حين الحديث عن راهن السينما العربية الذي جرى مؤخرا في إحدى
الندوات التي انعقدت في تونس، تداول المجتمعون كلمات محددة دائما
ما تُطرح في مثل هذه اللقاءات مثل «راهن» و«وضع» و«مستقبل» و«بحاجة
إلى..» و«يجب على..» وعلى الأخص كلمة «أزمة». وعن أحد الذين حضروا
«كان اجتماعا فاشلا» موافقا على أنه لم تكن هناك طروحات جديدة ولا
اتفاق على سبب واحد حين الحديث عن «أزمة السينما العربية»، وهو
مصطلح آخر يتردد لا بين المنتدين فقط، بل على صفحات الكتابة
والمطبوعات بكثافة.
الواقع أن الأزمة لا يمكن أن تعني وضعا دائما، بمعنى أن أمرا ما
إنما يتأزم فقط بعد وضع مريح وناجح ومتصاعد. لكن عندما يكون الحال
متأزما على نحو دائم، ومنذ عقود، فإن الكلمة لا تعود تعني ما هو
مراد بها أن تعنيه.
للمقاربة، هناك أزمة فعلية حاليا في السينما الفرنسية.
في عام 2012 وجدت نفسها فوق الريح: أوسكار أفضل فيلم لذلك العمل
الناجح «الفنان» وعدد مشاهدين بلغ محليا 203 ملايين و300 ألف
مشاهد، علاوة على 144 مليون تذكرة بيعت في الأسواق العالمية أي
بنحو ضعف عدد المشاهدين سنة 2011 الذي بلغ 74 مليونا وذلك حسب ما
تفيدنا أرقام وكالة «يونيفرانس».
عدد الأفلام التي تمتعت بالدخول في مرحلة الإنتاج وصل قبل عامين
إلى 279 فيلما. ومع أن الأرقام المعنية بعدد الأفلام المنتجة
فرنسيا سنة 2013 لم تعلن بعد، فإن الجميع، بينهم مسؤولون في أمهات
المؤسسات الإنتاجية والتوزيعية مثل «وايلد بنش» و«باتيه» وMK2،
واثقون أن العدد هبط بما لا يقل عن عشرين في المائة.
لكن بعض الأرقام، وهي كافية لتأكيد وجود أزمة، باتت معلنة: حصة
السينما الفرنسية من السوق المحلية هبطت إلى نحو 33 في المائة عما
كانت عليه في عام 2012 وبل في أي عام آخر منذ التسعينات. بترجمة
هذا الرقم إلى عدد التذاكر المبيعة فإن النتيجة حصول انخفاض في عدد
التذاكر المبيعة لأفلام فرنسية (داخل فرنسا) قدره 18 مليون تذكرة.
وهناك أفلام كثيرة كان من المفترض بها أن تنجز أضعاف تكاليفها
لكنها أخفقت في ذلك كما الحال مع فيلم «في الوحدة» الذي اعتمد على
عنصري المغامرة والنجم، فالحكاية تروي قصة فعلية حدثت مع فرنسي ركب
المحيط في رحلة فردية ليحطم أرقاما قياسية لكنه، وبعد أيام من
النجاح، تعطل مركبه وخسر اللقب الذي كان بصدده (هذا واحد من موجة
ملحوظة حول حياة أفراد تاهوا في البحار تقدّمها «حياة باي» قبل
أكثر من عام). أما النجم فهو فرنسوا كلوزيه الذي اعتاد النجاح في
السنوات الأخيرة ربما تحديدا منذ أن لعب الدور الأول في
Intouchables
(للكمة معنيان بالفرنسية: «فوق القانون» و«السامُون» وهو المعنى
المقصود) الذي كان أكثر الأفلام الفرنسية انتشارا في عام 2011 إذ
جلب لشركة غومون المنتجة ما يوازي 166 مليونا و126 ألف دولار.
أيضا بين ما لم ينجز الأماني المناطة به فيلم «البركان» وهو
كوميديا من بطولة نجم فرنسي جديد اسمه داني بون. مثل معظم الأفلام
الكوميدية الفرنسية لم يحظ هذا الفيلم بإعجاب الغالبية، لكن هذا
كان حال الكثير من الكوميديات التي أنجزت نجاحات تجارية كبيرة في
الأعوام السابقة بصرف النظر عما قاله فيه نقاد «لوموند» أو «ليبراسيون»
أو «باري ماتش».
