تونس ـ
العرب أونلاين ـ وكالات: يمثل الفيلم الوثائقى أحد أهم الوسائل التى تساعد
على فهم روح الشعوب والبلدان وهو يلبى بالنسبة إلى البعض الحاجة لحفظ
الذاكرة الجماعية ويمثل للبعض الآخر عملا نضاليا ثقافيا فيه إثبات
للمواطنة.
الأستاذ
الجامعى والناقد السينمائى الهادى خليل مؤلف كتاب "ابجديات السينما
التونسية" باللغة الفرنسية يذهب الى أبعد من ذلك حيث يعتبر أن كل شعب لا
بلد له وكل بلد لا شعب له إذا لم يحفظ تاريخه وثقافته ونضالاته ولم يعبر عن
تطلعاته وأفراحه وأتراحه.
وفى تونس
يعتبر الفيلم الوثائقى ثمرة عدة تجارب تعود الى سنوات السبعينات التى شهدت
بروز جيل من المخرجين الموهوبين على غرار الطيب الوحيشى الذى اخرج فيلم "قريتى
بين القرى" و" المزارع" لكن الفيلم الوثائقى او التسجيلى عرف انطلاقته
الحقيقية بداية من الثمانينات وحتى يومنا هذا حيث افرز توجهات وتيارات
اصبحت تعرف ب "مدرسة تونس للسينما التسجيلية".
ومن
الأسماء التى لمعت خلال هذه السنوات نذكر المخرج حميدة بن عمار صاحب فيلم
"الزيتونة فى قلب تونس" سنة 1981 و"الخط العربي" سنة 1971 وكذلك المخرج عبد
الحفيظ بوعصيدة الذى اخرج فيلم "جزيرة اللوتس" سنة 1982 والمخرج محمود بن
محمود صاحب فيلم " ايطاليون من الضفة الاخرى" سنة 1992.
واثر ذلك
مر الفيلم التسجيلى التونسى بفترة فراغ نسبيا قبل ان يستعيد حيويته خلال
خلال السنوات الاخيرة مع ظهور جيل جديد من المخرجين الوثائقيين تحركهم
ارادة قوية لجعل السينما فى خدمة اشكاليات الواقع وتفاصيله.
ويمكن ان
نذكر ضمن هذا التوجه تجربة هشام بن عمار مخرج ومدرس مادة الانتاج السمعى
البصرى بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار بتونس الذى اخرج فى الفترة من 1998 الى
2002 الاشرطة الوثائقية "كفيشنطا" و"رايس لبحار" و"شوفت النجوم فى
القايلة".
وهذا
الفيلم الأخير الذى نال جائزة المركز المتوسطى للاتصال السمعى البصرى
وتناهز مدته 75 دقيقة يروى تاريخ رياضة الملاكمة فى تونس من خلال بورتريهات
عدد من الملاكمين التونسيين البارزين من أجيال مختلفة.
وحول
الفيلم الوثائقى فى تونس وموقعه بين سائر الأجناس السينمائية الأخرى أوضح
هشام بن عمار فى تصريح صحفى لأحد وسائل الإعلام التونسية ان هذا النوع من
الأفلام يلبى فى الحقيقة حاجة ضرورية لحفظ الذاكرة ويتيح امكانية التعبير
عن راى معين او الدفاع عن مواقف أخلاقية لطرف ما وكذلك الاشتغال على اللغة
والكتابة وهو فى نهاية المطاف افضل وسيلة للقيام ببحوث بامكانيات متواضعة.
وبين ان
الفيلم الوثائقى هو انتاج فنى قائم الذات وهو يفتح الطريق لاكتشافات تجمع
بين الصرامة العلمية للمحتوى والابداع فى معالجة القضايا، وخلص الى القول
ان الأمر يتعلق بتمرين سينمائى متكامل ومشوق وصارم لا يستقطب للأسف الكثير
من المريدين مضيفا لذلك احاول فى اطار التدريس او الانشطة الجمعياتية التى
اقوم بها ان انشر ثقافة الفيلم الوثائقى على نطاق واسع.
ويصنف
هشام بن عمار الفيلم الوثائقى الى عدة أنواع مثل الفيلم الوثائقى الابداعى
وهو عمل فنى باتم معنى الكلمة والفيلم الوثائقى العلمى او البيداغوجى والذى
يمكن ان تنتجه الجامعات ومراكز البحوث والفيلم التسجيلى التلفزيونى الذى
ياخذ شكل التحقيق الصحفى.
وفى هذا
الاطار يمكن ذكر فيلم "كحلوشة" للمخرج نجيب بلقاضى انتاج سنة 2006 وهو يروى
حكاية عامل يومى فى التزويق "منصف كحلوشة" وسكان حى شعبى "خزامة سوسة"
لايفتقرون الى الطرافة وقد حظى هذا الفيلم بقبول طيب حيثما عرض فى تونس وفى
المهرجانات الدولية الكبرى وقد اختير لتمثيل تونس فى مهرجان كان ضمن قسم
"سينما العالم" سنة 2006.
كما حصل
على جائزة "المهرة الذهبية" فى مهرجان دبى سنة 2006 ووقع عليه الاختيار
ايضا للمشاركة فى مهرجان"الشمس الراقصة" فى الولايات المتحدة الامريكية
الذى يعتبر اهم تظاهرة للفيلم الوثائقى هناك.
وبهدف
تشجيع انتاج الأفلام التسجيلية فى تونس تم اقرار العديد من المبادرات على
غرار تنظيم المهرجان الدولى للفيلم الوثائقى "دوك تونس" واحداث الوكالة
الوطنية للانتاج السمعى البصرى التى انتجت مجموعة من الافلام الوثائقية
الجيدة تتعرض لمواضيع اجتماعية وثقافية وبيئية وترسم بورتريهات لفنانين
تونسيين.
العرب أنلاين في 15
يناير 2008
|