تأمل بسيط في زخم وتنوع العروض التي قدمها مهرجان غوتنبورغ ال27 يكشف الجهد المبذول لتحقيق الهدف المعلن لمنظميه في تقريب عالمي الشمال والجنوب عبر فن السينما. فخلال أيام معدودات وبدفعة واحدة وفر المهرجان للجمهور السويدي فرصة الأطلاع على عوالم مختلفة، بعيدة ومتناقضة، غير أنها كافية الى حد معقول لطرح اسئلة جديدة وتصورات بعيدة عن الانطباعات السائدة والأحكام المسبقة ضد الطرف الجنوبي المجهول والبعيد. عروض عربية متميزة من تجليات هذا الأتجاه العروض العربية وخاصة فيلم "طيارة من ورق" لرندة الشهال صباغ. حساسية الفيلم نابعة من موضوعه الذي تناول قرية لبنانية حدودية قسمها الاحتلال الأسرائيلي الى قسمين، وترك حياة الناس تتنازع بين الرغبة في التواصل الروحي والأجتماعي، وبين الشروط الحياتية التي فرضها الواقع الجديد. تجنبت المخرجة الخوض في التفاصيل الدقيقة لحياة الناس في شطري القرية وبدلا منها ركزت على شابة من القرية لم تتجاوز السادسة عشر من العمر أسمها ليما، لتقدم عبرها صورة مركبة لحياة الناس و سلوكهم في وسط أجتماعي لم تتهرب الشهال من نقده ولم تتعكز على الاحتلال في تبرير تخلفه وأزدواج تركيبته الأخلاقية. فليما (فلافيا بشارة) تجبر على الزواج من أبن عمها سامي الذي يعيش مع عائلته في القسم المحتل من القرية، وعندما تصل اليه ترفض معاشرته، بل تعترف بكراهيتها له، وتقرر بعد مدة قصيرة العودة الى أهلها، منتظرة لقاءها المستحيل بحبيبها الدرزي يوسف (ماهر بصيص) المجند في الجيش الأسرائيلي. مهارة الشهال تكمن في معالجتها لهذة العقدة سينمائيا، فقد أستعانت بكل السبل الفنية لتوصيل أحاسيس الناس بحجم الخسارة والقساوة التي يحيونها، لجأت الى الكاميرة المحمولة، الموسيقى والغناء والحوار الفنتازي الذي تكفل بنقل صورة تهكمية لواقع فرضه الاحتلال عسفا ولم يختر أحدهم موقعه فيه. ساهم زياد الرحباني في إضفاء مناخ ساخر، عبر دوره كدرزي مجند في الجيش الاسرائيلي، يتعامل مع الحياة بعبث يخفي تحته حزنه المتوازي مع حيرة يوسف المحكوم بقيود الصرامة العسكرية. بالمقابل نرى تحدي لميا التي تصغي الى قلبها دون وجل من العاقبة فتختار الموت لحظة وصلها الى المنطقة الملغومة التي لا تبعدها عن حبيبها الواقف على سطح برج المراقبة الأسرائيلي سوى أمتار قليلة. الدموع الجافة في قرية أخرى على جبال الأطلس تنقلنا المغربية نرجس النجار الى عوالم غريبة، حيث العزلة والقهر يثقلا كواهل نساء بربريات أمتهن الرذيلة كمصدر رزق شحبح ومنبوذ. عالم نسائي كامل لا وجود للرجل فيه، قررن منذ البداية وئد كل الصبيان، إنتقاما من مصدر الشر الذي يجلبه آبائهم عندما يأتون كل عام الى القرية ليشتروا أجسادهن بأثمان بخسية وأحتقار شديد. هذا العالم الأنثوي تقوده هالة (سهام آسيف) أمرأة شديدة وحذرة، تجمع حولها نساء القرية وتنظم شؤنهن الحياتية البسيطة، القريبة الى الركود لشحتها. تتململ الحياة في القريبة حين تصل أمرأة عجوز بصبحة سائق باص شاب. غموض الحضور يعادله غموض الحاضرة، التي غادرت بوابة السجن في المشهد الأول للفيلم، وعبر تلمسها للمكان سنعرف أنها أم هالة وأنها سجنت بسبب المهنة التي أورثتها لبنات القرية، وهالة