رقم قياسي تسجله السينما العربية في مهرجان كان السادس
والسبعين (16-27 مايو) بمشاركة أربعة عشر فيلمًا عربيًا، تسعة أفلام طويلة
وخمسة قصيرة موزعة بين جميع أقسام المهرجان الرسمية والموازية تقريبًا.
الأمر الذي يعكس الحضور البارز للسينما العربية خلال الأعوام الأخيرة، سواء
من الدول ذات التقاليد السينمائية كمصر ولبنان وتونس، أو من دول أحدث عهدًا
بالسينما كالسودان والأردن.
إليكم كل المعلومات المتاحة حول الأفلام العربية المشاركة
في مهرجان كان 76..
بنات ألفة
Four Daughters
(تونس) – المسابقة الرسمية
بكل المقاييس يمكن اعتبار التونسية كوثر بن هنية واللبنانية
نادين لبكي المخرجتان الأنجح في السينما العربية خلال السنوات الماضية،
سواء بالحضور في أكبر المهرجانات، الترشح للأوسكار، أو تحول صانعة الأفلام
نفسها إلى نموذج معبر عن البلد والمنطقة الآتية منها.
لكن بينما تنغمس لبكي في كل عمل أكثر في إتقان الصياغات
التي تلائم ذائقة المشاهد الغربي وتوقعاته، تحاول بن هنية في كل فيلم
استكشاف الجديد فيما يتعلق بالوسيط السينمائي وطرق استخدامه. وإذا وضعنا في
الاعتبار كونها الأنشط بين مخرجات السينما العربية كلهن بغض النظر عن قدر
النجاح، فمن المؤكد أن أفلام كوثر بن هنية صارت بالفعل مسيرة مغايرة يمكن
دراستها بشكل مستقل.
"بنات
ألفة" هو ظهور بن هنية الأول في مسابقة كان الدولية بعدما شاركت في مسابقة
نظرة ما بفيلم "على كف عفريت" عام 2017. وفيه تواصل التجريب السينمائي، عبر
التعاون مع النجمة هند صبري التي تجسد شخصية حقيقية هي ألفة، المرأة
المثيرة للجدل التي انضمت بناتها لتنظيم داعش. فيلم يفترض أن يقع في مساحة
وسطى بين الروائي والتسجيلي، وهي مساحة يصعب عادةً أن تعمل فيها نجمة بحجم
هند صبري، لكنه نجاح كوثر بن هنية والثقة في قدراتها هو ما جعل عمل كهذا
ممكنًا.
وداعًا جوليا (السودان) – مسابقة نظرة ما
أول فيلم سوداني في التاريخ يتم اختياره للمشاركة في مهرجان
كان، الفيلم الأول للمخرج محمد كردفاني من إنتاج أمجد أبو العلا، صانع
الأفلام الذي نال جائزة أسد المستقبل في مهرجان فينيسيا عن فيلمه البديع
"ستموت في العشرين"، يتوازى الاختيار مع الأحداث السياسية المؤسفة التي
يشهدها السودان حاليًا لتجعل من "وداعًا جوليا" أحد أكثر الأعمال المرتقبة
بين أفلام مهرجان كان.
تمويل وصناعة "جوليا" استمر عدة سنوات، كوّن الفيلم خلالها
سمعة ممتازة، بحكايته التي تتابع وقائع غير متوقعة تجعل حياة أسرة ثرية من
الخرطوم تتقاطع مع حياة أسرى جنوبية فقيرة خلال الأشهر الأخيرة قبل استفتاء
تقسيم السودان. دراما شكسبيرية بامتياز سيكون التحدي الأكبر لمخرجها هو
تقديمها بأفضل صورة تلائم جاذبية الحكاية وتُعبر عن الحالة السائدة في
البلاد آنذاك.
