كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (7):

المرأة تسد الفراغ.. واللجوء إلى الماضي هربًا من الحاضر

الثغرة التي عانى منها مهرجان «كان»

وسواه من المهرجانات الأولى

برلين: محمد رُضـا

مهرجان برلين السينمائي الدولي الخامس والستون

   
 
 
 
 

سد مهرجان برلين، الذي يقفل باب أعماله يوم غد (الأحد)، الثغرة التي عانى منها مهرجان «كان»، وسواه من المهرجانات الأولى، عندما غابت المرأة من عداد المخرجين الذين اختارتهم تلك المهرجانات لتقديم أعمالهم.

إلى جانب فيلم الافتتاح «لا أحد يريد الليل»، الذي حققته الإسبانية إيزابيل كواكست، عرضت البولندية مالغوراتزا شوموسكا فيلمها «جسد»، وقامت لورا باسبوري بعرض فيلمها المموَّل ألبانيا وإيطاليا «عذراء محلّـفة». هذا بالطبع إلى جانب أن المرأة على الشاشة، وليس فقط وراء الكاميرا، شهدت حضورا أكبر من المعتاد.

كواكست وحدها، بين المخرجات المشتركات، سعت لتقديم شخصية قوية في ظروف استثنائية. في «لا أحد يريد الليل» تتابع رحلة بطلتها زوجة رحّـالة أميركي (تؤديها الفرنسية جولييت بينوش) تريد الالتحاق بزوجها الذي استوطن القطب الشمالي في رحلة استكشاف. ما تواجهه من معضلات طريق وظروف جوية وعواصف وخطر الموت جوعا هو الدراما الفعلية التي تطالعنا على الشاشة من بعد نصف ساعة أو أكثر قليلا من بداية الفيلم.

بطلة «جسد» لديها هم مختلف، كذلك بطلة «عذراء محلّـفة». الأول أفضل هذه الأفلام الثلاثة. بطلته آنا (مايا أوستازفسكا)، فتاة يُدخلها والدها مصحّة خوفا من أن تنتحر بعد وفاة والدتها، وكانت آنا خسرت قبل ذلك حياة طفلها. الفيلم، رغم موضوعه هذا، كوميديا سوداء حول كيف تواجه المرأة مصاعب حياتها النفسية والعاطفية وتضع نفسها على طريق الهرب مما يحيط بها من إحباطات ومآزق نفسية، ولو دخولا في عالم الغيبيات.

كواكست وحدها، بين المخرجات المشتركات، سعت لتقديم شخصية قوية في ظروف استثنائية. في «لا أحد يريد الليل» تتابع رحلة بطلتها زوجة رحّـالة أميركي (تؤديها الفرنسية جولييت بينوش) تريد الالتحاق بزوجها الذي استوطن القطب الشمالي في رحلة استكشاف. ما تواجهه من معضلات طريق وظروف جوية وعواصف وخطر الموت جوعا هو الدراما الفعلية التي تطالعنا على الشاشة من بعد نصف ساعة أو أكثر قليلا من بداية الفيلم.

لكن بطلة «جسد» لديها هم مختلف، كذلك بطلة «عذراء محلّـفة». الأول أفضل هذه الأفلام الثلاثة. بطلته آنا (مايا أوستازفسكا)، فتاة يُدخلها والدها مصحّة خوفا من أن تنتحر بعد وفاة والدتها، وكانت آنا خسرت قبل ذلك حياة طفلها. الفيلم، رغم موضوعه هذا، كوميديا سوداء حول كيف تواجه المرأة مصاعب حياتها النفسية والعاطفية وتضع نفسها على طريق الهرب مما يحيط بها من إحباطات ومآزق نفسية، ولو دخولا في عالم الغيبيات.

«عذراء محلّـفة» أسوأ هذه الأعمال المذكورة. هو عن فتاة تعيش في منعزل من الشمال الألباني ما زالت عذراء بقرار رفض للتقاليد، حيث تؤدي المرأة دورا ثانويا في الحياة لا يتعدّى أن تكون زوجة وخادمة الزوج في الوقت ذاته. هذا المفهوم يدفعها إلى طلاق أنثويتها والتصرف كصبي لعدة سنوات إلى أن تقرر أن تنزح إلى ميلانو حيث تعيش شقيقتها وعائلتها. هناك تجد نفسها شاهدة لمنوال مشابه، فابنتا شقيقتها على طرفي نقيض؛ واحدة تريد الهرب مع من تحب، والأخرى تلتزم بتعاليم أبيها. الفيلم، على ركاكة سرده، هو بحث تلك العذراء عن هويتها، وهو بحث يفضي بالفيلم إلى نهاية لا تقدّم ولا تؤخر حتى على مستوى ما أراد الفيلم توفيره من حالات.

* في الزمن الماضي

الظاهرة الأخرى التي نستطيع أن ننقلها مما شاهدناه من أفلام المسابقة هي أن أعمالا كثيرة عادت إلى فترات زمنية سابقة. لدينا «لا أحد يريد الليل» و«ملكة الصحراء» الكامنان في مطلع القرن العشرين. كذلك حال الفيلم الفرنسي «مفكرة خادمة الغرفة» لبنوا جاكو الذي يسرد حكاية الفتاة سيليستين (ليا سيدو) التي غادرت باريس، في عام 1900 إلى نورماندي حيث انتهت، بعد تجربة واحدة، للعمل في دار رجل ميسور (فنسنت ليندون) اعتاد معاشرة الخادمات في منزله، رغم حذر زوجته وغيرتها. ها هي الطبّـاخة حامل منه وهو يحوم حول سيليستين التي تقرر عدم الاستجابة له مهما كلّـفها الأمر.

الفيلم ليس جديدا، إذ نقل الحكاية التي وضعها أوكتاف ميربيو في العام ذاته (1900) إلى فيلم روسي سنة 1916، وإلى فيلمين فرنسيين أحدهما لجان رنوار سنة 1946، والثاني من توقيع لوي بونويل سنة 1964. بالإضافة إلى أسلوب عمل بونوا المختلف عن رفيقيه رنوار وبونويل، لا يوجد هنا إلا القليل من ملامح الإجادة أو التميز. يبدو الفيلم كما لو أنه وضع نصب عينيه أن يبيع لجمهور عريض وينتقل بعد ذلك إلى جمهور تلفزيوني أعرض.

وفي «إلسر: 13 دقيقة» (Elser: 13 Minutes) تعود بنا الأحداث إلى عام 1939 إلى حين قام النجار جورج إلسر بمحاولة اغتيال أدولف هتلر زارعا قنبلة موقوتة في مخزن للبيرة في مدينة ميونيخ عرف أن هتلر سوف يزوره. المخرج أوليفر هيرشبيغل لا يزال يسير في أعقاب الفترة الهتلرية (من بعد فيلمه «سقوط» قبل 12 سنة) متعاملا هنا مع الوضع الاقتصادي والسياسي حتى قبل ذلك التاريخ. الموضوع جيد مع وجود اهتمام دائم وجاهز لسبر غور المزيد من الحكايات الدائرة في تلك الفترة (وحول الحقبة الهتلرية)، لكن المخرج لا يبدو أنه ينشد هنا أكثر من ذلك مكتفيا بسرد مقبول وطموح محدود.

وإلى عام 1931 ينتقل المخرج البريطاني بيتر غريناواي بفيلمه «ايزنشتاين في غوانجووتو» إلى فترة من حياة المخرج الروسي سيرغي أيزنشتاين الذي أهدى الثورة الروسية أعمالا فنية هي في حقيقتها أيضا أفلام بروباغاندا، من بينها «إضراب» و«سفينة الحرب بوتمكين» و«أكتوبر»، قبل أن يتوجه إلى المكسيك لتحقيق فيلم أميركي اشترط منتجوه أن لا يتعاطى السياسة.

حسب المخرج البريطاني غريناواي، استنادا إلى بعض ما كُـتب حينها وبعدها من روايات، خاض أيزنشتاين حياة جنسية عصيبة. وصل شبه عذري ووجد نفسه واقعا تحت تأثير الرجل الذي أسندت إليه مهمة الإشراف على أعماله وراحته، فتحوّل إلى مـثـلي سعيد! طبعا لا توجد وثائق تؤكد ذلك، ولا أخرى تؤكد غير ذلك، لكن الفيلم يبني صرحه على ما يطرحه موديا بالهالة التي أحاطت بأيزنشتاين كفنان ثوري إلى ركن وضيع. غريناواي ينجز ما ينجزه عادة من طريقة عمل فنية تستعير أشكالا تعبيرية مختلفة.