واحدة منهن. الفيلم يبتعد عن البحث المباشر في هذة العلاقة الأمومية لينتقل الى بعد أوسع متجنبا السقوط في درامتيكيات بكائية. لقد وسعت نرجس فكرة الفيلم ليتناول ظاهرة أو بالأحرى مجموعة ظواهر أجتماعية، المرأة و حياة البربر جزء منها. لقد ساعدت نرجس نفسها بكتابة سيناريو الفيلم، فروضت الكاميرا والممثلين بأتجاه ما تريد. لقد كثفت المخرجة حوارات الفيلم ووسعت بأدهاش لغتها السينمائية، فالفيلم يكاد يخلو من الشروحات الحوراية ويكتفي بالتركيز على قوة التعبير التمثيلي والتصويري، بأختصار أعتمد على لغة سينمائية خالصة وفقت في طرح مشكلة مغربية مسكوت عنها، بأستثناءات قليلة وهو ما برزته عبر دور الأم والسائق الذي جاء ليقنع النساء بالهجرة للمدينة والعمل في أحد معامل النسيج فيها. المقاومة لهذا العرض تأتي من هالة، والسبب ان العارض رجل وهي تكره الرجال وتعتبرهم وحوش آدمية حتى عندما تشعر بصدق مشاعر الشاب الذي يقع في حبها، ويكاد يجن. بعد فشل العروض التي أخذت شكلا عاطفيا لا موعظيا سجلتها الكاميرا بلقطات تعبيرية شديدة التأثير، تتدخل الأم عبرتحريض رجال القرى المجاوره ضد النساء بأشاعة ان مرضا جنسيا أنتشر بينهن، فيجبرن على الرحيل. قوة الصدمة ستعيد التوازن لهالة وحبيبها وتقبل بعرضه. ولكن هذا الحل الجزئي لن يحل مشكلة النساء الأخريات ومن بينهن زينا أبنة هالة التي ستختتم الفيلم بسؤال ملتاع، وماذا عنا نحن؟ الفيلم أختير ضمن أفلام أسبوع النقاد وحظى بأعجابهم. أغتيال الشمس المخرج الجزائري عبد الكريم بهلول أختار سنوات ما بعد تحرير بلاده، وما حملته من تغيرات عاصفة، مناخا لفيلمه الجديد " أغتيال الشمس". العنوان يشي بالطابع السياسي للفيلم وحكايته تسلط الضوء على الحقبة التي تولت السلطة فيها قوى سياسية وطنية، رسخت مركزية السلطة وغيبت الديمقراطية تحت ذرائع شتي من بينها الحفاظ على الهوية الوطنية واللغة العربية وغيرها. الفيلم يقدم بعض ضحايا هذة السياسة ومن بينهم شاعر فرنسي ومقدم برنامج أذاعي أسمه جان سيناك، الذي عاش في الجزائر ورفض مغادرتها. برنامجه يستقطب عدد كبير من الشباب المهتمين بالأدب، حامد وبلقاسم ضمن هذا التيار الشبابي المتحمس الذي يعبر عن مشاعره باللغة الفرنسية، ويخططان للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح الجزائري. هذة الخلفية المقدمة بأنسيابية والتي فيها الكثير من تأثيرات السينما الفرنسية، ايقاع بطيئ ونمو درامي داخلي متسارع، سيصل الى مداه عندما يلتقي سيناك بالشابين أثناء المهرجان فيعجب بموهبتهما ويدعوهم لزيارته في العاصمة. العلاقة مع الشباب الجزائري لا تروق لرجال الأمن، فيتأمروا عليه ويطردونه من العمل في الأذاعة كمعد لبرنامج "الشعر على كل الجهات" كما يرفضان عرض المسرحية بحجة أنها مكتوبة بالفرنسية. التصادم بين هذين التيارين يتطور لينتهي بمقتل الشاعر وهجرة بلقاسم الى فرنسا تاركا البلاد بعد ان ضاق ذعرا بها. تعمد بهلول أضفاء طابعا شعريا لآيقاع فيلمه، ليوصل به المناخ النفسي للفيلم، وبمعونة مصور مقتدر أخذنا الى عمق المشكلة دون حواجز، على الرغم من دراماتيكيته. أنه فيلم آخاذ، حتى بمسحته الفرنسية رؤية وتقنية. شهادات أسرائيلية! أفتقدنا