هل يتخلى الممثل عن صورته الجميلة خدمةً للدور؟
أن يجسّد الممثل شخصية ما يعني أن يتلبس مواصفاتها كافة بما فيها
من أمور جميلة وقبيحة وحتى عاهات ليقنع الجمهور بأدائه، لذا لا
يتورع الممثلون، في معظمهم، عن بذل جهودهم ليكون أداؤهم متكاملاً
مع الشخصية، وقد شهدت الأفلام السينمائية وحتى المسلسلات ممثلين
غيروا في شكلهم خدمة للدور، ولم يأبه بعضهم بتغيير صورة النجم
الجميل أمام الجمهور والظهور بشخصية مشوّهة أو معقّدة، وذهب نجوم
إلى حد تعمد التشويه في وجوههم ليوفوا الشخصية حقها.
ف...
لا للأدوار النافرة
أحمد عبدالمحسن
عبدالله الباروني
«على
الفنان الحقيقي القبول بأي تغييرات خدمة للشخصية التي يجسدها»،
يؤكد الفنان عبدالله الباروني، موضحاً أنه لا يمانع في إنقاص وزنه
أو زيادته في حال تطلّب الدور ذلك.
يضيف: «الفنان الذي يسعى إلى خدمة نفسه بالدرجة الأولى عليه أن
يغير مظهره في كل عمل. بالنسبة إلي أحب أداء أدوار مختلفة، وأبادر
إلى إحداث تغيير في شكلي، كأن أقص شعري أو أطوله، لإيصال الرسالة
التي يتطلبها الدور».
يشير الباروني إلى أن تجسيد الفنان أدواراً نافرة قد يعرضه
لمشكلات، يتابع: «يتفاعل المشاهدون مع بعض الأدوار النافرة لدرجة
غير معقولة، فمنهم من يرسم هذه الشخصية عليك في الواقع، لذلك على
الفنان التنويع في أداء الأدوار، وعدم حصر نفسه بشخصية معينة،
خصوصاً إذا كانت نافرة ومنبوذة في المجتمع».
غرور
«إذا
لزم الدور أن أغير في شكلي فأقبل من دون تراجع، لأن الأدوار التي
تجبر الفنان على تغيير المظهر تحمل في طياتها رسالة هادفة إلى
الجمهور»، توضح الممثلة غرور وتضيف: «ثمة أدوار لا يستطيع الفنان
أداءها إلا إذا أجرى تغييراً في شكله، من بينها «مريض سرطان»،
كافاكم الله، إذ يتطلب من الفنان قص الشعر وإزالة الحاجبين، كونه
يحمل رسالة هادفة يجب أن تصل إلى الجمهور بطريقة صحيحة. في حال
أديت هذا الدور لا أعتقد بأنني سأندم بل سيكون إضافة إلى مشواري
الفني».
ترفض غرور أداء أدوار نافرة ومنبوذة في المجتمع الخليجي، وتحاول
قدر الإمكان تجسيد شخصيات بعيدة عن تلك المكروهة والجريئة، «لأن
المجتمع لا يعذر الفنانة إذا أدت أدواراً نافرة، ويلصق بعض
المشاهدين هذه الأدوار بها، لذلك تجنبها أمر ضروري كي لا تندم
الفنانة في المستقبل».
حسين مهدي
«على
الفنان القبول بالأدوار التي تحمل رسالة هادفة إلى المجتمع حتى وإن
أجبرته على تغيير مظهره»، يؤكد الفنان حسين مهدي، موضحاً أن هذا
أمر عادي يصب في مصلحة الدور وفي مصلحة المشاهد، وأنه لا يمانع في
تغيير مظهره شرط ألا يتعارض مع دور آخر في عمل آخر، أو في أداء
أدوار نافرة لأنها تقدم الكثير إلى الفنان.