في المقابل يمتطي فيلم رادو جود «أفريم»، المقدّم تحت 3 رايات؛ رومانيا وبلغاريا وجمهورية تشيك، ظهر حكاية تدور رحاها سنة 1835 عندما كان مشاعا في ذلك الحين، وعلى ذمّـة الفيلم، اعتبار الغجر عبيدا محكومين بقوانين استبدادية قاسية. بطلا الفيلم هما الضابط كونستانتين وابنه اللذان يمتطيان حصانيهما ذات صباح لمطاردة غجري هارب ومتـهم بأنه أقام علاقة مع زوجة سيده. الفيلم هو تلك الرحلة من مطلعه إلى نهايته الوخيمة. حصانان يجتازان البراري والغابات والوديان والثلوج فوق الجبال ليقبضا على الغجري الهارب، ويعودان به إلى ذلك السيد الذي يصر على اجتثاث فحولة الغجري رغم اعتراف زوجته بأنها هي التي غررت به.

* فيلمان متباعدان

هل يمكن اعتبار كثرة الأعمال التي تتناول فترات تاريخية سابقة هروبا من الحاضر ومشاكله وهمومه؟

في السنوات الماضية تكاثرت الأفلام التي تطرّقت، خلال عرضها على شاشات «برلين»، كما سواه، إلى الشؤون السياسية والاجتماعية الحاضرة من الحرب في أفغانستان إلى الحرب العراقية ومن الإسلاموفوبيا إلى الأوضاع الاقتصادية في أوروبا اليوم والبطالة أو انتشار المافيات الأوروبية وسواها من المواضيع. هذا من دون أن تكف السينما عن التطرق إلى مراحل الأمس وحروبه، مثل تلك الأفلام التي طرحت الحرب البوسنية - الصربية أكثر من مرة.

الحاصل هو أن إجماعا مفاجئا على الالتفات إلى عصور سابقة وإلى سير حياة آنفة ساد الاختيارات هذه السنة. بعض هذه الاختيارات من إخراج سينمائيين مرموقين (الفرنسي بونوا جاكو، الألماني فرنر هرتزوغ، البريطاني بيتر غريناواي.. إلخ)، وبعضها الآخر لمخرجين لم يحققوا بعد المكانة ذاتها، لكن الفريقين يعكسان قدرا من الرغبة في تصوير الأمس إما من حيث إنه تمهيد لما هو الحال عليه اليوم (كما هو وضع فيلم «النادي» للأرجنتيني بابلو لوران، الذي هو أحد أفضل ما تم عرضه هنا) أو من حيث حصر الوضع بتلك الفترة («أفريم») أو سعيا لرابط ثري بين الأمس واليوم (كحال «ملكة الصحراء»).

الأفلام التي اكتفت بالدوران في عالم اليوم بدأت بفيلم «تاكسي» لجعفر باناهي، وشملت فيلم «فارس الكؤوس» للأميركي ترنس مالك، والفارق بين الاثنين شاسع على كل صعيد. الأول فيلم لمخرج يعمل تحت حكم جائر حرمه من العمل، والثاني فيلم يتمتع صاحبه بكل مقوّمات الحرية الفنية والإنتاجية الممكنة. «تاكسي» يدور غالبا في تلك السيارة ومن دون أي لمعات فنية أنجزها باناهي سابقا، و«فارس الكؤوس» هو رسم بالريشة وسباحة في فضاء الحرية وسبر غور الإنسان وبحثه عن ذاته في عالم يفتقر الأخلاقيات والروحانيات. في المقام الأول: «تاكسي» هو عنوان قلة الحيلة التي تؤدي إلى لا إنجاز، والثاني عنوان لما تستطيع السينما أن تحققه عندما يتولى المخرج تقرير مصير عمله بنفسه وبلا عوائق.

نقد أفلام برلين 2015

* «مستر هولمز» (*3)(Mr. Holmes)

* عن رواية وضعها ميتش كولين بعنوان «حيلة خفيفة للعقل» سنة 2005 يوفّـر المخرج الأميركي بل كوندون حكاية خيالية حول شيرلوك هولمز، وقد بلغ الآن الـ93 يعاني من الوحدة وفقدن البصيرة النافذة التي ميّـزت تحرياته الأولى.

تقع الأحداث في أواخر الأربعينات، وهولمز يعيش وحيدا، بعد وفاة دكتور واطسن، في منزل يقع في مدينة دوفر الساحلية. هناك امرأة (لورا ليني) تعني به كانت فقدت زوجها في الحرب ولديها صبي نبيه في العاشرة (ميلو باركر). بعد التعريف، نحن في «فلاشباك» لما قبل هذا التاريخ حيث يعمل شرلوك هولمز (كما يؤديه إيان ماكيلين في دور مناسب) على حل قضية مستعصية تأخذه إلى اليابان. هناك يزور صديقا بالمراسلة اسمه مستر أومزاكي باحثا عن حل لقضية امرأة يعتقد زوجها أنها واقعة في خطر بعد انسحابها من الحياة بسبب خسرانها ولديها. حين يعود الفيلم إلى عام 1947 يبحر في ملامح صداقة هولمز مع الصبي ابن العاشرة وكيف تنمو على نحو ذهني وإنساني. هذه الدراما مصوغة بعناية، وتختلف عن أفلام المخرج كوندون السابقة التي اكتفت برغبتها في إثارة العناوين الكبيرة. هنا يجد هولمز نفسه أقل قدرة على النفاذ إلى عمق القضايا المثارة. وبينما كان هولمز المضلع الأول في زمنه حين كان لا يزال تحريا شابا، في حين اكتفى دكتور واطسن بدور كاتب المفكرات والمتتبع لخطوات هولمز، نراه الآن وقد أصبح أقل قدرة على الغوص في الأحداث الغامضة مستندا إلى ما يمنحه له الصبي ابن العاشرة من أفكار قد تشكل مفاتيح مهمة. كذلك هو عن كيف ستشكل هذه العلاقة مدخلا لتغيير موقف أم الصبي من الحياة وتجنيبها العيش مستقبلا تحت وطأة خسارتها، وبالتالي عن أهمية العائلة من محوري الموضوع القابع في مشاهد «الفلاشباك» حول المرأة التي خسرت طفليها، والموضوع الحاضر حول المرأة التي خسرت زوجها، كما حول هولمز ووحدته في سنوات حياته الأخيرة.

(The Pearl Button)(*3)«زر اللؤلؤة» *

* ينطلق المخرج التوثيقي باتريشو غوزمان من البحث في جوهر الماء (ماء الأنهر وماء المطر وماء البحر) إلى الموضوع السياسي المفضل لديه: الحقبة الديكتاتورية في السبعينات وأثرها على الوضع الاجتماعي والسياسي إلى اليوم. لكن قبل الوصول إلى هذا الموضوع يمر على التاريخ الأبعد عندما وصل الإنسان الأبيض إلى القبائل التي استوطنت تشيلي، منذ أمد بعيد واجتذب ثقافاتها وأباد الكثير من تقاليدها باسم الدين والحضارة.

بصوت تعليقي هادئ النبرة وكاميرا مدارة بالنبرة ذاتها، ينتقل الفيلم من مدار إلى آخر من دون أن يفقد الصلة «زر اللؤلؤة» ينطلق من البحث حول كيف أن بلدا لديه ساحل ثري بالموارد (يمتد لنحو 4300 كلم) ترك ذلك الساحل مهدورا وبعيدا عن الاستثمار اجتماعيا واقتصاديا. والصور التي يلتقطها على نحو لا يخلو من جمالية شعرية حزينة، تعكس هذا السؤال. هي مشاهد غير متسارعة مصوَّرة في ضوء طبيعي غير ساطع وتحت سحب كثيفة أو أمام أمواج عاتية. الجمال هنا ليس بلاستيكيا ويناسب ما يبحث عنه المخرج وفيلمه من إجابات.

