مغامرة فنية جديدة يخوضها النجم جمال سليمان من خلال مسلسل «صديق
العمر» الذى تعاقد عليه مؤخرا ليخوض به المنافسة فى رمضان المقبل،
وهو المسلسل الذى سيجسد فيه شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر،
فى تجربة قال إنه كان ينتظرها طويلا، ورغم ترشيحه لهذا الدور سابقا
فى بعض الأعمال، إلا أنه لم يكن مقتنعاً بما سيقدمه لرغبته فى
تقديم عمل مختلف ومميز عن الزعيم ليخوض به التحدى مع من سبقه فى
تقديم هذه الشخصية.
وكشف «سليمان» أنه يعكف على مشروع سورى جديد يجمعه بالمخرج حاتم
على، لتقديم عمل فنى يقدم ما تعرض له السوريون خلال العامين
الماضيين ومنذ اندلاع الثورة فى سوريا، وعن تفاصيل هذه المشاريع
ورأيه فيما يحدث بسوريا الآن، وهل سينجح مؤتمر «جنيف 2» فى وقف
إطلاق النار، ورأيه فى وضع السوريين الآن، فيما يحدثنا عن أزمته
التى يمر بها بعد أن فقد والديه فى أسبوع واحد. وإلى نص الحوار..
■
ما الذى جذبك لشخصية جمال عبدالناصر فى مسلسل «صديق العمر»؟
- المسلسل يقدم تناولا مختلفا عن كل الأعمال التى قدمت شخصية جمال
عبدالناصر من قبل، فهو عمل يركز على الجانب الإنسانى من خلال
اقترابه من تلك العلاقة الشهيرة والاستثنائية بينه وبين المشير
عبدالحكيم عامر، والتى بدأت منذ شبابهما متحدين فى طموحهما الشخصى
ومشروعهما السياسى، إلى أن تحولا لظاهرة عالمية، كما يرصد العمل
أيضا القطيعة التى حدثت بينهما بعد هزيمة 1967، وبصراحة لفت نظرى
فى العمل المدخل الإنسانى لهذه الشخصيات.
■
ألا تعتبر تقديم مثل هذه الشخصية بعد أحمد زكى ومجدى كامل وخالد
الصاوى تحديا كبيرا؟
- هذا صحيح، كما أن هناك تحديا آخر، وهو أن شخصية الرئيس جمال
عبدالناصر محفورة فى وجدان المشاهدين، ليس فقط فى مصر ولكن فى
الوطن العربى كله، وليس فقط عند محبيه ومناصريه بل أيضا عند نقاده
وخصومه، وفى مثل هذا الوضع هناك جانب من المخاطرة أن تعيد تجسيد
الشخصية، لذلك فكرت كثيرا وقررت ألا أهرب من التحدى، وهو تحد لنفسى
كفنان قبل كل شيء آخر، وفى حال النجاح، وهذا ما أتمناه وسأعمل من
أجله، سأعتبر ذلك إضافة لمسيرتى الفنية.
■
وكيف ستقدم هذه الشخصية فى مرحلة الشباب رغم المرحلة العمرية التى
تعيشها الآن؟
- المسلسل سيتجاوز الفترة الشبابية للشخصيات، وسيركز العمل على
السنوات الست الأخيرة فى علاقتهما، والتى انتهت بهزيمة 67 وموت
المشير عامر الغامض، والعمل سيرصد تلك الصداقة الاستثنائية بين
رجلين وحدتهم البيئة الاجتماعية والسلاح والطموح وأشياء إنسانية
أخرى، لكن الأحداث السياسية العاصفة والتطورات الخطيرة ألقت
بالعلاقة الإنسانية على مذبح العلاقة السياسية.
وعندما تقرأ عنها تكتشف أنك أمام علاقة تراجيدية تشبه تراجيديات
الإغريق والتراجيديات الشكسبيرية، أما ما سبق ذلك من تشكل لتلك
العلاقة فى سن الشباب فسنشعر بها من خلال سياق العمل نفسه.
■
هل هناك اختلاف بين فيلم «الرئيس والمشير» وبين مسلسل «صديق العمر»
للكاتب نفسه، خاصة أن الفيلم كان يواجه مشكلات مع الجهات الأمنية؟
- ليس لدى أى فكرة عن الفيلم، وقرأت عنه بعض الأخبار ولا أعرف
الأسباب الحقيقة التى أعاقت تنفيذه سواء كانت هناك جهات أمنية أو
غير ذلك، كما أننى لم أطلع على سيناريو الفيلم نهائيا.
