تشهد الساحة السينمائية في الكويت هذه الايام إنتاج فيلمين روائيين، الأول للمخرج عبدالله السلمان الذي ارتبط اسمه بالمسلسلات البوليسية التي تعتمد الإثارة والمغامرات على نمط الأفلام الاميركية، ويبدو أن ما حققته هذه المسلسلات من نجاح دفع بحماسة السلمان إلى خوض غمار مغامرة جديدة، لكنها هذه المرة في عالم السينما من خلال الفيلم الروائي «منتصف الليل» بطولة طارق العلي، وابراهيم الحربي وخالد البريكي ونخبة من نجوم الساحة الفنية الكويتية، أما الفيلم الثاني والذي حمل عنوان «شباب كول»، فأنيطت مهمة اخراجه الى المخرج التلفزيوني محمود حسام وأسندت البطولة الى كوكبة من نجوم الأعمال الدرامية في مقدمتهم جمال الردهان، محمد الرشيد، ليلى السلمان ومشعل القملاس، بالاضافة الى المذيعة مشاعل الزنكوي وزميلها عبدالمحسن البرقاوي، والفيلم من تأليف وانتاج الكاتب حمد بدر. وتأتي هذه الصحوة السينمائية بعد مسيرة قاربت ثلاثة عقود من الزمن تعاقب عليها ثلاثة أجيال من السينمائيين. المخرج عبدالله السلمان والكاتب المنتج حمد بدر يواصلان اليوم المسيرة ويضعان حجر الأساس لجيل سينمائي كويتي جديد، يقول عنه المخرج خالد الصديق: علينا أن نثمن لهم هذه المحاولات وأن نشد من أزرهم خاصة ان الطريق بالفعل ممهدة أمامهم، خاصة ان السينما في الكويت اكتسبت سمعة طيبة خلال مسيرتها، وأتمنى صادقا ان يكون سعيهم للتنفيذ الجيد وارساء قواعد جديدة للسينما مبتعدين عن آفة الربح المادي. ونصح الصديق جيل الشباب السينمائي الذين يريدون سبر عالم السينما بالابتعاد عن التقليد الذي هو محرقة كل عمل سينمائي أو فني على حد السواء. وقال ان الفشل سيكون حتميا لمثل هذه المحاولات التي لا تعدو كونها نقلا حرفيا لأعمال غير ناجحة. كما نصح الصديق السينمائيين الجدد بالاعتماد على محورين أساسيين لنجاح أعمالهم السينمائية، الأول أصالة الموضوع، بمعنى ان تؤخذ قصة الفيلم من واقع البيئة المحلية وأن تكون معبرة عن التراث أو الواقع الذي لا يمكن لأي من السينمائيين الآخرين أن يأتوا بمثيل له مهما عظمت امكاناتهم، والمحور الثاني على المخرجين ان يحرصوا للوصول الى مستوى تنفيذ ومعالجة بأعلى درجات المقاييس السينمائية العالمية. وأكد الصديق على ان المحورين السابقين كفيلان بتحقيق النجاح لأي محاولة سينمائية وليدة، ودلل على ذلك بحال السينما الايرانية بعد الثورة عندما اتجهت الى الداخل رغم بساطة الأعمال إلا أنها استطاعت تحقيق النجاح بعكس حالها قبل الثورة حين كانت تعمد اسلوب التقليد. فالجمهور سواء في الداخل او الخارج يريد ان يشاهد سينما من وحي البيئة المحلية. بعد العرض وعن التجربة الجديدة للجيل السينمائي الجديد، قال الصديق إنه من غير المنطقي والموضوعي الحكم على الافلام الجديدة وتقييمها قبل عرضها. فحتى نكون منصفين علينا أن ننتظر حتى انطلاق العرض الأول لهذه الأفلام. وعلى الرغم من ذلك فان هذه المحاولات تسعدنا وهي عبارة عن القاء حجر في ماء السينما الراكدة منذ سنوات لعلها تدفع بعجلة الانتاج السينمائي للدوران من جديد. وأضاف: كما تشعرنا هذه المحاولات نحن رواد السينما في الكويت بالارتياح لوجود طاقات شبابية مازالت تحاول النهوض بهذا الفن الرائع. وأشار الصديق الى سياسة تكييش الأعمال دون انتاجها، وطالب ان يبتعد جيلنا الشاب عن هذه الظاهرة السائدة في مجتمعنا هذه الأيام وهي بالفعل مخزية، وتمنى الصديق ان تحذوا وسائل الاعلام حذو مثيلاتها في المنطقة بتمجيد العمل الوطني وتسليط الضوء عليه مهما كان هذا الانجاز بسيطا وصغيرا في نظرهم، فان من شأن ذلك الاهتمام بالانجاز البسيط دفع الآخرين لانجاز أكبر. صناعة ومقومات من جانبه، تساءل المخرج عبدالمحسن الخلفان: كيف يمكن ان نتحدث عن صناعة سينمائية في الكويت، وهي مازالت تفتقر الى مقومات تلك الصناعة؟ على الرغم من اننا في الكويت كنا السباقين للانتاج السينمائي منذ ثلاثة عقود، عندما أطلق المخرج الكويتي خالد الصديق فيلمه الاول «بس يا بحر»، الذي لم يحافظ عليه أحد فأضعنا فرصة ذهبية كان بالإمكان الاستفادة منها بأفضل ما يمكن وتأسيس أجيال من المخرجين والسينمائيين في الكويت، وأضاف الخلفان: واستمر الانتاج السينمائي بالمحاولات الشخصية الفردية، والانتاج السينمائي مكلف جدا وهو مغامرة تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت خاصة اذا ما لم يحقق الفيلم النجاح والايراد الكافي لسد نفقات الإنتاج، وبالتالي الابتعاد هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء السينمائيين. وبين الخلفان ان اتجاه بعض السينمائيين الى العمل التلفزيوني نابع أساسا من ضمان جهة ممولة لمثل هذه الأعمال بعكس السينما التي نادرا ما نجد من يقبل بتقديم السند المالي لمثل هذه الأعمال السينمائية. واستدرك الخلفان بالقول: مع التطور في كاميرات التصوير والمونتاج وغيرها من مقومات الانتاج السينمائي فإن بالإمكان ايجاد صناعة سينمائية اذا ما كان هناك توجه ورعاية من وزارة الاعلام نحو مساندة هؤلاء الشباب السينمائيين الجدد. إثارة وأكشن واستكمالا للموضوع التقينا مخرج فيلم «منتصف الليل» عبدالله السلمان الذي اشار الى تعطش الجمهور الكويتي لأفلام سينمائية كويتية، وإن ذلك ما دفعه الى انتاج فيلمه الأول «منتصف الليل». واضاف: في الفترة الحالية الشباب يحتاج إلى أفلام سينمائية شبابية الاثارة والاكشن ونحن طرقنا هذا الباب ونتمنى النجاح. ولفت الى ان الاكشن الآن متواجد في كل الافلام السينمائية سواء الاجتماعية أو البوليسية. وأكد السلمان ان انتاج فيلمين بعد غياب طويل بالتأكيد سيجد الصدى لدى الجمهور وهذا ما نتطلع إليه، واضاف السلمان: إنني متأكد من انه سيتعقب آثارنا السينمائية آخرون بعد نجاحنا حين عرض الفيلمين على الجمهور. وعن مضمون الفيلم قال السلمان: ان «منتصف الليل» فيلم بوليسي في اطار الاكشن والاثارة، يتعرض لقصة شخص يرتكب عدة جرائم يلوذ بالفرار من العدالة، الا ان رجال الأمن يواصلون بحثهم عنه حتى القاء القبض عليه في إحدى الدول الأوروبية وعلى هذا المنوال تتواصل أحداث الفيلم. من جانب آخر قال حمد بدر كاتب ومنتج «شباب كول»: شيء جميل ان نجد سينما خليجية من جديد بعد غياب، وبالفعل حان الوقت لانتاج أفلام تحاكي واقعنا وأن ننقل هذا الواقع الى الدول العربية والعالمية. إن الركب السينمائي انطلق من جديد وهناك محاولات أخرى بجانب ما نقدمه في فيلم «شباب كول». طاقات شبابية وحلم قديم ان انبعاث الحركة السينمائية جاء بفضل الطاقات الشبابية التي تعشق الفن السابع. وعن مقومات الانتاج السينمائي اشار بدر الى ان في الكويت دور عرض أفضل دور العرض في العالم، والامكانات متوفرة ومتاحة مع التطور الهائل في الانتاج السينمائي، وسيأتي اليوم الذي سوف يتم فيه تحميض الافلام محليا. ان انتاج فيلم سينمائي حلم يراودني من زمان، واصبح ملحا خاصة بعد النجاح في الدراما التلفزيونية التي لاقت استحسان وقبول الجميع. واضاف: ان التجديد والتنويع ضروري لكل فنان ومادام لدينا الامكانات لماذا لا نطرق باب السينما، ونبتعد عن التلفزيون قليلا؟ واقر محمد بدر ان الانتاج السينمائي بحد ذاته مغامرة: وأنا اعشق المغامرات وسأخوض الانتاج السينمائي بناء على بعض التقديرات التي توحي برغبة الجيل الشاب في انتاج سينمائي كويتي خالص، لذا سيكون «شباب كول» فيلم شبابيا كوميديا قادرا على جذب الجمهور. لقد تبعنا تكنيكا خاصا وصورنا مشاهد اثارة بما يسمح به الذوق العام لضمان نجاح التجربة السينمائية الاولى لي كمنتج وكاتب سينمائي. كما تشير بعض الاخبار بوجود نية لدى المخرج رمضان علي لانتاج فيلم سينمائي يتحدث عن الرغبة الانسانية وكيف يمكن التصدي لها ومقاومتها.. ومن المتوقع ان تشهد احدى دول أوروبا الشرقية تصوير هذا الفيلم. بدء فعاليات أول ورشة سينمائية في الكويت بدأت أمس ولأول مرة في الكويت، فعاليات دورة السينما الرقمية التي يقيمها نادي الكويت للسينما، وتستمر لمدة اسبوعين، ويشرف عليها ويحاضر فيها المخرج اللبناني أسد فولادكار استاذ مادة السيناريو والاخراج في الجامعة اللبنانية الأميركية ومخرج فيلم «لما حكت مريم». وتهدف الدورة الى دراسة العناصر المختلفة لصناعة الفيلم نظريا وعمليا، والاطلاع على جديد السينما الرقمية في مجالات التصوير والمونتاج، وستعرض على هامش الدورة مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة مثل «لما حكت مريم» لفولادكار و«المهرجون» لناصر كرماني. جريدة القبس في 8 فبراير 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
عودة الإنتاج السينمائي الكويتي.. صحوة أم نزوة تحقيق: محمد فاخر |
|