حين ينطلق لما حدث لهنود قبيلتي ياغان وكاوسكار ويستنطق بعض من لا يزال حيّا من أبنائهما ونسائهما يضعنا الفيلم أمام المسألة التي شغلت بال المخرج غوزمان سابقا (آخر فيلم له كان «نوستالجيا للضوء» الذي تحدّث فيه عن صحراء تشيلي المترامية ومنه إلى أوضاع البلد الاقتصادية والسياسية أيضا) كما بال مخرجين آخرين أوروبيين ولاتينيين حول ما أحدثه الغزو الأوروبي للقارة الأميركية من عملية استبدال حضارات ومحو الماضي لإرساء قوّة جديدة. هذا يصبح التمهيد لمرحلة الحكم العسكري في السبعينات مع إعادة تصوير جزئية لكيف حملت طائرات مروحية جثث المعتقلين الذين تم تعذيبهم وقتلهم وألقتهم في اليم مثقلين بالحديد، ليضمنوا بقاء تلك الجثث في عمق المحيط

فيلم مؤلم بلا ريب، لكنه لا يتقدّم عن فيلم غوزمان السابق كثيرا. الانتقال من بحث الماء إلى بحث الأمس البعيد ثم الأمس القريب ليس سلسا. الانتقال بين هذه المدارات المذكورة لا يفتقر إلى التواصل، لكنه تواصل تشعر بأنه مفروض وليس تلقائيا ولن يكون.

 * أوديسا عراقية (*4)

* من بين الأفلام التي شهدها برلين خارج المسابقة وعرفت إقبالا ملحوظا هذا الفيلم الوثائقي الذي يبحث في التاريخ وفي التاريخ الشخصي للمخرج العراقي سمير (يكتفي بذلك الاسم) مسترجعا حقبا مختلفة عاشتها عائلته التي تشتت حول العالم، متطرقا في الوقت ذاته إلى أحداث وطنه التي لا تزال تتأرجح وسط حروب وسياسات هادرة.

يعجبك في هذا الفيلم ذلك البذل الكبير والدقيق الذي صرفه المخرج سمير لتحقيق هذا العمل، تأليفا وتشكيلا وكجمع للمعلومات ثم لتنفيذ هذا الكم الكبير من الساعات المصوّرة، سواء أكانت مقابلات أو لقطات إضافية خاصة بالفيلم ثم مزجها (بتوليف جيد أشرفت عليه صوفي برونر) بالمواد الوثائقية المستخدمة بدقة لا يعيبها سوى عدم قدرته على التخلص من نصف ساعة أو نحوها، رغم أن الإمكانية متوفرة.

ينطلق سمير (اسمه الكامل سمير جمال الدين) من التعريف بأقاربه المنتشرين حول العالم: 6 أعمام، عشرون أولاد عم و5 أشقاء وهو يختص بمتابعة ما حدث لـ5 من أقاربه الذين تركوا العراق على مراحل، وكل إلى بلاد مختلفة حول العالم. في كشفه لما حدث لأفراد العائلة وأقاربها يتابع المخرج بمقابلاته كل ما يجسد الحرمان والتشتت والإحباط الذي أصابه ومن يستطلعهم ويقابلهم أمام الكاميرا. وهو إذ يفعل ذلك يفتح دفاتر الجميع وتواريخهم الخاصة، فإذا بالمشاهد أمام حشد من الشخصيات التي تعاطت والسياسة على نحو حثيث مما عرضهم لنقمة المسؤولين في العراق وأحيانا، خارجه. في غمار ذلك يكشف عن تجارب إنسانية متواصلة مؤلمة ولو أن المخرج لا يسعى، تحديدا، لمعالجة عاطفية. يسبر المخرج غور التاريخ العراقي الحديث من أيام الاحتلال البريطاني إلى نهاية النظام البعثي. وفي حين أنه ينتقد غياب الحرية والنزعة للسلطة وغياب الديمقراطية في كل العهود، إلا أن تعليقه وافٍ وهادئ لا يضعفه إلا ذلك القدر المتواصل من الكلمات المكتوبة عربيا وإنجليزيا على الشاشة، التي تتكرر وتظهر على نحو روتيني فاقدة القيمة خلال دقائق محدودة.

* البحر من ورائكم(*2)

* فيلم عربي آخر تم عرضه هنا خارج المسابقة هو «البحر من ورائكم» للمخرج المغربي هشام لعسري.

هذا هو الفيلم الروائي الطويل له بعد «النهاية» (2011) و«هم الكلاب» (2013). أول أفلامه هذه لا يزال هو الأفضل. فتح العين باتساع على ولادة مخرج مختلف عن أترابه في أي ركن عربي. «هم الكلاب» كان بحثا جيدا بشروط. لكن «البحر من ورائكم» هو مجموعة كبيرة من الإسقاطات التاريخية والسياسية ممتزجة إلى حد اللارجعة، باستعراض صوري تتكاثر فيه اللقطات والمشاهد من دون أن تؤدي أغراضا بالضرورة.

كيف يمكن مثلا تلخيص الحكاية التي تتناول استيقاظ طارق (مالك أخميس) على حقيقة أنه ضحية كل هذه العوالم والهواجس التي تحيط به؟ ما الحكاية تفصيلا أو حتى إجمالا؟ أين محطّاتها الأهم؟ ثم هل مشهد مؤلف من كاميرا على مؤخرة حصان وهو يخرج قاذوراته من صلب الطرح أو هو من صلب الفن؟

«البحر من ورائكم» يقدّم لنا شخصية طارق ويربط سريعا بينه وبين فاتح الأندلس طارق بن زياد صاحب العبارة الشهيرة التي يشكل نصفها عنوان الفيلم. هو شخص حزين. مطحون سلبه صديق سابق له الحرية الشخصية كما الزوجة والأولاد، وتركه لا يقوى على رفع يده محتجا، ناهيك عن القدرة على الانتقام. أكثر من مرّة تتاح له فرصة قتل صديقه الحكومي الذي يعترف بأفعاله حيال عائلة طارق، ولكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك. عند هذا الحد، وفي طيات ما هو غير واضح البتة، لا تدري إذا ما كان الفيلم يطلب التقدير لموقفه، أو الرفض، أو يكتفي بمجرد العرض. الأمور من هنا، وفي غير مكان، لا تترابط جيدا على نحو مستتب ولا الفيلم يبلور حكاية مسرودة جيدا وإن كان يستوي على ظهر واحدة طوال الوقت. لا بد من تقدير الطريقة التي يعمل بها المخرج لتوفير مشاهد ذات قوة بصرية وملامح فنية حقيقية، لكن كثيرا منها يبدو هنا صادما ومصنوعا لذاته بسبب خلو المضمون من خط يتواصل المشاهد معه على نحو دائم.

الشرق الأوسط في

13.02.2015

 
 

بعد أن أصبحت الرواية الأكثر إثارة فى العالم

"برلين" يعرض فيلم "خمسون درجة من الرمادى"

القاهرة - بوابة الوفد - حنان أبوالضياء:

مهرجان برلين فى دورته الحالية الـ65، مازال مصرا على طرح الأعمال المثيرة للجدل فى العالم وكان آخرها فيلم «خمسون درجة من الرمادى» المأخوذ عن الرواية الأكثر إثارة وبيعا فى العالم الآن «Fifty Shades of Grey».

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد أصيبت بهيستيريا بعد عرض أول مقتطفات دعائية للفيلم، المأخوذ عن رواية الكاتبة البريطانية إل جيمس. الرواية المليئة بالمشاهد المثيرة التي جعلت منها الأسرع مبيعا في العالم، ووصلت الهستيريا الإلكترونية المحيطة بالنسخة السينمائية للرواية المثيرة، ففي تريلر لمدة دقيقتين من إنتاج شركة «يونيفرسال»، تظهر داكوتا جونسون وجيمي دورنان في مقاطع مختلفة من الفيلم، تبلغ ذروته في عدد قليل من النظرات الخاطفة في مشاهد جنسية. ويرافق المقتطفات موسيقى للمطربة بيونسيه. وعرضت المقتطفات الدعائية قبل نحو ستة أشهر من الموعد المقرر لعرض الفيلم في فبراير 2015، يذكر أن رواية «Fifty Shades of Grey» قد تحولت إلى ظاهرة عالمية في عالم الكتب، بعد أن ترجم إلى أكثر من 50 لغة، وبيعت منه أكثر من 70 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، ككتاب مطبوع أو عبر النسخة الالكترونية، ما يجعلها من أسرع الكتب مبيعاً في التاريخ. الى جانب أن الاعلان عن الفيلم ضرب رقما قياسيا فبعد اسبوع واحد فقط من عرضه عبر موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب». حقق الفيلم مشاهدات تجاوزت 36 مليون مشاهد خلال اسبوع واحد فقط ليصبح الإعلان الأكثر مشاهدة.. يعرض الفيلم بدور السينما اليوم 13 فبراير 2015 في كل ما يتعلق به.

