدث مع بناهي ويسأله عن شراكته مع مروّج الأقراص المدمجة للأفلام المقرصنة. والطفلة تُدعى لتناول شراب في المحل لكي تتيح الفرصة أمام بناهي وصديقه للحكي عن السرقة التي تعرض لها. وإلى هذا، هناك الظهور المفاجئ على قارعة الطريق للمحامية صديقة بناهي والممنوعة من ممارسة مهنتها بسبب مساندتها لشابة تم سجنها والحكم عليها بالإعدام لأنها ضُبطت أثناء توجهها لحضور إحدى المباريات تماماً كما حدث في فيلم بناهي «أوفسايد». ونضيف إلى هذا كله حادث السير المفاجئ وحكاية الزوجين، ثم كسر حوض السمك الزجاجي جراء التوقف المفاجئ للكشف عن معتقدات المرأتين ومخاوفهما، ثم غياب بناهي نفسه لبعض الوقت حتى يتيح الفرصة أمام هنا أن تقيم حوارها مع جامع القمامة.

رغم ما سبق فإن تلك المصادفات لم تقلل من أهمية وجمال الفيلم، فـ «تاكسي» الذي ينافس على الدب الذهبي للبريناله – خصوصاً بعد أن نال مخرجه الدب الفضي من قبل - هو أفضل أفلام بناهي منذ صدر بحقه قرار التوقيف، علماً بأن فيلميه السابقين «هذا ليس فيلماً» و»ستارة مغلقة»، لم ينالا التقدير الدولي إلا لأسباب سياسية بحتة - فقد كان مستواهما الفني أقل من عادي وتعوزهما اللغة السينمائية. في المقابل، تبدو تجربة «تاكسي» أحد أهم أشكال المقاومة الشخصية والفنية ضد قمع السلطات الإيرانية. ورغم ما قد يبدو من بساطة الفيلم الظاهرية لكنه يجمع بين الطرافة وخفة الظل وبين الأهمية الفنية والفكرية.

مفارقة ودهشة

في نهاية الأمر، لدينا هنا مفارقة تثير الدهشة: مخرج تم حبسه لمدة شهرين، وصدر بحقه قرار بحكم المحكمة يمنعه من السفر، ومن التصوير أو ممارسة الإخراج لمدة عشرين عاماً، ومع ذلك يواصل عمله الوحيد الذي يُجيده ويصنع ثلاثة أفلام على أرض وطنه الذي يرفض أن يغادره هرباً، مؤكداً «عليَّ أن أشهد على ما يجري في بلدي». والأفلام الثلاثة عرضت في المهرجانات الدولية الكبرى وتم الاحتفاء بها وآخرها الآن «تاكسي» الذي تم تهريبه من إيران ليحتفي به أهل السينما في العالم. لكن إيران نفسها لم تتخذ ضده إجراءً قانونياً جديداً. جعفر بناهي الممنوع من السفر أيضاً شوهد خارج ايران وفي برلين رغم ما قيل عن منعه من السفر. يمكن المرء أن يتفهم كيف لمبدع أن يغامر ويخاطر بحياته فيواصل الإخراج خصوصاً إذا كانت السينما هي حياته أو كما قال «السينما هي طريقتي في التعبير وسبب وجودي، لا يمكن أن يمنعني أي شيء عن صنع الأفلام». صحيح أن بناهي ليس الأول في ذلك، فقد سبقه مخرجون شباب واصلوا الإخراج وقاموا بتهريب أفلامهم إلى مهرجان البندقية حتى أن أحدها تم استكمال مونتاجه في أروقة البندقية، لكن من غير المفهوم موقف الحكومة الإيرانية التي لم تصدر قراراً بالعفو عن جعفر بناهي كما لم تتخذ إجراءً آخر مضاداً وكأنها لا ترى ولا تسمع. أو ربما هي رسالة سياسية مبطنة عن الحرية تبعث بها إلى العالم.

الحياة اللندنية في

13.02.2015

 
 

غوزمان يلاحق الديكتاتور بحراً والشاشة تلاحق التطرف وقضايا المرأة

برلين - قيس قاسم

لا تكشف دورات المهرجانات الكبيرة عادة عن مستوياتها الإبداعية، إلا في ختامها ومهرجان برلين لا يشذ عن هذه القاعدة. بينها. وفي الانتظار، تفرض المتابعة الصحافية وبعد أيام على افتتاح الدورة الخامسة والستين إيجاد مقاربات موضوعية بناء على ما تم عرضه ضمن أفلام المسابقة وخارجها أو في الأقسام الأخرى.

وهذا العام يمكن تلمّس التوجّه الذي وضعته الدورة لنفسها واضحاً: إنه التدقيق في ظاهرة التطرف الديني ودور الكنيسة ومؤسساتها وخطورة تأثيرها في المجتمعات الناشطة وسطها أو مراجعة أحوال المرأة التي تجد نفسها مجبرة على العيش في ظروف قاهرة أو على خوض تجارب شديدة القسوة، لكن في هذا الصدد ولكثرة ما هو متوافر من أفلام في الدورة تتطابق مع الثيمة العامة، يفرض السؤال التالي نفسه على متابعها: هل كل هذا الكم المتوافر من الأشرطة المعروضة جاء بفضل جهد استثنائي بذله منظموها أم إن موضوع المرأة نفسه مثار في شكل واسع في الحقل الإبداعي السينمائي، كما هي الحال مع الصراعات السياسية والأفلام الكثيرة التي تعكس تمظهراتها؟

الموروث الهندي

ربما يحتاج الأمر إلى مبحث خاص بكل حقل، لكن ما هو متوافر من عروض يعطي فكرة كافية عن خطورة الأوضاع التي تعيشها المرأة في شكل خاص وعلى مستويات متعددة، اقتصادية واجتماعية وسياسية، حيث يأخذ الاضطهاد المسلط ضدها شكله وفق مستوى تطور المجتمعات نفسها. ففي الفيلم الغواتيمالي «بركان أكسكانول» يتداخل الاضطهاد بين مجموعة الموروثات الثقافية الهندية والجشع الرأسمالي عبر حكاية شديدة البساطة أبطالها فلاحون فقراء في إقليم كاكيتشيل المعزول وسط غابات مطرية لا يعرفون في حياتهم سوى الكدح لتأمين خبزهم، العصيّ على التوافر. هنا يعتمد المخرج الشاب يارو بوستامانتي على نقل المناخات الحقيقية لعيش سكان هذة المنطقة اعتماداً على ما نقله له سكانها في ورشة عمل نظمها بنفسه لهم أستمع فيها إلى تجارب بعضهم وسجلها قبل شروعه بالعمل على فيلمه الذي أراده متطابقاً مع الواقع مع فارق أنه وضع حياة الفتاة ماريا (ماريا مرسيدس كوروي) مركزاً له ومن حولها لملم أطراف حكايات جانبية تعكس التناقض الذي تشهده بلدان أميركا الوسطى وتأثيرات ثقافة الولايات المتحدة الأميركية فيها بحيث يصبح حلم الخروج من أعماق الغابات النائية، مطمح كل شاب، إلا ماريا التي أحبت شاباً وحملت منه ولم تعد تفكر في السفر. بحصافة العارف بثقافته يحيل المخرج الصراع ومصدر الفقر إلى عوامله الرأسمالية الوافدة على ثقافة تبجل «الأرض الأم» وتقبل بأي مولود يأتي إليها من المرأة بغض النظر عمن هو والده الأصلي.