هذا العام السينما الفلسطينية، لكن أفلاما أخرى تناولت الصراع العربي الأسرائيلي، منها الوثائقي "الحاجز". دون مبالغة يعد هذا الشريط ادانة صارخة للسياسة الأسرائيلية المعادية للعرب ويكتسب النقد الحاد الذي يتضمنه أهمية مضاعفة لأنه يأتي من مخرج أسرائيلي أعتمد الموضوعية والحياد في نظرته وتفسيره للسلوك الهمجي لجيش دولته التي تتبجح بالديمقراطية، في الوقت الذي تمارس فيه شتى أنواع التمييز العرقي ضد الفلسطينيين، داخل أراضي ال48 أو خارجها. أحتاج المخرج يواف شامير ثلاث سنوات لأكمال شريطة، رصد خلالها حركة الناس في قطاع غزة. صور الحواجز في أكثر من مدخل لقرى فلسطينية، أحتاج الناس الدخول اليها لأسباب كثيرة، زيارة طبيب، حضور مأتم، نقل بضائع، أو حركة عمل وغيرها. نصب شامير كامرته ودون تعليق ترك الجنود الواقفين على الحواجز يتصرفون بطريقة عفوية منسيهم وجودها، فسجلت بعدستها أصناف من الذل تكال للفلسطينيين وكشفت ذات الوقت جهل الجنود بآلام هؤلاء الضحايا. لقد كشف الفيلم الروح العدائية والسذاجة الطاغية فى سلوكهم، فأغلبيتهم لا يفهموا العربية ولا الأنكليزية، ويكفي أي سؤء فهم ناتج عن ذلك بمنع الناس من الدخول الى الأمكنة التي يريدونها. ميزة الفيلم، رصده لحجم التنوع في السلوك البشري عند الطرفين، فبين الجنود من يتعامل بليونة لأنه ضجر من مهمته وأخرون متعجرفون عنصريون يعلون صراحة كراهيتهم للعرب ويغضبهم كل نوع من الأحتجاج، حتى لو جاءت من ناشط غربي أو من عربي يجيد العبرية ويحاجج بها. مهارة التصوير وصبر المخرج قدما وثيقة سينمية أمتازت بالجودة والتأثير، أمتلكت منظورا نقديا زاد من قوة أقناعها. الفالاشا ورحلة جميس كشف أخر للواقع العنصري وهيمنة السلوك الاستغلالي الأقتصادي في أسرائيل عرضة المخرج رائنان الأسكندروفيج في رائعته "رحلة جيمس الى أورشليم".الرحلة تبدأ من قرية أفريقية يبارك سكانها أبنهم المحسود جميس الذي ستشاهد عيناه أورشليم الحقيقة فيما هم باقون في أرضهم البعيدة يقربون رؤتيها في أحلامهم فقط. مع أغنية مستمدة من التوراة ورسومات بدائية متخيلة للمدينة المقدسة يودع الشاب قريته الآمنة، وما أن يصل هناك حتى يصطدم بجفاء موظفة الهجرة في المطار التي ترفض الأستماع لدوافعه في زيارة "أرض الميعاد" وتسئله: لماذا لا تهاجر الى أمريكا ما دمت تبحث عن الثروة؟ بعد ساعات من أنتظاره أول طائرة ستنقله الى موطنه، يحضر رجل متوسط العمر بصحبة شرطي، وبعد نظرة متفحصة يختار جيمس مع مجموعة أخرى لينقلهم من السجن الى شقة بائسة ومزدحمة بالمهاجرين الفالاشا وسط مدينة أخرى غير أورشليم. بعد زمن وجيز يدرك جميس أن عمله غير شرعي وما يتقاضاه لا يتناسب والجهد الكبير الذي يبذله في تنظيف الشقق ليل نهار. مع الأيام وعندما ينتقل الى بيت والد صاحب العمل سيعرف جيمس ان هذا الرجل لا يرحم الأفارقة فقط بل لا يرحم حتى أبيه، ويريد أجباره على التنازل عن حقه في ملكية بيته العتيق وبستانه المهجور ليبني فوقها عمارة سكنية. من لهجة العجوز نعرف أنه عربي الأصل ومختلف القيم عن أبنه، فتنشأ أواصر حميمة بينه وبين جميس الذي يجد فيه طبعا طيبا وعنادا ضد رغبة الأستغلال التي تملأ عقل أبنه