فى نفس الوقت أطلت بطلة الفيلم داكوتا جونسون في فيديو كليب بالأغنية الدعائية له التي تحمل عنوان «Earned It». وظهرت صاحبة الـ 25 عاما في الأغنية وهي شبه عارية في دور شخصية «أناستاجيا ستيل»، التي ستجسدها في الفيلم، وتتراقص على صوت المطرب «أبل تسيفاي» الشهير بلقب «The Weeknd»، وسط العديد من الراقصات العاريات، وقام بإخراج الفيديو كليب مخرج الفيلم «سام تايلور وود»، والذي استطاع في أربع دقائق والنصف أن يثبت للمشاهدين أن الفيلم سيضم الكثير من المشاهد المثيرة التي تحاكي الرواية المقتبس عنها وتحمل نفس الاسم. أما بطل الفيلم جمي دورنان الذي يجسد شخصية «كريستيان جراي» فلم يظهر في الفيديو كليب.. وكان «دورنان» قد أكد في حواره مع مجلة «الجارديان» البريطانية أنه لن يتعرى بالكامل من الأمام في الفيلم، معللا وجهة نظره قائلا: «نريد استقطاب أكبر عدد من المشاهدين المتنوعين دون أن ننفرهم، لا نريد أن نقدم لهم مشاهد ماجنة أو قبيحة». والفيلم يروي قصة الحب بين الطالبة ذات الشخصية المستقلة «أناستاجيا» والملياردير ذي الميول المنحرفة «كريستيان جراي». الطريف أن العديد من التعليقات حول العمل دارت حول أنه قد تكون أنستازيا ستيل ذات الاثنين والعشرين ربيعا بطلة العمل سبباً في انهيار العديد من الزيجات في بريطانيا التي شهدت تهافت نسائها على اقتناء الرواية بعد أن سحرتهن كاتبتها بأحداثها التي تدور حول علاقة تجمع بين فتاة شابة ورجل يكبرها هو «كريستان غري» الثري الذي يتمتع بشخصية سادية مازوشية، ومع علم الشابة «ستيل» بذلك ترضى بإقامة علاقة معه، والفيلم اعتمد على ما تناولته الرواية من سرد لتفاصيل المغامرات الجنسية، ومع إنها أثارت موجة استنكار صارخة من قبل النقاد الا أن هناك تهافتا على مشاهدة الفيلم.

الطريف أن البعض تساءل ماذا سيتسبب فيه الفيلم بعد عرضه وخاصة أن «أماندا ماك أليستر» محامية بريطانية معروفة وتدير مركزا مسئولا عن إدارة الأسرة تروي كيف تسببت الرواية في أول طلاق غريب من نوعه تشهده المحاكم البريطانية، فقد تقدمت إحدى سيدات الأعمال رفيعة المستوى والبالغة من العمر 41 عاما ببلاغ تطلب فيه الطلاق من زوجها بعد قراءتها الرواية ومحاولة استخدام مفعولها في بيت الزوجية، لكنها فشلت بعد رفض زوجها لعب دور ما أثارته الرواية من موضوعات جنسية مثيرة وكان أكثر عبودية كما عهدته من قبل بحسب ما صرحت به، وهي تلقي باللوم على انهيار زواجهما عليه متهمة إياه بعدم امتلاكه ما تطلق عليه المغامرة الجنسية، هذه القضية هي الأولى من نوعها التي يشهدها القضاء الإنجليزي.. ومن المعروف أن «خمسون ظلا للرمادي» هي الرواية الأكثر مبيعا في تاريخ النشر عالميا، تجاوزت مبيعاتها في بريطانيا وحدها منذ مطلع أغسطس الماضي خمسة ملايين و300 ألف نسخة تفوقت فيها على رواية «دان براون»، «شفرة دافنشي» وأيضا البريطانية «ج. ك. رولينج» عن سلسلتها «هاري بوتر» والأمريكية «ستيفاني ماير» وروايتها «الشفق»، أما وصفها بالرواية الناجحة فلم يشفع لها ولم ينجها من توصيف النخب الثقافية بالعمل الأشبه بحضيض الانحطاط والمثال الواضح عن الكتابة الحسية الشهوانية، وهذا ما جعل هناك حالة هجوم على الفيلم قبل مشاهدته.وفي صحيفة «التابلويد» البريطانية يرى بعض النقاد أن شيوع هذه الظاهرة عائد إلى إقبال المحبطين من الناس، لاسيما النساء، فهذا لإشباع أحاسيسهم ورغباتهم دون نسيان أن الدعاية وتناقل الخبر بين الناس ساهم فى الدعاية للفيلم والرواية التى تم سحبها من أكثر من مكتبة أمريكية لأنها صُنّفت من قبل النقاد على أنها من النوع الإباحي ولهذا كان من الضروري أن ترفق بتحذير يمنع بيعها لمن هم دون الثامنة عشرة .‏العجيب أن الرواية تمّ رفضها، بدايةً من دور نشر كثيرة فاكتفت الكاتبة بطبعة إلكترونية لقيت إقبالاً ملحوظاً كان مقدمةً لظهورها الورقي في كتاب تقليدي كسر كل الأرقام القياسية المعروفة،والكاتبة الحقيقية «إيريكا ميتشيل» اختارت اسمًا مستعارًا هو «إي إل جيمس» لأعمالها - وهي ثلاثية بعنوان Fifty Shades «خمسون درجة» وصفتها بأنها «فنتازيا رومانسية». وأول هذه Fifty Shades of Grey «خمسون درجة من الرمادي»..... ووفقًا للتقارير وقعت المؤلفة عقدا مع أحد استوديوهات هوليوود لإنتاج سلسلتها على الشاشة بمبلغ غير معلوم ولكن يُحسب أيضًا بالملايين.

الوفد المصرية في

13.02.2015

 
 

تيرينس ماليك كبيرٌ مهما صغرت سينماه!

المصدر: "النهار" - هوفيك حبشيان ــ برلين

في العالم، قلة نادرة من السينمائيين يمكنهم التفاخر بأنهم قادرون على انجاز الفيلم الذي يريدونه، بالحرية المطلقة والكاملة التي يحلمون بها، حرية متحررة من كل قيد او شرط، بعيداً من ضغوط اصحاب المال وذوي القرار. الأميركي تيرينس ماليك من تلك الطبقة النادرة التي فرضت نفسها عبر السنوات في المشهد السينمائي، محتكراً الأدوار ومختزلاً الأنماط. فهو من النادي الضيق الذي تنتسب اليه حفنة من السينمائيين الجهابذة الذين في حوزتهم "كارت بلانش"، يعملون بموجبها، فينجزون كلّ ما يعبر في بالهم بلا حسيب أو رقيب.

سبعة أفلام في أربعين عاماً، انقطاع من 1978 الى 1998، صمت مطبق بعيداً من الاعلام، غياب عن المهرجانات (رغم انه يتردد انه كان يراقب من خلف الستارة، ردود المشاهدين يوم عُرض "شجرة الحياة" على الصحافة في كانّ)... هذا كله عزّز مكانة المخرج السبعيني، استاذ الفلسفة السابق، وحوّله اسطورة على غرار ستانلي كوبريك. وقد يكون الوحيد حالياً، القادر على جمع المال والاستعانة بنجوم لفيلم لا ينطوي على أيّ قصة بالمفهوم التقليدي للكلمة. لا حبكة، لا تطوّر واضحاً للحوادث، انما خربطة وتعطيل ممنهج لكل ما يتم توظيفه كخيط رفيع داخل المنظومة الحكائية.

