ناقشن قضاياهن بأبعاد جديدة... حكَّمن الأفلام...
وحصدن الجوائز
حضور نسائي بارز في «دبي السينمائي»
الوسط - منصورة عبدالأمير
تميزت الدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي التي أقيمت في
الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر/ كانون الأول 2013، بحضور نسائي مميز،
تمثل في كمٍّ لا بأس به من الأعمال التي ناقشت قضايا المرأة، حملت
توقيع مخرجات مميزات وفنانات مبدعات. حصدت بعض هذه الأفلام جوائز
المهرجان فيما كان لا بد من تقديم شهادات تقدير إلى أخريات ممن لم
يسعف الحظ أفلامهن. كذلك كرم المهرجان مبدعات أخريات كما اختار
بعضهن محكمات.
أعمال المخرجات بلغت نسبتها 40 في المئة من مجموع الأعمال التي
عرضها المهرجان عبر مختلف برامجه، وعلى رغم أنه لم تخصص مبادرة
خاصة بأفلام المخرجات السينمائيات، وكما أشار المدير الفني
للمهرجان مسعود عبدالله علي «فإن حقيقة عرض المهرجان لأفضل أعمال
السينما في الأسواق الناشئة يحمل إشارات كثيرة وواضحة عن مستوى
المخرجات المشاركات وأعمالهن المقدمة، ويؤكد ضرورة تغيير وجهات
النظر تجاه المجتمعات العربية التي يتضح مستوى تقدمها من خلال
تزايد أعداد المخرجات وارتفاع مستوى نشاط سينما المرأة».
أفلام السينمائيات العربيات المشاركة ناقشت قضاياهن، لكن بطريقة
غير مألوفة، فالمخرجات ناقشن قضاياهن من زوايا مختلفة، وتطرقن إلى
مساحات قد يكون الحديث عنها طوباويّاً. تعاطفن مع المرأة في كل
صورها، وقدمنها بصورة مختلفة، وربما أكثر إنصافاً.
الحبيب وأب كما الوطن
أحد الأفلام التي أثارت الاهتمام هو وثائقي الفلسطينية ميس دروزة
«حبيبي بيستناني عند البحر» الذي تحدثت فيه عن علاقتها بالحبيب
والوطن عبر مقاربتهما معاً. غاصت مي في مشاعر حبها وانتمائها إلى
فلسطين «الوطن» ثم دلفت لتناول علاقتها مع الحبيب الذي تواطأ القدر
ضده ليقضي في بحر كان قد منع عنه.
كذلك فعلت اليمنية سارة إسحق في الوثائقي «بيت التوت» الذي يتناول
المتغيرات التي طرأت على المجتمع اليمني، حين تناولت علاقتها
بوالدها الذي نشأت بعيداً عنه مع والدتها الاسكتلاندية، ثم عادت
وهي فتاة يافعة لتختبر هذه العلاقة، تماماً كما تختبر علاقتها مع
الوطن الذي أضحت تغيراته سريعة في الآونة الأخيرة.
دعيبس وصراعات العودة
مخرجات المهرجان انتقلن من المقاربات إلى صراعات الهوية الوطنية
أولا ثم النسائية، كما في فيلم المخرجة الفلسطينية شيرين دعيبس «مي
في الصيف» الذي تعود به بعد فيلم «أمريكا» الحائز جوائز المهرجان
العام 2009.
تحكي شيرين الصراعات الثقافية والمجتمعية والنفسية التي تمر بها
بطلة فيلمها الذي تشارك به مخرجة وكاتبة وممثلة، وتتنافس به على
جوائز المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة.
تستعرض التقلبات النفسية التي تواجهها البطلة حين تضطر إلى العودة
إلى بلدها. إذ يجب عليها مواجهة معارضة أمها المسيحية الزواج من
زياد المسلم، والتعامل مع تمرد أختيها المراهقتين، ثم التعايش مع
والدها الذي يتزوج ويغير حياته.