■
فى أرشيف جمال سليمان العديد من الشخصيات التاريخية.. لماذا تميل
لمثل هذه الشخصيات فى أعمالك؟
- لأنى أحب التاريخ وأحب إعادة استكشافه وأؤمن بضرورة العودة إليه،
لأنه مازال يشكل حاضرنا بشكل مباشر، واختر الجلسة التى تشاء فى مصر
أو فى أى بلد عربى وافتح سيرة الرئيس عبدالناصر وعلاقته مع المشير
واسمع سيل الآراء والنقاشات وتضارب وجهات النظر، وكل ذلك بحماسة
تشعر معه وكأن الموضوع قد حصل فى صباح نفس اليوم.
عموما، نحن العرب (لا أعرف إن كان غيرنا من الشعوب يعيش نفس
المأساة) الماضى بالنسبة لنا ليس تاريخا انقضى ورحل فى حال سبيله..
لا، بل على العكس، التاريخ بالنسبة لنا ملفات مازالت مفتوحة
وملتهبة، وبعضها مازالت الدماء تراق لأجله. كل الشعوب عنها تاريخ
ولكنه بالنسبة لهم هو ماض راح فى حال سبيله، فإذا كنت تسير مع رجل
إيطالى أمام مبنى تاريخى مميز وسألت من بناه فسيخبرك بأن هذا
المبنى بنى فى عهد موسولينى أو القيصر الفلانى أو الإمبراطور
العلانى دون أن يتأوه أو يتحسر أو يشعر بالخجل أو يتنهد، بل
سيقولها ببساطة وكأنه يتحدث عن شىء لا يمس وجدانه ولا حاضره ولا
شغله ولا طموحه ولا يؤثر على علاقته بمن حوله وبوضعيته الاجتماعية،
أما عندنا نحن العرب فالأمر مختلف كل الاختلاف، لأننا مازلنا نعيش
فى ماضينا، ولم نستطع أن نتحرر منه.. وكى تستمر وتبنى مستقبلا، يجب
أن تتحرر من الماضى حتى ولو كان جميلا ورائعا.
■
كيف ترى الانعكاسات الموجودة فى هذا المسلسل على الوقت الحالى؟
- أعتقد أننا مازلنا نبحث عن نفس الأشياء التى بحث عنها جيل
عبدالناصر، ألم يكن ذلك الجيل يبحث عن مفهوم الوطن والسيادة
الوطنية، وعن العدالة الاجتماعية، وعن ماهية العلاقة بين الحاكم
والمحكوم، وعن سبل مواجهة العدوان، والدفاع عن حقنا فى الوجود
والسيادة؟ ألم تثر النكبة فى عام 48 السؤال الكبير حول شكل الدولة
الوطنية التى يجب أن نسير خلفها وفى حماها، كى نحافظ على استقلالنا
المهدد بوسائل كثيرة؟ هل وصلنا إلى إجابات نهائية؟ أعتقد أننا
مازلنا بعيدين عن ذلك، ولعل ما جرى فى الوطن العربى فى السنوات
الثلاث الأخيرة دليلٌ قاطعٌ على مشروعية هذه التساؤلات، ولو أحببت
أن أعطى عنوانا لعصر عبدالناصر لأعطيت له عنوانا واحدا وهو «زمن
الحلم»، لكنه الحلم الذى لم يتحقق بعد.
■
هل صحيح أن والدك قد سمّاك «جمال» تيمنا بجمال عبدالناصر؟
- نعم.. فأنا من مواليد الوحدة، وآلاف من أبناء جيلى تمت تسميتهم
باسم «جمال» تيمنا بجمال عبدالناصر.
■
ولماذا اعتذرت عن دور عبدالناصر فى أعمال سابقة؟
- لا أنكر أن عينى على الشخصية منذ فترة طويلة، ولكنى كنت أبحث عن
العمل المتكامل، من حيث النص والإخراج والإنتاج حتى أتشجع لمثل هذه
الخطوة، لأن مثل هذه الشخصيات لن تقدم إلا مرة واحدة فى العمر.
■
وكيف ستضمن كممثل طبيعة المعلومات التى ستقدمها خلال هذا العمل؟
- بالتأكيد هناك قراءات مختلفة للتاريخ، والشخصية بشكل عام، فهناك
من هو متجنٍ ومتشائم، وآخر مبرراتى ومؤيد لأقصى درجة، فى كلتا
الحالتين أنت لن تستطيع أن تقدم شيئا ذا قيمة، القيمة تأتى من
الموضوعية والتعامل مع البشر كبشر وليس كأنبياء حتى ولو كانوا
رجالا استثنائيين كعبدالناصر أو المشير عامر.
