"2013"
عام الأفارقة الأمريكيين.. في السينما الأمريكية
2013
تعتبر سنة فريدة واستثنائية في صناعة السينما
الأمريكية. عام اعتبره كثيرون "فلتة" ولن يتكرر في المستقبل القريب
والسبب أنه شهد عدداً غير مسبوق من الأفلام الخاصة موضوعياً وفنياً
بقضايا عنصرية وبقصص لشخصيات أمريكية أفريقية. ومنها أعمال قوية
جداً. أحدثت تأثيراً واسعاً..
من هذه الأفلام فيلم "12 سنة من العبودية" الذي حظي بعدد كبير من
الجوائز واعتبره النقاد وجمعيات الفيلم أحد أهم انجازات السينما في
العام المنصرم.
والفيلم من إخراج واحد من أبرز النجوم البيض في هيوليود وهو ستيف
ماكوين. ويتناول قصة حقيقية عن رجل افريقي أخضع لعمليات بيع وشراء
في سوق النخاسة الأمريكي وعاش كعبد لمدة 12 سنة صورها النجم
الأمريكي الأبيض ــ ماكوين ــ بصورة صادقة مؤثرة موضوعياً وآسرة
فنيا. والفيلم كان ضمن أنجح أفلام الموسم الماضي.
المعروف أن السينما الأمريكية تخضع لسياسات معينة لا تبتعد كثيراً
عن هموم السياسة الأمريكية وتوجهاتها محلياً ودولياً.
تعلق كاتينا دافيس علي الفيلم وهي سيدة أمريكية سوداء: جلست أشاهد
الفيلم مع مجموعة من الأصدقاء. أتامل حكاية أخذتني إلي زمن مروع
حين كان الأمريكيون ــ الأفارقة يباعون ويشترون ويقيدون بالسلاسل
ويضربون بوحشية.
ومن الصعب أن أبقي مجرد متفرجة في الصالة التي تعرض الفيلم.
فالمشهد أمامي يعصر القلب ويفجر الدموع..
إن تجربة الفرجة هذه ليست عادية. إنها تجربة قوية جداً وأتمني أن
يشاهدها أناس كثيرون.. فأنا علي يقين بأن كل من سيراها سوف يتأثر
فالعمل يكشف عن وحشية لا يمكن للمرء أن ينساها.
وتقول دافيس في البحث المكتوب عن النجاح الكبير الذي حققته أفلام
السود في عام 2013
من المفترض أن تمنح الأفلام فهماً أعمق يجعل المتفرج قادراً علي
التواصل الإنساني بغض النظر عن اللون والجنس. والتواصل مع
الإنسانية بشكل عام.
وتقول: إن الفرجة علي عدد كبير من الأفلام التي تعالج قضايا
الأمريكيين السود في عام واحد تمثل تجربة فريدة ومثيرة وأتمني أن
تستمر ولست أعني بالطبع الأفلام الكوميدية ولا الموضوعات قليلة
القيمة.. فالأفلام الأمريكية ــ الأفريقية التي عرضت 2013 قوية
وتحمل رسالة قوية أيضا.
ويناقش النقاد ما إذا كانت سنة 2013 هي سنة "الأمريكيين ــ السود"
وماذا يعني هذا الادعاء.. لا شك أن عدد الأفلام فضلاً عن القيمة
والمستوي الذي ميزها وكلها تتناول قضايا الافارقة ــ الأمريكيين
الذين عرفوا معني "العبودية" عبر التاريخ الأمريكي ومن المؤكد أنهم
ادركوا التجربة "العنصرية" والسود الذين جري اصطيادهم في بدايات
اكتشاف العالم الجديد "أمريكا" وذاقوا وحشية التمييز حتي وقت ليس
بعيداً.
يقول محرر مجلة ايسانس "Essenca"
هذه سنة تاريخية فعلاً بالنسبة للسينما الأمريكية التي تعالج
موضوعات عرقية تتعلق بالأفارقة الأمريكيين.. ويقول: عرض في هذه
السنة 48 فيلماً إذا أضفنا إلي جانب الأفلام الروائية والأفلام
المستقلة الأمريكية الأفلام التسجيلية وأيضا الأفلام التي تعرض في
الحفلات الصباحية
"Matinee Movies".
وتضم قائمة هذه الأفلام تأملات تاريخية "12 سنة عبودية" ودراما
اجتماعية مثل "محطة فروت فال" "Fruivale Stalion"
وأفلام عن السيرة الذاتية "مانديلا" وفيلم "الخادم"
"The Butia"
الذي يعالج قصة حقيقية عن حياة أحد الخدم الذين عملوا في البيت
الأبيض.
معظم الموضوعات والأبطال في مجموعة أفلام "السود" تعتمد علي مادة
واقعية وشخصيات حقيقية.
يقول مدير مركز ينش للدراسات الأفروــ أمريكية في جامعة لوس انجلوس
"UCLA Buncle Ceatre"
هذه الأفلام تعد خروجاً عن المعتاد أنها بالتأكيد بداية فيما يتعلق
بالرؤية ورداءة السمعة فهذه السنة من السنوات المميزة جداً لكونها
ضمت حفنة من هذه الأفلام التي يتحدث عنها الناس.
وبينما يقول بعض النقاد إن هذه ليست السنة الأولي التي تشهد مثل
هذه النوعية وأن هذا النجاح الذي تحقق لها يعود إلي تصاعد التوترات
العرقية وهذا ما جعلها مميزة بشكل ملحوظ.