يضيف: «في مسلسل «فرصة ثانية» جسدت شخصية منبوذ في المجتمع، وقد
وفقت في أداء هذا الدور، ولم أجد أي ردة فعل سلبية، لأن الرسالة
التي حملها وصلت بشكل صحيح إلى المشاهدين، في النهاية على الممثل
أداء الأدوار الممكنة كافة».
أمل العنبري
«تغيير
المظهر أحد الأمور البسيطة والسهلة التي تضيف الكثير إلى الفنان،
وأحد العوامل الأساسية في تجسيد الشخصية لتصل إلى المشاهدين بطريقة
صحيحة»، توضح الفنانة أمل العنبري، وتضيف: «لن أرفض أي دور يجبرني
على تغيير مظهري، لأن على الفنان أداء أدوار تحمل رسالة سامية إلى
المجمتع».
تشير إلى أنه في بعض الأحيان يرفض الفنان تغيير مظهره لأن الدور لا
يتطلب منه ذلك، أما اذا فرض الدور ذلك فلا مانع.
ترفض العنبري أداء أدوار نافرة في المجتمع، لأنها قد تعرضها
لمشكلات كثيرة، «لو كنت ممثلة في أميركا أو أي دولة أوروبية أقبل
بأداء أي دور، مهما كان، شرط ألا يصل إلى الوقاحة، ولكن في
المجتمعات العربية على الفنانة اختيار أدوارها بعناية تجنباً للنقد
اللاذع».
كل شيء يهون في سبيل الدور
بيروت - ربيع عواد
ندى بو فرحات
«مستعدة
لتغيير شكلي وأي شيء ممكن لخدمة الدور»، تقول ندى بو فرحات التي
تعتبر إن إيصال الشخصية التي يجسدها الممثل إلى الجمهور بشكل صحيح
يتحقق من خلال لبس هذه الشخصية شكلاً ومضموناً.
بو فرحات التي حلقت شعرها لتجسيد شخصيتها في مسرحية «مجنون يحكي»،
توضح أن ما قامت به أعطاها قوة داخلية، إلى درجة أنها كلما استيقظت
صباحًا، شعرت، إضافة إلى قوة إيمانها، بقوة أخرى ترافقها وتسيّر
قراراتها المهنية والشخصية تختصرها بـ: الشغف والإحساس.
تضيف:» فخورة بما حققت، وبما تم تقديري على أساسه، ورغم أن حلق
شعري ساعدني في التعبير عن الشخصية، فإنني كنت سأقدمها بالإحساس
نفسه والقناعة ذاتها لو لم اقصّه، لأن هذه الشخصية جميلة ودخلت إلى
أعماق وجداني».
وعن الحدود التي يمكن أن تبلغها لأجل دور تمثيلي تؤكد: «عندما قرأت
النص تخيلت الصورة المتكاملة للشخصية، فحلقت شعري، وهذا أمر لم
أتوقع يومًا أن أقوم به. لا أعرف تمامًا ما هي أقصى الحدود التي
يمكن أن أبلغها، لكنني مستعدة لتغيير شكلي ولهجتي، وكسب بعض الوزن
أو فقده، وحقن وجهي بالبوتوكس من أجل دور يهزأ من المهزلة الحاصلة
والوجوه الممسوخة التي نراها}.
ماغي بو غصن
{المصداقية
في إيصال الدور هي الأهم} برأي ماغي بو غصن التي تعتبر أن ثمة
أدواراً وشخصيات تتطلب جرأة كبيرة: {هنا تكمن شجاعة الممثل، وكلما
كان شغفه كبيراً وصل إلى أقصى الحدود في تحدياته}.
بو غصن التي جسدت في فيلم
BéBé
شخصية مركبة لفتاة تبلغ الثلاثين من عمرها لكنها تعاني تأخراً في
النمو العقلي، تشير إلى أن الحيرة ساورتها أثناء اختيارها لهذا
الدور، ولم تكن تعرف من أين تبدأ، إلا أن المخرج ساعدها من ناحية
التدريب، فزارا مراكز تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة ودرست الشخصية
جيداً حتى وصلت جاهزة إلى مرحلة التصوير.