* وضع انفصامي ما سبق هو انعكاس لوضع اقتصادي غالبا ما هو مرتبط
بالأوضاع الاقتصادية الحالية في فرنسا بل في دول أوروبية شتى إذ
أوضحت الأرقام أن إيرادات الأفلام التي عرضت في الصالات البريطانية
خلال العام الماضي (2013) انخفضت لأول مرة منذ عشر سنوات. وتراجع
مماثل أرخى ثقله على الوضع في كل من إسبانيا وإيطاليا وبعض الدول
الإسكندنافية.
في المقابل، فإن الوضع في العالم العربي لا يدخل في نطاق أزمة
ينتقل فيها الإقبال من مستوى لينزل إلى مستوى آخر، بل هو حالة
سائدة ناتجة عن عوامل بدأت قبل سنوات كثيرة قبل ما تشهده بعض الدول
العربية من حالات أمنية.
بالموافقة على أن مفهوم «الأزمة» يعني أنه يلي فترة من النجاح
والاستقرار، فإن المسألة بالنسبة للعالم العربي تمددت، ومنذ سنوات،
على نحو متشعب يتجاوز المتداول في الندوات من تعريفات ويتعلق أساسا
بعادات السوق السينمائية التي تؤثر على عدد الأفلام وعلى نجاح أو
عدم نجاح ما يعرض منها.
حاليا، وعلى نحو محدد، هناك أربع أسواق أساسية في العالم العربي:
السوق المصرية، والسوق الشرق أوسطية والسوق الخليجية والسوق الشمال
مغربية. كل واحدة لها ملامح مختلفة، لكن التقارب موجود على صعيد
العروض التجارية للسينما العربية بين لبنان والأردن وبين الإمارات
وقطر والكويت من حيث عدم تحبيذها حاليا للفيلم المنتج في مصر. هذه
الإنتاجات انحسرت كعملة رائجة منذ عقود، لكن نجاحاتها باتت محصورة
أكثر مما سبق في هذه الدول التي كان الفيلم المصري فيها منافسا
مهما للأفلام الهندية والهوليوودية خلال التسعينات.
السوق المغاربية بدورها ما عادت تحفل كثيرا بوفود الأفلام المصرية
إليها، إلا إذا ما عرضت في المهرجانات المحلية. هناك حب للمختلف
بين جمهور المهرجانات فقط. هذا المختلف لا شعبية له بين الرواد
العاديين حتى في مصر وكما حدث مع «بعد المعركة» و«الشتا اللي فات»
و«هرج ومرج» وهي ثلاثة أفلام حديثة نوعا أولاهما تعاطى وأحداث ثورة
30 يوليو على نحوين مختلفين (مباشر وغير مباشر).
هذا الوضع الانفصامي بين الأفلام الناجحة في عروضها في المهرجانات
العربية وسقوطها إذا ما عرضت جماهيريا هو جانب آخر من هذا الوضع
السائد نراه ماثلا في أسواق الخليج التي تدر حاليا أعلى نسبة
إيرادات في المنطقة العربية. حال ينتهي عرض فيلم إماراتي أو مغربي
أو تونسي أو مصري، وبصرف النظر عن نجاحه بين روّاد المهرجانات
ونقادها، فإن حظه من العرض الجماهيري معدوم.
داخل مصر الأمور أكثر تعقيدا. يقول الناقد يوسف شريف رزق الله لنا:
«هناك أفلام كثيرة كان من المفترض بها أن تنجح لكن وتبعا للظروف
الأمنية سقطت». لكنه يربط بين هذا الوضع وبين حقيقة أن سقوط بعض
الأفلام له علاقة بأسباب أخرى فيشير إلى ما حدث إلى فيلم «بيبو
وبشير» الذي حقق نتائج طفيفة في مصر لم تزد على ستة ملايين جنيه
مصري، مرتبط أيضا بحقيقة أن بطله آسر ياسين ليس معروفا كممثل
كوميدي.
السوق المصرية هي الوحيدة المؤهلة لنجاح العروض الخاصّة بأفلامها
داخليا، من دون اعتبار لأسواق عربية أخرى، وعلى غرار ما حدث لفيلم
«قلب الأسد» وربما يحدث مع الفيلم الحالي «هاتولي راجل» الذي لا
يزال معروضا، في حين أن الكثافة السكانية والاهتمام الفعلي بمتابعة
نتاجات محلية في باقي دول العربية قلما يحدث.
