وبناءً على ردود الأفعال الإيجابية للجمهور، أكملتُ
مشروعي بضغط أعمالاً عزيزة على نفسي لمخرجين مثل:
بازوليني، جان لوك غودار، فرنر شروتر، فيليب غاريل،
بارادجانوف، إيريك رومير، وحوالي 40 من أشرطة "الأخوين
لوميير"، وعدداً كبيراً من الأفلام مع باستر كيتون،
والممثلات ميرييل بالان، مارلين مونرو، جينا لولو
بريجيدا، جين تيرني، بريجيت باردو، ...
الأفلام المضغوطة تنتمي بالآن ذاته إلى نظرية، وسياسة
المؤلف، والممثل، وسينما غلب فيها تأثير النجوم على
الإخراج إلى درجة أصبحوا في الواقع مشاركين في
التأليف، هناك إذاً في سلسلة الأفلام المضغوطة تحف
سينمائية، كلاسيكيات، أفلام متسلسلة، وحتى أفلاماً
ضعيفة.
****
فيما يتعلق بالتقنية، والأسرار الصغيرةٌ في صنعها،
كانت الأفلام المضغوطة الأولى طريقاً مليئاً بالعذابات
التقنية، لأنني صورتُ كل فيلم صورةً، صورة من شاشة
تلفزيون بعد تسجليه على شريط فيديو، وبعد سنوات، أضفتُ
تحسيناتٍ، بإدخال الفيلم المُراد ضغطه في الكمبيوتر،
واستقطاع صورة واحدة من كلّ لقطة، ولصقها متتابعةً
الواحدة بعد الأخرى، وعلى الرغم من السرعة التي حصلتُ
عليها، كانت العملية تجريبية، ومُملّة.
الحسبة سريعة: من أجل الحصول على فيلم مضغوط مدته من 3
إلى 4 دقائق، يجب أن أضع بشكلٍ مُتعاقب من البداية إلى
النهاية ما بين 4300 صورة (لفيلم مدته ساعة، ونصف)،
و5500 صورة (لفيلم مدته ساعتين).
مع هذا الإيقاع يلزمني أكثر من حياةٍ لضغط التحف
الأساسية في تاريخ السينما، أخيراً، وبفضل نظام تقنيّ
للمونتاج يضغط الأفلام أوتوماتيكياً، بتقصير الأفلام
25 مرة عن مدتها الأصلية، تمكنتُ من ضغط حوالي 350
فيلماً.
تُثير الفكرة عدداً من التساؤلات:
ـ هل يمنح الفيلم المضغوط أهميةً للفيلم الأصلي، ويثير
الرغبة بمُشاهدته؟
ـ هل يحقّ لنا الاقتراب من أعمالٍ سينمائية سابقة،
وأكثر من ذلك عندما يتعلق الأمر بتحف سينمائية؟
ـ هل بالإمكان إزالة الضغط، وإعادة الفيلم إلى شكله
الأصلي؟
أدعُ المتفرج يجيب على السؤال الأول، لأنه يتوّجه إليه
مباشرةً، وهو الوحيد الذي يستطيع الإجابة عنه.
وبالنسبة للسؤال المُتعلق بحرمة العمل الفنيّ، هل يحقُ
لنا إضافة نظرة نقدية بتعديل عمل، وتحويله؟
بإمكاني القول، أنّ هذا الأمر قد تحقق سابقاً منذ أن
أصبح الفنّ مُعاصراً، دعونا نتذكر الشاربيّن اللذين
وضعهما "مارسيل دوشا" على لوحة "الجوكندا"، لم يكن
أبداً هدف مُكتشف "الأعمال الجاهزة الصنع" الاستحواذ
على لوحة "ليوناردو دافنشي"، ولكن، بدءاً من عملٍ
سابق، أراد إنجاز إبداعاً آخر يختلف عن الأصل. |