دعيبس قدمت فيلمين سابقين هما: فيلم قصير بعنوان: «أتمنى» (2006)
وروائي طويل بعنوان: «أمريكا» (2009). فاز الأول بجائزة الصحافة
وحصل على تنويه من لجنة التحكيم في مهرجان كليرمون فيران، كما فاز
بجائزة المهر العربي لأفضل فيلم قصير من مهرجان دبي. أما فيلمها
الثاني ففاز بجائزة «فيبريسكي» في «أسبوع النقّاد» في مهرجان كان
السينمائي، وجائزة أفضل ممثلة في مسابقة المهر العربي في المهرجان.
مراكشي تسقط النظام
المخرجة المغربية ليلى مراكشي تستعرض قوة النساء وقدرتهن على
التمرد وتغيير النظام، وذلك في آخر أفلامها «روك القصبة» الذي
يتنافس على جائزة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة، والذي
حصد شهادة تقدير المهرجان لممثلته فاطمة هرنداي.
تميز العمل الذي شارك فيه النجم عمر الشريف، ببطولة نسائية شاركت
فيها نجمات مثل المغربيتين مرجانة علوي، ولبنى الزبال، واللبنانية
نادين لبكي، والفلسطينية هيام عباس.
يعد الفيلم، الثاني لمراكشي، وتدور أحداثه في مدينة طنجة المغربية،
خلال التحضيرات لدفن الأب، وأثناء الانشغال بترتيبات العزاء، إذ
تبرز كل الأسرار العائلية على السطح. ينهار النظام الذي صاغه الأب
في السابق تدريجيّاً، وترغم نساء العائلة على مواجهة حقائق مرة.
الفيلم من تأليف وإخراج مراكشي التي سبق لها أن قدمت أفلاماً قصيرة
مثل «أفق مفقود» (2000)، و»2 سنتس درهم» (2002)، و«مومو مامبو»
(2003)، وفيلمها الروائي الطويل الأول «ماروك» (2005) الذي عرض في
مهرجان كان السينمائي.
سجينات لكن... مسرحيات
المخرجة اللبنانية زينة دكاش تغوص عميقاً في التجارب المريرة
لسجينات سجن بعبدا اللبناني في فيلمها الذي شاركت به في مسابقة
المهر العربي للأفلام الوثائقية «يوميات شهرزاد». تستعرض في الفيلم
مرارة تجارب السجينات لتهاجم بذلك مجتمعاً تحكمه العقلية الذكورية.
تصور دكاش في الفيلم تحضيراتها مع السجينات لتقديم أول عمل مسرحي
داخل أسوار سجن نسائي عربي. ويأتي هذا العمل بعد الانتهاء من مشروع
«شهرزاد ببعبدا» للعلاج بالدراما والمسرح الذي أقامته المخرجة على
مدى 10 أشهر العام 2012.
يعد الفيلم ثاني وثائقي تقدمه دكاش، بعد «12 لبناني غاضب» الذي فاز
بالجائزة الأولى في مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية، وجائزة
الجمهور في الدورة السادسة من مهرجان دبي السينمائي الدولي.
حصد وثائقي دكاش جائزة أفضل فيلم وثائقي عربي من لجنة تحكيم
الاتحاد الدولي لنقّاد السينما (فيبريسكي) للأفلام الوثائقية،
وحصلت ممثلته على شهادة تقدير في فئة جائزة المهر العربي للأفلام
الوثائقية.
الطرزي... تفاصيل مختلفة للثورة
المخرجة المصرية سلمى الطرزي ناقشت بعض إفرازات ثورة بلادها في
فيلمها «اللي بيحب ربنا يرفع إيده لفوق» الذي فاز بجائزة المهر
العربي الوثائقي لأفضل فيلم. تستعرض قصة ثلاثة من نجوم الموسيقى
الشعبية في مصر، الذين وجدوا أنفسهم، بعد الثورة المصرية، وبعد أن
أصبحت الموسيقى التي يقدمونها موضة جديدة، ضيوفاً في برامج
تلفزيونية، كما أصبحوا يقدمون عروضهم للصفوة. تتساءل الطرزي عما
إذا كان أوكا وأورتيجا ووزة سيحتفظون بهويتهم كفنانين مستقلين أم
سيتغيرون وتبتلعهم صناعة الموسيقى السائدة؟.
