جديد حداد

 
 
 
 

من رواد السينما المصرية..

محمد كريم.. المعلم الأول

( 4 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

مع عبدالوهاب:

عندما طلب محمد عبدالوهاب من كريم أن يخرج له فيلماً غنائياً، إسوة بالمطربة نادرة في فيلمها (أنشودة الفؤاد)، قام محمد كريم بإخراج فيلم (الوردة البيضاء) عام 1933، والذي صور الجزء الأكبر منه وسجلت أغانيه في أستوديو »توبيس لانج« بباريس، وعرض في سينما رويال وحقق إيرادات قدرت بحوالي مائة ألف جنيه، وتقاضى كريم خمسمائة جنيه عن الإخراج، وقد أخرج محمد كريم فيما بعد جميع أفلام محمد عبدالوهاب. وحتى عام 1959، كان محمد كريم قد أخرج تسعة أفلام تسجيلية قصيرة، وسبعة عشر فيلماً روائياً طويلاً .

كان محمد كريم مثالاً للفنان الملتزم بفنه، وهو أيضاً صاحب مبادئ لم يحيد عنها طوال حياته.. إنه فنان يحترم فنه ويرفض أن يخلط بين الفن والتجارة، فقد أخذ على نفسه عهداً بعدم الابتذال منذ بداية مشواره السينمائي. كان يغضب كثيراً عندما يعرض عليه أحد المنتجين إخراج فيلم يريد به الكسب التجاري السريع، دون التكاليف الباهظة، فهو هنا لا يكتفي للاعتذار أو بالرفض، بل تصل به ثورته ـ أحياناً ـ الى أن يمزق السيناريو، أو يبادر بالاعتداء على هذا المنتج. وكانت بالتالي نتيجة طبيعية في أنه عاش أغلب سنوات حياته يعاني أزمات مادية صعبة، وكان يتحمل كل هذه الأزمات دون أن يتنازل عن مبادئه الفنية، ولو إنه فعل عكس ذلك، لاستطاع أن يخرج عشرات الأفلام ويقتني أفخر السيارات ويسكن أفخم الفلل، لكنه عاش طوال حياته فقيراً بالرغم من مكانته الرفيعة فنياً.. كان يستخدم الترام ويسكن شقة متواضعة بالإيجار، ولم تفلح كل وسائل الإغراء في إقناعه بالتنازل عن أيٍ من مبادئه، حيث لم تكن لشهوة المال أية سطوة عليه، رغم إنه كان صاحب أفضال كثيرة بأعماله التي أثرى من ورائها الكثيرون، وهذا ما يفسر إن عدد الأفلام التي أخرجها على مدى أربعين عاماً، هي عمره الفني، أقل بكثير من عدد الأفلام التي أخرجها أي مخرج مبتدئ.

أول نقيب للسينمائيين:

عندما اجتمع شمل الفنانين السينمائيين لأول مرة في عام 1943، وكونوا نقابة لهم، اختاروا محمد كريم ليكون أول نقيب للسينمائيين، وذلك تقديراً لجهوده وريادته في السينما المصرية.

كما إن الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة آنذاك، عندما أنشأ أول معهد للسينما في الوطن العربي، وذلك في عام 1959، اختار محمد كريم ليكون أول عميد لهذا المعهد.. واستمر كريم يدير المعهد لعدة سنوات، بذل فيها الكثير من الجهد لرفعة مستوى الخريجين، وبالتالي رفعة شأن السينما المصرية، بينما عملت البيروقراطية على نفاذ صبره، فلم يستطع الاستمرار في العمل كعميد للمعهد، حيث كان مقتنع تماماً في أن هذا العمل يتطلب السرعة في الإنجاز وتلبية الحد الأدنى من المطالب العاجلة، فوجد بأن تنفيذ ذلك أمر مستحيل، وآثر أن ينسحب من عمادة معهد السينما، هذا المعهد الذي أسسه هو ووضع لبناته الأولى.

وقبل وفاته بأربع سنوات، قدمت له الدولة منحة تفرغ لكتابة تاريخ السينما المصرية، حيث عكف على البحث والدراسة معتمداً في ذلك على ذكرياته وذكريات أصدقائه المقربين إليه، وذلك لعدم وجود مصادر أخرى يعتمد عليها في بحثه هذا، ومات قبل أن يكمل كتابة هذا التاريخ، الذي عُهد بتكملته الى المخرج أحمد كامل مرسي.

 

أخبار الخليج في

16.06.2019

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004