هذا العمل بطولة مشتركة بين جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم
عامر، الذى سيلعب دوره الرائع باسم سمرة، وتعرف ويعرف القارئ كم هى
شائكة وغامضة تلك العلاقة، على الأقل من ناحية نهاياتها المأساوية،
وعندما تعود لشهادات من عاصرها بدلا من أن ينجلى الغموض سيضاف له
غموض آخر، ولكن من حسن حظنا أن كاتب العمل الأستاذ الراحل ممدوح
الليثى ممن عايشوا تلك الفترة، وكان قريبا جدا من أحداثها
وأسرارها، وهذا ميزة مهمة للعمل لأن كاتبه من شهود العيان.
■
وما تحضيراتك الخاصة لهذه الشخصية؟
- لقد بدأت مؤخرا فى إجراء بعض بروفات الماكياج للوصول بالشكل
لمرحلة محددة، كما أننى سأستعين «بكوتش» فى التمثيل لأجرى معه
بروفات حول الشخصية والتى ستستمر لمدة شهر ونصف قبل التصوير، ﻷن
مثل هذه الشخصيات يكون التحضير لها أصعب من فترة التصوير، لأن
الولادة الحقيقة للشخصية تتم قبل التصوير، كما أننى أحضرت العديد
من المواد الأرشيفية الخاصة بعبدالناصر كى أشاهدها وأتعايش مع
الشخصية، خاصة أن بعض تلك المواد الأرشيفية تصور الراحل عبدالناصر
وهو فى جلسات الراحة متحررا من المظهر الرسمى، وهو مستوى من
الشخصية ضرورى جدا التعرف إليه فى هذا العمل، كما أننى أعيد سماع
الخطب وأحاول أن أحفظها عن ظهر قلب حتى أتدرب عليها كى أشعر أننى
أصبحت قريبا من عبدالناصر.
■
لماذا ابتعدت عن تقديم الدراما السورية؟
- هذا لم يكن مقصودا إطلاقا، ولا يوجد هدف من وراء ذلك أكثر من عدم
التوفيق، فقد عرضت علىّ العديد من الأعمال السورية خلال الفترة
الماضية، بعضها لم يكن مناسبا، لم أتمنى العمل به، وبعضها الآخر
كان فى طور الإعداد ولا ضمانة أنها ستنجز.هذا العام بالذات، كنت
حريصا جدا على تقديم عمل سورى وانخرطت فى ذلك لمدة خمسة أشهر، ولكن
لم يتضح أن ما كنا ذاهبين إليه سيتحقق.
لا أريد أن أستطرد فى كثير من التفاصيل، لأنى أحترم ظروف الآخرين،
ولكنى أستطيع القول بأن الريح سارت بما لا تشتهى السفن. وأنا كما
تعرف منذ بداياتى لم أكن أقدم إلا عملا واحدا فى السنة، وبالتالى
لا أستطيع أن أشغل نفسى فى عمل أو اثنين ريثما يجهز الثالث. فقررت
ألا أنتظر أحدا كما جرت العادة بل بادرت من الآن بتحضير عمل سورى
سنصوره بعد الانتهاء من مسلسل «صديق العمر».
■
وما موضوع العمل؟
- إنه يحكى خمس حكايات لخمسة أشخاص سوريين تقاطعت مصائرهم فى سنوات
الثلاث الأخيرة من تاريخ بلدهم سوريا، ثم آلت بهم السبل لأن
يفترقوا ثم يعودوا يلتقون، ولكن كل منهم أصبح شخصا آخر غير الذى
كان قبل الأحداث، إنه باختصار ملحمة إنسانية عن بشر يفقدون وطنهم
ومعظم أهلهم ولا يبقى لهم إلا الأمل فى أن ينقذوا ما يمكن إنقاذه.
■
وهل سيتبنى المسلسل وجهة نظر محددة، باعتبارك أحد المعارضين
للنظام؟
- إطلاقا، فالعمل سيسرد كل الآراء دون أى تحفظات، وستكون هناك
شخصيات معارضة للنظام وأخرى موالية، سيكون هناك حَمَلة سلاح من كل
الأنواع وسلميون من كل الأنواع، بالإضافة إلى الصامتين لمختلف
الأسباب، فالمسلسل يحكى عن السوريين دون أى مهاترات أو لغة سياسية
إعلامية بائسة.
