ماهو سبب اختيارك للمخرج محمد خان ليكون موضوع كتابك النقدي الأخير؟
أكثر ما شدني في تجربة المخرج الكبير محمد خان، هو ذلك
الاهتمام من جانبه بشخصياته وما يحيط بها من تفاصيل صغيرة.. ربما يراها
الآخرون غير مهمة، إلا أنها عامل هام في إبراز دواخل هذه الشخصيات.
في كتابي الثاني هذا.. تعلقت كثيراً بشخصيات خان
السينمائية.. رأيتها مختلفة عن ما تطرحه السينما المصرية.. فأبطال محمد خان
شخصيات حزينة وحيدة متمردة وغير منتمية، وتمثل خليطاً مركباً من المشاعر
والأحاسيس المتناقضة.. بين الجد واللامبالاة، النقاء والتردد، التواضع
والكبرياء، الحلم والإحباط، الغربة والانتماء. هذه هي طبيعة شخصيات محمد
خان، فهي أبعد ما تكون عن الأنماط الاجتماعية المتوائمة مع مجتمعها. فهو لا
يبحث عن نوعية محددة من الأفلام، وإنما يبحث عن شخصيات مميزة وغير نمطية..
شخصياته هي غير القادرة على التأقلم مع مجتمعها، تعيش في صراع دائم بين
الحلم والواقع، في بحث دائم عن الذات والحرية الشخصية.
إضافة إلى ذلك.. كان لابد من التأكيد على أن هذا المخرج
المجتهد.. أراد ومن خلال جميع أفلامه، خلق جمهور واعٍ ومثقف سينمائياً
ومتذوق لهذا الفن.. وهو بصفته فنانا غير تقليدي، لا يريد أن ينصاع لرغبات
الجمهور، بل يريد أن يعوده على ما يقدمه له.
·
تحدث الناقد حسن حداد عن المخرج السينمائي المصري محمد خان بأنه من
ابرز الذين جددوا وغيروا في السينما المصرية و يبحث دوما عن إطار وشكل
جديدين لأفلامه يميزها عن بقية ما أنتجته وتنتجه السينما السائدة ...
كما تحدث الكتاب عن اتهام محمد خان بأنه مخرج شكلي يهتم بالجانب التقني
( الصورة) أكثر من اهتمامه بالمضمون ( الحدوتة). ؟ أتمنى إلقاء الضوء
على هاتين النقطتين ...
خان يفاجئنا دائماً، مع كل فيلم يقدمه، بطرح فكري وفني
متميز ورؤية سينمائية ذات أسلوب خاص ومبتكر، لا علاقة لتلك الرؤية بالأسلوب
التقليدي الذي اعتاد عليه معظم المخرجين المصريين. فهو فنان يعشق السينما
ويمارسها كما يتنفس الهواء، يصور باستمرار متوغلاً في بحثه الدائم هذا.
أما بالنسبة للاتهام الموجه لمحمد خان، فهذا ما لا أتفق معه
كثيراً.. فأنا أرى بأن ما يميز خان أكثر هو طرحه لمضامين وشخصيات جديدة
ومبتكرة لم تعهدها السينما المصرية. ربما لا يكون هناك اهتمام واضح من خان
بالحدوتة التقليدية في أغلب أفلامه، إلا أنه يهتم كثيراً بشخصياته والتوغل
في أعماقها، وذلك للكشف عن جوانب هامة في تركيبتها، وإضفاء أبعاد إنسانية
عميقة وصادقة عليها، يطرح من خلالها قضايا فردية، إنما تعكس مجتمعاً
بكامله.
·
ما الرابط الذي يريد الناقد حسن حداد أن يخلقه في الكتاب بين المخرج
محمد خان والفنان الراحل أحمد زكي ؟
أولاً.. أنا عاشق لفن كليهما.. واعتقد جازماً.. بأن أحمد
زكي، طاقة أدائية خلاقة من أبرز حسنات السينما المصرية.. فنان من رأسه إلى
أخمص قدميه، افتقدته السينما العربية.. كان فناناً مجتهداً جداً، يهتم
كثيراً بالكيف على حساب الكم، يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه.
وارتباط اسم هذا النجم الكبير باسم المخرج محمد خان.. لم
يكن اعتباطيا.. فقد جاءت جائزته الأولى عن دور "فارس" في فيلم (طائر على
الطريق)، الذي قدمه محمد خان عام 1982. ومن ثم مجموعة هامة من الأفلام
قدماها مع بعض.. مثل (موعد على العشاء، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا،
أيام السادات).
وأردت أن أهدي هذا الكتاب إلى اسم هذا الفنان الأسطورة..
أحمد زكي.