عصابات
Les Meutes
(المغرب) – مسابقة نظرة ما
عام 2014 عرض المخرج كمال لزرق فيلم فيلمه القصير "مول كلب"
الذي حقق نجاحًا كبيرًا ونال جوائز وتفاعل مع حكايته التي تدور حول علاقة
بين شاب فقير وكلب في ليل مدينة الدار البيضاء. الحكاية نفسها الذي احتاج
المخرج عدة سنوات حتى يطوّرها إلى فيلم روائي طويل يدور في نفس الأجواء
تقريبًا.
العالم الخفي للحياة في ليل مدينة ضخمة ومعقدة، العلاقة
حيوانية الطابع بين البشر وبعضهم البعض، وبينهم وبين الحيوانات، كلها عناصر
ستعود لتظهر في فيلم كمال لزرق لكن بشكل أضخم وأكثر عمقًا من فيلمه القصير.
مشروع لزرق حمل خلال عملية التطوير عنوانًا انجليزيًا معبرًا هو "كلاب
Hounds"
لا نعرف إذا ما كان سيقرر الاحتفاظ به في نسخة الفيلم النهائية أم سيقوم
بتغييره.
كذب أبيض
Mother of All Lies
(المغرب) – مسابقة نظرة ما
من النادر أن يختار مهرجان كان فيلمًا وثائقيًا في مسابقاته
الرسمية، فلا يفعلها إلا عندما يُحقق صانع الفيلم إنجازًا فنيًا يستحق أن
يتنافس فيه الفيلم في مسابقة بحجم نظرة ما، وهو ما يجعلنا نترقب فيلم
المخرجة المغربية الشابة أسماء المدير، وهو أيضًا مشروع كوّن سمعة ممتازة
في برامج الدعم وورشات التطوير خلال السنوات الماضية.
تنطلق المدير من صورة فوتوغرافية هي الوحيدة الباقية من
طفولتها، وتبدأ الحديث مع أهلها محاولة البحث عن سر مسكوت عنه في ماضي
الأسرة، وماضي البلد كله، يتعلق بالانتفاضة الشعبية التي عُرفت بـ "ثورة
الخبز" خلال حكم الملك الحسن الثاني.
أسماء المدير تمزج بين الوسائط، وتستخدم تحريك العرائس مع
المواد الأرشيفية لتقديم رحلة اكتشافها للواقع وما بقي من أهوال الماضي.
عمل نتمنى أن تكون صورته النهائية على قدر الآمال المعقودة عليه.
إنشالله ولد (الأردن) – أسبوع النقاد
قبل سنوات صنع مخرجان أردنيان شابان هما دارين سلام وأمجد
الرشيد فيلمًا قصيرًا بعنوان "الببغاء"، لعبت بطولته النجمة هند صبري ونال
جوائز عديدة، مبشرًا بموهبتين كبيرتين، ظهرت أولهما بالفعل قبل عامين عندما
عرضت دارين سلام فيلمها الطويل الأول "فرحة" فحقق نجاحًا واضحًا، بينما أخذ
أمجد الرشيد وقته في إنهاء فيلمه الأول حتى صار جاهزًا ليكون أول فيلم
أردني في التاريخ يشارك في مهرجان كان.
"إنشالله
ولد" حكاية نسوية بامتياز وإن صنعها رجل وحمل عنوانها دعاء بالذكورة، عن
نوال ذات الثلاثين عامًا (منى حوا) التي يموت زوجها بشكل مفاجئ، لتدخل
صراعًا مع عائلته لا يمكن أن تنتصر فيه أمام ذكورية القانون والمجتمع إلا
لو رُزقت بطفل ذكر يكون وريث الأب الراحل.
عمر لافراز
Omar la Fraise
(الجزائر) – عروض منتصف الليل
مشاركة غير معتادة لفيلم عربي في القسم الذي يخصصه كان
لأفلام النوع: الرعب والأكشن والجريمة وغيرها من الأنواع الفيلمية، والتي
ينتمي لها فيلم المخرج الشاب إلياس بلقدار، المولود في 1988 والذي شاركت
أفلامه القصيرة من قبل في أسبوع النقاد بكان ونال جائزة لجنة التحكيم
الخاصة في مهرجان كليرمون فيران.