* عبده موته
* أنجز فيلم «قلب الأسد» نحو خمسة عشر مليون جنيه مصري من
الإيرادات في عام 2013 لكن، وحسب الناقد رزق الله، كان من المفترض
به أن يماثل على الأقل إيرادات فيلم الممثل محمد رمضان السابق
«عبده موته» الذي أنجز 22 مليون جنيه مصري في عروضه المحلية وحدها.
شاشة الناقد
ماما روما
الفيلم:
The Great Beauty
إخراج: باولو سورنتينو تقييم الناقد: (*4)(من خمسة).
نجمة من النجوم الأربعة التي يستحقها هذا الفيلم تذهب إلى قرار
المخرج سورنتينو تصوير فيلمه الجديد «الجمال العظيم» بكاميرا 35
ملم، عوض اللجوء إلى الحل السهل الذي يتراكض وراءه الجميع هذه
الأيام وهو استخدام كاميرا الدجيتال. في حديث للمخرج مارتن
سكورسيزي حول فيلمه الأخير «ذئب وول ستريت»، قال إنه عاين مشاهد
صوّرت بالدجيتال وبالفيلم التقليدي واختار بعد ذلك تصوير معظم
العمل بكاميرا سينمائية ولو لم تكن أن الميزانية كانت وُضعت على
أساس أن التصوير سيجري بالنظام الرقمي، لصوّر العمل كله بالكاميرا
الفيلمية.
في «الجمال العظيم» جمال صورة عظيم أيضا. صورة نقية بألوان واضحة.
لقطات ثرية التأليف تقنيا وبصريا مع حركات كاميرا بإدارة لوكا
بيغازي (55 سنة، 84 فيلما) تعيدنا إلى أفضل ما عهدناه من السينما
الأوروبية (والإيطالية تحديدا) في هذا المجال. هذا الفيلم، بكلمة
الأول بين ما يمكن اعتباره أفضل ما حققته السينما الإيطالية في
العام الماضي ويعرض حاليا في الصالات الأوروبية والأميركية.
يقود بطولته توني سرفيللو، وهذا الممثل حكاية أخرى تحتاج إلى وقت،
لكن ملخصها أنه بعد سنوات كثيرة من العمل بات نجما أوروبيا مهم
الشأن وهو في الخمسينات. هنا يؤدي دور كاتب روائي ناجح اسمه جب
غامبارديللا عاش كما كان متوقعا منه. حفلات ورقص وعلاقات وحياة
زاخرة بما يدخل في وقتنا الحالي ضمن خانة تحقيق النجاح. كما يقول
معلقا في مطلع الفيلم، لم يأت الكاتب من نابولي إلى روما لينضم إلى
ركب المجتمع، بل «لأصبح ملك المجتمع»، ولم يهتم لحضور الحفلات بل
رغب في امتلاكها. في اندفاعه جنوح صوب التدمير يعرفه تماما. فهو
حين ورد في سن شابة إلى روما التي سرعان ما اعتنقها من دون أن يذوب
فيها، كتب رواية ناجحة كبيرة واحدة فتحت له الأبواب التي أرادها.
هذا كان قبل أربعين سنة (يقدّم الفيلم بطله على أنه في منتصف
الستينات من العمر) لكنه من يومها لم يكتب، أو لم يكتب ما يوازيها
ما جعل الوسط الأدبي والنشري يعتبره أخفق في إنجاز ما وعد به.
بالنسبة إليه لم يكترث لتحقيق وعود الآخرين بل وعوده هو والتأليف
لم يكن من بينها. مارس الصحافة وحقق فيها ما جلب له الحضور
والتأثير الذي أراده لنفسه.
لكن جب الآن، وهو يحتفل بعيد ميلاده الخامس والستين، يطرح على نفسه
(وعلينا بسبب قيامه بالتعليق المباشر) أسئلة وجدانية عما ضاع منه
وعما تحقق، ليجد أن ما ضاع هو أكبر حجما ونصيبا. هنا يشعر المشاهد
بأن هذه الأسئلة المحقة لا يمكن أن تكون من نصيب الشخصية وحدها
وأنها تأتي متأخرة عن موعدها بنحو خمس وعشرين سنة (على أساس أن
أزمة منتصف العمر تكمن في الأربعين)، لكن هذا الخاطر يضمحل حتى ولو
كان صائبا حيال نجاح الفيلم في التعليق على روما من خلال شخصية جب،
كما كان فدريكو فيلليني علق عليها في «الحياة اللذيذة» عام 1960.