ماليك من القلائل الذين لا تهمهم موضعة سينماهم، لا في سينما حديثة ولا ما بعد حديثة، ولكنه أصيب عبر السنوات بهذا الفيروس الذي يجعل من كل فيلم له يشمل العالم ومخلوقاته ويطال النجوم والسموات، بطريقة بانورامية، كأنما يريد معانقة المصير الانساني بأكمله في عناق واحد. من النادر أن تجد سينمائياً يعود ويكرر نفسه ويجد دائماً زوايا اشتغال جديدة. حتى الجراد الذي يصوّره بالـ"كلوز ابّ"، يمتلك أمام عدسته حضوراً مختلفاً. أمّا الروحانية المسيحية التي هي في صميم عمله، فتتجلى بوضوح في الكلمات غير المكتملة التي نسمعها على لسان الشخصيات، وهي على ارتباط متين بالإنجيل وتعاليمه.

في جديده، "فارس الكؤوس" (عُرض في مسابقة مهرجان برلين 65)، يتكرس هذا الأسلوب بشكل نهائي كونه يصل الى ذروته التعبيرية والى اللحظة التي ندرك بسرعة ان لا لحظات من بعدها. كأن الأمر يتعلق بأبوكاليبس سينمائي. اذا كانت "الماليكيات" لا تزال تهتم بالعالم وما يدور من حوله في أفلامه الماضية، فهنا ثمة قطيعة واضحة مع العالم. هذه القطيعة تتجسد في الصومعة الأسلوبية التي حشر ماليك نفسه فيها. بيد أن مخرجنا يتظاهر بعكس ذلك، وهنا قوة سينماه وذكائها، ايّ أنه يتظاهر بأنه لا يزال جزءاً من هذا العالم، وعلى صلة به.

"فارس الكؤوس" ليس عن عزلة سيناريست هوليوودي (كريستيان بايل) بقدر ما هو عن عزلة ماليك نفسه، الذي، على الرغم من مكانته في السينما، ينبعث منه هذا الشعور- والحال نفسها عند العديد من كبار السينما- انه داخل الأشياء وخارجها. فهو يعيش علاقة اعتراف/نكران مع السينما، محاولاً القفز بها الى الصفاء، من خلال إطعامها الموسيقى التفخيمية والكتب المقدسة ولوحات كبار معلّمي الفنّ التشكيلي. يقف ماليك في اعلى البرج، ليصوّر شخوصاً ورموزاً واستعارات وافكاراً تتهاوى، وكله اقتناع بأنه يملك تلك القدرة اليسوعية على انقاذها.

ماليك هو أيضاً وخصوصاً، السينمائي الذي يختصر الطريق بين فنّ الاستعراض والأفكار الفلسفية الكبرى التي تلح على سؤالَي "من أين نأتي؟ الى أين نذهب؟". هذه الأفكار هي الخصمّ الأكبر لـ"الشوبيز". فالترفيه لا ربّ له ولا روحانيات، وغير منشغل بأسئلة الوجود. في هذا المعنى يمكن اعتبار ماليك فيلسوف السينما الذي يجعل أبطال هوليوود يضلّون طريقهم الى مسرحه التراجيدي. الأهمّ انه، خلافاً لفلاسفة السينما، يقيم لجماليات الصورة وزناً، وهذا نادر حصوله. فالسينما الأميركية تميّز جيداً بين مخرجين باطنيين ومخرجين ظاهريين. نادراً ما يجتمع الباطن والظاهر في وصلة سينمائية واحدة.

ماليك في "فارس الكؤوس" ليس فقط مجرِّباً أبدياً يلهو بالمُشاهد بلا أي شعور بالذنب، بل أيضاً رسّام تجريدي يستعمل ريشته بدلاً من الكاميرا ليضيف لوناً هنا ولوناً هناك. يستعمل الممثلين كالرسّام الذي يستعمل ألوانه: الكلّ موجود أمامه ويلجأ اليهم ساعة يشاء. وعندما يختارهم، لا يعطيهم ايّ ضمان عن الفيلم الذي سيثمر عن تعاونهم معه. ككلّ رسام، يطلق العنان لمخيلته اثناء الشغل، ليس قبله وليس بعده. رغبته في التجريد هنا، لا يمكن قراءتها بمعزل عن رغبته في تجاوز السينما كإنجاز تقني من صورة وصوت. يقال إن كلّ ما هو نافر في طباع الانسان، يتضخم مع العمر. بناء على هذا، أصبح ماليك لا يقبل اليوم أقلّ من قطعة سينمائية تختزل اللوحة والكتاب والسمفونية والقصيدة.

لهذا السبب، لا يحتاج المعلم أن يعلّق على ما ينجزه، لأن لا كلمة تفيه حقّه، ولأن سينماه تجربة، رحلة، إبحار. أصلاً، ما الفائدة من شرح لوحة لبيكاسو أو قصيدة لبودلير؟ كل إشارة كلامية منه لا بدّ أن تولّد إشارات أخرى تطيح حرية العمل وتخرجه عن مساره. ماليك، تماماً كالله، لا يشارك خلقه مع أحد، وعندما يشرع فيلمه على التأويلات هذا لا يعني أنه يتيح للمُشاهد أن يكمله على هواه ويحمّله المعاني، بل ليضعه أمام تلك اللوحة التي لا أطراف لها أو حدود، تماماً كنهاية الطريق العصية على البلوغ التي ينهي بها فيلمه الجديد.

النهار اللبنانية في

13.02.2015

 
 

"برلين 65": هرشبيغل يردّ الاعتبار إلى المقاومة ضد النازية ودرايسن يرحم تائهي التاريخ

هوفيك حبشيان ــ برلين

بعد مغامرة غير موفقة في أرض الآخرين ("ديانا" عن سيرة أميرة ويلز)، يعود المخرج الألماني القدير أوليفر هرشبيغل الى موضوع يعرفه جيداً ويملك مفاتيحه، كونه سبق أن طرحه في "السقوط"، في العام 2005: هتلر، الديكتاتور الذي لا تزال أشباحه تطارد كلّ ألماني. الفيلم عنوانه "ألزر" ("13 دقيقة" بالانكليزية)، يتعاون فيه هرشبيغل مع كاتب السيناريو في "صوفي شول" فريد براينرسدونفر ومديرة التصوير جوديت كوفمان، ليقدم عملاً مقّطعاً بالطريقة الألمانية الصارمة يخطف الأنفاس من أول لقطة حتى آخر ثانية، عُرض الأول من أمس خارج المسابقة في مهرجان برلين السينمائي (5 - 15 الجاري).

جورج ألزر كان رجلاً مسيحياً عادياً محباً للحياة ينظر الى التحولات التي يشهدها محيطه، في منتصف ثلاثينات القرن الماضي. يرى صعود النازية وتكريس التطرف والعداء لليهود اثر انتقال المنطقة التي يقطنها من كفّ الاشتراكية والشيوعية الى العقيدة النازية. فأراد أن يخطط بمفرده، واعتماداً على قدراته العقلية، لعملية اغتيال هتلر، وهو يلقي خطاباً، في ميونيخ في التاسع من تشرين الثاني 1939. لكن القدر شاء ان يخرج الفوهرر من مكان الاغتيال قبل 13 دقيقة من لحظة انفجار العبوة التي صممها ألزر بنفسه. كان الرجل يريد منع اندلاع الحرب، بحسب اعترافه، ولكن بدلاً من إطاحة النازية عبر قتل قائدها، قتل ثمانية أبرياء لا علاقة لهم بالحركة العنصرية الصاعدة. أإرهابٌ ما قام به ألزر أم مقاومة، كونه لم يصب هدفه النبيل؟ هذا السؤال لا يشغل بال هرشبيغل كثيراً، بقدر ما يبدو مهموماً بآلية العمل النازية التي استطاع النازيون بموجبها السيطرة وتنظيم القتل وجرّ أوروبا الى العنف.