فما يهمنا هو ما جرى للأرض ولغالبية السوريين الذين تحول بعضهم إلى
لاجئين ويشحذون لقمة العيش، ليس لهم وضع ولا أحد يريد أن يصغى
لرأيهم، وأعتقد أن أهمية هذا المسلسل تكمن فى أنه لا يحمل أى نوع
من التحيز، وسنترك كل الشخصيات تتحدث بحرية وتتكلم كما تريد، تقول
رأيها وتدافع عنه كما تشاء. وسنترك الناس فى النهاية تحكم على ما
تشاهده، ونطمح لأن نقدم وثيقة فنية تحمل أصوات طيف واسع من
السوريين، فى وقت علا فيه الرصاص على كل صوت.
■
ولكن تقديم مثل هذه العمل رغم أن القضية لاتزال مفتوحة يعد أمرا
صعبا؟
- لأن القضية مازالت مفتوحة، نحن نريد أن نقدم العمل بهذه الصيغة
التى حدثتك عنها، وعندما سيعرض قد تكون أحداثا وتغييرات كثيرة طرأت
على المشهد السورى.. نتمنى أن تحل القضية فى مؤتمر «جنيف 2» وتعود
البلاد للمسار السياسى بعيدا عن العنف، ونحافظ على وحدة بلدنا
ونعود مثلما كنا كسوريين، لأن هذا أهم من أى مصالح شخصية، وأن
يغادرنا الغرباء المسلحون، وأن نعود إلى أصل الحكاية وأصل المشروع
الوطنى السورى بعيدا عن شعارات الإسلام السياسى التى أخرجت القطار
عن سكته، ونعود إلى الأهداف الحقيقية والمشروعة التى نادى بها
غالبية السوريين منذ بداية الحراك السلمى، وهو بناء الدولة
الديمقراطية وتطبيق العدالة الاجتماعية والتداول السلمى للسلطة.
أتمنى أنه عندما يعرض العمل تكون سوريا فى هذا المربع الذى أتحدث
عنه، وعندها سيكون العمل احتفاء بالآلام والتضحيات التى قدمها
السوريون من أجل هذا اليوم. أما إذا كانت فى مربع آخر لا سمح الله،
فسنرى فى هذا العمل أن تضحيات وآلام السوريين الجسيمة هى وصمة عار
على جبين كل من حال بينهم وبين حلمهم فى حريتهم وفى دولتهم
المنشودة.
■
هل تشعر أن هناك أملا فى أن تعود سوريا للحل السياسى فى «جنيف 2»؟
- إنه طريق وعر، يغلفه الضباب، ونحن كسوريين نسافر عبر هذا الطريق
فى مركبٍ، نكذب لو قلنا إننا نحن من يقوده، ولكن ماذا بقى لنا إلا
الأمل، إن ما جرى ويجرى فى سوريا شىء يفوق قدرة الخيال، وليس لنا
إلا أن نسعى لدى المجتمع الدولى والإقليمى كى نغلّب مصلحة سوريا
على مصالح العالم الذى يحارب على أرضها.
■
وهل ترى أن المعارضة الموجودة حاليا تمثل الشارع السورى أم
الجماعات المسلحة؟
- وهل المعارضة جسد واحد كى تمثل نفسها قبل أن تمثل الشعب السورى؟
كلتاهما لا تمثل الشعب السورى. وكذلك الكتائب المسلحة كيف لها أن
تمثل الشعب السورى وقد كانت جزءا كبيرا من محنته؟ ثم إن الشعب
السورى صار بحاجة إلى ممثلين يمثلونه وليس إلى ممثل واحد.. إن حجم
الانقسام كبير، والكل يدعى، نظاما ومعارضة، أنهم يمثلون هذا الشعب،
ولكن كلاهما بعيد عن الحقيقة، والأفضل أن يصف نفسه بأنه الأمر
الواقع، قد يكون عندها اقترب من الحقيقة أكثر.
■
وكيف ترى حالة اللاجئين السوريين فى جميع بلدان العالم العربى؟
- بؤس لا يعادله بؤس.