لكن المفارقة المخيفة أن مولود ماريا الفقيرة سيكون من نصيب أطباء مستشفى استغل مرضها وجهل أهلها باللغة الإسبانية، الوافدة على القارة، ليأخذوا مولودها منها ويتصرفوا بأعضائه. إنها دراما تتصاعد في خاتمة عمل يحسب للدورة إدراجه في مسابقاتها إلى جوار أسماء سينمائية كبيرة لم تفلح هذة المرة في إقناع الجمهور بمنجزها.

كؤوس غارقة في الفلسفة

من هؤلاء الأميركي اللبناني الأصل تيرينس ماليك الذي أغرق فيلمه «فارس الكؤوس» بأفكار فلسفية سبق أن شغلت مساحات من مجمل شغله السينمائي، لكنه هذة المرة ذهب بعيداً في التشتت والإغراق في المونولوغات الداخلية العصيّة على الفهم على رغم إمساكه البارع بخيوط التقنية لدرجة بدت فيها الأخيرة منفصلة عن وظيفتها التكاملية مع السرد البصري ما أظهر جماليات الصورة وتشكيل المشهد منجزاً مستقلاً عن السياق الكلي لعمل بعيد وبعيد جداً في مستوى عمقه عن واحد من أفلام ماليك السابقة، «الخيط الأحمر الرفيع».

في المقابل لم تثمر محاولة فيرنر هيرتزوغ إعادة قراءته تجربة «ميس بيل» في منطقة الشرق الأوسط عملاً مهماً هو الذي سمّى الفيلم، «ملكة الصحراء». فيرنر لم يمضِ بعيداً في سبر أعماق بطلته القاسية التي شكلت تجربتها فيها كمُغامِرة وسياسية، تجربة نسوية نادرة. أعطى للجوانب العاطفية عندها اهتماماً أكبر من دورها الخطير الذي لعبته في العراق، على سبيل المثال. ولم يتخلص وهو المخرج المجرب وصانع الوثائقيات البارع من الأخطاء المتكررة من جانب غيره من المخرجين حين يتناولون موضوعات وقصصاً تجرى في منطقتنا. فلا اللهجات متقنة عندهم ولا الجغرافيا محددة. وفي حالة «ميس بيل» نجد حتى الكثير من التسميات والتواريخ والحوادث غير مضبوط وغير مدقق مثل التمثيل الذي لم تفلح فيه نيكول كيدمان التي انتهى دورها عملياً عند انتهاء المرحلة العاطفية التي اشتغل عليها هيرتزوغ أكثر من سواها، فجاء عمله دون مستوى أفلامه السابقة بكثير، مع أن فرصته كانت كبيرة في صنع فيلم مهم انتبه في مقدمته إلى علاقة المخطط الاستعماري البريطاني للمنطقة بما يجري اليوم فيها من صراعات وصعود للقوى المتطرفة التي تتعكز على مخلفات اتفاقية سايكس - بيكو الكارثية.

من يريد الليل؟

في السياق نفسه يأتي فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل» للمخرجة الإسبانية إيزابيل كوشيت، والذي لم يرتقِ إلى مستوى أفلام من الدرجة المتوسطة لكنه يصب في خانة الأفلام التي تصور الأهوال التي مرت بها جوزفين بيري وهي تبحث عن زوجها الضائع في القطب ووصولها إلى غرينلاند المتجمدة لتسجل لنفسها ولبنات جنسها منجزاً تاريخياً مهماً. وعلى الدرجة ذاتها يمكن توصيف فيلم «يوميات خادمة منزل» لبنوا جاكو في نسخته الرابعة بعد الأخوين داردِين وجان رونوار ولويس بونويل. هنا أمام تواضع مستوى الفيلم يتساءل المرء عن جدوى إدراج أفلام ضعيفة أو حتى متوسطة المستوى في المسابقة أو خارجها من أجل فقط إعطاء الثيمة النسوية حقها حتى لو جاء ذلك على حساب مستوى الدورة. وهل في هذه الحالة ينبغي من الناحية التنظيمية إعطاء الأولية لعدد الأفلام أم لنوعيتها في مهرجان نوعي بامتياز؟ مطب ستخفف السياسة من شدته حين يأتي جعفر بناهي بـ «تاكسي» ركابه من سكان طهران التي يقيم فيها إجبارياً وتحرم السلطات عليه الشغل فيها في الحقل الذي لا يعرف سواه حتى لو صار سائقاً (لعب هو نفسه دور السائق في الفيلم) - راجع مكاناً آخر عن الفيلم نفسه في هذه الصفحة - والحقيقة أن هذا الفيلم سيكون موضوعاً لنقاشات ووقفات طويلة كما حال فيلم المخرج التشيلي الكبير باتريسيو غوزمان «زر اللؤلوءة» الذي يلاحق فيه جرائم «بينوشيت» في البحر هذه المرة بعد أن فضحها في صحارى أتيكاما في فيلمه الأسبق «حنين إلى الضوء» وفيه ربط بين الفلسفة وعلم الفلك وبين الصحارى القاسية والأمهات الباحثات عن بقايا جثث أبنائهن، والتي أراد الديكتاتور طمرها وطمر كل أثر لجرائمه لكنه لم يحسب أن التاريخ والنجوم والأفلاك ستجتمع كلها لكشف المخفي. أما هذه المرة فيعود غوزمان إلى أعماق المياه لينقب عن جثث السياسيين التي رمتها طائرات الجنرال إلى أعماق البحر.