مرةً أخرى، تعود الفترة النازية الى مهرجان برلين، ولكن هذه المرة بفيلم يستحق الاشادة، وهو إذ يعود الى صفحة سوداء انزلقت فيها مئات الأفلام مباشرةً او مواربةً، فلكي يردّ الاعتبار الى مقاوم تأخرت ألمانيا الرسمية في تكريمه. في "ألزر"، وجهة نظر أخرى تتمثل في هذه الشخصية الحالمة (ألزر) التي يتوحد معها المتفرج، ومثله مثل ألزر، سيبدأ بطرح بعض الأسئلة الافتراضية من نوع "ماذا لو؟". ماذا لو لم يغيّر هتلر برنامجه في اللحظة الأخيرة في ذلك اليوم ولم يختصر خطابه للعودة الى برلين؟ هل كان أنقذ ألزر حياة الملايين؟

يردّنا الفيلم من خلال أكثر الطرق كلاسيكية، ومن خلال الاستعادات الزمنية، الى السنوات التي سبقت محاولة اغتيال هتلر. أيامذاك كان ألزر شاباً يعزف الموسيقى ويطارد البنات الى أن تعرف الى امرأة متزوجة من سكّير تافه وأقام معها علاقة غرامية. هذا كله نراه في موازاة رؤيتنا التحقيق الذي يجريه معه ضابطان من الغستابو لمعرفة مَن هي الجهة التي تقف خلف عملية الاغتيال. طبعاً، لا شيء سيقنعهما بأنها مبادرة شخصية. على الرغم من كلّ العقاب الجسدي الذي سيناله، يرفض ألزر اختلاق حكاية. بيد ان لكلّ رجل نقطة ضعفه، ونقطة ضعف ألزر هي حبيبته ألسا. في النهاية - وقصته معروفة لا نكشف سراً هنا - يُرسَل ألزر الى معتقل داخو، حيث سيُعدَم رمياً بالرصاص بعد مضي ستّ سنوات على اعتقاله؛ فترة زمنية لا نعرف ماذا فعل خلالها ولا يقول الفيلم شيئاً عنها.

يتفاعل النصّ مع سيرة ألزر وفق المنطق الاختزالي. لا يطرحه كأسطورة ولكن يصوّره رجلاً بسيطاً يؤمن بالحرية، ويقف مدافعاً عنها بجسده وبكلّ ما يملكه. في المؤتمر الصحافي الذي عُقد بعد عرض الفيلم، قال هرشبيغل إن التأخر في رد الاعتبار الى ألزر يعود الى اعتبارات كثيرة، أهمّها انه كان للألمان حتى الأمس القريب صورة مشوّهة ومغلوطة عن ألزر، فبعضهم يعتبره عميلاً للبريطانيين والأميركيين. هناك ايضاً شائعة تدّعي انه كان مكلفاً من هتلر تنفيذ عملية الاغتيال بهدف الاظهار ان عين الله رعت قائد النازيين وأنقذته من الموت. ربط هرشبيغل بين ألزر والأميركي ادوارد سنودن (العميل في وكالة الأمن القومي الذي سرّب تفاصيل برنامج التجسس)، معتبراً ان الاثنين جازفا بحياتهما، مع معرفة مسبقة بأنهما يضعانها في دائرة الخطر.

* * *

المخرج الألماني اندرياس درايسن يصوّر كما يتنفس، براحة وسلاسة. السينما في مسامات جلده. في فيلمه الجديد، "كنّا نحلم"، المعروض في المسابقة الرسمية، يضعنا امام لحظة سجالية من تاريخ ألمانيا الحديثة، أي الفترة التي توحدت فيها الألمانيتان، وانتقلت من يد الى يد. على مدار ساعتين من الزمن، يصوّر مخرج "صيف في برلين" خمسة من المراهقين الأصدقاء وهم يقومون بأعمال شغب ويتعاطون المخدرات ويمارسون أقسى أنواع التعنيف بعضهم في حقّ البعض الآخر. شلل وعصابات وأصدقاء وأحباب وأقارب وخصوم... كلّ شيء يختلط في لحظة فوضى لا يدينها المخرج بل يقدّمها كمختبر، من دون اتخاذ ادنى موقف من نلك الحقبة التي ستولد من رحمها ألمانيا الجديدة.

يتحرر درايسن من أيّ عقيدة في هذا الفيلم، تماماً كالشباب الذين، بعد سقوط الجدار، نراهم بلا مرجعية أخلاقية تسند سلوكهم، فهم ضائعون لا يعرفون ماذا يفعلون ولا الى أين يذهبون. حالة يعكسها المشهد الأخير من الفيلم عندما يسأل السائق واحداً من الشبان الذي تختار الكاميرا اقتفاء اثره: "والآن، أين تريد الذهاب؟". غياب الإيديولوجيا هو ايضاً سمة الرواية التي وضعها الكاتب الشاب كليمانس ماير في العام 2006، وشكّلت أصلاً ادبياً للفيلم، علماً ان كاتب السيناريو القدير وولفغانغ كولهاس، 84 عاماً، هو الذي حوّلها الى سكريبت. ثلاثة أجيال اشتغلت على الفيلم، ومن خلال هذه المبادرة أراد درايسن أن يتوصل الى استنتاج فكري سياسي يتكوّن من خلال لقاء الأجيال.

يُنزلنا الفيلم المقسوم فصولاً عدة، إلى العالم السفلي لمدينة لايبتزيغ، فنتابع الحوادث بوتيرتها الجهنمية، حيث الحركة مستمرة والمفارقات لا تتوقف. كلّ شيء يتّسم بالصدق في الفيلم، فما يصوّره درايسن بإيقاعه الخاص جداً قابل للتصديق، وخصوصاً ان الوجوه الجديدة الشابة التي جاء بها تساعده على نفخ الروح في الشخصيات فتصبح حقيقية شفافة. أجادت الادارة الفنية للفيلم خلق جوّ التسعينات بشكل لافت. خلافاً لما يلمّح اليه العنوان، يقول درايسن ان تلك المرحلة لم تكن مرحلة أحلام كبيرة، أقله بالنسبة له: "كنت أشعر بأنني بلا جذور".

* * *

المخرج الأميركي الكبير تيرينس ماليك كان حديث المهرجان مذ كشف عن تفاصيل فيلمه الجديد، "فارس الكؤوس"، المشارك في المسابقة الرسمية. ولكن عمله الجديد مخيّب بكل الاعتبارات، تتكرر فيه "تيكاته" التصويرية التي لا فكاك منها. للأسف، ما كان ممكناً تحمّله في المرات الماضية، تحول أسطوانة مزعجة هذه المرة في وجود التعليق الصوتي الحافل بالنشاز والمكرر، وخصوصاً أن كل هذه الصرخة في المجهول لا تتحول الى اي سؤال جوهري قد ينشغل به المتفرج. روحانيات تتجدد في أماكن وظروف مختلفة، لكنها تستعيد الأسئلة عينها في زمن استهلاكي لا يطيقه ماليك. ثم هناك هذا الدوران المفتعل على الذات، وكأن ماليك هنا يوجه تحية الى نفسه والى سينماه ويقول: "انظروا ماذا أستطيع أن أفعل". النتيجة: فيلم مبهم، أشبه بأحجية، غامض، مفكك، غير مفهوم، يلتف حول الأعناق بلا أيّ مسوّغ، يذهب به ماليك الى تجربة اكثر تطرفاً من أعماله السابقة، بحيث لا يعود الخيط الذي يسند العمل ذا أهمية. عشرات المرات يصوّر المباني الشاهقة والطرق التي لا آخر لها، يلتقط البحر والموج والسماء، وخصل شعر تتطاير، ويداً ممدودة من السيارة. مع ذلك، على الرغم من كل الغموض، المشروع واضح: ضرب تجاوزات الحياة العصرية من الأسفل، حيث الهمّ الأكبر استهلاك المزيد. في خطابه هذا، يبدو ماليك محافظاً. فالحياة الصاخبة التي نكتشفها بعيون كاتب للسيناريو يعيش ويعمل في هوليوود (كرستيان بايل)، لا تثير فينا أيّ شعور ايجابي أو سلبي. لا نفهم كل هذا التعذيب للذات الذي يرميه البطل المضاد في وجوهنا. المشكلة ايضاً أن ماليك مشغول بكلّ ما هو شكلاني، وغير قادر على بلورة علاقة قائمة على الحوار مع المتفرج. كلّ شيء عنده صار رهناً بالتأويلات الأكثر جنوناً، فيما هو شخصياً يكتفي بالصمت رافضاً التعليق، لأن هذا الصمت جزء من أسطورته. يبقى هناك عند المعلّم، هذا الحس الفيزيائي في تركيب لحظات لا تركب عادة عند أي سينمائي آخر، وهذا الجهد المتواصل في خربطة الحكاية وجعلها تتناثر امام عيوننا. ولكن، أين ماليك زمن "أيام الجنة" و"الخط الأحمر الرفيع"، وأين هو الآن؟

hauvick.habechian@annahar.com.lb

غرينواي يفض بكارة أيزنشتاين!

