يصور فيلم «حب البنات» للمخرج المصري خالد الحجر الذي يعرض حاليا في القاهرة نمو علاقات انسانية بين ثلاث شقيقات من أب واحد وأمهات مختلفات بعد أن جمعتهن الملايين الموروثة عن الاب فظهر الانساني اعمق من المادي بعد ان ابتعدت حياتهن عن بعضهن لظروف مختلفة ترتبط بمغامرات الاب العاطفية. لقي الفيلم إعجابا من النقاد رغم محدودية الفكرة التي يطرحها بسبب الافكار المسبقة التي رسمت الخطوط العريضة للسيناريو الذي قام بتاليفه الكاتب تامر حبيب وهو نفسه الذي كتب سيناريو فيلم «سهر الليالي» الذي اعتبر بداية لعودة السينما الجادة وطرح امكانية تحقيق التوازن بين الجدية وتحقيق الربح في مواجهة موجة السينما الكوميدية او مايطلق عليها سينما الشباب. وعبرت عن ذلك الناقدة علا الشافعي بقولها «الفيلم من النوع الخفيف التجاري ولكنه المعقول في ظل الانحدار الذي تعيشه السينما المصرية في الوقت الحالي وتميز بانه استطاع ان يمزج الموقف الانساني بالموقف الكوميدي بشكل جيد وان بقيت افكاره محكومة بشكل مسبق ضمن عالم يحلم به كاتب السيناريو فلم يجد عقدة تجمع ابطال الفيلم سوى ان تكون البطلات من النساء الثريات». وأيدها في ذلك الناقد اشرف بيومي مضيفا «هل حقا يمكن لفيلم يركز على ثلاث فتيات فقيرات ان ياخذ نفس المنحى؟ فهذا الاصطناع وخلق حالة من الابتعاد الانساني الذي يعيده الى صفائه. العودة الى المال لا يعبر عن غالبية الناس الذين يشكلون الغالبية في الواقع الاجتماعي ولا اموال لديهم تعيد اليهم صفاء حياتهم الانسانية». واتفقا أيضا على أن «الفيلم رغم وقوعه تحت التخطيط المسبق للكاتب الا انه يغازل منطقة مهمة في الوجدان هي العلاقة الانسانية التي يجب الحفاظ عليها وتحميل الاهل مسؤولية التسبب في المشاكل النفسية التي يتعرض لها اطفالهم ودعوة لاعادة تربية واقع مريض بشكل صحي في العلاقة بين الرجل والمرأة». تتكشف هذه الوقائع من خلال احداث الفيلم التي تبدأ بظهور الفنان اشرف عبد الباقي كطبيب نفسي يلتقي مع الفنانة ليلى علوي لحظة افتتاح عيادته وهي ايضا شقته السكنية في نفس العمارة التي تعيش فيها وهي تنقل انبوبة اكسجين لوالدها المريض الذي يموت قبل ان تصله الانبوبة. ومع مسار الاحداث وحياة الوحدة التي يعيشها كل منهما تنشأ علاقة خاصة بينهما مبنية على نوع من التواصل الانساني الذي يتزايد من خلال مواقف كوميدية بعيدا عن اللغة السائدة الان في سينما الكوميديا. وتتطور العلاقة بعد ان تحضر شقيقتاها من والدها من امهات مختلفات لحرصهن على الحصول على ميراثهن من ابيهن. فالوالد قبل موته كتب وصية اشترط فيها ان تعيش الفتيات الثلاث (ليلى علوي وحنان ترك وهناء شيحا) تحت رعاية اكبرهن (ليلى علوي) لمدة عام تحصل كل منهن في نهاية المدة على حصتها التي تبلغ خمسة ملايين جنيه. وخلال ذلك يقوم كاتب السيناريو حبيب بتعرية العالم الداخلي لكل منهن والمشاكل التي تركتها مغامرات الوالد العاطفية داخل كل منهن بمساعدة الطبيب النفسي والعلاقة العاطفية التي ترتبط كل منهن بها. فليلى علوي ترتبط مع احمد عز حنان ترك باحمد بردى وهناء شيحا ترتبط في البداية بخالد أبو النجا ثم تكتشف أنها مرتبطة مع الطبيب الذي وصل لنفس النتيجة ايضا قبيل نهاية الفيلم. فنرى ليلى علوي تضحي دائما بحبها وتبقى قرب والدتها المريضة التي تموت ويلحق بها والدها ليتبين فيما بعد انها تهرب من الارتباط بحبيبها عز خوفا من ان تتعرض لما تعرضت له والدتها من خيانات الاب. وتتحول الفتاة حنان ترك إلى امرأة كارهة للرجال نتيجة غرس والدتها لها ثقافة ان الرجال خونة لا امان لهم فتتصرف كالرجال وبعدائية ضد كل من حولها وتشكل الحالة الاكثر صعوبة في التعامل مع شقيقتها الكبرى وتمر في الكثير في التناقضات الداخلية اثر لقائها ببردى. أما هناء شيحة الشقيقة التي عاشت في الغرب مع والدتها وحضرت فقط من اجل الميراث فانها تفتقد اي مشاعر تربطها مع والدها او شقيقتيها. فرغم حضورها الى مصر في اكثر من رحلة سياحية فإنها لم تفكر بزيارة اي منهم وتتعامل بانفتاح على من حولها مما يسبب لها مشكلة مع ابو النجا الذي اعتقد انها تحبه ويحاول السيطرة عليها الا انها تضع حدا له. ينتهي الفيلم وحياة كل من الشقيقات قد حلت معضلتها اضافة الى مشاعر تحمل مسؤولية كل منهن الاخرى وعودتهن الى الانساني الذي فقد بينهن بسبب الظروف التي احاطت بنشأة كل منهن واستطاع الفيلم أن يحقق حتى الان نجاحاً تجارياً جيداً بإيرادات تصل إلى ثلاثة ملايين جنيه (950 الف دولار). جريدة الرأي في 5 فبراير 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
الفيلم المصري "حب البنات" إيقاعات إنسانية للأغنياء فقط |
|