من الماء ومعناه في التاريخ البشري وارتباطه بالميثولوجيا والعلوم الطبيعة ينطلق غوزمان ليصل إلى الضحايا ويسجل موقفاً مسؤولاً في عمل تسبق قوته الأخلاقية والسياسية قوته الجمالية التي أبهرت الجمهور والنقاد ودفعت كبريات المجلات المختصة إلى منحه أعلى التقويمات حتى الآن. مهما يكن من أمر، حتى لا نستعجل على النتائج كما قلنا، فعلينا التريث قليلاً ومشاهدة ما تبقى من أفلام دورة من الواضح أنها ما زالت تخبئ الكثير قبل اختتامها بإعلان النتائج بعد أيام.

الحياة اللندنية في

13.02.2015

 
 

عنف وسادية وعشق مجنون

طارق الشناوي

نعم الفيلم انتهى بإجابة مفتوحة، ولكن لو دققت التأمل لاكتشفت أنها تفتح القوس ولا تغلقه، تجعل الباب مواربا فهى ليست نهاية، ولكنها تبدو بداية أخرى.

الرسالة التى وصلتنى هى أنه برغم كل شىء سوف يعود العاشقان مجددا، وأن التمرد كان فقط لحظيا، ولكن الحب يتغلب حتى على تلك العوائق النفسية، أتحدث عن الفيلم المفاجأة الذى قدمه مهرجان برلين لضيوفه احتفالا بعيد الحب، وعرضه على هامش المهرجان فى تلك الدورة خمسين ظلا لجراى ، الظلال كما أراها هى الجوانب المسكوت عنها فى شخصية البطل جراى ، هناك دائما تفاصيل غير معلنة لكل إنسان مهما كانت الملامح الخارجية تقول شيئا آخر.

الشاب الوسيم الثرى، ولكن هناك فى العمق شىء غامض فى تكوينه النفسى يحيله إلى العنف المفرط، ورغم ذلك فإن هذا الاكتشاف لم ينف عنه أبدا رومانسيته المفرطة أيضا، فهو فيلم عن الحب مهما كانت المعالجة تحمل قسوة.

لو ألقيت نظرة على كل الأفلام التى قدمها العالم عبر التاريخ من المؤكد سوف تكتشف أن ما يجمعها فى النهاية أنها تنطوى على قصة حب كامنة، ولكن يظل أن هناك أفلاما ينطبق عليها تعبير رومانسية، أى أنك تضعها فقط فى هذا الإطار فهى التيمة الأشهر عبر التاريخ.

دائما هناك المثالية والتحليق العاطفى فى التعبير عن مشاعر الحب، وأغلبها تتعثر قبل الوصول إلى شاطئ الأمان، ليظل هناك خيط رفيع يمنحها حياة مع الزمن من خلال سؤال يتردد: ماذا لو نجحت تلك العلاقة وتغلبت على كل الصعاب وقفزت فوق كل الحواجز هل كان الحب بعدها سيستمر؟ والتعبير عن الحب أنماط وأشكال متعددة، ولا تتوقف المسيرة السينمائية عن إيجاد دائما المختلف، الذى ينطوى أيضا على مفاجأة، هناك دائما للخيال مناطق أشبه بالقفزات، تنطلق إلى مناطق أبعد، قافزة فوق تلك الحكايات الصادمة ليتطلع إلى آفاق أرحب وأبعد فى العمل الفنى، حتى ولو كان هذا فى جانب منه يرفضه الإحساس الجمعى لبعض الثقافات، وهكذا مثلا من الممكن أن تجد قصص حب دافئة تجمع بين مصاصى الدماء، فهم يتبادلون العشق والهيام، كل شىء ممكن، وبرغم مثلا أن الشباب فى العادة يمثلون المرحلة العمرية الأكثر تعبيرا عن الحب، ولكنك يمكن أن تعثر على تنويعات أخرى كثيرة، هى الأفلام التى تناولت الحب، وقبلها بالطبع الأشعار والروايات، ومع تعدد تلك الأنماط يبدأ خيال السينمائيين فى البحث عن معادلات عاطفية أخرى غير تقليدية، تحاول أن تُمسك بخيط لإثارة نهم الجمهور، أو أن يذهب إلى منطقة غير مأهولة سينمائيا، وهو ما يفتح الباب أمام السينمائيين للدخول أكثر إلى تعقيدات النفس البشرية.

مثلا الفيلم النمساوى الشهير حب لميشيل هانكة، وهو المخرج الذى صار عنوانا بارزا للسينما النمساوية والحاصل على عشرات من الجوائز، منها سعفة كان و الأوسكار قبل نحو ثلاث سنوات لأفضل فيلم أجنبى، وحقق الفيلم إيرادات ضخمة عند عرضه فى العالم، ولكن مع الأسف عند عرضه فى مصر كعادة الأفلام غير الأمريكية لم يلق حظا جماهيريا، رغم أنه فى الحقيقة يستحقه، ولكن هذه قصة أخرى، قدم لنا الفيلم قصة حب عابرة للزمن، لأننا وجدنا الحبيبين فى الثمانين من عمرهما، والزوج يساعد زوجته على القتل الرحيم قبل أن يلحق بها، وصلتنا بقوة تلك المشاعر، ولا ينجح العمل الفنى فقط كشريط مرئى، بل أحيانا تصبح من فرط النجاح موسيقاه تحمل دلالة خاصة مثل فيلم قصة حب ، الذى شهد نجاحا أسطوريا فى السبعينيات من القرن الماضى انعكس على موسيقاه التصويرية، التى لا تزال هى الأكثر دلالة فى العالم كله على الحب، فهى موسيقى عابرة للتاريخ وللجغرافيا، صارت تستدعى على الفور حكاية الحب، فيلم تيتانيك تجرى أحداثه الواقعية عام 1912، ولكن المخرج جيمس كاميرون أطل من الزمن الحالى من خلال امرأة عجوز، لنكتشف أنها كانت فى شبابها كيت ونسليت ، ومات حبيبها ليوناردو دى كابريو وهى تستعيد حكايته، يريد الفيلم أن يقول وقتها مر 80 عاما على الحادث، ولا تزال المرأة التى أحبت تعيش على الذكرى.

لكن مهرجان برلين قرر أن تكون إطلالته مختلفة فى هذه الدورة، التى تحمل رقم 65، وأن يُقدم أيضا لرواده مفاجأة لفيلم انتظره عشاق الفن السابع فى العالم كله، ليعرض فى عيد الحب 14 فبراير، ولكنهم دفعوا به قبلها بثلاثة أيام داخل دار العرض على سبيل الاستثناء، ليصبح هو هدية عيد الحب لعشاق مهرجان برلين.