هـ. ح.

المخرج البريطاني بيتر غرينواي (73 عاماً) أحدث فضيحة صغيرة في مهرجان برلين من خلال تصويره المغامرات التي عاشها السينمائي الروسي سيرغي ايزنشتاين خلال زيارته مدينة غواداخواتو المكسيكية في العام 1931، في جديده الصاخب "ايزنشتاين في غواداخواتو" المتسابق على "الدبّ الذهب". هذا الفيلم الباروكيّ النزعة، يقدّم نفسه باعتباره يلتقط الأيام العشرة التي غيّرت حياة ايزنشتاين، محاكياً العنوان الانكليزي لفيلمه "أكتوبر: عشرة أيام هزّت العالم". مشروع غرينواي هنا تعرية لإحدى أساطير الفنّ السابع، أبي الشاشة السوفياتية وإله السينما الصامتة، وعبقري المونتاج، الذي ترك بصمات في كلّ ما جاء من بعده. عندما نقول تعرية، نعنيها حرفياً. فايزنشتاين يمضي معظم أوقات الفيلم عارياً، يتنقل من تحت الدوش الى السرير، وبين اللحظتين يحاول تصوير فيلم في المكسيك. ذروة الشريط هي عندما نراه يفقد "عذريته" على يد عاشق مكسيكي فحل. يضع الأخير الزيت على مؤخرته قبل الولوج فيها، في مشهد هو الأكثر طرافة في الفيلم، بحيث انه طوال الفترة التي تستغرقها العملية، يتحدث الاثنان في التاريخ. وفي النهاية، يغمس العشيق العلم السوفياتي في مؤخرة ايزنشتاين... وداعاً أيتها الثورة!

يُفتتح الفيلم بمشاهد "البارجة بوتمكين"، ويواصل اتباع صيغة المونتاج الموازي وتقطيع الشاشة مستطيلات، لإمرار كمّ هائل من المعلومات عن مخرج "إيفان الرهيب"، مستعيناً بحوارات ممتعة، وأهم ما ورد في هذا المجال هو محاولة ايزنشتاين الشهيرة لإنجاز الأفلام في أميركا، فيخبرنا عن كلّ الذين التقاهم هناك. ايزنشتاين، بحسب رؤية غرينواي، عبقري له سمات طفل، والطريقة التي يقدمه فيها الينا تذكّر بموزار في فيلم ميلوش فورمان. هناك الكثير من المسرح، وهذا ليس بالجديد عند غرينواي، لكنه يعرف كيف يكسر هذا الطابع، بخلطة عجيبة من الصور تجعل الفيلم متحفاً لأسياد الثقافة والفكر والفنّ في الغرب.

النهار اللبنانية في

14.02.2015

 
 

عرض فيلم كيت بلانشيت "سندريلا" ببرلين اليوم

كتب محمود ترك

يقام اليوم السبت عرض ثانٍ لفيلم النجمة كيت بلانشيت Cinderella "سندريلا" ضمن فعاليات الدورة الـ65 لمهرجان برلين السينمائى الدولى، ويشارك فى بطولة الفيلم لى لى جيمس وهايلى أتويل وهيلينا بونهام كارتر وريتشارد مادن وستيلان سكارسجارد وهوليداى جرينجر وديريك جاكوبى، ومن تأليف كريس ويتز، ومن إخراج كينيث برانج. تدور أحداث الفيلم حول "سندريلا" التى تتوفى والدتها ويتزوج والدها مرة أخرى من امرأة تدعى "تريمين" وتجسد دورها كيت بلانشيت، ولها بنتان هما أناستازيا ودريزيلا، لكن الفتاة تصبح خاضعة لأوامر زوجة أبيها وابنتيها بعد وفاة والدها، وتصبح خادمة لهن، حتى تتغير حياتها تماما بعدما تقابل أميرا فى حفل ساهر ويعجب بها

اليوم السابع المصرية في

14.02.2015

 
 

إيران تقتنص جوائز الصحافة الدولية في «برلين السينمائي»

كتب: أحمد الجزار

استطاعت الافلام الايرانية المشاركة في مهرجان برلين السينمائي والذي تجري فعاليات دورته الـ65 حاليا، من تحقيق نجاحا كبيرا بعد ان اقتنصت جائزتين من إجمالي ثلاثة جوائز للصحافة الدولية «الفيبريسي».

ونجح فيلم «تاكسي» إخراج جعفر بناهي بالحصول على جائزة الصحافة الدولية «الفبريسي» في أول أختبار له مع باقي افلام المسابقة الدولية للمهرجان والتي ستختتم فعالياته غدا، وذلك بعد منافسة قوية مع فيلم «النادي» وايضا الفيلم الانجيلزي «45 عام» والمرشحين بقوة للحصول على جائزة الدب الذهبي الكبري للمهرجان.

ومن المقرر ان تساهم جائزة الصحافة الدولية في رفع اسهم فيلم «تاكسي» للبناهي قبل أعلان جوائز المسابقة مساء اليوم، ويعتبر هذا الفيلم من الافلام التي لم يجري لها المهرجان أي ندوات بسبب قرار الحكومة الايرانية بوضع بناهي تحت الاقامة الجبرية في البلاد ومنعه من العمل في السينما لمدة عشرين عاما

كما نجح أيضا المخرج حامد رجبي باقتناص جائزة مسابقة البانوراما والتي شهدت منافسة قوية هذا العام نظرا لارتفاع مستوي الافلام المتنافسة حيث حصد فيلمه «A Minor Leap Down» جائزة البانوراما، واخيرا فقد نجح ايضا الفيلم الايطالي «Hand Gestures«أو فتاة اليد في الحصول على جائزة مسابقة المنتدي.

كيت بلانشيت من «برلين»: تقديم فيلم عن السندريلا مغامرة.. واستمتعت بشخصية الشريرة

كتب: أحمد الجزار

كان من بين نجوم مهرجان برلين هذا العام الممثلة الأمريكية كيت بلانشيت التي شاركت في المنافسة الرسمية للمهرجان هذا العام بفيلمين: الأول هو «فارس الكوؤس» إخراج تيرانس ماليك وبطولة كرستيان بيل التي قدمت فيه دور الزوجة، كما شاركت أيضا بفيلم «سندريلا» المأخوذ قصته عن الأدب العالمي، وقد غابت بلانشيت عن حضور ندوة فيلمها الأول، بينما حضرت مع أسرة فيلم «سندريلا» الذي عرض أمس في ختام أفلام المسابقة الرسمية، حيث يعرض الفيلم «خارج المسابقة» ضمن ثلاثة أفلام أخرى في المنافسة، وقد أكدت بلانشيت خلال المؤتمر أن تقديم فيلم جديد عن السندريلا يعد مغامرة كبرى، خاصة أن هناك أكثر من فيلم قدّم القصة نفسها.

وقالت: القصة باتت معروفة ولكن في الوقت نفسه فقصة مثل السندريلا تتمتع بالمرونة ومن الممكن أن تقدم في أي زمن وبأكثر من طريقة.

وأضافت: البعض توقع في البداية أن أقدم شخصية السندريلا وهذا بالطبع غير معقول، لكني كنت سعيدة بتجسيد شخصية زوجة الأب الشريرة، لأنها كانت شخصية ممتعة بالنسبة لي.

واستطردت: أنا شخصيًا أحب هذه النوعية من الأفلام وأراها مهمة لأي فنان، لأنها تخرجه عن إطار العمل التقليدي، بالإضافة إلى أنها بالفعل ممتعة، كما أنني من عشاق هذه القصة.

وفي سياق متصل، حضر الندوة كل أسرة الفيلم، وأكدوا سعادتهم بالمشاركة في المهرجان وأيضًا سعادتهم بالعمل مع المخرج الكبير كينيث برناه.

