الفنانون
وبمُوجب هذا الشكل، يتخذّ الفنانون المفاهيميون مسافةً
مع الكائن في عمل فنيّ، وهذا يؤدي إلى نشاط فنيّ حيث
استخدام اللغة، ومشتقاتها (رسوم بيانية رياضية، قياسات
المسافة، فهرسة السنوات ...) تنتهي بأن تكون الشرط
الضروري، وغالباً كافياً لوجود عمل، ومع ذلك، عندما
يستخدم هؤلاء الفنانين اللغة لقدرتها على تقديم تجربة
بشكل أفضل، لا يعني هذا بأنه يمكن أن تكون مساوية
للنقاد، أو الكُتاب، لأنه، على الرغم من أن الخطاب حول
الفن هو استبدال الكائن، لا يكمن الغرض فقط في فكرة
الفن، ولكن في إنجاز هذه الفكرة.
لم يشكل الفنانون المفاهيميون أبداً مجموعة متجانسة مع
أن البعض منهم التقى لأول مرة بمناسبة معرض "ميل
بوشنر"، المفاهيميّ جداً من خلال طريقة اشتغاله، وكان
بعنوان (رسومات عمل، وغيرها من الأشياء المرئية على
الورق، لا تعني بالضرورة أن تُشاهد كفن) في مدرسة
الفنون البصرية في نيويورك عام 1966، وبعد ذلك عن طريق
"سيت سيجيلوب" في معارض كانت مرئية فقط في صفحات
الكتالوج.
في عام 1969 كانت هناك محاولة أخرى لجمع الجهات
الرئيسية الفاعلة في الفن المفاهيمي من خلال صحيفة
بعنوان (فن ـ لغة، صحيفة الفن المفاهيمي) (6)، والتي
فيما بعد أعطت اسمها لمجموعة (فن، ولغة).
افترض الفنانون المفاهيميون بأن محادثاتهم فقط،
وأنظمتهم النقدية إزاء الممارسة المقبولة للحداثة،
كانت تشكل أساساً للعمل(7).
وبشكلٍ عام، منذ البداية تأكد اتجاهان: اختار الاهتمام
الذي أثارته الرياضيات، السيميولوجا، الفلسفة، أو علم
الاجتماع، بينما يُفضل الثاني مقترحاتٍ ذات شحنة شعرية
قوية مرتبطة بالخيال، والزوال.
كما نجد أعمالاً تجمع بين الاتجاهين، وخاصة عند
الفنانين الأمريكيين مثل: فيتو أكونسي، كارل أندريه،
نانسي هولت، أو روبرت سميثسون، وعمد هؤلاء إلى توسيع
التجارب اللغوية للشعر التجريبي.
أطلق الفنان "لورانس وينر" كتابةً: "فعل شيء محدد"،
مثل رميّ الكرة في شلالات نياجارا، وقد تمّ ذلك، وأكد
"وينر" بأن هذا الفعل يمكن أن يتحقق، أو لا يتحقق، لأن
الأهم هو الاقتراح المكتوب.
وعلى نفس المنوال، خلال الفترة بين 19و 22 مارس 1969،
أنجز الفنان الإنكليزي "ريتشارد لونغ" مشياً، وقدمه في
معرض بعنوان (عندما تصبح المواقف شكلاً) في ورقة بيضاء
مستطيلة تشير إلى اسمه، تاريخ، وعنوان العمل(8)، ولكن
بالنسبة له، والمعروف عن التزامه بالمشي، وآلاف
الكيلومترات التي مشاها، فإن تحقيق الفعل أمرٌ لا مفرّ
منه.