الفيلم الذى تنتظره الآلاف من دور العرض فى أوروبا وأمريكا خلال ساعات، هو الحدث الذى قرر المهرجان أن يداعب من خلاله جمهوره، وهكذا تدافع الصحفيون فى العرض الخاص لفيلم 50 ظلا لجراى ، وأمام العدد الضخم الذى امتلأت به صالة السينما قبلها بساعة، قررت إدارة المهرجان أن تمنح الصحافة فرصة أخرى فى موعد مسائى، الفيلم مأخوذ عن رواية حققت ملايين من المبيعات للكاتبة أى ال جيمس ، وهى رواية جريئة بنفس العنوان تتناول علاقة حب بين شاب سادى يبحث عن فتاة مازوخية، وعلى الجانب الآخر تجد متعتها فى تلقى العذاب ممن تحب، ويبدو فى عدد من المشاهد كأنه يدربها لكى تدخل إلى هذا العالم.

والمازوخية هو المرض العكسى للسادية، الفيلم بطولة داكوتا جنسون وجيمى دورمان وإخراج سام تليور جونسون، الفيلم يترك الباب مواربا بعد أن تتحمل ضربات فى المشهد الأخير، عندما يستعطف البطلة وترفض ولكنه يناديها: إنستاسيا ، فترد عليه: كريستيان ، وكأنها العودة رغم كل الظلال التى رأيناها فى الفيلم. بالطبع الفيلم يعرض رسميا ولكن خارج المسابقة، وكم شاهدنا فى المهرجانات أفلاما تتعرض لهذا الجانب المسكوت عنه، مثلا قبل عامين عرض مهرجان كان فيلم فينوس فى الفراء للمخرج رومان بولانسكى، بينما حصل عليها الفيلم الفرنسى الأزرق الأكثر دفئا للمخرج التونسى كشيش، والغريب أنه كان يتناول العلاقات السحاقية.

***

ويأتى من رومانيا داخل المسابقة الرسمية فيلم عفارم ، الذى يتناول قصة تجرى أحداثها عام 1835 فى مطاردة الغجر للمخرج رادوجودى، حيث التصوير والأجواء بالأبيض والأسود والموسيقى الساحرة، التى تأخذ من الفولكلور الذى يمزج الشجن بالمرح، وينتهى الفيلم الذى ينتقد تاريخيا موقف رومانيا من المختلفين معها عرقيا مثل الغجر، وكيف أن قائد الشرطة فى نهاية الأمر ينفذ العقاب القاسى على الغجرى باغتيال رجولته ونزع خصيتيه بوحشية، ويطلب من زوجة الغجرى وبدم بارد فى نهاية الأمر أن تبحث لها عن زوج آخر، الفيلم سيمفونية إبداعية من الطراز الرفيع، حيث إن الصحراء تلعب دورها وتبدو رمالها كأنها تعزف لحنا شجيا وسط هذه الصحراء الممتدة، إنها رحلة صوت وصورة وإحساس وغدا نُكمل تفاصيل الصورة من برلين، الذى تعلن جوائزه مساء الغد!!

التحرير المصرية في

13.02.2015

 
 

'ملكة الصحراء' نيكول كيدمان تطيح بمثالية لورنس العرب

العرب/ أمير العمري

المخرج الألماني فيرنر هرتزوغ يتخلى عن تمرده في فيلمه الجديد، ويتعمد الإطاحة بصورة لورنس العرب وجعله شخصية هزلية.

رغم السحر الكامن والظاهر، في فيلم “ملكة الصحراء” الذي تجسد فيه نيكول كيدمان ببراعة وسحر خاص، دور الرحالة والمستكشفة الأنكليزية، جيرترود بيل، وهي سيدة تتمتع بالجمال والثقة والشموخ، وما يتضمنه الفيلم من مناظر طبيعية شديدة الجاذبية، تكاد تقترب مما يتمتع به الفيلم الكلاسيكي الشهير “لورنس العرب” من جمال، إلاّ أن عشاق سينما المخرج الألماني المتمرد، فيرنر هرتزوغ، سيشعرون بنوع من خيبة الأمل، بل وربما بالإحباط أيضا.

فيرنر هرتزوغ في فيلم “ملكة الصحراء” يقترب كثيرا من تحقيق فيلم تقليدي من تلك الأفلام التي ترحب هوليوود بإنفاق الكثير من المال على إنتاجها، فيلم يتمتع بنجمة من الدرجة الأولى “كيدمان”، ونجم يقال إنه من الكبار الآن “جيمس فرانكو” إلاّ أنه يبتعد عما كان متوقعا منه وظل دائما محل التوقعات، منذ أن بدأ الإخراج السينمائي في سبعينات القرن الماضي.

كما يبتعد هرتزوغ أيضا عن المزاج السينمائي الذي ميز أفلامه القديمة، التي جعلت منه مخرجا متميزا يقدم على المغامرات السينمائية المستحيلة، يرفع سفينة حقيقية فوق جبال الأنديز في البيرو، ويريد أن يقيم “أوبرا” في الأمازون بواسطة بطله المتطرف كلاوس كينسكي في “فيتزكارالدو”، و يخوض مع كينسكي أيضا، مغامرة البحث عن مدينة الذهب “ألدورادو” بعد أن يتمرد على قائده، ويسيطر على بعثة المستكشفين الاستعماريين في غابات الأمازون، ليصل إلى حالـة الجنون المطلق في “أغيرا غضب الرب”.

أو وهو يصوّر كلاوس كينسكي مجددا في دور تاجر العبيد الشرس القادم من ماض إجرامي في البرازيل إلى أفريقيا الغربية، في مهمة مستحيلة ستكثف نزعة الشر الكامنة فيه في “كوبرا فيردي”.

أخرج هرتزوغ معظم أفلامه خارج ألمانيا؛ في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، والآن جاء دور العالم العربي، وتحديدا الصحراء العربية، بعد أن أتيحت الفرصة أمامه لإخراج فيلمه الهوليوودي الكبير “ملكة الصحراء” آملا، بالطبع، في أن يجسد على الشاشة شخصية تضارع شخصية لورنس، في رومانسيتها ووقوعها السحري في حب الصحراء العربية والبدو، وتلك النزعة المتدفقة التي لا يوقفها شيء، نحو المغامرة والاكتشاف وطرق الدروب المستحيلة في مناطق لم يسبق لأيّ شخص من العالم الغربي، المرور بها بعد.

هرتزوغ يبتعد عن المزاج السينمائي الذي ميز أفلامه القديمة، التي جعلت منه مخرجا متميزا يقدم على المغامرات السينمائية المستحيلة

جيرترود (1868 /1926) من أوائل الفتيات اللاتي درسن في أوكسفورد، ولكنها لم تجنح إلى اختيار المهنة السهلة، بل أرادت أن تخرج مبكرا إلى العالم، مبتعدة عن البيئة الأنكليزية الفيكتورية المنغلقة.