الطرزي قدمت العام 2004 أول فيلم وثائقي قصير لها بعنوان: «هل تعرف
لماذا»، وفاز بجائزة مهرجان روتردام للفيلم العربي.
فاطمة... أفضل ممثلة... مرتين
وكما أبرز المهرجان المخرجات وأعمالهن، فقد توقفت لجان تحكيمه أمام
بعض المواهب النسائية المميزة فسعت إلى إبرازها، كما فعلت مع
الفنانة المغربية فاطمة هراندي التي حصلت على شهادة تقدير من لجنة
تحكيم المهر العربي الروائي عن دورها في فيلم «روك القصبة»، وكذلك
عن أدائها في فيلم «سرير الأسرار» الذي شارك في مسابقة المهر
للأفلام الروائية الطويلة، وهو من إخراج جيلالي فرحاتي ويحكي قصة
امرأة شابة تجبر على العودة بعنف إلى ماضيها مع والدتها التي حولت
منزل العائلة إلى بيت دعارة.
كذلك أبرز المهرجان الأداء المميز الذي قدمته الممثلة المصرية
ياسمين رئيس في فيلم «فتاة المصنع»، وذلك بمنحها جائزة المهر
العربي الروائي لأفضل ممثلة، ويعد هذا الفيلم الرابع لرئيس بعد
«اكس لارج» (2011)، «واحد صحيح» (2011) و»المصلحة» (2012).
أيضا حصدت المخرجة الإماراتية أمل العقروبي جائزة بنك الإمارات دبي
الوطني عن فيلمها «أنشودة العقل»، وحصلت المخرجة الإماراتية على
جائزة المهر الإماراتي لأفضل مخرج عن فيلمها «كتمان».
تكريم وتحكيم
المهرجان كرم أيضاً مخرجات وسينمائيات أخريات، لم يشاركن في
المهرجان، لكن كان لهن وجود مختلف. المخرجة التونسية مفيدة
التلاتلي كانت واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي كرمهن المهرجان، إذ
حل فيلمها «صمت القصور» في المرتبة الخامسة، في الكتاب الذي أصدره
المهرجان بعنوان: «شغف السينما: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم
100 فيلم عربي». الفنانة المصرية يسرا، التي حضرت المهرجان،
والفنانة اللبنانية كارمن لبس، كُرمتا أيضاً في الإطار نفسه ضمن
قائمة مكرمين عشرة وردت أفلام قدموها أو شاركوا فيها في كتاب
المهرجان.
أما المخرجة السعودية هيفاء المنصور، فعادت إلى المهرجان هذه المرة
عضواً في لجنة تحكيم المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة.
ومعروف أن المنصور انطلقت في عملها كمخرجة من مهرجان دبي السينمائي
الدولي ومن مهرجان الخليج السينمائي وقبل ذلك من مسابقة أفلام
الإمارات، حتى وصل أول أفلامها الروائية «وجدة» إلى قائمة الأفلام
المرشحة لجائزة الأوسكار هذا العام.
دون الـ 25
شمل تكريم المهرجان للنساء، اليافعات هذه المرة، إعلانه التعاون مع
مهرجان «الفتيات يؤثرن في عالم السينما» لتقديم «جائزة مهرجان دبي
السينمائي الدولي للمخرجات الشابات» والمخصصة لطالبات الإخراج من
منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن أفلامهن القصيرة التي تعرض
قضايا نسائية حول العالم.
وتأتي الجائزة لاكتشاف وتطوير المواهب السينمائية للمخرجات
الطامحات إلى الاضطلاع بدورهن في عالم السينما محليّاً وعالميّاً،
كما تتيح ساحة جديدة للتنافس أمام المخرجات دون سن الخامسة
والعشرين.
الوسط البحرينية في
|