بين الأفلام
حكايات بوليسية
Beyond Outrage (2013)(*3)
* ليس مجرد فيلم عنيف، بل فيلم عنيف «جدّا» لكن مع ذلك النوع الذي
لا يتجاوز ما هو منتشر حول العالم. كل ما في الأمر أن المخرج وبطل
هذا الفيلم الياباني تاكيشي كيتانو يريد أن يعلق على حال يصف فيه
مجانية القتل وتردّي العلاقات والاندفاع نحو الانتقام، وهو لا يرى
بدّا من استخدام القتل ومشاهد دموية إلا السبيل الوحيد لذلك. لا
يخفق كيتانو في تعزيز الدوافع الخاصّة ببطله لكي يقتل ليعيش ويعيش
ليقتل. فهو خدع أكثر من مرّة من قبل العصابة التي ينتمي إليها
والتي تسببت في إيداعه السجن وها هي تقوم الآن بإخراجه منه لدفعه
للقتال ضد عصابة أخرى لا تقل شراسة. هناك مشاهد حوار كثيرة، لكنها
لا تصيب المشاهد بأي ملل.
Police Story (2013)(*1)
* فيلم جاكي تشان الجديد (إخراج دينغ شنغ) يحطم حاليا الأرقام
القياسية في عروضه الصينية. لكنه يحطم الآمال خارجها. مشاهدة
الفيلم تشبه القيام بزيارة جزيرة بعيدة قاحلة يجري تجميع الأعمال
الركيكة عليها وفرضها على النظارة. نعم هناك موضوع، وموضوع كان
يمكن أن ينتج عنه دراما مثيرة للاهتمام، لولا أن المعالجة بليدة
والشخصيات نمطية والعلاقة المتوتّرة بين رجل البوليس تشان وابنته
مياو (جينغ تيان) ضعيفة ومنسوخة. إلى ذلك هناك تنفيذ رديء لكل مشهد
على حدة. إخراج يتذاكى لمنح الفيلم لمعة ربما أعتقد أنها فنية،
لكنها في واقعها ليست أكثر من تفعيلة فقيرة العناصر. النسخة التي
شوهدت هي المنتشرة عالميا (لم أذهب للصين لكي أشاهد الفيلم) ومعظم
الممثلين فيها يسجّلون الحوار بالإنجليزية بطريقة القراءة من دون
روح. أما تشان الذي ظهر في هوليوود كثيرا فيكتفي بنطقه المكسر وغير
السليم.
Paranormal Activity: The Marked Ones (2014)(*1)
* التغيير الوحيد الذي ينم عن معنى ما هو أن المخرج ستيفن لاندون
وجه هذا الجزء من المسلسل الرعبي المعروف، إلى الجمهور اللاتيني
عوض الأميركي. طبعا ليس حكرا على اللاتينيين ولا يتحدّث اللغة عوض
الإنجليزية (باستثناء كلمات محدودة)، لكنه يحاول تطويع البيئة
اللاتينية (المكسيكية أساسا) في أميركا لتصبح الملعب الذي تقع في
أحداث هذا الفيلم الذي يتوعد أبطاله بالموت قتلا بعدما اكتشفوا
سرّا لم يكن من المفترض بهم اكتشافه (طبعا). الفيلم اجترار
للكليشيهات المعروفة في معظم ما يردنا من أفلام رعب حاليا.
سنوات السينما: 1940
الأفلام الجيّدة بالعشرات
* في رواية جون شتاينبك ينظر توم جود إلى المهاجرين المعدمين بسبب
الانهيار الاقتصادي الكبير في الثلاثينات وينطلق في خطاب يعبر فيه
عن أحاسيسه التوّاقة إلى العدالة. هنري فوندا في الدور يبرع أكثر
من الشخصية في الكتاب مجسّدا الكلمات بأداء حار في فيلم «عنب
الغضب» الذي أخرجه جون فورد. والفيلم واحد من عشرات الأفلام
الرائعة التي تم إنتاجها في السنة التي نخطو إليها هذا الأسبوع:
1940.