والدها الذي يتمتع بالنفوذ السياسي، يدبّر لها الالتحاق بالبعثة الدبلوماسية في طهران، في عزّ أمجاد الإمبراطورية “التي لا تغرب عنها الشمس”، أي وقتما كانت القنصليات البريطانية في العالم الخارجي، قصورا فارهة مليئة بما يشبه أعاجيب ألف ليلة وليلة.

ومن اللحظة الأولى تصبح جيرترود هدفا للرجال، أو بالأحرى، محور إغواء بالوقوع في الحب، يقع في غرامها سكرتير في السفارة يدعى هنري غادوغان (يقوم بالدور بشكل نمطي الممثل الأميركي جيمس فرانكو في واحد من أسوإ اختيارات هرتزوغ هنا).

وتدريجيا تجد هي نفسها تبادله الحب، دون أن يرى المشاهد في أي وقت يحدث ذلك، ليس خلال هذه العلاقة فقط بل طوال الفيلم، أي رؤية مشهد من مشاهد تبادل الحب الصريحة التي أصبحت مألوفة في سينما اليوم، بل ولا حتى قبلة حميمية بين العاشقين، فهرتزوغ يبدو حريصا على إحاطة فيلمه بأجواء من التحفظ، التي ربما كانت تناسب العصر الذي تدور فيه الأحداث، أي قبل عقود من اندلاع “الثورة الجنسية”، وربما أيضا رغبة في المحافظة على الطابع الرومانسي البريء لفيلمه.

الاتفاق على الزواج بين الحبيبين لا يتحقق، فوالد جيرترود يرفض بشدة الموافقة على ارتباط ابنته بهذا الشخص الذي يجد أن مستقبله “غامض”، والموت -أي موت الحبيب المفاجئ- يتكفل بالباقي، أي بضمان الفراق الأبدي بينهما.

في المقابل جيرترود التي سترحل إلى المشرق العربي زمن الصراع بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية العثمانية، التي كانت تشهد أيامها الأخيرة قبيل الحرب العالمية الأولى، ستقع مجددا في حب رجل آخر، متزوج هذه المرة، هو الملحق العسكري البريطاني في عمّان، لكن قصة حبهما لن تكتمل أيضا بعد أن يفضل الضابط البريطاني الاستجابة لنداء الواجب على نداء القلب، لتواصل جيرترود مسيرتها في صحبة مجموعة من رجال البدو العرب المخلصين.

مشكلة فيلم "ملكة الصحراء" الأساسية تكمن في السيناريو الذي يبدو وكأنه مكتوب على شكل حلقات تلفزيونية، أي قصص مختلفة، تفتقد إلى الترابط الدرامي فيما بينها

ثم تلتقي مرتين أو أكثر بشيوخ العرب وتقبل ضيافتهم، ولو تحت تهديد السلاح في البداية، وفي كل مرة، تتمكن هي بقوة شخصيتها وثقتها في نفسها وجمالها، من هزيمة أيّة أطماع ذكورية، أو حتى مجرّد القبول بدور المرأة الضعيفة مهيضة الجناح التي تحتاج إلى الحماية.

تلتقي جيرترود ضابط المخابرات البريطانية الشهير “تي. إي. لورنس” أكثر من مرة في الفيلم، ولكن تجسيد شخصية لورنس هنا يبدو هزليا تماما، أي على العكس من الصورة التي يعرفها جمهور السينما في العالم، كما أداها بيتر أوتول في تحفة ديفيد لين الخالدة “لورنس العرب” قبل أكثر من خمسين عاما.

في سياق مغاير يبدو أن هرتزوغ يتعمّد هنا الإطاحة بصورة لورنس كرجل يتمتع بالقوة والذكاء والحلم، فهو يجعل منه شخصية واقعية تبدي من الهزل أكثر مما تبدي من التحفظ والحذر، وفي اللقاء الثاني معها يقول لها معابثا «جيرترود، لا تتزوجيني من فضلك». وكأنه يردّ على توقعات المشاهدين الذين سبقت لهم رؤية رجلين يعرضان عليها الزواج. كما أن لورنس يبدو في الفيلم متسقا تماما مع رغبة رؤسائه، موجها النصح إلى تشرشل في زيارته إلى القاهرة التي تتجسد أيضا في مشهد “هزلي”، وهو يحاول امتطاء ظهر جمل لالتقاط صورة تذكارية على خلفية الأهرامات وأبي الهول، وسقوطه متعثرا من فوق ظهر الجمل، وهي مشاهد صوّرت مثل كل مشاهد الفيلم بديكورات رديئة التنفيذ، في صحراء المغرب.

الفكرة الأساسية في فيلم “ملكة الصحراء” هي تجسيد قوة تلك المرأة الأسطورية التي فاقت الرجال، الأمر الذي أدّى إلى تفريغ الفيلم من أيّة فرصة للاهتمام بالإطار التاريخي السياسي الذي تدور فيه الأحداث. كما بدا أن ولع جيرترود بالبدو العرب لا ينعكس، بقدر مماثل، في الإيمان بحق العرب في الحصول على استقلالهم بعد الحرب الأولى، بل إنها تجيب عن سؤال بشأن سبب حبها للبدو فتقول: إن أكثر ما يشدّها إليهم “حريتهم”. في إشارة إلى حياتهم المفتوحة في الصحراء الواسعة. ولكن هل هم أحرار فعلا؟

تكمن مشكلة فيلم “ملكة الصحراء” الأساسية في السيناريو الذي يبدو وكأنه مكتوب على شكل حلقات تلفزيونية، أي قصص مختلفة، تفتقد إلى الترابط الدرامي فيما بينها، كما يفتقد الفيلم عموما التصاعد المطلوب في أيّ حبكة درامية يمكنها أن تجذب المشاهدين، خاصة وأننا إزاء فيلم “تقليدي” في بنائه وموضوعه وشخصياته، وليس أحد الأفلام الطليعية المغامرة التي عرف بها هرتزوغ في الماضي.

نيكول كيدمان تقدّم دورا ممتازا من كل النواحي، من خلال دور جيرترود، متمكنة من أداء الحوار كسيّدة أرستقراطية أنكليزية (كانت ميريل ستريب ستقوم بالدور ببراعة، لو كانت أصغر بنحو ثلاثين سنة).

وكذلك نطقها للعبارات العربية التي استخدمتها في الفيلم، وهي تبدو بلا شك أصغر كثيرا من سنها الحقيقي (47 سنة)، فهي تتمتع في هذا الفيلم بوجه جذاب وعينين ساحرتين كما عرفت دائما.

