ملك الترسو ووحش الشاشة بلا أنياب كما لقبته زوجته
الفنانة هدي سلطان، طل علينا بأدوار الفتى الشرير والبطل الفتوة والزوج
اللعوب والأب الحنون؛ معتدد الألوان ينطبق عليه مواصفات الفنان الشامل الذي
أصبح في وقت قصير نجم الجماهير، عرف بين أصدقائه بملك الجدعنة صاحب المواقف
الإنسانية التى لا حصر لها فهو الفنان الراحل فريد
شوقي.
ولد الفنان فريد شوقي بحي البغالة بالسيدة زينب في القاهرة
عام 1920، ثم انتقلت الأسرة لحي الحلمية الجديدة، تلقى دراسته الابتدائية
في مدرسة الناصرية، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وحصل منها على
الدبلوم، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، عمل كمهندس مساحة إرضاءً
للعائلة ثم تركها وتم تعينه في المسرح القومي عقب تخرجه.
كانت مسرحية "الجلف" أولى أعماله وكان لا يزال طالب في
المعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل على أول أجر قيمته 90 جنيهًا، وكان في
ذلك الوقت أجر كبير وتقدير من يوسف وهبي للممثل المسرحي.
اكتشفه المخرج حسن الإمام بالصدفة عندما كان يبحث عن بطل
لفيلمه الأول من إخراجه والذي كان يحرص على أن يظهر الفيلم بشكل جيد فقرر
أن يذهب للفنان محمود المليجي ليكون بطل فيلم "ملائكة في جهنم" لكنه رفض
بسبب الآجر، ظل الإمام يبحث عن بطل
جديد يكون له لونه الخاص في التمثيل، وهنا لعبت الصدفة
دورها عندما دعته الفنانة فاتن حمامة وزوجها المخرج عز الدين ذو الفقار
لحضور مسرحية "الجلف" في الأوبرا.
وعند العرض أعجب الإمام بشدة ببطل المسرحية الشرير وانتظر
عند انتهاء العرض وذهب له خلف الكواليس وعرض عليه بطولة الفيلم حينها حاول
فريد شوقى أن يخفى فرحته وقال بثقة: "معنديش مانع".
وبالرغم من رفض المنتج خوفًا من المجازفة ببطل جديد لكن
المخرج حسن الإمام راهن على موهبته وأصر على أن فريد شوقي هو بطل فيلمه
الأول، وبالفعل أثبت وحش الشاشة موهبته وأشاد به النقاد والجماهير وأعجبوا
بأداء الشر الجديد، وتتوالى الأعمال أبرزهم
"رصيف
نمرة 5، الفتوة، باب الحديد، جعلوني مجرمًا، حميدو، بداية ونهاية، عنتر ابن
شداد".
ولم يقتصر على التمثيل فقط بل كان بارع في الكتابة
السينمائية والإنتاج، وحصل على أكثر من 92 جائزة أبرزها وسام الفنون الذي
سلمه له الرئيس جمال عبد الناصر.
تزوج الفنان فريد شوقي خمس مرات الأولى من ممثلة هاوية وهو
في الثامنة عشرة من عمره وكانت تغار عليه كثيرًا، الثانية من محامية أحبها
كثيرًا وقال لها
إن لم تتزوجه سينتحر ثم تزوج من ممثلة غير معروفة زينب عبد
الهادي وأنجب منها منى، ثم النجمة هدى سلطان التي أحبها حتى وفاته رغم
الانفصال وأنجب منها ناهد، ومها وأخيرًا السيدة سهير ترك التي ظلت معه حتى
وفاته وأنجب منها عبير ورانيا لذلك لقب بأبي البنات.
لملك الجدعنة مواقف إنسانية كثيرة لا تحصى ولا تعد ولكن
أبرزها التالي:
-
كان يتسابق مع الفنانة تحية كاريوكا على فعل الخير والتنافس
في الأضحية وتوزيعها على العمال.
مساندة الوجوه الشابة ودعمهم وإتاحة الفرص لمن يرى فيه
الموهبة ولا يعترض على كتابة أسمائهم قبل اسمه.
كان يخصص وقتًا في يومه للسؤال على أصدقائه ومعارفه.
لم يكن لديه مدير أعمال لكنه كان يجيب على هاتفه بنفسه ولا
يرد أي شخص طلب مساعدته وكان يقابل جميع الصحفيين ولا يستثني أحد ويتعامل
مع أي شخص ببساطه شديدة.
من المستحيل أن يعرف أن صديقه أو زميله في العمل يمر بضائقة
إلا وساعده، من ضمنهم الفنان الراحل رياض القصبجي بعدما أصيب بالشلل لم
ينقطع عن زيارته يومياً ودعمه ماديًا ومعنويًا ومساندة نجله حتة بعض وفاته
تكفل بجنازته بالكامل وتعليم نجله حتى تخرج من الجامعة، وأيضًا
الفنانة فاطمة رشدي عندما علم أنها تسكن في بنسيون ولا تمتلك منزل ولا
تكاليف علاجها ذهب لها وقبل يديها وطلب لها مسكن وعلاج على نفقة الدولة.
رحل الفنان فريد شوقي عن عالمنا في يوم الإثنين 27 يوليو
1998 عن عمر ناهز الـ 78، إثر التهاب رئوي حاد استمر لمدة عامين نتيجة كثرة
السجائر التي كان يدخنها قبل رحلته مع المرض، وشيعت جنازته بشكل مهيب جدًا
من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير. |