الجزائر العاصمة هي موقع الأحداث، التي يضطر المجرم ذي
الخمسين عامًا أن يلجأ إليها بعد طرده من فرنسا، فيحاول إثبات وجوده داخل
عالم الليل القاسي الحافل بالصراعات. وعندما يُدرك البطل أن خطورته صارت من
الماضي بمرور السنين، يقرر أن يشكل فريقًا شابًا يستعيد به مكانته في عالم
الجريمة. حكاية يفترض أن تجتمع فيها أزمات منتصف العمر النفسية مع تحديات
العالم السفلي للعاصمة الجزائرية.
صحاري
Deserts
(المغرب) – نصف شهر المخرجين
خلال القرن الحالي قدمت السينما المغربية العديد من المواهب
الملفتة، لكن يبقى الثلاثي الأكثر تأثيرًا والأغزر إنتاجًا وحضورًا هم فوزي
بن سعيدي ونبيل عيوش وهشام العسري، باستمرارهم في إنتاج أفلام تلقى
اهتمامًا دوليًا وتُعرض في المهرجانات الكبرى.
يعود فوزي بن سعيدي إلى كان بعد عشرين عام من مشاركته
بفيلمه الطويل الأول "ألف شهر" في مسابقة نظرة ما عام 2003، ووقتها نال
الفيلم جائزتي النظرة الأولى وسينما الشباب (كلا الجائزتين غير موجودتين
حاليًا بنفس المسمى). بعد جولة بأفلامه اللاحقة في برلين وفينيسيا، يرجع بن
سعيدي ليعرض فيلمه الجديد "صحاري" في قسم نصف شهر المخرجين.
أحداث الفيلم عن اثنين من المجرمين يقطعان رحلة في الصحراء
لجمع أموال الرهن العقاري من سكان ضربهم الفقر. يصف الموقع الرسمي "صحاري"
بأنه أشبه بأفلام الويسترن تدور مناطق من المغرب نادرًا ما نراها على
الشاشة، مما يؤكد أن بن سعيدي سيقدم مجددًا حكاية تحمل بصمته الخاصة التي
تجمع عالم الجريمة بالحياة في بلاده.
ماشطات (تونس) – قسم آسيد
ACID
آسيد هي مؤسسة توزيع السينما المستقلة، شبكة من الجهات
الساعية لدعم السينما المستقلة حول العالم، والتي تنظم من بداية التسعينيات
برنامجًا موازيًا لمهرجان كان، يُعد الثالث في الأهمية بين البرامج
الموازية بعد نصف شهر المخرجين الذي تنظمه نقابة المخرجين وأسبوع النقاد
الذي ينظمه اتحاد النقاد. يعرض القسم هذا العام فيلمين وثائقيين عربيين.
الفيلم الأول هو "ماشطات" للمخرجة التونسية سونيا بن سلامة،
وثائقي تتابع فيه ثلاث نساء تعملن ماشطات، وهو الاسم الذي يُطلق على مغنيات
الأعراس التقليدية في تونس. الأم مديحة تحاول مساعدة الابنتين نجاح ووفاء،
الأول طُلقت مؤخرًا وتحاول الزواج مرة أخرى للهرب من سلطة أشقاءها الذكور،
والثانية تحاول عن الهروب من زيجتها التعيسة.
البحر وأمواجه
La Mer et ses vagues
(لبنان) – آسيد
الفيلم الثاني في فيلم أسيد وثائقي لبناني من إخراج الثنائي
ليانا ورينو، ملخصه الرسمي يقول: "في ليلة اكتمال القمر، تصل الشابة نجوى
والموسيقي منصور إلى بيروت، يقتفون أثر المهربين بغرض العثور على امرأة في
الجانب الآخر من البحر. على بعد عدة شوارع، يحاول سليم حارس المنارة القديم
إصلاح الكهرباء في حيه".