ويبرع مدير التصوير النمساوي بيتر زيتلنغر، الذي يعتمد عليه هرتزوغ في تصوير أفلامه منذ فيلمه “موت لخمسة أصوات” (1995) في تصوير مشاهد الصحراء، بأقرب محاكاة لأسلوب تصوير فريدي يونغ في “لورنس العرب” بتكويناته الجمالية المميزة، وأسلوبه المتناغم مع طبيعة كل مشهد، متنقلا ببراعة ودقة من النهار إلى الليل، ومن الداخل إلى الخارج، مع مزيج من الموسيقى العربية والكلاسيكية التي كتبها كلاوس بادلت.

برلين السينمائي يحتفي بفيلم فيندرز

مهرجان برلين السينمائي يكرم المخرج فيم فيندرز من خلال عرض فيلمه 'كل شيء سيكون على ما يرام' الذي يقوم ببطولته جيمس فرانكو.

العرب/ برلين - قدم مهرجان برلين السينمائي في دورته 65 والتي تمتد من 5 إلى 15 فبراير الجاري، العرض الأول على مستوى العالم لفيلم “كل شيء سيكون على ما يرام”، للمخرج الألماني، فيم فيندرز، والذي تدور أحداثه حول التأثير الهدام عبر السنوات لحوادث السير على مجموعة من الشخصيات.

والفيلم الذي يقوم ببطولته جيمس فرانكو وشارلوت جينسبورج ورايتشل ماك آدامز، تم عرضه خارج نطاق مسابقة المهرجان، وهو الأمر الذي سيستبعده من الحصول على أسمى جوائز المهرجان.

هذا ويكرم المهرجان فيندرز الذي سيمنح جائزة “الدب الذهبي” الشرفية تقديرا لتاريخه الفني. وقال ديتر كوسليك مدير المهرجان “لقد طبع عمله بكل جوانبه، كمخرج ومصور وكاتب ذاكرتنا السينمائية، ولا يزال مصدر إلهام للمخرجين”.

وفيندرز مخرج ألماني، من مواليد عام 1945، نشأ في دوسلدورف بألمانيا، بدأ دراسته بالجامعة في الأساس، لكي يصبح فيزيائيا قبل أن يُحوّل مجال دراسته إلى الفلسفة، ثم سافر إلى باريس ليصبح رساما بعد أن أنهى دراسته عام 1965، في باريس، تمكنت منه السينما ووقع في حبها، ولكنه لم يتمكن من الحصول على موافقة بالقبول في مدرسة السينما الدولية الفرنسية.

صنع أول فيلم روائي طويل له في عام 1970 باسم “صيف في المدينة”، وأصبح جزءا من الموجة الجديدة بألمانيا والتي كانت تضمّ معه مخرجين كبار مثل فرنر هرتزوغ وراينر فاسبيندر.

أعطاه فرانسيس فورد كوبولا، الفرصة لكي يُخرج أفلامه من أميركا، وأخرج هناك “هاميت” عام 1982 ثم “باريس، تكساس” عام 1984، والذي فاز من خلاله بالسعفة الذهبية في كان وجائزة أحسن مخرج في البافتا.

العرب اللندنية في

13.02.2015

 
 

أفلام ألمانية وإيطالية في سابع أيام مهرجان برلين السينمائي

24 ـ برلين ـ محمد هاشم عبد السلام

في إطار اليوم السابع من فعاليات مهرجان برلين السينمائي الخامس والستين، عرض اليوم فيلمان من ألمانيا وإيطاليا. كان الأول بعنوان "إلزير، 13 دقيقة" للمخرج الألماني أوليفر هيرشبيجل، والثاني بعنوان "قسم العذرية" للمخرجة الإيطالية "لورا بيسبيوري". كما عرض في إطار فعاليات العروض الخاصة للبرلينالة، خارج المسابقة الرسمية، فيلم ألماني للمخرجة القديرة مارجريتا فون تروتا بعنوان "عالم في غير مكانه".

إلزير، 13 دقيقة

هو الفيلم الرابع عشر في مسيرة المخرج السينمائي الألماني أوليفر هيرشبيجل، سبعة وخمسين عامًا، وكتب له السيناريو الأخوان أوليفر وفريد برينرسدورفر، وقد امتد زمن الفيلم لما يقترب من الساعتين. والفيلم تليفزيوني عادي محكم البناء، يسرد سيرة حياة تستند إلى وقائع حقيقية حدثت بالفعل، ومن المؤكد أنه لن يترشح لأي جائزة من جوائز المسابقة الرسمية.

ويرجع عنوان الفيلم "إلزير، 13 دقيقة"، إلى الفترة الزمنية التي كانت سوف تفصل بين إمكانية تغيير النجار "جورج إلزير" (كريستيان فريديل) لمجرى التاريخ برمته، حيث كان أدولف هتلر قد غادر القاعة التي وضع بها جورج إلزير قنبلته قبل ثلاثة عشر دقيقة فقط من انفجارها.

يروي الفيلم واقعة تاريخية شهيرة حدثت في الثامن من نوفمبر عام 1939، في مدينة ميونيخ الألمانية، عندما كان أدولف هتلر يلقي إحدى المحاضرات بقاعة من القاعة الضخمة هناك في مؤتمر من مؤتمرات الحزب النازي، وكان جورج إلزير قد صمم قنبلة موقوتة، وقام بوضعها في القبو، كي تنفجر أثناء إلقاء هتلر لخطبته، لكن شاءت الأقدار أن ينصرف هتلر مبكرًا ربع ساعة عن موعده المحدد، أو بالتحديد ثلاثة عشر دقيقية، فتنفجر القنبلة بالفعل بعد انصرافه وينجو من الاغتيال.

والفيلم الذي، يرجع بنا على فترات إلى حياة جورج في فترة شبابه، ثم إلى مرحلة التحقيقات معه بعد القبض عليه، يبين لنا أن جورج لم يكن منضمًا إلى تنظيم من التنظيمات السرية أو اليسارية أو غيرها، وأن ما اقترفه كان بوازع شخصي نابع منه شخصيًا، وليس بإيحاء من أحد، وكيف أنه طوال حياته كان بعيدًا تمامًا عن الانخراط في السياسة أو الأحزاب أو المقاومة، ويمارس العزف بإحدى الفرق الموسيقية أو أعمال النجارة، ويرغب في الزواج من محبوبته إيلزا وتكوين أسرة.

قسم العذرية

فيلم "قسم العذرية" للمخرجة الإيطالية لورا بيسبيوري، هو ثاني أفلامها. ولوا في الثامن والثلاثين من عمرها، وكتبت فيلمها بالاشتراك مع كاتبة السيناريو فرانشيسكا مانيري. وقد امتد زمن الفيلم، المقتبس عن رواية من تأليف "إلفيرا دونز"، لساعة ونصف الساعة.