عن الجرأة في أداء أدوار تخلو من التبرج والجمال وفيها خلل لناحية
الشكل تقول: {ليست جرأة، إنما حرفية ومهنية ومصداقية من دونها تفشل
الممثلة. على غرار أي فنانة، أحب التبرج والظهور بأبهى صورة، لكن
المصداقية تتطلب أن أبدو في فيلم
BéBé
بمظهر البراءة والطفولة. من جهة أخرى، اعتبر أن جسم الممثلة مطواع
لخدمة الدور، فبالإضافة إلى لغة التمثيل والحوار ثمة لغة للجسد
تضفي مصداقية أكبر على الدور.
رولا حمادة
{دور
دينا في مسلسل {جذور} أحد أهم الأدوار التي أديتها}، تؤكد رولا
حمادة التي تعتبر أن أداء دور امرأة مختلة عقلياً نقلة نوعية في
مسيرتها الفنية، كونه كان تحدياً لها وكسبته من خلال تقدير الجمهور
لها.
تشير إلى أن الشخصيات المركبة تتطلب البحث عنها ودرسها جيداً
والغوص فيها، وأن الجمهور العربي الذي لم يكن يعرفها سابقًا فوجئ
بعدما اكتشف أن {دينا وديانا} هما الممثلة نفسها، فيما أعجب
الجمهور اللبناني بدور دينا الذي تؤديه للمرة الأولى.
تضيف: {الحمد لله أنني أنجزت التحضير كما يجب، وكانت دينا محبوبة
من فريق عمل المسلسل قبل أن يحبّها الجمهور والأطفال لاحقاً وهذا
أمر يسعدني}.
يذكر أن رولا حمادة زارت مؤسسة
Sesobel
التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، ودرست عن كثب تصرّفات شخصيّات
تشبه الشخصية التي تجسدها.
تتابع: «ثمة خط رفيع في أداء هكذا أدوار يجب مراعاته لجعل
المشاهدين يتعاطفون مع الشخصية بدلاً من السخرية منها، وربما
أسهمتُ في أن ينظر الناس إلى هؤلاء الأشخاص بعين الرحمة على أنهم
يشبهوننا ولديهم أحاسيسهم وأوجاعهم ومعاناتهم».
الفنون جنون
القاهرة – بهاء عمر
خدمة لدوره في مسلسل «الإخوة الأعداء» المأخوذ من الرواية العالمية
التي تحمل الاسم نفسه، لجأ أحمد رزق، الذي جسد شخصية مركبة تعاني
عقداً نفسية، إلى حلق شعره.
يوضح رزق أن الدور الذي يعرض على الفنان، ما دام يحرك في داخله
رغبة في أدائه وشعوراً بـأنه يحدث تغييراً في مسيرته الفنية، فيجب
ألا يتردد في التضحية لأجله، وهذا جزء من طبيعة عمله القائم على
التجريب وتقديم الجديد.
أحمد زكي أحد أبرز نجوم العالم العربي تنويعاً في الشخصيات التي
أداها على مدى مشواره الفني، ابتداء من فيلم «كابوريا» الذي قصّ
فيه شعره بشكل غريب، مروراً بأدائه لشخصيتي الزعيم جمال عبد الناصر
والرئيس أنور السادات، ثم ختام مشواره بفيلم «العندليب» الذي جسد
فيه شخصية عبدالحليم حافظ... كلها أدوار تختلف في الحجم والصوت
والشكل وحتى الروح؛ إلا أن عبقرية زكي تمثلت بقدرته على تجسيدها
بنجاح، مع أن ذلك أثر عليه على المستوى الصحي، إذ عاني أمراضاً في
المعدة بسبب التوتر العصبي، بفعل اندماجه في الأداء ومعايشته
الكاملة للشخصيات التي يقدمها إلى حد يقارب «التلبس»، وكان يحتاج
إلى وقت طويل بعد التصوير ليتحرر منها.