لديك «ربيكا» لهيتشكوك و«قصة فيلادلفيا» لكيوكر و«فانتازيا» لفناني
وولت ديزني و«قطار ليلي إلى ميونخ» لكارول ريد و«السراج» لثورولد
دكنسون كما «صقر البحر» لمايكل كورتيز وهي بعض ما سنتداوله في
الحلقات المقبلة.
المشهد
الممثل غير البسيط
* لحظة عاطفية رائعة هي تلك التي تخللت احتفال توزيع جوائز «المجلس
الوطني للنقد»
National Board of Review.
المجلس الذي يتكوّن من صانعي أفلام وأكاديميين ونقاد قام يوم
الأربعاء، الثامن من هذا الشهر، بتقديم جوائزه السنوية في دورة
رقمها 105. هذه المؤسسة المتيمة بحب السينما منحت جوائزها الأولى
سنة 1909 وفي هذا العام قامت بمواجهة تحد كبير: إقامة حفلة كبيرة
في هكذا جو مصقع كالذي تمر به نيويورك حاليا. الأكثر من ذلك، تأمين
وصول المحتفى بهم وسواهم من السينمائيين المدعوين.
* لكنهم جميعا جاءوا. ومن جاء تمتع بمشاهدة تلك اللحظة الجميلة
التي اختلجت فيها عاطفة الفنان بتقديره وأحاسيسه بامتنانه. الفنان
هو بروس ديرن والجائزة الممنوحة له هي جائزة أفضل ممثل عن دوره في
«نبراسكا» لاعبا شخصية الهرم المقتنع بأنه ربح مليون دولار تستحق
منه الانتقال من نبراسكا إلى ولاية أوهايو ولو مشيا لقبض الجائزة،
في حين أنها طريقة تستخدمها مؤسسات معينة لجذب الناس لشراء منتوجات
على أمل الفوز بالمليون.
* في كلمته شكر الممثل المخرج ألكسندر باين الذي «عرض علي فرصة
تمثيل دور بدل تلك الأدوار السخيفة التي مثّلتها طوال السنوات
الماضية» وترقرقت الدموع في عينيه وهو يقول شاكرا أعضاء الجمعية:
«لقد جلستم هناك معا في غرفة وقلتم: بروس ديرن يستطيع أن يمثل».
* ابن السابعة والسبعين ممثل مبهر ببساطته. والمخرج باين كان مصيبا
حين طلب منه ألا يمثل. قال له «كن أنت». هذا الطلب ليس تبسيطا بل
تصعيب. ذات مرّة في سنة 1960 طلب المخرج بيلي وايلدر من الممثل جاك
ليمون قبيل تصوير المشهد الأول من فيلم «الشقة» ألا يمثل. وكلما
أدّى المشهد أوقف المخرج التصوير وقال له «مثل أقل». بعد خمس مرّات
قال جاك ليمون محتجا: «لم أعد أمثل»، فرد عليه وايلدر: «عظيم. هذا
هو المطلوب».
* لعب ديرن في 142 عملا سينمائيا وتلفزيونيا منذ وقوفه أمام
الكاميرا لأول مرّة سنة 1960 من بينها 86 فيلما سينمائيا من بينها
33 وسترن وغالبا دور شرير. هو الذي قتل جون واين في «رعاة البقر»
(1972) وقبل ذلك قتله جون واين في «عربة الحرب» (1968) وحاول شنق
كلينت إيستوود في «أشنقهم عاليا» (1968). عدا أفلام الوسترن لديه
نصيب من أفلام التشويق، كما الحال في فيلم وولتر هِل الممتاز
«سائق» وهو قاد بطولة فيلم ألفرد هتشكوك الأخير «حبكة عائلية»
(1976) بجدارة ولعب في «العودة للوطن» لهال أشبي (1978) وشارك جاك
نيكولسون بطولة «انطلق.. قال» (1971) و«ملك حدائق مارفن» (1972).
* بخلاف أنه رشح لأوسكار أفضل ممثل مساند عن «العودة للوطن» لم
تشهد حياته المهنية أي نجاح نوعي بخلاف تلك الأفلام ونبتت
بمحاذاتها الأعمال الكثيرة التي كان عليه القبول بها أو التوقف عن
العمل. وحسنا فعل.
الشرق الأوسط في
|