قسم العذرية فيلم نسائي بامتياز، يتناول موضوع بطلته التي تدعى "مارك / هانا" (ألبا رورفاخر). ومنذ بداية الفيلم وحتى قبيل منتصفه تقريبًا وينتابك الحيرة في تحديد شخصية مارك / هانا غير الواضحة المعالم من حيث الجنس، سواء كانت ذكرًا أم أنثى. فقصة شعرها وملابسها وتقاسيم وجهها الحاد، وحتى اسمها الذكوري، مارك، توحي بأنها ليست امرأة بالمرة.

ومع تطور الأحداث، وتفتح القصة، نجدها بعد فترة تترك قريتها الجبلية بألبانيا التي ولدت وعاشت فيها، وتذهاب إلى شقيقتها، التي فرت وهي شابة مع حبيبها وتزوجت وأنجبت بمدينة ميلانو الإيطالية، وانخراطت في حياة المجتمع هناك.

ومع عودة الفيلم بين الحين والآخر لماضي مارك، ندرك أن مارك هذا، ما هو إلا فتاة عاشت بمحض إرادتها ومنذ نعومة أظافرها حياة الرجال، حيث الرعي وتعلم القنص وحمل البندقية، وارتداء ملابس الرجال، ومن ثم، لم يجد والدها مفرًا من تعميدها أو جعلها تقسم قسمًا غريبًا، بعد قص شعرها، بأن تنذر نفسها كلية للعذرية وتسلك مسلك الرجال في كل شيء.

مع انتقالها لحياة المدينة ترغب هانا في استعادة ما فاتها من حياة حرمت منها كأنثى، فتحاول تدريجيًا العيش على الفطرة التي جبلت عليها، بعدما لم تعد تستطع تحمل حياتها الذكورية أكثر من هذا.

عالم في غير مكانه

في إطار ما يطلق عليه "العروض الخاص للبرلينالة"، عرض اليوم للمخرجة وكاتبة السيناريو الألمانية القديرة ماجريتا فون تروتا، أكثر من خمسة عشر فيلمًا على امتداد مسيرتها المهنية، حيث ولدت في عام 1942، فيلم بعنوان "عالم في غير مكانه".

والفيلم الذي يمتد لأكثر من ساعة ونصف الساعة، يتناول على نحو سردي بسيط، يتنقل بين الماضي والحاضر، قصة حياة شقيقان أحبا نفس الفتاة، وأنجبت من كليهما دون علمهما بذلك.

وتحاول ابنة الأول إيفيلين (كاتيا رايمن)، بواعز من والدها، إماطة اللثام عن ذلك السر الذي ظل مخفيًا لعقود طويلة وذلك بسفرها من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لمقابلة مغنية الأوبرا الشهيرة كاترينا فابياني (باربرا سوكوفا)، واستجلاء الحقيقة منه، تلك التي نعرفها في النهاية مع ختام أحداث الفيلم، الذي جاء دون شك مخيبًا للآمال الكبيرة التي عقدت على تلك المخرجة العظيمة في أن تبدع ما هو مغاير ومفارق للمعتاد والمألوف.

موقع "24" الإماراتي في

13.02.2015

 
 

«الحب والسرقة ومشاكل أخرى»..

واقع فلسطين بـ«الأبيض والأسود» في برلين (صور)

كتب: أحمد الجزار

عرض في قسم البانورما بمهرجان برلين السينمائي والذي تجري فعالياته الآن الفيلم الفلسطيني «الحب والسرقة ومشاكل أخري»، وذلك في عرضه العالمي الأول إخراج مؤيد العليان في أول تجربة روائية طويلة له، وقد قرر المخرج منذ بداية الفيلم أن يدخل المشاهد معه في تراجيديا خاصة بعد أن قرر ان يقدم فيلمه بالأبيض والأسود وكأنه يقول في رسالة غير معلنة سأقدم لكم فلسطيين الحقيقة دون تجميل أو ألوان أصل الواقع الفلسطيني الذي نعيشه والماساة الحقيقية بعيدا عن الأفلام التقليدية التي قدمت عن فلطسين ورغم تراجيدية الحالة والحدث إلا أنه قدم فيلمه في إطار كوميدي كنوع من الكوميديا السوداء المغلفة بجريمة قتل وخيانة وفساد أخلاقي وسياسي.

يبدأ الفيلم في إحدى المستوطنات الإسرائيلية من خلال «موسي» الذي حصل على تصريح من السلطات الإسرائيلية ليعمل مع والده في البناء ولكن حلمه بالخروج من البلاد وسعيه وراء الهجرة لم يتحققا إلا بطرق أخرى فيضطر موسي أن يترك والده ويدخل في إحدى الشوارع الجانبية ويقوم بسرقة سيارة ويستطيع أن يخرج بها إلى الأراضي الفلسطينية ثم يضعها في مكان بعيد عن الأنظار حتي يستطيع تفكيكها وبيعها.

وفي لقطة أخرى، نرى موسي وهو يتلصص على إحدى الفيلات ثم يقفز اليها بعد أن خرج صاحبها ونكتشف أن حبيبته متزوجة من صاحب الفيلا، وقد قررا الطرفان أن يمارسان حبهما الحرام لحين العثور عن مخرج مناسب ينتشلهما مما هما فيه، وهنا ركز الفيلم على صعوبة الحياة حيث يضطر الحبيبان أن يفترقا بسبب المال حيث تتزوج الفتاة من شاب لا تحبه من أجل حياة مريحة وكريمة.

ولكن تأتي المفاجئة عندما نكتشف أن الكتائب الفلسطينية تبحث بنفسها عن سارق السيارة الإسرائيلية لأن تحتوي على رهينة يعمل في الجيش الإسرئيلي في ورطة وهنا يقع موسي في ورطة كبري لأنه أصبح لديه «داهيتان» أولهما التصرف في السيارة والاخري الجندي الإسرائيلي وقد اضطر المخرج أن يلجا لهذه الحبكة والتي تحمل نوع من الفانتزيا لتتماشي مع الإطار الكوميدي للفيلم.