المخرجان يقولان أن هدفهما الرئيسي كان "استكشاف الخط
الرفيع بين الدراما والضحك، بين الجاذبية والجنون الذي تجده في شوارع
بيروت، محاولين البحث عن أسباب شعور الجميع بأن المدينة تتسبب في ألمهم".
عيسى – أعدك بالفردوس
I Promise You Paradise
(مصر) – أسبوع النقاد
بعد ثلاثة أفلام قصيرة ناجحة يواصل المخرج مراد مصطفى في
فيلمه القصيرة الرابع (ومشاركته الأولى في كان) التطرق لموضوعه المفضل:
حياة المهاجرين الأفارقة في مصر. الموضوع سيتكرر في المستقبل القريب في
فيلم مراد الطويل الأول، لكنه يتمثل في "عيسى" في شخصية الشاب ذو السبعة
عشر عامًا، والذي يحاول تدبير مبلغ من المال لإنقاذ علاقة خاصة بشخص قريب
منه.
البحر الأحمر يبكي
The Red Sea Makes Me Wanna Cry
(الأردن) – نصف شهر المخرجين
لا تقتصر مشاركة الأردن على "انشالله ولد"، بل تكتمل باختيار فيلم المخرج
فارس الرجوب القصير في نصف شهر المخرجين. الفيلم تم تصويره بخام 16 مم في
مدينة نائية بجنوب الأردن وتقول المواد الدعاية أنه يتابع حكاية آيدا التي
يسكن روحها شيء ما، وحتى تودع حبيبها وتستشعر وجوده للمرة الأخيرة تسافر
إلى مكان ناءٍ حيث اختفى.
البيت يشتعل وقد يصير دافئًا
The House if on Fire, Might as well Get Warm
(الجزائر) – نصف شهر المخرجين
الفيلم العربي القصير الثاني في اختيارات نصف شهر المخرجين، من إخراج مولود
آيت ليوتنا. لا نعرف عنه الكثير حتى الآن باستثناء عنوانه الساخر وملخص
قصير يقول إن القصة عن "شاب يودع منطقة القبائل قبل رحيله إلى فرنسا".
الترعة (مصر) – مسابقة المدارس (سينيف)
بعد تغيير اسم مسابقة أفلام المدارس والمعاهد السينمائية من
الاسم الشهير "سينيفونداسيون" إلى الاسم المختصر "سينيف" يأتي المخرج الشاب
جاد شاهين ليسجل أول مشاركة مصرية تحت المسمى الجديد بفيلمه "الترعة"،
بعدما كان عمر الزهيري آخر مصري يشارك في المسابقة بالاسم القديم عندما
شارك عام 2014 بفيلمه القصير الساخر "ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام
بالكيلو 375".
المسابقة تفتح الأبواب للمواهب ليشاركوا في برامج التطوير الخاصة
بالمهرجان، والتي خاضها الزهيري ليشارك فيلمه الطويل الأول "ريش" في
المهرجان ويحصد جائزتين. نتمنى أن يثبت جاد شاهين أحقيته في مسار مماثل
بفيلمه الجديد، الذي يدور في قرية مصرية داخل أجواء كابوسية، تختلط فيها
أسطورة شعبية كالنداهة بمحاولة مراهق للتحرر من سلطة أمه.
قمر (المغرب) – مسابقة المدارس (سينيف)
تتافس المغرب في مسابقة المدارس والمعاهد السينمائية أيضًا
بفيلم للمخرجة زينب واكريم مثلًا لمدرسة إيساف للسينما بمراكش
ÉSAV Marrakech.
الفيلم تدور أحداثه داخل الثقافة الأمازيغية عن أطفال مولودين بحساسية
للآشعة فوق البنفسجية بما يجعل ضوء الشمس خطر عليهم، فيقضون حياتهم في ضوء
القمر ويجعلونه مصدرًا لإلهامهم. |