آثار سلبية
لم تتخيّل رانيا يوسف نفسها أنها ترتدي فستان زفاف وتؤدي مشهداً في
الديكور نفسه والماكياج ذاته لفترة تتجاوز أسابيع، وهو ما جرى معها
خلال تصوير مسلسل «أهل كايرو»، المتمحور حول كشف جريمة قتل الشخصية
التي تجسدها، موضحة أن التصوير كان يعتمد الـ «فلاش باك» عبر رؤية
كل متهم في الجريمة، ما تسبب لها بمعاناة كبيرة.
تشير رانيا يوسف إلى أن تلك التجربة، رغم مشقتها، تمثل نقطة مهمة
في مشوارها الفني، وقد حفزتها على بذل مزيد من الجهد في الأعمال
التي عرضت عليها بعد النجاح الباهر للمسلسل، مؤكدة أن الدور، ما
دام يستحق، فلا يجب أن يبخل الفنان في بذل اللازم لإنجاحه.
خدمة لدوره في فيلم «جنة الشياطين» الذي يجسد فيه شخصية رجل ميت
منذ بدء الأحداث حتى نهايتها، قصد محمود حميدة طبيب أسنان، لينزع
له عدة أسنان في مقدمة فمه، ما تسبب له بعاهة مستديمة، احتاجت إلى
وقت لعلاجها.
تطلب دور البلطجي المضحك الذي أداه أشرف عبد الباقي في فيلم «لخمة
راس»، الالتزام بطريقة كلام الشخصية التي تعاني عصبية زائدة، ورعشة
مرضية في عضلات الوجه أدت إلى إغلاق إحدى العينين، ورغم أن الشخصية
كوميدية فإنه التزم بتلك الطبيعة الخاصة ليكون العمل مكتملاً، ما
ترك آثارا سلبية عليه.
محيي اسماعيل أحد أبرز من جسدوا شخصية مريض نفسي على الشاشة، حتى
ظن البعض أنه يعاني مرضاً نفسياً بالفعل بسبب اتقانه الشديد لها،
وجسد في فيلم «الإخوة الأعداء» شخصية رجل مصاب بالصرع فحقق نجاحاً
يعود إلى دراسته لسيرة مؤلف العمل الأديب الروسي دوستويفسكي،
والاطلاع على تفاصيل مرض الصرع، ليستطيع أداء الدور.
الشكل والروح
توضح الناقدة السينمائية ماجدة خير الله، أن الفنان طالما لم يقدم
في كل عمل صورة جديدة وشخصية مختلفة يتذكره فيها الناس، فلا داعي
للمشاركة فيه، ما يتطلب تغييراًً على مستويي الشكل والروح في كل
عمل على حد سواء.
تضيف أن كثيراً من نجوم الصف الأول يمكن للجمهور توقع طريقة كلامهم
وأدائهم وملابسهم وحتى القصة قبل متابعة أفلامهم، لعدم رغبة الممثل
في أن تهتز صورته كنجم أكشن أو الممثلة كنجمة إغراء وما إلى ذلك من
صور وصفتها بـ{منظومة الاستسهال».
تستغرب خيرالله رفض بعض الفنانين أداء أدوار تتطلب تغييراً في
شكلهم، وتعزو ذلك إلى خلل لدى هؤلاء ظناً منهم أن الشخصية التي
تظهر على الشاشة تعبر عن شخصيتهم الحقيقة، وهو ما اعتبرته «كارثة»
تواجه الفن عموماً، مؤكدة أن طبيعة العمل الفني تقوم على الدهشة
والإبهار اللذين يجب أن يقدمهما المبدع لجمهوره.
الجريدة الكويتية في
|