المتزوج من أمرأة متسلطة وجشعة منحدرة من شرق أوربا. من هذة التوليفة يتجرد الاسكندروفيج من أي حكم عرقي، مسلطا عدسته على الجانب الأقتصادي البشع الطاغي في المجتمع الاسرائيلي بغض النظر عن منشأ الأفراد العرقي. في هذا الفيلم الرائع يجمع مخرجه كل مسببات النجاح، تمثيل عفوي جيد وتصوير متميز وسيناريو مكتوب بمهارة مدهشة، وحوار خليط من اللهجات أضفي طابعا كوميديا للفيلم. لقد أختار الآسكندروفيج ثيمته وأسلوبه ليمرر واحدا من أخطر الأفلام التي تمس الواقع الآني الأسرائيلي، نقده لمجتمعه نابع من نظرة داخلية مشبعة بمعرفة سوسيلوجية عميقة، مع موهبة فنية كشفت، سينمائيا، عورات ونفاق الزعم المنشور عن أسرائيل. وحتى يكثف من قساوة هذا الواقع ينهي فيلمة بصورة، على مشارف أورشليم، تجمع جيمس مع الشرطي الذي ينقله من سجن المدينة الى سجن أورشليم بسبب أزدحامه بالمعتقلين والمهاجرين، منتظرا تسفيره من هناك الى موطنه الأفريقي دون أن يرى المدينة التي اراد "حجها". سينما وثائقية حرص المهرجان على توفير قدر كبير من الآفلام الوثائقية المهمة وفي مقدمتها الفيلم الوثائقي التحليلي "من البداية حتى النهاية" للدنماركية المقيمة في السويد ماي فيشلمان، ووصفنا له بالتحليلي ليس عبثا، فالفيلم يسجل تاريخ العراق منذ 6000 سنة قبل الميلاد حتى بداية الهجوم الأمريكي الأخير. قدمت المخرجة هذا التاريخ بكثافة مذهلة أختزلتها بشريط طوله 80 دقيقة فقط، عرضت فيه تاريخ هذا البلد وشهية الامبراطوريات المتعاقبة في السيطرة عليه، بدءا من الأسكندر المقدوني ومملكته الرومانية عبورا الى العرب، المنغول، العثمانيين، الآنكليز وصولا الى الأمريكان لحظة أنطلاق قواتهم لدخول بغداد في شهر أذار من العام الفائت. لم تكتف فيشلمان بالعرض التاريخي المسطح بل لجأت الى توظيف حقائقة لتحليل دوافع الحرب الأخيرة. فوجهة نظرها( وهي يسارية غربية دون شك) تقول ان الدافع الحقيقي للحرب هو النفط، ليس بوصفه مادة ثمينة قدر أهميته التصنعية، فحركة الأنتاج الصناعي والأستهلاكي الغربي معتمدة كليا على هذة الخامة الطبيعية، ولذلك بدأت فلمها في تصوير لقطات لمطارات وحركة مواطنين غربيين في أنفاق قطاراتهم المريحة، وعرضت منتوجات غذائية وتجميلية وغيرها وتسائلت: من سيحرك كل هذة الآلة الصناعية لو غاب النفط عنها؟ وحتى تدعم وجهة نظرها تعود الى مراجعة علاقة الأمريكان بصدام حسين، مستعينة بصحفيين غربيين يعرفون المنطقة جيدا ومؤرخين مختصين بالشرق الأوسط ، فاضحة عبر شهاداتهم التستر والدعم الغربي لصدام حسين وحزبه الذي وصل الى السلطة وصفى معارضية بالحديد والنار. الخشية من سوء التحليل والظهور كمدافع عن الديكتاتورية أدركتها فيشلمان منذ البداية لذا لجأت الى مقابلة سياسيين عراقيين يقيمون في المنفى سبق وان تعرضوا للتعذيب في سجون صدام، كما صورت أهوال الحرب التي عاشها العراقيون والبؤس الذي عاشوا فيه رغم غنى بلدهم القابع على أكبر مخزون نفطي في العالم. ما يهم فيشلمان من كل ذلك هو المبدأ المحرك للحرب والذي ترفضه بالكامل وتعتبر ان الحركة العالمية المعارضة لها قد أفاقت ونشطت كثيرا خلال الحرب الاخيرة. لذلك تكرس اللقطات التسجيلية الأخيرة على هذة الحركة التي أمتدت على مستوى الكرة الارضية لوقف أي حرب كانت ومهما كان دافعها. فكرت بعد مشاهدة الفيلم : هل سيستفيد سينمائيونا من فكرة الفيلم وأعتباره مادة أولية تفيد في أنتاج سينما وثائقية ترصد تاريخ العراق؟ خمسة عوائق .. جديد ترير مؤسس سينما الدوغما لارش فون ترير فاجئنا كعادته بفيلم وثائقي أخرجه شراكة مع زميله الدنماركي يورغن ليت. الفيلم حمل نفس أسم المهمة التي كلف تريز زميله بها (خمسة عوائق) والمتمثلة بقيام ليت بأعادة أخراج خمس تصورات، مختلفة تعيق تحقيق فكرة الأنسان النموذجي والتي سبق ان قدمها مخرج دنماركي في فيلم قصير. حصيلة العمل/ المزحة: نقل الفكرة من طابعها الشخصاني الى بعدها الأجتماعي. مشددة على ان الأنسان في كل قارات عالمنا لا ينفصل مفهومه للنموذج المتكامل عن الوسط الناشيء فيه الأنسان نفسه وفكرته. جائزة المهرجان الفيلم السويدي " كامرتي كمواساة " فاز بجائزة المهرجان المخصصة لسينما دول الشمال، وهو يستحقها بالفعل لأسباب كثيرة منها أستخلاص قوة التعبير الدرامي من عدسة الكاميرا العادية التي حولها المخرج كارل جوهان دي جير الى وسيلة لتسجيل حياته الشخصية، أنه يقترب كثيرا من عالم بيرغمان، في قدرته على فضح مشاعره الداخلية بوسيلة بصرية خالصة. أضافة الى كشفها لعالم الأغنياء الملتبس بسبب الثروة وما تخفية من تنازع وغيرة بين أفراد الأسرة والتي تختلسها اللقطة دون دراية منهم. والأهم القدرة الأخراجية لتحويل مادة يملكها ملايين الناس ولكن ندرة منهم يتمكنوا من تحويلها الى سجل روائي رائع. أنه بتعبير أدق الفيلم / الرواية و الأداة واحدة هي " الكاميرا". العالم سينما أما في ثيمة "الخيال الأيراني" فنتوقف عند الفيلم الروائي "نفس عميق" لبارفيز شاهبازي. ميزته الرئيسة، تعريته لمجتمع أيران اليوم المغلف بوشاح الدين. كيف يعيش الجيل الجديد في ظل حياة متناقضة أخلاقيا. على هامش الموضوع الرئيسي الذي ينحصر بين شابين وفتاة جامعية تنتهي بموتها مع أحدهم غرقا، تبقى الدعابة في رصد تفاصيل الحياة اليومية هو العنوان الأهم لهذا الفيلم. الأنتاج الاسيوي خلى من علامات مميزة، بأستثناء السريلانكي "قصر على البحيرة"، حاول المخرج فيه عرض مشكلة المغتربين من أبناء البلاد الى الخارج وعلاقتهم بالوطن عبر أسلوب أراده المخرج قريبا من أسلوب غودار، غير أنه ظل بعيدا عن التوفيق وأنتهى رتيبا. عكس الفيلم الأرغوايي "رحلة الى شاطيء البحر". هنا الحياة تسجل بطريقة مختلفة، يتداخل فيها الخيال بالواقع وتتداخل الشخصيات فيما بينها وكأنها تتبادل الأدوار. الموضوع غاية في السهولة. سائق شاحنة يقرر نقل أصدقاء القريبة الى رحلة بحرية وهم جميعا لم يشاهدوا البحر في حياتهم.بعد أنضمام زائر غريب للمجموعة تختلط مشاعرهم فيكشف كل واحد منهم سلوكا غريبا غير مألوف عندهم من قبل، مثلما هي بلادهم التي يكتشفوها لأول مرة وكأنها غريبة عنهم أيضا. تماما مثلما يشعر جمهور المهرجان، بأنه يرى سينما غريبة عليه لا يشاهدها كل يوم. موقع "إيلاف" في 6 فبراير 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
مهرجان عوتينبورغ الـ 27: عندما تقرب السينما عالمي الشمال والجنوب قيس قاسم من عوتنبورغ |
|