وشهدت الندوة إقبالًا كبيرًا كعادة ندوات الممثلين الأمريكان واضطر الأمن إلى إغلاق الأبواب بسبب الازدحام وكنوع من التأمين الزائد.

وتدور قصة الفيلم حول الفتاة الصغيرة (إيلا) التي تقوم بدورها الممثلة الشابة ليلي جيمس التي تزوج والدها امرأة أخرى بعد وفاة والدتها «هايلي أتويل»، وعاشت معها وبناتها في منزل العائلة، ولكن بعد وفاة والدها المفاجئ، وجدت نفسها تحت رحمة أشخاص مغرورين يثقلون عليها في أعمال المنزل ويحولونها إلى خادمة، وذات مرة تقابل في الغابة الأمير شارمنج «ريتشارد مادين» وأحست أنها قابلت شخصًا طيبًا، ومن الممكن أن يغير حياتها، خصوصا أنه قدّم لعائلتها دعوة لإحدى الحفلات، ولكن زوجة أبيها رفضت ذهابها وذهبت هي وبناتها فقط، إلى أن ظهرت الساحرة التي تساعدها على حضور الحفل، ومن المقرر أن ينطلق اليوم في دور العرض العالمية.

«50 ظلًا للرمادي»..

دراما رومانسية تحمل ترويجًا لـ«السادومازوشية»

كتب: أحمد الجزار

انطلق الخميس في دور العرض الأمريكية الفيلم المثير للجدل «50 ظلا للرمادي» بالتزامن مع عيد الحب، وقد وجدت الشركة المنتجة هذا الموعد مناسبا لطرح الفيلم وفقا لطبيعته الرومانسية، الغريب أن كثيرًا من الجمهور قد بدأ بالفعل في حجز مقعد بدور العرض منذ الإعلام عن موعد طرحه، وقد حقق شباك التذاكر في أول يوم عرض له بأمريكا 8 ملايين و600 ألف دولار وقد توقعت الشركة المنتجة أن يحقق الفيلم في أسبوع عرضه الأول بأمريكا 50 مليون دولار.

ولكن بمجرد مشاهدة الفيلم تجد أنك أمام فيلم رومانسي تقليدي يتخلله بعض المشاهد الحميمة والتي تركز على السادومازوشية الجنسية مع التركيز على الإبهار البصري لدرجة أنك تشعر أنك داخل إعلان عن أفخم الماركات أو كليب مبهر على مستوى الصورة وحركة الكاميرا والأزياء وكل التفاصيل الأخرى، ويبدو أن الشركة المنتجة قررت أن تكتفي فقط بالدعاية التي حققتها الرواية المأخوذ عنها الفيلم والتي تحمل العنوان نفسه للكاتبة الإنجليزية إي إل جيمس والتي حققت نجاحا عالميا منقطع النظير بعد إصدارها في عام 2011 وبيع منها حوالي مائة مليون نسخة.

يبدأ الفيلم باستعراض حالة التناقض بين البطل «كرستيان جراي» الذي يقوم بدوره الممثل جيمي دورنان، والبطلة «اناستازيا» التي تقوم بدورها الممثلة داكوتا جونسون، حيث تستعرض المخرجة عالم كرستيان الملياردير وشركته العملاقة ومكتبه الشيك وسياراته الفارهة وسكرتيراته الحسنوات بينما نرى على الجانب الآخر اناستازيا الفتاة الرقيقة التي تعيش بعيدا عن والدتها وتكدح بحياتها لتوفر نفقات دراستها للأدب في إحدى الكليات، ويبدأ اللقاء الأول بين البطلين عندما تقرر اناستازيا إجراء حوار مع جراي لتضمه إلى مشروع تخرجها في الجامعة، ولكن حالة الفتور واللامبالاة التي يعيشها جراي أمام الجنس الناعم قد تبددت تماما وذاب ثلجه بعد مشاهدة عيون اناستازيا الدافئة والحنونة وقرر وقتها أن يضم هذه الفتاة إلى عالمه الخاص، وهذا ما لم ترفضه اناستازيا خاصة أنها مهيأة لأن تعيش قصة حب.

وبعد أن يدخلها جراي إلى عالمه يكشف لها عن أسراره والغرفة الخاصة التي يمتلك مفتاحها والتي تجمع كل أدواته الممكنة التي تهيئ له علاقة جنسية تتناسب مع طريقته السادية ويأخذها معه تدريجيا من مرحلة إلى أخرى ومن طريقة إلى ثانية، ورغم شعورها بالرفض إلا أنها لم تكشف عن ذلك لأن حبها له أقوى من الرفض وتعلقها به زاد يوما بعد آخر وقررت أن تسير معه للنهاية، ولكن فجأة تقرر أناستازيا أن توقف هذه العلاقة الشاذة ولكن هذا ما يرفضه جراي ويؤكد لها أنه ضحية أم مهملة وعلاقات سابقة مع مومساوات ولن يستطيع التخلص من ممارساته.

في كل مرة كانت تتركه أناستازيا لم يستطع الطرفان أن يبتعدا كثيرًا لأن الحب كان أقوى من أي شيء آخر، ودائما يلتقيان من جديد ويفعلان ما يفعلانه حتى تطلب منه أناستازيا أن يمارس معها كل حركات السادية حتى تنتهي من هذا العذاب للأبد ثم تتركه ولكن في مشهد النهاية تقبل أن تعود من جديد.. الحب أيضا كان أقوى.

المشاهد الجنسية في الفيلم لا تزيد على 11 دقيقة تقريبا من أجمالي 125 دقيقة وهي التي تظهر فيها البطلة عارية تماما بينما كانت المخرجة سام تايلور جونسون حريصة للغاية في تصوير هذه المشاهد الجنسية والتي استعانت فيها بفريق تصوير متخصص في أفلام البورنو حتى تخرجها بمستوى عالٍ ودون أن تجرح عين المشاهد سواء بإظهار العضو الذكري للبطل أو عانة الفتاة لتقدم مشاهد جنسية قد تكون مقبولة اجتماعيا للكثير من المجتمعات، خاصة الغربية، باعتبار أن معظم الأفلام الرومانسية وحتى الكوميدية تضم أكثر من المشاهد الجنسية التي يقدمها هذا الفيلم رغم أن كثيرًا من الدول قررت أن تاخذ حذرها من الفيلم بناءً على الرواية مثل بريطانيا التي قررت منعه لمن دون الـ18 عامًا، بينما في فرنسا تم منعه لمن دون الـ12 عامًا، أما في لبنان قررت دور العرض منعه لمن دون الـ21 عامًا وسيعرض الفيلم أيضا في المغرب.

الفيلم رغم رفضه الظاهري للعلاقة السادية الشاذة إلا أنه وفي الوقت نفسه يروج لهذه الثقافة ويقدم العديد من المشاهد والتفاصيل التي لا يجب على مجتمعاتنا التعايش مع هذه الثقافة التي قد ينجم عنها أثر سيئ خاصة أن الرواية نفسها أثارت جدلا واسعا بين النساء اللاتي طلبن من أزواجهن تجريب هذه الممارسات معهن، وحتى رفض البطلة للعلاقة إلا أنها لم تستطع أن تتخذ قرارا نهائيا بوقف هذه العلاقة، كما أن الفيلم يقدمها بشكل رومانسي وعاطفي لا بشكل منفر وقاس، والفيلم يحمل في طياته ترويجا واضحا لهذه الثقافة.

وقد استطاعت الممثلة الشابة داكوتا جونسون أن تقدم دورها بدرجة كبيرة من الاحترافية واستطاعت أن تسيطر على المشاهدين بمشاعرها طوال الأحداث وأيضا أستطاعت المخرجة سام أن تجعل من صورة الفيلم عنصرًا إضافيًا للسيطرة على المشاهد حيث اختارت أماكن تصوير متميزة، ولقطات متنوعة من خلال استخدام أكثر من كاميرا في جميع الزوايا لتقدم فيلم مبهر على مستوى الصورة ولكننا في النهاية أمام تجربة تحمل كثيرا من الإثارة وقليلًا من الجنس وترويج واضح للشذوذ والسادومازوشية الجنسية.

المصري اليوم في

14.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)