وقد وافق البعض علي فكرة أن وجود رئيس أمريكي أسود في البيت الأبيض
يدخل ضمن عوامل النجاح التي حظيت بها هذه الأعمال السينمائية.
ويعتبر نجاح فيلم "الخادم" النقدي والجماهيري امتد إلي فيلم "12
سنة عبودية" واضفي عليه قدراً من الأهمية حيث يعالج الفيلم حياة
أفريقي أسود تم بيعه وشراؤه كعبد في الولايات المتحدة الأمريكية..
فتاريخ أمريكا مشين فيما يتعلق بدورها الوحشي في تكريس "العبودية"
والتمييز العنصري واستثمار الأفارقة في بناء العالم الجديد.
ولم تكشف عنه السينما إلا علي استحياء وفي أفلام قليلة ظهرت في
حقبة متأخرة وبعد ثورات الحقوق المدنية.
ويعتير فيلم "محطة فورت فال"
"Fruivale Stalion"
عملاً قوياً وبالذات بعد وقوع حادثة ترايفون مارتن الواقعية
فالفيلم مأخوذ عن حادثة حقيقية لرجل أمريكي أسود اسمه أوسكار جرانت
تم إغتياله برصاصة في الظهر عام 2009 أثناء اعتقاله في اوكلاند
بولاية كاليفورنيا.
ومثل هذه الحكايات والقضايا كثيرة وبالذات في مدينة نيويورك. ولذلك
فاننا نشهد الآن حكايات اكثر علي الشاشة يقوم بكتابتها وتمثيلها
وإخراجها الامريكيون السود.
يتذكر الكسي فولسون. وهو مواطن من كاليفورنيا. وكان مشاركا نشيطا
في الاحتجاجات التي تلت اغتيال "جرانت" علي يد البوليس الامريكي:-
لقد كانت الحادثه مثل القشة الاخيرة التي قصمت ظهر البعير ويقول
حين عرض فيلم "فروتفال ستيشن" ذهبت لمشاهدته فقد كنت أرغب في
الفرجة علي الصورة التي رسمها الفيلم لشخصية أوسكار جرانت وما اذا
كانت محترمة أم لا.
يضيف فولسون وهو مواطن أبيض. أنه كان يرغب في تناول أكثر عمقا
لقضية الوحشية فيما يتعلق بالممارسات البوليسية. لأنه حسب اعتقاده
قضية عظيمة ولا تقارن بالاشياء الاخري في المنطقة نفسها. وانه سعيد
بأن يشاهد فيلما لا يخشي صناعه من تناول القضايا الصعبة المرتبطة
بالصراعات العرقية ويتمني ان يشاهد المزيد من الأفلام المؤثرة التي
تعالج هذه القضايا العنصرية الحساسة فقد تم حجبها فترات طويلة.
ولست اعتقد انها تؤرق ضمائر الناس.
فهناك الامتيازات والسيطرة التي تعمي العديد من الأمريكيين البيض.
وبينما يشيد الامريكيون الافارقة بهذه الافلام. وتفتح شهية البيض
للفرجة علي موضوعات مختلفة تؤثر في حياة السود وبعض الاقليات من
الولايات المتحدة. الا أن الخبراء يرون أن عام 2013 لن يتكرر في
المستقبل القريب.
يقول جيل روبرتسون رئيس الجمعية الأفريقية ـ الأمريكية لنقاد
السينما والذي منح مرتبه كبيرة لفيلم "12 سنة عبودية" "إذا كان
مخرجو الافلام السود يتطلعون إلي مشاهدة المزيد من حكاياتهم علي
الشاشة الكبيرة فان عليهم أن يكتسبوا المزيد من القدرات الخلاقة في
مجالات التوزيع والتمويل ويقول انتم في حاجة إلي شركاء. وموزعين
لديهم خبرة في هذه المجالات وبمقدورهم أن يغذوا ويثقفوا المتفرج
وأن يفعلوا قدر إستطاعتهم لجذب اكبر عدد ممكن من المتفرجين.
ولاحظ روبرتسون قائلاً: حتي تايلر بيري وهو مخرج مستقل ويمتلك شركة
انتاج خاصة به فإنه يستعين لتوزيع افلامه بشركة "ليونزجيت"
"lionsgate"
احدي شركات التيار الرئيسي في هوليود.
هناك مجالات مفتوحة تتنامي أمام هذه النوعية من الأفلام. وأسواق
مثل البرازيل. وجنوب افريقيا. والمملكة المتحدة "انجلترا". التي
تضم أقليات مؤثرة.. وحسب كلام روبرتسون فان المخرجين السود في حاجة
للتفكير جديا خارج شباك التذاكر وأن يبحثوا عن مجالات توزيع عبر
منصات أخري مثل اليوتيوب ونتفلكس وهولو..إلخ.
المراقبون لصناعة الفيلم وعشاق السينما يوجهون إنتباههم الآن لموسم
الجوائز كوسيلة أخري للتغيير في هوليود.
يقول احد المراقبين: يطيب لي أن أفكر بأن الأمور تتغير واعتقد أنها
تتغير دبموجرافيا بالفعل فالصناعة بالفعل يسيطر عليها الرجال البيض
الذين يضعون السياسات والقرارات والتي عادة ما تنحاز إلي مصالحهم
ومفاهيمهم وهذه الأسباب تثير هذه الأفلام الكثير من المناقشات في
هذا العام 2013 الذي تميز بهذا العدد غير المسبوق بأفلام تتناول
القضايا العنصرية والموضوعات المتعلقة بشخصيات السود الأمريكية.
المساء المصرية في
|