جديد حداد

 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

عفواً أيها القانون

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

فيلم (عفواً أيها القانون - 1985).. صرخة احتجاج ضد قانون العقوبات المصري، أطلقتها المخرجة المصرية »إيناس الدغيدي« في أول افلامها السينمائية الذي يحمل نفس الاسم. وقد أثار هذا الفيلم عند عرضه لأول مرة ضجة كبيرة بين مؤيد ورافض للفكرة الجريئة التي طرحها، علماً بان الجميع قد اتفق على ان المخرجة إيناس الدغيدي قد نجحت في إثبات وجودها كمخرجة سينمائية، واستطاعت ان تجد لها مكاناً مرموقاً الى جانب أساتذتها في الاخراج.

وقبل البدء بالحديث عن هذا الفيلم ومخرجته، لابد لنا من الحديث أولاً عن دور المرأة في الإخراج السينمائي المصري. فمن بين أبرز الظواهر في السينما المصرية في عقد الثمانينات بروز المرأة ـ من جديد ـ كمخرجة للفيلم الروائي، حيث كان للمرأة المصرية تجارب رائدة في الإخراج السينمائي. فالسينما المصرية عند نشأتها قامت على أكتاف نساء رائدات أمثال عزيزة أمير، فاطمة رشدي، بهيجة حافظ، أمينة محمد، آسيا داغر. فقد قمن بإخراج بعض الافلام، إلا انهن لم يواصلن وتفرغن للإنتاج والتمثيل فيما بعد. هذا إضافة الى ان دور المرأة قد برز في مجالات فنية اخرى ككاتبة للسيناريو وكمساعدة للإخراج ومنتيرة وغير ذلك، على مدى تاريخ السينما المصرية.

عودة المرأة الى عالم الاخراج السينمائي جاءت كضرورة ملحة لطرح قضايا المرأة المعاصرة. فالسينما المصرية، وعلى مدى تاريخها الطويل، قد أساءت الى المرأة وقدمتها في صورة سلبية، كما أغفلت ـ ربما عن عمد ـ الجانب الايجابي لدور المرأة في المجتمع. فليست المرأة المصرية هي الراقصة أو بائعة الهوى فقط، بل هي ايضاً السيدة الفاضلة القوية التي تتحمل وتواجه مصاعب الحياة بكل صبر وشجاعة.

وبما ان المخرج الرجل هو الذي يصنع الافلام، فالسينما المصرية كانت تعكس ـ في معظمها ـ فكر الرجل التقليدي عن المرأة. لذلك غالباً ما يشوه وضعها الاجتماعي نتيجة جهله لمشاكلها وتخلف موقفه الاجتماعي تجاهها. فالملاحظ بان السينما المصرية قد قدمت المرأة من زاوية علاقتها بالرجل، مع التركيز على الانوثة والاغراء والانحراف، والبعد عن دور المرأة وعلاقتها بالمجتمع، ودورها كإنسانة صاحبة رأي أو موظفة محترمة، أو حتى إبراز صراعها مع المجتمع والحياة العامة.

وهذا ـ بالطبع ـ لا ينفي ان تكون هناك افلام قليلة تعد على أصابع اليد، عالجت مواضيع المرأة وقضاياها بشكل إيجابي بناء، مثل افلام (الحرام، ولا عزاء للسيدات، الشقة من حق الزوجة، امرأة مطلقة). ولكن أبرز الافلام عن المرأة وقضاياها قدمه المخرج سعيد مرزوق تحت عنوان (أريد حلاً) عام 1975، وهو الفيلم الذي كتبته الصحفية حُسن شاه، وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة فاتن حمامة. هذه الافلام تقف وحدها أمام كم ضخم من الافلام تجاوز الالفي فيلم، أنتجتها السينما المصرية عبر مسيرتها الطويلة.

لذا علينا ان نشير الى جانب هام في هذا الموضوع، وهو ان الخطر لا يمكن فقط في التشويه الذي تعرضت له المرأة في تلك الافلام، ولكنه يتجسد ايضاً في تصدير هذا التشويه الى المرأة كمتلقية لمثل هذه الافلام الشاذة. وتبقى الاشارة الى هذا التساؤل الذي يطرح نفسه دائماً على الساحة السينمائية المصرية، وهو.. هل استطاعت المرأة المخرجة ان تساهم في إبراز قضايا المرأة الملحة، وذلك من خلال الافلام القليلة التي قدمتها؟! وهل استطاعت ان توجد لها مكانة بارزة في عالم الاخراج السينمائي المصري الذي سيطر عليه الرجل طوال هذه السنين؟! والاجابة على هكذا تساؤل ليست بالأمر اليسير، بل ولا تأتي إلا من خلال متابعة لصيقة لمجمل ما قدمته المرأة من افلام، ثم ان الاجابة لا تكون بنعم أو لا، فالمسألة نسبية ولا يمكن تحديدها هكذا بشكل مطلق، وهي ايضاً تحتاج الى بحث متواصل ليس مجاله هنا. ونكتفي بذكر أسماء المخرجات اللواتي قدمن تجاربهن، وهن: نادية حمزة، نادية سالم، بالإضافة الى مخرجتنا إيناس الدغيدي.

 

أخبار الخليج في

10.08.2019

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004