ولكن بعد أن علمت السلطات الإسرائيلية، بحقيقة سرقة موسى للسيارة وتم اعتقاله هاجمه الضابط بسبب سرقته للسيارة فقال له موسي «لقد سرقتم بلدا باكمله فهل تريد معاقبتي بسبب سيارة» وقد حاول الضابط تجنيده وأطلاق سراحه مقابل الكشف عن مكان الكتائب ولكن موسي قرر أن يتلاعب به ويقبل العرض لتحقيق رغبته في الخروج من هذا الماذق ولكنه يدخل في مأزق آخر عندما يجد نفسه مطاردا من الكتائب وفي صحبته الجندي الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد يستعرض الفيلم عملية تبادل الأسري واهتمام الجانب الإسرائيلي بأن تبدل رجلا واحدا بأكثر من 400 من الفلسطينيين في إشارة واضحة رخص الدم الفلسطيني مقابل اهتمام إسرائيل الكبير باستعادة جندي واحد تم خطفه، وهنا يرفض موسي أن يسلم الجندي الإسرائيلي للكتائب لإتمام الصفقة ولكنه قرر أن يساومهم ويحصل على 10 آلاف دولار ليحقق من خلالهم حلمه بالسفر والهجرة مؤكدا لهم في رسالة طويلة أنه ليس خائن وليس بطلا ولكنه يريد أن يخرج من المقبرة الذي يعيش فيها منتقدا كل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها بلاده وأنها لم تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة في الوقت التي تخسر فيها يوميا مئات من أبناءها وأن العائدون من السجون لن ياتوا إلى الجنة بل إلى عذاب كبير أيضا.

وينجح موسى في أن يحصل على ما يريد ووقتها يقرر أن يدفع 5 آلاف دولار إلى صاحب أحد الأندية الرياضية هناك ليساعده في السفر إلى إيطاليا عن طريق الاحتراف ليكشف عن نوع آخر من الفساد الموجود في فلسطين ووقتها تقابله لجنة من الاتحاد الأوربي لتسأله عن موقفه من السلام، وأيضا دور المرأة وزيارته لمتحف ضحايا الحكم النازي من اليهود وهنا يغير موسي كل أفكاره ومبادئة من أجل الحصول على التأشيرة لأنها أهم من كل المبادئ.

ثم نكتشف أن ابنة العشيقة هي ابنة غير شرعية من موسي ولكن الزوجة توهم زوجها بأنها ابنته، وعندما يكتشف الضابط الإسرائيلي بأن موسي يتلاعب به يضطر بأن يهدده بآخر ورقة وهي إرسال صور له مع عشقيته على الفراش إلى زوجها في إشارة واضحة بأن إسرائيل أصبحت مخترقة للمنازل الفلسطينية عن طرق الأقمار الصناعية وتكشف عما تريد، ولكن لم يرضح موسى للضابط الإسرائيلي وتصل الصور بالفعل إلى زوج العشيقة التي لا تجد مفر سوى أن تقتله وهناك يعلب موسي دور البطولة لأول مرة ويضحي بنفسه من أجل حبيبته وابنته ويعترف بأنه قاتل الزوج ويدخل السجن بدلا من حبيبته وفي مشهد أخير نرى العشقية وابنتها في زيارة للموسي بالسجن وينتظران عودته.

ورغم أن الفيلم يشهد التجربة الأولى لمخرجه إلا أنه استطاع أن يقدم يعبر عن فكرته بجرأة شديدة وأن يستعرض الواقع الفلسطيني بطريقة تختلف عن التي سلكتها الأفلام الفسلطينية الأخيرة، وقد برع الممثل سامي ميطواسي في تقديم شخصية موسي وأيضا رياض سليمان في شخصية الأسير الإسرائيلي، وكان الفيلم صافرة إنذار لكل من يهمه الأمر بأن فلسطين أصبحت مقبرة للحب والحياة.

وصور مؤيد العليان الفيلم بنفسه في حين كتب السيناريو مع شقيقه رامي، واختار أن يكون معظم الفريق المشارك في هذا العمل من الفلسطينيين.

وقال عقب عرض الفيلم إنه «لم يجد صعوبة في العثور على ممثلين فلسطينيين، لكن المشكلة كانت في جمع الفلسطينيين في مكان واحد للتصوير، خاصة وأنهم يأتون من مناطق فلسطينية مختلفة، بسبب الحواجز الإسرائيلية».

وصور الفيلم في أجزاء منه في مدينة بيت لحم وهي المدينة التي يعيش فيها المخرج المولود في الكويت في العام 1985، والذي درس السينما في سان فرانسيسكو.

وقد اهتم العليان مع بداية أفلامه بالواقع الفلسطيني حيث قدم فيلمه القصير الأول «ليش عايشين» والذي نال عنه جائزة في مهرجان الفيلم القصير في كليرمون فيرون في فرنسا، ليجول بعدها على نحو 60 مهرجانا عبر العالم.

أما فيلمه الوثائقي الأول «منفيون في القدس» فحصل على جائزة كوداك للإبداع الفني في سان فرانسيسكو عام 2005.

بالصور.. أبطال «50 ظلا للرمادي» يشاهدونه في برلين ..

وإقبال جماهيري كثيف

كتب: أحمد الجزار

عرض، الخميس، ولأول مرة الفيلم الأمريكي «50 ظلا للرمادي»، والمأخوذ عن رواية تحمل نفس العنوان للكاتبة الإنجليزية أي ال جيمس وذلك في عرض خاص ضمن فعاليات الدورة الـ65 لمهرجان برلين السينمائي.

وبهذه المناسبة فقد أعد المهرجان سجادة حمراء خصيصا لاستقبال أبطال الفيلم الذين استبقلهم الجمهور بحفاوة شديدة وقاموا بالتقاط بعض الصور التذكارية معهم، خاصة أن هذا الفيلم يعد من الأعمال المتوقع أن تثير جدلا واسعا على مستوي العالم كما فعلت الرواية نفسها لأنه يروج وبشكل واضح للسادية الجنسية.

وقد حضر من أبطال الفيلم الممثل جيمي دورمان، والذي لعب دور «جري» الملياردير كذلك الممثلة الشابة داكوتا جونسون التي لعبت دور البطولة النسائية إضافة إلى مخرجة العمل سام تليور جونسون، وقد حضر العرض جمهور كثيف من رواد المهرجان, وفي الوقت نفسه أقامت ادارة المهرجان في صباح اليوم نفسه عرضان للصحفيين أحدهما في سينما «آي ماكس».

وقد امتلئت القاعة قبل العرض بساعة تقريبا وإذا ما أثار حفيظة الصحفيين وأعلن معظم الغضب واضطر الأمن التواجد بالقرب من الصالة خشيت حدوث أي شغب بينما عرض الفيلم نفسه أيضا في عرض للصحفيين مساء اليوم وشهد حضورا كثيفا.

ومن المقرر أن ينطلق الفيلم في دور العرض في جميع دول العالم اليوم بالتزامن مع الاحتفالات بعيد الحب.

المصري اليوم في

13.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)