■
وهل ترى أن الربيع العربى كان أكذوبة كبيرة حركته أياد خارجية؟
- أولا يجب أن نناقش طبيعة المصطلح «الربيع العربى»، وكما هو معروف
أنه مصطلح قديم أطلق على انتفاضة التشيك «ربيع براج»، وهى
بالمناسبة انتفاضة سحقتها الدبابات السوفيتية، المشكلة فى هذا
المصطلح أن دلالاته شديدة الرومانسية، توحى بأن الينابيع ستتفجر من
تلقاء نفسها وتتحول إلى جداول للمياه العذبة، تسقى وروداً ستتفتح
من تلقاء نفسها، مغوية النحل كى يرشف من رحيقها ويصوغ ذاك الرحيق
عسلا. الأمور ليست على هذه الشاكلة.. إنه مسار صعب جدا، لأن الناس
فى مواجهة أنظمة عنفية وميراث ثقيل من التشوهات السياسية والخوف
وندرة القيادات الجامعة لحراكها. لست مقتنعا بأن الجماهير لا تحتاج
إلى نخب وطنية تتمتع بثقة الجماهير وتقود حراكها بالاتجاه الصحيح،
لعل الأحداث الجارية ستخلق هذه النخب، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت
طويل، وللوقت تكاليف باهظة كما هو واضح.
أما إذا كنا نقصد بالمؤامرة أن الأمم الأخرى ومراكز القوى تخطط
وتسعى كى تحقق مصالحها على حساب مصالحنا، خالقة فى سبيل ذلك الظروف
المناسبة لها، أو أن تستغل الظروف الطارئة لتحقيق ذلك، فإن
المؤامرة بهذا المعنى موجودة دائماً، قبل الربيع العربى وستبقى
بعده. السؤال الكبير هو: «كيف نتعامل نحن مع هذه المؤامرة وكيف نرد
عليها ونحبطها.. ألم ينتشر الخبر الجلل بعد أن دخلت الدبابات
الأمريكية إلى بغداد بأنهم لم يأتوا إلا كى يحققوا الديمقراطية فى
بلدان المنطقة؟»، كان الرد سريعا من قبل الكثير من الوطنيين بأننا
نرفض أن تأتينا الديمقراطية عبر الدبابة الأمريكية، وارتفع شعار «بيدى
لا بيدك يا عمر»، أى إننا سنبنى ديمقراطيتنا بيدنا وستكون خيارنا
الوطنى الذى سنلتف حوله جميعا بعيدا عن العنف وبعيدا عن تعريض
الأمن القومى أو السلم الاجتماعى إلى أى اهتزاز.. ولكن بمجرد أن
شعرنا بأن الأمريكان غارقون فى كذبتهم العراقية حتى وجدناها فرصة
لأن ننسى ما قلنا، ونعيد موضوع الديمقراطية حيث كان فى الأدراج
ونقفل عليه. ألم يكن ذلك خدمة للمؤامرة؟ أظنه كذلك.
ثم جاء الإسلاميون السياسيون متوهمين أنهم يستطيعون ركوب الموجة
العاتية وترويضها لصالحهم، وتعاملوا مع أوطاننا وكأنهم الفاتحون
ونحن المشركون، وخلطوا المفاهيم وأخذوا الحكاية كلها بعيدا عن
أصلها، وهو أن الشعوب تريد دولة الحق والقانون والمواطنة الكريمة
التى لن تكون دون ضمان الحرية.
■
وهل ترى أن تدخل الجيش المصرى أنقذ البلاد من توغل الإخوان فى
المنطقة؟
- فى يناير 2011 ويوليو 2013 لم يكن أمام المؤسسة العسكرية المصرية
من خيار آخر، استشعرت أن أمن ومستقبل الوطن يقع عليها، وبناءً عليه
تصرفت.
■
ما شعورك بعد أن فقدت والديك فى أسبوع واحد؟
- صدمة كبيرة وفقدان لا يعوض.
■
وكيف تأثرت لعدم وجودك بجوارهما فى مثل هذه اللحظات؟
- مؤسف جدا.. ولكن مآسى غيرى من السوريين تجعلنى أجاوز هذا الإحساس
بالمرارة.
■
وهل تتذكر آخر الكلمات التى جمعت بينكم هاتفيا قبل الوفاة؟
- والدتى رحمها فى آخر أيامها بدأت تفقد ذاكرتها ولم تعد تنادينى
باسمى بل تنادينى باسم أبى صالح، وهى الشخصية التى لعبتها فى
التغريبة الفلسطينية.. لقد كانت مغرمة بهذا المسلسل، تتابعه كلما
أعيد عرضه، ربما لأننى كأبى صالح فى التغريبة، كنت ابنها البكر
ورفيق دربها فى حياتها الصعبة. رحمها الله وأسكنهما فسيح جناته.
المصري اليوم في
|